اعترافات شاعر تائب ومستغفر الله

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-13-2024, 07:39 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-31-2006, 06:23 AM

Nasruddin Al Basheer
<aNasruddin Al Basheer
تاريخ التسجيل: 12-09-2005
مجموع المشاركات: 4083

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
اعترافات شاعر تائب ومستغفر الله

    كانت عندي أمنيتان منذ الطفولة، أن أكون شاعراً وأن امتلك
    وكالة سفر وسياحة (ما حددت مكانها بالضبط، لكن بفضّل تكون
    في شارع القصر أو شارع البلدية) ، وبالعدم تكون في أمبدة
    بالردمية.
    وبعد أن كبرت لم تكن أحوالي المالية مشجعة على تحقيق أمنيتي
    الثانية، وبالأدق لم تكن لديّ أحوال مالية، وعرفت أن أمنيات
    الطفولة لا تتحقق في الغالب في أرض الواقع، وهذه ليست دعوة
    لعدم التمنى، بل تمنوا ما شئتم فالأماني حلال ومجان ، ومرة
    قال نزار قباني (من يحاسب الصحراء إذا توحّمت على جدول ماء).
    وأنا هنا أدعو الجميع ليتوحّموا ويتوهّموا ما أرادوا.
    ولكن عندما خرجت إلى الحياة العملية لم أجد حياة عملية، بل
    وجدت واقعاً صعباً ومريراً لا يمكن وصفه، فالأمور كانت شديدة
    التعقيد، والبطالة تسد الطرقات والعاطلين عن العمل صاروا أكثر
    من الهم على القلب، عندئذٍ قنعت من الغنيمة بالإياب، فنسيت أو
    تناسيت أمنية وكالة السفر، ولكنها كانت تتاورني كلما رأيت
    شخصاً يحمل شنطة.
    أدى هذا الوضع إلى أن أنهي علاقتي بحبيبتي وأن أضرب عن الزواج،
    حيث لا يكلف الله نفساً إلا وسعها وربنا ما أمر بالهلاك، وأنا شخصياً
    لا أكترث بما سيقوله الناس عني، فماذا يضيرني بالله عليكم إن
    وصفوني بالعانس أو البايركس؟
    وبعد أن تأكدت من تفاهة هذا الزمن المستفز الذي تبوّل على رؤوسنا
    على عينك يا تاجر دون أن يسأله أحد أو يقول له (تك)، قنعت بأن
    أركز على تحقيق الأمنية الأولى، وأهو زي ما بقولوا ما زي أبوك
    لكن بربيك، فكتبت قصائد جميلة (خالص)، بعضها بالعربي الفصيح
    والبعض بالدارجي، واستطعت بعصامية شعرية شديدة وفي فترة وجيزة
    أن أكتب خمسة دواوين شعرية، كتبت في خمس مدن سودانية لا داعي
    لذكرها (لأسباب أمنية). وكنت أنظم الشعر باستمرار ودون انقطاع
    حتى لا يداهمني فصل الخريف، حيث إنني لا أستطيع كتابة الشعر في
    الخريف (لا تفسير عندي لذلك سوى أن لله في خلقه شؤون)، وتمكنت
    بفضل الله أن أكتب كل قصائدي في خمسة شهور متواصلة، بواقع ديوان
    في كل شهر. ونسيت أن أقول إن القصائد التي أنسانيها الشيطان
    قد تألف ستة أو سبعة دواوين على أقل تقدير (الله يقطعك يا الشيطان)،
    وأنه كانت لنصائح وإرشادات ابن عمتي عمر (ما بقصد الريّس) أثراً
    كبيراً في مسيرتي الشعرية القصيرة، حيث كان يقدم لي العون والدعم
    المعنوي، وهو الذي أسدى إليّ نصيحة غالية وهي ألا أعلّم قلمي (الهوبان)
    أي أن أكتب كل خاطرة تأتيني وأن أكتب في كل المواضيع دون الاهتمام
    بالنتائج التي قد تترتب على ذلك، فتناولت في قصائدي مواضيع عديدة،
    فكتبت في النساء والجمال والحب والأطفال والسياسة والرياضة وحرب
    النجوم والبيروسترويكا وطالبان والمعارضة وسوداتل. والتزمت في كل
    كتاباتي باتباع الشعر العمودي المقفى، وأكثر ما كنت أكرهه شعر
    الحداثة، لأنني رجل دغري ما بحب اللف والدوران، وما عندي زمن للتخفي
    وراء كلمات مبهمة وخيالات عمياء، بالإضافة إلى أنني ما بحب الفلسفة
    والفلهمة العوراء.
    وقد قمت، بمساعدة بعض أصدقائي من رجال المال والأعمال المرموقين أمثال
    شريف الحرامي وحماد أبو ضراع وصلاح بيرة، قمت بتوزيعها (لا أقصد البيرة
    بل الدواوين)، قمت بتوزيعها داخل السودان على مختلف المدن والقرى،
    مستغلاً علاقاتي المشبوهة مع بعض رؤساء اللجان الشعبية سيئة الذكر، حيث
    كانوا يجبرون المواطن المسكين على شراء كتاب واحد مع كل كوتة من
    سكر التموين، متذرّعين بالشعار الجميل (ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان)،
    وكأن الناس وجدوا الخبز حتى يبحثوا عن غيره، واستطعت بفضل هذه الخطة
    الجهنمية الشيطانية أن أوزع الدواوين الخمسة بمبلغ كبير، حيث كانت
    النسخة الواحدة تباع بثلاثين ألف جنيه، ويعتبر هذا السعر خرافياً إذا
    قورن بجودة الشعر، وقبلت هذه الخطة رغم عدم أخلاقيتها لأن الشيطان صوّر
    لي بمكر شديد (أخير القروش دي تشيلها إنت ما يشيلوها ناس النفايات).
    وبعد الانتهاء من جمع أموال بيع الدواوين الخمسة وتقديم الصدقات
    للفقراء والمساكين والرشاوى لبعض رؤساء اللجان الشعبية الذين ساعدوني
    بمكر ودهاء في التوزيع القسري للطبعات، قررت أن أحقق الرغبة الثانية
    وهي امتلاك وكالة سفر وسياحة تكون سكرتيرتها واحدة غاريها جمالها، حتى
    استمتع مجاناً بجمالها ودلها وتيهها، وحتى أسهم كذلك في تنجيض عباد الله
    بهذا الجمال الواثق المطمئن، فأنا شخص أحب الجمال وأقدس الخَلقة الحلوة
    (بفتح الخاء)، وتبارك الله أحسن الخالقين.
    ولكن القدر أراد شيئاً آخر، ففي اليوم الذي قررت فيه الذهاب لشراء
    وكالة السفر، حلف صديقي عبد العزيز طلاقاً بالثلاثة بأن أزوره في البيت
    لأفطر معه على شرف صديقه القادم من أمريكا.
    وبعد أن احتفينا بالضيف وطعمنا وشربنا، اقترح علينا مبارك، الضيف
    المحتفى به، بأن (ندوّر) قيم كوتشينة، وأصر عبد العزيز بأن أشاركهم
    اللعب، فرفضت رفضاً شديداً متظاهراً بأنه لديّ موعداً مهماً، رغم أنه في
    الواقع أنني لا أعرف أي نوع من اللعب (اللهم إلا اللعب على الدقون)،
    وتحت إصرار عبد العزيز توكلت على الحي القيوم وشاركتهم اللعب، وفي
    خلال نصف ساعة فقط خسرت كل الثورة التي جمعتها بعرق جبيني من النصب
    على الفقراء وبعتهم قسراً شعر تفعيلة عديم الفعالية، وهم كانوا أحوج
    للسكر والشاي والدواء والكساء، والمال الذي جمعته من الغلابة وطأه
    القمار، قاتل الله البوكر اللعين، واسأل الله أن ينتقم من عبد العزيز
    الحاسد الذي اكتشفت أنه دبر لي هذا الفخ الكبير.
    وأعلم في هذه اللحظة أن الكثيرين شامتون في مصيبتي ويرددون أن
    الحرام يذهب من حيث أتى، بينما يتظاهر عبد العزيز المكار بتخفيف
    الصدمة عليّ وهو يردد بأنها تجربة خطيرة جد واجتزتهاااا.
    نعم اجتزتها ولكنها رمتني في نهاية المطاف في خور المفلسين وأصحاب
    الجيوب النظيفة، وتبخرت معها أحلامي بامتلاك وكالة سفر وسياحة وبتعيين
    سكرتيرة فارعة حسناء فاقعٌ لونها تسر الناظرين.
    وتوصلت أخيراً إلى حقيقة أنّ ما بني على باطل فهو باطل، وأن مفهوم
    الغاية تبرر الوسيلة لا يعمل به إلا الشياطين، وقررت على ضوء
    ذلك تطليق الشعر بالتلاتة إلى يوم الدين.

    (عدل بواسطة Nasruddin Al Basheer on 05-31-2006, 06:27 AM)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de