|
كلمة الأستاذ عمر الدقير في حفل التضامن مع الشاعر محجوب شريف بالنادي السوداني أبوظبي
|
بسم الله الرحمن الرحيم وصلّي الله على رسوله الكريم
اسمعنا ياليل السجون نحن بنحب شاي الصباح والمغربية مع الولاد .. والزوجة والأم ّ الحنون والأصدقاء .. إلي اللقاء واللمة عند الأمسيات والتكية جنب الأغنيات والقدله في السوق الكبير
هذا هو محجوب شريف .. من رحم واقعنا وملح أرضنا .. بين ضلوعه الوطن العزيز، بكل تفاصيله .. مسكون القلب بحب الجميلة ومستحيلة .. يكتبها في لحاء الأشجار وينحتها في صمِّ الحجارة .. يعزفها علي أوتار الشمس ويحدث عنها النجوم .. يزرعها في مناديل العذارى ومشاوير الحيارى، يسقيها عصارة روحه وسكْب ضلوعه.
هو سودانيٌ صميم .. يحمل معه سودانيته وجداناً والتزاماً، وكلمةً حرةً تخترق جدران الزنازين الصماء وأسوار المعتقلات السميكة .. تشدخ قلب الليل وتشق ظلمته .. تسري في الناس، تحرضهم علي الثورة من أجل الحرية والعدالة، وتدعوهم لقيم الحب والنبل والجمال .. يغني لصمود المناضلين .. يضع الأمور في نصابها الصحيح .. يحيل زنازينَ المناضلين قصوراً يغردون فيها، وقصورَ الطغاة زنازيناً يرتجفون داخلها:
نغرّد ونحن في أسركْ وترجف وانت في قصركْ
ظلّ الأخ الصديق محجوب شريف سيفاً مسلولاً في وجه الطغيان، ومُهراً وثّاباً في درب الحرية .. لا سيفه انكسرْ ، ولا علي ركبتيه جثا .. وأمام الطغاة ما نكّس الهامة .. يدخل السجن وهامته مرفوعة شامخة ويخرج منه وهامته أكثر ارتفاعاً وشموخاً:
ودّانا لشالا بس عزّتنا ما شالا
لقد كرّمت الحكومات المتعاقبة في بلادنا كثيرين من شعراء البلاط السلطوي وأولتهم اهتمامها، ولم تكرم محجوب شريف أو توله اهتماما، وأعلم أن أياماً قد مرت عليه كابد فيها شظف العيش وعجز عن دفع إيجار منزله!! .. ولكن ما ضرّ ذلك محجوباً .. فمحجوب شريف لا تليق به أوسمة السلطة ونياشينها .. وإنما تليق به أوسمة المحبة الصادقة التي يطوقه بها أبناء شعبه، الذين أسكنوه حبات القلوب ووضعوه في حدقات العيون، واتخذوا من كلماته زاداً وهتافاً في زحفهم المقدّسِ نحو الشمس ونحو النور .. لذلك لم يكن غريباً أن يتداعي السودانيون داخل الوطن وخارجه للوقوف مع شاعرهم حتى يعود، بإذن الله، سليماً معافي .. يعبر عن آلامهم وآمالهم .. ويغني للوطن وحريته ووحدته وتقدمه وعزته وكرامته.
لنا عظيم الشرف في النادي السوداني بأبوظبي أن نشارك، ولو بجهد المقل، في هذا النفير الوطني والإنساني وأن تكون دارنا هذه أحد مراكز التضامن مع شاعرنا الكبير.
فلنرفع جميعاً أكف الدعاء للمولي عزّ وجل أن ينعم عليه بتمام الصحة والعافية .. ولنردد معه ونحن في وحشة المنافي:
محطة... محطة بتذكّر عيونك ونحن فى المنفى وبتذكر مناديلك خيوطها الحمرا... ما صدفة وبتذكر سؤالك لي متين جرح البلد يشفى متين تضحك سما الخرطوم حبيبتنا ومتين تصفا؟
والسلام عليكم
|
|
|
|
|
|