|
|
 السودان: الكيل بمكيالين :بقلم :د. حيدر ابراهيم
|
السودان: الكيل بمكيالين
بقلم :د. حيدر ابراهيم
يعيش السودان ـ حكومة وشعباً، نظاماً ومعارضة، أسوأ وأخطر فترات تاريخه المعاصر. فهناك حالة من الشك والترقب واللايقين بعد قرار مجلس الأمن 1593 القاضي بتقديم مجرمي حرب في دارفور للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، وتشمل التهمة 51 مسؤولاً رسمياً وبعض مشايخ المنطقة.
ورغم ردة الفعل الانفعالية السريعة للحكومة وحزبها الحاكم ومواليها من أحزاب البرنامج، إلا أن الصخب والضجيج لا يمثلان مواجهة أو حلاً حقيقياً للأزمة بل مجرد تنفيس وأحياناً تعقيد، خاصة حين ترتفع شعارات استفزازية للمجتمع الدولي والأمم المتحدة والغرب. وحتى الآن لم تبدأ الحكومة في وضع خطة علمية للتعامل مع القرار وتداعياته الخطيرة.
ولكن مشكلة الحكم في السودان جاء في حقبة تحول تحمل تحديات حقيقية لفكر القائمين به، خاصة سؤال: كيف تعيش دولة إسلامية (أو تتبنى ما تراه خياراً إسلامياً) في كون يتعولم ويتحول إلى قرية كونية صغيرة؟
لم يعد من الممكن لأي دولة أن تعيش في عزلة وأن تستفرد بشعبها داخل حدودها الوطنية وتفعل ما تريد دون أي تدخل دولي وفقا للمواثيق الدولية لحقوق الانسان. وهذه أهم جوانب العولمة الإيجابية بعيداً عن احتمالات الهيمنة الاقتصادية التي قد تحملها العولمة. فقد أصبح من المستحيل إخفاء انتهاكات حقوق الانسان المحلية ثم لم تعد الدولة الوطنية حرة في تقتيل أو تعذيب شعبها وهنا يجيء ما يمكن تسميته بالتدخل الحميد، لأن مثل تلك الدولة لا تملك ضميراً وحساً إنسانياً.
لذلك يمكن أن تعتبر دولة قاصرة ويحق للمجتمع الدولي أن يحجر عليها التصرف الحر لأنها تسيء استخدام «حريتها». وهذا ما حدث في دارفور تماماً، فقد حدثت انتهاكات وتجاوزات وتفاقمت الأزمة واستمر التجاهل أو التقليل من المشكلة باعتبارها نهباً مسلحاً، وفجأة ـ كما يقول النظام ـ اهتم العالم بدارفور.
وعوضاً عن العمل بجدية لإيقاف الحرب ومعاقبة المجرمين، استمرت الحكومة في لعبة المناورة وإضاعة الوقت وكان من الممكن للنظام ان يقيم نفس المحاكمات التي نقرأ عنها اليوم في الصحف، وأن يشكل لجنة مولانا دفع الله الحاج يوسف مبكراً، وبالتالي أن يبرئ نفسه حتى من التواطؤ والصمت، ولكن لجأ إلى المواقف اللامجدية والتي جربها قبل ذلك أي قذف تهم التآمر والاستهداف، وكانت النتيجة القرارات الأخيرة التي يواجهها السودان الآن.
المفارقة التي يعيشها النظام السوداني هي أنه عضو في الأمم المتحدة وفي كل وكالاتها المتخصصة ويصل إلى درجة عضوية مفوضية حقوق الانسان بجنيف، فهو يعترف بها بل ويستفيد من مساعداتها الفنية والمادية، ويخطب مندوبه الدائم كل عام في سبتمبر في الجمعية العامة، ويشتكي دولا تهدد أمنه وحدوده.
ولكن حين تدينه الأمم المتحدة أو مجلس الأمن، تظهر لغة جديدة تسب المنظمة، بل تصل لدرجة الإساءة الشخصية للسكرتير العام، فقد وصفه الأمين العام للحزب الحاكم ابراهيم احمد عمر بأنه فاقد الرجولة والشهامة. وقبل يومين وصفه وزير الخارجية مصطفى عثمان إسماعيل بأنه بوق للدول الكبرى، ويظهر الكيل بمكيالين مباشرة بعد هذه التصريحات النارية.
لأن المجتمع الدولي والأمم المتحدة قاما برعاية مؤتمر المانحين في أوسلو تحت ضيافة النرويج، وفجأة نرى الطاقم نفسه الذي يشن الهجوم على الأمم المتحدة وسكرتيرها يصافحه ويشكر الأمم المتحدة على اهتمامها بتعمير السودان! ولا أدري كيف تكون معونات ومنح المجتمع الدولي بهذه الطهارة والانسانية وتكون عقوباته ومحاكمته دليلاً على الاستهداف الصليبي؟
ويرى النظام العالم بطريقة ذاتية غير علمية فهو جيد حين يلبي متطلباته ولا يتعارض معه ويتحول إلى عالم سيئ وشيطاني حين يعارضه، هذه الانتقائية في التعامل مع المجتمع الدولي والعالم والآخر تجعل النظام السوداني يعيش تناقضات وصراعات مستمرة مع كل الدنيا، خاصة وقد وقع على اتفاقيات ومعاهدات ومواثيق تشكل القانون الدولي وبالتالي أصبح جزءاً منه.
لذلك استغربت على جرأة المسؤولين السودانيين في أوسلو وهم يطالبون العالم بزيادة المساعدات ثم الالتزام بها والاسراع في التنفيذ وحين يأتون الى الخرطوم ـ في الساحة الخضراء ـ يطلبون من الشعب الغلبان ان يستعد للجهاد ومحاربة العالم الكافر الذي يحيط بالسودان والاسلام، لابد من موقف متسق يرفض العقوبات والمساعدات معاً، واتخاذ موقع مستقل ومتكامل تجاه هذا العالم الفاسد والوصول إلى فلسفة ورؤية واضحة عوضاً عن هذا الخلل الفكري.
بسبب ما تقدم عجز النظام عن الوصول إلى حل في مواجهة قرار العقوبات، رغم ان الحل سهل، فالقرار صدر وهو ملزم وواجب التنفيذ ولكن يستطيع النظام ان يشكل حكومة قومية يبعد عنها أي متهم حتى تثبت إدانته عن السلطة، وتقوم هذه الحكومة القومية بتشكيل هيئة محكمة قومية أيضاً تضم قضاة مؤهلين ومستقلين من جميع القانونيين وليس فقط القضاة العاملين الآن. بل من المفصولين والمبعدين، وتعرض الأسماء على المحكمة الجنائية الدولية والتي يمكن لها في حالة الموافقة ان تراقب المحاكمة التي ستكون في داخل السودان، وبالتالي يكفر الرئيس البشير عن قسمه، والأهم من ذلك هو ان الشعب السوداني يكون قد حاسب من انتهكوا حقوقه.
مدير مركز الدراسات السودانية
منقول من البيان.
**********************************************************************************
In my view all is OK, but the trials shouldn't necessarily be in Sudan
|
|
 
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: السودان: الكيل بمكيالين :بقلم :د. حيدر ابراهيم (Re: merfi)
|
Quote: ويرى النظام العالم بطريقة ذاتية غير علمية فهو جيد حين يلبي متطلباته ولا يتعارض معه ويتحول إلى عالم سيئ وشيطاني حين يعارضه، هذه الانتقائية في التعامل مع المجتمع الدولي والعالم والآخر تجعل النظام السوداني يعيش تناقضات وصراعات مستمرة مع كل الدنيا، خاصة وقد وقع على اتفاقيات ومعاهدات ومواثيق تشكل القانون الدولي وبالتالي أصبح جزءاً منه.
|
Da Ismo Figh Al-Daroora ya Jini
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: السودان: الكيل بمكيالين :بقلم :د. حيدر ابراهيم (Re: merfi)
|
merfi
| Quote: تضم قضاة مؤهلين ومستقلين من جميع القانونيين وليس فقط القضاة العاملين الآن. بل من المفصولين والمبعدين، وتعرض الأسماء على المحكمة الجنائية الدولية |
هل يعقل ان يأتى بالمفصولين والمبعدين من أجل الدفاع عن كم فصلوهم وابعدوهم
لا والف لا فالمحكمة الجنائية بلاهى هى البوابة التى تنتظر هؤلاء المجرمين
تحياتى
| |
|
|
|
|
|
|
| |
merfi
jini
بلدى يا حبوب
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست