|
خواطر مشوكش
|
هذه خواطر صديف عاش سو الحظ فى اخييار شريكة حياته وتقلبات الزمن واحوال السودان الذى اصبح هو الاخر اسواء من العذاب الذى جعل بنات حواء السودان يختارون (العريس المريش) وكم من شباب السودان امثال صديقى المشوكش . لم أكن اعتقد أن التحاقي بكلية الهندسة جامعة الخرطوم في بداية التسعينات هي بداية لمعناه أكاديمية ، وسياسية ، وعاطفية . لم أكن ارغب في دراسة الهندسة واضطررت مجبرا لرغبة الأسرة للالتحاق بها .ونظرا لان ليس بيني وبين الهندسة ود ولا صداقة فهي لم تكتفي بالزجر الأكاديمي فحسب بل رادفتها بالهجران العاطفي .. والأخير هو محور خاطرتي هذه وعنوان ماساتي فانا ألان نلت درجة الشرف من المرتبة الأولى في " المشوكشه" بدلا من نيل الدرجة نفسها بالهندسة . وأنا في السنة الأولى " سنة برليم" وفي الأيام الأولى من التحاقي بالجامعة ، في قمة الفرح والسرور بان يكون لي حظ في دخول هذه الجامعة العريقة ضمن منافسة مائة وثلاثون ألف طالب وطالبة كانت قاعة OLT هي القاعة التي يدرس بها طلاب هندسة وأقسام الرياضيات الأخرى في السنة الاولى الإعدادية بكلية العلوم ، قاعة بنيت من أوائل ستينات القرن الماضي حاضر فيها عالم الفيزياء العالمي الأمريكي " باركر" مؤلف كتاب "College physics" كنت دائما أحب أن اتخذ موقعا أماميا في القاعة الذي كان حصرا على الحسناوات وقليل من المحظوظين أمثالي .في صباح يوم جميل كانت المحاضرة فيزياء " علم الفلك " والمحاضر العالم الأديب المهذب والخلوق بروفيسور عبدالملك عبدالرحمن .. برغم من صعوبة المادة إلا أن للبروفيسور قفشات من الأدب العربي وأبيات من شعر يرددها بين الحين والأخر حتى يلطف الأجواء ويخفف علينا وهج المعادلات الفيزيائية المعقدة . في أثناء شرح البروفيسور عن معادلة في الفضاء المتجهي إذ بحسناء تدخل علينا قاعة الدرس فقد تأخرت عن المحاضرة لقد كانت فائقة الجمال ، فارعة الطول ....:
صفراء كالسيراء أكمل خلقها كالغصن في غلوائه المتأود
توقف المحاضر العالم الأديب فجأة عن المواصلة ولفت نظره مشيتها المتبخترة فانشد قول الشاعر :
تمشي الهوينى كما يمشي الوجى الوحل
لقد أحببتها من أول نظره "" سحرتني عيونه وبقيت مجنونه .. من أول نظره " وتوطدت العلاقة بيننا من احترام إلى حب وعشق ووله ، درسنا السنة الاولى في العلوم ثم انتقلنا سويا إلى السنة الثانية "الميدان الغربي" هندسه . كنت أرى المستقبل في عينييها الق يعقبه جمال ، كنا نحلم بعالم مثالي .. نعم لقد كانت هي بداية حياتي العاطفية وظللنا خلال سنتين ونيف أهيم وأصول وأجول في وطن اسمه الحب ووهم اسمه الوفاء . عام 1996م عندما حصل الغزو اليوغندي وصاحوا الكيزان في " المين رود" إلى الجهاد أقفلت الجامعة لمده عام دراسي والكيزان ينادون إلى الجهاد وأنا اردد قول الشاعر : قالوا جاهد يا جميل بغزوة فقلت أي جهاد غيرهن أريد طبعا اتجه كل الطلاب كلا إلى وجهته منهم من سافر إلى بلدته في الأقاليم ومنهم من كان محظوظا بان فاز باللوتري وطار الى ارض الأحلام أمريكا ، ومثلي من بحث عن عمل فلم يجد فعملت "طلبه مع مقاول في الحله" عموما بعد العام عدت أدراجي إلى الجامعة ، وعندما حطت برجلي اليسرى إلى بوابة الهندسة قابلني صديقي ومهد لي خبر استقبلته كاستقبال وفاة عزيز لدي .. وذلك أن في بطن الأشهر الماضية تقدم لأهل الفتاة فتى جسيما ،وسيما ذات ثروة " وارث" وتزوجها وأنجبوا ولدا .. وعلق صديقي على هذه المناسبة بالقسمة والنصيب والعقلانية في هذه الأمور وأنت ما زلت طالبا في روضات العلم فليس من المعقول أن تنتظرك هذه الفتاة حتى يظفر الشيب بنصيب وافر من شعر رأسها ،،، انتهى عزاء صاحبي . وهكذا دبرست شهر ثم عاودت أدراجي للكلية مرة أخرى ثم مللتها فحولت مجال دراستي إلى مجال آخر وأنا ابحث في وطن مثالي جديد اسمه الحب ووهم اسمه الوفاء !!
الشاكوش الثاني : كنت في السنوات الأولي في كلية الهندسة وهي عندئذ في المرحلة المتوسطة ، جميلة ، رقيقة ، عذبة الحديث يكسوه خفة الدم وبشاشة الروح ، ناعمة الملمس .. تفاءلت أن حب فتاة صغيرة في مقتبل العمر قد أشكل بالنسبة لها الحبيب الاول والأخير : نقي فؤادك كما شئت من الهوى ما الحب إلا للحبيب الاول ! كانت تسكن بجوارنا .في الحي. الجميع يلاحظ اهتمامي بها واهتمامها بي وحبي لها وحبها لي .. وكان العديد من الشباب يحسدوني على الفوز بقلبها دون منازع .لقد كانت والدتها نفسها تلاحظ ذلك الاهتمام أمها في بداية الأمر كانت مسرورة بذلك فابنتها في مقتبل العمر وذاك الشاب المنضبط في سلوكه الحامل لمسطرة هندسة ثلاثة أيام في الأسبوع له مستقبل يرجو منه عطاء ماديا فيما بعد عظيما ! هكذا كانت تتوقع ! ولم تدري أن هذه المسطرة اللعينة لم تكن بالنسبة لي سوى عصا أهش بها غنمي ولي فيها مآرب أخري مرت السنوات وشاء الله تبارك وتعالى أن تلتحق الفتاة بكلية الهندسة . وشاء لي القدر أن أكون في مذبلة التاريخ " العلمي ، والاجتماعي ، والثقافي ، والفكري والاقتصادي " وذلك بان اضطر أيضا ولظروف العائلة الصعبة بالاغتراب إلى المملكة العربية السعودية... لم تكن ظروفي الأسرية في بداية الأمر تسمح لي بالتقدم إلى الفتاة فانا اكبر البيت ووحيده من الذكور كنت على اتصال بها لاحظت شيئا من التغير في الأسلوب وعندما سألتها عن السبب ادعت بان دراسة الهندسة شكلت لها ضغوطات أكاديمية ولم تترك إلا بصيص فراغ إلى العواطف والمشاعر .تمهلت قليلا ريثما ينصلح وضع الاقتصادي لكي احمل دريهماتي وارتمي في حضن وطن الكبير السودان وحضن حبي ............. لكن هيهات للشقي ان يسعدا : حظي كدقيق نثروه ثم قالوا لحفاة يوم جمع اجمعوه إن من أشقاه ربي كيف انتم تسعدوه !!
عندما اتصلت على والدتها واعرف أن القرار الاول والأخير في يدها بنية التقدم إلى ابنتها فاجأتني بأنني تأخرت كثير فهناك مليونير متقدم " له عمارة وعربية كامري جديدة ورصيد في البنك وعمل تجاري ناجح ، " فماذا تملك أنت يا بني ؟ رجاءا أن كنت تحبها صادقا أن تخرج من حياتها من قبل شقها الأيسر نهائيا وتتركها في النعيم القادم : لو كان حبك صادقا لاطعته إن المحب لمن يحب مطيع
تزوجت فتاتي المليونير وكان أخر عهدي لها منذ سنين مودعا بأغنية الفنان محمدا حمد عوض " اصلو القسمة ما معروف ليك ولي كانت خافية ، يدوم سعدك مع غيري يملا شبابك العافية ".
الشاكوش الثالث : المعلوم لدى الجميع أن المغترب أن لم يكن مرتبطا من قبل اغترابه فانه من الصعب اختيار شريكة الحياة الا بمساعده الأسرة أو الأصدقاء والمعارف ويكون عندئذ اختيار تقليدي جدا . قبيل عام من تاريخ كتابة السطور كان زواج احد الأخوان الذي أفخر بمعرفتي به بدار الغربة رجل ذو مروءة ، كريم محفوف بالكرم الحاتمي فما من ذو حاجة إلا وكان أول الباذلين مالهم في زمن الشح والأنانية والجحود !ذهب هذا المهندس إلى السودان للزواج من ابنة عمه وعاد بعد انقضاء إجازة كانت شهر العسل في السودان عاد محملا بأشرطة الفيديو " حفلات عرسه " فمراسيم الفرح في السودان لها وقع خاص في نفوس السودانيين وأيضا إعجاب من قبل الأجانب اللذين اختلطوا بالسودانيين ، اعجبتي في الشريط فتاة كانت هي نوارة الحفل ، جميلة ، ممشوقة القوام ، ممتلئة الأرداف لها ابتسامة لا تفارق شفتيها ! وكعادة مغتربين السعودية " الوهم " سالت الأخ المهندس عن الفتاة لفرط إعجابي الشديد بها وفعلا تم مواصلتي واتصالاتي لها عبر الهاتف " حب من التلفون " وأخبرتني أنها رفضت العديد من العرسان بالرغم من أوضاعهم المادية الممتازة لأنها تتوق إلى قلب وبداخله رجل وليس العكس " طبعا هذا كله كلام نواعم من اجل إثراء سوقهن " من الصدف أيضا أنها طالبة في كلية الهندسة. أخبرتها بحقيقة وضعي المادي والعبئ الأسري .بكل صراحة . في الحقيقة أحيانا كثيرا أحس أنني صادقا أكثر من اللزوم وشفافا . وبما أن خطوط الهاتف وأشرطة الفيديو ليست الوسيلة الوحيدة للتعارف والزواج اتفقت معها باني سوف احضر إلى السودان بعد يناير لكي نتعارف اسريا أكثر ، كذلك عرفتها على أخواتي عبر الهاتف لكي يمهدوا لي طريق المقدمات الطويلة في عرف الزواج التقليدي . لقد انقطعت عن الاتصال بها لمدة شهر وعندما اتصلت بها أخر مرة بدأنا الحديث كالعادة عن الحال والأحوال والدراسة ، والناس الطيبين في السودانيين وغيرها من المقدمات التي عادة ما ابتدأ بها اتصالاتي بها وقبل ان ألج معها في خضم موضوع حلقتي الجديدة من اتصالاتي الهاتفية فاجأتني قائلة " بالمناسبة أنا عرسي خامس يوم العيد !"دون مقدمات أو حتى اعتذار عن الشعور التي راحت هدرا في التلفونات والقبلات الهاتفية يا الهي لماذا فعلت ذلك وأين وعدك المكذوب بعد يناير ؟ لماذا لم تصارحيني بحقيقة الأمر إلا بعد الاتصال بك ؟ لم ترد إلا بان الشخص المتقدم المطابق اسمه لاسمك اخ صديقتي وجاء من السعودية محملا بالمال والوفير والذهب ويبحث عن زوجة فرشحت له أخته شخصي وعموما يا عزيزي الحياة فرص وكل شيء قسمة ونصيب وأتمنى لك حياة أفضل مع غيري ، انتهي كلامها . وأنا اسأل نفسي ان كانت مشكلتي مع الهندسة أزلية تاريخية تخلوا من الود فما ذنب قلبي من كدمات ثوار هندسه وجنودها " طالبات هندسة" تبا لوطن اسمه الحب ، ووهم اسمه الوفاء !!!! خلاصة قولي أوجه رسالتين : ـــــــــــــ إلى علماء الرياضيات اللذين يصرون على الخط المستقيم هو اقصر طريق يربط بين نقطتين ، هذه نظرية خاطئة لان الخط المنحنى عبر التوائهما ومنعرجاته ووفقا لمعادلة تفاضلية بسيطة بإحلال النسب المثلثية ومعادلات الميل بعضها من بعض وغيرها يصلح ان يكون اقرب طريق يربط بين الدنيا كلها " دنيا النفاق ، والوصولية " . ــــــــــــــ إلى اللذين يعتقدون ان شكوشا واحدا قادرا على ان يود بحياتهم .. فهاأنذا أعيش بغد هذا في انتظار اللقاء ! فلا نامت أعين الجبناء ! ـــــــــــــ إلى كل من يبحث عن وطن جديد : :
سأظل احلم بوطن جديد وطن لا أمراء فيه .... ولا عبيد وطن يشدو الكروان فيه أحلى نشيد وطن لا جهنم فيه كلا ..... ولا وعيد وطن لا سجن .. ولا سجان ولا أغلال ولا حديد وطن لا أحمق يعيش فيه ولا بليد وطن فيه غرام قيس لليلى في كنف قصر الرشيد فلنهتف سويا .... هلموا إلى وطن الأحرار في زمن العبيد انه وطن جديد وطن جديد
|
|
|
|
|
|