دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
Re: خدر.. دي عجبتني ليك (Re: عبد الله عقيد)
|
عقيد اخوي تعرف انا من امس بسمع في اولاد حاج الماحي ونتباخل عليكـ بالرد قلت لمن اشبع عشان اشكركـ شُكر تمام علي الهديه السمحه دي
واهديكـ بدوري حلقات للاستاذ انس العاقب عن فن المديح
فن المدايح.. اكتشف أم انتهب... (1ـ3)
انس العاقب
ما ان سقطت دولة المهدية والقرن التاسع عشر يلفظ انفاسه الا وعادت الحياة من جديد للحركة الاجتماعية من كل مناحيها وفي كل اتجاهاتها ومناشطها التقليدية فعادت الطرق الصوفية الى سابق عهدها بعد ان نضت عنها اثواب الحظر والمرارات فانطلقت ترفع راياتها عالية في كل مراكزها ومواقعها في العاصمة المثلثة وفي الاقاليم.
عادت الاوراد والاذكار تتردد صباح مساء وعاد ذكر العصري والانشاد وفوق ذلك كله عاد المديح يحتل مكانه المتقدم الذي فقده بسبب الحظر الذي فرضته سلطة المهدية على كل انواع الغناء ما يقرب من عقد ونصف.. دون ان يؤدى ذلك الحظر سوى خفوت صوته ولذلك عندما عاد كان الاكثر انتشاراً والابعد اثرا والاعلى صوتاً.. يظل الغناء (الدنيوي) دائماً ابداعاً متجدداً لأنه يعتبر حراكاً اجتماعياً متغيراً ومتجدداً ولهذا فان كثيراً من الغناء يتراجع امام ذاكرة التاريخ وتواتر ما تفرزه حركة المجتمع من غناء يعبر عنها لا يبقي منه الا ما يعبر عن وجدان الامة كرمز لمجد الابداع وضمير الوطن.
اما خصائص (المديح) فانها تختلف تماما عن خصائص الغناء (الدنيوي) لان المديح لا يعبر عن حالة وجدانيه متغيره ولان رسالته تتركز في ايقاظ وتركيز روح الصلاح ومحبة رسولنا الكريم وصحابته واهل بيته وتقويم تراث السيرة النبوية وفوق ذلك كله تبصير الناس بأمور دينهم ودنياهم بلغة فنية اقرب الى فهمهم ووجدانهم وبأسلوب منغم اخاذ وجذاب وكل المداح منذ اربعة قرون خلت هم (الفنانون) الشعبيون الذين يطوفون بهذا الفن من مدينة الى بلدة الى قرية بكل ما في هذا التطواف من رهق وشدة ولكنهم ما ان يصلوا الي وجهتهم كانوا يحاطون بمظاهر الحفاوة والتكريم بل يتباري الناس في تبجيلهم وتقديرهم بالهدايا والولائم وكانت اكبر جائزة يتلقاها المادح تتمثل في تزويجه من احدى المحظوظات ولا غرابة اذاً في ان كثيراً من المادحين الرواد كان معروفاً عنهم كثرة الزواج (ويعتبر المادح رضوان خليفة ـ جدي لأمي ـ من اشهر المداح المزواجين الذي يحكي انه تزوج من نيف وثلاثين امرأة وكانت في «حباله» دائماً اربع زوجات يطلق احداهن ليتزوج من جديد.
كان المديح فرصة طيبة ومناسبة لا تفوت يجتمع حوله الناس ولا يتخلف منهم احد من النساء والاطفال يجلسون بعيداً وكانت المسنات يرددن في خفوت مقطع الافتتاح (العصاية).
المادحون كان معروفاً عنهم اساليبهم المتميزة في الاداء كما تعتمد شهرتهم علي مواضيع القصائد التي يتغنون بها ونداوة اصواتهم واجادتهم لضرب الطار وفوق ذلك شهرتهم بحسن الهندام (النظافه) وتطيبهم بافضل انواع العطور اما بتلك التي كانت تهدى لهم أو التي كانوا يتخيرونها بعناية من الاسواق أو من انواع العطور القادمة من غرب افريقيا ذات الرائحة النفاذة.
ولحلقات المديح ومجالسها طقوس لايتنازل عنها المداح ولا بد ان يتقيد بها اهل المكان الذين يستضيفونهم مرة لا تزيد عن يومين او ثلاثة الا في حالات خاصة تستوجب الاقامة عند احد الشخصيات المرموقة او الأسر الموسرة.
هكذا كان (المداحون) وسيظلون كذلك من انطلاق الرواد الاوائل من ديار الجعليين في القرن السادس عشر بعد قيام السلطنة الزرقاء تحت ظلال الطرق الصوفية السودانية كما اشار لذلك قرشي محمد حسن في سفره القيم «مع شعراء المدائح» ويعتبر الشيخ صالح الامين هو اول من اطلق عليه شاعر البادراب وتبعه العبيد ود قدوره وود تميم وحاج العاقب (جد الكاتب) ثم تبعهم مادحون آخرون منهم ود حليب وعبد الرحمن ود كور وحاج الماحي ومحمود ود سعيد وعبد الرحمن النقشابي والامين قمادي وصايغ الجريف وحاج ابوزيد وود سوركتي وحسن نصر وكلهم يعتبرون من رواد المدرسة الاولى.
ثم جاءت مدرسة الشعراء الثانية التي يمثلها أحمد ود سعد وأحمد ودسليمان وأحمد القلع وأحمد ود ابي شريعة ومحمد ود الشاعر صالح الامين وعبد القادر أبو كساوي وأحمد أبو كساوي والزين كساوي وطيفور الدقوني وود عبد الملك وحسن البصري وحياتي..
وعند قيام الثورة المهدية انضمت بعض الطرق الصوفية للمهدية واستتبع ذلك ايضا انضمام مادحوها ايضا فاصبحوا من اشهر مادحي المهدية مثل أحمد ود سعد ومحمد ود التويم وود ابوكساوي وود ابي شريعة و غيرهم وكما اسلفنا فان سقوط دولة المهدية دفع الطرق الصوفية التي فرضت عليها المهدية الحظر لممارسة شعائرها فعادت من جديد اكثر قوة..
ومن خصائص فن المدائح هو تميزها اولا بايقاعات خاصة بها اطلقت عليها اسماء (مصطلحات) لاتزال متعارفا عليها وهي المربع والمعشر والمقيد والمخبوت الدقلاش والحربي.. كانت الدفوف «الطار» هي الآلة الوحيدة التي تصاحب المديح وكان لا بد للمادح من اجادة العزف على الطار بل في حوار لي مع احد المادحين (علي المادح فيما اعتقد) ان المادح لا يجاز لصوته الجميل ولكن باجادته لعزف الطار ضرباً وقد كان مادحو الطار يرافقون بالتصفيق وضرب بالعصى وهما اقدم انواع الآلات الايقاعية قبل استخدام الدفوف (الطار) بل ان المديح نفسه في طوره الاول قبل ضرب الطار كان يسمى (مديح العصا).
اما الحان المدائح فهي عموما وفي اغلب الاحيان ثنائية Binary تتكون من مطلع الاستهلال (العصاة) والمقطع الذي يتردد دائماً تفصله العصاة اي ان العصاة هي «أ» والمقطع «الكوبلية» هو «ب» فتكون المدحة هي التكرار الدائم أب أب أ أو أب أب أب وهو ما يسمى في كل الاحوال باللحن المدور الذي ياخذ باطراف بعضه في حركة دائرية في نهاية القصيدة، و لنأخذ لذلك اقدم نص للشاعر صالح الامين.
المطلع «أ».
زاد حساري تجر القام بي ليلو شاري
زارد الزين
المقطع «ب»
قوم ياخوي ذات نهاري طيب نضف لي داري
يامن للخلق باري من على بالمساري
زاد حساري «أ»
ونموذج آخر للشاعر المادح ود تميم.
المطلع «أ»
اللبيب مقصودة الوقاعة
باناوى قوم امساك بسراعة
المقطع «ب»
النديم قال لي يا جماعة اخبرك بي عين النفاعه
عمرك المعدود ساعة ساعة كلو يامغرور سوو قاعه
المطلع «أ»
اللبيب مقطوده الوقاعه
يا نادي قوم امساك بسراعة
واما الشاعر المادح حاج الماحي فقد جمع له وحقق المرحوم عمر الحسين حوالى 134 مدحة اغلبها ايضا في «القالب» الثنائي Binary Form نأخذ منها هذا النموذج. المطلع «أ»
عيب شبابي الاتحبسي والله لي سيد أنس
المقطع «ب»
بسم الله يا ملك النفس ياغايث الصيد والتبس
اغنينا من بعد الفلـــس نقنع بما تعطينا بس
المطلع «أ»
عيب شبابي الاتحبس والله لي سيد انس
شكرا تاني يا عقيد .. و هديتكـ مقبوله تب و برجع ليكـ نتونس حول المديح و اولاد حاج الماحي
| |
|
|
|
|
|
|
|