اليد الخفية للجبلة السودانية (1) - د. عبدالله جلاّب جامعةولاية اريزونا:تمبي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 05:36 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-10-2006, 03:29 AM

د. عبدالله جلاّب


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
اليد الخفية للجبلة السودانية (1) - د. عبدالله جلاّب جامعةولاية اريزونا:تمبي

    رسائل من امريكا

    اليد الخفية للجبلة السودانية (1)

    د. عبدالله جلاّب
    جامعةولاية اريزونا:تمبي
    [email protected]


    الذين تعرفوا على السودان والسودانيين للمرة الأولى إتفقوا مع الذين ظلوا يراقبون المسلك السوداني
    لوقت طويل أو قصير زائرين كانوا أو دارسين, حكاماً كانوا أو تجاراً, بأن القاسم المشترك الأعظم بين السودانيين على طول البلاد وعرضها هو تلك الجبلة الصدوقة والودودة إضافة إلى تلك الروح المتسامحة. حتى أن بعض الأشقاء يصفوننا عياناً بياناً ونهاراً جهاراً بالطيبة وهو وصف في ظاهره الرحمة وفي باطنه العذاب. ومهما يكن من أمر فإن أى الوصفين لا ينفي عن السودانيين بعض عيوبهم المشتركة, ولايضخم من محاسنهم بصورة نهائية. فهم مثل غيرهم من البشر لهم ما لهم وعليهم ما عليهم من هذا وذاك. إلا أن لمثل ذلك السلوك العام, الذي يتميز بالتسامح والود, ما يمكن أن يترتب عليه في الحياة العامة. وإن كان الحديث الشريف يقول ما معناه كيف ما تكونوا يولى عليكم, فلابد أن يكون هنالك سر إلاهي عميق في أن سلط الله علينا من الحكام من لا يخافه ولا يرحمنا. و إن ظللنا ندعوه تعالي ليل نهار في قيامنا وصيامنا ألا يسلط علينا بذنوبنا من لا يخافه ولا يرحمنا, فلعل في مثل ذلك غاية العذاب. والأمر كذلك قد تكون بداية الإنعتاق والدخول في مجال وعي يمكن أن يلهم, محاولة التعرف على سر تلك الظاهرة وفحواها. علنا نتمكن من تحويل مفهوم المسألة من كونها غضب رباني, ولله في خلقه شئون, إلى ظاهرة إجتماعية يمكن الإستعانة على فهمها من واقع علم السوسيلوجيا و العلوم الإنسانية. إذ قد يكون في ذلك بعض الخير. بالطبع هناك العديد من الشعوب في أرض الله الواسعة متساوية أو أكثر أو أقل تسامحاً من السودانيين. لذلك لابد أن تكون هنالك من المعانى العميقة المترتبة على مثل ذلك السلوك. إذ من واقع تبادل أشكال التوادد والتراحم والتكافل تنمو وتتطور روح الجماعة لتكون عصب التكوينات التي تؤسس للمجتمع المدني وتتصاعد أكثر في الأشكال المتقدمة التي ينمو ويوطد بها المجتمع عقده الإجتماعي. فعن طريق الممارسات التي تتمخض عن الحركة العامة للمجتمعات تنمو وتتطور الأحزاب والمنابرالسياسية والإجتماعية والثقافية المتعددة والمتنوعة ويقوى عودها لتكون الموئل لإدارة الحوار وتحويل الصراع إلي قوة بنائية لا مداخل للعنف ومن كل ذلك يتجدد الفكر ومعاني التواصل والتداخل الإجتماعي وتكتسب المواطنة معانيها السامية إحتراماً لإنسانية الإنسان.

    ولما كانت تلك الملاحظات التي إتفق عليها أهل السودان مع غيرهم تظل متواترة فقد يكون من الأوفق أن نحاول أن نتتبع النسق الإجتماعي الذي ظل يفرزه نتاج ذلك التراكم المطرد للتجارب والتحديات والصراعات وكيفية إدارة كل ذلك في توافقه أو تناقضه وآفاق الخيال السياسي والإجتماعي. فعلى مدى خمسة قرون مضت تمكن السودانيون من بناء كيانات كبيرة إستوعبت الروح الجماعية والفردية للسودانيين. تمثل تلك الكيانات في تميزها الإطار العام للتجربة السودانية. هذا ومن جهة أخرى فقد ظل القرن الماضي شاهداً على محاولات النجاح والفشل في تحويل ذلك إلي كيان جامع أكبر وأكثر رحابة من تلك الكيانات. لقد تكونت القبيلة ككيان جامع لوحدات إجتماعية تداخلت من منطلق التصاهر والمصلحة المشتركة. ومن دينميكية دخول وخروج الأفراد والجماعات في إطار ذلك الكيان الجامع أصبح أمر العرق المشترك أقرب إلى أسطورة العنصر المؤسس للجماعة منه إلى العنصر ذاته. وبذلك فقد توافرت أعداد أفراد بعض القبائل وتضاءلت نسب أخرى من واقع عمليات متعددة فيها عنصر التناسل والإستجارة والضرورات ومقتضيات الأحوال وتحولات البيئة وسبل كسب العيش وغير ذلك. وقد لعبت روح الترحال القسري والطوعي دورأ هاماً في بسط روح المواددة والتسامح كأمر تبادلي: فالفولة سوف تمتلئ والبقارة ستجئ واردة. ويظل الأمر كذلك ما لم يحدث ما يعكر صفاء دورة الأشياء فينقلب الحال إلي صراع والصراع إلى عنف. حينها يكون لكل حال دينمكيته في إطار فرز وتداخل الأشياء.

    هذا من جهة ومن جهة أخرى نجد هناك كياناً آخر ظل يلعب دوراً أساسيأً في تقليص السلطة النهائية للقبيلة. ففي إطار حركة القطاع المسلم في البلاد, نمت الطريقة الصوفية ككيان أوسع من القبيلة. فقد تآخى الافراد والجماعات من مختلف المناطق والقبائل واللهجات واللغات في إطار كيان جامع له إمتداداته في التاريخ والجغرافيا. ولعل من ما وسع من إطار وآفاق الطائفة أو الطريقة هو أنها قد إعتمدت قدراً من المعرفة القائمة على القراءة والكتابة. والحال كذلك فقد اتسع نطاق الخلاوي والمساجد ومجالات وممارسات الطقوس واللقاءآت والتجمعات المتعددة. لقد ساهم المناخ العام لتعدد وتنوع الطرق الصوفية في ترسيخ روح التعايش السلمي في معظم الأوقات. الأمر الذي جعل كل محاولات فرض دين الدولة أمراً صعب التنفيذ سواء كان ذلك إبان دولة المهدية أو دولة الإسلاميين القائمة. هذا وقد لعبت الطائفة المسيحية دوراً مماثلاً في الجنوب. فالطائفة المسيحية هي الاخرى أوسع من القبيلة في إمتداداتها التاريخية وثقلها السياسي الذي له أمره التبادلي مع القبيلة. وإن كان للطريقة الصوفية مؤسساتها التعليمية, فللطوائف المسيحية أيضاً مؤسساتها التعليمية. بالطبع إن ضيق إتساع رقعة المسيحية يجعل المسيحيين أقلية في الجنوب بينما تظل الطوائف الصوفية تمثل الأكثرية في الشمال الأكبر.

    أما الفصيل الثالث فيتمثل في الكيان التجاري الذي قام على طبقة إقتصادية وإجتماعية هي أوسع من القبيلة وأضيق من الطائفة. فالدخول إليها لا يرتبط بقبيلة أو جماعة واحدة وإن ظل وثيق الربط بوضع إقتصادي ناجح ومتواصل. ومن جانب آخر فإن العمل التجاري يقوم على وينمي الروح الفردية. رغماً عن ذلك فإن السوق يفترض ويفرض تعاضضاَ وتواصلاً مهنياً وطبقياً في ذات الوقت. وللسوق أيضاً أساليبه المتميزة التي تعطي المظهر والعرض مكانة خاصة. من كل ولكل قواعد سلوكية وأشكال إجتماعية تحدث عن الوضع والمكانة الإجتماعية. ومن كل ذلك أصبح للجلابة أسلوب حياة و أحياء تميزهم ومدن تنمو أو تضمر أو تموت من واقع حركتهم الإقتصادية. وللسوق أخلاقياته الخاصة في التعامل لخصتها القاعدة الذهبية للسوق بقولها المأثور: اكلوا إخوان و تحاسبوا تجار. هذا بالإضافة إلى قواعد أخرى يحفظها الجلابة عن ظهر قلب ويتوارثونها أباً عن جد. وذلك هو كتاب الجلابة المحفوظ في الصدور. ويتلخص في كيفية المحافظة وتنمية المال. وفي هذا المجال يمكن أن يتجاوز الأمر ما يقع في مجال توسيع مجالات الربح إلى شئون التدريب وأساليب المنافسة وتطوير العلائق الداخلية والخارجية. وللجلابة تداخلاتهم ومداخلهم الإجتماعية القائمة على تبادل المنافع وبناء تحالفات في إطار الكيانات الأخرى. هذا وقد ظل مسلك الجلابة تجاه المرأة يستبطن عقداً طبقياً أكثر من كونه يستلهم عقيدة دينية. فخروج المرأة من دائرة المال إلى ما هو أدنى في سلم الثروة والوضع الإجتماعي عن طريق الزواج في معناه النهائي هو تفتيت للثروة. أما دخولها في مجال الثروة مهما كان وضعها السابق ففيه زيادة خيريصبح ذلك الخير خيرين إن كانت الزوجة ذات حسب أو نسب أو الأثنين معاً. لقد إنتشر الجلابة في بقاع السودان الواسع وتصاهروا مع كل القبائل والجماعات مما مدد من وشيجة القربى الجماعات السودانية ولكنهم في ذات الوقت ضنوا بنسائهم على من إعتقدوا بأنهم أقل كفاءة من الطرف الآخر الأمر الذي أورثهم ضغائن ومرارات عميقة. لقد ظهرت طبقة الجلابة الى الوجود بعد أن ضعفت ومن ثم زالت نهائياً سيطرة سلاطين الفونج على الصادرات والواردات في البلاد. وقد تعضد نجاحها على ما توافر من فيض الطائفة في توفير قدر من القراءة والكتابة والحساب والفقه. فعن طريق ذلك يصبح الإتصال المكتوب الموثق ممكناً ويمكن أن تضبط الحسابات وتسجل الديون والإستحقاقات ويتم التقاضي وفض النزاعات. ومن ثم تصاعد وقوي عود تلك الطبقة بتطور وسائل الموصلات والإتصال.

    نشر هذا المقال بجريدة الخرطوم 9 مايو 2006 **
    http://www.khartoumnewspaper.com/2006/5/9/page5.pdf
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de