|
اهدي هذا الملف .. الصحفي التوثيقي.. لاسرة واصدقاء ورفاق المناضل االشيوعي الراحل ..نبيل الهلالي
|
ابعث من هذا المنبر الحر احر التعازي لاسرة واصدقاء وزملاء ورفاق المناضل
الشيوعي المصري نبيل الهلالي
الرحيل المفاجئ ------------- رحل المناضل الجسور والقيادي البارز بالحزب الشيوعي المصري
والمحامي العمالي الكبير نبيل الهلالي يوم الاحد الموافق 18يونيو 2006م وعمره تجاوز
ال 78عاما منها ستين عاما من النضال منحازا بلا تردد الي جانب الفقراء والكادحين
ومدافعا شرسا عن الحريات العامة وكانت ثقافة نبيل الهلالي وفكره الماركسي موظفان
في تناغم واسجام في خدمة الحقيقة والعداله الاجتماعية.
سر اعجابي به -------------
قرأت له العديد من المساهمات الفكريه والمرافعات الضافيه دفاعا عن المعتقلين
السياسين كما قرات وسمعت الكثير عن مواقفه البطولية الصامدة امام جبروت الطغاة من
الحكام واستبساله في المعارك الكبيرة والمنعطفات الحادة التي يمر بها المناضلين
الشرفاء الذين اختاروا دروب النضال الشائكةوالتي حتما ستنتهي بهم الي السجون
والمعتقلات والتعذيب حتي الموت لكنهم صمدوا وصبروا , وكان الهلالي احد فرسان تلك
المعارك.
بالرغم من زياراتي العديده لمصر لم احظ بلقاء المناضل الاسطورة نبيل الهلالي الا
هذا العام .... وياله من لقاء سعدت بمعرفته عن قرب كثيرا وكميقول المثل:
( معرفة الرجل كنز ) وياله من كنز ثمين اضاف الي حصيلتي المعرفيه الدرر.
حيث كان ذلك اللقاء علي شرف مؤتمر ( ايام اشتراكية ) الذي اقامه مركز
الدراسات الاشتراكية في الفترة من 22 الي 25فبراير 2006 م والذي عقد تحت شعارات :
* ملتقي المناضلين*
* من اجل العداله والديموقراطية*
* مساحة لكل النشطاء والمناضلين والطامحين الي التغيير نحو مجتمع افضل*
* نسعي من خلال العمل المفتوح مع كافة القوي المناضلة لاعادة الاعتبار
للفكر الاشتراكي الذي يقوم علي سيطرة جماهير الكادحين علي مصائرهم وعلي
مجتمع هم صناعه الحقيقيون * لقد حرصنا وبمعيتي مجموعة من الاصدقاء الشباب السودانين الحادبين علي اعادة
الاعتبار للفكر الاشتراكي والطامحين الي التغيير نحو مجتمع افضل كما اشارت
شعارات المؤتمر . وهم محمحد احمد ابراهيم , هنادي فضل ,عمر مالك ,الشافعي محممد
علا الدين البعثي واميرة حسين ودكتور الفاتح عثمان وشخصي . حرصنا علي حضور جلسات
مؤتمر ايام اشتراكية الذي استمر لمدة اربعة ايام.
سعدنا واستمتعنا بالحوار الثر والجاد والنقاش الموضوعي الذي اجابوا من خلاله
علي كل التساؤلات المطروحة في الساحة السياسية المحلية والاقليمية والعالمية
حول مجمل رؤي اليسار الثوري للواقع الراهن بكل تعقيداته وتحديد الآليات
الضروريه للتغيير نحو عالم افضل .
وكان احتفاؤنا الاكبر بمشاركة الراحل المقبم المناضل نبيل الهلالي الذي قدم
ورقة عميقة حول (اليسار المصري والنضال الطبقي ) الطريق : الي بناء يسار مناضل مائدة مستديرة وساوافيكم بعرض كامل للورقة تباعا .
وساواصل في عرض الملف مباشرة
القاهرة
عفاف ابوكشوه 25 يونيو 2006م
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: اهدي هذا الملف .. الصحفي التوثيقي.. لاسرة واصدقاء ورفاق المناضل االشيوعي الراحل ..نبيل اله (Re: عفاف ابوكشوه)
|
الاستاذه/ عفاف لقد بكيت نبيل و كأنه آخر الراحلين و لى موعد معه لم يأتى و لكن كأنه يعلم رحيله آخر لقاء معه : بعدان سالنى عن الاستاذ/ التجانى الطيب قال لى بعد اسبوعين او ثلاثه اتصل بى فى العاشره مساء ساسلمك اشياء خاصه ترسلها للحزب الشيوعى السودانى . اتصلت به وجدته خارج القاهره و حاولت عدة مرات و لم اجده فقررتى ان اقابله لاغير الزمن و قد اعدتى العده للقاء و لكن الموت كان اسرع . فبرحله فقدنا رفيقا عظيما و فقد اليسار المصرى الشخص الوحيد الذى يتوحد حوله كل اليسار المصرى المتناحر فوداعا يارفيق
| |
|
|
|
|
|
|
Re: اهدي هذا الملف .. الصحفي التوثيقي.. لاسرة واصدقاء ورفاق المناضل االشيوعي الراحل ..نبيل اله (Re: Mustafa Mahmoud)
|
يا استاذه عفاف التحيه لك
انظرى ادناه ما كتبه منتصر الزيات المحامى المصرى فى جريدة الرايه القطريه وهو بالمناسبه اى منتصر محامى الجماعات الاسلاميه وكان متحدثا باسمها وقد تم اعتقاله من ضمن الجماعات الاسلاميه بعد اغتيال السادات . هذا ما كتبه
http://www.raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&ite...e_id=24&parent_id=23
عاش كفاح الشيوعيين .........البرجوازي الذي مات فقيراً منتصر الزيات..........
لا يوجد سياسي مهما اختلفت منابع فكره أو عقيدته السياسية أو الايدلوجية إلا وتوحد في مشاعره مع الحركة الوطنية المصرية احتراما وتقديرا لمحامي الشعب المحامي أحمد نبيل الهلالي، الذي وافته المنية منذ أيام بعد صراع مع المرض دخل علي إثره إحدي مستشفيات القاهرة وتوفي بها.
والذين يعرفون الرجل قدروا حالة الحزن المكتوم التي يعانيها منذ غادرته شريكة حياته ونضاله زوجته فاطمة زكي واجتهد في أن يبدي قدرا من التماسك والتواصل مع قضايا وطنه التي انشغل بها حينا من الدهر، دفعت به تلك الحالة إلي الاكتئاب والمرض والاصرار علي اللحاق بها، وحالات معدودة تلك التي يلحق المحب بمحبوبته سواء أكانت زوجة أو ابنة منها لحاق الهلالي بزوجته ورفيقة كفاحه.
نشأ الهلالي في بيت باشا من باشوات مصر في عهدها الملكي، فوالده أحمد نجيب باشا رئيس وزراء مصر الأسبق فاجتمعت في نشاته البرجوازيه والسلطة، والعجيب أنه تمرد عليهما معا الثروة والسلطة، وتبني مباديء الشيوعية اللينينية وأخلص لها إخلاصا قلما يخلصه صاحب فكره لفكرته، في وقت كثرت فيه التقلبات الفكرية والانقلابات السياسية، وتحول بعض اليسار من الدفاع عن فكرتهم إلي حيث هجر الهلالي مواطن الثروة والسلطة، واستمر معه ثلة قليلة من الوطنيين الأطهار واحتضن بعضا من تلامذته الشباب الذين شبوا علي أفكاره ومدرسته ولكن البون شاسه جدا بين أداء الأستاذ ومن خلفه في دربه.
عايشت الهلالي دهرا، استمتعت بمرافعته عن جيلنا بعد اغتيال الرئيس السادات، وكانت مرافعته من أهم المرافعات التي تصدت لكل ما حملته القضية من أدلة، وكنت وقتها متهما في قضية الانتماء لتنظيم الجهاد، وحملت للرجل كثيرا من مشاعر الامتنان والفضل، وقدر لي القدر أن أعايشه واتتلمذ علي يديه تلميذا في هيئة الدفاع عن المتهمين في قضايا الجماعات الإسلامية، وميزة الهلالي أنه كان جادا في أدائه لا يهتم بنوازع الإعلام ولم يوجه مرافعاته توجيها دعائيا وإعلاميا، بل كان مخلصا حتي في دفاعه عن أولئك الذين اختلفوا معه فكرا أو نهجا، وكان يهتم بالأوراق وما تحمله من أدلة ساعيا لتفنيدها مستخرجا دقائق صغيرة لا نفطن إليها فإذا هي معاول هدم لكل ما شيدته أجهزة الأمن أو الادعاء من أدلة، مازلت أذكر صولاته وجولاته في قضية اغتيال الدكتور رفعت المحجوب فكان أكثر من واظب علي حضور جلساته علي طول امتداد انعقادها لعامين، مع ماحملته من غموض شغل الرأي العام أنذاك، وكان منكبا علي أوراق القضية باحثا منقبا عن ثغراتها وكنا نراها مغلقة، حتي خرج ببحث قانوني رائع ساعد المحكمة معه في القضاء ببراءة المتهمين المعترفين، وأذكر مساجلة لطيفة دارت بينه وبين المتهم الأول في تلك القضية ممدوح علي يوسف وكان حاضرا أيضا صفوت عبد الغني وثلة من المتهمين يجادلونه في قبول بعض الأموال الرمزية لقاء تفرغه للقضية، لكنه كعادته كان يرفض تلقي أي أموال في القضايا السياسية، حتي قال له يوسف لا أجد ما أكافئك به إلا أن أدعو الله لك بالهداية فداعبه الهلالي " ربنا يهدينا جميعا "
لقد واجه الهلالي كل معاركه ضد السلطة والبروجوازية والظلم بابتسامة عريضة وكلمة واضحة رقيقة، لم يكن فاحشا ولا متفحشا ولا فاجرا في خصومته مع أحد، كان اشتراكيا لكنه لم يمتنع عن الاستجابة في نصرة الاسلاميين في كل قضاياهم بلا استثناء، دافع عن حريتهم دون متاجرة، كثيرون يربطون بين مشاركتهم في قضايا الرأي بمواءمات سياسية
لكن الهلالي لم يتبدل، لم تبدله المحن علي كثرة ما تعرض له، لم تغيره السجون علي كثرة ما تعرض للسجن والاعتقال والمحاكمة، لم يفجر في خصومة علي كثرة ما تعرض للغدر، لم يكن يتفلسف في تطبيق مفهوم الحرية بل كان تطبيقه لها سهلا ممتنعا لا يقدر عليه أي أحد ممن يكثرون الكلام عن الحرية والديمقراطية.
والهلالي الذي كانت حياته حافلة بالمفارقات من حوله دون أن يتوقف عندها كثيرا، كان مشهد وداعه أيضا حافلا بالمفارقات، فالرجل الذي أمضي حياته شيوعيا مدافعا عن نظريته حتي بعد سقوطها في منابعها الأصيلة، حتي أنه جادل عن شيوعيته بأن زوال الدولة لا يعني أبدا زوال الفكرة، وإذا سقطت دولة الإسلام فإن هذا لا يعني زواله، هكذا كان يجادل عن اعتقاداته السياسية والايدلوجية، لكن اللافت أن أسرته اختارت خروج جنازته من مسجد عمر مكرم !! حيث أقيمت صلاة الجنازة وترحم عليه مئات المسلمين الحاضرين، ولم يكد المصلون ينتهون من صلاتهم عليه، ولم ينته الداعون من تجفيف دموعهم بعد دعواتهم له بالرحمة والجنة، حتي خرج النعش محمولا علي بعض تلامذته من المحامين حتي دوت هتافات تلامذته اليساريين " عاش كفاح الشيوعيين " في إشارة إلي عقيدة الهلالي ومدرسته، كان محبوه وهم يصلون عليه صلاة الجنازة مخلصون في دعواتهم للرجل الذي أحبوه كثيرا متمنين له الرحمة والمغفرة، وكان تلامذته في اليسار مخلصون في هتافاتهم بالمباديء التي لقنها لهم ومات عليها، وهكذا مضي النعش في مساره من عمر مكرم إلي مدافن 6 اكتوبر، وهناك حيث ووري الثري ارتفعت دعاوات المسلمين الذين أحبوه وتعانقت مع هتافات اليساريين الذين أخلصوا له.
وكان مشهد عزائه رائعا تحلقت القوي الوطنية داخل سرادق العزاء بكل رموزها، شاهدت الأستاذ هيكل متواضعا مع العامة، كما شاهدت من الحزب الوطني بعض رموزه، والتقينا جميعا في حوارات ثرية أهل الفكر والرأي من مختلف الاتجاهات داخل سرادق عزائه.
كنت افضل شخصيا أن تخرج جنازة أستاذنا الراهب القديس أحمد نبيل الهلالي من نقابة المحامين التي أحبها وبادلته الحب حبا ومودة وتقديرا، عرفانا بفضله وقيمته باعتباره ابنا من أبنائها المخلصين متواصلا مع طابور من العظماء خرجوا منها عبد العزيز الشوربجي ومصطفي البرادعي وأحمد الخواجة، لكن أسرته اختارت أن يكون خروجه من مسجد عمر مكرم، لعل في اختيارها معني ارادت لفت الانتباه إليه فهي التي لاصقته وعايشته في مرض موته .
وفي كل الأحوال يستحق الهلالي كل هذا الحب الذي بدا في اختلاف هويات الذين ساروا خلفه وحضروا عزاءه وإنا لله وإنا إليه راجعون .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: اهدي هذا الملف .. الصحفي التوثيقي.. لاسرة واصدقاء ورفاق المناضل االشيوعي الراحل ..نبيل اله (Re: wadalzain)
|
وهذا ما كتبه سليم عزوز فى جريدة الرايه ايضا
ورحل قديس آخر! سليم عزوز...كاتب وصحفي مصري........
عندما تلقيت رسالة علي تليفوني الجوال، من الزميل محمد منير الصحفي بجريدة " الأهالي" القاهرية تقول: " مات آخر الرجال المحترمين، ماتت رائحة الزمن الجميل"، لم أكن بحاجة لان انتقل للصفحة التالية لأقف علي ان المقصود هو القطب اليساري الكبير أحمد نبيل الهلالي. وربما كانت مصادفة ان سائق التاكسي الذي كنت استقله في هذه اللحظة يفتح الكاسيت علي أغنية للمطرب السعودي الجميل محمد عبده وهو يشدو: " يا موت هون علي قلبي"، ان لم تخن الذاكرة!
فقد شاءت إرادة الله ان تفقد مصر في شهر واحد نبيل الهلالي، واحمد عبد الله رزة، وهما من أنبل واشرف الذين عرفتهم حياتنا السياسية، ومن الذين ظلوا قابضين علي جمر الاستقامة في وقت انهار فيه كثيرون امام المغريات، سواء من الداخل او الخارج، في عملية إفساد للحركة السياسية المصرية، لم تبدأ علي يد النظام المصري، ولكن بدأت علي يد أنظمة بالخارج، مدت كثيرين بالمال، حتي يشتدوا في معارضتهم ضد الرئيس السادات، ثم جاء التمويل الأجنبي، ومن أوروبا وأمريكا، ليكمل المشوار، وكان طبيعيا بعد ذلك ان يبيع البعض بالرخيص لأهل الحكم بالداخل، فمن يهن يسهل الهوان عليه!
أحمد عبد الله رزة الحاصل علي الدكتوراه من واحدة من اكبر الجامعات في بريطانيا، لم يجد عملا يقبله في مصر، حيث كان تاريخه السياسي يطارده أينما ولي وجهه، ولم يتحمس احد من الذين يذرفون الدمع الهتون لمساعدته - نفس حماسهم في رثائه بعد وفاته - ليحصل علي حق من الحقوق العادية للإنسان، وهو حق العمل، الذي لا يعطي إيثارا ولا يمنح تفضلا، وكثيرون من رفاقه أصبحوا نجوما، ولهم مسالك ودروب، وكانت الأبواب ستفتح اذا طرقوها، ليساعدوا زعيمهم السابق في الحصول علي حقه، دون ان يطأطيء رأسه، ودون ان ينسحق في مواجهة قوم يعز عليهم ان يظل الرجل رجلا الي النهاية، ويعشقون ان يمارسوا سياسة: قهر الرجال، ليشعروا بقيمتهم عندما يرون انكسار الشرفاء!
قيمة احمد عبد الله رزة انه لم يساوم، وعاش حياته " خالي شغل" كما نقول، وعندما أسس مركزا لرعاية اهالي منطقته، التي تعد واحدة من مناطق الظل في القاهرة، وأخبره البعض انه يستطيع ان يحصل علي تمويل أجنبي معتبرا لمركزه، قبل ان يرتد إليه طرفه، رفض بإباء شديد، وظل هكذا الي ان وافته المنية، ورحل عن دنيانا مرفوع الرأس، موفور الكرامة، ولعله بصق علي " دنيانا" قبل ان تخرج روحه لبارئها، فماذا يفيد المرء اذا كسب العالم وخسر نفسه!
لا ازعم أنني اعرف احمد عبد الله معرفة شخصية، او أنني واحد من الذين اعترفوا بأنه كان زعيمهم ( طبعا بعد ان مات)، ولا ازعم أنني انتمي الي الفصيل السياسي الذي ينتمي إليه ، لكن ما أظنه حقا وصدقا، ان الوطن قد خسر خسارة فادحة برحيل مناضل بحجمه، يستمد قيمته ليس بانتمائه الي اليسار المصري، ولكن في تمسكه بشرفه، مما يؤهله لان يكون رمزا لكل الباحثين عن العدل والحرية، وكل من تمثل قيم انقرضت كالشرف، والكرامة، والرجولة، لهم معني. وما يسري علي أحمد عبد الله يسري علي احمد نبيل الهلالي. واذا كان الأول لم يجهر بتصنيفه السياسي، فان الأخير معلوم بأنه شيوعي قديم، لكنه، وبالمثاليات، التي تمسك بها، والقيم التي عض عليها بالنواجذ، يمثل قدوة، ورمزا لكل الأطهار في العالم، وللمتعلقين بأهداب الطهر، في زمن عفن، تزكم عفونته أرجاء الكون!
نبيل الهلالي لم ينتم للشيوعية لأنه فقير، ورأي في الانتماء لها محاولة للدفاع عن حق شخصي استولت عليه الرأسمالية المتوحشة، فقد كان وهو يختار موقعه السياسي واحد من الصفوة، ومن باشاوات هذا الزمن وأعيانهم، فوالده نجيب باشا الهلالي هو رئيس وزراء مصر في إبان الاستعمار، ولعل من الطرائف التي تروي هنا، ان أجهزة الأمن كانت تفاجأ بمنشورات مطالبة بجلاء الاحتلال توزع بكثافة، وعلي الرغم من مداهتمها لكثير من الأماكن التي يشتبه فيها، فإنها لم تعثر علي شئ، ليكون الاكتشاف بالمصادفة ان هذه المنشورات تصدر من قصر رئيس الحكومة، وتطبع وتحرر في احدي غرفه!
لم تكن الاستقامة عند نبيل الهلالي خطبة، او ادعاء، لكنها كانت موقفاً عملياً، فقد تنازل عن كل ميراثه، وظل يعيش من عمله في المحاماة التي اخلص لها باعتبارها رسالة " نجدة"، فكان يغيث الملهوف، ويقف بجانب الفقراء، ويعين علي نوائب الدهر. وقد تخصص في قضايا لا تدر ربحا وفيرا علي من يتعامل فيها، وهي قضايا الحريات، وقضايا العمال، فقد تجده يصول ويجول امام المحاكم دفاعا عن حق عامل صغير تم فصله من عمله، و تجده مترافعا امام القضاء، وحاضرا امام النيابة للدفاع عن أي معتقل، وكان يتعامل مع القضايا الكبيرة، تعامله مع قضايا تهم عاملاً أو سجيناً، فقد كان يحضر بنفسه، في قضايا يتعالي علي حضورها كبار المحامين، وكان هو بتاريخه المهني والسياسي اكبر من أكبرهم!
مكتب نبيل الهلالي كان قبلة للصحفيين الذين يتم فصلهم، او هؤلاء الذين يخضعون للتحقيق والمحاكمة في قضايا النشر، ولم يكن الامر يستدعي ان تكون هناك علاقة شخصية بينك وبينه، او تذهب له بتوصية من احد أصدقائه، فيكفي ان تطلبه، ليتحمل مهمة الدفاع عنك، وبدون أتعاب، فهو من الذين أسسوا لمبدأ الترافع المجاني في مثل هذه القضايا، وهو المبدأ الذي كاد ان ينقرض الان!
لم أتعامل مع مكتب نبيل الهلالي قط، لكن كثيرين غيري تعاملوا مع الرجل واكتشفوا زهده وإخلاصه وتفانيه، في الدفاع عن حقوق انتهكت لمن يعرف او لا يعرف، لمن ينتمي الي فصيله، او ينتمي الي فصيل معاد له، و لم يكن مصادفة ان نبيل الهلالي الشيوعي العتويل كان يترافع عن المنتمين إلي الجماعات الإسلامية، وغيرهم من التيارات التي تختلف الي حد الاقتتال مع التيار الذي ينتمي إليه، لأنه يؤمن بالحرية لكل الناس، ولأنه مؤمن بقيمة العدل إيمانا وقر في القلب وصدقه العمل، وليس مثل غيره من الأدعياء الذين يُكتشف أمرهم عند أول اختبار!
ان نبيل الهلالي كان اكثر من إنسان، وكان له من اسمه نصيب، فهو نبيل اسما ووصفا، بل كان قديسا في تواضعه وشجاعته وزهده، وفي ظني انه لم يبذل جهدا ليكون كما عرفناه في زمن الانبطاح ارضا، الذي خضعت فيه رؤوس كنا نظن انها شامخة، ولعل هذه هي قيمة الذين امنوا بالأفكار اليسارية ليسوا مدفوعين بفقر مدقع، ولكن بحس مرهف، والهلالي وابن عائلة ثرية آخر هو الكاتب الراحل محمد سيد احمد، كانا من أكثر الذين تمسكوا بما يؤمنون به في زمن سقط فيه كثيرون اذا لم يكن بحجم الغواية، فبسبب الانكسار النفسي الرهيب الذي نتج عن سقوط الاتحاد السوفيتي، والذي سهل سقوط المؤمنين بالفكرة، وسهل غوايتهم.
ولهذا كان طبيعيا ان تتساقط دموعي عندما تلقيت رسالة محمد منير: " مات اخر الرجال المحترمين، ماتت رائحة الزمن الجميل، مات نبيل الهلالي"، ونفس الموقف عندما تلقيت اتصالا هاتفيا من الزميلة أميرة الطلحاوي وبصوت متأثر وكأنه يأتي من عالم اخر، ليشيع رهبة، ويضفي هدوءا علي جلسة صاخبة بأحد المقاهي: " احمد عبد الله مات يا سليم"!
يوم الأحد تلقيت الخبر الفاجعة برحيل احمد نبيل الهلالي، والليلة السابقة له كنت اقرأ مقالا لمحمد سيد سعيد في جريدة " العربي"، يصف احمد عبد الله بأنه زعيمه، ويتحسر ألما وندما، لانه لم يقف معه عندما كان يبحث عن عمل، فيجد كل الأبواب موصدة، تكفي انحناءة منه لتفتح، وانتابني مزيج من الحزن والغضب، من التأثر بشعور الكاتب بالذنب، ومع نقمتي عليه، هل قدرنا الا نعرف أقدار الناس ومكانتهم وتقصيرنا في حقهم الا بعد ان يرحلوا، ولكن في المقابل من منا لم يكن هذا الرجل!
لا اعرف محمد سيد سعيد عن قرب، لكن وبعيدا عن مواقفه الوطنية، فان الذين يعرفونه يقولون انه من سلالة الهلالي ورزة، واذا كان واحد بهذا الشكل وقد قصر في حق زميل يعرفه كما يعرف نفسه، فهل يقبل منه عتابا وهل يغفر له انه يتعذب بداخله ويعبر عن عذابه كتابة، لعله يطفئ نارا في أعماقه؟!
في الواقع لا اعرف، لكن الذي اعرفه جيدا ان جلد الذات في مكان عام مطلوب، ليشهد العذاب طائفة من الناس، فلا يقصرون في حق النبلاء، حتي لا يندمون في وقت لا ينفع فيه الندم!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: اهدي هذا الملف .. الصحفي التوثيقي.. لاسرة واصدقاء ورفاق المناضل االشيوعي الراحل ..نبيل اله (Re: wadalzain)
|
وهذا ما كتبته الاستاذه اكرام يوسف الصحفيه والكاتبه فى جريدة الرايه القطريه
حنانيك يا موت .......
بقلم :إكرام يوسف يبدو أن يونيو مازال مصرا على أن يظل شهر الآلام بالنسبة لجيلنا .. ذلك الذي ذاق مرارة انكسار النفس للمرة الأولى مع هزيمة 1967 والقلب بعد أخضر بكر فها هو عظيم آخر يغادرنا في يوم أسود من أيام هذا الشهر.. "الأستاذ" أحمد نبيل الهلالي "القديس" طاهر القلب نبيل الروح صلب الإرادة قوي الأيمان بحق الشعوب في العدل والحرية.. ابن الطبقة الأرستقراطية المصرية الذي ولد وفي فمه "ملعقة ذهب" كما يقولون؛ الذي تولى والده "نجيب باشا الهلالي" رئاسة وزراء مصر مرتين في عهد الملكية؛ آخرهما عشية ثورة 1952. إلا أنه اختار بمحض إرادته وبوعيه الفكري وحسه الإنساني الراقي أن ينحاز إلى صفوف الفقراء؛ فكان مكتبه بوسط القاهرة ملجأ لكل مظلوم؛ وحصنا لكل صاحب رأي. حتى أولئك الذين اختلفوا معه فكريا ولم يتورعوا عن تكفيره؛ لم يجدوا عندما تعرضوا لمحنة الاعتقال محاميا بارعا صلبا يتطوع للدفاع عنهم دون مقابل أفضل من "الأستاذ". فلا يوجد في مصر صاحب رأي أو صاحب قضية لا يعرف ذلك العنوان الشهير (5 شارع محمد صدقي بباب اللوق) الذي يلجأ إليه كل مظلوم دون أن يحمل هم الرسوم والأتعاب.. بل أن مكتبه كان أيضا مدرسة تربى فيها العديد من رجال القانون؛ فما يكاد شاب يتخرج من كلية الحقوق ويرغب في التدريب على يد أستاذ قدير؛ ويذهب إلى مكتبه طالبا التتلمذ على يديه إلا ويلقاه "الأستاذ" مرحبا باذلا خبرته وعلمه لكل من يريد وبلا أي مقابل أيضا.. ورغم ما كان ذلك يكلفه من طاقة مادية أصبحت تفوق قدراته إلا أنه لم يتململ مرة ولم يشك حتى من تزيد البعض في استغلال كرمه وسماحته.. أذكر أنني فرحت جدا عندما سمعت من ابني المحامي المتخرج حديثا أنه وزملاء له كثيرين ينسخون مرافعات "الأستاذ نبيل" ويتبادلونها فيما بينهم ليستذكروها ويتعلموا منها؛ وكل من فاتته مرافعة لا يهدأ حتى يجدها ويضيفها إلى مكتبته. فاطمأن قلبي كثيرا ليس فقط لأنني عرفت أن ابني وضع قدميه على بداية الطريق الصحيح كمحام ورجل أدرك أن للحياة معنى آخر يتجاوز الطموحات الشخصية المزيفة والأطماع المتدنية الرخيصة؛ وإنما لأنني عرفت أيضا أن "زملاءه الكثيرين" يفعلون نفس الشيء. فازددت إيمانا بأن شبابنا الذين ظلمهم البعض واتهمهم ـ على عمومهم ـ بالسطحية والابتذال مازال بين صفوفهم من يحملون هم الوطن ويحلمون بتغييره إلى الأفضل. . ذاق نبيل الهلالي مرارات الاعتقال والتعذيب ؛ كما عرفته ساحات النضال من أجل العدل والحرية طوال ستة عقود منذ بدأ نضاله ضد الاحتلال والاستبداد إبان العصر الملكي وحتى قبل وفاته بأسبوعين عندما دخل المستشفى للمرة الأخيرة وسط هلع جميع محبيه وتلاميذه الذين كانوا جميعا يحاولون التهرب من شبح اليتم الذي بات يتهددهم. ولم تهدأ حركته دفاعا عما يعتقد وعن حرية الفكر والعقيدة (وهو عنوان أحد مؤلفاته الكثيرة) إلا عندما هدأت أنفاسه ثم توقفت ليرحل عنا يوم السبت الماضي تاركا في قلوب تلاميذه من رجال القانون ومن النشطاء السياسيين المدافعين عن العدل والحرية لوعة. ولم يكن جرح الحركة المصرية اندمل على فقد أحمد عبد الله رزة عالم الاجتماع السياسي وأحد رموز جيل الحركة الطلابية في السبعينيات من القرن الماضي في السادس من نفس الشهر وبعده بيوم رحيل يوسف درويش المحامي الوطني واليساري البارز وأحد رفاق نبيل الهلالي في النضال خلال العهدين الملكي والجمهوري. فهل أصبح مكتوبا علينا أن نتجرع كأس أحزان هذا الشهر يوما بيوم.. نفس الشهر الذي يحمل ذكرى عبد الحميد العليمي في الرابع منه وفي نفس اليوم؛ وإن كان بعده بعشر سنوات صديقه وزميله شهاب سعد، وبعدهما بأيام تحل ذكرى أروى صالح.. فهل تواعد جميع الأحبة على أن يكثفوا أوجاعنا على فقدهم في أيام متقاربة؟ حنانيك يا موت.. قلوبنا لم تعد تحتمل؛ فهي لم تقد من صخر!.
[email protected]
| |
|
|
|
|
|
|
Re: اهدي هذا الملف .. الصحفي التوثيقي.. لاسرة واصدقاء ورفاق المناضل االشيوعي الراحل ..نبيل اله (Re: عفاف ابوكشوه)
|
برحيله ، إنهد كتف الكفاح المشترك بين شعبي وادي النيل فقد كان الراحا العظيم احد أركانه وبناة صرحه المتين وستظل ذاكرة الشيوعيين السودانيين تحفظ مواقف الرجل المشرفة ومساندته القوية لحزبهم إبان كارثة يوليو 1971 لقد بذل جهدآ مقدرآ لتوفير تضامن واسع ضد مجازر الطغمة المايوية المسنودة بعون المبريالية العالمية بقيادة أمريكا وبريطانيا وبمساعدةاعوانهم واذنابهم في المنطقة المقبور انور السادات والمعتوه معمر القذافي والعملاء آل سعود
المجد والخلود لليساري الغيور نبيل الهلالي
والتحية لك عفاف ابوكشوة على الجهد المقدر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: اهدي هذا الملف .. الصحفي التوثيقي.. لاسرة واصدقاء ورفاق المناضل االشيوعي الراحل ..نبيل اله (Re: sharnobi)
|
د. مأمون البسيوني يكتب عن: نبيل الهلالي.. شيوعي عشق التسامح إنّ له تاريخا مثيرا حقّا، لم يكن متأثّرا فقط بالماركسية إنّما بمفاهيم الإله الذي ساد في اليهودية والمسيحية والإسلام. ومن خلال جسم نحيل وتقاطيع وجه دقيقة أكبر ما فيها أذناه، يصعب عليك أن تستشفّ طموحا وأنانية دنيوية لابن الارستقراطيين - ابن رئيس وزراء مصر لأكثر من مرّة كان آخرها وزارتها قبل قيام ثورة يوليو. تحصّن جيدا بمعاناة الاقتراب من الحقيقة فلم يتعامل مع تاريخه كرسم أبيض وأسود، وكان قادرا علي أن يقترح علي مسيرته ولغته ومعرفته معني يرتكز علي افكارنا الأخلاقية. كان تحت يدي رقم تليفون المستشفي ورقم الغرفة لأسمع تفاؤله لكن الموت كان أسرع، فرحت أغرق كسلي وتباطئي وثقتي في شجاعته وأتامّل في الذين سيمشون في جنازته التي لن أتمكّن من حضورها. ولآخر لحظة قبل أن نواريه الثري، كان نبيل الهلالي يوصينا بألاّ نفقد شجاعتنا وعزمنا علي أن نناضل من أجل اقتناعاتنا التي يدرك كلّ منّا أنّها لابدّ أن تكون قابلة للتصحيح. لاتوجد كلمات لتحرير أنفسنا أروع يمكن أن تخرج من نعش نبيل الهلالي:يا أيها السائرون ورائي.. نظاميين وليبراليين وماركسيين وإسلاميين، تحرّروا من أخطائكم بتصحيحها. وكان أوّل ما أكد نبل هذا النداء هو ما قرأته.. مهدي عاكف وإخوانه ينعون نبيل الهلالي، وليس مهمّا أن نناقش كيف ينعي إسلاميون شيوعيا، ولا من مشي منهما نحو الآخر. لكنّ الأهمّ أن نتفحّص أفكارنا تفحّصا نقديا وأن ندرّب أنفسنا علي نقد الأفكار الأثيرة لدينا، لا نبدي التسامح لأسباب نفعية خالصة. > > > تقابلنا لأوّل مرّة في معتقل القلعة الشهير الذي ساق إليه عبد الناصر الشيوعيين في مطلع عام 1959، لم أكن لأخطئ هذا الوجه المميز الذي لم أقترب وأتآلف معه بعد، تبادلنا الضحك، وقد ضبطني منهمكا في حفر تواريخ دخولي وخروجي وعودتي علي حائط الزنزانة. علا ضحكنا وهو يعلمني أنّه قد حان علي الدور في أدائه لمهمّته التي كلّفته بها اللجنة المركزية.. تكييف الوضع القانوني لكل معتقل علي ضوء ظروف اعتقاله وماضبط لديه من أدلّة اتّهام:البيان الشيوعي، كتب لماركس وأنجلز ولينين، رواية الأمّ لمكسيم جوركي، محولاتنا الأدبية لإبداع تأثّرنا بأحوال البؤساء والفقراء في قصيدة شعر أو قصص قصيرة أو مشروع رواية.. منشورات وصحف حزبية وورق استنسل وأدوات أو آلات طباعة. سهّلت عليه المهمّة أو صعّبتها وانا احكي له أنني قد تم القبض علي ّ بالشارع، حافي القدمين مرتديا بيجامة. فقد هربت من شقّتي في الدور الخامس وهم يدقّون الباب ليفشل بوّاب العمارة كلّ خطّتي للهرب. اكتشفت سرّ صلابة المناضل نحيل الجسم نبيل الهلالي، شيء دفين جمعنا، الضحك والتفاؤل كأدوات لمواجهة آليات القمع. يساعدان علي قهر الخوف في داخلنا، ومن سجن إلي سجن ومن شكل تعذيب إلي آخر أدنأ وأحقر، ومن فكرة إلي أخري ومن تجربة إلي تجربة تتشكّل صفاة متفوّقة للجهاز العصبي والأعضاء والعقل وتعجز غالبا أي سلطة عن كبت روح الكفاح والمجهود وظهور المناضلين. > > > وكان لابدّ ان يستبقي أحدنا الآخر نتبادل نوعا من التحليل. تطرّقنا إلي نجاح الضربة الأولي لحملة اعتقالنا في اصطياد بضع مئات من الشيوعيين. وقعوا فرائس سهلة، كشفت أمانها وسرّيتها لنشاط أجهزة الأمن وتسرّب عملاء المباحث، عمليات توحيد الشيوعيين ودمج تنظيماتهم المنقسمة في حزب واحد، مالبث بعد شهور قليلة من الوحدة أن انخرط فيعملية انقسام جديدة. تسيطر علي غالبيتنا أفكار سياسية منهمكة في التغيرات الداخلية الحاصلة في مصر بعد قيام يوليو1952 وما توجّهت به الأحداث نحو معركة محتدمة ضدّ الاستعمار فجّرها بناء السدّ العالي. ومتأثّرين بشدّة بما هو جار علي الساحة الدولية من نصر مضطّرد للمعسكر الاشتراكي. يعزف أناشيده زعيم فلاّح هو نيكيتا خروشوف، يبشّر بقرب نهاية العالم الرأسمالي الاستعماري ويدعو للاستعداد للمشي في جنازته. كانت بدايات اعتقالنا معقولة، نمضي أغلب نهارنا خارج الزنازين نحلّل الأخبار ونتبادل القفشات السياسية والحزبية والاتهامات بمسؤولية هذا الطرف او ذاك عن انقسام الحزب الوليد. وشاعت التنبؤات بأنّها مجرّد أيام، وقالت حدتو بأنّ هناك خطأ "ما" في وجودنا في المعتقل أو وجودهم هم علي الأقلّ ماي لبث عبد الناصر أن يتنبّه إليه ويقوم بتصحيحه حرصا علي الجبهة الداخلية. ودونما يطلب نبيل الهلالي منّي، فقد اعتبرته رئيسا لتحرير جريدة هوائية اقترحنا إنشاءها في المعتقل اطلقنا عليها اسم المراجيح. يقوم قسم الأخبار فيها باللعب علي هذا التفاؤل المفرط. نلتقط الأنباء من هنا وهناك، من كلمة يقولها عسكري أو ضابط، من جرنال نعثر عليه بطريقة أو أخري.. قصّة المراجيح من يوم انشائها إلي يوم مصادرتها من قبل اللجنة المركزية طويلة تحمل خلطا بين الجدّ والهزل، لكنّ أهمّ ما اكتشفته خلالها هو الرومانسي نبيل الهلالي وقد أخذ مأخذ الجدّ مثل الحرية. لا أتذكّر أنّه أغضب أحدا من الذين توافق معهم او تعارض، كيف.. لا أملك إجابة.. والذي حصل أنّه استطاع بموقف أكثر رزانة أن يبلغ نتائج أفضل في السياسة والأمور العملية. فضّل دائما مساعدة الناس فأحبّه الناس. واعتقد أنّه ظلّ قادرا علي أن يغفر للآخرين حماقاتهم. ولأنّه رأي أن إيمانه بالشيوعية ليس مجرّد شيء عابر، فقد كان من الأفضل ألاّ ينخرط في أسباب سقوطها في الاتّحاد السوفييتي وأوروبا الشرقية. استمرّ يحارب من أجل بقائها، في إطار يتجاوز الحاضر المباشر مؤمنا بالمجتمع التعدّدي. يعطي معني لتاريخه وتضحياته ومغزي للميئوس منه.. فعله وتاريخه هو المغزي وجنازته شاهد علي أنّه يوجد شيوعيون طيبون. نقلا عن جريدة القاهرة الصادرة اليوم27-6-2006
| |
|
|
|
|
|
|
Re: اهدي هذا الملف .. الصحفي التوثيقي.. لاسرة واصدقاء ورفاق المناضل االشيوعي الراحل ..نبيل اله (Re: Adil Osman)
|
الفاضلة/ عفاف ابوكشوة
مثلك أحزننا رحيل المناضل الهلالي
واحييك على المجهود التوثيقي الجميل ده في حق قامة مناضلة في زمن تعيس
احيلك لمقال جميل كتبه عنه الكاتب رجاء النقاش
Quote: شيوعي يدافع عن الإخوان الخميس 29 يونيو الوطن القطرية
--------------------------------------------------------------------------------
رجاء النقاش
هناك إجماع أو شبه إجماع في الأوساط السياسية والثقافية في مصر على محبة المحامي والسياسي
والمفكر نبيل الهلالي، وقد توفي نبيل يوم الأحد 18 يونيو الجاري، وودعه الآلاف في جنازة شعبية
كبيرة، وفي هذه الجنازة رأيت الكثيرين من أصدقائه وعارفي فضله يذرفون على هذا الراحل الكريم
دموعا حارة، ونبيل الهلالي لم يكن صاحب منصب أو نفوذ، ولكنه كان شخصية استثنائية في وطنيتها
وإنسانيتها واندفاعها المخلص الصادق إلى خدمة الناس، خاصة الفقراء والمظلومين، وهم كثيرون،
وكان نبيل من كبار أصحاب العواطف الصادقة الأصيلة والتي تتسع للناس أجمعين، حتى لمن يختلفون
معه، ونحن عندما نكتب ـ أنا وغيري ـ مثل هذا الكلام عن نبيل الهلالي ونعيد قراءة ما كتبناه
فإننا قد نظن بأنفسنا الظنون، وقد نحسب أننا نتكلم عن إنسان خيالي عرفناه في قصة من القصص أو
أسطورة من الأساطير، ولكن الحقيقة ان «نبيل الهلالي» كان إنسانا عاش بيننا سنوات طويلة وعرفه
الآلاف ممن وقف للدفاع عنهم أمام القضاء، ومن المعروف أنه حتى جميع القضاة الذين وقف أمامهم
نبيل الهلالي كانوا ينظرون إليه في إجلال واحترام وإعجاب شديد، وذلك لأن هذا المحامي الذي أطلق
عليه البعض بحق اسم «محامي الشعب» كان يتمتع بثقافة عالية، وكان صاحب أسلوب أدبي يجمع بين
الجمال والبساطة في تقديم كل مرافعاته القانونية، أما الذين كان يدافع عنهم فكانوا يرون فيه
نعمة من السماء أرسلها الله إليهم لرفع الظلم والمعاناة عنهم، وفي 90% من قضايا نبيل فإنه كان
لا يتقاضى أجرا، بل كان يقوم بعمله متطوعا، خاصة إذا كان من يدافع عنهم من جمهوره الأساسي
الكبير، أي من الفقراء وغير القادرين على احتمال تكاليف اللجوء إلى القضاء.
نبيل الهلالي هو ابن نجيب الهلالي باشا، وهو السياسي اللامع في مصر في النصف الأول من القرن
العشرين، وقد تولى رئاسة الوزراء مرتين، وكانت المرة الثانية منهما في يوم 21 يوليو سنة 1952
، أي قبل قيام ثورة يوليو بحوالي ثماني وأربعين ساعة فقط، وقد استقال نجيب الهلالي عند قيام
الثورة واعتزل الحياة السياسية، ولم يتعرض له أحد بأي اتهام، وكان الهلالي باشا من أثرياء
مصر، وعند وفاته ترك ثروته لابنه الوحيد نبيل وابنته التي تزوجت من الطبيب الشهير الدكتور
محمود محفوظ وزير الصحة الأسبق في مصر.
ماذا فعل نبيل الهلالي بثروته التي ورثها عن أبيه؟، لقد تنازل للفلاحين عن الأراضي التي ورثها،
أما ما بقي من ثروته فقد عاش على جزء منه وأنفق أكثره على مساعدة من كان يراهم محتاجين
للمساعدة.
كان نبيل الهلالي يستطيع أن يعيش في ثراء ورخاء، ولكنه اختار ان يعيش في بساطة واستغناء وأن
يعطي حياته كلها لرسالته التي وهب نفسه لها ولم يتردد يوما في أدائها، وقد كان نبيل يعتنق
الشيوعية ويعلن ذلك في وضوح ولا يخفيه أبدا، ولذلك فقد دخل السجن لسنوات عديدة، ولكن آلام
السجن لم تنحرف بشخصيته عن رسالتها الإنسانية، ولم تجعله من الساخطين الحاقدين.
علما بأن من أعجب العجب، أن هذا الشيوعي الكبير كان يسارع دائما إلى الدفاع عن أعضاء جماعة
الإخوان المسلمين الذين يتعرضون للاعتقال والمحاكمة، وكان الإخوان يحبونه ويحترمونه ويثقون به
ويفضلونه على غيره كمحام لهم، ولذلك فقد سارع مرشد الإخوان المسلمين الأستاذ محمد مهدي عاكف
بكتابة نعي لنبيل الهلالي نشره ـ كإعلان مدفوع الأجر ـ في صفحة الوفيات بجريدة الأهرام، وقد جاء
في نعي مرشد الإخوان لنبيل الهلالي ما يلي بالنص «محمد مهدي عاكف وإخوانه ينعون المناضل الوطني
أحمد نبيل الهلالي الذي عاش ملتزما بقضايا الوطن مدافعا عنها متحليا بالصدق والأمانة وحسن
الخلق، نسأل الله له الرحمة والمغفرة، ولأهله الصبر الجميل، إنا لله وإنا إليه راجعون».
هذه أول مرة ـ فيما أعلم ـ يقوم فيها مرشد الإخوان المسلمين بكتابة نعي بهذه العاطفة وهذا
الحماس لشخصية كانت معروفة من الناحية الفكرية بأنها على النقيض من الإخوان المسلمين، ولكن
ماذا يقول نبيل الهلالي نفسه عن هذه العلاقة الوثيقة بينه ـ كشيوعي ـ وبين الإخوان؟ ذلك هو حديث
الغد إن شاء الله.
|
| |
|
|
|
|
|
|
|