|
|
 الحاج ورّاق: أفلح أساتذة جامعة الخرطوم في (قد) عين الشيطان
|
القوى الاجتماعية والمدنية:
الحاج وراق
تتحرك لأخذ حقوقها
* نجح أول أمس اضراب أساتذة جامعة الخرطوم، حيث شارك فيه ثلثا أساتذة الجامعة (66%)، وتضامن معه الطلاب بالاضراب في عدة كليات، فحسم بذلك ونهائياً سؤال شرعية النقابة، وقذف بالسؤال في وجه نقابة المنشأة الحكومية والمدعاة شرعية! واذا كانت الشرعية الصياغة القانونية لتمثيل الارادة العامة للقواعد، فما من انسان جاد يمارى في ان ثلثي أساتذة جامعة الخرطوم لا يمكن سوقهم بالتضليل أو الاستغفال.
وبالنتيجة، فإن ادارة جامعة الخرطوم، ومن ورائها الاجهزة الامنية والسياسية للانقاذ، ستجد نفسها، عاجلاً أو آجلاً، مضطرة الى التفاوض مع النقابة الحقيقية للأساتذة.
وهكذا فقد أفلح أساتذة جامعة الخرطوم في (قد) عين الشيطان، فللمرة الاولى في تاريخ الانقاذ، ينتزع العاملون حقهم في التنظيم، وقد كان يصطدم ولا يزال مع نقابة المنشأة، التي صممت خصيصاً لحشر العاملين - مهنيين، موظفين، عمال - جميعاً في تكوين نقابي واحد، رغم الاختلافات الموضوعية بين قضاياهم وبالتالي مطالبهم، وذلك بهدف الاستفادة من هذه الاختلافات لضرب الفئات بعضها ببعض، ولاعاقة تحرك الفئات الاكثر وعياً وتنظيماً بالفئات الاقل وعياً والتي يمكن استخدامها كامتداد للاجهزة الامنية خصماً على مصالح العاملين!
* وفي الاصل، فان نقابة المنشأة هذه، من ابتكار الانظمة الشمولية في المعسكر الشرقي السابق، وقد كانت لها قليل من الوجاهة في البداية في سياقها الخاص ذلك، حيث قايضت الانظمة الشيوعية السابقة الحرية بالخبز، فمنعت العاملين من التنظيم الحر ولكنها سعت الى تحسين مستوى معيشتهم، وفي الممارسة، وبعد زمن، اتضح للعاملين بانهم يجب ألا يقايضوا حرياتهم بأي شيء، بما في ذلك رفاههم المادي، فمثل هذا الرفاه انما يشابه رفاه حديقة الحيوانات! ثم ان الذين يصادرون الحرية بدعوى توفير الخبز، عاجلاً أو آجلاً، سيصادرون الخبز نفسه، وهكذا، بعد زمن، انتفض العاملون ضد تلك المقايضة، وشكلوا نقاباتهم المستقلة، والتي لعبت دوراً حاسماً في اسقاط تلك النظم الشمولية.
* وأما الانقاذ ، فانها حتى في مستوى التنظير، لم تدعِ بأن هدفها توفير الخبز، فقد جاهرت، ولا تزال، بأنها جاءت لتحرير الاقتصاد! وبالطبع فان (تحرير) الاقتصاد، وفي اكثر النظم الرأسمالية وحشية، اذ يعني تحرير اسعار كافة السلع والخدمات، انما يشمل كذلك تحرير اسعار قوة العمل (الاجور)، ويعني بالتالي ان للعاملين، وعبر نقاباتهم الحرة، حق التفاوض الجماعي مع اصحاب الاعمال لتحديد اسعار قوة العمل (الاجور) هذه.
ولكن الانقاذ التي تأخذ من كل بستان شوكة، أخذت من النظم الشيوعية السابقة شموليتها دون ان تأخذ باشتراكيتها أي بما توفره من رفاه للعاملين! واخذت من الرأسمالية المتوحشة (حرية) السوق دون أن تأخذ معها حرية المنافسة وحرية العاملين!
ولم تكن الانقاذ قادرة على فرض أنموذجها (الاصيل) والشائه هذا، إلا بالعنف العاري، أو بقوة الدبابات، كما صرح بذلك (عراب) سياساتها الاقتصادية عبد الرحيم حمدي.
وفيما يتعلق بنقابة المنشأة التي صممت خصيصاً لحرمان العاملين من حقهم في التنظيم وفي التفاوض والاضراب، وبالتالي حرمانهم من آليات الدفاع عن مصالحهم، فان هذه (المسخرة) المسماة نقابة، لم تفرض بالدبابات وحسب، وانما كذلك بالاشباح في بيوت الاشباح، وبـ (الدمبعلو) في مسجل النقابات!!
وتكمن أزمة الانقاذ الحالية، ومأثرة أساتذة جامعة الخرطوم، في انه، بعد اتفاقية السلام، تتناقص على الدوام القدرة على تحريك الدبابات وعلى اطلاق الاشباح، وبالتالي تتنامي على الدوام امكانية احياء النقابات من جديد.
* ويأتي اضراب أساتذة جامعة الخرطوم في سياق لا تخطئه عين المراقب، في سياق بدء تحركات القوى الاجتماعية والمدنية: مظاهرات أمري ضد الشروط المجحفة لترحيلهم، ومظاهرات طلاب دارفور وسط السوق العربي دعماً لمطالب الاقليم الواحد والتعويضات وعدالة توزيع السلطة والثروة، وتحركات طلاب الجامعات واستردادهم لاتحاداتهم في عدد من الجامعات وتقدمهم لانتزاع بعض مطالبهم في تخفيض الرسوم وتحسين اوضاع الداخليات، وفي سياق اضرابات الاطباء في نيالا والقضارف وربك احتجاجاً على امتهان كرامة المهنة واعتراضاً على اعتداءات الاجهزة الامنية على الاطباء، وبدء تشكيل وتحرك اللجنة التمهيدية لاستعادة نقابة الاطباء الشرعية، وكذلك اضرابات المعلمين في عدد من المدن الاقليمية واعادة تنظيم لجان تصحيح مسار العمل النقابي وسط المعلمين، وفي سياق الانعطاف الجماهيري الذي وجدته دعوة تشكيل منبر السودان، مما يشير الى تحرق جماهير المدن، خصوصا، العاصمة ، للتحرك العملي لانتزاع حقوقهم المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية.
* وتشير التجربة الممتدة مع تنظيم الاخوان المسلمين، لاكثر من اربعين عاما، سواء كان تنظيما خارج الحكم او حين تحول الى تنظيم حاكم بعد الثلاثين من يونيو، انه حين يحاصر سياسيا، فانه يسارع الى وضع طبيعته الفاشية موضع التطبيق، فيبادر بالعنف، اما عبر منظماته الحزبية او عبر اجهزة الدولة، او بالتواطؤ والتنسيق فيما بينهما!!
والابرز في تأكيد هذه القانونية الجرائم ضد الانسانية في دارفور، حيث قدمت ميليشيا الجنجويد المدعومة بالسلطة السمات الفاشية في اكتمالها وصفائها النموذجيين! وكذلك احداث جامعة ام درمان الاهلية، حين عرض طلاب المؤتمر الوطني انموذجا مصغرا لممارسات الجنجويد في دارفور، فحرقوا الجامعة واختطفوا استاذهم واخضعوه للتعذيب!!
وتؤكدها كذلك واقعة تعذيب طلاب الاهلية في الاسبوع الماضي.
كما تؤكدها قبل ايام حادثة تعذيب الطبيب عمر التاج النجيب!
ولكن، في المقابل، فإن الانقاذ التي تستمر في ممارساتها القديمة، تواجه وضعية جديدة لم تألفها ، وابلغ دليل على ذلك، ان صحيفة «السوداني» الغراء لم تكتف بنشر وقائع التعذيب التي حدثت مؤخراً، وحسب، وانما كذلك واجهت بشمم محاولات ابتزازها وتخويفها!!
* ومثلما انكسرت فاشية طلاب الجبهة الاسلامية، بعد عقود من ممارسات العنف، بحصارهم في احد مساجد جامعة الخرطوم واضطرارهم الى رفع الراية البيضاء وتسليم اسلحتهم للطلاب المعارضين أوائل التسعينات، ومثلما انتهت ممارسات الجنجويد في دارفور بكارثة سياسية وجنائية للانقاذ، فكذلك سنتهي ممارسات العصابات الفاشية في الخرطوم، طال الزمن أو قصر، الى ذات المصير، خصوصاً وان القوى الاجتماعية والمدنية، ولأول مرة في تاريخ الانقاذ، لم تعد تنتظر مخلصاً من معسكرات المعارضة في الخارج، كما لم تعد تراهن على قوى اجنبية تحل لها قضاياها الاساسية، ثم انها ولأول مرة ايضاً، تعتمد، وبصورة نهائية، أسلحتها الصحيحة والمتفقة مع تجربتها التاريخية، أي أسلحة العمل الجماهيري!
www.alsahafa.info
|
|
 
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الحاج ورّاق: أفلح أساتذة جامعة الخرطوم في (قد) عين الشيطان (Re: مكي النور)
|
الاخ مكي النور,
| Quote: ولكن الانقاذ التي تأخذ من كل بستان شوكة، |
| Quote: تأخذ من كل بستان شوكة، |
Quote: أخذت من النظم الشيوعية السابقة شموليتها دون ان تأخذ باشتراكيتها أي بما توفره من رفاه للعاملين!
|
| Quote: واخذت من الرأسمالية المتوحشة (حرية) السوق دون أن تأخذ معها حرية المنافسة وحرية العاملين! |
لا فـض فوك يا حاج وراق
أحمـد الشايقي
| |
|
|
|
|
|
|
| |
أحمد الشايقي
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست