|
|
 تسعة أعوام مرت ... ولازلت أفتــقد صديقي وأخي الكبير/الأستاذ حسن الباشا
|
كتب : صلاح الباشا :
نعم .... كان تاريخ الرابع عشر من مايو 1997م موعداً للإستئذان بالرحيل وبمفارقة هذه الدنيا، ففي التاسعة من مساء الأربعاء في ذلك اليوم الأكثر حزناً صعدت روح أخي الكبير الأستاذ حسن الباشا إلي بارئها بمستشفي ودمدني ، صعدت بعد عناء لم يتعدي الثلاثة أسابيع من المرض ، وقد كنا نحن أهل بيته في أمس الحاجة له ، فقد كان أنيسنا ، وموجهنا .. كان الراحل حسن الباشا هو الظل الذي نستظل به حين تدلهم الخطوب بنا ، فنجده دائماً سديد الرأي ، متسع الخيال ، ثاقب الرؤية ، وفوق ذلك كان دائماً متهلل الأسارير ، لم نجده عابس الوجه في أي يوم من الأيام ، ولم نشهده حزيناً أو يائساً من الدنيا برغم ظروف الأمراض التي كانت تحيط به من كل جانب منذ شبابه الباكر .. يضحك فيزيل عنا الهم والغم .. يبتسم في وجوهنا فننسي كل مآسينا... يطلق قفشاته ونكاته فتنطلق أساريرنا بالضحك معه ... ولقد كنت أقول للعديد من أهلنا ومن أصدقائه بأن مثل مواصفات هذه الشخصية المتمثلة في إنسان يسمي حسن الباشا لهي مفارقة الدنيا بأعجل مايكون الفراق . ذلك .. أن الله سبحانه وتعالي يختار إلي جوراه وعلي عجل من يحب . فسافر الأستاذ حسن الباشا علي عجل من أمره إلي الرفيق الأعلي قبل أن تنتهي حكاياتنا معه . وإنني إذ أكتب الآن عنه لأنني حتي اللحظة أحس بأنني في حاجة ماسة له ، وبالتالي لم أطق الإنتظار كثيرا في مدينتنا ( بركات ) حيث كنا نقيم ويقيم فيها هو حتي فارق الدنيا ، فقد أصبحت بركات بالنسبة لي بعد مغادرته الأبدية قد تغير شكلها وطعمها .. بل ورائحتها ، وكنت كلما أزورها تعاودني ذكري الراحل ... له من الله تعالي الرحمة والمغفرة.
وتتداعي الذكريات .. ويتواصل شريطها أمامي مذ كنت صغيرا جدا في مراحل دراستي الأولي والوسيطة حيث لازلت أذكر تماماً إمتلاء حوش بيتنا الواسع بأرتال من أهل الفن والأدب والعلم أيضاً ، كانوا مثل نوار الشجر في موسم الخريف الجميل ، كنت أراهم وأقف علي خدمتهم حيث هم يتبادلون الأنس ويطلقون الضحكات حين يلتقون في دارنا بالراحل ، كانوا هم الراحلون : بروفيسور محمد عبيد ، جابر عبدالزين ، علي محمد صديق ، محمد عثمان الفكي، عجب الدرديري. .. وكان الأحياء منهم يطلون علي دارنا من وقت لآخر حين تحين فرصة تواجدهم ببركات : الأستاذ التجاني الكارب ، دكتور أحمد محمد سعيد ، محمد مختار ( أكس ) ، عابدين عبدالرحمن ،أمين سعيد ، أحمد خالد ، عثمان الطيب ( موردة ) ، وكل زملائه بنادي بركات الجميل في أيام مجده حين كان الراحل من مؤسسيه حتي إعتلائه منصب رئاسة النادي الذي كان عملاقاً في كل الأنشطة برئاسة مشروع الجزيرة الذي كان هو الآخر عملاق الإقتصاد السوداني قبل أن تضربه الشيخوخة المبكرة في هذا الزمن الأكثر قسوة في كل شيء..
كنت أري أهل الفن والأدب من مطربين وموسيقيين وشعراء يقضون أجمل الأوقات في دار حسن الباشا : إبراهيم الكاشف ، محمد وردي ، صلاح بن البادية ، محمد الأمين ، أبوعركي البخيت ، رمضان زائد ، صلاح درويش ، خليل إسماعيل ، محمد مسكين ، حسن محمد أحمد ، فضل الله محمد ، علي إبراهيم علي ، عبدالعزيز المبارك ، سليمان أكرت ، عبدالرحمن خواجه ،وأهل الموسيقي : محمد مليجي ، مهدي خلف الله ، التهامي خوجلي ، صلاح مبارك ، صديق دفع الله ، أحمد عباس ، يوسف فضل الله ، عذ الدين فضل الله ، إسماعيل يحي ، الحبر سليم ، عبدالله حبة ، محمد باكوبا ، الرشيد عوض ، أحمد عوض ، عبدالعزيز بيز ، عبدالعزيز كيرتس، الفاضل السنوسي ، والإعلاميين أمير التلب ، والشعراء : يونس السنوسي ، ، بدوي بانقا ، كباشي حسونه ، والملحنين د. عبدالماجد خليفة ... وقد كانت دارنا ببركات تجمع كل هذه الوجوه المبدعة ، فكلهم كانوا يحسون بأن الدار دارهم وأن صاحب الدار أكثر من شقيق لهم ، فكان الراحل يمازح هذا ، ويداعب ذاك ، ويضحك بإستمرار حتي تستبين نواجذه ، وقد إمتد هذا التواصل المبدع حتي تأسيس الراحل في العام 1976م لدار إتحاد فناني الجزيرة في موقعها الحالي بشارع الجمهورية بودمدني ، حيث عاصر الراحل الفنان حسن الباشا فيها مجموعات وأجيال جديدة من الفنانين ، فكان كما يطلقون عليه ( الريس ) أخا كبيرا بارا بهم ، يحلحل مشاكلهم حتي علي المستوي الشخصي ، ويعطف عليهم تحت كل الظروف والمواقف ، شباب جميل من أهل الفن والشعر كنا نري مدي تقديرهم له ، الموسيقار د. الفاتح حسين ، محمد الحردلو ، عباس جزيرة ، الأمين جميل ، صلاح جميل ، عصام شرحبيل ،الرشيد كسلا ، علي السقيد ، فتاح السقيد ، حيدر الرفاعي ، محمود أبوالكيلك ، عبدالوهاب فضل الله ، الحاج الشيخ، صلاح سري ، صلاح ساتي ، خالد بشير ، فائز مليجي ، جمال عبدالرحيم الشاعر. .. كانت كل تلك الكواكب التي ظلت تمثل مجمل النشاط الفني بالجزيرة تحتفي دوماً بالقمر في داره وفي دار النادي بودمدني ، وكان القمر هو الراحل حسن الباشا ، والذي كان يضيء مجتمعاته بجميل تعامله ، وبتجرده وتفانيه في خدمة مجتمعه ، فقد خدم الفن ومن قبله خدم الرياضة ، وقضايا المجتمع بمثلما خدم إداريا مشروع الجزيرة ومصانع شرف العالمية فيما بعد ، مما أدي إلي فتح علاقات متميزة مع آل فتح الرحمن البشير وآل العمدة محمد البشير والممتدة مع إبنائهم حتي اللحظة. ونحن إذ نفتقده اليوم في ذكري رحيله التاسعة ، لا نملك إلا أن نترحم عليه وندعو بخالص الدعاء له بأن تكون منزلته في أعالي الجنان مع الصديقين والشهداء ، فقد كان حسناً .. حسن السيرة والسريرة ... وسنظل نفتقده مدي الدهر ..( وفي الليلة الظلماء ... يـُفتـقدُ البدر ُ) .. ويفتقده معنا أهل بركات الأوفياء ومجتمع ودمدني العريض أيضاً الذي يكاد الراحل يعرفه حارة حارة وبيت بيت .. والدوام لله وحده .. وطبت حيا وميتاً يا أبا أمير ،،،،،،،
|
|
 
|
|
|
|
Abulbasha
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست