الصادق المهدي هل هو "مستبد ناعم" لنقرأ مقالة سارة عيسي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-13-2024, 03:16 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-29-2005, 07:14 AM

د. بشار صقر
<aد. بشار صقر
تاريخ التسجيل: 04-05-2004
مجموع المشاركات: 3845

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الصادق المهدي هل هو "مستبد ناعم" لنقرأ مقالة سارة عيسي




    هل ينقذ الصادق المهدي الاسلام والعروبة من براثن العلمانية والافرقة ؟؟؟ بقلم سارة عيسي
    سودانيزاونلاين.كوم
    sudaneseonline.com

    3/26/2005 4:30 ص
    يعتبر السيد /الصادق المهدي من القادة التاريخيين لحزب الامة هذا اذا لم نقل أنه الزعيم الوحيد لحزب الامة طوال فترة الثلاثة عقود المنصرمة ، وعلي الرغم من ادعاء حزب الامه بأنه رائد برنامج الصحوة في السودان وأنه الحزب الوحيد القادر علي عقد مؤتمرات تأسيسية من أجل انتخاب أمين عام الحزب ولكن كل هذا لم يحدث ، ولا زال حزب الامة يعاني من أزمة الزعيم الاوحد والكارزما التاريخية ، وحتي هذه اللحظة فمنصب أمين عام الحزب غير مطروح للتداول ، واذا جرت انتخابات داخل حزب الامة فسوف تكون النتيجة شبيهة بانتخابات الاقتراع علي رئاسة الرئيس المصري حسني مبارك داخل أروقة الحزب الوطني الحاكم ، اي أن النتيجة هي الصادق المهدي في كل الاحوال ولا مجال لانبعاث قيادة شابة جديدة يمكنها أن تطور نشاط الحزب الذي تضرر كثيرا من عملية احتفاظ السيد الصادق المهدي بكل مقاليد الحزب لمدة تزيد عن ثلاثة عقود ، ولم تنجح كل المحاولات في زحزحة السيد الصادق المهدي عن مكانه ، فأصبح حزب الامة هو شخص الصادق المهدي ، حيث يفكر الحزب بعقل السيد الصادق ويتطور وفقا لرؤية السيد الصادق أيضا , وغابت عن أروقة الحزب ضرورة المشاركة الجماعية في طرح الرؤي والافكار ، وشحت أيضا المساهمات الفكرية وعلي الرغم أن حزب الامة كان في يوم يشكل الاكثرية النيابية في الحياة السياسية السودانية ، وعلي الرغم أن حزب الامه كغيره من الاحزاب يضم في صفوفه بعض من حملة الشهادات العليا والدكتوراه الا أن مساهمات هولاء الافراد تميزت بالشح اذا اذا لم نقل معدومة تماما وذلك بسبب العوائق الاحترازية التي يضعها السيد الصادق المهدي في وجه الذين يحملون وجهة نظر مغايره لأفكاره ، وبرع السيد الصادق المهدي في التكتيكات والمناورة السياسية ، ففي الديمقراطية الثالثة فض الشراكة مع الحزب الاتحادي وعمد الي ضم الجبهة الاسلامية في حكومته ، فألهته الجبهة الاسلامية بعملية تطبيق الشريعة الاسلامية من جانب وتعمد الي قيادة المظاهرات من جانب اخر مطالبة بتوفر الخبز والدواء والمواصلات ، ثم فض شراكته مع الجبهة وعاد مرة أخري للتحالف مع الحزب الاتحادي بعد أن اضاع زمن في تطبيق برنامج الجبهة الاسلامية ، هذه هي حياة الصادق المهدي السياسية تذبذب ولعب علي الحبلين ، وبالنسبة لاتفاقية الميرغني – قرنق فقد تحفظ عليها السيد الصادق في بادئ الامر، وعندما وافق عليها هرعت الجبهة الاسلامية الي الدبابات وأنهت التجربة الديمقراطية وقطعت الطريق علي توقيع اتفاقية سلام سودانية خالصة من غير تدخل خارجي ، أنتهت التجربة الديمقراطية ووصف عندها المشير البشير قائد الانقلاب الصادق المهدي (( بأنه الرجل الذي يكثر من الكلام حتي فقد مصداقيته )) ، وزعمت أجهزة السطة الامنية أن الصادق المهدي تم القاء القبض عليه وهو متخفي في زي امراة وقد حلق لحيته وشاربه ، وذلك يعني أن أعتقال ( أبو عدي ) علي يد القوات الامريكية كان أشرف وأرفع من اعتقال السيد الصادق المهدي فعلي الاقل أنه فضل الجحر علي أن يتشح بعباءة امرأة تجلب له العار علي مدي عمره ، وفي عام 1997 زعم الصادق المهدي أن ضابطا برتبة عقيد في امن النظام قد هدده بالتصفية الجسدية ولذلك قد هاجر سرا الي اسمرا في عملية سميت ( تهتدون ) ، ومن أسمرا واصل السيد الصادق حربه علي النظام في الخرطوم ، ولكنه أشتاق مرة أخري الي سياسة المناورة والخروج علي المألوف فقرر الدخول في سجال مع قائد الحركة الشعبية الدكتور جون قرنق ، وهدد عندها بأنه سوف يسحب قواته من التحالف المناؤي للنظام ، ورد عليه قرنق بمقولة تهكمية (( أن عدد قواتك لا تزيد عن مائتي فرد بما فيها القيادات الفكرية فهي لا تقدم ولا تؤخر في سير المعركة لأننا أحيانا نفقد هذا العدد في معركة واحدة )) ، عاد بعدها الصادق المهدي الي السودان من جديد وذلك من أجل مواصلة جهاد الداخل كما يزعم ، وعندما تم توقيع اتفاق نيفاشا بدأ الصادق المهدي في التأرجح من جديد ، أحيانا تجده يتحدث عن بنود غامضة في الاتفاق واحيانا يزعم أن هذا الحل لم يتم استشارة السودانيين علي بنوده وأحيانا يدعو الي مؤتمر جامع من أجل تكملة الاتفاق ، ولكن في الاخير لم يعلن الصادق المهدي موقفه من اتفاق الامر الواقع هل هو ضده أم معه ؟؟؟ وعندما عقد مجلس الامن جلسته في نيروبي طلب السيد الصادق من المجتمعين أن يقرأوا رسالته قبل بدء الجلسة وعندما تم رفض ذلك عاد للحديث عن النقاط الغامضة في اتفاق نيفاشا ، وقديما ذكر أن رئيس وزراء بريطانيا السابق ونستون تشرشل كان يحب أن يكون دائما في قمة الحدث ولذلك اذا رأي ميت يسير الناس في جنازته يتمني ان يكون ذلك الميت ، واذا رأي حفل زفاف يتمني أن يكون العريس ، وحتي الصادق المهدي يعاني من هذه العقدة ، فعندما تم اغتيال رفيق الحريري زعم الصادق المهدي أنه كان سوف يتعرض لمثل هذا النوع من الاغتيال ، ونسي الصادق المهدي أن الحريري كان رقما صعبا في السياسة الدولية ، ولذلك غضبت أوروبا لمقتله وشكلت الامم المتحدة لجنة خاصة للتحقيق في ملابسات اعتقاله وهذا أمر نادر الحدوث ان يهتم المجتمع الدولي لمقتل شخصية سياسية في دولة صغيرة مثل لبنان والتي أعتاد الناس فيها علي حوادث الاغتيال ، والمفارقة الثانية أن السيد رفيق الحريري كان رجلا معطاء والذين وقفوا وراء مقتله سرعوا ذهلوا من ردة فعل المجتمع الدولي ، فسقطت حكومة عمر كرامي وخرج الجيش السوري من سهل البقاع وهو يجر أذيال الخيبة ، أن الحريري لم يعش علي ارث أجداده ولكنه كان أبن صيدا التي يكدح ابنائها من أجل كسب لقمة العيش ، وقد عاش الحريري وهو يحلم بلمستقبل زاهر للبنان وحتي أخر أيامه كان يحلم ببناء ساحة الحرية وسط بيروت ، ولكن من الذي يستفيد من اغتيال السيد الصادق المهدي ؟؟؟ أن الصادق المهدي يحلم الان بدور الشهيد ولكن لن يجد الذي يتسبب في اغتياله لأنه لم يعد رجل المرحلة ، ومتي يعرف السيد الصادق ان العالم قد تغير وأن عليه دراسة الواقع الجديد وفقا للمستحدثات التي طرأت علي الشأن السوداني ، وعندما حدثت أزمة دارفور أختار الصادق المهدي أن يقف عند مفترق الطرق ، وحتي كتابة هذه السطور لم يذم الصادق المهدي مليشيات الجنجويد العربية علي ما أرتكبته من فظائع ضد المدنيين العزل ، وذلك لأن الصادق المهدي أختار أن يزن أنصاره في كفتي ميزان ، ويبدو أن كفة الجنجويد قد رجحت هذه المرة ، والصادق المهدي أيضا قد تجاهل مسألة المحاكمات عن عمد فهو حتي هذه اللحظة لم يقل رأيا في محاكمة قادة الجنجويد ، ويبدو أن الصادق المهدي نسي تاريخ حزب الامة ومجاهدات الانصار من أبناء غرب السودان والذين ايدوا الامام المهدي ونصروه بالمال والانفس ، فالامام المهدي لم يعلن ثورته في جزيرة ( لبب ) حيث معقل الهاشميين من بني عدنان من آل الامام المهدي ، ولكنه أعلنها من قدير في وسط كردفان ، وقف أبناء الغرب مع الامام المهدي ليس لانه عربيا فقط بل لأنه كان قوميا وكان سوف يخلصهم من ضيم الاتراك ، ترفع الامام المهدي عن حكاية العرب والافارقة ففاز برضا الجميع ، ولكن الصادق المهدي الان يبكي عروبة واسلام السودان، وكلنا نذكر خطبة الجمعة المنصرمة التي القاها الصادق المهدي وكيف أنه أصبح ينقب في سلة مهملات الجبهة الاسلامية فأختار منها ( الخوف علي العروبة والاسلام ) ، وحتي هذه الشعارات قد نبذتها الجبهة الاسلامية عندما تيقنت من عدم أرتباطها بأزمة السودان ، وانا أخشي أن يأتي يوم يطالب فيه السيد الصادق المهدي بعودة المشروع الحضاري للجبهة الاسلامية ، ولكن لماذا يدعي الصادق الان التحسر علي العروبة والاسلام التي ذبحت في السودان ، وهو أيام كان رئيسا للوزارة في السودان كانت كل علاقاته سيئة مع العرب لدرجة أنه فضل التعامل مع ايران الشعوبية ذات الاعتزاز بالماضي الفارسي علي أن يلج في علاقة مع دول الخليج العربية , وأستطاع الصادق المهدي أن يخسر علاقاته مع مصر في وقت وجيز ، وبذلك يكون أول من أسس لعزلة السودان الخارجية ، والان وبفضل الدعاية الامريكية تحول العرب الي بعبع يخافه الناس ، ولم يعد شعار العروبة براق وذو ريش جميل كما يظن الصادق المهدي ، بل بعض العروبيين مثل العقيد القذافي فكر أكثر من مرة التخلص من هذا الريش الزائف ، والصادق المهدي يريد أن يركب موجة شعارات الجبهة الاسلامية البالية ولكنه عليه أن يعرف حجم الثمن الذي دفعته الجبهة من أجل تحقيق تلك الشعارات ، الجبهة كانت تقاتل باسم العروبة والاسلام ومعظم شهدائها في ساحات القتال من أبناء الاقليم الشمالي والذين أنساقوا من غير علم الي اكذوبة الجهاد في جنوب السودان ، وتنصل الترابي بعدها من قصة العرب وخلع حتي قميص الجهاد الذي ارتداه طوال فترة مشاركته في الانقاذ ، ولكن الان الصادق المهدي يريد أن يرجع الي هذا المربع من جديد ، فهل أعد حزبه قائمة بشهداء العروبة والاسلام ؟؟؟ لأن أهل السودان الان لا يرضون ان يفرض عليهم أحد العروبة والاسلام
    ولنا عودة

    سارة عيسي
    http://www.sudaneseonline.com/aarticle2005/mar26-81501.shtml[/B]
                  

03-29-2005, 07:44 AM

إسماعيل وراق
<aإسماعيل وراق
تاريخ التسجيل: 05-04-2003
مجموع المشاركات: 9391

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الصادق المهدي هل هو "مستبد ناعم" لنقرأ مقالة سارة عيسي (Re: د. بشار صقر)
                  

03-29-2005, 08:21 AM

Abdulgadir Dongos
<aAbdulgadir Dongos
تاريخ التسجيل: 02-09-2005
مجموع المشاركات: 2609

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الصادق المهدي هل هو "مستبد ناعم" لنقرأ مقالة سارة عيسي (Re: د. بشار صقر)

    التحية للنابهة سارة عيسي والتحايا لك دكتور بشارة،
    شكرا علي القرأة الجيدة ، حقيقة يتحمل الأمام المرتبك جزء ليس باليسير من المحارق التي تدور في بلادنا. وحقا أثمن شجاعة هذه الكاتبة لما تطرقت له، الصادق المهدي لا يقل خطورة عن الترابي . الرجل يريد الرئاسة، الأمامة حتي لمة الجنازة يريد الصادق المهدى أن يقودها . لا أجد له وصف أبلغ مما وصفه الدكتور الأديب منصور خالد، فهو الفة السودان.
    هذا الألفة الأمام بدأ تشاطره بداخل أسرتة علي عمة من أجل القيادة ، ويحسب دائما أن المنتهي سيكون اليه. هذه المرة قد خابت صحوته، فسنده أهل الدوائر المغلقة لحزب الأمة صاروا دوائر مقلقة. حالما يفرغ أؤلائك المظاليم بتصفية الحساب مع الحكومة ولف لفيفها ، سيأتي دور الصادق وجنجويده . أصل الجنجويد صناعة الصادق وبابو نمر هم الذين أورثوا سنن تلك الثلة المارقة للجبهة، ولا يخرج منها حفيد الميرغني فقد أستورد لنا هذا الحفيد المحرق الطياريون العراقيون الذين دمروا الكرمك وقيسان. وها هو الآخر يطيل في الدراما وكانا ننظر فرجه . تبا لهكذا قادة ، ولكن لكل زمان مقال .
    لك التحية والأحترام

    (عدل بواسطة Abdulgadir Dongos on 03-29-2005, 08:22 AM)

                  

03-29-2005, 09:01 AM

abuarafa
<aabuarafa
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 962

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الصادق المهدي هل هو "مستبد ناعم" لنقرأ مقالة سارة عيسي (Re: د. بشار صقر)

    الدكتوره/ بشاره
    هذا الحوار التى اجرته كوش الجديده الالكترونيه اعتقد فيه اضاءات جيده لفكر هذه الرجل
    وهو مقال جدير بالقراءه المتانيه

    حوار مع السيد الصادق المهدى

    طرابلس- الفندق الكبير الأربعاء 5/9/2001

    فى الوقت الذى تم فيه صدور العدد الأول من أركامانى (الإصدارة 003 من كوش الجديدة)، تصادف وجود السيد الصادق المهدى، رئيس حزب الأمة ورئيس الوزراء السابق المنتخب شرعياً، فى طرابلس، فرأيناها فرصة سانحة لإجراء حوار مع سيادته وفق النهج الذى اختطته أركامانى فى فتح الحوار الهادئ مع التيارات السودانية بمختلف مشاربها، هادفة من وراء ذلك إستحداث تفاعل كيفى بينها وصولاً الى تشكيل رؤية تمثل الحد الأدنى للخروج بالسودان من أزمته الراهنة.



    ولقد راعينا لحظة إجراء الحوار الغوص فى المكامن الفكرية التى يستند اليها الرجل، تاركين مهمة ملاحقة الأحداث اليومية اللاهثة للإخوة من الصحفيين المحترفين. فغاية أركامانى سبر أغوار عقل السيد الصادق حفراً وتنقيباً وكشف المسكوت عنه فى الفكر السياسى والثقافى السودانى، وتهيئة الجميع للقبول بالمسلمات والثوابت الواقعية. كانت الحصيلة مجمل الأسئلة التى طرحها د. أسامة عبدالرحمن النور ود. محمد حسن باشا، على مدى ساعتين وما يزيد على السيد الصادق والذى تكرم بالإجابة عليها فى حوار هادئ. نأمل أن يكون هذا الحوار مفيداً عند قراءة الساحة السياسية والفكرية فى السودان. فالى الحوار:



    أركامانى: السيد الصادق المهدى، بوصفكم أحد صناع الأحداث السياسية فى السودان منذ نهاية الستينات من القرن المنصرم، وبوصفكم رئيساً لمجلس الوزراء فيه أكثر من مرة، ورئيساً لأحد أحزاب السودان الرئيسة (حزب الأمة) يكون لهذا الحوار معكم مبرراته. لذا تبادر أركامانى بإجراء هذا الحوار بهدف توضيح رؤيتكم، إحساساً منا بأن الكثير من المتعلمين والمثقفين بدأوا فى تأويل مواقفكم وتفسيرها بخاصة منذ عودتكم الأخيرة الى السودان، بما رأينا أنه قد يكون فى بعضه إجحافاً بحقكم أو إحتكاماً للقول المأثور "قطعت جهينة قول كل خطيب". لذا قصدنا من هذا الحوار التوضيح لا التبرير...فالسودان به فى الحقيقة منذ يونيو 1989 من المتغيرات والإصطفاف ما لا يدع لأحد حجة فى تبرير وقوفه فى صف دون الآخر، بل يحتاج الى تجذير موقفه.

    إن أركامانى من إسمها تستند الى موقف واضح من القضايا الفكرية المطروحة على الساحة، فهى تأخذ إسمها، مجلة للآثار والأنثروبولوجيا السودانية، من ملك كوش القديمة- أركامانى- الذى قام فى أواخر القرن الثالث قبل الميلاد بأول عملية تغيير جذرية فى المفاهيم السياسية لعصره، ليس فى مملكته فحسب وإنما مقارنة بما كان عليه واقع الحال من حوله، تحدى أركامانى سلطة الكهنة والمعبد وقام بمحاصرة معبد آمون فى نبتة بغية فصل سلطته الدينية عن السياسية. كانت مملكة كوش تعانى من ضعف شديد بفعل سيطرة رجالات الدين على الحياة السياسية فى البلاد ومجرياتها، وفقدت كوش ليس فحسب الأمل فى إستعادة سيطرتها على مصر، وإنما أصبحت مهددة من الأخيرة بعد سيطرة الاسكندر المقدونى عليها، وهجر الكوشيون أراضيهم فيما بين الشلالين الأول والثانى هرباً من الخطر الداهم. حققت سياسة أركامانى بفصل الممارستين الدينية والسياسية نجاحاً فاستعادت كوش عافيتها لتقف نداً للبطالسة ولتعيد إعمار النوبة السفلى الواقعة بين الشلالين الأول والثانى، بل وليسهم أركامانى فى تشييد المعابد فى كل من دكة وفيلة فى عمل مشترك مع نظيره الإغريقى بطليموس الرابع. إنعكست قوة الدولة الكوشية التى أرسى أسسها العقلانية أركامانى فى قدرتها ليس فقط الدفاع عن كيانها أمام المد الإمبراطورى الرومان الجارف، بل فى تهديدها المباشر للحدود الجنوبية الأقصى للإمبراطورية الرومانية التى أصبحت حينها سيدة العالم بلا منازع. هل يا ترى أن قدر السودان الحالى يتطلب منه العودة الى ماضيه وتجاربه السابقة لتحقيق الأمل فى بناء سودان موحد قوى أمة عظيمة واحدة للجميع ؟

    من هنا سؤالنا الأول: بدأ السيد الصادق المهدى حياته السياسية بالدعوة الى الفصل بين الممارستين الدينية والسياسية، شأنه شأن أركامانى، فى محيطه العائلى والطائفى. لكنه فى عام 1967 أخذ فى تغيير خطابه ليتبنى الدعوة الى نهج دينى إسلامى فى الحكم. كيف تفسرون ذلك التحول ؟



    السيد الصادق: بسم الله الرحمن الرحيم. أولاً أرحب بهذا المجهود الفكرى الثقافى الذى تقوم به أركامانى وأقول اننى من أكثر الناس ترحيباً بالحيوية الفكرية التى إندفع بها كثير من السودانيين وكونوا مراكز ثقافية وفكرية عديدة نشيطة داخل السودان وخارج السودان. اللافت انها فى السودان تمثل نشاطاً فكرياً وثقافياً غير حكومى مثمر. فى هذا الإطار أنا أرحب جداً بهذة المجلة وبسعيها فى إستجلاء الحقائق حول قضايا أساسية.



    أبدأ بأن أقول أن أية محاولة للكلام عن ماضى يلقى بظله على الحاضر شئ مستحيل. فمنذ زمان أركامانى الى عهدنا الحالى شهدت الإنسانية أشياء جديدة جداً ومختلفة جداً. فمفهوم الدولة، مثلاً، لم يعد مفهوماً فيه ذلك النوع من أُحادية السلطة.. الدولة الآن شعب وسلطات وأجهزة ومؤسسات منفصلة بعضها عن بعض ولا يوجد، مثلما كان فى الماضى، ذلك المفهوم الهرمى للسلطة أو للدولة. الدولة الآن، كما قلنا، شئ مختلف عنه فى أى فترة كانت. ثانياً: الدين لم يعد هو ذلك الدين بمفهوم محلى، المسيحية دبن عالمى وعندها مؤسسات عالمية، وتؤثر عبر هذه المؤسسات العالميَّة على السياسة والدولة فى كل مكان. الإسلام دين عالمى. شئ بديهى عندما نتحدث عن الدين الآن مع وجود أديان عالمية مثل الإسلام والمسيحية، فإننا نتحدث عن شئ مختلف عما كان عليه الأمر فى أى زمان من الماضى. هناك أيضاً الآن وعى أكبر بقضية الدين. مثلاً الأديان التقليدية المحلية فى أفريقيا، هذه الأديان مهما قيل عنها لها وجود حقيقى فى نفسيات وثقافات معتنقيها.



    لقد جاءت الأنثروبولوجيا الحديثة والسوسيولوجيا الحديثة وكل هذه العلوم بوعى بدور الثقافة أكبر بكثير عنه فى أى فترة سابقة. إن كتاب "تراثنا البشرى الخلاق" الذى أصدرته اليونسكو كمفهوم لدراسة آثار الثقافات الإنسانية على البشر يشدد على أهمية السلوك البشرى والمجتمعات لدرجة أن هذا التقرير الصادر فى عام 1996، على ما اذكر، دعى الى عد الحق الثقافى جزءاً لا يتجزأ من حق الإنسان كآخر حلقة من حلقات حقوق الإنسان.



    إننى عندما دعوت فى بداية عملى السياسى الى التجديد والإصلاح فى حزب الأمة تحدثت فى حقيقة الأمر عن الصراع الذى دار والمنطلق من ضرورة أن تكون السلطة السياسية مساءلة، والصراع الذى دار كان حول أن الهيئة البرلمانية هى التى ينبغى أن تقوم بانتخاب ومحاسبة السلطة السياسية، وهى التى ينبغى أن تقوم بإختيار المرشحين للإنتخابات البرلمانية. فى ذلك الوقت كان مثل هذا الكلام كلاماً ثورياً وصادف، فى رأى، ظروف ثورة أكتوبر التى أعتقد، شخصياً، بأنها كانت فرصة لإنتقال النفوذ السياسى من جيل الى جيل، من جيل الرواد الى جيل آخر. تمثل ثورة أكتوبر، فى رأى، هذه النقلة من جيل الى جيل ومن مفاهبم الى مفاهيم. ففى ذلك الوقت كان عطاء حزب الأمة وإسهامه فى هذا التغيير. لا شك لدىَّ أنه كان هناك صراع سياسى وفكرى نشأ فى السودان وأثَّر على مجمل الخطاب السياسى. هذا هو ما أدى الى بروز المفاهيم التى سألت عنها المتعلقة بالتوجه الإسلامى... كيف ؟



    اننى كنت ولا زلت أعتقد أن الشيوعية أتت الى السودان بمدرسة نوعية مهمة جداً، وساعدت فى الإستنارة السياسية فى السودان بدرجة عالية جداً. لكننى كنت ولا زلت أقول انها ربطت نفسها بمفاهيم أيديولوجية تختلف تماماً عن البيئة التى تخاطبها، ولذلك سارعت الى ربط التطور بأيديولوجيا غير مناسبة للبيئة التى تخاطبها وسيَّست التطور فى إتجاه هذه الأيديولوجيا... نهضة المرأة شئ مطلوب جداً بحسبان ذلك شيئاً من التحديث، ولكن ربط المرأة بالتحول الشيوعى أو التراث الشيوعى كان خطأ كبيراً، وهكذا بالنسبة للشباب وبالنسبة للعمال وبالنسبة للمزارعين. كان هذا وارد كتطوير ولكن لم يكن من المصلحة أن يرتبط بأيديولوجيا غريبة على المجتمع. هذه الأيديولوجيا الغريبة على المجتمع خلقت، فى رأى، مخاوف على هُويَّة هذا المجتمع مما شكل نافذة نفذ منها التيار الإسلامى الحديث. التيار الإسلامى الحديث كان ردة فعل على هذا الفكر الغريب، ولكنه كردة فعل صاغ موقفه هذا بصورة خلقت له وجود سياسى. هاهنا وجدت القوى السياسية السودانية كلها (!) نفسها أمام ضرورة تحديد موقفها من هذا الصراع بين أيديولوجيا وافدة شيوعيَّة وأيديولوجيا إسلامية حديثة هى أيضاً وافدة، لكن الثانية كانت رد فعل على الأولى. أوجب هذا ضرورة أن يبرز المسكوت عنه، بمعنى نحن كتيار سودانى عندنا قاعدة دينية قوية وكان دور الدين فى السياسة مسكوت عنه لا تعبير بارز explicit عنه. أوجب هذا الصراع أن يكون هناك تعبير بارز عن هذا الذى هو موجود فى الواقع ومسكوت عنه. وهذا الذى هو موجود فى الواقع السودانى مهم جداً فى رأى لأن المهدية فى السودان شكلت وجداناً دينياً لم يستطع حتى الإنجليز التحرر منه، الإنجليز أنفسهم كانوا مراعين جداً لمشاعر السودانيين الدينيَّة خوفاً من إنتفاضة مهدوية. ولذلك عندما نشأت الأحزاب السياسية فى السودان نشأت وفيها كلها (!) تركيبة دينية مسكوت عنها. عندما نشأ هذا الإستقطاب فى الحلبة السياسية الفكرية السودانية بدأ هذا المسكوت عنه يظهر. نحن فى هذا الظهور عبرنا عن توجهنا الإسلامى كانعكاس لهذه الحالة. أنا أعتقد اننا فى الحركة الفكرية والسياسية السودانية نشأنا وظاهر تماماً أننا منطلقين من منطلقات إسلامية دينية وعربية ثقافية. ينطبق هذا على كل القوى السياسية الشمالية (!). يزيد من هذه المسألة حقيقة أن الإستعمار كان قد ربط سياسته بتنصير كل القوى السودانية غير الإسلامية وغير العربية وأفرقتها، وتعامل مع المسيحية والأفرقة كأنهما أساسان مضادان للعروبة والإسلام بصورة جسدتها سياسة المناطق المقفولة. ولذلك عندما تناول المثقفون الخريجون السودانيون هذه الحقيقة تناولوها ليس بصفة تبيُّن الحقائق فقط ولكن بصفة ردة فعل على سياسة المستعمر. صاغ هذا موقفاً فى مذكرة الخريجيين عام 1942 أنهم يتطلعون لنقض هذه السياسة ونتائجها. كذلك عندما جاءت السلطة لهؤلاء القادة السياسيين كانوا يرون أنَّ واجبهم نقض هذه السياسة بحسبانها سياسة الإستعمار دون الأخذ فى الحسبان أن هناك حقائق، صحيح أن الإستعمار إستغلها، لكن هناك حقائق التباين الثقافى والتباين الدينى. كذلك نحن من منطلقات تفعيل العامل الدينى الكامن فى تكويننا ومن منطلقات الوعى الوطنى المضاد للإستعمار، فى رأى، تعاملنا مع هذا الموضوع بصورة لم تعط الوجود الآخر أية قيمة. أدى هذا الى أن القوى السياسية والفكرية كلها (!) فى السودان سواء من المنطلق الدينى أو المنطلق الوطنى فى الحقيقة همشت وأسقطت دور الهويات الأخرى. كان هذا ضمن عوامل أخرى أكثر عامل غذى التمرد والمقاومة المسلحة وبررها لدى الناس الذين حملوا السلاح.



    بالنسبة لنا المنطلقات التى إنطلقنا منها والتى، فى رأى، كانت مفهومة فى الستينات وفق الخلفيَّة التى قدمتها، طورت الجبهة القومية الإسلامية تلك المنطلقات الى أعلى درجة ممكنة الى الحد الذى أدى، فى رأى، الى أقصى درجة رد فعل فى الإتجاه الآخر. خلق هذا الإستقطاب الذى صحب نظام الإنقاذ والذى أبرز لنا عدم منطقية الموقف الأصلى لأن الجبهة لم تأت بموقفها هذا من فراغ ... أتت به فى الواقع تطويراً للموقف من الهُويَّة العربية فى السودان بوصفها السيادة النهائية end-power. كل ما نقوله هو بدلاً عن أن يكون الحد المقيد بالواقع طوروه الى حد خيالى. شكل هذا بالنسبة لنا صدمة، وللآخرين غير المسلمين وغير العرب شكل كارثة. فى ظل هذا وجدنا أنفسنا أمام الجهات المتظلمة من هذا الموضوع. نحن متظلمين الى حد لكن هم متظلمون أكثر... وجدنا أنفسنا نبحث معاً هذه القضية، لذلك أريد أن أقول أن التوجه الحالى أصبح مرحلة ثالثة، فى مرحلة أولى جاءت، كما قلنا، فى الأول، ومرحلة ثانية، والآن هذه المرحلة الثالثة.



    نحن كحزب أكثر جهة، إحتمالاً، ناقشت هذا الموضوع بصورة مفصلة، بمعنى أننا ناقشنا فى داخل السودان أيام النظام الديمقراطى ماذا يعنى هذا الإستقطاب إذا ترك له المجال فسوف يؤدى حتماً الى تمزيق السودان لأنه فرض على السودان هًويَّة ضيقة جداً لا تستوعب الجميع، لذلك أنا كتبت لإخوتنا فى الخارج بناءً على هذا مذكرة قلت فيها ما معناه ان ضرورة عاجلة تستوجب وضع أسس للسلام العادل فى السودان، وأننا يجب أن نسلم، نعم، بالتباين الدينى والثقافى فى السودان، ونسلم بضرورة الحرية الدينية للمسلم وغير المسلم، لكن يجب أن نعمل هذا على أساس إحترام حقوق المواطنة لأنه يجب علينا أن نتخذ من حقوق المواطنة أساس من عهد تتعاهد بموجبه الأديان والثقافات والإثنيات، على أن هذا عهد يجمع بيننا جميعاً "عقد إجتماعىsocial contract " فى حد عهد المواطنة وفى إطار إحترام هذا العهد (حد عهد المواطنة) نعترف بالحرية الدينية والحقوق الدينية والحقوق الثقافية. كتبنا لهم، إذن، نحن محتاجون فى هذه المرحلة أن نتفق على وثيقة لحقوق الإنسان السودانى sudanese bill of rights تصبح هى الأساس الذى نحترمه كلنا على إختلاف أدياننا وتلتزم الأديان المختلفة بأنه مهما كان التطبيق لأحكامها يجب ألا يتعدى على حقوق المواطنة. وقد إكتمل ذلك فى مؤتمر نيروبى فى أبريل 1993. وجاء يوم قبلت فيه جميع الأطراف بذلك لكنهم فقط قالوا بدلاً عن أن نعمل وثيقة لحقوق الإنسان السودانى وهو ما لا نملك صلاحية فعله فلنأخذ حقوق الإنسان المنصوص عليها فى المواثيق الدولية... ونحن قبلنا هذا على إعتبار اننا مرتبطون بها أصلاً بوصفها من المسلمات المضاف اليها وثيقة حقوق الأنسان السودانيَّة فنعتبر أننا عملنا على أساس عهد مشترك بيننا وبينهم تكون المواطنة أساس التعامل معهم وأننا كمسلمين يكون مفهوم العهد قائم، ولذلك نقول أن هؤلاء الناس بيننا وبينهم عهد والعهد لا نحدد شروطه نحن، الشروط تحدد بطريقة مشتركة ذلك أن العهد أصلاً هو فى الحقيقة شريعة الموقعين عليه. إذن نحن ننقل المفهوم فى وقت لم يكن فيه الفكر الدينى الإسلامى يتقبل فيه مثل هذا الطرح، ولذلك دخلنا فى نقاش فقهى أساسى جداً. هناك من السودانيين من أسقط حقيقة الدين بإعتبار أن لا وجود له فى الحياة العامة وبالتالى لا يرون اهمية مناقشة القضايا الدينيَّة. هناك فرق بين الناس الذين أصلاً همشوا الدين من الحياة العامة وبين الناس الملتزمين بالدين ومستعدين يجتهدوا فى قبول التطور السياسى والتطور الدينى... نشأ نقاش كبير جداً جداً. أنا أعتقد الآن أن الحجج التى إستخدمناها صارت مقبولة للقواعد الأوسع من المفكرين الإسلاميين. الحجج كانت أننا نتعامل مع غير المسلم فى المجتمع المسلم، هذا الغير مسلم ما هو تصنيفه ؟ هم كلامهم أننا نعترف به كأهل ذمة لأنه فى ذمتنا نحن المسلمين، ولذلك نعطيه حقه كما هو حق أهل الذمة. نحن قلنا أن هذا القول ينطلق من فرضية أننا فتحناهم وأقمنا الدولة عليهم. نحن نعتقد فى خطأ هذا الإفتراض. الناس هؤلاء غير المسلمين الذين يعيشون معنا عندهم الحقوق تفسها والواجبات مثلهم مثل الموجودين بالصفة نفسها، لذلك لا نتعامل معهم على أنهم فى ذمتنا، وإنما عهد بيننا وبينهم. بالنسبة لنا نحن كمسلمين مفهوم العهد قائم ويحدد بطريقة مشتركة. أغلبية الناس كانوا يخطئوننا لكننا نجحنا فى تحويل جزء كبير من الرأى الإسلامى لتقبل المواطنة كأساس، بل وأعطينا بعداً لقبول الشرعيَّة الدولية وحق المواطنة والنظام الدولى.

    هنا جاء الكلام عن ثم ماذا بعد ؟



    كتبت فى عام 1994 مذكرة ثانية تشير الى أنه لا بدَّ من الإعتراف بأن قضية الدين والسياسة تحتاج الى إجلاء. لا نحبذ الكلام عن مفاهيم فضفاضة، فلنتحدث عن الدولة من حيث الصلاحيات المركزية بدلاً عن مسميات مثل الفيدرالية أوالكونفدرالية، نتحدث عن التداول السلمى للسلطة بحيث يكون مكفولاً لكافة التنظيمات ومفتوحاً لكل المواطنين، وألا تنال أية مجموعة إمتيازات بسبب الإنتماء الدينى. فلنبدأ كتابة الواقع ومن ثم يختار الناس من التسميات ما يرونه. على هذا الأساس كتبنا مقررات أسمرا... تمثل مقررات أسمرا مرحلة متطورة. نحن مع ما حدث من خلاف داخل التجمع أعلنا أننا، مع إختلافنا مع التجمع حول قضايا معينة، والذى تجدد عام 1999 نعتبر أتفسنا ملزمين وملتزمين بكل ما وقعنا عليه فى المرحلة الماضية لا سيما قرارات القضايا المصيريَّة. ونحن كقوى سياسية أكدنا، بعد عودتى الى السودان، على هذا الإلتزام، وفى آخر حلقة من حلقات التطور فى هذا الموضوع نحن ناشدنا الحكومة أن توقع على مقررات أسمرا لكى نقفل باب النقاش حول هذا الموضوع وتبقى مناقشة الأشياء الأخرى.



    النقطة التى أريد أن أصل اليها من كل هذا الحديث أننا فى عمل فكرى وسياسى لا ينطلق من فراغ، وكل واحدة من المراحل المختلفة يوجد إطار واقعى حولها يوضح مقتضياتها. نعتقد أن المطروح الآن هو ضيط علاقة الدين بالدولة، وضبط علاقة الدين بالسياسة فى إطار الدولة الحديثة وفى إطار الأديان العالمية. هذا الضبط يجب أن يراعى حقائق محددة جداً: الحقيقة الأولى هى حق المواطنة، والحقيقة الثانية هى الحريات العامة، والحقيقة الثالثة هى حرية الإنسان، والحقيقة الرابعة هى الشرعية الدولية. نحن نعتقد أن هذه الحقائق هى المناخ الداخلى والخارجى المطلوب الذى يكون فيه ضبط علاقة الدين بالدولة.



    أركامانى: هناك نقطة محددة فيما يتعلق بقضية الإجتهاد الخاص بالتشريع فيما يتعلق بالجنوبيين وأهل العهد. طبعاً يلاحظ أنه من منطلق الأدب الدينى الموروث ينظر للجنوبيين بوصفهم أهل ذمة، وعلى أساس أن الذين يوقعون إتفاقيات سواء فى المناطق التى فتحت عنوة أو صلحاً أو ما الى ذلك يعتبرون أهل صلح، لكن تفرض عليهم بعض الإلتزامات. أو لا ترى وجود نوع من الإختلال بين هذا وحقوق المواطنة بالنسبة لإخواننا فى الجنوب أو فى بعض المناطق الأخرى ؟



    السيد الصادق: نحن نقول أن عهدنا فى الأصل نفسه عهد مواطنة.



    أركامانى: عهد مواطنة !!



    السيد الصادق : نعم، المواطنة نفسها تصبح هى العهد.



    أركامانى: كيف ؟ فى فهمهم هم....



    السيد الصادق(مقاطعاً): لا، فى فهمنا نحن.



    أركامانى: لكنهم عندما يرجعون لإليا والأدب القديم...



    السيد الصادق (مقاطعاً): لا..لا..لا لانتكلم عن الأدب القديم.



    أركامانى: مجرد أن يبقوا أهل ذمة أو أهل عهد يرجعوا...


    السيد الصادق (مقاطعاً): تمام.. تمام، متفقين أنا وأنت حول ضرورة تحديد المفاهيم. نحن نتكلم عن أننا وهم. عندما نكون فى عهد فنحن متساوون فى هذا العهد.. نحن أيضاً بالنسبة لهم أهل عهد.. الفكرة الأساسية أننا نحول المفهوم من كونهم فى ذمتنا الى أننا معاً.. نحن وهم.. فى ذمة الوطن. أستطيع أن أفهم جيداً أن تختلط المفاهيم الإسلامية عند بعض الناس ويعتبروا أن ذلك سيلقى عليهم ظلاً، لكن عندما أقول لك الضوابط الأربعة: حقوق المواطنة، وحقوق الإنسان، والحريات العامة، والشرعية الدولية.. خلاص فإن ذلك تأكيد كافى أننا نتكلم عن عالم آخر مش العالم ده هنا.



    أركامانى: بالنسبة لنا قد يكون مفهوم ولكن بالنسبة لهم.. دعنا نحاول فهم المعادلة، بمعنى ضرورة تأطير المفهوم تماماً: هم فى ذمتنا أيضاً نحن فى ذمتهم...



    السيد الصادق: مفهوم ذمة هذا انتهى، نحن نتكلم عن عهد المواطنة بيننا وبينهم.. انهم لا بدَّ أن يفهموا انهم عندما يتكلمون مع سودانى غير متمسك بالأمور الدينية فيمكنه أن يتكلم " على كيفه "، لكن عندما يتكلمون مع سودانىيتمسك بالأمور الدينية لا بدَّ له أن يبرر إجتهاده فى الحديث وإلا فسيكون منافقاً. على هذا الأساس هم، مثلما قلت، نحن سوف نحتكم فى مثل هذه المفاهيم الى دستور وقانون ومحاكم... الدستور والقانون والمحاكم هى التى تحدد الحقوق والواجبات. أنا أعتقد أنه من المشروع جداً أن يكون عندهم سوء الفهم لأنه ناتج خلفية فيها هذه الإعتبارات، لكننا نتكلم عن أننا نريد أن يصبح كل شئ واضح ووفق الدستور والقانون ومحمى بالمحاكم.



    أركامانى: هناك مسألة مثارة بأن السيد الصادق المهدى عنده نزعة خفية لوجود شكل من أشكال الدولة الدينية. صحيح قد يكون مشروع "الصحوة الإسلامية" مختلف الى حد ما عن "المشروع الحضارى"، لكن فى نهاية المطاف يصل المشروعان الى الهدف نفسه بإقامة شكل من أشكال الدولة الدينية، ومن ثم يربط البعض هذه النزعة الخفية بتمسك السيد الصادق بشخصيته الكارزمية التى تتأسس، وفق تعريف ماكس فيبر للشخصية الكارزمية، "على الزعامة التى تمثل نوعاً من العلاقة بين الزعيم وأتباعه والتى توجد عندما يعد الأتباع الزعيم "شخصية فوق طبيعية" ويتقبلون أقواله وأفعاله بلا تردد، يستجيبون بلا شرط لتوجيهات الزعيم ويمنحونه التزاماً عاطفياً قاطعاً".فالسيد الصادق فى اللاوعى لديه يحس بأن زعامته الكارزمية المستمدة من التراث المهدوى ستجد إستمرارية فقط فى حالة وجود شكل من أشكال الدولة الدينية.. ما هو تعليقكم على مثل هذه الفرضية؟



    السيد الصادق: أيوة.. تعليقى على هذا أولاً أن أقوى الشخصيات الكارزمية نشأت خارج الإطار الدينى.. ستالين، وغاندى، وهتلر، وموسيفنى، وكاسترو نعم. وبالتالى فإن الشخصية الكارزمية لا ترتبط دوماً بالدين.. إنها فى الواقع "وضعية". وثانياً الإسلام موجود فى الواقع السياسى والفكرى والثقافى والإجتماعى السودانى. صحيح لدى بعض السودانيين العلمانيين سقطت هذه الحقيقة لكنها سقطت فى أذهانهم هم.. وهم أقلية. فى الواقع السودانى الإسلام له وضعه، كذلك فى الواقع السودانى الأنصارية لها وزن. الخيار ليس هو إلغاء هذ الأشياء أو الإلتزام بها، لكن الخيار هو فى نوعية الإلتزام. إذا لم نجتهد بمفهوم إسلامى مستنير فسيحتل المركز الإسلامى تيارات منكفئة تعمل مثل ما حدث فى أفغانستان. فالإسلام إذا لم يلعب دوراً مستنيراً فسيلعب دوراً منكفئاً، والشئ نفسه فى الأنصار إذا لم تجئ قيادة مستنيرة فستجئ قيادة منكفئة. نحن لا نستطيع بأية طريقة تحكمية إستبعاد دور الأنصارية والإسلام، بل إذا أنكرنا هذه الأشياء سنثير ردة فعل. فى رأى أن كل التيارات المتشددة فى الجزائر، ومصر، وأفغانستان، حيثما كانت هناك محاولات لإستبعاد الدين، كانت هناك ردة فعل... بالتالى تكون النتائج عكسيَّة. الحقيقة الموضوعيَّة هى أنه عندما نلغيها نستفزها بالتالى لا بدَّ من البحث عن آلية لضبطها مع الحفاظ على الحقوق الأخرى كالمواطنة والحريات العامة. حقيقة نحن نريد الحفاظ عليها لكن دون إستئصال الآخر الدينى. لذلك أنا أقول بخلاصة بسيطة بأننا نؤكد وجود حقائق موضوعية ل نستطيع القفز فوقها، لا بدَّ أن نحترم تلك الحقائق الموضوعية، وأنا أعد نفسى عربياً ومسلماً ولا ينتابنى فى ذلك شك وليس لى تردد، لكن دورى كعربى وكمسلم يدفعنى لضبط ذلك فى حياتى بحيث أحترم حقوق المواطنة، وأحترم القرار الديمقراطى، وأحترم حريات الآخرين، وكذلك أحترم الثقافات الأخرى. انه من الأفضل لهم أن يتعاملوا مع مثلى بدل أن يبحثوا عن أناس معزولين يبيعوا لهم بضاعة هم عاجزون عن تسليمها، وبدل عن أن يجدوا أنفسهم يتعاملون مع أصحاب ردود الأفعال، أى المتطرفين. لديهم خيار التعامل مع الذين يعون العصر ومفاهيمه ومستعدون أن يعترفوا بالحقوق وإستصحابها، أو البحث عن أقليات تعلن لهم بأنها شطبت العروبة وشطبت الإسلام وشطبت كل شئ وهم لم يشطبوه الا فى أذهانهم لكنهم لا يستطيعوا فى الواقع شطبه، بالعكس لو أقاموا نظاماً سياسياً فإن هذا سيثير رد فعل قوى جداً فى الإتجاه المضاد وهو ما يجلب الحرب كما كانت. فأنا أعتقد بأنه لا بدَّ أن نفسح الطريق للتفكير المعتدل الذى يؤدى الى إستصحاب الحقائق الموضوعية بصورة تسمح بفرصة للدولة الحديثة ولحقوق المواطنة والحقوق الدينية وحقوق الإنسان والشرعية الدولية وتقفل الباب أمام الذين يقومون، فى رأى، باستفزاز هذه العناصر، فاستفزازها سيؤدى الى رد فعل. على كل لا نقول للناس اتبعونا لكن نقول لهم أفهموا خلافكم معنا فى ماذا.



    أركامانى: هناك نقطة هامة جداً تختص بالواقع السودانى أو حتى الواقع العربى، ففى الطرح الذى تناولته الآن حول مسألة العروبة والإسلام والفهم الموجود قد يجعل هذا النهج من التفكير أقرب الى الطرح القومى منه الى الطرح الأصولى، قصدى بالأخير طرح الجبهة، بهذا الفهم أفلا يجوز تصنيفك فى خانة تجعلك أبعد من الإدعاء القائل بأنك أقرب الى الحبهة أو الفكر الأصولى ذلك أنه يبدو لى أن طرحك أقرب لاطروحات الحركة القومية بكافة فصائلها سواء الناصريين أو البعثيين حول علاقة العروبة بالإسلام ؟



    السيد الصادق: أنا أعتقد بأننى اود التحرر من التصنيفات، فنحن مثلاً إذا نظرنا الى مسألة الأصولية فإننى أعتقد أن هذا الكلام الذى أقوله أقرب الى صحيفة المدينة التى عملها الرسول(صلعم) فى المدينة.. طيب هل هناك أصولية أكثر من الرسول؟؟ لذلك أقول باقامة العلاقات الخارجية على أساس الشرعية الدولية. أنا أعتقد أن الأصولية التى يتكلمون عنها الآن هى ردود فعل حدثت فى مرحلة من مراحل تطور الدولة الإسلامية ولذلك فإننى أتهمها بأنها تريد إحياء واقع تاريخى فى العصر الحديث بدون مبررات، ولذلك أنا أعتقد أنها تكون فى الحقيقة مرفوضة بوصفها تمثل مرحلة تاريخية إنقرضت، وأن كلامنا هذا يمثل الفهم الإسلامى الصحيح. هذا صراع فى الفكر الإسلامى نخوضه ولا نعترف لهؤلاء المتشددين الإسلاميين سوى أنهم يشكلون رد فعل مفهوم فى ظروف تاريخية معينة.. الآن غير مفهوم.



    أركامانى: فى اللقاء الذى أجراه معكم الأخ ياسر عرمان "مجلة مسارات جديدة، العدد الأول 1998" أشرت الى تيار السودانوية بأنه "إتجاه آحادى يرى إقامة هُويَّة سودانويَّة تستبعد كل الهُويات الأخرى وتقيم نظاماً علمانياً طارداً لكل الهُويات المختلفة لكى يقيم ما يمكن تسميته هُويَّة سودانوية". إنطلاقاً من مثل هذا المنظور أصبحتم تصفون مشروع السودان الجديد، الذى هو فى الحقيقة مشروع اليسار السودانى القديم المتجدد تبنته الحركة الشعبية لتحرير السودان والتجمع الوطنى الديمقراطى، بالمشروع الطارد لكل الهُويات والساعى لإقامة هُويَّة أُحادية، ومن ثم إدعاءكم المتكرر بأن قرنق يحاول إحلال هُويَّة مركزية أفريقانية محل الهُويَّة العربية الخ. أفلا تتفق معى بأن مثل هذه الفرضيَّة التى تطرحونها تنطلق من وضع مقلوب فى طرح المسألة بصورة علميَّة جادة... أى من الإصرار على السؤال " ماهو هدف الموضوع؟" (والذى غالباً ما يعطى إجابة تمثل فرضية تحتاج لإثبات) بدلاً عن طرح السؤال بدقة علميَّة " ما هى الأسباب التى أدت الى بروز الموضوع؟" (وهو ما سوف يعطى إجابة أكثر علمية للمشكلة ومن ثم سبر أغوار الأهداف النهائية للحل المطروح).



    السيد الصادق: طالما أننا لا نستطيع أن نتكلم عن حركة قرنق بدون أن نتكلم أيضاً عن واقعها الحالى .. انها تتكلم، مثلاً، عن العلمانية ونحن نعلم دور الدين المسيحى فيها من كل النواحى. المسيحيَّة هى قوة سياسية أساسية وليس معنى ذلك أننا نريد أن نكون ضدها، فقط نريد أن نتعامل مع الواقع. فالمسيحيَّة الآن لها وجود سياسى وفكرى ودبلوماسى عالمى...فالكلام عن العلمانيَّة فى السودان يفهم وكأنك تتكلم عن تهميش الإسلام وإبعاده... فماذا عن المسيحية طالما أن لها مال وقوة سياسية... الفاتيكان دولة دينية... ليس معنى هذا أننا لا نريد أن نتعامل معها ذلك أن علينا التعامل مع الواقع. الكثير من الناس عندما يتحدثون عن إبعاد الدين عن السياسة يعتقدون أن الكلام فقط عن الإسلام والأنصارية.. لا .. هاهنا قوة سياسية كبيرة جداً ولديها سيطرة كبيرة وقرنق غير بعيد من هذا الدور.. بعنى هو يفتتح إجتماعاتهم بالصلوات ويتكلم من منابر دينية، وفى سنة 1998 تكلم من منبر منظمة التضامن المسيحى العالمية.. وهكذا. نحن نعترف بهذا الواقع فالدين المسيحى هنا له وجود.. نضبط العلاقة بين الدين والسياسة..نعم! نضبط العلاقة بين الدين والدولة..نعم! لكن هناك علاقة وثيقة بين الدين المسيحى والقوى السياسية المسيحية وحركة جون قرنق.



    ثانياً حركة قرنق الآن لا تستطيع أن تتحدث عن الأوضاع بدون الكيفية التى تدير بها المناطق التى تسيطر عليها فى السودان... هذه المناطق تدار على أساس عسكرى وواضح جداً كبف أن هناك إدارة عسكرية لا تختلف بأية صفة واضحة عن الذى نشكو منه نحن من دكتاتورية الجبهة القومية الإسلامية.. يعنى نحن أمام وضع فيه دكتاتورية وفيه دور للدين المسيحى مثلما هو موجود هنا من دكتاتورية ومن دولة إسلامية. نحن لا نتكلم عن هذا البديل الأفضل أو البديل المختلف، نريد أن نتكلم عن مقاييس نتفق عليها نطور بها الوضع فى المكانين (يقصد الجنوب والشمال-أركامانى). لكن هناك بعض السياسيين الشماليين الذين يرون بأن نؤجل هذا الكلام لأننا فى معركة مع الجبهة القومية الإسلامية وعلينا ألا نتحدث عن هذه الأشياء لأن ذلك خطر جداً لأن معناه أنك تريد أن تغسل الدم بالدم. لا بدَّ لنا أن نفكر ماهى المفاهيم المطلوبة لتطوبر هذا الكلام كله فى إتجاه ضبط المسيحية والإسلام وتثبيت الديمقراطية.. هذه هى قضيتنا مع قرنق.. ما عندنا قضية ثانية.. لا نريد إلغاء إعترافنا بالمشكلة.. لا نريد نفى إتفاقنا ونقض ما وقعنا عليه.. لكن لا نريد أن تبقى بلادنا أسيرة توجه خاطئ.



    أركامانى: يبدو أن هناك عدم وضوح فى إستخدامكم لمصطلح علمانية. ففى اللغة الإنجليزية يستخدم مصطلح secular وهو ما يعنى حرفياً "دنيوى"، "غير دينى"، "مدنى"،"غير منتسب الى رهبانية" وبهذا المعنى وردت فى إعلان مبادئ الإيقاد (البند6) " قيام دولة مدنية secular ديمقراطية ، فصل الدين عن الدولة، على أن تكون قوانين الأحوال الشخصية طبقاً للشرائع الدينية وكريم المعتقدات".



    السيد الصادق (مقاطعاً): لا..لا



    أركامانى: هذا المصطلح secular هو الذى تصر على ترجمته بالعلمانية



    السيد الصادق: لا.. أصلاً لا يوجد كلام عن علمانية ولا دولة دينية.. هى ست نقاط... هل عندك هذه الوثيقة؟



    أركامانى: الى أية وثيقة تشير؟



    السيد الصادق: التى وقعنا عليها.



    أركامانى: لا أشير الى أسمرا وإنما كلمة secular الواردة فى البند السادس من مبادئ إيقاد.. هل قرنق عندما يشدد على الدولة المدنية secular يقصد تحديد موقف ضد الدين.. يعنى أقصد القول...



    السيد الصادق: لذلك نحن نقول فلنبتعد عن الكلمات .. الكلمات تقود الى متاهات



    أركامانى: أشرت أنت الى أن قرنق يتعامل مع الدين



    السيد الصادق: طبعاً اليوم نحن نقول فى التعريف انك مسيحى أو مسلم. الكنيسة أكبر حزب سياسى فى الغرب... من لا يعرف هذه الحقيقة لا يفهم شئ... لكن كون الدساتير فى الغرب تعمل قوة ضابطة نعم، هذه حقيقة. كلنتون أتت به الكنيسة، بوش هذا أتت به الكنيسة .. فكيف إذن!



    أركامانى: إستناداً لما يحدث فى الجنوب وفق ما عرضته يرد السؤال: إذا كانت الحركة الشعبيَّة تحمل السلاح، والتجمع المعارض يحمل السلاح، وكنتم فى فترة من الفترات ضمن التجمع وتحملون السلاح فى الوقت نفسه الذى عمل فيه حزبكم داخل السودان، وكان الدكتور حسن الترابى فى قيادة النظام .. التقيتم به فى جنيف وانتم كحزب لا زلتم فى التجمع.. الحكومة لم تتهم هذا اللقاء. لكن عندما وقع الترابى مذكرة تفاهم مع قرنق اتهم الأول بالخيانة.. حقيقة يبدو أن هناك عدم ضبط تام...



    السيد الصادق: أنا أفتكر هناك وضوح تام... نحن إلتقينا الترابى فى جنيف بوصفه ممثلاً للنظام وليس بوصفه إنساناً منعزلاً.. بوصفه إنساناً يمثل النظام، والتقيته فى إطار البحث عن حل سياسى.. وهكذا استمرت كل لقاءتنا الى آخر لقاء مع قرنق فى أبوجا.. لقاءات هدفها واضح .. نحن نريد حل سياسى ونبحث عن حل سياسى. لذلك الشئ الذى وفر حماية من رد فعل معاكس لهذه الإتصالات هو وضوح هدفنا ووضوح وسائلنا وإقتناع كل الأطراف أن هذا ما نفعل. مذكرة التفاهم التى تمت ما بين الحركة الشعبية والمؤتمر الشعبى أولاً لم يرد فيها كلام عن حل سياسى أو سعى لحل سياسى أو تعاون من أجل حل سياسى. ثانياً ورد فيها كلام عن تفعيل عمل معارض مضاد. هنا يوجد تحالف بين قوى مدنية سياسية معارضة وقوى عسكرية معارضة من أجل هدف مشترك هذا أثار رد فعل. ثالثاً الدكتور حسن الترابى عندما أشار الى ما تم الإتفاق عليه قال بأن هناك بنود خفيَّة. هذا معناه بنود لا شك ثورية لم يعلن عنها لذلك، فى رأى, هو عرَّض الإتفاق لردود أفعال سالبة من النظام. صحيح أنا أعتقد أنها لا ترقى الى المسائلة القانونية لكنها يمكن أن تشكل أساساً لرد فعل سياسى.



    أركامانى: ما مدى جدية حسن الترابى، فى رأيك، فيما وقعه؟ تكتيك سياسى أم تغير حقيقى فى موقفه ؟



    السيد الصادق: والله أنا أفتكر أن هناك حقيقتان: الحقيقة الأولى أن أجندة الترابى الأيديولوجية سقطت، وأعتقد الى هذا الحد لا شئ إيجابى. لكن أنا أعتقد أنه فى هذا الإتفاق كان الترابى يريد أن يزيد من فرص مواجهته للنظام، وأنا لا أبرئ هذا الإتفاق من أنه قصير النظر لأننا فى مرحلة نحتاج فيها لنوع من التفكير أعمق من مجرد فتح جبهة جديدة تلتقى فيها أطراف متناقضة. أنا أول ما بدأ هذا اللقاء كان هذا هو تعليقى، هذا دليل على سقوط المشروع الأيديولوجى ولكن المفهوم السياسى وراءه يدل على إعتبار قصير النظر.



    أركامانى: أثبت النظام السياسوإسلاموى القائم حالياً فى السودان أن النخبة الحاكمة تعتمد بقوة على التلقين التدجينى وعلى الرمزية لضمان تقتين سلطتها الاقتصادية والسياسية وتقدم نظاماً للمكافئات يختلف عما تقدمه المجتمعات المدنية العقلانية. ففى النظام السياسوإسلاموى القائم فى السودان تسيطر النخبة الحاكمة على الجماهير عبر خليط من المكافئات الروحية والمادية وسلسلة من العقوبات الروحية والاقتصادية والجسدية. الآن أنت تدعو للدخول فى مصالحة مع هذه النخبة، كبف ستوفقون دعوتكم مع ما وقعتموه فى أسمرا بشأن إعادة التوزيع العادل للثروة وأعلنتم مراراً التزامكم به.. علماً بأن هذه النخبة بلغ بها حد سعيها للمحافظة على مصالحها الى تعبئة الرجال والأطفال للذهاب طوعاً أو قسراً الى جبهات القتال ضد المعارضين لها بتشريبهم بالوعود بالجنة شهداء وبالهناء المادى إذا ما كتب الله لهم عمراً ؟



    السيد الصادق: أولاً كل القوى المهيمنة على الوضع فى الإتحاد السوفياتى، وفى جنوب أفريقيا حاولت أن تؤسس نفسها اقتصادياً، وكلها عندما اضطرت لإبرام إتفاق سياسى قبلت مراجعة المعادلة الاقتصادية. نحن بالنسبة لهذا النظام كلامنا واضح. أولاً لا بدَّ من قوميَّة الإقتصاد الوطنى ولا بدَّ من قومية مؤسسات الدولة سواء مدنية أو لا مدنية.. نحن نتفق على هذا ونتفق عل كبفبة تنفيذه. ثانياً لا بدَّ من منع أى نوع من أنواع سيطرة الحزب على مؤسسات الدولة، كذلك لا بدَّ من الفصل الواضح ما بين الحزب الحاكم المؤتمر الوطنى ومؤسسات الدولة بحيث يصبح حزباً من الأحزاب يقبل الإنتخابات الحرة ويقبل نتائج هذه الإنتخابات.



    الكلام واضح وهم، فى رأى، موافقون على هذا، صحيح يمكن تكون الموافقة نظرية مع عدم إستجابة عملية وهذا يتوقف على ذكائنا نحن كمفاوضين.. أن نضع إتفاق واضح ومفصل ومضبوط.. ونضع آلية لضمان التنفيذ لذلك نحن نتكلم مع القوى السياسية الأخرى ونقول لهم أننا عندما مشينا الى الخارج ورأينا أن لا مجال الا فى الخارج كان ذلك بفعل ظروف محددة.. كان هناك منع كامل لأى تحرك فى الداخل وعدم إعتراف بالتعددية.. وكان النظام فى حالة حرب تقريباً مع الجيران مما يجعل الجيران بقفون معنا دون ثمن. فاذن نحن فى وضع نتفق فيه جداً أن نعمل من الخارج ونستفيد أولاً من ظروف الإستبداد الداخلى وظروف الإنفراج الخارجى. لكن حدث تطور فى خطاب النظام، أدى هذا التطور الى هامش حرية فى الداخل وأدى الى دخول النظام فى إتفاقات ثنائية مع دول الجوار. بدأت هذه الإتفاقات الثنائية بالغاء حالة المواجهة والبحث عن شروط التعايش معهم. نحن صرنا كرت ضغط، المعارضة السودانية صارت كرت ضغط لهذه الدول لتحقق مصالح ثنائية فى التعامل مع النظام.. لس هذا دور وطنى ولذلك نحن ناشدنا الناس كلهم يعتبروا المرحلة انتهت وإذا استمرت ستكون القوى السياسية للأسف كروت ضغط من أجل تحقيق مصالح ضد النظام... طالما أن هناك هامش حرية الواجب الوطنى يستدعى أن ندخل ونحاول تفعيل العمل من الداخل وأن هذا الذى حدث حقيقة سبق أن وقع للأنظمة السابقة حصل لعبود وحصل لنميرى الإثنان دخلا فى مرحلة فيها هامش حرية كبير أدى لتفعيل العمل السياسى. طبعاً هذا لا يعنى ضرورة أن تتكرر التجارب الماضية لأنه وارد جداً فى هذه المرحلة أن يدخل النظام مع القوى السياسية، إذا كانت جادة وواعية، فى إتفاقات بضمانات إقليمية ودولية تحقق التحول الديمقراطى بدون أن يحدث ما حدث فى مايو ولا فى عهد عبود. إننا نقول باستمرار وعلناً هذا النظام إما أن يتحد مع الناس فى تحقيق الهدف أو أن يوحد الناس ضده، وهذه مرحلة جديدة وعلى الناس أن تغسل يدها من المرحلة الماضية وتدخل فى مرحلة جديدة، هذا باستثناء الحركة الشعبية فهى جيش أكثر منها حركة ولذلك نحن نقول الحركة الشعبية أو الجيش الشعبى مسموح أن يستمر الى حين حدوث إتفاق سياسى لكن لا نطلب أن يعمل الذى عملناه نحن، نحن قوى سياسية كنا بنعمل لأنفسنا أجنحة عسكرية... أتت الآن ظروف خلاص بنخلع ملابسنا ونسبح من بر الى البر الآخر.



    أركامانى: الحركة الشعبية هى أيضاً قوى سياسية



    السيد الصادق: الجيش الشعبى حقيقة أولاً وثانياً وثالثاً الى عاشراً هو جيش.. الحركة الشعبية، فى رأى أنا، هى حلقة تنظيم علاقات عامة للجيش الشعبى وسيستمر جيشاً الى أن يأتى إتفاق سياسى... هذا كلام منطقى... أما الإتحادى الديمقراطى والحزب الشيوعى..الخ فهذه أحزاب سياسية تدخل طوالى للوطن لتفعيل العمل السياسى ولتفعيل الجبهة السياسيَّة... يمكن أن يقول أحد والله فى مشاكل.. لكن الآن هناك تطورات فالقضاء صار يتخذ مواقف قوية جداً والصحافة ممتازة جداً... يوجد نشاط سياسى.. تمشى القيادات السياسية تفعله وفى النهاية هذا إما أن يؤدى الى إتفاق سياسى أو يؤدى الى إستقطاب إذا نكص النظام.



    أركامانى: الحقيقة أن كل القيادات الأساسية لأحزاب المعارضة موجودة أصلاً فى الداخل وتمارس نشاطها علناً وخفاءً.



    السيد الصادق: أنا أقول بضرورة الشخصيات الأساسية لأننا نريد أن نعمل تغيير.. نحن ننطلق من مواقع معينة والمواقع التى ننطلق منها نفسها متغيرة.. لماذا نفترض أنها غير ذلك.. خصوصاً الآن المعارضات داخلها كلها تجأر بنفس هذا الذى نقوله.



    أركامانى: البحث العلمى هو أساس نهضة الشعوب. ألا تعتقدون أن تلك المقولة لم نقم بتطبيقها فى السودان على الوجه المطلوب رغم توفر الكوادر المؤهلة ؟ هذا القصور أفلا ترون أنه واحد من الأسباب التى أدت الى خلق المشكل السياسى، بمعنى أننا لو نحن أكدنا على دراسة الهُويَّة علمياً وقدمنا دراسات علمية مستندة الى واقع الثقافات السودانية المتنوعة لكان ذلك أفضل من هذا النقاش السياسى وإطلاق الأشياء الفضفاضة حولها من دون الوصول الى حقائق إحصائية حقيقية.. بالتالى تكون لمسألة التراث أهمية فى السودان القارة، لكن التوجهات السياسية الحالية تجعلنا نتخوف من أن يحدث فى السودان ما فعله طالبان مع التماثيل البوذية!! على ما نذكر عندما كنا مسئولين عن مصلحة الآثار وصلتنا بعد 1989 رسائل كانت مخيفة تقترح فتح بطون التماثيل الضخمة الموجودة بالمتحف سواء داخل قاعة العرض أو المعروضة فى حديقة المتحف القومى للآثار بحيث يرى المشاهد أنه لا يوجد بداخلها مصارين وذلك تمشياً مع الشريعة...



    السيد الصادق: طالبان ناس على مستوى متدنى من الثقافة والوعى العام وهؤلاء الناس فى حقيقة الأمر إرتبطوا بأجهزة إستخبارات أجنبية.. ولذلك هنا حكاية مصطنعة كلها. الحركة القومية للجبهة الإسلامية حركة سودانية، وعندها قرارات ذاتية، ومكونة من قيادات واعيَّة بثقافة العصر والعمل العام .. لذلك هذا خلاف أساسى بينها وبين طالبان. ثانياً أنا أعتقد نحن الآن فى مرحلة جديدة، مرحلة إنحسار التعصب الأيديولوجى نفسه. هناك العديد من الناس اطلعوا على دستور 1998 سودانيين وغير سودانيين.. أقول لك كلهم بيفتكروا أن الدستور المصرى أو الليبى أو العراقى إسلامى أكثر من دستور الجبهة على الأقل لأن هؤلاء ينصوا على أن دين الدولة الإسلام والشريعة هى المصدر الرئيس للأحكام. إذن نحن فى حالة مختلفة والآن أصبحت هناك فرص عشان المفاهيم دى كلها تراجع. يعنى الآن فى الخرطوم يوجد مركز محمد عمر بشير، ومركز عبدالكريم ميرغنى، ومركز الدراسات السودانية الذى إنتقل مؤخراً من القاهرة... يعنى توجد مراكز كثيرة جداً تعمل على أساس المعاصرة والعلم والمعرفة. توجد جامعات ومؤسسات الآن كمبيوتر مان، معهد التقانة توجد أشياء كثيرة وفيها تطور كبير جداً... الأحفاد، وندوة العميد فى الأحفاد. هذه كلها مؤسسات طوعية خارج الحكومة تعمل فى مجال البحث والعمل الفكرى والسياسى. لذلك أنا أعتقد أننا نريد أن نقوى هذا التيار لتطوير البحث العلمى والفكرى والسياسى...أسامة عندما تكلم عن هذه المجلة قلت له أننى أعتقد أن الناس يجب أن يكملوا المشوار ويبحثوا عن صيغة لتشكيل جمعية أو مركز يضم ليس فقط الآثاريين والأنثروبولوجيين ولكن كل ذوى الإهتمام بالتراث بهدف تطوير مفهوم الوعى حول البحث فى الآثار والثقافات ولمصارعة الأفكار المنكفئة بكل الوسائل.



    أركامانى: هناك فى الحقيقة وجهة نظر تعبر من الناحية الفقهية عن التناقض الكبير بين ما تدعى الجبهة القومية الإسلامية التمسك به من أحكام وبين الأسلوب الذى استولت به على السلطة. فقهياً ألا تعتقد أن تطبيق حد السرقة والنهب المسلح يجب أن ينطبق على من يخرج ليلاً وهو مسلح بالدبابات وينهب السلطة؟ وهل يجوز التفاوض معه شرعاً؟ حقيقة أننا لو طورنا هذا المفهوم فقهياً يمكن أن نقى المنطقة الإسلامية كلها من شرور الإنقلابات العسكرية.



    السيد الصادق: العسكرى لا يأتى لأنه ليست هناك عقوبات ولكن لأسباب أخرى. أنا أعتقد أنه الآن وضعت الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية ما يشبه الميثاق يقضى بمساعدة الديمقراطيات.. هذا تطور.. ونحن محتاجون لشيئين: حكومة ديمقراطية ناجحة، ووسائل رادعة لأى إنقلاب وهذا شرط ضرورى



    أركامانى: لأن الميثاق لم يقم بحماية الديمقراطية



    السيد الصادق: الميثاق لا يحميها إنها تحتاج الى ديمقراطية ناجحة وصحيح كذلك إجراءات. صحيح زمان أيام الحرب الباردة كانت الظروف توفر حماية للإنقلابات من جانب هذا القطب أو ذاك, الآن هناك الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية وهناك كلام كثير عن عدم الإعتراف بأى إنقلاب عسكرى.



    أركامانى: أخيراً هناك قضيتان تشغلان الشارع العربى والدولى: القضية الفلسطينية والحصار المضروب على شعب العراق.



    السيد الصادق: ببساطة شديدة أنا أعتقد أن التشدد الموجود فى إسرائيل قد قفل باب النقاش المثمر للسلام ذلك أن هذا التشدد أدى الى أمرين: قوى حجة الرأى المتشدد المضاد من جانب، وهزم الإعتدال فى المعسكرين من جانب ثان. منذ مدة وأنا أقول لا بدَّ للأسرة الدولية ان تتبين حقيقة أن الدولة الإسرائيلية ليست نبتاً طبيعياً فى المنطقة. مشكلة الصهيونية مشكلة أوربية ناتج الإضطهاد الأوربى لليهود وليست بحال مشكلة عربية إسلامية. نحن نعترف بأن اليهود اضطهدوا ونعترف بأن الحركة الصهيونية حركة سياسية..تنظيم للعمل منطلق من واقع، لكن هذا الواقع ليس عربياً وليس إسلامياً بل هو واقع أوربى، وبموجب هذا الواقع نشأت إسرائيل بدعم دولى بفعله أزيح أصحاب هذه الأرض. لاحل لهذه المشكلة إلا حل دولى، فى رأى، الأسرة الدولية كما خلقت المشكلة لا بدَّ لها أن تحلها على أساس عادل طالما أن الإفتراض نفسه الذى قامت على أساسه إسرائيل بحسبان هذه الأرض بلا شعب أثبت الشعب الفلسطينى بطلان هذا الإفتراض . خلاص أنت عملتها على أساس افتراض بطل لذلك لا بدَّ من طريقة تتعامل مع الواقع. الأسرة الدولية مطالبة بأن تفرض حلاً عادلاً لهذه المشكلة، والى أن يحدث هذا ستحدث مواجهات عنيفة جداً بين التطرف الإسرائيلى ورد الفعل العربى والفلسطينى الذى سيواجه عسكرياً.



    فيما يتعلق بالموضوع العراقى أنا أعتقد أن حصار العراق لا يحقق الأهداف الدولية من ورائه بل تحول الى نوع من العقاب المسلط على الشعب العراقى ولم يؤثر أصلاً فى إتجاه الأهداف الدولية فى هذا المجال. أنا أعتقد أن الحل هو أن يوجد فى الحقيقة حل عربى لكى يضمن نظام عربى فيه تأمين دول الخليج وحماية مصالحها بحسبان أن الحل الدولى، فى رأى، من الآن فصاعداً لم يعد له أى دور يحقق أمن فى المنطقة أو تحقيق مصلحة. غياب الحل العربى هذا يفتح الباب لأجندات دولية مضرة ولذلك يجب أن يكون الإتجاه العربى الآن موجه الى رفع الحصار عن العراق ووجود مبادرة عربية تحقق أمن الخليج وتقفل الباب أمام المبادرات والأجندات الدولية بحسبانها أصبحت بلا دور.



    أركامانى: الشكر الجزيل للسيد الصادق على الصراحة والأريحية الفكرية التى طبعت هذا اللقاء مع تمنياتنا له.

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de