دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
فى الرد على الأخ محمدين: لهجة دارفور وثق لها أدباء ورواة بقامة الشمس..
|
كتب الأخ العزيز محمدين, فى خيط الأخ محى الدين أبكر عيال ابكورة _______________________________________________________________ أكتب أخي محي الدين بنفس هذه اللغة القريبة منا ..(لغة أهل دارفور) .. وهو شئ حلمت به طويلأ ان يظهر نوع من الادب و الرواية يعبر عنأ نحن .. ربما في القريب سنشهد هذا الادب و الفن الذي ينبع من المحنة .. رسومات اطفال المخيمات في دارفور تؤكد ذلك .. _______________________________________________________________
وكنا قد وعدنا أن نرفد الخيط المعنى بمقالة قيمة لأستاذنا الجليل عالم عباس ,ثم فكرت أن أفترع خيطآ يلقى الضوء على الأدباء الذين سبروا غور هذه اللهجه الغنية وصاغوا من مجموع تراث المنطقه ولهجاتها أدبآ غنيآ عمل منذ عهد بعيد على نقل هذه اللهجه إلى العالمية وتعريف الكون بها,
أرسلت لأستاذنا الجليل عالم عباس رسالة أستميحه فيها نقل مقالته تلك إلى هنا, فكان كهدى به -هميمآ بشوشآ ومتواضعآ- وجاء رده ملبيآ لطلبى, فله التجله والمحبه, لاأطيل عليكم وإلى المقال المدهش, لنتعرف على دروب الوطن ,شوارعه ,حاراته ,مدارسه,نواديه وبواديه,تعالو انظروا دارفور من منظار الساحر,تعالوا وتعرفوا على
أديبنا العظيم إبراهيم إسحق إبراهيم,
(عدل بواسطة الجيلى أحمد on 10-03-2006, 10:30 AM) (عدل بواسطة الجيلى أحمد on 10-03-2006, 10:33 AM)
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: فى الرد على الأخ محمدين: لهجة دارفور وثق لها أدباء ورواة بقامة الشمس.. (Re: الجيلى أحمد)
|
إبراهيم إسحاق إبراهيم شوقار الخريف الّليِّن (1)
(.. يا منجوهة، يا عايبة، يا فتّاشة تقول منخاس. زي السحاب حايمة، ما بتقعدي في الوطا.. لمّن داهو عرب الخلا شافو ولادتك...) ابراهيم اسحاق" الحلول عند القيزان 17]
أبو الشمقمق: لم يكن حدثا عاديا لتلامذة السنة الأولى بمدرسة الفاشر الأهلية الوسطى من شهر أغسطس عام 1960م. ففي عصر ذلك اليوم كان عليهم للمرة الأولى حضور الجمعية الأدبية بالمدرسة، تلك كانت من الأمور المدهشة لنا والتي كنا نتوق إليها بشغف واستغراب، فهنالك الكشافة بزيها وطوابيرها، ودراسة اللغة الإنجليزية، والتعرف على أمبو وبمبو (وأيام سيتنق آب Sitting up وأيام استاندنق داون) Standing down !!. في الساحة الشرقية أمام فصل السنة الأولى شمال مكتب المدرسين الشرقي كان الأستاذ محمد عبدالكريم، المشرف على الجمعية، جالسا على كرسي غير بعيد. أما نحن، فقد جلسنا على الأرض، أكثر من ستين تلميذا من مختلف الفصول وأمامنا منضدة أحد الأساتذة جلس عليها الطيب عبدالمجيد، طالب بالسنة الرابعة. رئيس الجمعية، وعلى يمينه هارون أبو بكر من نفس الصف، سكرتيرا. كانت كلمة سكرتير جديدة علينا ولم نستوعبها، وفي الخلف، من جهة اليمين كانت السبورة منصوبة وعليها التاريخ الهجري والميلادي، ثم في منتصف السطر التالي كلمة واحدة هي البرنامج)! لم نتعرف على معناها بعد. ثم الأرقام, (كل رقم في سطر)،1- القرآن الكريم 2- الوقائع 3- نشيد من تلاميذ السنة الأولى 4- كلمة المشرف 5- أبو الشمقمق 6- حكم وأمثال 7- قصة قصيرة 8- نشيد 9- …10- الختام. ... كلمة عن أبي الشمقمق يلقيها الطالب إبراهيم اسحق، هكذا قدمه رئيس الجمعية. انفجر التلاميذ ضاحكين عند سماعهم أبا الشمقمق فهو غريب الجرس, هل هو قرد أم لعبة، أم خرافة من الخرافات؟ لم نتوقف عن الضحك والهرج إلا بعد أن زجرنا الأستاذ. صعد الطالب إبراهيم اسحق، وكان ضئيل الحجم مثلنا، لا ينبئ أنه في السنة الرابعة. صعد إلى حيث جلس على الكرسي وبدأ يقرأ من ورقته التي أعدها يحدثنا عن أبي الشمقمق وحكاياه. منذ تلك الأمسية صار لقبه عندنا هو أبو الشمقمق. ما رأينا إبراهيم ألا تذكرنا أبا الشمقمق!!. عندما يتحدث تلميذ بالمدرسة المتوسطة في نحو الرابعة عشر من عمره عن أبي الشمقمق، فسيستطيع المتأمل أن يسبر أغوار ثقافة هذا التلميذ و اهتماماته منذ تلك السن المبكرة، ولأنباه حدسه من أية بيئة ثقافية خلفها معرفة وافية بالتراث العربي تنشّأ هذا الفتى، ذلك أنه وحتى اليوم فإن قلة من المهتمين هي التي تعرف عن مروان بن محمد (ابي الشمقمق)، ربما عبر معاصريه من أمثال أبي العتاهية وأبي نواس وبشار بن برد. أقول لا بد من بيئة ثقافية تسمح لمثل تلك البذرة أن تزدهر وتنمو، فكيف كانت بيئته الثقافية آنئذ؟
المشهد الثقافي للفاشر عام 1960 على بعد بضع وسبعين كيلومترا جنوب شرق الفاشر، تقع قرية ودعة الوادعة عند المصب الأخير لوادي ساق النعام حيث أقام الأهالي سدا يروضون به الوادي في رحلته الأخيرة يسقون به زراعتهم. الوادي والسد جعلهما إبراهيم بعدئذ مسرحا لروايته الأولى (حدث في قرية). بين الخلوة والمدرسة الصغرى انتقل إلى مدرسة الفاشر الأولية المزدوجة، لعام واحد، قادماً من مدرسة قريته الصغرى ( (Sub grade امتحن بعدها و قبل بمدرسة الفاشر الأهلية الوسطى. من المشهور عن الفاشر أنها مدينة العلم وحاضرة سلطنة الفور حتى سقوطها، وحتى عندما قهرها الاحتلال (1916 – 1956)، فما زالت مدارسها القرآنية تمارس دورها العلمي دون تدخل يذكر. وعندما شيدت بعض المدارس مثل المدرسة الأولية المزدوجة وبعدها المدرسة الأولية الشمالية، فإن المدارس الصغرى كان منتشرة حتى في القرى، إضافة إلى الخلاوى التي كانت لا تقتصر على تحفيظ القرآن فحسب، وإنما تعلم أيضاً الحساب وبعض علوم الفقه. كانت هنالك خلاوى مشهودة مثل خلوة الإمام عبدالماجد، وخلوة الفكي سليمان وخلوة الفكي عبدالمجيد نور الدين والفكي عبدالله البنجاوي وخلوة حي التجانية ، وخلوة الفكي حميدة وخلوة الفكي بشير وخلوة جامع الفيزان،و بعض المدارس الصغرى، وكثير غيرها. كان هنالك معهد الفاشر العلمي العريق، حيث يلتحق الكثير من طلابها بعدئذٍ بالأزهر الشريف وجامعات مصر، والمدرسة الأهلية الوسطى والتي بناها الأهالي عام 1945م والمدرسة الأميرية الوسطى، إضافة إلى مدرسة كمبوني و التي بدأت في كنيسة الفاشر لبعض الوقت ثم لم تستمر طويلاً. وفي عام 1960 تم افتتاح مدرسة الفاشر الثانوية. كانت في المدينة مكتبات عامرة تأتيها الكتب مباشرة من بيروت والقاهرة ، مثل مكتبة حسين عبود ومكتبة عبدالله الكتبي ومكتبة النهضة ومكتبة الجماهير وفيها كانت كتب مارون عبود وجبران خليل جبران، ميخائيل نعيمة، وكتب دار العودة ودواوين أيليا أبو ماضي، والياس فرحات، ونزار قباني. كانت هنالك مجلة الآداب والطليعة والحوادث وكانت تأتي من مصر مجلات الهلال والمختار من ريدرز دايجست و المصور وآخر ساعة والاثنين وروزاليوسف وصباح الخير، وروايات إحسان عبدالقدوس، والسباعي، ونجيب محفوظ. تتنافس في ذلك مكتبة النهضة ومكتبة الجماهير الثقافية. كانت مكتبة الشيخ الصالح عبدالله الكتبي (والد المذيع المعروف محمد الكبير الكتبي)، المعروفة بتخصصها في كتب علوم الدين والفقه واللغة العربية، يقصدها طلاب المعهد العلمي وشيوخها وعلماؤها. وكان ثمة أنواع أخرى من الكتب من منشورات مصطفى البابي الحلبي وغيرهم، والتي تباع في أكشاك ومحلات عديدة، مثل قرة العيون ومفرح القلب المحزون والحصن الحصين وأبو زيد الهلالي، وعنترة، ومتن العشماوي و ابن الجزري، وفصوص الحكم، والأجرومية و السيرة النبوية، وبعض دواوين الشعر، ذات الطبعات الرخيصة و الورق الأصفر، وبعض الكتب ذات الخط المغربي و الرموز الغريبة، منتشرة عند بعض الباعة القادمين من غرب افريقيا. كانت الأندية الرياضية، المريخ و الهلال والأهلي والاستبالية، تقوم إضافة لنشاطها الرياضي بنشاط ثقافي و مسرحي يقوم بها الرياضيون من الطلاب و التجار و أصحاب الحرف، وخاصة ابناء الفاشر الذين يدرسون في حنتوب وبورسودان وخورطقت ووادي سيدنا، حيث كانت إجازاتهم مهرجانات ثقافية ورياضية عامرة وبهيجة. كانت الأندية رياضية وثقافية بحق، وكان الطلاب الذين يدرسون في مصر( الأزهر ودار العلوم و عين شمس)، يقيمون المحاضرات الثقافية و يحركون النشاط السياسي في المدينة وقتذاك. كان هنالك نادي الفاشر والذي بناه الأهالي أيضا ويحوي ملعبا للتنس ومسرحا ضخما وسيعا على الجانب الشمالي منه، أما الجزء الجنوبي فيضم مباني الأنشطة الاجتماعية والثقافية الأخرى، كالمكتبة وأماكن للعب الورق وتنس الطاولة والدومينو والطاولة ..الخ، كما كان هنالك نادٍ للعمال، جنوب شرق السوق الجديد. كان، كأنه شرط لازم أن يضم كل نادٍ مكتبةً مسؤولٌ عنها أمين من إدارة النادي. كان بالمدينة ملعبان للاسكواش. وملاعب للتنس في معسكر الجيش و بعض المدارس والأندية، وملاعب للسلة وكان هنالك نادٍ للصبيان، إضافة إلى دار ضخمة للسينما، حلت محل سينما نصار المتجولة. كانت هنالك المظاهرات التي يسيرها طلاب المدرسة الثانوية في كل عام يقام في نقعة الفاشر احتفال بثورة نوفمبر، فتطاردهم الشرطة، ويحتمون ببيوت الأهالي فلا تجرؤ الشرطة على ملاحقتهم. كان ذلكم هو مشهد المدينة بعد أربعة أعوام من استقلال السودان حيث شارك أهلها بحرق العلم الإنجليزي للمرة الأولى ، ذلك الحدث المشهود الذي سارت به الركبان .
رواية حدث في قرية: تم قبول إبراهيم اسحق بمدرسة الأحفاد الثانوية بأم درمان فانقطعت أخباره عنا، بعدها تخرج من معهد المعلمين العالي (كلية التربية بجامعة الخرطوم) أستاذا للغة الإنجليزية وخلال دراسته بالاحفاد تفتقت عبقريته في الكتابة، فلقد كانت مدرسة الأحفاد غنية بحق. فمن أساتذتها، عبدالله الشيخ البشير، ويوسف بدري، عبد الله البنا، علي عبد الله يعقوب، موسى المبارك، محمد الجاك عامر وعلماء مرموقون عديدون. وكان طلابها يشاركون في المناشط الثقافية والصحف بشكل لافت في حين كان أقرانهم في الأهلية أم درمان ومدارس الخرطوم أقل مشاركة آنذاك في المناحي الثقافية العامة، و أكثر عناية بالمقررات المدرسية، هكذا حدثني ابراهيم. ونحن في سنواتنا الأولى في الجامعة نشرت رواية (حدث في قرية) عام 1969م في طباعة ببروتيه أنيقة ضمن عدة أعمال قام بها القطاع المسؤول عن الثقافة والنشر بإحدى وزارات الحكومة في نهايات العهد الديمقراطي الثاني ضمن أعمال قليلة مختارة. وإذن فلم تكن مصادفة أن يتم اختيار رواية حدث في قرية ضمن تلك الأعمال القليلة التي انتخبت، ليتم نشرها وطباعتها في بيروت، ذلك أن اللجنة كانت تضم أدباء مرموقين ممن لهم إسهام مشهود ورؤية نقدية بصيرة، كالمرحوم عبدالله حامد الأمين والدكتور عبدالله علي إبراهيم أمد الله في عمره وآخرين، ولا بد أنهم أدركوا التمايز والجدة والمقدرة الفنية العالية في تلك الرواية عندما أجازوها للنشر، رغم لغتها غير المعتادة والتي قد تبدو عسيرة لأول وهلة.
الصدمة: عندما صارت الرواية في أيدينا نحن ابناء دارفور، كنا أقل الناس احتفاءً بها، و للأمانة، فإنه يمكن القول بأنها كانت صدمة للكثيرين منا، و تبرأ بعضنا منها كأنها معرَّة! لم ننتبه إلى فنياتها و لا إلى غناها ولا إلى لغتها المدهشة. لا، بل أكثر ما أثار حنقنا، تحديداً، هي لغة الحوار فيها. ذلك أن اللغة العربية الدارجة في دارفور، وتحديدا في بعض البيئات التي لم تتلق حظا من التعليم، كان مما نشَّؤُونا على النفور منها نفوراً سافرا،ً لذا فقد كان استفزازاً مباشرا لناً أن نراها موثقةً في كتاب ! لم ينشأ هذا الحنق وهذا الغيظ من غير مسوّغ، و لفهم الأسباب، ينبغي إدراك ما يلي: دارفور تضم داخلها عشرات القبائل، وأغلب هذه القبائل لا تتحدث العربية، وإنما لها رطانتها التي تميزها و لسانها غير العربي. و لأن أغلبها تدين بالإسلام، فقد كانت العربية هي لغة الدين و العلم و التواصل بين القبائل، و لقد شجع سلاطين دارفور تعليم اللغة و جلب العلماء من مختلف الأمصار، و بالخصوص، المغرب العربي، فصارت الفاشر العاصمة الحضارية لتلك السلطنة حيث ازدهرت فيها المساجد و مؤسسات التعليم فبلغت شاوا بعيداً، و لأن العربية هي لغة القرآن و الحضارة و الثقافة السائدة الغالبة، فقد عني بالإهتمام بها عناية فائقة. و يتعجب المرء إذا تيسر له أن يرى عن كثب، كيف تتحايل و تخترع هذه القبائل من الوسائل المدهشة في سبيل اتقان هذه اللغة، وخاصة فيما يتعلق بالقرآن وحفظه، إلى درجة أن يخبرك تلميذ منهم، على سبيل المثال، كم مرة وردت في القرآن لفظ "أن"َّ وكم لفظ "إن"، وما هي الآيات التي تبدأ بلفظ" و لقد"، وفي أي السور، وكم مرة ورد لفظ الجلالة مجرورا، وذلك عبر رموز يكتبونها في أسفل اللوح يسمونها حبالاً! و مع ذلك فستجد أن في لسانهم بعض عجمة، وأن بعض مخارج الحروف عسيرة عليهم وتحتاج بعضها إلى دربة. ولأن مدينة الفاشر هي عاصمة الثقافة فكان الحرص على سلامة اللغة يتم تعهدها وسط الطلاب و التلاميذ، الذين يفدون من كل أنحاء السلطنة ومن مختلف القبائل قادمين برطاناتهم وأساليب نطقهم، مما يستوجب قدراً ضرورياً من الصرامة حتى تستقيم ألسنتهم، سيما وأن أكثر القادمين من القرى، تتراطن و لا يتم استعمال العربية إلا عند أداء المناسك أو التعامل مع القبائل الأخرى. لذا فقد نشأت في الفاشر لغة هي أقرب للفصاحة ، يحرص المعلمون على أن يتجنب التلاميذ لغة العامة، وخاصة لهجة وطريقة أهل القرى، سكان القيزان أو (القوَّازة) كما يسميهم أهل الفاشر، لذا كان مصدراً للسخرية كل من يتحدث بعبارات (القوازة) باعتباره شخصٌ جاهلٌ غير متحضر. تغذي هذه النزعة الوالدة في المنزل، والأب، والمدرس والأخ الأكبر، بل والشارع داخل المدينة. ومع الزمن فقد نشأ حاجز من النفور ضد تلك اللهجة الدارجة في أوساط المتعلمين من ابناء الفاشر، أعماهم عن تفحصها وإدراك غناها و مقدرتها الفائقة على التعبير. فإذا أضفنا إلى ما تقدم، المكانة السامية التي تحتلها الكلمة المطبوعة في وجدان أهل الفاشر باعتبارها اصفى و انقى صور التعبير، فذلك ما قد استقر في الوجدان في بيئة تجل الكتاب، وتعنى به غاية العناية، و إذن فلم يكن من اليسير تقبل تلك الصدمة دفعة واحدة، بأن نرى ما تربينا على ازدرائه مطبوعاً في كتاب!!. بدا لنا أن هذا الكتاب (الرواية) يفضح كل ما جهدنا أن نحاربه و نتعالى عليه! كأننا كنا نريد أن نقول إن هذا الكتاب يسيء إلينا ونحن لا نتحدث هكذا!! الذائقة الرفيعة غيرأن فتىً نابهاً من ابناء دارفور، حباه الله ذائقةً رفيعة وناضجة، رأى في الرواية عند صدورها، فتحاً جديداً في الروايات. انتبه إليها بحسه الناقد و تبين له مكمن الجمال و الابداع فيها فاحتفى بها أي احتفاء، وجرد قلمه الفصيح منافحاً عنها، مستجلياً جمال السبك و روعة الحوار و حيوية اللغة غير المألوفة في أوساط متعاطي ثقافة تلك الأيام. ذلك هو الآستاذ شمو إبراهيم شمو، أحد أبرز أبناء دارفور، و اكثرهم عنايةً بتراثها، والمسحور أبداً باسلوب أهلها في التعبير. كان يومذاك في أواخر دراسته الجامعية في كلية الآداب جامعة الخرطوم، ولقد سجل شمو مقالات نقدية للرواية تعد، و حتى اليوم، من اعمق الدراسات النقدية التي تناولت رواية (حدث في قرية)، و رواية (أعمال الليل و البلدة). و تتالت الدراسات و المقالات النقدية عن الرواية، وبينما ركزت بعضها في غموض اللغة و عسرها، كان آخرون، يدافعون عن تيار الرواية الجديدة و لغتها، و أساليبها. و من حسن الحظ، في تلك الأيام، و عقب ثورة اكتوبر فقد برز تيار ثقافي في السودان يحمل لواءها جماعة "أبا دماك" و أهل التيار الاشتراكي، يحتفي بالتعبير باللغة العامية، و خاصة في مجال الرواية والقصة القصيرة و لغة السرد و الشعر، ولذا فقد وجدت تلك اللهجة في الرواية من الأنصار ما حيّد به الفئة التي ترى في التعبير بغير الفصحى خروجا عن قواعد الإجادة والقدرة، أو هو صنو الإخفاق و العجز! أقول من حسن الحظ لأنه لو لم تكن تلك الظروف مواتية، لما أجازتها اللجنة لتطبع، كما أن اختيار اللجنة ذاتها جاء من عناصر و في ظروف و متغيرات سياسية مواتية. عندئذٍ انتبه المثقفون من ابناء دار فور إلى ما بين أيديهم، و عندما صدرت الرواية الثانية (أعمال الليل و البلدة) كان الانطباع جد مختلف، واكثر قبولاً وترحابا، بل تجلى للكثيرين مكامن الجمال في اللغة والسرد و بدا الاحتفاء الحقيقي بالروائي ابراهيم اسحق.
يتبع...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فى الرد على الأخ محمدين: لهجة دارفور وثق لها أدباء ورواة بقامة الشمس.. (Re: الجيلى أحمد)
|
(2) في رفقة الشاعر الإنسان النبيل:توطدت صلة ابراهيم بالنور عثمان ابكر، حين نقل الأخير رئيساً لشعبة اللغة الانجليزية بمدرسة محمد حسين الثانوية حيث كان يعمل ابراهيم آنذاك. قبلها كان ابراهيم قد التقى بالنور في الندوة الأدبية التي كان يديرها في منزله كل جمعة، الاستاذ المرحوم عبد الله حامد الأمين. كان النور في تلك الفترة محرراً للصفحة الأدبية بجريدة الأيام وكانت في أوج ازدهارها. بعدئذذٍ توطدت الصلة فخلال تلك الفترة نشرت الرواية الثانية لإبراهيم (أعمال الليل و البلدة)، كما نشرت له عدة مقالات في الصحافة. وهكذا جمع كليهما اهتمام واحد، ضاقت المدرسة بنقاشهما واتسعت الدائرة وانتقل الحوار و الاهتمام إلى منزل النور. كان النور نعمة كبرى على كثير من الأدباء الشباب في ذلك الوقت الجميل من بداية السبعينات. فأضافة إلى المنبر النقدي الذي يوفره للموهوبين وجلسات الاستماع والحوار المثمر الذي يتهيأ لهم في ابراز ابداعهم، كانت مكتبته الغنية لايبخل بها على أحد يلتزم باحترام الكتاب و إعادته. و كعادته فهو صارم مع بعض و متساهل مع الآخر وفق مقتضيات الحال. و كان كريماً إلى أبعد الحدود ونبيلاً إلى حد مدهش، ومتسامحاً و منفتحاً، وحسه النقدي لا يخيب. بيته مفتوح لأصحابه في كل وقت. وهكذا بدا بديهياً أن تتوثق المودة ، فقد كان النور مفتونا بقدرات ابراهيم و إمكاناته الروائية، كان للنور القدرة في الصبر على لغة الحوار والألفاظ "الدارفورية" التي تطرق اسماعه للمرة الأولى، وافتتاح مغاليقها، ومن شدة ولعه بذلك زار الفاشر و استمع و خالط الناس هنالك مما يسر له الأقتراب أكثر من عالم ابراهيم والدائرة التي تحيط بأحداث و شخوص رواياته، فازداد افتتاناً وصار اكثر النقاد عمقاً في معرفة أعمال ابراهيم و مزاجه. كان النور يقول لي أنه ينتظر اليوم الذي يدخل فيه شخوص ابراهيم المدينة وينالون قدرا من التعليم وينتظر بفارغ الصبر كيف يتكلمون حينذاك!! وليس غريباً أن تجد لدى النور الكثير من أصول أعمال إبراهيم الروائية و القصصية، ربما لم يحتفظ بها حتى ابراهيم نفسه. وهكذا حين يتعذر لدى ابراهيم العثور على بعض نصوصه، فإن أول ما يستنجد به في الكربات ، هو النور وحقيبة أوراقه التي كجراب الحاوي، يستخرج لك منه ما لا يخطر على بال! النور وإبراهيم ما زالا على صلة رغم المسافات( النور في الدوحة و ابراهيم في الرياض)، وما يفتأ ابراهيم يلهج بذكر النور، وأثره على النطاق الشخصي و الابداعي، ولم يكن حين أهداه روايته ( أخبار البنت ميا كايا) ، إلا عرفان منه ببعض جميله وتعبيرا للمحبة والوفاء، فكلاهما يكن للآخر الود والاحترام العميق. عثة الكتب (The Book worm): الذين التحقوا بالمدارس من الخلوة بينهم وأقرانهم شأو بعيد، خاصة فيما يتعلق بالقراءة و الكتابة. ولأنهم يدرسون صباحا و ظهراً و عشاءً، فمجال اللعب لديهم جد محدود، و أقل هؤلاء حظاً من كان ذووهم هم أهل الخلوة، أو المعلمون فيها، عندئذٍ تتضاعف أعباؤهم، وعقوبتهم أنكى إذا ما تقاعسوا أو تراخوا في التحصيل. أمام جفاف حياة الطفولة هذه، المحظوظون منهم يجدون كتباً، ربما في السيرة أو الأخبار، وبعض التفاسير سواء في المنزل أو الخلوة، وعندئذٍ فالعثور على شيءٍ كهذا كالعثور على كنز! ينفتح أمام الطفل عالم من السحر والاكتشاف في تلك السن المبكرة، و مجال للمتعة ينسيه عن أي حرمان يعانيه من اللعب و معايشة طفولته، و يسلم من أي انتقاد أو توبيخ طالما ظل و في يده كتاب، حتى و إن كان الكتاب قد لا يلائم سنه! مشهد تتباهى به الوالدة، و يشجعه الأب، ويلاقي الاعجاب و التشجيع من الجميع. مدرسة الفاشر الأهلية الوسطى في أواخر الخمسينات و أوائل الستينات، كانت بها مكتبة زاخرة، تحوي كتباً عديدة باللغة العربية و الانجليزية. قرأ ابراهيم الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني تجريد ابن واصل، و الكثير مما تضمنته تلك المكتبة، وكان مما يعاقب عليه الطالب، إذا تم ضبطه وهو يقرأ إحدى روايات الجيب، و قد كانت آنذاك منتشرة و رخيصة، ذاك لم يمنعنا من قراءة الكثير منها، و خاصة روايات اللص الظريف أرسين لوبين و التنافس في كثرة القراءة. ولتلامذة حرموا من الكثير من متع الطفولة، سواءً في القرية أو المدينة، فقد كان الكتاب، هو اللهو المباح والسمير و النجي و الملاذ الآمن و وغاية المتعة. وهكذا فإنك لا ترى إبراهيم على حالٍ ما، إلا و رأيت وفي يده كتاب وقلم رصاص. من الطريف أن وجود القلم مع الكتاب لدى ابراهيم هو أكثر تلازماً من القلم و الورقة! ابراهيم يقرأ بقلم الرصاص، و إذا رأيت كتبه فستجد أنك أحياناً تقرأ في كتابين، أحدهما خطه ابراهيم، معلقاً أو مستدركاً على المؤلف، أو تنصيصاً يعود إليه ذات يوم. ولديه قدرة نادرة في تذكر ما يقرأ. تتعجب أكثر حين تعلم ما يقرأ و اهتماماته في القراءة! كتب لم تسمع عنها، مخطوطات لا تعرف من أين يأتي بها وعناوين في غاية الغرابة، ومواضيع، تتعجب كيف يجد الوقت لقراءتها و من أين وكيف اهتدى إليها!! كثيراً ما يكتشف أثناء قراءته، كتاباً أو صحيفة، أن هذا الذي يقرؤه كان قد صادفه في مكان ما، ثم ما يلبث أن ينقب، إن لم تسعفه ذاكرته في التو، ثم يجد الاقتباس أو السرقة، حدث ذلك كثيرا مع عديدين. على سبيل المثال، نشر سمير عبد الرازق القطب كتابه المسمى " أنساب العرب"، فبالإضافة إلى ما أورده من سرقات في هذا الكتاب, فقد زعم أنه زار بادية السودان ، و كان ما كتبه حول هذا الأمر مسروق بالكامل ، حوالي ستين صفحة، من كتاب حسن نجيلة " ذكرياتي في البادية". نشر ابراهيم هذه الفضيحة في صحيفة الجزيرة السعودية.عدد 9 يناير 1983، وغير هذه كثير. المرحوم الدكتور محمد عبد الحي يسميه "عتة الكتب" وكان بينهما نقاش طريف، سيما، و كلاهما متخصص في اللغة الانجليزية و آدابها، و لا يخفي ابراهيم اسحاق إعجابه و تأثره بالروائي الأيرلندي "جيمس جويس". و حين أشرف د. عبد الحي على مصلحة الثقافة أول إنشائها، و تأسست مجلة الثقافة السودانية، تلك المجلة الثقافية رصينة ترأس تحريرها وسكرتارية المرحوم الشاعر عبد الرحيم أبو ذكرى. وبدءاً من العدد الثاني كان ابراهيم اسحاق من أكثر المساهمين في الكتابة فيها، ولسنوات حتى توقفت مؤخراً عن الصدور مع الأسف!! زرته، لعل ذلك كان عام 1971 لإجراء مقابلة معه للملف الأدبي بمجلة الشباب. المجلة نفسها التي نشر فيها الأستاذ شمو أبراهيم شمو، عام 73 أفضل دراسة نقدية قدمت لرواية" أعمال الليل و البلدة "، استخدم شمو كل التقنيات النقدية التي توفرت له، و قراءته العميقة لأعمال ابراهيم، و ربطه لأحداثها و الشخصيات و الحيل الفنية الرائعة التي يستخدمها في رواياته، و اطلق شمو عندئذٍ نظريات عديدة للرؤية الروائية، وبناء الشخصيات، وما سماها بنظرية الإلغاز "PUZZLING" في البناء الدرامي للرواية. ... أقول، عند زيارتي إليه آنئذٍ، و حين استضافني في غرفته بمنزله في الحارة الخامسة بمدينة الثورة، هالني أكوام الكتب التي ضاقت ا الغرفة عنها وعن مكتبه المنزوي في الركن القصي منها. بدا لي يومذاك، أن الغرفة على سعتها قد ضاقت، بحيث أنها قريباً، ستلفظ أحدهما خارجها، إما الكتب و إما ابراهيم! قلت له إن لم ينتبه، فسيلاقي وشيكا، مصير جده أبو عثمان الجاحظ[/size]!! صورة فنان " PORTRAIT OF AN ARTIST منذ معرفتي به ظلت صورته في نفسي شخصاً بالغ العناد. ذلك العناد الصلب الذي ينعته البعض بأنه صعب المراس ، و كما يقول أهل دارفور " راسو قوي". هذا العناد الصلب و المراس الصعب و "قوة الراس" هذه لا يعنينا منها إلا الجانب الإيجابي وفي مكانه المناسب تماماً، ربما يستعاض عن هذا التعبير بعبارة أفضل كقولك " الإصرار أو العزيمة" Determination " ولعل لفظ اليقين أو الإيمان"أقرب التعابير و أدقها، لكني مع ذلك واخضاعا لتعابير البيئة، أجد تعبير " راسو قوي" أكثر دقة في توضيح ما أريد التعبير عنه.سألته و أنا أعد هذه المقالة، فقلت له: أنا أعرف قدراتك اللغوية و التعبيرية، وحين اخترت لغة الحوار في روايتك للمرة الأولى باللهجة المحلية العسيرة الفهم، لمن لم يألفوا هذه اللهجة،ألم يدر بخلدك أنها قد ترفض؟ ألم تسمع منتقدين لهذه اللهجة غير المألوفة؟ ألم يساورك هاجس أن تستبدلها بأخرى غيرها أكثر قبولا؟ أجاب بأن ذلك لم يكن ليهمه إطلاقاً. سألته عن أعماله قبل " حدث في قرية "، قال لم تكن لديه أعمال قبلها، ذلك أن كل ما قبلها كان قد أحرقه! قال لي أنه كتب رواية "حدث في قرية" و هو في سنته الجامعية الثالثةو بعد أن قرأ أكثر من ثمانين رواية في ذلك الوقت لوليم فولكنر وهمنجواي و ديكنز و جراهام قرين و تولستوي وكل أعمال جيمس جويس وغيرهم من رواد الرواية الحديثة و نقادهم! منذ تلك السن المبكرة و التي كتب فيها روايته الأولى، كان يحس ، بل و يعرف أنه يكتب شيئاً جديداً غير مألوف في مجال الرواية السودانية. و بالرغم من أنه كان يرى أمثالها مما قرأ في الرواية العالمية، أو على الأقل من ناحية التقانة الروائية او المهارات و الأدوات، ألا أن اللغة التي كان يستعملها جيمس جويس في رواياته و خاصة ناس من دبلن " Dubliners "كانت بالنسبة إليه مفتاح الحل والمؤازر الذي جعله " يقوِّي راسه"و يتشبث بلغة شخصياته و يفرضها فرضاً، وقد استقر في وجدانه أن كل مايحتاجه هو قوة الرأس هذه و المزيد من الصبر و الدأب. ذلك العناد و الإصرار هو بعض مفاتيح شخصية ابراهيم الهادئة الرزينة . صبر إبراهيم على اللغط الذي دار حول لغة روايته الأولي ، واتبعها بالثانية (أعمال الليل والبلدة) ثم الثالثة (مهرجان المدرسة القديمة) وهكذا روَّض الناس على تقبل شخوصه ولغتهم . وتوالت الأعمال واتسع القاموس. منذ الوهلة الأولى تبنى إبراهيم مشروعه الروائي الضخم الذي بدأ بـ (حدث في قرية) ومنذئذ، فإن شخوص تلك القرية وأسلافهم وأحفادهم عبر الأجيال هو شغله الشاغل في رواياته المتعددة وقصصه القصيرة. أسرة آل كباشي هي القطب تدور الحياة بهم الى أن يرث الله الأرض ومن عليها . لا يسأم هو، ولا نحن نسأم ولا هم يسأمون . تنظر الى شخوصه فتجد أن الصبر والتحدي الى حد القسوة هي جبِلَّةً فيهم، لكن كل تلك القسوة ليست اكثر من قشرة، ترقُّ وتقسو حسب مقتضيات الحال ، أما في أعماقهم فهم مسالمون وديعون، تجد ذلك في شخصية المؤذن العجوز حين ييأس من أهل القرية في تجديد بناء المسجد، فيقوم بالعمل وحده ، (محاربة المؤذن العجوز) تجد ذلك في شخصية (شمسين) حين يتحدى، دون أن يرمش له جفن وهو يتلقى السياط الحاقدة من غريمه حمودة ود بسوس ، وترى التحدي القاسي الى درجة القتل وتقطيع الأوصال، (تسعيرة قارورة بلالاوية)، تراه في ست النفر في كبريائها القاسي وهي تعمل في زرعها ليل نهار حتى الموت في (سفر ست النفر بت شيل فوت) ، نرى ذلك في حاجي وهو تلميذ في المدرسة يتلقى الجلد بثبات وتحدٍّ قاسٍ، (أعمال الليل والبلدة)، تراه في المقداد ود جليلة مع مدرسيه وأقرانه ، وهبَّاته في صباه، (عنتريات المقداد ودجليلة) وتتابع التحدي والإصرار القاسي في التكروري الذي قذف بالسائق داخل البئر (القصاص في حجر قدو) .. و هلم جرا . الأحداث في قصص إبراهيم تحركها الفواجع الكبيرة ، نجد ذلك بدأ من (حدث في قرية) و (أعمال الليل والبلدة) و (مهرجان المدرسة القديمة) وفي القصص القصيرة (تسعيرة قارورة بلالاوية ) .. الخ . إبراهيم يرى القرية كإنسان أصابه احتقان في الدم، لا يبرأ منه الإ بالفصد والحجامة ، يتدفق الدم المحتقن الفاسد ، وسرعان ما يبرأ ويطيب الجسم، تماماً كما أورد على لسان الغالي في قصة (انتداب للبيات في الرميمات) " ترا ما يحلها يا أهلي الا دم يسيل .. لعلو قدر غالب"! ولعل النقاد واجدون مبحثا غنيا وممتعا بتتبع هذا الأثر في أعمال إبراهيم . كنت أتحدث عن شخصية إبراهيم الهادئة الوادعة ورقته المتناهية ويتعجب المرء من عنفوان شخوص قصصه ورواياته والعنف والقسوة والفظاظة . ولعل ما أشار إليه الأستاذ شمو قبل ثلاثين عاما في دراسته عن أعمال الليل والبلدة ، ما زال نافذا ومتجذرا وصحيحا ، قال : (إبراهيم قد يعالج موضوعه بخشونة ملفتة لدرجة أنه أحيانا يجعلك تحسبه إنسانا مجردا من العاطفة . ولكنه يبقى في الحقيقة وعلى الدوام ، ماسكا باللحن التراجيدي يحتفظ به ظاهرا على الأقل لنفسه) . منذ كتابة هذه العبارة انتج إبراهيم العديد من الروايات وعشرات القصص ليؤكد هذا المعنى. ليت شمو يكتب الآن! ومعنى آخر أكده شمو، إن إبراهيم ، على عكس الكثير من الأدباء ، "لا يضع القرية في مقابل المدينة ( أو العكس) وصراعه ليس على الإطلاق بين المدينة والريف لكنه يستند على القرية نفسها ، وصراعاته تدور داخلها .. يتحسس نبضها ويتأمل مشاكلها وقضاياها الحياتية والمصيرية .. هو يغوص في أعماق البلدة ويقدمها لك في صورة غريبة ومذهلة وبمنتهى المحايدة .. وفي نفس الوقت بمنتهى الحيوية والدفء " أقول مرة أخرى أن كلمات شمو هذه هي من ثلاثين عاما، وقبل أن تولد الكثير من أعمال ابراهيم التي نراها اليوم وقد صدرت له آنذاك روايتان فقط .(حدث في قرية) ، و(أعمال الليل والبلدة) ، أقول أن كل ما تبع بعدئذ من أعمال إنما يؤكد نظرية شمو . ملحوظة أخرى ، في البناء الدرامي لإعمال إبراهيم وشخوصه تجد أن الشخصيات هي نفسها تتحرك صعودا وهبوطا في إطار الروايات والقصص. والأسماء التي تجدها في قصة أو رواية مهما صغر دورها لابد أن تعلق بذهنك لأنك ستجدها في قصة أخرى ذات صلة ، أو ربما تكون قد صادفتها من قبل . تجده إما راوياً أو مروياً عنه. ( حدثني إبراهيم بأن رواة سيرة آل كباشي في أعماله العديدة بلغت حتى الآن أكثر من ثلاثين راوية ) . وقد تصادف ابن الراوي أو أباه ، أمه أو أخاه أو صهره أو غريمه . حتى الغرباء الذي يأتون إن لم يتركوا ذرية ، فإنهم يتركون ما يدل عليهم بعدئذ ، زيدان الجلابي، في أعمال الليل والبلدة ، الموظف الحكيم في ( الحلول عند القيزان 17). التكروري الطويل الركين والقاسي ( القصاص في حجر قدو ) .. المدرس " شادي" في ( عنتريات المقداد وجليلة ). وحتى فلقة في ( أعمال الليل والبلدة)، هذه الشخصيات التي تبدو عابرة وكأنها قالت كلمتها ومضت، أنها لم تنته فآثارها تتداعى بأنماط مختلفة في كيان البلدة ونسيجها الاجتماعي تنعكس بصورة واضحة بعدئذ في آل كباشي ، وناس كافا، يستدعيها إبراهيم في الوقت المناسب. ثمة خيوط كثيرة تتشابك مثل نسيج العنكبوت في نظام دقيق وكل شخصية تتفتق بما لا يتصور وتأتي بالاعاجيب ، وكما جاء على لسان كلتومة في (تسعيرة قارورة بلالاوية ) " ياستنا ما قلنا ليك الرجال دناقر ..با بنية خالي ما قلنا ليكم الحقارة جسارة . ياتو يا جماعة كان يقول شمسين الهوين يسوى الشغل البسوى دا ؟ )..
لعلّ الأستاذ النور عثمان أبكر قبل ربع قرن كان ينتظر شخوص إبراهيم إسحاق، كيف يتكلمون ويتفاهمون حين يذهبون إلى المدينة ويتغيرون.. الخ / ما حدث كان أكبر من ذلك . إبراهيم نقل المدينة إليهم ، فإذا ( اللاندكروزارات ) تجوب تلال القرية ، وتنتشر المدارس حتى الثانوية ، ويقتني المزارعون القشارت و العصارات لمحاصيلهم ، وسعيد الكباشي يضرب بلواريه ونيساناته شرقاً وغرباً ، وأبناؤه يدخلون الكلية الحربية ولا يعدم واسطة يحتاجها وما زال كافا موارة بآل كباشي، وفي الظروف القاسية وفي زمن النهب المسلح. انظر ماذا حدث لهم و لما حولهم! ( ذلك الذي حدث لهم خلال العشرين سنة و زيادة...التي قضوها في الخلاء قد بذروا لأنفسهم مع الجماعات السارحة معهم، أهل السافل و الصعيد، ميدوب و معالية و كواهلة و زغاوة و بزعة، وقرعان و مهرية، و بديات، بذروا معهم عداوات و مرارات لا يستهان بها، و بذلك فقد لجأوا كلهم إلى الراقين و السحارين، و علقوا في أذرعتهم كتل الحجبات منها المضلة ومنها الميامين، أما بنادقهم و مسدساتهم و سكاكينهم و فؤوسهم، و قرجاتهم، و مصابيحهم، فقد تطورت مع كل تحول في نبرات و فورات الاحتكاك شبه اليومي، فوق كلأ الرميمات صعب المنال وفي مياه السانيات الشحيح.) ... (بعضهم في جرابه الآن الكلاشينكوف المطور ذو الخزنة المعقوفة بمسند الحديد الذي ينطبق .. و بعضهم له منظار مقرب يعلقه إن احتاج على البندقية الآلية الألمانية العنيفة الثقيلة ذات الأربعين طلقة.. أما هو فقد اقتنى العوزي الشرير، وفي صلبه مسدس أتوماتيكي بلجيكي، خزنته في المقبض، يسع لتسع صعاليك نحاسية منسلبة كأنها نوى تمرٍ غليظ) ..(الانتداب للبيات في الرميمات)..
**عالم عباس**
_ نشر المقال فى البدء بموقع سودانيات.._
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فى الرد على الأخ محمدين: لهجة دارفور وثق لها أدباء ورواة بقامة الشمس.. (Re: الجيلى أحمد)
|
اخي الجيلي احمد ..لك التحيةوالتقدير ..
لك الشكر علي حرصك و اهتمامك علي القاء الضوء علي اسهام ادباء بقامة و مكانة الاستاذ ابراهيم اسحق و جهدهم في ابراز جزء من التراث الدارفوري الممثل في اللغة العربية المميزة في دارفور ..
علي كل اخي الجيلي ما كتبته انا هنا للاخ محي الدين :
Quote: أكتب أخي محي الدين بنفس هذه اللغة القريبة منا ..(لغة أهل دارفور) .. وهو شئ حلمت به طويلأ ان يظهر نوع من الادب و الرواية يعبر عنأ نحن .. ربما في القريب سنشهد هذا الادب و الفن الذي ينبع من المحنة .. رسومات اطفال المخيمات في دارفور تؤكد ذلك .. |
ما عنيته في( نوع من الادب و الرواية )هو ظهور تيار او مدرسة تتكلم عن دارفور (البادية ) و (الجبل ) و (السهل ) .. مدرسة لا تحاول ان تثبت للاخرين عروبة دارفور بدليل اللغة المحكية فيها ..وقد قرأت للبعض في هذا مستدلأ من روايات و شخوص الاستاذ ابراهيم اسحق ما يعزز هذه الفكرة .. حلمي هو ان اري كتاب و ادباء دارفور يتحلقون ليكتبوا لا للآخرين و لكن لانفسهم اولأ ..حلمي ان أراهم يكتبون لنزداد ثقة في انفسنا لا ان نشعر بالدونية و التبعية ..وهو اقرب الي ما كتبه جان بول سارتر حين كتب مقدمة كتاب معذبو الارض لفرانتزفانون حين قال فيما معناه : (ان فانون و اهله من السود تحلقوا في نار لهم يتحدثون عن قضاياهم و مشاكلهم دون ان يعبأوا بنا نحن البيض هم يروننا لكنهم يتجاهلون و جودنا ) ..
ما كتبته للاخ محي الدين ابكر هو نوع من التحريض يتجاوز مجرد الكتابة للابهار و كتم الانفاس و انتزاع عبارات الاعجاب الي الكتابة عن المحنة الحالية ..الكتابة عن الاطفال و النساء و العجزي في معسكرات الخيش و البلاستيك هو تحريضي الاول .. شعرأ كان ا ورواية او رسمأ ..لعلك واجد اشارة ذلك في مداخلتي تلك .. ان لم نكتب نحن عنهم فأؤلئك البؤساء سيكتبون .. ان لم نرسم عنهم فهم سيرسمون ..ليسوا آحادأ و افرادأ بل جماعات صاروا يكتبون و يرسمون ..سيبزغ من بينهم تيار (حلمي) الذي أحلم به .. ذلك ما اردته في بعض مداخلتي هناك .. مع تقديري و محبتي ..
للانصاف قرأت للاخ عالم عباس شيئأ يتحدث فيه عما حدث في تلك الديار ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فى الرد على الأخ محمدين: لهجة دارفور وثق لها أدباء ورواة بقامة الشمس.. (Re: محمدين محمد اسحق)
|
الأخ العزيز محمدين, عاطر التحايا,
ليستقيم ردى أستميحك إيضاحآ, كتبت,
Quote: مدرسة لا تحاول ان تثبت للاخرين عروبة دارفور بدليل اللغة المحكية فيها ..وقد قرأت للبعض في هذا مستدلأ من روايات و شخوص الاستاذ ابراهيم اسحق ما يعزز هذه الفكرة .. |
هل تعنى أن الأستاذ ابراهيم اسحق فى رواياته وشخوصه,يحاول إثبات عروبة دارفور..?? مداخلتك كلها مهمه وتحوى آفاق واسعة للحوار, سأعود إليها حتمآ بالتفصيل,
مودتى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فى الرد على الأخ محمدين: لهجة دارفور وثق لها أدباء ورواة بقامة الشمس.. (Re: الجيلى أحمد)
|
نرفد الخيط أيضآ بهذا الحوار الطازج الذى أجرته صحيفة (الصحافه) مع الأستاذ إبراهيم إسحق, نورده هنا فقد يلقى مذيدآ من الضوء على أعماله وشخوصه مما يسهم فى دفع الحوار إيجابيآ,
Quote: حوار: أحمد عوض * ابراهيم اسحق ابراهيم كاتب روائي غني عن التعريف، ويعتبر من الجيل الرائد الذي حمل هم الرواية السودانية حيث نشر اول اعماله «حدث في القرية» عام 1969م، صدر له بعدها «اعمال الليل والبلدة»، «مهرجان المدرسة القديمة»، وأخيرا روايتي «وبال في كلمندو»، و«اخبار البنت مياكايا»، و«فضيحة آل نورين» وتتميز عوالمه الروائية بالثراء وتموج شخوصه بالحركة والحيوية. في هذا الحوار تحدث ابراهيم عن تلك العوالم، كما تطرق الحوار الى بعض الجوانب المتعلقة باسلوبه في الكتابة الروائية وقد تحدث باستفاضة برغم مشغولياته الكثيرة حيث جاء في اجازة قصيرة للسودان من مقر اقامته بالمملكة العربية السعودية فكانت هذه المحاورة الذكية: الروائي ابراهيم اسحق * في عالم ابراهيم اسحق الروائي تنطلق الكارثة كأفق جمالي لتصبح هي محور الحكي.. ظهور «الورل» في رواية «حدث في القرية» وقتله لأحد الفتيان، هذه الكارثة استثارت الجميع لكي يواجهوا الخطر فيما يشبه النفير، ثم تتناثر الحكايات.. ما هي آليات التوظيف بالنسبة للكارثة كعلامة جمالية في نسيج السرد...؟ - الجمالية في الحدث السردي هي في خلق مشكلة.. مثل رمي الحجر في البركة الساكنة.. وقد نسمع حركة في الماء وتنظر فلا ترى إلا دوائر التيار المنداحة.. وتمسسكك الظنون.. هل سقط هنالك حجر.. هل قفز ضفدع.. هل طلعت حوتة الى السطح الرائق فالتعمت شيئاً.. الاشياء التي اسميتها الكارثة هي احداث شبه يومية في حيوات كل البشر.. لكن وضعها تحت مشارط ومجاهر السرد الفني هو الذي يعطيها الضخامة والقدرة على توقير اعصابنا كمشاهدين أو قراء للتدفق الحديثي على التراتيب الجمالية.. الناس يقولون هنالك «ورل» أو «تمساح» لكن عثمان الراوي احدث في القرية لم يتأكد حتى آخر جملة قالها في الرواية وهو راقد يستمع الى خرير الماء في السد.. هنالك «شيء» سبب هذا الاضطراب الحدثي الذي جعلنا في كل انحاء السودان او العالم نتعاطف مع اهل الدكة ليوم كامل.. وهذا هو المهم. واذا كان الولد الذي جاء الى ام رحيمة وغادرها بعد شهور الى قوز الحماميض ثم الى ما لا ندري، اذا كان ميتاً او حياً لا يدري انقابو ولا برغوت ولا اهل كافا جميعهم.. التي اسميتها آليات التوظيف اشتغلت، فحفزت السردية وجماليتها، ومنحت للانسانية علاقة تبادلية ظريفة بين اهل كافا وبين المهتمين للقراءة عما يحصل لهم.. * في رواية «مهرجان المدرسة القديمة» يتعارض خطاب الطلبة مع المعلم الانجليزي - كيف هو - صراع الرؤى...؟ - نستطيع ان نقول ان المجتمع الصغير في الدكة واطرافها من كافا كانوا منزعجين جداً لنمط الحياة الذي فرضه عليهم الانجليز.. وهم في الحقيقة لم يكونوا ليعوا بالنهب الاقتصادي الاستعماري، لكنهم احسوا بالقهر والتشويه لقيمهم والاذلال لانسانيتهم والتشكيك حتى في عقائدهم (مثل سؤالات مدير المدرسة لذلك الطفل عن الله).. هنا نرى صراع الرؤى الذي يلزم للنقاد أن يجلوه للقراء.. * ابراهيم اسحق يعتمد على الراوي الشعبي كعنصر اساسي في السرد، هذا الراوي يتحلق حوله مجموعة من الناس وهو يسرد ويتجاوب معه الحضور كجزء من السرد يتفاعلون مع الحكاية، يضيفون إليها ويمنحونها التصديق.. هذا التكنيك هل تم استلهامه من الرواة الشعبيين، هل يمكن أن نقول ان هناك طريقة لكتابة الرواية او القصة هي سودانية بحتة....؟ - بالقطع نعم في السؤالين معاً.. لقد حاولت في محاضرتي بالامانة العامة للخرطوم عاصمة للثقافة العربية 2005 أن أوضح هذا المنطلق.. محمد المهدي بشرى كتب رسالته للدكتوراه عن المنهج والمحتوى السردي عند الطيب صالح عن اثر المحمول التراثي لدى الطيب صالح في تكييف ابداعه.. وقد حاولت في تلك المحاضرة ان اعود بما أسميته منهج الواقعية الاحالية، أن أعود به إلى منهجيات الثقافة الاسلامية العربية التي اتخذت شكلهاً علمياً وفنياً متقدماً جداً منذ القرن الثاني الهجري، وسيطرت على العلوم الانسانية عموماً حتى القرن السادس عشر الميلادي (التاسع الهجري) حين بدأت المناهج الاوروبية في التفوق علينا.. وبحكم توحد المد الحضاري الانساني فإن العالم كله، طالما تربطه الاتصالات، انما يأخذ بالمناهج الاكثر علمية وجمالية في كل عمر.. ولهذا استعرنا شكل الرواية والقصة القصيرة والمسرحية من النماذج الغربية بعد القرن التاسع عشر.. لكن هذه الاستعارة لا تمنعنا من أن نعدل في مناهجهم طالما هي لا تصلح لنا أو لا تعبر عن خصوصياتنا.. لقد ذكرت في تلك المحاضرة بأن احالة الكاتب معرفته الفنية الى «ربات الشعر» اليونانيات أو «شيطان الشعر» لدى العرب الجاهليين لا يناسبنا.. ومع ذلك فالدراسات النفسية، خاصة في القرن العشرين، ألزمت حتى المبدعين بأن تجلو مصداقياتهم وتتقيد بأبعاد الاستيعاب البشري للتجارب والوعي الانساني.. وبهذا رجعنا غصباً عنا الى رواية شاهد العيان عند جوزيف كوفراد.. ثم اكتشفنا ان رواة الشعب يعطوننا منهجاً ممتازاً للسرد نستطيع أن ندخل فيه اعقد ما لدينا من العمليات النفسية الباطنة مثل تيار الوعي والمونولوج الداخلي.. ولهذا فالسودانيون يكافحون ابداعياً لتحسين مصداقياتهم الفنية من خلال الاستلهام العميق لمناهج الابداع الشعبي.. * تتعدد أصوات السرد لدى ابراهيم اسحق ويغيب صوت السارد تماماً....؟ - هذا يرجعنا مرة اخرى الى تلك المحاضرة (18/7/2005م).. فقد أوضحت في مقابلات سابقة، وفي هذه المحاضرة، بأن رؤية ابراهيم اسحق هي رؤية كاتب العرضحال.. يُنمق ما يرويه له آل كباشي عما يدور في كافا، وحيثما يذهبون بعيداً عنها.. لهذا فوجهة النظر عما يحدث، في جميع رواياتي وقصصي القصيرة، هي وجهة نظر آلي كباشي.. وهذا في اعتقادي وضع مريح.. فأنا لا اتغول عليهم بإملاء أو بتشذيب، والقراءة لا يملكون الحق في تحميلي آراء ما أنا لها إلا بناقل.. * في قراءاتك الباكرة كانت هناك اعمال فوكنر - شيلوخوف، جويس.. ما الذي يمثله هؤلاء في التكوين الثقافي لابراهيم اسحق...؟ - بجانب شتاينيك وأوهنري وموباسان وأدجار ألن بو وكالدويل، وكلهم قمم في القصة القصيرة والحكايات، لم أتعلم كثيراً إلا من الثلاثة الذين ذكرتهم.. والسبب في غاية البساطة.. فقد علمنا إي.إم.فوستر ألا نكتب إلا عما نعرف.. وقد وجدت وأنا في الثانية والعشرين، حين كتبت (حدث في القرية)، انني اعرف كافا واهلها.. وهذا دفعني للقراءة والغوص في الطرائق التي كتب بها اولئك الثلاثة عن عالمهم المحدود وان لم يشبه كافا.. فالجنوب الامريكي عند فوكنر، ووادي نهر الدون عند شولوخوف، ودُبلن عند جويس كانت كافية لانتاج ابداع اعجب به العالم.. وهكذا اقنعت نفسي بأن عليّ ان اغامر مغامرتهم لأن مزاجي ربما كان مثل مزاجهم وان اختلفت القدرات والمشارب.. * اخبار البنت مياكايا - كانت تحتمل خروجاً عن بيئة دارفور - ما هي الاضاءة التي حملتها لقضية الحوار بين المجموعات السودانية....؟ - لم يكن الهم في (مياكايا) اكثر من فتح أفق للتعايش بين الحال والوافد.. فالعصبية العنصرية الشوهاء قالت للطرفين في بعض التعاليم بأن الدنيا تم تقسيمها منذ نوح بين سام وحام ويافث، وانهم لن يجتمعوا بعد ذلك قط مهما حسنت النيات.. هذا كبليج يقول: الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا.. نحن نتاج للتجاوز في هذه الاخلاقيات المضللة.. واذا كان للابداع ان يفيد الامة فهنا وضع ملح، وهو ان نقرأ كيف تعايش اسلافنا وتمازجوا عرقاً وثقافة حتى تكونا.. علينا ان نقطع الطريق على العنصريين والمتعصبين ونقول لهم ان الارض لله، وفيها متسع لكل نبي نوح، وان تعايشهم جيد ومثمر.. تلك هي الاضاءة للحوار بين المجموعات السودانية، مع الاخذ في الاعتبار بالاخفاقات من جانب الابداع أو من جانب المتلقين.. * عملكم في السيرة الهلالية وقبلها في الحكاية الشعبية في افريقيا.. كيف يمكن الافادة من التراث في العمل الابداعي....؟ - في الواقع كلاهما عمل أكاديمي له ما قبله وله ما بعده... والمعرفة الاكاديمية تنور الآفاق الاستيعابية للمبدع.. اوضحت في الاجابة عن السؤال الثالث بأننا استفدنا من التراث الشعبي في تكييف فنيات السرد.. واظن ان تشرب المبدع لهذا التراث الشعبي تلقائياً يمكن ان يسنده الاستيعاب الاكاديمي ولقد ذكرت عدة مرات بأن المبدع يعيد تركيب ما في عقله ووجدانه.. لهذا فالاحداثيات والصور التي يوظفها قد تأتيه من التراث دونما عناية منه لتحديد الطريقة التي يتحصل بها على مفردات التراث. * القصة القصيرة لدى ابراهيم اسحق؟ - العالم الذي يسرد مفرداته آل كباشي هو عالم واحد في وعيه بالكون، يستوي في ذلك ان كانوا في كافا أو ذهبوا الى فلادفستك.. لكن سردهم لمفردات هذا العالم يتفاوت حسب «المفجر» للحادثة التي يبدز منها السرد.. فالامر هو تماماً كما في النكتة.. إذا لم يضحك الجمهور فالنكتة ليست بنكتة.. واذا لم يصل القراء في نهايات الرواية أو القصة القصيرة الى المعنى او المؤدي المنسوج داخل السرد فليست هنالك لا قصة ولا رواية.. فاذا كان «المفجر الحدثي» محدود الشخصيات والتطورات فهنالك قصة قصيرة.. واذا كان «المفجر الحدثي» وافر الشخصيات والتطورات فهنالك رواية.. ولما كان العالم الذي يكشفه آل كباشي هو عالم لوعي كوني واحد، اصبح هنالك تداخل في الاحداث وفي الرؤى بين رواياتهم في القصص والروايات.. وهذا الوضع فيه جمالية وثراء ولكنه يلقي بالكثير من التعقيدات على قدرات القارئ في المتابعة.. اذا روى شخص مثل سيد ود خليل قصتين قصيرتين بينهما ثلاثون سنة، يفرض التكثيف ان ترد اشارات في القصتين تضع القرائن لما يلزم ان يكون من اتساق في رؤية الراوي للأحداث هنا وهناك رغم انه نفسه كان هنالك طفلاً والآن هو رجل مجتمع يؤبه له وله اطفال. * اهتم ابراهيم اسحق بأدب الرحالة.. كيف تنظر الى كتابات الرحالة عن السودان...؟ - هنالك مادة مهمة جداً توضح لنا صورة ماضينا وهي موجودة في كتابات الرحالة.. ربما لم أكن لاستوعب شيئاً مهماً عن صورة الماضي في النيل الابيض، من الكوة الى فاشودة، لولا ما كتبه الرحالة في القرن التاسع عشر.. واظنني استفيد كثيراً من كتابات ناختيقال ومحمد بن عمر التونسي عن دارفور. * يتخير ابراهيم اسحق مكاناً متخيلاً وهو «كافا» وأسرة «آل كباشي» كشخوص في البنية السردية لاعمالك الروائية.. مما يعني تتبع هذه الشخصيات في اعمارهم المختلفة.. هل يتم تحوير هذه الشخصيات وفقاً للنمو العقلي والعمري لك....؟ - هذا سؤال يدفعني لتكميل ما قلته من اجابة في السؤال الثامن.. والحقيقة هي ان عمر العرضحالجي لا دخل له بما في عرض الحال.. لكن عمر الذي يقدم العرضحال في نصين مختلفين لابد ان يكون قابلاً للملاحظة.. بهذه المقارنة، فالزمان والمكان يتغيران وتتغير البنية العقلية والوجدانية لرجلين مثل مسعود وعثمان، يفرق بينهما، بجانب الزمان والمكان، تعليمهما، وبالتالي ظروف حياتهما.. مسعود تاجر متجول تحول الى صاحب لواري وهو متزوج بشقيقة عثمان الصغرى رغم انه اكبر عمراً من عثمان.. هو يروى ثلاثاً من القصص القصيرة، ولا استطيع ان اتخيل استطاعة احد غيره من آل كباشي ان يرويها.. ثم يروى جليل، الأخ الأكبر لعثمان، وهو زميل دراسة لمسعود، يروى قصة عن تطور كبير في حياة مسعود وزوجته الاولى، وهي اخت جليل وعثمان.. وللمرة الثانية لا أرى كيف كان غير جليل من يروى هذه القصة.. عثمان يروى ثلاث روايات وأربع قصص قصيرة وبنفس المقاييس هو المناسب الأوفر لكي يعرض لنا وجهة نظره حول ما يحدث في النصوص السبعة..
العالم الذي أسرد مفرداته بقلم د . عبد الله صالح أبو بكر عندما سطر إمامنا المعري رهين المحابس الثلاثة قصيدته الشهيرة وقرر فيها تقريرا وجوديا أن : خفف الوطء ما اظن اديم الارض الا من هذه الاجساد كان عارفاً بمواقع «خلع النعلين» على دكة الشعر او عند حرم الابداع او في حضرة الذات الالهية صلاة ومكاء وتصدية أو ربما عند سماع حفيف اجنحة جبريل وهي تغازل الاسماع ايذانا بالحضور الجميل والجليل وما بينهما من احتمالات وفضاءات لا يرتادها الا الراسخون في العلم: علم المحبة الإلهية وعلم الانسان ذلك المجهول بالنص ولمعلوم بالجوهر والفص والاصل حتى اشعارا غد الشعر يا صاحبي : هاشم صديق مختبئ او ربما حتي يختبئ في اشد المواقع انكشافا واقربها الي الروح كثافة وابعدها ن الحقيقة جدالا ومكاشفة واترياحا. ومن البديهي ان تتنزل قصيدتك الاخيرة المفعمة التي اتحفتنا بنشرها جريدة «الصحافة» الغراء في الاسبوع المنصرم (بردا وسلاما) لانها تتسق اتساقا منطقيا مع واقع لسان الحال الابلغ من كل مقال. ايها الماطر خيالا وابدعا : حسك (مارش) ملحمة الثورة: على ايقاعها كنا كجيش هو جنح الليل يزحف بالحصا وبالشوك والحسكنيت و (الضريسة) عبر الفيافي والخلاء والفلوات من منازلنا الطينية على شاطئ عبر ابيض ، ميممين شطر مدارسنا لنعانق غبار الطباشير قبل وهج الحروف ، كان مسارنا مرتبطا ارتباطا انطولوجيا بايقاع «الملحمة) وتناغم الصادحين : ابو عركي وام بلينة وخليل اسماعيل وهم جميعا كالحواريين تحت معطف (غوغول) الشهير يسكنون بجوار المبدع محمد الامين. كانت الاكتوبريات هي المحفل الجامع لتفاصيل (الغيش ) المفتوح باسمك لدى سجلات زوار الفجر وكانت فرحة الغبش ودعوات اخوات مهيرة وترانيم الطلاب واشواق المثقفين من المجاهدين والمناضلين بمناسبة الدرع والحجاب والتميمة والترياق النابض بمنطق (الدعاء والبلاد يلتقيان فيعتلجان) والناطق بمحبة هذا الوطن بذرات ترابه واسماكه النيلية المفضلة لقلمك الذي يضارع ابرة التطريز في ضبط وترتيب وتوزيع الازاهر والآمال والاحلام علي منديل المحبوب او (ملايات) الشيلة او طاقية الخفاء الساترة لعورة الاصلع والساحبة لسخط الشمس الاستوائية التي لا ترحم الاقناديل الذرة الخضراء في موعد العشاق على جدول الحصاد. سطرنا الكثير والمثير من المقالات التي كنا نحسبها نارية القسمات او ملتهبة الكلمات او ديناميكية الارواح لتحريض الشارع تارة او لنقد الساسة تارة او في لعنة السياسوية ونقد المسؤولين عن هذا الدرك المنحدر بنا نحو اسفل سافلين تارة اخرى ولكن ! يبدو ان تغييب الرقيب واسكات اقلام الرقابة وفك صامولة مقص الأمن الاعلامي والاعلان عن الحريات بفرمان شريف قد فوت علينا فرصة الدخول الى عالم الكتاب المشاغبين لم يلتفت لنا احد ابدا حتي .. جاءت قصيدتك الطافحة بالسخرية السوداء لتؤكد بل لتبرهن بالثلاثة على الحضور الاسطوري المذهل للشعر في معركة التنوير ولفت انظار الظلمة والظلاميين والظالمين لانفسهم واهلهم واحزابهم وعشيرتهم ولرموزهم وارقامهم ولهذا الشعب الحاوي في جوفه لارقام مليونية من الغبش الحالمين بمسحة (مجموع) او دهن «كركار» او لمسة حنان من «البرعي» الاب الذي غاب وغيب معه البركات وترك البركان يغلي في ضيافة القادمين لحراستنا من احفاد القس والرهبان ورجلا الطين ناهيك عن الذين باعوا وبايعوا امام الزمان !!
قصيدتك «كما لو نودي بشاعرين انمضي من هذا الألم !!» لقد مرت علينا حقبة او حفنة من الزمن الصعب عسير الهضم علا فيها صوت شعراد تهافتوا على ضرب «طبل الحرب» الاقوى رجيعا وصوتا وصدى من طبول الافراح اليتمية المغروسة في دروب ام درمان او المنثورة في ديوم بحري والقماير والعشش نفر من هؤلاء الذين جيشوا الشوارع وحشدوا الحرائر وزرعوا الزغاريد زورا في الخناجر، فكان من الطبيعي ان يحرقوا بسبب من التهافت على نيران السلطة والمال كما يحترق الفراش المزور على اللهب .. ذلك لأن الفراش الحقيقي يحلق علي الازهار ويسكن اصلا في اللهيب من جوف النار في عودة منه الى التألق والمزيد من التوهج والتوحد بالتجمر في محاكاة الحياة هذه الحياة التي لا ولم ولن تصبح استعارة ابدا لانها الحياة .. كفن لست ادري كيف ومتى ولماذا سكت هؤلاء بـ «الرموت كونترول» عن التمجيد والتجييش ، كانوا من العارفين بعلم اليقين ان البراميل الفارغة تحدث اعلى الاصوات. ولكن كانت صورة الزمن وتصوير المجهتدين لهم ان التاريخ قد توقف وان الصفحة الاخيرة من قطار الحياة على وشك الانغلاق، فسطر المتهافتون منهم ما سيفني العمر فيهم لمسح وبتر أو فك الارتباط بهذا الوهم وصفر الخلاء حقا ان الجسم السياسي والابداعي يحتاج الى الفصاد كلما اصيب بالتلوث. كنت ومازلت وسأظل قانعا ومقتنعا بمضاء صيت الشعر وسيف الشاعرية ومداد الشعراء وسمو الشعرية الطافحة بمحبة هذا الوطن الجميل بأهله ومهابيله وسلاسل الافاقين وحيث العباقرة والمعلمين وسماسرة العروض والسيارات ومن بينهم تتسلل الحروف أو تتلصص الوان التشكيليين وحروف موسيقي المبدعين ، وكنت وسأظل على اليقين بأن تلك القصيدة في بيتها الاول قادرة على اذلال قبيلة او وطن او شريحة من الناس والتاريخ : فغض الطرف إنك من نمير فلا كعبا بلغت ولا كلابا نسطر هذا كله ونحن اليوم ـ طوبى لنار في موقع الطاعم الكاسي: ننتظر المساعدات ونحتفي بالحراسة الدولية ونتهافت على الوساطات والمبادرات. وننام لنصحو على التجديد المذهل لايقاع مياه النيل والتاريخ .. ولا ولم ولن نتقن الانصات لهذا الايقاع المتناغم ابدا، لاننا لم نحسن قراءة ما سطره صاحب (المقدمة) الذي انصت التاريخ ولم يكن محظوظا ابدا لبعده عن الايقاع الساكن في قلب مقرن النيلين في هذا القصيد طوبي لك وطوبي لنا حتي اشعار وايقاع آخر. |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فى الرد على الأخ محمدين: لهجة دارفور وثق لها أدباء ورواة بقامة الشمس.. (Re: الجيلى أحمد)
|
كتب الأخ العزيز محمدين,
Quote: ما عنيته في( نوع من الادب و الرواية )هو ظهور تيار او مدرسة تتكلم عن دارفور (البادية ) و (الجبل ) و (السهل ) .. مدرسة لا تحاول ان تثبت للاخرين عروبة دارفور بدليل اللغة المحكية فيها ..وقد قرأت للبعض في هذا مستدلأ من روايات و شخوص الاستاذ ابراهيم اسحق ما يعزز هذه الفكرة |
فى معرض ردنا نورد هنا الجزء الثانى من (إبراهيم اسحاق : بين الأسطوري والتاريخي ) وهى قراءة فى روايتى: أخبار البنت مياكايا وبال فى كليمندو, من إعداد الأستاذ:مجذوب عيدروس
Quote: اعتمد ابراهيم اسحاق تعدد الرواة، واعتمد المبدأ الحواري - وحضور الرواة في عملية السرد أمر متكرر في روايتي ابراهيم اسحاق (ان دراسة مظاهر حضور الراوي تعنى اقتفاء اثر صوت الراوي داخل الحكي، ويقتضي الكلام عن ذلك الاجابة عن السؤال: من يتكلم في الحكي أو في الرواية؟ ثم الاشارة ثانياً الى تدخلات الراوي في الحكي، واخيراً الحديث عن تناوب عملية السرد في القصة أي الحديث عن الحالة التي يتناوب فيها السرد عدد من الرواة، إما ان يكونوا ابطالاً في الوقت نفسه، أو رواة لا علاقة لهم بالحدث الحكائي أي مجرد شهود. - فماذا عن النمور يا غانم؟ - قتلت خمسة نمور يا عون. تعرف يا عون افضل سلاح ضد النمر هو الشوتالوالملفح، تلف شراعك شديد وتعطيهو، يملأ اسنانو على الملفح وتتعجل عليهو الطعن. الأول منهم ضيع انفاسي من شدة الخوف... اعمل ماذا؟ يا هو يا أنا.. يا أنا يا لجماعة بشوف عليهم في الجزيرة.. لو سمعوا أو رأوا..). وفي السرد الى جانب الاهتمام بالحوار تجيء الاخبار (أخيرة الموفي بأن المعلمةوابنيه والمعاطي وكلهم يريدونه ان يرجع فاظلمت تقاطيع وجهه الوسيم...).
المادة التاريخية والاسطورية هي التي يصوغ منها ابراهيم اسحاق عمله الفني.. ليس من الحكاية الشعبية أو التاريخ فحسب، ولكن ذلك المزيج بين رواياته وهي تحاول ان تبلغ ذرى الرواية العالمية في نماذجها الاثيرة لديه عند فولكنر وشولوخوف وجيمس جويس.. وهم الذين عملوا على تصوير أناسهم في اهتمام بعوالمهم المحلية سواء في تأمل أهل دبلن أو على ضفاف الدون الهادي أو في تلك المنطقة المتخيلة في الميسسبي بأمريكا. والأمكنة التي تدور فيهارواية اخبار البنت مياكايا فضاء جغرافي يقدم فيه الكاتب الاشارات الجغرافية التي تشكل نقطة انطلاق تحرك خيال القاريء او من اجل تحقيق استكشافات منهجية للأماكن. ( هناك من يعتقد ان الفضاء الجغرافي في الرواية يمكن ان يدرس في استقلال كامل عن المضمون تماماً مثلما يفعل الاختصاصيون في دراسة الفضاء الحضاري، فهؤلاء لا يهمهم من سيسكن هذه البنايات، ومن سيسير في هذه الطرق، ولاما سيحدث فيها، ولكن يهمهم فقط ان يدرسوا بنية الفضاء الخالص. غير ان جوليا كرستيفا لما تحدثت عن الفضاء الجغرافي لم تجعله - أبداً - منفصلا عن دلالته الحضارية، فهو إذ يتشكل من خلال العالم القصصي يحملمعه جميع الدلالات الملازمة له، والتي تكون عادة مرتبطة بعصر من العصورحيث تسود ثقافة معينة أو رؤية خاصة للعالم وهو ما تسميه (آيديولوجيم) العصر والايديولوجيم هو الطابع الثقافي العام الغالب في عصر من العصور ولذلك ينبغي للفضاء الروائي ان يدرس دائماً في تناصيته، أي في علاقته مع النصوص المتعددة لعصر ما أو حقبة تاريخيةمحددة..)(10) ويمكن قراءة رواية ابراهيم اسحق في مناخ الثقافة السودانية الآخذة في التشكل منذ بداية الستينات، ومحاولة طرح رؤى ومفاهيم جديدة تتجاوز ما طرحه كتاب وروائيون من جيل سابق.. وذلك في محاولة تقصي الجذور، ومحاولة منهم العلاقات المتشابكة بين المجموعات السودانية الاثنية.. وهذا التفاعل بين المجموعات المختلفة لغوياً (ما وضعت «اينابور» با جمعان ما تسموها عين الحور خل اينابور هادي ياناس اسم العجم ان وضعت خبروني اتفاءل بيها يا جمعان - الله عليكم بعيدة من اهلها ولانفاش ليهاوالكلام غالبها. ولدت المعاطي ابنها غنما قبلها بعشرة ايام.. وقفت على امرأة الشولو «الزلال» بنفسها حتى وضعت. ويبدو انهم تهاونوا في مصيرهما. لأنهم وجدوها يوماً تسميه مثلها.. اونالا.. اونالا.. وترطن له. المعلة جاء الى شمام والزلال فاهتاج وأزبد كفاية، بأنهما اما ان يتعلما لغة الشولو فيحدثانها وولدها ويترجمان للحي منهما وإليهما.. وإما ان يغيرا اسميهما ويجعلانهما في الحي يمثل ما للسراري من نصيب...).ويقدم ابراهيم اسحاق رؤياه - ولا يغلب التاريخ على الفن كما بدأ للبعض هي رواية يتشابك فيها التاريخ والاسطوري في نسيج من العمل الروائي.. ويغلق ذلك بشيء من شعرية القصب (ظل الشهر يفرح بالذكرى انها قد رأته وهو قد تمعن فيها عن قرب والتروجية غابت عن وعيه بتاتاً وبقيت بنت الشولو لوحدها في صحوه ومنامه. مرات يتردد فلا يخرج إلا في حالك الظلام ومن بعد حذر شديد.. فلعل هؤلاء في الجزيرة قد علموا من اولئك الستة من بعد الواقعة اباها، بأن عفريتا من الحمر عارياً شهدوه عند ركن الجزيرة واقفاً. حينما ظهر الهلال بدأ هو ايضاً مثل الوثنيين يحسب حتى بلغ الثالثة عشر فالرابعة عشر وعند النهار كالمعتاد، ركب الطرور الى موقعه عندركن الجزيرة فجراً.
وبال في كليمندو: صدرت الرواية في عام 2001م وتكرر حكاية الراوي التي رأيناها في اخبار البنت - (رأيتهم عند المنحنى الجنوبي متعجلين باتجاه المقاهي فلم اطمئن يحدثني ود أم عجب.. اتعجب..). يلعب الراوي هنا دور الجوقة في التراجيديا الاغريقية ويقوم بالتعليق على الاحداث كما تبدو من خلال راويها الاول.. مشيت باتجاهه خطوتين.. وتوقفت لا اريد أن ادعوه.. فالليل والغربة عليه ووحشة الوحدة هاهنا.. والحكاية التي تتردد كثيراً في الرواية السودانية، وفي تاريخ الثقافة السودانية - حكاية قدوم الغريب - في تأسيس مملكة الفور - وفي تأسيس مملكة تقلي وفي بندر شاه. وفي روايات ابراهيم اسحاق.. يجيء الزائر الجديد الذي يسأل عن الغريب الوافد من قبله (لحظة اخبرتني أم العيال نهضت الى عمر واسرعنا فجئنا الى بيت البصير.. كم يسرنا ان يزور البصير أحد من أهله في جامع أبو عجورة.. فليس هو بمقطوع من شجرة كما يدعى مهاويس الدكة، جمعناه علينا ليتقوى بنا ونتشرف به. يفترون علينا بأن أولاد كباشي زوجوا وليتهم إلى رجل صالح لكنه بل اعرق... مجبورون الآن يسكتون عنا أو يسد عليهم عقلاء الدكة افواه النميمة والبهتان أما نحن فنستغلها كأنني اقولها لعمر. (الا الا يحوجني امره حتى اشرح له). وتتوالي احداث الرواية تمتزج فيها الاسطورة بالحكاية الشعبية وبالارث الثقافي.. وليس في القرية من يصون السر وتتنقل الحكايات واسرار الناس في مجتمعات بعيدة عن الحضر.. وفي الرواية اشارات لذلك المجتمع الذي تكون فيه النظرة الى المرأة من خلال الابطال شديدة التسامي..
قال لهم: البشوف ميارم في حرمتو يقول ليها كلام ولكن ميارم في حرمتي أناراضي بالتسويهو.. شنو الهماكم؟ اقفل بابه فانصرفوا. كان ذلك في رجب.. فلما هل شعبان كانت (كافا) من اولها الى آخرهاتعلم بالبنت التي غلبها قلبها في أم رحيمة واولاد عمها الذين لا رحمة في قلوبهم.. ضواري شباطين.. عولايات.. مامن صفة قبيحة في الدنيا إلا واطلقوها عليهم.. وفتيان الدكة انطلقوا يمضغون الكلام عن مجنونة قمر وان مجنونة قمر هي المعادل لمجنون ليلى.. يتغالطون بل المعادلة لبثينة قل يا اخي لعفراء احسبها للميس اظنها لمي ونحن في حيرة سألتهم حمامة بنت خاطر: ديل بنات منو يا اولاد؟ ضحكوا وسكتوا عنها وعنا.... الخ) هذه المفارقة المقصودة بين جيل وآخر، وبين المتعلمين والمجتمع الأمي من حولهم هي جزء من نسيج الرواية التي تتداخل فيها حكايات الماضي بالمعاصر.. لماذا اتى انقابو الى البصير؟ أتى يبحث عن أخيه الاصغر فارقهم في أول البلوغ في جامع ابو عجورة قبل ستة أعوام وزيادة من يقول انقابو طيرنا مراسيل الى كوستي وحواريها لدينا اهل هنالك الى الجزيرة أبا بحر ازرق..
قمر خدع اهل الحلة ادعى انه محمودي من بوادي الجمالة في دار المساليت ثم تجي النهاية المأساوية له (تم في المسجد امام جميع الانفار كشفنا محتويات جرابه وعندها اصابتنا الدهشة فقمر لم يأخذ الجبتين الآخريين ولا السراويل ولا سكينة ذراعه حتى المحفظة وفيها القليل ظلت مودعة في الجراب يقول الشيخ فحمت تلك الاشياء جميعها وركبت اليوم التالي مع شهودي الستة واولادي الاربعة حتى اودعتها كاملة في محكمة الدكة ثم حملتني المحكمة الوديعة فعدت بها.
قلت لانقابو املا عيني في وجهه. لا تيأس يا ود عمنا الباقي الفي كافا نجمعو ليك تب من محل ما يكون لكن لا يعلم بالحاصل في الدنيا دي إلا ربنا.. هي خلاصة الامر إذ ان محل انسان يحمل اسراراً قد يضمن بها او يمنحها لعدد محدود ولكن عالم الاسرار محلها هو خالق الكون هناك ايضاً اسرار الراوي يدرك جزءاً من الاسرار وهو في مراقبته للاحداث: عمر 14 (لم تفتني متابعة الطريقة الغريبة التي يعود بها عبد القادر وود المقدوم انقابو الى شباك اولاد ابيرق لكنني لم اتوقع ان يحصرني عبد القادر نهاية في تلك البقعة). أما عبد القادر 15 (لعل انقابو نفسه لم يفاجأ فكأننا كنا في انتظاره بالذات من دون الناس فتح الباب عمر فوجده واقفاً لصق العمود يحدج عمر بعينه الوحيدة الشاخصة.. يسلم عليه عمر بخفوت ويأتي به إلينا فيحتضنه كل واحد منا بحرارة.. لا يشبع منه انقابو نظراً ولا هو يشبع من انقابو.
ان هذه النقلات في الاحداث هي سمة للرواية الحديثة وليس من الضروري ان يتطابق تتابع الاحداث مع الترتيب الطبيعي لاحداثها - فإن الوقائع التي تحدث في زمن واحد لابد ان ترتب في البناء الروائي تتابعياً مادام الروائي لا يستطيع ابداً ان يروي عدداً من الوقائع في آن واحد.. ولعل الميزة التي يخلفها الوصف للاماكن وللشخصيات وبنائها من خلال الحوار ليس له دور تزييني او هو ممهد للحدث الروائي - ورواية ابراهيم اسحاق تتم في الماضي ومن خلال الرواية - ولكن قائم بالمعنى الروائي الذي يعبر عنه السرد. ولذلك فهو شديد الالتحام به. إن التلاعب بصورة المكان في الرواية يمكن استغلاله الى اقصى الحدود، فاسقاط الحالة الفكرية أو النفسية للأبطال على المحيط الذي يوجدون فيه يجعل المكان دلالة تفوق دوره المألوف كديكور او كوسط يؤطر الاحداث انه يتحول في هذه الحالة الى محاور حقيقي ويقتحم عالم السرد محرراً نفسه هكذا من اغلال الوصف.(11) وقراءة في روايتي ابراهيم اسحاق تتسع للقول ان انجاز ابراهيم اسحاق يرشحه ليتبوأ موقعاً متميزاً في حل الرواية المكتوبة باللغة العربية، حتى ان ما كان يراه البعض من استخدام لهجة محلية في بعض اعماله الاولى قد غاب او خفت صوت اللهجة المحلية سواء في السرد او الحوار، مما جعل التقبل لهذه الاعمال اكبر، ومما يفسح المجال لكثيرين ان يعيدوا من جديد قراءة اعماله الاولى. وانجازه الكبير يتمثل في خلق عالم يمزج بين الاسطوري والتاريخي والواقعي.. فهذه الشخصيات تعيش في الماضي كما تعيش في الواقع الماثل.. (أحسب اننا نلجم هواجسنا ونتابع نهرات ناصر فينا كأنما ينحدر بنا في مهوى سحيق ولم نبدأ بالحراك والعويل بعد.. الاقطاعيون.. نعم الاقطاعيون المستغلون الدمويون.. أولاد الشراتي والعمد وبقايا المقاديم بلاطجة السلاطين المستبدين لا يزالون عندكم يمسكون بزمام السلطة والمال والموجهات في عصر الاقمار الصناعية والسوبر كومبيوتر).. وقصة الذهاب الى حيث يسكن العقاب وابو الظلاليف هي ليست زوائد في القصة.. وقصة ابراهيم اسحق تنساب في دوائر - وكأنها قصة داخل القصة - وهي تقنية يعرفها اهل الدراما منذ شكسبير.. وعالم ابراهيم اسحاق الذي تداخلت فيه الاساطير والحكايات والتاريخ والوقائع المعاصرة محاولة علاج نصر المقدوم.. هي جزء من منظومة الرواية التي هي ملحمة العصر الحديث ولتصبح (الرواية) هي الصنف المركزي والحاسم في هذا الادب. ويمر كل من عصر التنوير وما تلاه من عصور تحت راية الرواية. وعكس هذا الاهتمام الهاجس من وجود ثقافة مغايرة تتسم بالحيوية والقدرة على مخاطبة الراهن وكانت الرواية عند ابراهيم اسحاق وأبناء جيله اداة مهمة لإعادة اكتشاف الشخصية القومية في عالم جديد ومتغير..! هوامش: 1- صبحي حديدي، نورثروب فراي وبلاغة الاسطورة، الكرمل، العدد 40/41، 1990م. 2- ليلى الجهني، الاسطورة والادب، الرافد، العدد 19 مايو/يونيو 1998، ص81. 3- ميشيل زيرافا، الاسطورةوالرواية، ترجمة صبحي حديدي، دار الحوار للنشر والتوزيع، سورية اللاذقية، ط. الاولى، 1985، ص6-7. 4- موسى السيد، مرجعية الروايةواتجاهات النقد في الثقافة الغربية المعاصرة، مجلة الوحدة، العدد 49، ص64. 5- المصدر السابق، ص65. 6- فاضل ثامر، البنية السردية وتعدد الاصوات، مجلة افكار، الاردن: عمان، العدد 121 أغسطس - سبتمبر 1995، ص68. 7- خلدون الشمعة، مجلة الوحدة، عدد سابق، اشكالية الادب والتاريخ، ص49. 8- المصدر السابق، ص50. 9- د. حميد لحمداني، بنية النص السردي من منظور النقد الادبي، المركز الثقافي العربي، ط الثانية 1993، ص48. 10- المصدر السابق، ص 35-45. 11- المصدر السابق، ص73. |
*الخطوط تحت بعض السطور من عندنا. * المصدر> صحيفة الصحافة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فى الرد على الأخ محمدين: لهجة دارفور وثق لها أدباء ورواة بقامة الشمس.. (Re: الجيلى أحمد)
|
أورد أيضآ أستاذنا عالم عباس هذه المقالة الرائعه بقلم كاتب وناقد مصري مهتم بالأدب السوداني، واسمه أحمد شريف.
Quote: رواية لإبراهيم اسحق(أخبار البنت مياكايا) روح الماضي في الزمان الذي يأتي إبراهيم اسحق، قاص فريد، واسم لفت الأنظار إليه منذ صدور انتاجه الأول، عام 1969، (حدث في القرية الخرطوم) حتى آخر أعماله (اخبار البنت مياكايا)، (عالم الرواية، محتشد، متشابك وشديد الايجاز. يرتكز على اللغة والتاريخ والحكايات الخرافية والخيال الذي يسعى لإقامة عوالم مدعومة بحكايات الاجداد ووصف أدق الأشياء في عالم الماضي البعيد. (أخبار البنت مياكايا)، رواية قصيرة، لكنها امتلأت بأحداث وشخصيات وحكايات الزمن الغابر، فكما أشار الكاتب في مقدمة الرواية، فإن هذه الرواية تستوحي تاريخا يسلك أحداثها مع القرن السادس عشر الميلادي. وجل مواقعها بالنيل الأبيض، من ملتقى النيلين حتى مشتبك السوباط وبحر العرب في النيل الاستوائي. ومثل كل الروايات المستوحاة من التاريخ.
أو تلك التي اتخذت من الثقافات المغايرة لما يعهده القراء معرضا، مثلها كلها تحتاج من الروائي لأن يورد بعض الألفاظ في أصلها اللغوي المغاير للغة القراء. هذه الألفاظ قد تشتمل على أسماء بعض المواقع والألقاب والمناصب والمؤسسات وأسماء النسبة، الى جانب تعابير ثابتة في التعامل اليومي. وما هذه في هذا النوع من الرواية إلا أدوات لتقريب الشقة بين واقع القارئ والواقع الذي يطلع عليه. لهذا فقد ألحق الكاتب حواشي في نهاية الرواية؛ لكي يتمكن القراء من متابعة الرواية عندما تقابلهم كلمة أو لفظ غير مفهوم في المعرفة اللغوية العربية.
منذ أول فقرة في الرواية، نلحظ تشابك وتعدد الرواة والشخصيات، (جليل يغالطني يا حازم، من الذي يعرف هذه الأعاجيب هنا غير عمر وعبدالقادر. يقول لي، ولا أجدني أرضى، أقول له يا جليل أقول لك حكاها لي رجل في محطة (لواري) على الرمال وراء (ود عشانة) تحت القمر والليل صاف وحله (المساعد) تكركر فوق اللهيب يحيكها لنا ذلك (الحساني) القادم من بادية (الدويم)..(ص9)
يمكن بسهولة في تلك الفقرة رصد الأماكن المتعددة والشخصيات الكثيرة وأيضا أسلوب ابراهيم اسحق، أسلوب موجز وغني يحتاج الى أكثر من قراءة كي يصل القارئ الى النبع الصافي الذي يغذي شرايين الرواية. شخصيات (أخبار البنت مياكايا) يقول الراوي عنهم، إنهم (أبناء الطبيعة) لذلك يتصارعون كالجواميس وبشراتهم تجمرت الى مثل أكباد الإبل ووجوههم عندما تشوه تصبح كالذي تمضغ في أحشائه الأفاعي، وهم حذرون ينسابون على تعاريج الشط كالثعابين، يتحركون عندما تموت الشمس ويهبط الظلام على الكون، يحيط بهم عواء الذئاب والثعالب والصقور التي تداوم على خطف الأرانب والقطى والجديان. عندما ترجع الشمس وتكشف أماكن الأنهر والبحار ومجاري الأودية وغابات السنط والجبال وجذوع الاشجار والبردى في المستنقعات وطين الماء الضحل، يمكثون في قطياتهم حتى (يظلم الليل لمثل لون الغراب) (ص63)، حتى علاقة الحب بين (مياكايا) و(غانم) والتي كاد غانم أن يجن بسببها وقد فقد صديقه في النهاية من أجل هذه الجميلة الرشيقة التي لم تظهر إلا بعد أن اسود الليل كالغراب الأسحم. علاقة الحب هذه تمت أيضا في الظلام، الرواية لا تمتلئ بالظلام والليل وحسب بل بالسحر والطلاسم والأرواح التي تسكن التماسيح والشمس والأشجار وتمرق وتطوف حول الأحياء وتذهب أحيانا الى الأجداد. هذه الرواية تعود بنا الى البدايات أو البدائية حسب التعبير الشائع، الراوي يتكلم عن الزمن الأول وأصل الشجرة الأول وأول الفجر والغابات البكر والصحارى الأم والقنص والصيد بالحراب والنبال والخناجر وانتفاء عديد من المعايير، (ربما تذهب لتحرر أعرابيا هو صديقك من أسار السود فتقع بنفسك في أسار الأعاريب) (ص31) حتى رحلة غانم وعون الله والموفي من أجل مياكايا والبحث عن جلود التماسيح والفهود والنمور وسن الفيل وجلد فرس البحر والمسك الذي في ابط التماسيح وريش النعام. هذه الرحلة انتهت بقتل الموفي ودفنه تحت شجرة كي تلازم روحه (أرواحها) المضيافة في الزمان الذي يأتي).(ص73) شخصيات الرواية وأحداثها المتشابكة وعالمها الذي يبدأ عندما تختفي الشمس دفعتني الى الوقوف عند بعض العلاقات الغريبة، كعلاقة إنسان الرواية بالشمس، علاقة تشبه في صراعها العلاقات الإنسانية، فالشمس تموت وهي لا تموت فقط بل تموت حسدا ولا تتخيل متع الانسان في خفايا الليل، فهي تحسده طورا وتسخر منه طورا ويمكن أن تشي به وعندما تجيء تترنح من غيبوبة الليل، يقول غانم، إنها مثل الأخ الغريب، لا تعلم متى تضاحكه ومتى تحذره، يسمع ناس (عون الله) بأنهم كانوا يحاربون الشمس أيام (نيكانج) البطل الملك المقدس الذي أسس للشلك مملكتهم ونظامهم الحالي هو وابنه داك الذي حكم من بعده واصبح له طرف من الطقوس، هذه العلاقة الصراعية مع الشمس لا تشبه، علاقة الانسان البدائي بالشمس عندما كان يشعر بالخوف وهي تغرب، اعتقادا منه، أنها ربما تختفي للأبد. ضمن العلاقات التي استوقفتني أيضا في الرواية علاقة الاشخاص أصحاب الثقافات والأجناس المختلفة ببعضهم (غانم) أحب (مياكايا) وهي تختلف عنه في الجنس واللسان، فهي وحيدة (الرث) في الاناث، والرث بكسر الراء... الملك الحاكم عند الشلك، لكن غانم من الحمر، لذلك قالت العجوز (كوناتايا)، انه لا بد قد أصابها جنون العشق، مع ذلك فعلاقة الحب اكتملت، رغم الصراع والقتل واختلاف اللسان. ذلك التآلف بين الأجناس والثقافات المختلفة، كان نتيجة للحياة المتداخلة المشتركة بين البشر على تلك الرقعة الجغرافية، قبائل وسلالات كان لها شأن عظيم، (الحسانية) و(الجعافرة) و(الجموعية) وجاء بعدهم أمراء العرب وأصبحوا كالملوك في بلاد السود، عندما جاءوا واختلطوا بهم، كان هذا الامتزاج الجميل بين الثقافات والاجناس، مثل هذا الامتزاج في الرواية: المعلة، غانم، الموفي، عون الله، الزلال، مياكايا، كوناتايا، عين الحور. وكان ينبغي ان يأتي كاتب من طراز ابراهيم اسحق، كي يقص علينا حكاياتهم وأساطيرهم، لا يقص فقط، بل يقص بشكل شديد الخصوصية، غني بالرموز، لأن كثيرا من الخلفيات الكونية والسياسية والتراثية التي وردت عندهم تسربت هنا الى المجال القصصي. ذلك القص الثري الذي لا يعتمد على بداية او نهاية الحكاية، بل على استرجاع رموز وأساطير وحكايات خرافية يخشى عليها من الضياع أو النسيان، هذا القص سمة من سمات عالم الكاتب. كثير من الكتاب ذكروا أو جاءت بين ثنايا سطور كتاباتهم كلمات مثل (العنج) و(نيكانج) و(تقلي) وربما يتوقف الواحد منهم قليلا عندها لكن اسحق جعل همه، تأسيس وإعادة هيكله لعالم ما وراء هذه الكلمات. هذا التأسيس يتكئ على فلسفة الكاتب، لذا عند القراءة الدقيقة، يمكن أن نقرأ فقرات وسطورا، تجلي لنا رؤية الكاتب للطلاسم والأحاجي الكونية، فقرات وسطور وكلمات نثرها بدربة وخبرة عميقة:
(إلام هؤلاء يحتكرون الغابة ويتملكون النهر؟ فكأنما الكون بأجمعه تم تقسيمه ضحى منذ نوح، ولم يعد لإمكان تواصله قطعا من سبيل).(ص11)
(من جهة النهر، هدأ الحال تماما فلا شجار ولا غزل إلا قرقرة الماء على الجروف. كالأبد يهمهم الدفاق بأسرار كونية كالطلاسم).(ص17)
(كأن الدنيا بأسرها ولدت من جديد عندما عوعى الديك).(ص13)
تظل لهذه الرواية (أخبار البنت مياكايا) بعد القراءة الثالثة او العاشرة غموضها الخاص ويظل لشخوصها طقوسهم وقرابينهم التي لا يمكن لأحد سوى الأرواح الخفية فهم مغزاها.
أحمد شريف
× كاتب وناقد مصري مهتم بالأدب السوداني |
صحيفة (السوداني)، العدد رقم: 299 2006-09-04
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فى الرد على الأخ محمدين: لهجة دارفور وثق لها أدباء ورواة بقامة الشمس.. (Re: محى الدين ابكر سليمان)
|
اخوى الجيلى وضيوفه كدى شوفو كلام عمنا واثنقو دة لغاية ما نجى برواقة, الدنيا قبايل عيد, عليناغسيل هدوم, وعدة, ومسح بلاط. نسوان الزمن دة بقو ما بخافوا الله, جندرى ونامدو, لكن كلام دة كتير, هم من زمااااان بسووا وانحنا ما عارفين؟؟؟ ولا عارفين ومطنشين؟؟؟ شوفو عمنا واثنقو قالت شنو: An Interview with Ngugi Wa Thiong'o, May 2004 Michael Alexander Pozo, St. Johns University Ngugi Wa Thiong'o is Distinguished Professor of English and Comparative Literature and Director of the International Center for Writing and Translation at the University of California at Irvine. A Kenyan writer of Gikuyu descent, Ngugi is the author of various novels such as Weep Not Child (1964), The River Between (1965), A Grain of Wheat (1967) and Petals of Blood (1977). In 1980 Ngugi published the first modern novel ever written in Gikuyu called Devil on the Cross. Ngugi's critical works include Homecoming (1972), Detained: A Writer's Prison Diary (1981), Decolonizing the Mind (1986) and Moving the Center (1993). As a novelist, playwright and critical thinker Ngugi has dealt with the concerns most affecting his native Kenya including issues of Colonialism, Nationalism and Post-Colonialism. During the late '70s his commitment to art and community led him to form communal theater groups in villages, which showcased some of his most indicting plays. These works portrayed the political corruption of Post-Colonial life in Kenya and the people's struggle to define an identity despite years of harsh political and social transitions. In 1977 Ngugi was arrested for his involvement with the communal theaters. While in prison, Ngugi reflected on the urgency in forming a truly African literature and at the same time wrote Devil on the Cross on prison issued toilet paper. He subsequently would abandon English for his native Gikuyu for all his future novels. After being released from prison, Ngugi lost a University position and his family suffered from constant harassment. In 1982, Ngugi left Kenya and has been in exile ever since. Ngugi Wa Thiong'o is the recipient of numerous awards including the Paul Robeson Award for Artistic Excellence, Political Conscience and Integrity (1992); Gwendolyn Brooks Center Contributors Award for Significant Contribution to the Black Literary Arts (1994); Fonlon-Nichols Prize (1996); and the Distinguished Africanist Award by the New York African Studies Association (1996). An Interview with Ngugi Wa Thiong'o MP Looking at your body of work, so much of it displays not just an artistic but a cultural growth and progression through the medium of Literature. In other words, as an artist and a socially concerned citizen each novel seems to develop a clearer definition of their inseparable nature. Could you say more about this? NgugiLike all artists, I am interested in human relationships and their quality. This is what I explore in my work. Human relationships do not occur in a vacuum. They develop in the context of ecology, economics, politics, culture, and psyche. All these aspects of our society affect those relationships profoundly. These aspects are inseparable. They are connected. The most intimate is connected with the most earthly. As an artist you examine the particulars to explore the interconnection of phenomena to open a window into the human soul. The material of life opens out into the spirituality of human life. MP When we arrive to Devil on the Cross it is a definitive moment in your life and career because you begin to write solely in your native, Gikuyu. How has your personal understanding of an aesthetic and social/political experience changed since relinquishing English as your means of artistic communication? Ngugi There is no doubt about the centrality of Devil on the Cross in my life and art. But it is not the first work that I wrote in Gikuyu. That honor goes to the play, Ngaahika Ndenda (I Will Marry When I Want, in English) jointly written by Ngugi wa Mirii and me. But it was developed with the village participants at the Kamiriithu Community and Cultural Center, Limuru, Kenya. Working with the community is what forced me to start writing in Gikuyu, after years of intellectual dithering. My work in the village sent me to a Maximum Security Prison for a year, without trial. And while in the maximum, I thought a great deal about the relationship between English, as the imperial language, and now the language of power in a postcolonial state, and African languages, and I took the irrevocable position never to write my fiction and drama in English again. Devil on the Cross, written on toilet paper, was the first outcome of that decision. MP What can you impart on others wishing to reach a specific audience from languages, long ignored? How should concerns about the marketability of their work to a wider audience be approached? Ngugi Intellectuals, from what we at the International Center for Writing and Translation at the University of California Irvine call marginalised languages -- we call them marginalised but not marginal -- have to realize that their primary audience is that of the language and cultural community that gave them. It's only they who can produce knowledge in their own languages for that audience defined by their access to that language, and then later, through translation, auto-translation, or by another person, open the works to audiences outside their original language community. A good work of art is always marketable. MP Since you began writing in Gikuyu, have you seen attitudes change in readers unaccustomed to writers eschewing the traditional English market for smaller, more private audiences first? Ngugi When my position on English and African languages became known through my book, Decolonizing the Mind in 1986, I was initially greeted with cynicism or downright hostility in some quarters. But now I see a change in attitude. There may not be a majority acceptance of the position articulated in Decolonizing the Mind, but the concerns raised receive more attention and involved debate. The book itself is among the more popular of my theoretical works. MP I remember in The River Between the anguish Waiyaki (the main protagonist) goes through when being forced to choose between his wife (a Christian) and the community (non-Christian). But this has been a constant theme throughout your work, about the importance of the commitment to the community. For you as a writer, is there such a thing as being detached? Ngugi Of course as a writer, you have to be sufficiently detached to see issues clearly. But that is detachment arising from one's attachment. A writer or artist has to simultaneously swim in the river and also sit at the bank to see it flow. I am a product of the community and I would like to contribute something to that community. MP Is the idea of being detached or being an "outsider" then, more a European or Western attitude, especially in which we have come to know the "artist" only through the often, solitary depictions and pessimistic conceptions of his role in society? Ngugi Being detached in order to see better is not the same thing as pessimism. So, in that sense, being detached is not necessarily western. All societies have talked of prophets who had to withdraw into the wilderness or into the mountains to meditate on their society. These are the seers of the community. A writer is a special seer. The conception of human life as that of being solitary, the Hobbesian notion, is more bourgeois than it is racial. MP Do you think aesthetics, that which is beautiful in art, can also mean that which is relevant to the reader's world? Is the beautiful also linked to its ability to reconnect one with a community rather than ostracizing them from it? Ngugi Aesthetics does not develop in a social vacuum. The aesthetic conception of life is a product of life itself which it then reflects. A flower, so beautiful, is the product of the entire tree. But a flower is also an important marker of the identity of a particular group of plants or even of a particular individual plant. The flower, so delicate, also contains the seeds for the continuation of that plant. A product of the past of that plant, it also becomes the future of the same plant. MP I read once about Marx's impressions of the type of living-communism the Iroquois Indians practiced. Marx saw it as unfit for a European way of life because the Iroquois shared the land and resources evenly; he called it a "primitive" form of communism yet to me it seemed to be a living example of certain aspects of his theories. Time and again, I can't help but wonder that so much of the conflicts between Europe/United States and the "Third World" has been a basic (but devastating) misunderstanding of the definition of a "community". Can you share any thoughts on this? Ngugi No, I don't think that there is a harmonious third world position and a harmonious Euroamerican position. Wherever there are classes in society there will always be conflicts in the world outlooks of the various social groups. In a world divided into a minority of nations that rule the majority of nations, there has to be a difference in outlook. But within nations, western or third world, there are differences in the world outlook of the social haves and the social have-nots. MP You have stressed that marginalized groups rediscover their own cultures through their own native languages and not those imposed by Colonialism. In doing so, one seems to move the center away from "English" or the "West" and allows the center to come to the margins. Does such an approach disallow for the (often fetishized) idea of hybridity in culture and identity? Ngugi Aimá Césaire has talked eloquently about exchange being the oxygen of civilisation. But not short-changing which is the carbon oxide of civilisation. Exchange based on equality. I like the idea of a dance of centers that are equidistant from the human center. They are in a circle. They all contribute to and also draw from the center. Like spokes in a bicycle wheel. But there is a difference. Human spokes must also borrow from one another. MP How do you view the problems of defining one's cultural identity in the United States? For many, it seems they live a split-identity between one's ethnic culture and the culture of the United States. Do you think this raises even more problematic and complex issues over language and communication? Ngugi I find the USA a most fascinating scene. All religions, all cultures, all languages in the world, all ethnicities in the world are represented here. But there is a tendency to gloss over this in the notion of a melting pot. The co-existence of so many identities within an overall American identity should be seen as a source of strength not weakness. This is what America should be exporting to the world and not bombs. MPIn Homecoming you raised many concerns about English departments when you were both a student and professor in Africa. One of the safest approaches to "diversify" a curriculum is to throw in a non-western writer into the mix. It happens today as it did in your days. You described the situation in Homecoming as "a rather apologetic attempt to smuggle African writing into an English syllabus" (146). Can English departments go beyond the occasional anomaly course or will there always be separate (but equal) departments or courses? Ngugi Because of the global reach of English and the intellectual production in English from all corners of the globe, English Departments should be reflecting that diversity. Of course you also need other language departments and these too should be reflecting that global dimension. MP Do you have any ideas on a working model or prototype for a reformed English Department in the United States? Ngugi No, I don't have one, but in one of my essays in my book, Moving the Center, I have argued for a greater degree of comparativity in the makeup of the various language/national literature departments. Translations, now more than ever, can help in ensuring that comparativity. Insularity is dangerous for any department and English Departments that think of themselves as museums of English "national" literature, ignoring even those intellectual productions by new immigrants, can only lead to sterility. MP I have read recently on the Internet that you have a new novel coming out? Could you reveal some details about it? Ngugi The novel is called, Murogi wa Kagogo, in Gikuyu. It is not out yet, but should be published this year. The English translation will be published by Pantheon and should come out later this year 2004 or early next year. It is a big novel, a kind of global epic that speaks to our world today. I have been working on it since May 1997. So you see, the writing spans two centuries. MPWhat are your thoughts about contemporary fiction in Kenya? What have been some of the more recent texts in Gikuyu that have had an impact on you? Ngugi There are several writers who now write in Gikuyu. Ms. Waithira Mbuthia is very prolific. But so is Gitahi Gititi, now a professor of English, but writing in Gikuyu. Mwangi Mutahi is another who has published three novels in Gikuyu. There is also Gatua wa Mbugua, a poet and a scientist. He has just completed and successfully defended a scientific thesis written entirely in Gikuyu for the Department of Crop Science at Cornell. There are many more. Most of these writers are contributors to the Gikuyu language journal, Mutiiri, originally based at New York University, but now at the University of California Irvine. MP Finally, I also read in the L.A. Times this past summer that you were planning to return to Kenya? NgugiNot yet. But I am returning to Kenya in August 2004, for a visit, first time since I was forced into exile in 1982. Twenty two years of exile will come to an end. But in a spiritual sense I have never left Kenya. Kenya and Africa are always in my mind. But I look forward to a physical reunion with Kenya, my beloved country.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فى الرد على الأخ محمدين: لهجة دارفور وثق لها أدباء ورواة بقامة الشمس.. (Re: الجيلى أحمد)
|
الاخ الجيلي احمد ..لك التحية و كل عام وانت بخير ..
رغم تقديري و اعترافي بالجهود المقدرة التي قام بعض ادباء مثل ابراهيم اسحق في تضمين لهجات دارفور في رواياتهم و اعمالهم الا انه ليس (تيار حلمي ) الذي أحلم به ..لعلي سأفصل ما اريد قوله في بوست منفصل ربما يكون الاسبوع القادم اذا مدّ الله في آجالنا ..
تبقي ملاحظة ان العنوان الذي اخترته يختلف عما اردته انا في مداخلتي للاخ محي الدين ابكر و حملت المداخلة اكثر مما تحتمل .. القضية ليست مسألة توثيق لهجات بقدر ما هي قضية الانسان نفسه .. اهتماماتي كانت ادبية في مرحلة ما قبل المحنة و المحرقة ..بعد ذلك تركت كل ذلك خلفي فالاولويات اختلفت ..التوثيق الاهم عندي في هذه المرحلة هو توثيق ما حدث و متابعة ما يجري ..فالامر ليس ملهاة او كوميديا اوترف انما قضية بقاء ..ان نكون او لا نكون ..الرواية و الفن الذي انشده و احلم به والذي اقدره هو ذاك الذي يعبر عن المرحلة بقسوتها و جراحها .. تحريضي لاخي محي الدين كان في هذا الاتجاه وليس في الاتجاه الذي عنيته .. مداخلاتي في هذا البوست نادرة ليس تجاهلأ لك او ترافعأ عن النقاش معك في هذا الموضوع و لكن لكثرة المشاغل و حتي الزمن الذي نتداخل به في المنبر العام نستغله فيما يخدم القضية الاساسية ..و لعلك تلاحظ ذلك ..
واصل في هذا الخيط التوثيقي الذي بدأت به فانا اتابعه من علي البعد بما يتيسر لي من وقت فالحكمة ضألة المؤمن فحيثما وجدها فهو احق بها ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فى الرد على الأخ محمدين: لهجة دارفور وثق لها أدباء ورواة بقامة الشمس.. (Re: محى الدين ابكر سليمان)
|
الاخ الجيلى والضيوف الكرام كل سنة وانتو طيبين "الثورى الحقيقى لا يعاف واقعه" مقولة قديمة متجددة. تنسجم هذه المقولة بحق مع موقف الاستاذ ابراهيم اسحق من واقعه الثقافى, فهو ثورى حقيقى , فى جراْته واصراره على الكتابة بلهجة "يستعر" منها اهلها قبل غيرهم كما ذكر استاذ عالم وهذا عناءلا يتجشمه كثيرون,على الاقل لاسباب متعلقة بالانتشار وذيوع الصيت, كاديب... التعسف فى فرض قالب لغوى معين امر له نتائج كارثية, خصوصا اذا ارتبط هذا القالب بالقبول والحراك الاجتماعيين, فما ثورة الاطراف حسب تقديرى المتواضع الا احد تجليات هذا التعسف. الموضوع شيق واشكر الاخ الجيلى على طرقه, كذلك الشكر للشاعر عالم عباس محمد نور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فى الرد على الأخ محمدين: لهجة دارفور وثق لها أدباء ورواة بقامة الشمس.. (Re: محى الدين ابكر سليمان)
|
Quote: "الثورى الحقيقى لا يعاف واقعه" مقولة قديمة متجددة. تنسجم هذه المقولة بحق مع موقف الاستاذ ابراهيم اسحق من واقعه الثقافى, فهو ثورى حقيقى , فى جراْته واصراره على الكتابة بلهجة "يستعر" منها اهلها قبل غيرهم كما ذكر استاذ عالم وهذا عناءلا يتجشمه كثيرون,على الاقل لاسباب متعلقة بالانتشار وذيوع الصيت, كاديب... التعسف فى فرض قالب لغوى معين امر له نتائج كارثية, خصوصا اذا ارتبط هذا القالب بالقبول والحراك الاجتماعيين, فما ثورة الاطراف حسب تقديرى المتواضع الا احد تجليات هذا التعسف. |
سلامات يامحى الدين,
وهذا هو العامل الذى اسهم فى عدم إنتشار إنتاج الاستاذ براهيم اسحق على نطاق واسع مقارنة بالطيب صالح كمثال, فأدب إبراهيم اسحق لايقل بأى حال عن الطيب صالح إن لم يكن يضاهيه ويفوقه (بزعمى) , هذا لم يسهم فقط فى عدم إنتشاره وشهرته الأدبيه على نطاق اقليمى وعالمى فحسب,,بل وستذهل أن الأمر أكثر (داخليآ) وعلى نطاق واسع وسط المتعلمين والمثقفين, ..
شكرآ محى الدين ويبدو أننا موعودين بنقاش ممتع..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فى الرد على الأخ محمدين: لهجة دارفور وثق لها أدباء ورواة بقامة الشمس.. (Re: الجيلى أحمد)
|
الأخ محمدين
كل سنة وأنت طيب
فى البدء وجب الإشارة إلى أن الهدف من الخيط هو أدارة حوار معرفى وليس محاكمة مداخلتك على طريقة إستنطاق النوايا والشطط.. والحق أننى أستغرب مداخلتك الآخير , يعزز هذا الإستغراب ظن قوى منى بأن مداخلتك الأولى فى صدر هذا الخيط لم تترك مجال لما طرحته فى الآخيره .. سأقوم بإنزال المداخلتين على التوالى بقصد المقارنه, وسأعود للتعليق لاحقآ (حالما توفرت على الوقت)..
هذه الأولى
Quote: اخي الجيلي احمد ..لك التحيةوالتقدير ..
لك الشكر علي حرصك و اهتمامك علي القاء الضوء علي اسهام ادباء بقامة و مكانة الاستاذ ابراهيم اسحق و جهدهم في ابراز جزء من التراث الدارفوري الممثل في اللغة العربية المميزة في دارفور ..
علي كل اخي الجيلي ما كتبته انا هنا للاخ محي الدين :
Quote: أكتب أخي محي الدين بنفس هذه اللغة القريبة منا ..(لغة أهل دارفور) .. وهو شئ حلمت به طويلأ ان يظهر نوع من الادب و الرواية يعبر عنأ نحن .. ربما في القريب سنشهد هذا الادب و الفن الذي ينبع من المحنة .. رسومات اطفال المخيمات في دارفور تؤكد ذلك .. |
ما عنيته في( نوع من الادب و الرواية )هو ظهور تيار او مدرسة تتكلم عن دارفور (البادية ) و (الجبل ) و (السهل ) .. مدرسة لا تحاول ان تثبت للاخرين عروبة دارفور بدليل اللغة المحكية فيها ..وقد قرأت للبعض في هذا مستدلأ من روايات و شخوص الاستاذ ابراهيم اسحق ما يعزز هذه الفكرة .. حلمي هو ان اري كتاب و ادباء دارفور يتحلقون ليكتبوا لا للآخرين و لكن لانفسهم اولأ ..حلمي ان أراهم يكتبون لنزداد ثقة في انفسنا لا ان نشعر بالدونية و التبعية ..وهو اقرب الي ما كتبه جان بول سارتر حين كتب مقدمة كتاب معذبو الارض لفرانتزفانون حين قال فيما معناه : (ان فانون و اهله من السود تحلقوا في نار لهم يتحدثون عن قضاياهم و مشاكلهم دون ان يعبأوا بنا نحن البيض هم يروننا لكنهم يتجاهلون و جودنا ) ..
ما كتبته للاخ محي الدين ابكر هو نوع من التحريض يتجاوز مجرد الكتابة للابهار و كتم الانفاس و انتزاع عبارات الاعجاب الي الكتابة عن المحنة الحالية ..الكتابة عن الاطفال و النساء و العجزي في معسكرات الخيش و البلاستيك هو تحريضي الاول .. شعرأ كان ا ورواية او رسمأ ..لعلك واجد اشارة ذلك في مداخلتي تلك .. ان لم نكتب نحن عنهم فأؤلئك البؤساء سيكتبون .. ان لم نرسم عنهم فهم سيرسمون ..ليسوا آحادأ و افرادأ بل جماعات صاروا يكتبون و يرسمون ..سيبزغ من بينهم تيار (حلمي) الذي أحلم به .. ذلك ما اردته في بعض مداخلتي هناك .. مع تقديري و محبتي ..
للانصاف قرأت للاخ عالم عباس شيئأ يتحدث فيه عما حدث في تلك الديار .. |
الثانيه
Quote: الاخ الجيلي احمد ..لك التحية و كل عام وانت بخير ..
رغم تقديري و اعترافي بالجهود المقدرة التي قام بعض ادباء مثل ابراهيم اسحق في تضمين لهجات دارفور في رواياتهم و اعمالهم الا انه ليس (تيار حلمي ) الذي أحلم به ..لعلي سأفصل ما اريد قوله في بوست منفصل ربما يكون الاسبوع القادم اذا مدّ الله في آجالنا ..
تبقي ملاحظة ان العنوان الذي اخترته يختلف عما اردته انا في مداخلتي للاخ محي الدين ابكر و حملت المداخلة اكثر مما تحتمل .. القضية ليست مسألة توثيق لهجات بقدر ما هي قضية الانسان نفسه .. اهتماماتي كانت ادبية في مرحلة ما قبل المحنة و المحرقة ..بعد ذلك تركت كل ذلك خلفي فالاولويات اختلفت ..التوثيق الاهم عندي في هذه المرحلة هو توثيق ما حدث و متابعة ما يجري ..فالامر ليس ملهاة او كوميديا اوترف انما قضية بقاء ..ان نكون او لا نكون ..الرواية و الفن الذي انشده و احلم به والذي اقدره هو ذاك الذي يعبر عن المرحلة بقسوتها و جراحها .. تحريضي لاخي محي الدين كان في هذا الاتجاه وليس في الاتجاه الذي عنيته .. مداخلاتي في هذا البوست نادرة ليس تجاهلأ لك او ترافعأ عن النقاش معك في هذا الموضوع و لكن لكثرة المشاغل و حتي الزمن الذي نتداخل به في المنبر العام نستغله فيما يخدم القضية الاساسية ..و لعلك تلاحظ ذلك ..
واصل في هذا الخيط التوثيقي الذي بدأت به فانا اتابعه من علي البعد بما يتيسر لي من وقت فالحكمة ضألة المؤمن فحيثما وجدها فهو احق بها .. |
مودتى وفائق التقدير
| |
|
|
|
|
|
|
|