الختان عبودية لاعبادة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 03:58 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-16-2005, 03:51 AM

SILVER MOON
<aSILVER MOON
تاريخ التسجيل: 02-24-2002
مجموع المشاركات: 300

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الختان عبودية لاعبادة


    الختان ليس عملية طهارة وإنما عملية بتر!
    قراءة إجتماعية وأدبية
    د.خالد منتصر
    ايلاف


    [ ختان البنات سؤال يؤرقنى منذ أن كنت طفلاً أرى بنات عائلتى يسقن إلى مصيرهن وكأنهن ذاهبات إلى السلخانة، وكبر السؤال وتضخمت علامة الإستفهام عندما إلتحقت بكلية الطب وعرفت أن هذه الجزارة البشرية التى يمارسها المصريون مع بناتهم لاتمت لعلوم الطب بأية صلة، وتيقنت وتأكدت من أن العرف والعادة والتقاليد والخرافة أحياناً ماتكون أقوى من المصلحة وأعلى صوتاً من المنطق وأشد إقناعاً من الحقيقة العلمية الواضحة، وتساءلت لماذا تدلف بناتنا من عتبة الطفولة إلى باحة أجمل سن وهو سن المراهقة عبر نافورة من الدماء؟!، وكيف نسمح لأنفسنا بممارسة كل هذه السادية بتقطيع أجسادهن وبتر أعضائهن؟، ولماذا تتضخم لدينا غدة الوصاية وننصب من أنفسنا حماة للأخلاق المزيفة التى لايمكن أن تصنعها مجرد "جلدة " إسمها البظر ولكن تصنعها منظومة كاملة من القيم يعلمها لنا الدين وتلقنها لنا الأسرة ومؤسسات المجتمع؟، ولماذا أصبحت لدينا عقدة من ممارسة البهجة ووسواس قهرى من شعور الفرحة ورعب وفزع من النشوة ومصادرة لحق إنسانى مشروع وهو حق الإستمتاع بالجسد بكامل طاقاته التى خلقها الله بداخلنا؟!، كل هذه الأسئلة وغيرها توالدت فى رأسى ثانية مع بدء حملة مقاومة الختان التى تبناها المجلس القومى للأمومة والطفولة، ووجدت أنه لامفر من طرحها حتى يواجه المجتمع نفسه فى المرآة ويرى تجاعيده بكل تفاصيلها وملامحها، فطرح الأسئلة أحياناً يكون أهم من الإجابة نفسها، وقليل من الإستفزاز العقلى فى مثل هذه القضايا يكون مفيداً، ولذلك كان لابد من مناقشة هذا الموضوع من كافة جوانبه المتعددة المتشابكة، فختان البنات ليس مشكلة طبية أو دينية أو إجتماعية فقط، ولكنها حاصل جمع هؤلاء جميعاً ونتيجة تفاعل تلك العوامل بحيث تعد مناقشة عنصر من هذه العناصر منفرداً نوعاً من الغش والخداع.
    [ من المضحكات المبكيات فى قضية الختان أن يحدث الخلط الذهنى وعدم وضوح الرؤية فى أذهان المثقفين بنفس درجة اللخبطة والتشويش التى تحدث بها عند العامة والبسطاء، ويكفى أن نعرف أن أعلى صوت مدافع عن الختان هو لأستاذ لأمراض النساء والولادة بطب عين شمس والغريب أنه يصر على مواصلة رفع قضيتة ضد وزير الصحة السابق لأنه منع الختان!، وهذا يدلنا على أن الخرافة كثيراً ماتتفوق على العلم حتى ولو كان مسلحاً بالدكتوراه، وهنا تكمن الكارثة حين يتم تشفير العقول بواسطة الفكر الجمعى الذى يميل فى بعض الأحيان للغوغائية أكثر من الهدوء والمنطق، ولذلك يجب أن نعرف سيناريو تلك البربرية التى تحدث بإسم الدين والدين منها براء وهذا ماسنثبته فى فصل آخر بإذن الله، إنها بربرية إستحقت أن تحمل إسم " البتر التناسلى للإناث " FEMALE GENITAL MUTILATIONوهو الإسم العلمى الجديد الذى تستحقه هذه الجزارة التى تنتمى لعقلية القرون الوسطى ولسلوك الهمج، وسنحاول قبل أى تحليل أن نتعرف عن قرب على هذه العملية التى من الممكن أن يكون المثقفون غير مدركين لمدى بشاعتها وذلك بأن نستمع إلى هذا السيناريو الدراكولى من عدة مصادر منها عالم الإجتماع الذى رصد والطبيبة التى عانت والروائى الذى حكى والبنت التى بترت أعضاؤها حتى نكون على نفس موجة الإحساس ونستطيع أن نستوعب أركان الجريمة حتى نصدر الحكم السليم.
    [ البداية مع د.محمد عوض خميس أستاذ الإجتماع الذى يصف "حفلة " طهور بنت وطبعاً نحن نسميها حفلة تجاوزاً فهى حملة دموية وليست حفلة، وأهمية وصف دكتور خميس يأتى أولاً من أنه رصد بعيون أكاديمية، وأيضاً من أنه حضر الطهارة بواسطة داية وليست طبيب، والداية مازالت حتى الآن هى مندوب الشرف السامى فى الأوساط الشعبية التى تمثل الغالبية، ويصف أستاذ الإجتماع هذه الحفلة السادية قائلاً " يجتمع حشد من النساء الأقارب المتزوجات وغير المتزوجات وعدد كبير من الأطفال والأخوة الذكور والأب وعدد محدود وخاص جداً من الرجال، وتعم الجميع فرحة غامرة!، وتتهامس النساء فيمابينهن بجمل غاية فى القباحة والتى لها دلالة على تخلفهن الشديد مثل " خليها تبرد نارها " أو " علشان ماتبقاش مالحة "، أو " شوية ويتهد حيلها..الحال من بعضه " أو " ده يكسر مناخيرها " أو " بكره تتجوز ومهما الزوج عمل لاتتعب ولاتحس "...الخ، ويعقب كل جملة من هذه الجمل ضحكات مرتفعة هستيرية دلالة على الموافقة والترحيب مع التعقيبات ذات الدلالة الجنسية الصارخة، ,هذا الضحك هو نوع من أنواع الشماتة أو تعويض لنقص فمعظم الجالسات حدث معهن مايحدث مع الفتاة المذكورة "...وهنا يسترعى الإنتباه فيما يذكره د.خميس رد فعل المرأة التى تنكر معاناتها وتتخفى وراء لسان طويل وصفاقة مفتعلة حتى تثير الغبار وتتوه القضية الأساسية، ويستكمل الدكتور وصفه قائلاً " تدخل الداية وهى سيدة كبيرة السن قوية الجسد متسخة أظافرها نافرة معها منديل معقود به مشرط طويل عرضه حوالى إثنان ونصف بوصة يشبه سكين الجزار، وتتطوع خمسة من النسوة ذوات الصحة الجيدة من المدعوات إلى الدخول معها ويبدأن على الفور فى رفع ملابس الفتاة حتى الجزء الأعلى من الجسم ثم يوزعن أنفسهن كالآتى:إحداهن تقف عند كتفيها ضاغطة عليهما بكل قوة، وإثنتان يمسكن بالفخذ الأيمن وإثنتان بالفخذ الأيسر ويفتحن الفخذين إلى آخر حد ممكن حتى يبدو العضو التناسلى للفتاة وهى فى حالة صراخ هستيرى بشع، ثم تقوم الداية بمنتهى الهدوء وبحركة سريعة جداً بضرب مشرطها قاطعة البظر تماماً ومعه جزء من الشفرتين، وبعدها يحدث النزيف الحاد من الفتاة وهى فى غيبوبة من جراء هذه العملية الإجرامية التى تتم بدون أى شفقة، وأثناء هذه العملية تكون النسوة يمضغن اللبان الدكر ويضعنه فى طبق ثم يشربن قهوة وتترك الأكواب والفناجين دون غسيل، وتقوم إحدى السيدات بجمع بقايا القهوة " التنوة " فى طبق آخر، ,يطلق البخور أثناء العملية بين النسوة المنتظرات، وتتعالى بعد خروج الداية الزغاريد الهستيرية وتقوم إحدى السيدات بخلط اللبان الدكر وتنوة القهوة والبخور المحترق معاً وتقدمهم للداية التى تدخل مرة أخرى ومعها فرقة المتطوعات لتضع الخليط السابق على الجرح وتضغطه بشكل قاسى جداً ثم تضع فوقه قطعة من قماش خشن، وتخرج الداية مرة أخرى متلقية "النقطة " أى الهبة المالية من أهل الفتاة "..إنتهى السيناريو البربرى بفرحة الجميع وزغاريدهم إلا واحدة فقط هى الفتاة نفسها التى من المؤكد أنها تنعزل بعيداً تلفها برودة الوحدة ودموع التساؤل ليه حصل معايا كده؟وإيه الغلطة اللى أنا عملتها؟، إنها لاتعرف أن غلطتها الكبيرة هى أنها قد خلقت بنتاً!.
    [ ومن عالم الإجتماع إلى طبيبة وكاتبة مرموقة هى نوال السعداوى تحكى تجربتها الشخصية مع الختان، تحكيها بكل شجاعة وكل مرارة أيضاً، وهذه الحكاية لها دلالة مختلفة لأنها تصدر عن طبيبة كانت وقت ختانها طفلة تنتمى إلى الطبقة الوسطى المحافظة، وإلى أسرة تتمتع بقسط وافر من التعليم والثقافة، تحكى نوال السعداوى قصة ختانها قائلة:
    " كنت فى السادسة من عمرى، نائمة فى سريرى الدافئ أحلم أحلام الطفولة الوردية حينما أحسست بتلك اليد الخشنة الكبيرة ذات الأظافر القذرة السوداء، تمتد وتمسكنى، ويد أخرى مشابهة لليد السابقة خشنة وكبيرة تسد فمى وتطبق عليه بكل قوة لتمنعنى من الصراخ، وحملونى إلى الحمام، لاأدرى كم كان عددهم ولاأذكر ماذا كان شكل وجوههم وما إذا كانوا رجالاً أم نساء؟، فقد أصبحت الدنيا أمام عينى مغلقة بضباب أسود، ولعلهم أيضاً وضعوا فوق عينى غطاء، كل ما أدركته فى ذلك الوقت تلك القبضة الحديدية التى أمسكت رأسى وذراعى وساقى حتى أصبحت عاجزة عن المقاومة أوالحركة، وملمس بلاط الحمام البارد تحت جسدى العارى، وأصوات مجهولة وهمهمات يتخللها صوت إصطكاك شئ معدنى ذكرنى بإصطكاك سكين الجزار حين كان يسنه أمامنا قبل ذبح خروف العيد، وتجمد الدم فى عروقى ظننت أن عدداً من اللصوص سرقونى من سريرى ويتأهبون لذبحى وكنت أسمع كثيراً من هذه القصص من جدتى الريفية العجوز، وأرهفت أذنى لصوت الإصطكاك المعدنى وماأن توقف حتى توقف قلبى بين ضلوعى، وأحسست وأنا مكتومة الأنفاس ومغلقة العينين أن ذلك الشئ يقترب منى، لايقترب من عنقى وإنما يقترب من بطنى، من مكان بين فخذى، وأدركت فى تلك اللحظة أن فخذىّ قد فتحتا عن آخرهما، وأن كل فخذ قد شدت بعيداً عن الأخرى بأصابع حديدية لاتلين، وكأنما السكين أو الموسى الحاد يسقط على عنقى بالضبط، أحسست بالشئ المعدنى يسقط بحدة وقوة ويقطع من بين فخذى جزءاً من جسدى، صرخت من الألم رغم الكمامة فوق فمى، فالألم لم يكن ألماً وإنما هى نار سرت فى جسدى كله وبركة حمراء من دمى تحوطنى فوق بلاط الحمام، لم أعرف مالذى قطعوه منى، ولم أحاول أن أسأل، كنت أبكى وأنادى على أمى لتنقذنى، وكم كانت صدمتى حين وجدتها هى بلحمها ودمها واقفة مع هؤلاء الغرباء تتحدث معهم وتبتسم لهم وكأنهم لم يذبحوا إبنتها منذ لحظات، وحملونى إلى السرير ورأيتهم يمسكون أختى التى كانت تصغرنى بعامين بالطريقة نفسها فصرخت وأنا أقول لهم لا، لا، ورأيت وجه أختى من بين أيديهم الخشنة الكبيرة، كان شاحباً كوجوه الموتى وإلتقت عينىّ بعينيها فى لحظة سريعة قبل أن يأخذوها إلى الحمام، وكأنما أدركنا معاً فى تلك اللحظة المأساة، مأساة أننا خلقنا من ذلك الجنس، جنس الإناث الذى يحدد مصيرنا البائس ويسوقنا بيد حديدية باردة إلى حيث يستأصل من جسدنا بعض الأجزاء ".
    [ تساءلت نوال السعداوى ولكن غيرها لم يتساءلن بل رضين بأن يسقن كالقطيع إلى مصير هو كالقضاء والقدر، بل والمدهش أن الكثيرات منهن نتيجة تزييف الوعى يدافعن عن ذبحهن، تخيلوا إلى أى درجة وصل غسيل المخ بالمرأة التى تتخيل أن تقديمها كقربان على مذبح الأخلاق هو أعظم تكريم!، وإذا كانت نوال السعداوى قد حكت عن تجربة ختان مألوفة لفتاة شرقية مسلمة، فإن الروائى الكبير سليمان فياض فى روايته "أصوات " يحكى عن تجربة غير مألوفة ومدهشة لإمرأة أجنبية ظن أهل زوجها المصرى أنهم بهذا الختان يحافظون على شرف إبنهم العائد من الغربة مصطحباً هذه الفرنسية الشقراء التى حتماً ستخونه إذا لم يتم ختانها، إجتمعت نسوة القرية وقررن إنقاذ شرف إبنهم حامد بختان سيمون حتى لاتصبح كماوصفوها قطة جائعة تبحث عن الرجال، وعلى لسان زينب زوجة أخ حامد التى تغار من سيمون نسمع القصة:
    " أغلقت نفيسة النافذة وأحطنا بها فدارت حول نفسها باحثة عن مخرج، أمسكنا بها، فصرخت وقاومت، خفنا منها، فأغلقت فمها بكفى وطرحناها على السجادة فى أرض الغرفة، ورفعنا ذيل القميص الذى ترتديه، وكنا نمسك بها جيداً وهى تناضل بكا مافيها من قوة لتتخلص من ثمانية أيد، وقالت نفيسة: ألم أقل لكم؟، وراحت نفيسة تمارس مهمة تطهيرها بالمقص، ثم بحلاوة العسل الأسود لتزيل القذر الذى تحمله بين فخذيها، وشهقت نفيسة وقالت لحماتى:أنظرى ألم أقل لك؟أنها لم تختتن."
    وعند هذا الإكتشاف الخطير كان لابد أن يسيل لعاب النسوة لممارسة السادية الكامنة فيهن والتى تنتقل كالجينات الوراثية من جيل إلى جيل، ويكمل سليمان فياض الحكاية على لسان زينب فيقول " أخرجت نفيسة زجاجة من صدرها ونزعت غطاءها، ففاحت منها رائحة البنج وغمست فى الزجاجة قطعة قطن، أخرجتها من صدرها أيضاً، ثم وضعتها على أنف سيمون، رأيت فى ضوء المصباح عينيها مفتوحتين على آخرهما، مليئتين بالفزع، فكرت فى أن أتركها، وأدفع الكل عنها، وأوقظها، تصورت نفسى فى مكانها، لكن خطر لى أنها تبهج حامد بروحها وربما أيضاً بجسدها الذى يشبه الملبن بياضاً وطراوة لأنها لم تختتن، وكان جسدها يسترخى تحت أيدينا، وفمها يتوقف عن المقاومة، ويتوقف الأنين المكتوم المنبعث من أنفها، وعيناها تنطبقان، وتظلان مواربتين "....لم يشفع كل هذا الفزع لبطلة الرواية، فالخوف والرعب يشعل رغبة النسوة ويؤججها فى مزيد من الإنتهاك، وتكمل زينب القصة قائلة " أخذت نفيسة تمارس مهمتها بسعادة بالغة، والنسوة واقفات مستريحات ينظرن إلى مهمة جليلة، وفى قلق وسرور شديدين، وجذبت نفيسة ذلك الشئ حتى آخره بيد، وأخرجت باليد الأخرى موساً حادة كموس الحلاق من جيب ثوبها، وفتحته ومسحته فى جانب ثوبها، ثم ضغطت بجانب السلاح، وجذبت حد الموس بسرعة، فإنفصل ذلك الشئ فى يدها الأخرى، وتفجر دمها غزيراً، لم نر مثل هذا الدم من قبل على كثرة ماشاهدنا من طهارة للصبيان والبنات، وأخذت نفيسة تدس كل مامعها من قطن لتوقف النزف، لكن القطن كان يغرق بسرعة فى الدماء المتدفقة من المسكينة، ودست نفيسة شالها، وشال سيمون، وكل ماطالته يدها فى الدم المتفزر، والدم لايتوقف، والقماش يغرق فى بحر من الدم، لطمت حماتى خديها بيديها وصاحت:يامصيبتى، صاحت فينا نفيسة تنهرنا حتى لانفضح أنفسنا وطلبت منى أن آتيها بكل مالدينا من بن وتراب فرن وتراب أحمر ".
    ولم يفلح البن أو التراب أو البصل أو الكولونيا فى إيقاظ سيمون فهى قد ماتت، إنها كما قالت الحماة جاءت من بلدها لعذابها، إن هؤلاء النسوة بترن سيمون لأنها قامت بإستفزاز سكونهن وبلادتهن بإقبالها على الحياة فقررن إخراسها إلى الأبد ليس بقطع لسانها بل بقطع وبتر أنوثتها!.
    ومن سليمان فياض إلى الروائى الراحل فتحى غانم وروايته البديعة "زينب والعرش " التى تم فيها ختان زينب بطلة الرواية بعد صراع ورفض من الجدة التركية دودو هانم وإصرار من الأم خديجة ذات الأصول الريفية، ولكن قانون الأخلاق المزيفة كان هو الأعلى صوتاً وموس أم إسماعيل هو الذى وضع نقطة نهاية السطر، وتم ختان زينب ويحكى فتحى غانم عن زينب بعد ختانها بيوم قائلاً " لما رأت دودو هانم زينب منفرجة الساقين منكسرة الرأس، طلبت منها أن تتقدم إليها، ولكن زينب وقفت حائرة، وضحكت خديجة وقالت أنها مكسوفة وكان السرور يلمع فى عينى خديجة التى حاولت أن تنقل سرورها إلى حماتها فجعلت تقول لها أنها الخير والبركة فى البيت، وأنها لم تفعل مافعلت إلا ليقينها أن أنوثة زينب لن تكتمل إلا بالختان، وهى لن تتزوج تركياً ولكن زوجها سيكون مصرياً، وهو لن يرضى بزوجة بغير ختان، وجعلت خديجة تثرثر بحكايات عن رجال إكتشفوا أن زوجاتهن بغير ختان فكانوا يطلقونهن، أو كما حدث لحكمت الألفى وهى من عائلة تركية تسكن فى المنيرة فقد صمم زوجها على أن تجرى لها أم إسماعيل عملية الختان وهى عروس جاوزت العشرين، فنزف منها دم غزير وكادت أن تموت وهزت دودو هانم رأسها مستسلمة لكلام خديجة وقالت وهى تتنهد أن زمن الرجال الذين كانوا رجالاً قد ولى ولم يبق إلا الفلاحين "!.
    [ هذه الحكايات ليست كلام روايات وإنما هى واقع كتبه من هم ضمير الوطن، إن هذه الحكايات جميعاً نقطة فى بحر القلق والتوتر الذى تغرقن فيه بناتنا المذبوحات بسكين الجهل والخرافة، والدماء النازفة من الفتاة هى فى بعض الأحيان أقل الأضرار فالنزف النفسى يكون أكثر تدميراً، ويقول عنه د.حلمى عبد السلام فى كتابه مفاهيم جديدة إن آثار الختان النفسية قد تكون سابقة له، فما أن تسمع الفتاة بما حدث لأقرانها الأكبر سناً حتى ينتابها القلق، وكلما إقتربت من السن المعتاد إجراء الختان فيه يتصاعد قلقها ويتحول إلى رعب نفسى قد يصل فى بعض الحالات إلى حدوث كوابيس وتأخر دراسى، وتزداد حدة هذا القلق كلما كانت الفتاة معتدة بنفسها وبشخصيتها، ويحكى د.طه باشر أن فتاة كانت تصرخ خلال نومها قائلة " الحشرة، الحشرة " ولكن الأهل لم يجدوا أثراً لمثل تلك الحشرة، ثم تبين أن خادمة البيت كانت قد أعادت عليها فى الأيام السابقة بأنها سوف تختن، فالحشرة التى تتكلم عنها فى منامها تعبر عند العامة بمخالبها ومنظرها المخيف عن المرأة التى تقوم بالختان، وبعد ذلك تم التأكيد للفتاة بأنها لن تختن، وقد أدى ذلك إلى أن عادت الفتاة إلى نومها الهادئ "، وفيما يخص الآثار النفسية اللاحقة لختان البنات تقول د.سامية سليمان رزق " لايمكن أن تمحى الآثار النفسية لأخذ البنت غدراً وسط مظاهر الإحتفال، لتفاجأ بعملية التكبيل ورؤية أسلحة البتر، وتعانى من الآلام والمضاعفات، فى مقابل تقديم رشاوى مادية رخيصة، فمهما كانت البنت صغيرة فهى تستطيع أن تقارن بين ماقدم لها من أكل مميز وملابس جديدة، وبين مادفعته من كرامتها بعرضها مجردة من ملابسها الداخلية أمام أغراب، ويترتب على ذلك فقدان ثقة الطفلة فى أبويها أو من يحل محلهما، ويرتبط الغدر والأذى الجسمى والنفسى بخلق الشعور بالظلم لدى الفتاة الصغيرة والتى قد تلجأ للتعبير عنه بالتبول اللاإرادى والإنطواء الإجتماعى، فعملية الختان ليست بتراً عضوياً ولكنها أيضاً بتر نفسى ".
    حقاً إنها عملية بتر نفسى قبل أن تكون بتراً جسدياً، إن محاولة بتر المرأة إجتماعياً محاولة قديمة ومتكررة، يلح فيها المجتمع على شطب هذا الكيان وحذفه تارة بعزله داخل أسوار البيت، وتارة بتحويل الشارع إلى معتقل تتحرك فيه المرأة بحساب وريبة وأغطية وحواجز، ويؤكد د.عادل صادق أستاذ الطب النفسى على المعنى السابق بقوله " إن الختان يشكل عملية بتر تظل فى مخيلة الفتاة مدى الحياة، إن هذا الشعور بالبتر لعضو مهم فى جسم الفتاة بمافيه من معان جنسية يصبح شيئاً راسخاً فى ذهنها، ويقولون إن هذا الجزء يبتر حتى لاتنحرف الفتاة، وبذلك يصبح مفهوم الأخلاق مرتبطاً بالغريزة وأنه لاإرادة لها فى ذلك، وذلك يحرمها كأنثى من الإعتزاز بذاتها الأخلاقية الإنسانية الناشئة عن قناعة وإيمان "، ويحكى د.طه باشر فى كتابه السابق عن إمرأة فى الثلاثين من عمرها قد عانت من هبوط نفسى بعد وضعها على إثر تأخر شفاء ندب الختان، فلم تستطع الأكل أو النوم، وكان يجب معالجتها جسدياً ونفسياً فى عيادة الأمراض العقلية، ويحكى عن إمرأة أخرى كانت مريضة عقلياً وعندما أحيلت إلى الطبيب تبين أن هذه المرأة لاأطفال لها وأنها مطلقة مرتين، وبعد الفحص تبين أنها تعانى من ورم بحجم كرة التنس تحت جرح الختان وبعد إزالة هذا الورم شفيت وتركت المستشفى وهى سليمة عقلياً "، وقد رصد باحثون كثيرون التحول المرعب الناتج عن ختان الإناث، فقبل الختان كانت الفتيات ودودات وصافيات العين وطبيعيات دون خوف من الفحوصات الطبية، أما بعد شهرين أو حتى سنتين من الختان، تحولت الصورة تماماً، فالبنت منهن تقف مرتجفة وتفزع من الفحص الطبى وتصبح عدوانية فى ردود أفعالها...الخ.
    [ لابد أن نعرف أن الختان ليس تقرباً للآلهة، وأن ماكنا نفعله فى عصر الفراعنة لم يعد صالحاً لهذا العصر، فمن عادات المصريين القدامى إلقاء دمية على شكل فتاة جميلة يزينوها كعذراء يوم عرسها ويلقونها فى النهر، وكانوا يعتقدون أنهم إن لم يفعلوا ذلك فإن النهر قد يغضب عليهم ويكف عن الإنعام عليهم بفيضانه، وكان موسم وفاء النيل هو الوقت المناسب لختان البنات، فتقوم الدايات بختانهن فى ذلك الوقت، وكانوا يحتفظون بتلك الأجزاء التى كانت تقطع من الأعضاء الجنسية للفتاة ويلفونها على هيئة حجاب ويربطونها بخيط حول عنق الفتاة التى قطعت منها تلك الأجزاء، وفى يوم الإحتفال بعيد فيضان النيل كانوا يلقون بتلك الأجزاء فى مجرى النهر معتقدين أن الفتاة التى لاتفعل ذلك تبقى عانساً من غير زواج، أو أنها إذا تزوجت فإنها لاتنجب أطفالاً على الإطلاق، أو حتى إذا أنجبت أطفالاً فإن أولئك الأطفال لايعيشون أو يموتون صغاراً، وللأسف مازلنا نصر على تقديم بناتنا كقرابين لوهم كبير إسمه العفة التى لايعرف الكثيرون أنها مسئولية عقل وروح وليست مسئولية قطعة من اللحم أو بروز من الجلد خلقه الله كمصدر للمتعة وليس للنكد.
                  

02-16-2005, 04:05 AM

SILVER MOON
<aSILVER MOON
تاريخ التسجيل: 02-24-2002
مجموع المشاركات: 300

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الختان عبودية لاعبادة (Re: SILVER MOON)

    الختان ليس عادة إسلامية أو فرعونية ولكنها عادة عبودية!
    قراءة تاريخية وأنثروبولوجية
    [ كنت متأكداً حتى وقت قريب بأن ختان الإناث عادة خاطئة يفعلها المسلمون ولها أصل فرعونى، ولكن عندما سألنى أحد مرضاى المسيحيين عما كنت أستطيع إجراء عملية الختان لطفلته الصغيرة إندهشت مرتين، الأولى لأنه طلب منى أنا شخصياً هذا الطلب، أما الدهشة الكبرى فقد كان مصدرها أن الطالب مسيحى الديانة وهنا خاب ظنى وأيقنت أن ختان الإناث عادة عابرة لحواجز الأديان والجنسيات!، وقد جعلنى هذا المريض أعيد البحث فى الأصول التاريخية لهذه العادة البربرية بعيداً عن الأديان، وعندما قرأت بعدها عن وضع المرأة المميز فى العصر الفرعونى عدت للتشكك فى أن أصل الختان فرعونى كما يدعى الكثيرون وكما كنت أنا شخصياً معتقد، ومن هنا قررت الخوض فى بحار وعواصف تاريخ الختان الشائك حتى نفهم معاً من أين نبعت كل هذه الأنهار الدموية؟.
    [ يحكى المستشار ماهر برسوم عبد الملك قصة لها دلالة مهمة فى كتابه "مذكرات مستشار مصرى " جرت أحداثها أثناء عمله كوكيل نيابة فى الصعيد حيث إستدعى لتحقيق حادثة سقوط شخص من القطار مما أدى لبتر ساقه، وعند سؤال المصاب إتهم حماه، وعندما تمت مواجهة المتهم دافع عن نفسه بجملة كان فيها الإفحام والإقناع كله فقد قال " وده معقول يابيه أرميه من القطر ده واخد عارى!!"، وقد إرتعشت عند قراءة هذه الجملة البليغة التى لخصت المسألة كلها، إن المرأة عار والرجل هو الذى يخفى آثار هذا العار فمن الممكن أن يخفيه بالقتل أو يرمى تبعته عن كاهله بالزواج أو يكيف و"يأيف " هذا العار منذ الطفولة بالختان، إنها آثار عهد العبودية والإقطاع والرق والجوارى التى إمتدت لتعشش فى عقول البعض من ضعاف النفوس ومرضى العقول من الرجال الذين مازالوا يعيشون بمنطق شهريار وسلوك الطاووس الذى إن أنصف المرأة فمن باب الإنعام والهبة وليس من باب الحق المشروع والواجب الملزم، وكما كان يمارس الإخصاء فى العصور الإقطاعية حتى يضمن السيد أن العبد لن يلعب بذيله وحتى يضمن أن قوته الجسمانية لن تضيع أدراج الرياح فى النزوات، فبعد أن تم إستبدال السيد الرجل بالسيد الإقطاعى تم "الإخصاء الأنثوى" الجديد عن طريق الختان حتى تصبح ممتلكات الرجل خالية من التلوث الإشعاعىالجنسى والقذارة الشهوانية التدميرية الشاملة!، ولأن أصل كلمة البظر الطبية معناها المفتاح فقد فعل السادة بنفس منطق حزام العفة ختان المرأة حتى لاتفتح به باب الشهوة!.
    يرفض الكثيرون من الأطباء والباحثين نسبة ختان الإناث إلى الفراعنة ومنهم د.محمد فياض ود.نوال السعداوى ود.سامى الذيب وغيرهم بالرغم من تسمية أهل السودان لأفظع وأبشع أنواع الختان ب"الختان الفرعونى "، فتقول د.نوال السعداوى أن أندونيسيا مارست ختان الإناث قبل مصر القديمة " ولقد أثبت علم التاريخ والأنثروبولوجى أن هذه العمليات، الختان والإخصاء وغيرها، لاعلاقة لها بالمصريين أو العرب أو المسلمين أو اليهود أو المسيحيين أو البوذيين أو غيرهم، إنها ترتبط بنوع النظام الإجتماعى والإقتصادى السائد فى المجتمع وليس نوع البشر أو دينهم أو لونهم أو جنسهم أو عرقهم أو لغتهم " وتضيف " إن القارة الأفريقية أو اللون الأسود ليس مسئولاً عن هذه الجريمة وإنما هى إحدى جرائم العبودية فى التاريخ البشرى، إلا أنها بقايا النظرة العنصرية التى تتصور أن مشاكل الدنيا بمافيها الإيدز أصلها أفريقى، أو على الأقل بدأت فى أفريقيا ثم إنتقلت بالعدوى فقط إلى الجنس الأبيض "، ويقول د.سامى الذيب صاحب أهم الدراسات عن الختان أنه قد يرجع سببه للنظام الذكورى الذى يشرع تعدد الزوجات ونظام العبيد، ويشير إلى كتاب الكاماسوترا الهندى الذى يتحدث عن كيف أن الرجل فى نظام الحريم كان لايمكنه أن يرضى جميع النساء اللاتى يمتلكهن، فقد يتداول العلاقة الجنسية مقسماً لياليه بينهن، وقد يختار إحداهن ليمارس الجنس معها، بينما تقوم المحرومات بممارسات وحيل غير مشروعة للوصول إلى الرجل أو تعويض هذا الحرمان، وللحد من هذه الممارسات غير المشروعة قام الذكور بفرض الختان على الإناث بإعتباره وسيلة للحد من شهوتهن ومنع إختلاط أطفالهم الشرعيين بأطفال من رجال غرباء، ويؤكد د.أحمد شوقى الفنجرى على هذا المعنى قائلاً " تعود هذه العملية إلى عصور الإقطاع حين كان الإقطاعى يمتلك الآلاف من البهائم والغنم إلى جانب المئات من العبدات والعبيد، وكان يعامل البهائم والبشر على السواء على أنهم ملك له، فكان يخصى الذكور من البهائم حتى لاتحمل الإناث وهن فى مرحلة إدرار اللبن، ويخصى الذكور من العبيد حتى لا يقتربوا من نسائه، أما الإناث من البهائم فكانوا يضعون فى أرحامهن قطعة من النوى أو زلطة حتى لاتحمل فى وقت غير مناسب، أما العبدات فكان يعتبرهن ملك له فقط دون غيره رغم أن أعدادهن بالمئات، فكان يختنهن لقتل الشعور الجنسى حتى لايستمتعن بالجنس لأنه لايستطيع إشباعهن جميعاً "، إنها ليست مسألة مكان بعينه أو دين بذاته هى التى صنعت الختان ولكنها مسألة إحساس العبودية الذى لو تغلبت عليه إنتفى سبب الختان وأصبح مرفوض إجتماعياً، وعلى العكس لو إستسلمت له لصار الختان مناسبة يجب الإحتفاء بها والترويج لها، ويستخدم فى هذا الإحتفاء والترويج الدين تارة والعادات تارة أخرى لكى تغطى هذه العادة الوحشية بورق سيلوفان جميل يجعله مقبولاً بل ومطلوباً أيضاً.
    [ عندما يسيطر الفكر الأسطورى الغيبى على مجتمع يظل محتفظاً فى بنائه بالخرافة التى تنتقل عبر جيناته الوراثية جيلاً بعد جيل خاصة عندما يتوارى المنهج العلمى فى التفكير ويفشل فى إحداث التوازن وخلق الطفرة التى تجعل الأسطورة جزءاً من الفولكلور لامكوناً للتفكير والفعل والإختيار والقرار، والأعضاء المبتورة تمثل منذ قديم الزمان وفى معظم الأساطير قرابين ومكونات خلق، ففى أسطورة ريجفيدا الهندية تم ربط "بروزا " وتقديمه ضحية وخلق العالم من أشلائه فمثلاً من عينه خلقت الشمس وهكذا، ومعظمنا يعرف قصة إيزيس وأوزيريس الذى مزقه إله الشر " ست" فحاولت إيزيس جمع أشلائه ولكنها فشلت فى العثور على عضوه التناسلى الذى إبتلعته ثلاث سمكات تمثل قوى الشر، ومن الأساطير الأفريقية القديمة أسطورة قبيلة "مانتجا " التى تصارع فيها الأخوان "باجنزا " و" ياكومو " أمام الإله وجرح فيها الأول وتم ختانه، وبعد شفائه رفض العلاقة الجنسية مع زوجته التى طلبت أن تختتن هى الأخرى لكى ترضى زوجها، وأسطورة التضحية بعروس النيل التى تحدثنا عنها سابقاً هى مجرد إشارة لأهمية التضحية أو القربان فى الفكر الأسطورى، وهو تارة يستخدم لتفادى غضب الآلهة وتارة أخرى كطقس للعبادة، ومن ضمن هذه القرابين حرق الأجساد وبتر الأعضاء، فبعض القبائل الأفريقية تضحى بالخصية اليسرى أو اليمنى رغبة منهم فى إتقاء شر ولادة التوأم!، وهنا يصبح الختان مجرد ظلال أسطورة ورمز للتضحية الدينية التى تتحول رويداً رويداً لعلامة تميز وتفرد لقبيلة ما أو أصحاب دين ما أو سكان بلد ما يوحدهم هذا الطقس وينقذهم من الشتات الإجتماعى.
    [هذا التوحد أو هذه الرغبة العارمة فى التشابه وخلق الإنتماء والتطابق المزيف المزعوم يجعل من الختان وسيلة سهلة وسريعة لتحقيق كل هذا بمجرد ضربة مشرط ونزف دماء وتضحية بجزء هو فى عرف العامة جزء زائد عن الحاجة يجلب وجع الدماغ والهياج الجنسى، ورغبة أفراد المجتمع فى أن يكونوا نسخ متكررة فوتوكوبى من بعضهم هى إمتداد للفكر العبودى الذى خلق ورسخ عادة الختان، وتعبر د.كاميليا عبد الفتاح عن تأثير هذا التطابق على عادة ختان البنات قائلة " إن عملية ختان البنات تندرج تحت مفهوم التطابق فى المجتمع، ويظهر ذلك فى توقع حدوث الختان وضرورته وفى الرضى عنه والإقتناع به، وإلى جانب رغبة البنت فى التطابق فهناك دلالة نفسية لكل هذا وهى إحساس البنت بالأهمية ولو لمدة أيام، تلك الأهمية التى تفتقدها البنت عادة فى مجتمعنا، وهذا الفرح الذى يغمر الأسرة يعلق بذهن الفتيات الصغيرات اللاتى يطالبن بأن يجرى لهن الختان كنوع من التقاليد والمشاركة الوجودية والتطابق مع قيم المجتمع "، والمدهش أن هذه الرغبة فى التشابه التى تذكرها د.كاميليا قوية على عكس مانعتقد أن الألم يتغلب عليها، فالرافضة لقيم المجتمع المستقرة أو بالأصح التى يريد لها البعض الإستقرار لتحقيق مكاسبه، هذه الرافضة خاسرة وتصرفاتها مستهجنة وصديقاتها تعايرنها بأنها أقل منهن مما يضطرها لطلب الختان!، ويورد د.سامى الذيب بعض الأمثلة التى من الممكن أن نستغربها فى البداية ولكن عندما نلمس عن قرب وطأة وسطوة التقاليد سيضيع هذا الإستغراب، فهو يقول أن المجتمع السودانى يضع غير المختونات ضمن ثلاثة خانات الأطفال والمجنونات والعاهرات، وتشير إحدى الدراسات الميدانية التى أجريت فى الصومال أن الفتيات اللاتى يتركن بلا ختان لمدة طويلة يطالبن تكراراً بختانهن لأن عدم ختانهن يجعل منهن منبوذات فى محيطهن ولايمكنهن أن يجدن زوجاً إلا خارج مجتمعهن، وقد صرحت إحدى الممرضات غير المختونات بأنها تعيش مأساة وتفضل ألف مرة الموت على أن تعيش منبوذة!، وأعتقد أننا فى مصر لابد أن نخلق إلحاحاً حول خطورة الختان حتى نكسر هذه الرغبة فى التشابه، ولابد من كسر هذه الحلقة الجهنمية فى سياسة القطيع الى تخلق نوعاً من الراحة المزيفة، ويظل يقنعك تيار ليس فى الإمكان أبدع مماكان أن التغريد خارج السرب برغم أنه يمنحك متعة التميز إلا أنه يفقدك دفء القطيع، وتصدق الفتيات والأمهات هذا الهراء ويفضلن حالة أسر السكون والركود الذى يصل لحالة التعفن على حرية الحركة والتغيير والتقدم.
    [ ولأن العبد مجرد شئ أو جزء من المتاع الإقطاعى فإن التصرف معه يتم بنفس الطريقة التى يتعامل بها الإقطاعى مع ممتلكاته ودوابه ومزرعته، فكما يسمن أبقاره حتى تعطى مزيداً من اللحم واللبن فإن المجتمع المتأثر بالفكر العبودى يختن المرأة لتجهيزها للزواج، أو بإختصار علشان تعجب السيد الذى هو الرجل، وكما تقول أسطورة أفريقية لقبيلة " دوجون " أن الإله "أما " قبض على مصران ملئ بطين فخارى ورماه فتكونت الأرض على شكل إمرأة مضطجعة على ظهرها، وعندما أراد "أما " لقاء هذه المرأة منعه هذا العضو الملعون فقام الإله بقطعه ليتم اللقاء، ومازال هذا الإعتقاد هو أساس عملية الختان حتى الآن فى تلك القبيلة، والأفارقة لهم رأى غريب فى سبب الختان وهو أن الفتاة الصغيرة تستمتع بطريقة ذاتية ولذلك عندما تكبر لابد أن يقطع مصدر اللذة الذاتية حتى تبحث عن الرجل وعن الزواج، والأشد غرابة أن هناك مجتمعات فى كينيا وأوغندا وغرب أفريقيا تستطيع فيها الفتاة الإنجاب خارج العلاقة الزوجية لإثبات خصوبتها وبعد الإنجاب يتم ختانها إعداداً للزواج، وقد أوضحت ممثلة لجنة النساء الغينيات فى مؤتمر داكار 1984 أن الفتيات المختونات يبقين فى غرفة واحدة أو فى الغابة المقدسة لمدة شهر حتى يشفى الجرح، وفيها تقوم إمرأة عجوز بمراقبتهن وتعليمهن القصص والأغانى الشعبية ودور ربة البيت...الخ وبعد الخروج من هذه العزلة يصبحن صالحات للزواج، أما فى مصر فتوجد بردية كتبها باليونانية كاهن مصرى يرجع تاريخها إلى عام 163 قبل الميلاد يؤكد فيها على العلاقة بين الختان والزواج، ويذكر د.سامى الذيب رواية للرحالة الإسكتلندى "جيمس بروس " حول محاولة المبشرين الكاثوليك فى مصر فى القرن السابع عشر منع ختان الإناث على أتباعهم ولكنهم تراجعوا عن هذا المنع عندما رفض الرجال الزواج من النساء الكاثوليكيات غير المختونات!، وتذكر د.آمال عبد الهادى فى دراستها عن قرية دير البرشا ذات الأغلبية المسيحية التى تخلت عن ختان الإناث أن أكثرية الناس كانوا يرفضون مساعدة الغير فى عدم ختان بناتهم وكان سبب رفضهم مايلى " كل واحد يحكم على بيته لنفرض أننى نصحت أم بعدم ختان بنتها ثم لم تتزوج فماذا سيكون موقفى؟!".
    [ كما يمثل عدم الزواج هاجساً بشعاً وملحاً من بقايا العصر العبودى الذى يعامل العانس كعار وعبء ومصدر نحس، فإن العقم وعدم الخصوبة هو الهاجس الأشد وطأة لأن المرأة فى هذه المجتمعات هى ماكينة تفريخ لفقس الأطفال، وأى خلل فى هذه الوظيفة هو بمثابة تجريس مزمن للمرأة، ولذلك تعتقد بعض القبائل فى نيجيريا أن البظر عضو خطير يؤذى رأس الطفل إذا مسه ومن الممكن أن يصل الإيذاء لحد القتل، ولهذا السبب يتم ختان المرأة فى الشهر السابع من الحمل إذا لم تكن مختونة قبل الحمل، وهناك إعتقاد فى بوركينا فاسو أن بظر المرأة يجعل الزوج عاجزاً جنسياً وقد يموت أثناء العملية الجنسية، وفى مناطق ساحل العاج يعتقد أن المرأة غير المختونة لايمكن أن تنجب، وهناك أسطورة تقول بأن الفرج له أسنان تضر بالرجل وأن البظر هو آخر سن فيه يجب قلعه، وتعتقد بعض القبائل بأن الختان يزيد الخصوبة وأن البنت غير المختونة تفرز إفرازات قاتلة للحيوانات المنوية للزوج، وفى مصر تحكى مارى أسعد وحلمى عبد السلام عن الأصول الأسطورية لعلاقة الختان بالإنجاب، ومنها قصة تسمية مايقطع من المرأة بالفضلة لخطورتها، بالإضافة لقطع هذه الفضلة هناك عمليات كثيرة يعتقد فيها المصريون تحد من خطر الجزء المقطوع مثل التمائم السحرية وغسله بصورة خاصة أو مسه بأشياء مختلفة، وإستلهاماً من أسطورة عروس النيل التى سبق ذكرها فى الفصل السابق يعتقد أن من لاتلقى بفضلتها فى النيل لن تنجب على الإطلاق، وبالطبع يساعد الجهل بعلم التشريح على سريان وإنتشار حجة ووهم أن الختان يسهل عملية الولادة لأن مايجب إزالته يسد الطريق أمام الجنين، وكما كان القدماء يشكلون جسد المرأة بإضافة الشحم والدهون و " يعلفونها " "لمزيد من التخن والربربة" لتصبح كمصارعى السومو فإنهم يشكلون جسدها بالكشط والإزالة وبالطبع يقف الختان كأشهر هذه الأساليب التى تعبر عن المزاج الإجتماعى السادى الذى يشيئ المرأة.
    [ وتمشياً مع إعتبار الختان وقفة عند مرحلة المجتمع العبودى، فإن النجاسة المرتبطة بأعضاء الجسم وتقسيم الجسد إلى مراتب طبقية حسب درجة الطهارة والنجاسة كل هذا من بقايا التصور الإقطاعى للجسم الذى يختلف فيه جسم العبد عن سيده وأيضاً أعضاء الجسم الواحد نفسه، ويكفى أن الإسم الذى يطلق على الختان هو الطهارة، وفى السودان يعتبرون البنت غير المختونة نجسة وإطلاق صفة إبن غير المختونة يعتبر من قبيل الشتيمة هناك ويشبه شتيمة إبن العاهرة، والإرتباط بين عدم الختان والنجاسة عند القبائل الأفريقية إرتباط وثيق، فالبعض يرفض الأكل مع غير المختونة وفى مالى يرفضون مجرد تحضيرها للأكل، والبعض يعتقد أن فى البظر سم قاتل، وفى أوغندا تعبر المرأة غير المختونة بنتاً مهما كان عدد أطفالها، ويعتبر إبنها "إبن بنت " دون أية كرامة فى جماعته ولايحظى بأى منصب هام، ولايحق لهذه المرأة حلب البقر لأن ذلك يجلب النحس، كما لايحق لها سكب الماء فى الإناء الذى يحتوى ماء الشرب للعائلة، أو الصعود إلى المخزن لإحضار الحبوب للطبخ أو الزراعة، وإذا مات رجلها لايحق لها إستقاء الماء من النهر أو البئر للذين يدفنون زوجها، إن مفاهيم النجاسة المرتبطة بعبادة الطوطم ومفاهيم إنسان الكهف الأول الذى كان لايستطيع فهم الظواهر المحيطة به فينسج حولها الأساطير ومنها أسطورة النجاسة وخاصة بالمكان الذى ينزل منه دم الحيض المفاجئ الذى وضعه هذا الإنسان فى خانة النجاسة كحل منقذ لعقله القاصر.
    [ السحر وطقوسه وتدريباته عنصر أساسى من عناصر تكوين المجتمع العبودى، وقد جمعت ال"بولتين " عدد ديسمبر 1991 بعض هذه الطقوس الأفريقية الغريبة التى تنقلنا فوراً لجو المجتمع القبلى الذى يفتقر لأبسط بديهيات المنهج العلمى فى التفكير وتفسير الظواهر، ويحدد الساحر مكان التدريب على طقوس إحتفالات الختان من غناء ورقص، وتتسابق الفتيات فيه للبحث عن الشجرة المقدسة ومن تجدها هى التى تتلقى أكثر طلبات زواج، وفى قبيلة "ناندى " عشية إجراء الختان تشعل النار المقدسة قرب شجرة مخصوصة، وتقوم الخاتنة بفرك مكان الختان بنبات لاسع حتى ينتفخ المكان، ثم يتم الكى بقبس من النار وسط غناء ورقص القبيلة، وفى قبائل "أوبانجى " يحظر دخول المكان على الرجال إلا زوج الخاتنة العجوز الذى يسيطر على الفتاة بعنف فاتحاً فخذيها فى نفس الوقت الذى يلهب ظهرها فيه سوط تمسك به إمرأة من القبيلة، وبعدها يتم جز البظر بالسكين، وتقف البنات فى طابور تحرسهم زغاريد القبيلة، وعلى من تنهى عملية الختان أن ترقص رقصة اللقاء الجنسى والدم ينزف منها، وفى توجو ينتهى طقس الختان بسير الفتيات عاريات فى موكب حتى يصلن إلى التمثال المقدس، وفى دولة بنين تجلس الفتيات على حجر مسطح على شكل دائرة ووجوههن إلى الخارج، وتجلس الخاتنة وسط الدائرة وتلف الحجر حتى تواجه البنت وتجرى لها الختان، ثم تلفه لكى تختن الفتاة التالية وهكذا....، كل ماسبق له ظلاله الدينية فى معتقداتهم، وهو شبه إمتحان تجريه القبيلة للبنت، وهذا الإحساس بالإمتحان إنتقل إلي مجتمعنا المصرى حيث نعقد إمتحانات دورية للبنت فى الأخلاق بالطبع التى هى أخلاق من وجهة نظرنا تحمل خاتمنا الخاص وبصمتنا المميزة، إن الفرق بيننا وبينهم إنهم يجرون الختان بصراحة وتحت غطاء السحر ونحن نجريها بنفاق وتحت غطاء الدين.
    [ العبودية ليست تعريفاً زمنياً ولامكانياً ولكنها مجموعة قيم أخلاقية معينة، ونظرة خاصة متزمتة، ونسق سلوكى يهتم بالحفاظ على المظهر الخارجى، وأرتيكاريا شديدة من أى شئ يمس ممتلكات السيد ومنها المرأة، بدليل أن هذا الختان البربرى وصل إلى أوروبا عندما سيطر عليها إحساس الطهر "البيورتانى " فى العصر الفيكتورى المتزمت المتخلف الذى صاحبه تخلف طبى أيضاً، وقد ساعد هذا المركب المتخلف المزدوج على تبنى عادة الختان وقد ساعد على إنتشارها بعض التفسيرات الطبية التى تربط بين الأمراض العقلية والعصبية التى تصيب النساء وبين أعضائهن التناسلية، والتى تدين المرأة لأنها أسيرة طبيعتها البيولوجية المتقلبة من حمل وإرضاع وولادة وحيض..الخ، ممايؤدى من وجهة نظر أصحاب هذه التفسيرات لخفض قدرتها الذهنية وإنهيار إرادتها الواعية وفقدها للقدرة على التحكم فى نفسها، وفى كتاب "موقف الأطباء من ختان الإناث" تقص مؤلفتا الكتاب آمال عبد الهادى وسهام عبد السلام قصة غزو ختان النساء لأوروبا إبان العصر الفيكتورى، ففى سنة 1858 أدخل د.إسحق بيكر براون ختان النساء لبريطانيا كوسيلة علاجية للأمراض البدنية والعقلية التى كان يعتقد أنها تصيب النساء بسبب تعرضهن للإثارة الجنسية، وللعلاج "مارس د.براون إستئصال البظر والشفرين الصغيرين كعلاج لهذه الأمراض بل وأحياناً المشاكل الإجتماعية كالطلاق!، وكان يتباهى بأنه يخدرهن تخديراً كلياً "، وقد أدت التجاوزات المهنية للدكتور براون إلى تجريده من ألقابه العلمية وفصله من عمله، وفى سنة 1867 نشرت المجلة الطبية البريطانية خطاباً هاماً يوضح أسباب رفض المجتمع الطبى لممارسات د.براون، يقول الخطاب " نحن معشر الأطباء حماة مصالح النساء بل ورعاة شرفهن، والحق إننا نحن الطرف الأقوى وهن الطرف الضعيف، فهن مجبرات على تصديق كل مانقوله لهن لأنهن لسن فى وضع يسمح لهن بمجادلتنا، لذا يمكن القول بأنهن يقعن تحت رحمتنا، وفى ظل هذه الظروف لو تخلينا عن التمسك بمبادئ الشرف وخدعنا مريضاتنا أو ألحقنا بهن الأذى بأى شكل، فإننا لانستحق الإنتماء إلى مهنتنا النبيلة "، وأما الأكثر طرافة فهو ماذكر فى كتاب "مشاكل النساء " لفرنيون كوليمان من أن الختان أستخدم لعلاج كثرة عرق الأيدى وللفتيات اللاتى كن يعملن بمصانع النسيج على آلات الخياطة التى تعمل ببدال القدم، وكان المبرر هو أن حركة إهتزاز الفخذين الدائمة وإحتكاكهما كانا يولدان إثارات جنسية لاتحتمل!!، وقد تبنى البعض فى مصر مثل هذا الرأى أو أشد منه فى تأييد الختان فقالوا أن تلامس الملابس وإحتكاكها بالبظر من الممكن أن يثير البنت فمن الأفضل ختانها!!.
    [ وفى ختام هذه القراءة التاريخية نقول إننا بالختان نقول مرحباً بالعبودية ووداعاً للحرية والعقل، وإذا رغبنا فى الخروج من كهف الظلمة لساحة النور علينا أن نعترف بأن أجسامنا ملكنا ومصدر فرحتنا وليست وعاء شرورنا وآثامنا ورذيلتنا، وأن نمنع أى بتر عدوانى نفعله بها كالختان الذى هو من بقايا العبودية والتى للأسف نحن إليها أحياناً وبكامل إرادتنا.
                  

02-16-2005, 04:09 AM

SILVER MOON
<aSILVER MOON
تاريخ التسجيل: 02-24-2002
مجموع المشاركات: 300

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الختان عبودية لاعبادة (Re: SILVER MOON)

    قراءة سيكولوجية للختان
    [ختان البنات هذا الطقس الدموى الذى نحتفل فيه بذبح فتياتنا، غالباً مايغلفه الأهل فى ورقة سيلوفان رقيقة ملونة لتقديمه وتبريره لهذه الفتاة المذبوحة، هذه الورقة إما أن تكون على شكل فروض دينية أو ضرورات إجتماعية أو أعراف وعادات سلوكية، وعندما تبدأ البنت فى فك ورقة السيلوفان لتبتلع الحلوى المسمومة سرعان ماتكتشف حجم الخديعة التى صنعها الأهل، وعمق الفخ الذى أوقعوها فيه، وأن المسألة ماهى إلا مجرد عقد نفسية ومتاعب سيكولوجية يعانى منها المجتمع قبل الأهل، ويغرق فيها الأهل قبل البنت، ويمهد الطريق للبنت لكى ترث كل هذه العقد والمتاعب، يتم كل هذا بقلب بارد وحس متبلد، وكأننا فى شبكة مافيا غامضة لانعرف خيط بدايتها من طرف نهايتها.
    [ سيناريو الختان ذكرنى بماتفعله مجموعة دينية مغربية تقوم بتجريح الرأس حتى تنزف وذلك إعتقاداً منها بأنه يخرج الجن والأرواح الشريرة، وهذه الجماعة تؤمن بوجود جنية شريرة تدعى " عائشة قنديشة " يمكنها أن تقتل كل من يعصى أوامرها فتأمر أتباعها بهذه المذبحة تعطشاً للدماء!، وعقدنا النفسية هى بمثابة عائشة قنديشة الخاصة بنا، و أولى عناصر هذا التفسير النفسى للختان هى أنه مظهر من مظاهر التسلط الإجتماعى من الذكور على النساء وأيضاً من النساء على النساء، وكما يبحث الرجل عن وسائل لتقويته الجنسية بداية من المأكولات البحرية حتى الفياجرا مروراً بجميع أنواع المنشطات، يبحث أيضاً وخاصة إذا كان فرق السن كبيراً عن تثبيط أو مايتخيله هو تثبيط للرغبة عند المرأة، وبالطبع أسهل وأنجح الوسائل هى الختان، ولذلك تقترح د.كاميليا عبد الفتاح أن من أهم عناصر مكافحة ختان الإناث هو مكافحة تعدد الزوجات ونظام الزواج بفرق كبير فى السن بين الرجال والنساء، تقول د.كاميليا عبد الفتاح " إن معنى الختان فى الطبقات الفقيرة يرتبط بإرضاء الرجل إلى جانب إرتباطه بالنظافة وعدم الهياج وبأنه سنة مرغوبة فى الطبقات الأعلى، فالبنت الصغيرة تخضع لهذه العملية بل وتستريح لها طالما أنها ترضى الناس وأنها المتطلب الرئيسى للرجل حيث تشيع فكرة أنه يفرح بذلك، وأن ختان البنت هو من ضمن المؤهلات التى لن تقبل كزوجة بدونه "، أما ماأدهشنى حقيقة هو نتيجة البحث القيم الذى كتبته د.سهام عبد السلام ود.آمال عبد الهادى تحت عنوان موقف الأطباء من ختان الإناث، وأهمية هذا البحث تأتى من أن عينة البحث تتكون من الأطباء فقط وهم أكثر الناس معرفة بأضرار الختان الطبية ولكن عند النزول إلى الواقع وسماع آرائهم نجد كم هى قوية الأعراف والتقاليد؟، ومايهمنى هنا هو رأى الأطباء الرجال وخاصة من ينظرون إلى المرأة منهم بنظرة دونية، وقد وجدت الباحثتان أنه هناك إرتباط إيجابى بين الموافقة على عمل المرأة وبين رفض الختان، فالإتجاه الغالب بين معارضى الختان يوافق على عمل المرأة بدون قيود أو شروط ووصلت نسبتهم إلى حوالى 61%، ونسبة الرافضين حوالى 11%، ونأتى إلى الفريق الآخر وهو مؤيدو الختان الذين منهم من يرفض عمل المرأة نهائياً ونسبتهم 31% أما الباقى فيقبل العمل المشروط بشروط كثيرة ومجحفة، ومؤيدو الختان يصفون عمل المرأة للباحثتين بأن له أثر سلبى على الأسرة وضياع لحقوق البيت وبأن الزوجة أساساً ست بيت وحرام عملها خارج البيت الذى هو مملكتها، وأنها تضيع فرصة الرجال فى العمل، وأيضاً المرأة غير كفء فى العمل، وعمل المرأة ضد الفضيلة ومخل بالآداب العامة ويثير شهوة الرجال، وتختتم الباحثتان تغطية هذه النقطة بقولهما " رفض الختان هو جزء من موقف عام يرى المرأة كائناً عاقلاً مساوياً للرجل فى الحقوق والواجبات والقدرة الإجتماعية، ويرى أن تقدم الوطن مرهون بإسهام كل مواطنيه رجالاً ونساء، بينما ترتبط الموافقة على الختان بنظرة دونية للمرأة تراها أقل كفاءة من الرجل، وأن مكانها المنزل لخدمة الزوج والأبناء، وخروجها خارج هذه الحدود يرتبط بالمشاكل الأسرية ويخلق فوضى جنسية ".
    [ نستخلص مماسبق أن التسلط الذكورى موجود حتى فى الفئة المثقفة التى تعرف تماماً خطر هذه الجريمة على البنت وكيف تحرمها من البهجة والحياة الجنسية السليمة بل والحياة الإنسانية السليمة وتنتهك حقها الإنسانى البسيط، إن الأطباء الذكور يعرفون كل هذا بل هم متأكدون منه تمام التأكد وبالرغم من ذلك ولاأبالغ إذا قلت أنه من أجل ذلك يوافقون على الختان هذه العادة المتخلفة لأن موقفهم الإجتماعى أصلاً متخلف، وهذا يتطابق مع ماقاله أحد الرؤساء الأفارقة –توماس سنكارا- عن الختان " هناك محاولة للحط من المرأة بجعلها تحمل هذه العلامة التى تنقص من وضعها والتى تشعرها دائماً بأنها ليست إلا إمرأة ناقصة عن الرجل، لايحق لها حتى الإستفادة من جسدها وأن تفرح وتُفرح جسدها وكل كيانها، فلها حدود فرضها عليها الرجل، لذلك فالختان وسيلة لإذلالها "، ولابد أن نذكر فى هذا السياق مافعله الرئيس جومو كينياتا فى دعايته الإنتخابية من ترويج لعادة ختان البنات حتى يكسب الجولة!!، وحتى فى أمريكا سنة 1848 كما يذكر د.سامى الذيب كان هناك علاقة أو رابطة ما مابين إعلان حقوق المرأة فى الولايات المتحدة فى هذا العام وبين تأييد الرجال هناك لختان الإناث كرد فعل لإرجاع المرأة إلى دورها الذى إعتادوا عليه وبسبب خوف الرجال من أنوثة المرأة، فهم يرون أن المرأة كانت تميل إلى الرذيلة مما يتطلب علاجها ببتر أعضائها الجنسية، ومما يساهم فى تبرئة الرجال من تهمة الترويج للختان نتيجة التسلط الذكورى ماتطلق عليه د.سهام عبد السلام مؤامرة الصمت، تقول د.سهام عن هذه المؤامرة " تنشأ النساء على أن من العيب أن تعلن المرأة الامها لاسيما المرتبطة منها بالجنس، بذلك تنكر النساء هذه الآلام سواء التى مررن بها فور إجراء التشويه لهن أو التى يعانينها فى حياتهن الزوجية من جراء هذا التشويه، ويكررن ماجرى لهن فى بناتهن، علاوة على ذلك أدى سياج الصمت المضروب حول الحديث عن هذا الموضوع إلى إحجام السيدات والفتيات التى لم يجر لهن هذا التشويه الجنسى وأسرهن عن الحديث مع بقية أخواتهن بمايعرفنه معرفة اليقين من عدم ضرورة هذه العملية وأن العفة والنظافة لاترتبطان بها، وأن حياتهن تسير فى مجراها الطبيعى قبل الزواج وبعده مع تمتعهن بالسلامة الجسدية، بل بلغ الأمر حد جهل أصحاب الموقفين بوجود بعضهما البعض أصلاً، فمن تخلوا عن ممارسة التشويه الجنسى للإناث صاروا يعتقدون أن مصر كلها قد حذت حذوهم ولم يعد فيها من يمارس هذه العادات، ومن مازالوا يتمسكون به يعتقدون أن هذه هى طبائع الأمور، وأنه لاتوجد فى مصر كلها إمرأة لم تجر لها هذه العملية ".
    [ تحدثنا من قبل ونحن نصف حفلة الختان عن الفرحة العارمة التى تنتاب الأمهات والنسوة الجالسات حول الفتاة الذبيحة، والمدهش أن من يحافظ على مسيرة الختان هن النساء!، فالجدات والأمهات هن اللاتى يقررن ويخططن لهذه العملية، والداية الأنثى هى التى تذبح وتضرب أول فرشاة دماء فى لوحة المهانة الأنثوية، والخالات والعمات والجارات والحبايب هن اللاتى يقمن بالتكتيف وعماية الأسر وكتم الأنفاس ولى الأيادى وشل الأرجل ووقف الصراخ وملاحظة العرق المفصود وكم الإزالة المضبوط...الخ، إنها مشاركة نسائية غير مسبوقة لتقديم تاء التأنيث كقربان، ولاأعرف على حد علمى المتواضع مثل هذه المشاركة النسوية فى صنع دونية لمن هى من بنات جنسها، وإذا كان الرجل هو المايسترو الإجتماعى فى عملية الختان فالمرأة هى الأوركسترا التنفيذى الذى يعزف لحن العذاب!.
    [ شكل إنعزال المرأة عن المشاركة فى الحياة الإجتماعية نمطاً سلوكياً جعل الشرنقة الأنثوية تفرز خيوطاً من الأنانية والتسلط والعدوانية، فهى وإن غاب صوتها خارج البيت فقد ترك لها حسم بعض الأمور داخل البيت الذى ضحك عليها الرجل وقال أنه مملكتها كى يلهيها عن صنع مملكة خارج أسوار هذا البيت، ومن ضمن هذه الأمور كل مايتعلق بالعادات والتقاليد وأهمها ختان البنات وضرب سياج من التربص بتصرفات البنت ونصب الفخ تلو الفخ وكأننا فى رحلة صيد، وقد ترتب على منع خروج السيدات قديماً من المنزل ظهور طبقة من المترددات على المنزل ممن يقضين حاجاته وقد تميزن بطول اللسان والكلام المكشوف حتى مع الرجال وكأنهن يعوضن بتطرف كبت الأخريات وصمتهن، ومن أمثلة تلك المترددات الدلالة التى تبيع الملابس، والماشطة لعمل الحمام والحنة وغيرها من الأعمال داخل وخارج المنزل ومن ضمنها الترويج لبنات الأسرة وبيان صفاتهن الحميدة وأهمها أنهن مختونات طبقاً للمواصفات القياسية!!، وبالطبع الداية التى تقوم بعمليات الختان والتوليد، قام هذا "الجيتو " النسائى بغزل خيوط المؤامرة على مر التاريخ، والمساهمة فى ترسيخ الدونية الأنثوية ونشر الدفء المزعوم الناتج عن الإنتماء للجماعة، والخوف عند عدم تنفيذ الأمر من الطرد من جنة هذا الدفء الحاضن الآمن، ويورد د.سامى الذيب رأى إحدى الباحثات السيدة "هيكس " والذى يعبر عن المعنى السابق فهى تقول " أن النساء يساندن ختان الإناث لأنهن يحصلن من ورائه على التقدير والإحترام الإجتماعى ولقمة العيش، فمن دون ختان لازواج ولاإحترام، فهذه وسيلتهن لحماية أنفسهن وضمان دورهن فى المجتمع، والختان يخضع المرأة للنظام الإجتماعى المتضامن الذى من دونه لاحياة لهن، كما يعتبر ختان الإناث وسيلة لفقد الفردية ودخول جماعة النساء التى غايتها حماية عادات المجتمع الثقافية فيكرسن حياتهن للصالح العام "، أما د.سامية سليمان رزق فتقدم تفسيراً آخر لمشاركة المرأة فى ختان بنات جنسها وهو الرغبة فى الإنتقام من الزوج وتقول أنه يرجع إلى " معتقدات لدى البعض وبخاصة النساء من أن كبت الرغبة الجنسية لديهن من خلال الختان هو بمثابة سلاح فى أيديهن لمواجهة هذا الزوج وإذلاله، وهو أمر يوضح كيف أن النساء أنفسهن أصبحن مع الوقت يقمن بإعادة تشكيل القمع الذى يلحق بهن ويبررن حدوثه لصالحهن "!، إنه تفسير غريب ومدهش ولكنه من الممكن أن يكون حقيقى فهو نوع من الإنتقام اللئيم لتراث من القهر والقمع الرجالى ولكنه مخلوط ببعض السذاجة التى توارثتها الأنثى نتيجة العزلة الإجبارية عن الذوبان فى المجتمع، ففعلت كمايفعل جندى الأمن المركزى الغلبان للهروب من الجيش ببتر ساقه!.
    [ وتفسير آخر تقدمه طبيبة سودانية من خلال بحث بعنوان السجينات ل lightfool-klien يقدم لنا مبررات تلك العدوانية الغريبة من إمرأة المفروض أنها تألمت ونزفت من تلك العملية وتكرر بغباء نفس التصرف، وتقول الطبيبة السودانية أنه ليس غباء ولكنه ثأر!، فالنساء هناك كماتخبرنا تلك الطبيبة ليس لهن دور فى المجتمع، فيقمن بصب كل سيطرتهن المكبوتة على الأبناء والبنات، فيجرين لبناتهن عملية الختان كما أجريت لهن أنفسهن، فكل إمرأة تألمت كثيراً لابد لها من الثأر، ولكن لايمكنها الثأر إلا من بناتها رغم محبتها لهن، وتشعر الجدة أنه إذا أبطلت العادة فإنها سوف تفقد كل مالها من سلطة، وتضيف هذه الطبيبة أن هذا الإصرار ليس لأن هؤلاء الجدات شريرات على العكس فقد يكن متدينات وطيبات، ولكن مشكلتهن أنهن يعتقدن أنه لايمكن الحفاظ على بكارة البنت إلا إذا اجرى لهن الختان والنوع الفرعونى منه بالذات، وتضيف أن النساء رغم الألم الذى عانينه يقمن بختان بناتهن إختياراً للطريق الأسهل وتهرباً من مقاومة المجتمع، إنه ليس حب التدمير من أجل التدمير ولكن لأنها لم تختزن فى عقلها الباطن إلا هذا السلوك تجاه المرأة، إنها تصرخ من خلال بناتها، إنها الجين النفسى الذى يحافظ على نقل تلك العادات السلوكية من جيل إلى آخر، وترى د.سهام أن المرأة لاتفعل ذلك إلا إرضاء لنزعة الرجل فهى بمثابة الوكيل المنفذ لإرادته، وهى تشير فى ذلك إلى قول إمرأة عجوز صرحت لها " يجب أن تختن البنات لأن الرجال فقراء، فهم يأكلون فراخ المزارع التى تربى بالهورمونات، ولذلك لايمكن للرجال أن يرضوا نساءهن غير المختونات "!!، فالسيدات اللاتى ينبشن من أجل الختان يتحركن تجاه هذه الجريمة بتنويم مغناطيسى من المفاهيم الجاهزة حول العلاقة بين الرجل والمرأة التى يغلفها التحدى لإثبات الرجولة والفحولة بمعناها الضيق الآلى البحت، الذى لاتظلله أية عاطفة أو حب، إنها علاقة باردة لوزادت عن المقدار المحدد لها -وبالطبع الذى يحدد هذا المقدار هو الرجل- لوزادت هلك الرجل ولابد من أحد حلين، الأول أن يبتعد الرجل وينزوى وهذا مستحيل ففيه جرح لكرامته ورجولته، والثانى هو أن يطمس ملامح الزوجة العاطفية والجنسية فتظل كالتليفون منقطع الحرارة جسماً معدنياً بارداً بلاإرسال أو إستقبال!.
    [ يفسر البعض سيكلوجية الختان على أنه خليط مابين المازوكية أو الماسوشيزم والسادية أو الساديزم، والأولى هى نسبة إلى مازوش الذى كان يتلذذ بتعذيب نفسه وبتر أعضائه، والثانية منسوبة إلى الماركيز دى صاد الذى قضى 16 سنة فى السجن و11 سنة فى مستشفى الأمراض العقلية ويتصف هذا المرض بالرغبة فى تدمير وإيذاء الغير كما فعل الماركيز عندما كان يجلد ضحيته وأحياناً يسلخها!!، فهل يرضى مجتمعنا فى القرن الواحد والعشرين أن يوصف بالسادية أو المازوكية تجاه نفسه وتجاه بناته بالذات، إننا لانستطيع أن ندين الآخرين الذين يصفوننا بهذا الوصف قبل أن نعدل من سلوكياتنا تجاه العنف ضد المرأة.
    [ إذا كنا قد حاولنا توصيف وتأصيل الجذور السيكولوجية للختان، فإن توصيف الآثار السيكولوجية المدمرة على البنت نتيجة الختان والتى تحدثنا عن جزء بسيط منها من قبل تحتاج إلى مجلدات ومجلدات، فكل حالة ختان هى حالة منفردة لها عقدها الخاصة ومشاكلها المتفردة وعندما نفتح خزانة الذكريات سنجد مايندى له الجبين خجلاً ومايشيب له الولدان فزعاً، وهذا ليس تلاعباً بالكلمات الفصحى المتقعرة البليغة ولكنها تعبير عن واقع مرير يصرخ بالرعب، ففضلاً عن الإنتهاك الجسدى والجنسى للأطفال الصغار، فهناك خدش البراءة وعمل FOCUS أو تثبيت وتقريب بعدسة العادات والتقاليد والأخلاق على "تابو " الجنس ففى هذا السن الصغير تبدأ البنت فى التفكير بأن هذه المنطقة هى منطقة القاذورات والدماء والعنف والمحظور، وممنوع عليها الإقتراب من هذا المكان البغيض الكريه، وتبدأ بالونة الفزع فى التضخم والإرتفاع حتى تنفجر فى وجه المجتمع وأحياناً فى وجه الضحية نفسها، وتبدأ البنت فى تعلم إخفاء إنفعالها الحقيقى المؤلم لإرضاء الأهل الذين يقنعونها بأن هذا الإجراء هو الصح، ويتطور هذا الإخفاء إلى إتقان التمثيل والكذب، فتمثل على الجميع بأنها طبيعية، وتمثل على زوجها بأنها مستمتعة، وتمثل على أهلها بأنها ممتنة، ويمتد حبل الكذب حتى يخنق أبسط المشاعر الإنسانية الجميلة التى خلقها الله فى قلوبنا للإستمتاع بالحياة، إننا بالختان نزرع الكذب والخوف والنفاق فى عقل وروح البنت لنشكل على هوانا مسخاً إنسانياً نمارس فيه عقدنا النفسية الناشبة أظفارها فى لحم حياتنا.
    [ أما سكوت المجتمع على هذه المذبحة فكثيراً ماأتخيل أنه خرس ناتج عن مخدر عام إستنشقناه فقررنا "الطناش" واللامبالاة والصمت الرهيب إزاء هذه الجريمة النكراء، وبمناسبة المخدرات فالكثير من الباحثين يرجع سبب هدية الحشيش الروتينية التى تمنح للعريس والتى هى جزء من محبة الجيران والأقارب للقادم على الحياة الجديدة، يرجعها هؤلاء إلى الختان حتى يتخيل العريس أن لقاءه دهر وساعات طوال، وحتى يتوه عن الحقيقة بأن لقاءه فى الحقيقة لقاء بدون إحساس، بارد برودة الفريزر، يفتقد إلى الحياة والدفء والنبض، ويوجد باحثون ومفكرون كثيرون أدانوا الختان كسبب من ضمن أسباب إنتشار المخدرات، فيقول المفكر أحمد أمين فى قاموس العادات والتقاليد عن الختان " فى هذه الأيام من حياتى، أعنى فى سنة 1950 ومابعدها، نادى بعض الناس بقصر الختان على الذكور دون الإناث، وحجتهم فى ذلك أن ختان البنات قد سبب إنتشار عادة تعاطى الحشيش والمنزول والأفيون ونحو ذلك، وذلك بسبب أن البنت إذا أختتنت ثم كبرت فختانها يقلل من لذتها الجنسية، فيضطر الرجل إلى إستعمال المخدرات التى ذكرناها، فنادوا بعدم ختانها حتى لايضطر الرجل إلى مثل هذه المخدرات "، ويورد د.سامى الذيب آراء أخرى فى هذه المسألة على موقعه فى الإنترنت منها رأى د.محمد سعيد الحديدى الذى يقول " إن المخدرات والمغيبات بكافة أنواعها قد إنتشرت فى بلادنا إنتشاراً مخيفاً قد تعدى كل الإحصائيات فى أى بلد آخر رغم العقوبات الشديدة والقوانين الصارمة التى يؤخذ بها كل من تجرأ وتعاطى هذه المخدرات، ماالسر فى هذا ياحضرات السادة، لو إهتدينا إلى هذا السر لوفرنا على أنفسنا وعلى أمتنا المال الكثير الذى يبذل لمكافحة هذه الأشياء ولجنينا فوائد أعظم، فكم من أشخاص زجوا فى السجون وكم ضحوا بأموالهم وعقولهم وأسرهم لتعاطى هذه السموم، مالسر فى ذلك إذاً؟، إنى أسلم معكم بأن كثيراً ممن يتعاطون هذه المواد المخدرة يتعاطونها لنقص فى إدراكهم وتكوينهم العقلى، ولكن مارأيكم فيمن يتعاطون هذه المواد من أناس يشهد لهم نجاحهم فى حياتهم العملية والعلمية والأدبية والمادية بقسط أوفر من رجحان العقل بل النبوغ؟، الجواب بسيط، وهو الرغبة فى تخدير الحساسية لدى هؤلاء الرجال ليحصل التكافؤ بينهم وبين من يلامسون من نساء مختتنات "، ويقول د.رشدى عمار أيضاً " فى 62 حالة كان الأزواج يتعاطون المخدرات أو المشروبات الكحولية للمساعدة على الإتصال الجنسى ورغبة فى إشباع الزوجات والأزواج، وبسؤالهن عن النتائج كانت الإجابة أنه أفاد فى بعض الحالات وأنه يأتى بنتيجة عكسية فى حالات أخرى، ونحن جميعاً نعلم أن من أسباب إدمان بعض الرجال على المخدرات أو المشروبات الكحولية هو الرغبة فى إطالة اللقاء الجنسى نظراً لزيادة نسبة البرود كنتيجة للطهارة ".
    [ إنه كابوس أسود، أو بلغة ومصطلحات الطب النفسى إن الختان وسواس قهرى متسلط، وضلالات مسيطرة علينا توحى بأن البنت عار، وبأننا مطاردون من العالم المتحضر الذى يريد أن يطمس ثقافتنا والتى نتخيل أن من سماتها الأساسية الختان، أليست ثقافة الشعوب فى حاجة إلى غربلة وإعادة فرز من آن لآخر لطرد كل ماهو ضار ودخيل فى هذه الثقافة؟، أعتقد انه قد آن الأوان لعمل هذه الغربلة وتنفيذ هذا الفرز حتى تصبح ألف باء ثقافتنا هى حقوق الإنسان وأولها حقه فى جسد غير منتهك.





    الختان....قراءة قانونية
    الختان ممنوع سواء بيد الداية أو بمشرط الجراح
    يجب تجريم الطبيب الذى يجرى الختان
    الطبيب الذى يجرى الختان مجرم فى نظر القانون
    [ أسرع قاتل لقوانيننا هو مبدأ "الفصال" أو الحلول الوسط أو الرغبة فى إرضاء جميع الأطراف، وأول ضحية لهذا المبدأ هو القوانين التى لها علاقة بالعادات والتقاليد والأعراف الإجتماعية ومن ضمنها القوانين المتعلقة بختان البنات، فنحن دائماً عندما نتحدث عن سن قانون للختان نقول فى حواشيه أنه مسموح للأطباء فقط بأن يجروا عملية الختان، وكأننا نتحدث عن حق الأطباء فى الفيزيته وليس عن حق البنات فى جسد لاينتهك الختان ممنوع بواسطة الدايات وحلاقين الصحة والأطباء أيضاً، إننا نتحدث عن مبدأ وعندما نتحدث عن المبادئ لابد ألانساوم أو نستثنى أو نفاصل أو ننافق.
    [ أعترف بأننا لانستطيع منع الختان بمجرد نصوص قانونية، فهذه العادة البربرية لابد أن تستأصل بمزيد من التثقيف والتنوير والوعى وليس بمزيد من القوانين والأحكام والتوصيات، ولكننا لانستطيع أن نغفل أن القوانين مهمة لضبط المسألة، وأن يد القانون تصبح غليظة عندما يريد لها المجتمع أن تكون غليظة، وتصبح متخاذلة عندما يريد لها المجتمع العكس، وسنحاول إستعراض المسيرة القانونية الدولية والمصرية ضد ختان البنات حتى نفهم مدى التقدم فى النضال ضد هذه العادة البغيضة.
    [ كان أول نقاش عالمى لهذه القضية فى عصبة الأمم عام 1931 فى مؤتمرها بجنيف عندما ناقش وضع الأطفال الأفارقة، وتطرق الموضوع إلى ختان الإناث فى إحدى القبائل الكينية، ولكن المؤتمر رفض الخروج بتوصيات الدول الأوروبية التى حاولت تجريم هذا الفعل، وبعدها فى 1958 رفضت منظمة الصحة العالمية تنفيذ الدراسة التى طلبتها الأمم المتحدة لوضع حد لممارسات الختان بدعوى أنها لاتملك صلاحية دراسة مثل تلك الأمور الثقافية!، وظلت طلبات النساء الأفريقيات للمنظمة الدولية بتبنى منع الختان خاصة بعد مؤتمر الأمم المتحدة فى أديس بابا حول مشاركة النساء فى الحياة العامة، حتى تحقق الحلم وأدين الختان فى 1964 فى مؤتمر توجو، ثم صدر أول رد فعل من منظمة الصحة العالمية حول الآثار الصحية الضارة للختان فى 30 سبتمبر 1976 والذى أدان الختان الفرعونى فقط، ثم أتت نقطة التحول فى 1979 حين عقدت المنظمة مؤتمراً فى الخرطوم لمناقشة الظاهرة بشكل أكثر حسماً ومنهجية، ومنذ ذلك اليوم ولاتكاد تمر سنة إلا وتصدر المنظمة إدانة وتجريم فى صورة تقارير أو دراسات أو مناشدات، وكان أهمها الدراسة التى أصدرتها منظمة الصحة العالمية 1998 وكتبتها د.ناهد طوبيا وسوزان عزت والتى سنعود إليها كثيراً فى هذا الشق من الدراسة حول الرؤية القانونية للختان، ويمكن إختصار موقف الأمم المتحدة من الختان فى النقاط التالية:
    *إدانة ختان الإناث بجميع أنواعه وإعتباره مخالفاً للحق فى سلامة الجسد والصحة الجسدية والنفسية، وصورة من صور التمييز والعنف ضد النساء.
    * رفض إجراء هذه العملية فى الأوساط الطبية.
    * المطالبة بوضع قوانين لمنع ختان الإناث ومعاقبة من يمارسه حتى الأطباء.
    [ وإذا كان الختان مجرماً طبقاً للقوانين السابقة، فهو مجرم أيضاً طبقاً لحقوق الإنسان فهو تعدى سافر على الجسم وإهدار للحق فى سلامة الحياة والجسد وهما من أهم حقوق الإنسان، فالوثيقة العالمية لحقوق الإنسان تقول فى المادة 3: لكل فرد الحق فى الحياة والحرية وفى الأمان على شخصه، وفى إتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل المادة 24: الإعتراف بحق الطفل فى التمتع بأعلى مستوى صحى، وتتخذ الدول الأطراف جميع التدابير الفعالة بغية إلغاء الممارسات التقليدية التى تضر بصحة الأطفال، وفى الفقرة الخامسة من القانون الدولى للأخلاق الطبية " يجب حماية كل طفل من علاج أو كشف طبى غير ضرورى "، ومن الحق فى حماية الجسد إلى الحق فى عدم التعذيب، والختان لاشك نوع من التعذيب، والحق فى العرض الذى نقسم نحن الأطباء فى البند الثالث ونقول بإزائه " أن أحفظ للناس كرامتهم، وأستر عورتهم "، والختان هو منتهى إهدار الكرامة وفضح العورة وإنتهاكها.
    [ من الأمم المتحدة ومنظمة الصحة والهيئات غير الحكومية إلى مصر حيث ينطبق المثل السائد " اللى إيده فى الميه مش زى اللى إيده فى النار "، فنحن فى مصر أيدينا وأرواحنا فى أتون النار التى تحرق كيان البنات ولذلك كان لابد أن نلجأ للقوانين كى نطفئ لهيبها المستعر.
    صدر أول نص قانونى حول ختان الإناث سنة 1959 تحت مسمى القرار الوزارى رقم 74، وقد وضعته لجنة من الأطباء ورجال الدين من بينهم المفتى حسن مأمون والشيخ حسنين مخلوف، وقد جاء فى المادة الثانية أن تلك اللجنة قررت مايلى:
    • أن يحرم بتاتاً على غير الأطباء القيام بعملية الختان وأن يكون الختان جزئياً لاكلياً لمن أراد.
    • منع عملية الختان بوحدات وزارة الصحة لأسباب صحية وإجتماعية ونفسية.
    • غير مصرح للدايات المرخصات القيام بأى عمليات جراحية ومنها ختان الإناث.
    • الختان بالطريقة التى يجرى بها الآن (1959) له ضرر صحى ونفسى على الإناث سواء قبل الزواج أو بعده، ونظراً لأن الفقهاء إستناداً إلى بعض الأحاديث الصحيحة قد إختلفوا فى أن خفاض الإناث واجب أو سنة ومنهم من ذهب إلى أنه مكرمة إلا أنهم قد إتفقوا جميعاً على أن شعائر الإسلام والشريعة تنهى عن الإستئصال الكلى.
    وعندى تعليق شخصى بسيط على ماسبق وهو أن اللجنة برغم إستنارتها إلا أنها كانت تعانى من الجبن ونفاق المجتمع ومسك العصا من المنتصف ومحاولة حل المعضلة بأسلوب عقيم وهو " نشيل حتة بس علشان مانزعلش حد "!!، ولم يناقشوا الأمر على أنه إنتهاك حتى ولو ملليمتر واحد، فالمسألة ليست مسألة مقاييس ولكنها مسألة مبادئ لايمكن المقايضة عليها وأى مواربة لنافذة المساومة سيفتح الطريق والمنافذ لإجتياح هواء الأفكار المتخلفة التى لاتلبث أن تتحول إلى رياح عاتية.
    [ كان يوم 7 سبتمبر 1994 يوماً فاصلاً فى تاريخ مناقشة الختان، فقد عرضت السى إن إن فيلماً يصور ختان طفلة تدعى نجلاء على يد حلاق صحة فى مدينة القاهرة، وكانت الظروف حينذاك قابلة للإشتعال فقد كان مؤتمر السكان العالمى مجتمعاً، ووزير الصحة كان قد أدلى بتصريح من عينة كله تمام والأمور مستتبة وأن الختان نادر فى مصر، وجاء هذا الفيلم ليفضح الجميع ويؤكد على أن هذه الهمجية مازال لها أنصار ومؤيدون، ولأن الفضيحة عالمية كان لابد أن تنعقد اللجان وتنبثق كعادتنا فى مواجهة الأمور بعد إستفحالها، وضمت اللجنة 22 عضواً منهم الوزير على عبد الفتاح والشيخ سيد طنطاوى مفتى الجمهورية حينذاك، وصدر البيان بعدها بشهر ويومين فى 9 أكتوبر وكان أول بند فيه ينص على أن ختان الإناث عادة قديمة ومتوارثة ولايوجد نص فى القرآن الكريم أو الحديث بشأنها، وأن حديث ختان الإناث روى من أوجه كثيرة كلها ضعيفة ومعلولة ومخدوشة لايصح الإحتجاج بها، وأن هذه المسألة مردها إلى الأطباء، ولكن تعليمات وزير الصحة كان فيها نوع من التراخى والإعتراف المستتر والكسوف من الإدانة الكاملة والتجريم الحاسم، ففى التعليمات التى أرسلها الوزير فى 19 أكتوبر 1994 تظهر ميوعة التعامل مع الختان فى عبارات مثل "منع إجراء عمليات الختان فى غير الأماكن المجهزة لذلك" وكأنه توجد أماكن مكيفة مجهزة للختان وأخرى غير مجهزة، كيف ونحن نتكلم عن منع الختان نقول فى نفس الوقت وبعد سطر واحد أن هناك أماكن مجهزة لذلك، إنه تناقض لفظى يعبر عن التناقض العقلى الذى يعشش فى أذهان حتى القيادات التى تتصدى لهذه المسألة من أطباء وشخصيات عامة، وفى عبارة أخرى تقول التعليمات "يقوم كل مستشفى تعليمى أو مركزى بتحديد يومين أسبوعياً لإجراء عملية ختان الذكور ويوم آخر لإستقبال الأسر الراغبة فى ختان الإناث وأوصت التعليمات بالتحاور مع الأسرة ولكن إذا أصرت فلامناص من الختان!!، وكأن من يأتى إلى المستشفى ويقول أنا عايز أنتحر أو أبتر ساقى نشكل له لجنة إستماع وإقناع وإن لم يوافق فأمرنا لله نسمع كلامه وننفذ ونقول آمين!، إن هذا التراجع واللاحسم فى مواجهة مثل تلك المشاكل هى التى تسمح لكل من هب ودب بزرع التوجس فى عقل ووجدان المجتمع بأن هؤلاء الموظفين يقفون أمام الشرع وبهزة بسيطة من الممكن أن يتنازلوا عن تصلب رأيهم فى مسألة الختان.
    [ ولم تكن نقابة الأطباء أفضل من الوزارة فى هذه المسألة، فقد أصدرت بياناً فى 25 أكتوبر 1994 يبيح ختان الإناث ولكن بشروط، وقاتل الله كلمة لكن هذه التى تشبه كلمة لو فى أنها تفتح عمل الشيطان، فكلمة الإباحة فى حد ذاتها جريمة وموقف رجعى مهما ألصقنا بها من "اللاكنات "!، وكانت الشروط هى أن العملية بعد البلوغ وتكون جزئية لاكلية، وبموافقة البنت وولى الأمر وأن تراعى الأصول المهنية والفقهية!! (ملاحظة لوراعينا الأصول المهنية لن تنفذ العملية من أصله)، والمدهش ماطالبت به النقابة من عدم تجريم الختان بقانون، وإجراء المزيد من بحوث الختان، ولاحظوا أن هذا البيان كتبه أطباء يعرفون جيداً أن الختان قتل بحثاً وأضراره ظاهرة للأعمى!، وفى لهجة خطابية منبرية يقول بيان النقابة " إن الأمة المصرية تنتمى إلى الحضارة العربية والإسلامية والبعد الإنسانى، وهى ذات قيم ومبادئ ومثل وهوية خاصة مستقلة يجب أن تفخر بها وتدافع عنها وتبشر بها بين أمم العالم!!، والسؤال هل الختان أصبح من قيمنا ومبادئنا وهويتنا، وهل الحضارة تحتاج إلى التمسك بهذه القشور، والتمسح فى العار والإنتهاك والبربرية التى تحدث تحت إسم الإنتماء الثقافى والدينى.
    [ والمدهش أنه بعد كل هذه الضجة والبيانات والتوصيات ظل ختان البنات يجرى بنفس الحماس وفى نفس المستشفيات مستفيداً بالطبع من كلمة "لكن "، وقد أوضح بيان المنظمات غير الحكومية الصادر فى مارس 1995 ذلك وفضح بعض الممارسات ومنها أن مدير إحدى المستشفيات بالغربية كان يحتكر إجراء العملية لنفسه، وأن الخناقات كانت بين الأطباء المستفيدين من تخصصات الأطفال والجراحة والنساء!، وبعد تغيير وزير الصحة فى 1996 فوجئ بفضيحة أعنف وإن لم تكن على الهواء مباشرة فقد ماتت طفلتان أحدهما على يد طبيب، وهنا ظهر أن الأطباء غير معصومين من الخطأ، وأن المصيبة فى الممارسة نفسها وليست فى من يمارسها، ولذلك أصدر د.إسماعيل سلام قراره بتاريخ 8/7/1996 بأنه " يحظر إجراء عمليات الختان للإناث سواء بالمستشفيات أو العيادات العامة أو الخاصة، ولايسمح بإجرائها إلا فى الحالات المرضية فقط والتى يقرها رئيس قسم أمراض النساء والولادة وبناء على إقتراح الطبيب المعالج "، وبرغم الإستثناء فى هذا القرار إلا أنه كان خطوة إلى الأمام، ولكن قوى التزمت ومن ضمنها طبيب رفعت قضية على الوزير بأن ذلك ليس من حقه وضد الشريعة، وحكمت لهم المحكمة، ثم فى الإستئناف خسر المتزمتون الجولة الأولى ولكنهم لم يهدأوا حتى هذه اللحظة فالقضايا مازالت المحاكم تتداولها وكأن هؤلاء المتزمتين قد جعلوا من هذه الجلدة قضية حياتهم لن تمر إلا على جثثهم!، وهنا تحضرنى ملاحظة لها دلالة، فالبرلمان المصرى عند مناقشة قانون الطفل 1996 رأى أن المادة 240 من قانون العقوبات تنطبق على عملية تشويه أعضاء الإناث وتكفى لتحريمها، ولاأعرف لماذا هذا الخوف على النص على تجريم الختان فى قانون منفصل واضح وصريح وحاسم؟، هل هو مغازلة المشاعر والعواطف على حساب حقوق الإنسان البديهية؟!، لاأعرف والإجابة ليست عندى بالتأكيد.
    [ من أهم الدراسات المصرية التى تناولت ختان البنات من زاوية المسئولية الجنائية والمدنية دراسة المستشار صلاح محمود عويس والذى كان يشغل منصب نائب رئيس محكمة النقض، والذى يقول " إن الجهاز التناسلى للأنثى فى شكله الطبيعى لايعتبر مرضاً، ولايعتبر سبباً مباشراً لإصابتها بمرض معين، ولايعد سبباً مباشراً لإحساسها بالآم مبرحة أو بسيطة، ومؤدى ذلك أن المساس بهذا الجهاز الفطرى لايعتبر علاجاً لمرض، أو كشفاً عن داء، أو تخفيفاً لألم، أو إزالة لألم قائم، فإن هذا الفعل يعتبر خارجاً عن نطاق دائرة التطبيب التى يقوم عليها حق الطبيب فى علاج المرضى، ويعتبر الطبيب لذلك مرتكباً جريمة جرح عمدية يعاقب عليها بالمادة 241 أو المادة 242 من قانون العقوبات، وتتحقق بذلك المسئولية الجنائية والمدنية للطبيب الذى أعتبر فاعلاً أصلياً لأنه هو الذى إرتكب الفعل المادى للجريمة وتتحقق كذلك مسئولية الولى أو الوصى بإعتباره شريكاً للطبيب "، ويؤكد د.محمد فياض على نفس المعنى قائلاً " إن للطب أخلاقاً أبرزها عدم إجراء عملية طبية إلا إذا كانت لها فائدة صحية وخالية من الضرر الجسمانى، وبالمنطق نفسه فإذا ثبت أن أية عملية ليست لها فائدة طبية أو تؤدى إلى مخاطر، فإن من الأخلاقيات عدم إجرائها بل وهذا ماأصر عليه تجريم الطبيب الذى يجريها، ورأيى أن الطبيب الذى يوافق على إجراء عملية ختان الإناث يتساوى مع الذى يوافق على عمليات الإجهاض المفتعل، وأن تجريم الثانى يستوجب تجريم الأول ".
    ويرد مؤيدو الختان على هؤلاء بأن الختان لايستحق عقوبة قانونية لأنه من باب التأديب الذى يمارسه ولى الأمر على البنت، ويرفض المستشار صلاح عويس هذا المنطق بقوله " إن ولاية الولى تتحدد فى أموال له، فهو يتصرف فيها طبقاً لضوابط معينة، أما بالنسبة لنفس الصغير أو الصغيرة فإن ولايته هى حقه فى التأديب والتعليم، وحق التأديب طبقاً للشريعة الإسلامية ينحصر فى توجيهه إلى السلوك القويم والعادات الحسنة، والترغيب بالضرب غير المبرح للعادات السيئة، فهل من المنطق والعقل يعتبر حرمان الصغيرة من جزء من عضو فطرى خلقه الله بجسدها من باب التأديب والتهذيب!!...." ودعم المستشار تساؤله بكيف نطلق عليه تأديباً وأكثر النساء اللاتى يمتهن الدعارة مختنات، وأيضاً يرفض المستشار إطلاق صفة التجميل على ختان البنات فيقول " عمليات التجميل التى أصبحت ضمن الجراحات الطبية يقصد بها إصلاح العضو أو تقويمه أو إزالة زائد فيه، أو بمعنى آخر محاولة إعطاء عضو من أعضاء الجسم أو جزء منه الشكل الطبيعى الفطرى، وهذه هى الغاية من عملية التجميل، فهل يتفق ذلك مع عملية الختان، وهى فى كل صورها تعتبر تغييراً للشكل الطبيعى للعضو التناسلى للأنثى حسب فطرته التى خلقه الله عليها، بالطبع لا، ومن ثم فلاتكون هذه العملية بمثابة تجميل بل هى فى حقيقتها إنتهاك لجسد الأنثى "، وقد كتب المحامى الشهير أحمد شنن فى جريدة الأخبار مقالاً أشار فيه إلى دور وحق النيابة العامة فى تقديم مرتكب هذا الفعل للمحاكمة وإعتبار جريمة الختان جريمة تلبس والتى تتيح لمأمورى الضبط القضائى القبض على الفاعلين والشركاء وتقديمهم للنيابة العامة.
    [ إن القانون وحده لايستطيع بجرة قلم أن يلغى عادة إجتماعية راسخة ومتجذرة كالختان، إنه يحتاج إلى جانبه الإستنارة فى التفكير، والحسم فى التنفيذ، والإقتناع بأن هذه العادة الوحشية لاعلاقة لها بالشرف ولابالعفة، والتأكد من أن المرأة ليست عدواً ولكنها شريكة حياة ورفيقة درب.
                  

02-16-2005, 04:10 AM

SILVER MOON
<aSILVER MOON
تاريخ التسجيل: 02-24-2002
مجموع المشاركات: 300

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الختان عبودية لاعبادة (Re: SILVER MOON)

    الختان...قراءة طبية
    الختان بين الفوائد الوهمية والأضرار الصحية
    الختان قاتل العلاقة الزوجية
    [ الحجج التى يسوقها مؤيدو الختان هى مجرد أوهام تعشش فى عقولهم، يسبغون عليها صفة العلم ويغلفونها بورق زينة ملون من المصطلحات الأكاديمية التى يحسبون أنها الممر الآمن لعبور وترويج أكاذيبهم وخيالاتهم وتهاويمهم، ومازال مغول الفكر الرجعى وتتار القرون الوسطى يصرون على سيادة الشكليات بإسم الحفاظ على الشرف، وترهيب نصف المجتمع بإسم كبح جماح الشهوة، ولايعرفون أن الشرف سلوك لاتضبطه الداية أو حلاق الصحة، وأن الشهوة الجامحة لن يلجمها بتر عضو أو نزف دم، وأن المجتمع الواثق من نفسه لايزرع ألغاماً فى أجساد بناته بدعوى أنه يحافظ عليهن من الإنحراف، فالإنفجار عندما يحدث سيحرق الجميع وأولهم المجتمع نفسه.
    [ مايدعيه مروجو فكرة الختان يذكرنى بإحدى الإعلانات الطريفة عن حزام العفة التى ذكرت فى كتاب THE GIRDLE of chastity"" تأليف Dingwall وهو من مؤلفات القرن التاسع عشر يقول الإعلان " لاإغتصاب بعد الآن، آلة تحفظ إخلاص النساء، مع درع وقفل ومفتاح بسيط 120 فرنك، مع درع وقفل ومفتاح مشغول بفن 180 فرنك، مع درع وقفل ومفتاح من الفضة صناعة متقنة جداً 320 فرنك..ترسل بناء على حوالة بريدية للسيد فلان، والإختراع الكل يعرف فائدته، فبفضله يمكن التأمين على الشابات من المصائب التى تسبب لهن الخزى، وبفضله يمكن للزوج أن يترك زوجته دون خوف من تدنيس شرفه، وهكذا لاعار بعد الآن، فبفضله سيتأكد الآباء بأنهم الآباء الشرعيين، إنه أكبر خدمة للأخلاق "!!!.
    أعتقد أن مايقوله مؤيدو الختان هذه الأيام لايختلف كثيراً عما قاله الإعلان السابق، فنفس الأفكار المتخلفة التى يتبناها إعلان القرن التاسع عشر عن الأخلاق وكيفية الحفاظ عليها هى نفس الأفكار التى ينطلق منها مؤيدو الختان، وأعتقد أنه لو قدر لمؤيدى الختان عمل إعلان فى الجرائد أو التليفزيون لن يختلف عن هذه الصيغة السابقة بل سيكون أكثر كوميدية وأقترح الصيغة التالية " بضربة مشرط وكبسة بن ستحافظ على أخلاق إبنتك مدى الحياة، شيل الجلدة ونام مستريح البال أيها الأب المسكين "!!، معذرة على هذه الكوميديا فى موقف لايتحمل إلا البكاء، ولكننا أحياناً نحتاج إلى الكوميديا السوداء لكى نعبر عن العبث الذى يخاصم العقل ولايفسره إلا عبث مثله.
    [ أولى المفاهيم المغلوطة التى تحكم نظرة المجتمع وتجعله يقبل ختان البنات، هو مايروجه البعض من كلام مرسل عن أن الأعضاء المبتورة بالختان تزيد من شهوة المرأة، كما يقول عبد السلام السكرى " إنه يحد من غلواء شهوة المرأة حتى لاتقع فى المحظور "، وهو نفس الإعتقاد الشعبى الذى تعبر عنه الشابة آمال التى تقول فى تحقيق مجلة صباح الخير 3/11/1994 " حينما وضعونى على الماجور كنت أستعطف أمى قائلة:يامه حرام عليكى تعملى فى كده؟، أهون عليكى يامه؟، فقد كنت كبيرة 11 سنة، وأعى الأحداث التى حولى، كما كنت قد رأيت بنات كثيرة أجريت لهن هذه العملية ومدى الألم الذى تعرضن له، كانت أمى كما أتذكر تبكى معى وهى تخلعنى ملابسى قائلة "علشان تكبرى وتفورى وتتخنى "، ولاأنسى نظرات عم إسماعيل الحلاق فى جسدى كله وهو يعد الموسى ويسألهم "أكلتوها اللحمة وشربتوها اللبن ولالسه؟، حينما لمسنى صعب عليا جسمى الذى أخفيه عن أبى وأمى وأخوتى، بعدها وضع لى شوية بن وقطن ونصحنى ألا أتحرك من سريرى عشرة أيام، كل هذا كوم وعذاب أول مرة أدخل الحمام كوم تانى، بل كثيراً ماأشعر به للآن!"، وتتفق آمال مع أم سعيد الفلاحة المصرية التى ذكرها طبيب النساء مصطفى بدوى فى كتابه عن الختان حين قالت إن الرجال يحبون الزوجة التى لايسهل إثارتها لأن هذا معناه أنه يمكن الوثوق بها "، وإذا قيل هذا الكلام من فلاحة بسيطة فهو مقبول ولكن أن يقال من طبيب كبير فهذا هو المستغرب والمثير للدهشة فالدكتور حامد الغوابى يردد للأسف نفس منطق أم سعيد فهو يقول " إن الرجل دائماً أكبر من زوجته فى السن، وقد يكون الفارق بينهما عشر سنين أو خمس عشرة أو عشرين سنة أو أكثر كمانرى فى بلادنا، فمابال هذا الرجل إذا بلغ سن الخمسين أو أكثر، وقد فتر نشاطه وضعفت حيويته، وكانت زوجته لاتزال فى سن الثلاثين أو أقل بأعضائها السليمة الحساسة، كيف لمثل هذا الرجل أن يحتفظ بصحته وهو يجد أمامه زوجة لاتزال فى عنفوان الشباب، قوية الإحساس، وهو قد فتر إحساسه، شديدة الميل وهو قد قل ميله، فماذا تكون النتيجة؟، هنا يضطر الرجل إلى تناول المكيفات كالحشيش، ولكن فى الحالة الأولى التى تختتن فيها المرأة نصف إختتان يكون إحساسها معقولاً، والزوج والزوجة فى حالة متساوية "!!!.
    بالطبع كنت أريد أن أضع مليون علامة تعجب بعد هذا الكلام، وأتساءل هل هذا منطق؟، وألا تلاحظون معى أن الكلام كله والتركيز على الرجل وكيف يكون سعيداً وغير مرهق ومطمئن على فحولته؟!، وأن مشاعر وعواطف المرأة هى فى آخر القائمة إن لم تشطب منها أصلاً!، وهل حل مثل هذه المشكلة التى يتحدث عنها الدكتور الغوابى تكون بالبتر أم بتحجيم ظاهرة فارق السن الرهيب بين الزوج والزوجة أم أن كاهل الزوجة هو الذى لابد أن يتحمل كل شئ؟!، وهل يرضى الزوج أن يحل هذه المشكلة بإخصائه؟!، ولنفرض أن هناك فرقاً فى السن فلابد أن نفهم أن الجنس ليس محصوراً فى المفهوم الميكانيكى الضيق وأن له أبعاداً إنسانية وحسية أعمق وأشمل من هذا السباق الذى يتصوره هؤلاء المؤيدون مابين فحولة الرجل وشهوانية المرأة التى يتخيلونها أفعى بفحيح لاينقطع، وهذا للأسف خيال مريض يتصور المرأة دائماً كفتاة من فتيات البورنو!.
    [ لايحاول مؤيدو الختان فهم الحقيقة الطبية التى تقول أن المخ هو العضو الجنسى رقم واحد فى الإنسان، وأن الأعضاء التناسلية ماهى إلا منفذ لأوامر هذا المايسترو، فالمخ هو مصدر الرغبة الجنسية ومحرك الشهوة، ولذلك فإزالة البظر وبتره لايلغى الرغبة الجنسية ولايكبح الشهوة كما تتخيل جمعية محبى الختان، وأننا لو أردنا أن نفرمل هذه الرغبات والشهوات ماعلينا إلا تنفيذ أمر طبى واضح وصريح وهو بتر المخ مصدر هذه الشرور والآثام!!، والحقيقة أن كل ماتخرج به البنت الغلبانة هى أن الختان لايقتل عندها الرغبة بل يقتل عندها الإشباع، بمعنى آخر يعاملها المجتمع كما يتعامل مع حيوان يجوعه ويحرمه من الطعام وعندما يضع أمامه طعاماً يجعله يشمه فقط بأنفه حتى لايدخل جوفه!!، إنه التعذيب بعينه، والقهر فى أعلى صوره، والقمع كما يجب أن يكون فى سجون النازية والفاشيست.
    [ رغم أن عكس المفهوم السابق هو الصحيح، وبرغم أن العلاقة الزوجية تتأثر فإن معظم الناس نتيجة للتغييب والتزييف العقلى والروحى يركبون موجة الدروشة ويستجيبون للدعوة القائلة أن الختان مفيد للعلاقة الزوجية، ويعارض د.ماهر مهران هذا المفهوم قائلاً "إن نسبة الضعف فى التجاوب فى التى أجريت لهن عملية الختان تصل إلى 54%، ويرجع هذا إلى إستئصال المناطق الحساسة اللازمة للتفاعل الجنسى، ومما لاشك فيه أن عدم تجاوب المرأة فى اللقاء الجنسى يؤدى إلى مشاكل عديدة أولها عدم تواصل التعاون الجنسى بين الزوج والزوجة، ممايؤدى إلى إحتقان مزمن فى الحوض والألم والإفرازات بجانب التوتر العصبى والنفسى، وقد أدى ذلك فى كثير من الحالات إلى مشاكل أسرية عنيفة قد تنتهى بالطلاق، كما أن ذلك سبب من الأسباب الهامة التى أدت إلى إنتشار المخدرات بين الأزواج متصورين أن فى ذلك حلاً للمشكلة "، ويضيف د.ماهر مهران قائلاً عن تأثيره على الزوج فيقول " لاشك أن المشاكل الجنسية والنفسية الناتجة عن طهارة الإناث تنعكس على الزوج، وقد وجد أن 10% من الأزواج يشكون من ضعف أو سرعة، كما أن 18% من الأزواج يستعملون المخدرات، كما أن 3% من الأزواج متزوجون من زوجة أخرى حلاً للمشاكل الجنسية والأسرية "، وتؤكد د.سهام عبد السلام على نفس المعانى قائلة " فى حالة الإحباط الجنسى المتكرر قد يحدث إكتئاب لدى بعض السيدات، أو قد يدفع ببعضهن للعصبية وإثارة النكد بلامبرر، وقد تنحرف من لم تحظ بتنشئة إجتماعية قويمة وتبحث عن أكثر من شريك لمحاولة الوصول إلى الإشباع الجنسى الذى ينقصها".
    [ وهكذا تحدث الصدمة لدى المجتمع الذى يتخيل أنه يزرع الفضيلة فيجد أنه قد حصد الخيانة، ويخبرنا د.سامى الذيب عن هذا المعنى عندما كتب عن الدراسة التى أجرتها الطبيبة KOSO-SOMAS فى سيراليون والتى كانت نتيجتها "ضعف التجاوب الجنسى الذى يصل إلى حد فقدان الرغبة فى الحياة عندما ترى أن زوجها يتركها عاطفياً ليذهب إلى أخرى لعدم تجاوبها معه جنسياً، وتشير هذه الطبيبة إلى أنها قامت بمقابلات مع 50 سيدة مارست الجنس قبل ختانها، وقد تبين أن لاأحد منهن قد وصلت بعد الختان إلى مستوى اللذة التى كانت تشعر بها قبل الختان، ولم تكن هؤلاء السيدات تعى أن سبب ذلك هو الختان، وقد حاولت بعضهن البحث عن الزوج المثالى متنقلة من رجل إلى آخر مماأدى إلى فقدان زوجها وخراب بيتها، ,هكذا بدلاً من أن يكون ختان الإناث وسيلة لمنع العلاقة الجنسية خارج الزواج، أدى ذلك الختان إلى نتيجة عكسية تماماً "، والغريب أن بعض أهل العلم الذين من المفترض أن يتحلوا بالمنهج العلمى فى التفكير، الغريب أنهم مازالوا يرددون نفس الكلام القديم الذى ردده بعض العرب قديماً نتيجة جهلهم حينذاك بعلوم التشريح والفسيولوجى، فنراهم كأنهم مرآة للجاحظ حين قال فى كتابه الحيوان " البظراء تجد من اللذة مالاتجده المختونة..، وزعم جناب بن الخشخاش القاضى أنه أحصى فى قرية واحدة النساء المختونات والمعبرات، فوجد أكثر العفائف مستوعبات (أى مختونات)، وأكثر الفواجر معبرات (أى غير مختونات)، وأن نساء الهند والوم وفارس إنما صار الزنى وطلب الرجال فيهن أعم لأن شهوتهن للرجال أكثر، ولذلك إتخذ الهند دوراً للزانيات، قالوا:وليس لذلك علة إلا وفرة البظر والغلفة "!!، وبالطبع لاتعليق على هذا الكلام إلا أنه كلام مرسل يغفر لصاحبه أنه قد كتبه منذ قرون عديدة حيث كان العلم مفتقداً للكثير من أدواته المنهجية، والرد على هذا الكلام بسيط جداً كما ذكرنا من قبل فالعفة التى يتحدث عنها الجاحظ لايخلقها الختان، والفحش والعهر والزنا وخلافه من السلوكيات الجامحة لاتنتشر فى مجتمع لأن نساءه غير مختونات بل لأن المجتمع يوجد به أعراض خلل متعددة منها الإقتصادى والإجتماعى والسياسى...الخ فتتجه النساء إلى ممارسة الدعارة إما للتكسب أو للإحتجاج أو لأن التلوث الأخلاقى صار شيئاً طبيعياً وغير مستهجن فى المجتمع وليس لأن فيه جلدة زائدة عند نسائه!!، ويردد المحدثون من هذا التيار المؤيد للختان نفس كلام إبن تيمية فى فقه النساء والطهارة حين قال أنه يوجد نوع من السباب والشتيمة وهو يابن الغلفاء! ويبرر ذلك بأن " الغلفاء تتطلع إلى الرجال أكثر، ولهذا يوجد من الفواحش فى نساء التتر والأفرنج مالايوجد فى نساء المسلمين "، ويؤكد على نفس المعنى إبن قيم الجوزيه حين يبرر إجراء الختان بأن فيه تعديل للشهوة حين يقول " إذا أفرطت الشهوة ألحقت الإنسان بالحيوانات، وإن عدمت بالكلية ألحقته بالجمادات، فالختان يعدلها ولهذا تجد الأغلف لايشبع "!!!!، وينقل لنا الباجى فى كتابه المنتقى قول أحد الفقهاء " ومن إبتاع أمة (جارية ) فليخفضها إن أراد حبسها، وإن كانت للبيع فليس ذلك عليه "، والمعنى خطير وملخصه أنه إذا أردت السيطرة على الجارية وتلجيمها فعليك بالختان! وكأنك تضع لجاماً فى فك حيوان.
    [ وهناك بعض الحجج الكوميدية التى يلبسها مرددوها رداء العلم حتى تمر تحت قوس النصر الإجتماعى!، ومن ضمن هذه الحجج الواهية أن حرارة الجو تؤثر على السيدات الشرقيات وتزيد من حساسيتهن الجنسية، فعلى سبيل المثال كتب د.عبد الرحمن العدوى الأستاذ بالأزهر " إن البنت فى بلاد المشرق وهى غالباً بلاد حارة أكثر أيام العام، إذا لم تعمل لها عملية الختان، فإنها مع هذا الجو الحار تكون ذات رغبة جنسية جامحة، تقلل لديها جانب الحياء..."، وهذا حديث يجافى المنطق فضلاً عن العلم ويفترض أن الدول ذات المناخ الحار هى دول ملعونة بالرغبة المتأججة، ولايوجد فى الدنيا من يربط بين درجة الحرارة التى تعلنها الأرصاد وبين الرغبة الجنسية، وثانى الحجج التى يسوقونها هى أن إحتكاك الملابس يزيد من الإثارة وهو قول غريب جداً فالرجل الذى يملك ماهو أضعاف أضعاف هذا الجزء الضئيل الموجود فى المرأة والمختفى أصلاً، هذا الرجل لوطبقنا عليه نظرية إحتكاك الملابس لخرجنا بكارثة أخلاقية تعصف بالمجتمع كله، والحجة المماثلة هى أن الختان يحمى السيدات من إثارة وسائل المواصلات المزدحمة، وكما يقول شيخ الأزهر الراحل جاد الحق " الفتاة التى تعرض عن الختان تنشأ من صغرها وفى مراهقتها حادة المزاج سيئة الطبع، وهذا أمر قد يصوره لنا ماصرنا إليه فى عصرنا من تداخل وتزاحم بل وتلاحم بين الرجال والنساء فى مجالات الملاصقة والزحام التى لاتخفى على أحد "!، وأعتقد أن مثل هذا الكلام ينسى الرجال تماماً ويعاملهم على أنهم ملائكة برغم أنهم كما ذكرنا يملكون أضعاف المبررات التى يسوقونها تبريراً لختان البنات فهل نقوم بعملية إخصاء مثلاً حتى لايحدث ذلك للرجال فى وسائل المواصلات؟، وهل نطبق الختان طبقاً لتلك النظرية على الموظفات فقط ونخص راكبات الحافلات!!!، والحجة التالية هى حجة أن الختان يحمى البنت من الإثارة التى يتسبب فيها التليفزيون كما قال أبو آلاء الجمل فى كتابه نهاية البيان " نحن أيها الأخوة نعيش فى عصر طغت عليه المادة وأصبح يموج بشتى ألوان الفجور والفسق من نساء كاسيات عاريات، من دور سينما ومسارح ومن وسائل إعلام هدامة...هل تتركها ببظرها كاملاً أمام أية إثارة بسيطة تؤدى بها إلى الهلاك ومسالك الشيطان؟، ماذا لو قامت إبنتك ففتحت التليفزيون ورأت فيلماً مثيراً وهى لم تخفض ولم تختتن؟، فماذا تفعل هذه الفتاة المسكينة "!!، إنها فعلاً مسكينة بمثل هذه الأفكار التى تسيطر على عقلية مجتمعنا الذى يحكمه هاجس ووسواس وفوبيا الجسد فى كل تصرفاته، إن البعض يصل فى تفسيره المقيت المتهافت إلى أن عدم الختان هو السبب فى إصفرار وجه البنت وهزالها وعدم تركيزها فى الدراسة!!، ووصل الشطط بالبعض إلى تبرير الختان بسفر رب العائلة إلى دول الخليج كما يقول أبو آلاء فى كتابه السابق عندما ذكر أن " حسب الإحصائيات يوجد حوالى خمسة ملايين مصرى فى شتى بقاع العالم، وعلى أقل تقدير نصف هؤلاء بالطبع ترك زوجته، ومن يسافر من هؤلاء لايرجع إلا بعد سنة فى المعتاد، بالله عليكم ماذا تفعل زوجة هجرها زوجها لمدة عام كامل...بالطبع لو كانت الزوجة قد خفضت فإن ذلك يهذب من شهوتها فتحفظ زوجها وبيتها "!، وأتساءل لماذا هذا التصور المريض عن نسائنا أنهن مجرد حيوانات جائعات للجنس؟، كيف يدعى هؤلاء أنهم يحترمون المرأة ويقدرونها ويعتبرونها الجوهرة المصونة والدرة المكنونة وهم يصفونها بهذه الأوصاف ويصمونها بهذا العار، والغريب أنهم يطلبون العفة للمرأة فقط و"يطنشون " عنها بالنسبة للرجل، ويتناسون أن معظم من يتم ضبطهن فى بيوت البغاء مختونات ولم يمنعهن ختانهن من ممارسة الرذيلة!!، ولنستمع إلى هذه الأم المصرية التى تحدثت فى جريدة الشعب 18/11/1994 وهى تقول عن نفس المعنى " الختان عندنا فى القرية عادة مرتبطة بشرف البنت، فهو ضمان عقلها والمسألة تتجاوز الأهل، فالأم التى لاتجرى هذه العملية لإبنتها وتعلن عن ذلك وسط نساء القرية، تعلم أن إبنتها ستتهم بعد ذلك بالفجور، وربما لايتقدم للزواج منها أحد، لأنها ستكون فى نظرهم عينها بجحة وقليلة الأدب، والأمر لاشأن له بالدين، إنه عرف قوى، وأنا شخصياً لاأجرؤ على عدم ختان بناتى، بتوع مصر (القاهرة ) يقدروا، لكن عندنا لأ، دى كانت تبقى فضيحة للبنت وأنا لازم أستر عليهم "!!.
    [ ومن الحجج الواهية التى تتمسح بالعلم إلى الأضرار الصحية التى رصدها العلم، فالختان يحمل فى جعبته الكثير والكثير من المآسى والكوارث الصحية التى تبدأ بالنزيف وتنتهى بالموت، والنزيف أحياناً يكون بسيطاً وتزيد إلتهاباته بالبن وتراب الفرن والقرض وخلافه من الأشياء التى نكتم بها النزيف، وأحياناً يكون النزيف شديداً بسبب إصابة الشريان البظرى نفسه، ومن الأضرار الصحية الصدمة العصبية الشديدة التى تحتاج النقل إلى المستشفى، ومن الحوادث المعتادة أثناء عملية الختان وبسبب تلوى البنت وعدم السيطرة عليها من الممكن أن يمتد المشرط ويجرح أعضاء أخرى مثل مجرى البول أو الشرج...الخ، وقد سجلت بعض الحالات التى إنتهت بعدم التحكم فى البول والبراز، وأيضاً سجلت حالات -وياللقسوة والبشاعة – كسر للترقوة من جراء الضغط العنيف على عظام الطفلة البريئة، أما المتاعب البولية بعد الختان فلاتحصى فالخوف من التبول على الجرح من الممكن أن يؤدى إلى إحتباس البول، ووجود الصديد به من تراكم الميكروبات، وإلتهابات المثانة والكلى، ومن الممكن أيضاً أن تمتد الإلتهابات والميكروبات للأعضاء التناسلية الداخلية كالرحم والمبيض وقناة فالوب مما يؤدى فى النهاية إلى العقم، ويذكر د.سامى الذيب أن 25% من حالات العقم فى السودان سببها الختان، هذا فضلاً عن الألم الذى تحدثه الندبات الناتجة عن الختان، وعندما يلتئم الجرح بالنسيج الليفى المفتقد للمرونة التى تتطلبها عملية الوضع التى من الممكن أن تنتهى بكارثة وتعسر مرور رأس الجنين، وإلتهابات بغدد بارثولين وتعسر الطمث نتيجة لعوامل نفسية نتيجة الصدمة أوعضوية بسبب الإلتهابات والإحتقان وخلافه.
    [ نأتى إلى أخطر الأضرار الصحية وكارثة الكوارث و"أم المآسى" الوفاة، عندما يهمد جسد طفلة فجأة بعد أن كان يملأ البيت ضجيجاً، عندما تودع الحياة من كانت تتشبث بأطراف ثوبها، عندما تموت نتيجة جهل، عندما تذبح بسكين التخلف وبلاسبب، ومن ركام أخبار الوفيات الناتجة عن الختان نقتبس هذا الخبر لنقرأه سوياً، الخبر منشور فى الأهرام 16 أكتوبر 1996 ويقول " أمرت نيابة أرمنت بقنا بضبط وإحضار طبيب الوحدة الصحية لبلدة الضبعية للتحقيق معه حيث تسبب فى وفاة طفلتين فى يوم واحد إثر قيامه بإجراء عمليتى ختان لهما فى مسكن كل منهما، فأصيبت الطفلتان بنزيف حاد مما تسبب فى وفاتهما، تبين من التحريات أن الطفلتين المتوفتين هما أميرة محمود حسن (4 سنوات ) ووردة حسن السيد( 3 سنوات)، وأن والد كل منهما إتفق مع الطبيب وإسمه عزت شلبى سليمان على إجراء عمليتى الختان مقابل عشرة جنيهات للعملية الواحدة "، إنتهى الخبر ولكن لم تنتهى المهزلة، فبعشرة جنيهات نقدم بناتنا إلى عزرائيل، بعشرة جنيهات نبيعهن فى سوق النخاسة لكى يتحول الوجه المشرق بالحمرة إلى جمجمة، ويتحول الجسم النامى الذى مازالت براعمه تغازل الشمس إلى جثة، والفستان إلى كفن، والضحكة إلى ندب وتعديد، والمهد إلى قبر، وأعواد الفل والياسمين إلى كتلة صامتة وجافة من الصبار، ببساطة تتحول البنت إلى مجرد رقم فى شهادة وفاة سرعان مانوارى عارها التراب
                  

02-16-2005, 04:12 AM

SILVER MOON
<aSILVER MOON
تاريخ التسجيل: 02-24-2002
مجموع المشاركات: 300

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الختان عبودية لاعبادة (Re: SILVER MOON)

    الختان والدين
    قراءة دينية للختان
    * الختان لم يذكر فى القرآن وجميع الأحاديث التى تناولته ضعيفة
    [ من أسماء الله الحسنى الرحمن الرحيم، والدين هو الرحمة..هو السكينة..هو الحنو..هوالأمان..هو الكرامة.. هو الإنسانية، والختان من المؤكد أنه يتعارض مع الدين الحنيف لأنهإجراء شرير لايعرف الرحمة، ويخلو من السكينة، وقلب من يجريه لايعرف الحنو، تفقد معه بناتنا إحساس الأمان، وتنزع من كيانهن الكرامة، لأن من يأمرون به ويدعون إليه ضد الإنسانية.
    [ أرجو قبل الخوض فى موضوع الختان من الناحية الدينية معتمداً على آراء رجال الدين المستنيرين والمفكرين الإسلاميين الذين يقرأون الواقع ويجددون فى الخطاب الدينى، أرجو من الجميع أن يقرأوا معى القرآن الكريم الذى لم يذكر الختان فى أى آية من آياته، لكى نتعرف على فلسفته فى التعامل مع الجسد البشرى وإحترام حرمته، الجسد المقدس الذى كرمه الله سبحانه وتعالى، لنقترب من هذه الآيات ونتأمل:
    • "خلق كل شئ فقدره تقديراً" [سورة الفرقان ]
    • "أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً" [ سورة النور]
    • فطرة الناس التى فطر الناس عليها لاتبديل لخلق الله" [ الروم]
    • الذى أحسن كل شئ خلقه" [ السجدة]
    • "لقد خلقنا الإنسان فى أحسن تقويم" [ التين]
    • "كل شئ خلقناه بقدر" [القمر]
    • "وقال الشيطان لأتخذن من عبادك نصيباً مفروضاً ولأضلنهم ولأمنينهم ولأمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولأمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان من دون الله فقد خسر خسراناً مبيناً " [ النساء]
    [ وقد علق المفكر الإسلامى د.محمد سليم العوا فى مقال بجريدة الشعب 18/11/1994 على هذه الآية الأخيرة بقوله " القرآن الكريم جعل من المعاصى قطع بعض الأعضاء ولو من الحيوان، بل هو مماتوعد الشيطان أن يضل به بنى آدم فى أنعامهم وقرنه بتغيير خلق الله، والختان للإناث بصورته التى يجرى بها فى مصر، وفى أجزاء أخرى من العالم الإسلامى، فيه تغيير خلق الله، ومن قطع بعض الأعضاء المعصومة مالايخفى، وإذا كان هذا فى الحيوان من أضلال الشيطان فكيف يكون فى حق الإنسان؟!"، ويقول الشيخ عبد الرحمن النجار عن نفس المعنى " البنت الصغيرة التى يريد أبواها أن يختناها لو كانت عندها قدرة على التعبير لصاحت فى وجههما:إتركانى ولاتعذبانى، والإسلام نهى عن التعذيب، والرسول قال:من آذى مسلماً فقد آذانى ومن آذانى فقد آذى الله، إتركانى لطبيعتى الأنثوية التى خلقنى الله عليها ولاتضرانى صحياً ونفسياً وإجتماعياً، والله تعالى يقول:"لقد خلقنا الإنسان فى أحسن تقويم"، إن هذا هو نداء الفطرة التى فطرنى الله عليها "، وإقتبست د.نوال السعداوى من جوهر الدين ماساعدها على تكوين رأيها فى الختان بنفس المعنى الذى وصل إليه المفكران الإسلاميان السابقان وإن إختلفت الألفاظ، فهى تقول فى كتابها المرأة والصراع النفسى:" إن الدين بمعناه العام هو الصدق والمساواة والعدالة والحب والصحة لجميع الناس رجالاً ونساء، ولايمكن أن يكون هناك دين يدعو إلى المرض أو تشويه أجساد البنات وقطع بظورهن، وإذا كان الدين من عند الله فكيف يمكن للدين أن يأمر بقطع عضو فى الجسم خلقه الله، المفروض أن الله لايخلق الأعضاء إعتباطاً، ولايمكن أن يخلق الله البظر فى جسد النساء ثم ينزل على الناس ديناً يأمرهم بقطع هذا البظر، فهذا تناقض خطير لايقع فيه الله سبحانه وتعالى، وإذا كان الله قد خلق البظر كعضو حساس للجنس وظيفته الأساسية والوحيدة هى الإحساس بلذة الجنس، فمعنى ذلك أن الله قد أباح للنساء اللذة الجنسية وأنها جزء من الصحة النفسية، وعلى هذا فإن المرأة التى تحرم من اللذة الجنسية تحرم جزء من الصحة النفسية، ولايمكن أن تكتمل صحة المرأة النفسية بدون إكتمال لذتها الجنسية "، وهكذا ومن إحساسنا ومعرفتنا بالمقاصد الكلية للدين وفهمنا المستنير لفلسفة القرآن نستطيع أن نصل إلى تأكيد بأن الختان يتعارض مع الدين ومع القرآن، وأيضاً مع قواعد الشريعة التى تحكم الإجتهاد والتى لخصها د.شوقى الفنجرى فى كتابه عن الختان فى النقاط التالية:
    • أنه لايجوز أخذ أى تشريع أو قاعدة شرعية من حديث ضعيف، لأن معنى الحديث الضعيف أنه قد يكون مكذوباً أو موضوعاً لغرض ما.
    • أنه إذا إختلف الرأى بين عالم الطب وعالم الدين فى قضية علمية أو طبية فإن رأى الطبيب هو الذى يؤخذ به لأنه أكثر فهماً ودراية فى تخصصه.
    • فى الشريعة قاعدة تقول " لاضرر ولاضرار "، ومعنى ذلك أن أى مسألة يكون فيها ضرر للمسلمين حسب رأى أهل الإختصاص فعلى المشرع أن يتركها ويتجنبها.
    [ نأتى بعد ذلك إلى السنة التى يعتمد مؤيدو الختان والمدافعون عنه عليها كسند لهم ودليل على قوة حجتهم، وسنقوم بالرد عليهم من خلال تفنيد رجال الدين لآرائهم وللأحاديث التى إعتمدوا عليها، ونثبت أن مايدافعون عنه فى الحقيقة هو موقفهم الرجعى من المرأة وإرتباطهم بعادات وتقاليد زائفة وليس دفاعهم عن الدين وجوهره وغاياته، ونبدأ اولاً قبل الخوض فى الأحاديث وبيان صحتها بسؤال عقلى غاية فى البساطة، وهو هل ختن الرسول بناته؟، ولو كان قد فعل فإن المؤيدون سيكون لديهم الحق والدليل الدامغ، ولكن المدهش أن الإجابة هى بالنفى وأن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يفعل ذلك، وأن هذا السؤال البسيط لم يفكر فيه المؤيدون برغم بساطته وبديهيته، وقد أجاب الشيخ عبد الرحمن النجار عن هذا السؤال فى كتابه موقف الإسلام بقوله " والرسول كانت له أربع بنات ولم يؤثر فى سيرته أنهن أختتن "، وقد آثرت أن أذكر هذا قبل الخوض فى تفاصيل الأحاديث لأقول أن السيرة تؤيدنى، وأننا سنخوض فى بحار عميقة من الجدل قد كفانا الرسول –صلعم- جهد الخوض فيها بسيرته العطرة نفسها، ولكن علينا لكى نكمل البحث ونفحم مؤيدى الختان الذين غسلوا العقول، أن نعرض للأحاديث التى يعتمدون عليها أولاً ثم نرد عليها من واقع إجتهادات رجال الدين المستنيرين.
    • [ الحديث الأول هو "الختان سنة للرجال مكرمة للنساء " وهذا الحديث منقول عن الحجاج بن أرطأة، ويقول القرطبى وبن حجر "والحجاج ليس ممن يحتج به ".
    • الحديث الثانى والذى قيل بصيغ مختلفة من ضمنها " إذا إلتقى أو مس أو جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل ".
    • الحديث الثالث وهو أشهرهم وهو الذى إستخدمه مؤيدو الختان، ورواياته مع إمرأة تختن الجوارى، فى الرواية الأولى دون ذكر إسم إمرأة أو مع ذكر إسم أم عطية وأم أيمن وأم طيبة، والرواية الثانية ذكر فيها إسم أم حبيبة وأم حبيب، وقد جاء فى سنن بن داود "إن أمرأة كانت تختن بالمدينة، فقال لها النبى لاتنهكى فإن ذلك أحظى للرجل وأحب للبعل "، وقد علق عليه أبو داود فى سننه الجزء الخامس قائلاً " ليس بالقوى وقد روى مرسلاً، ومحمد بن حسان مجهول، وهذا الحديث ضعيف "، والرواية الثانية عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله لأم عطية إذا خفضت فأشمى ولاتنهكى فإنه أسرى للوجه وأحظى عند الزوج "، وقد قال بن داود عن هذا الحديث "حديث ختان المرأة روى من أوجه كثيرة، وكلها ضعيفة معلولة مخدوشة ولايصح الإحتجاج بها "، وهناك رواية ثانية المشهورة بإسم رواية أم حبيبة وهى أكثر الروايات ترديداً فى مصر، وأشهر من ذكرها الشيخ الراحل جاد الحق فى فتواه عام 1994 ولكنه لم يذكر مصدرها وقد قال فى فتواه الغريبة وقتها وهى أن ترك الختان يوجب قتال تاركيه!، وكذلك ذكرها د.حامد الغوابى فى كتابه ختان البنات، والرواية تقول "عندما هاجر النساء كان فيهن أم حبيبة، وقد عرفت بختان الجوارى، فلمارآها رسول الله –صلعم- قال لها:ياأم حبيبة هل الذى كان فى يدك هو فى يدك اليوم؟، فقالت: نعم يارسول الله، إلا أن يكون حراماً فتنهانى عنه، فقال رسول الله –صلعم-:بل هو حلال، فادن منى حتى أعلمك، فدنت منه، فقال:ياأم حبيبة، إذا أنت فعلت فلاتنهكى، فإنه أشرق للوجه وأحظى للزوج ".
    [ عرضنا للأحاديث التى تناولت الختان وتعليقات علماء الحديث والفقهاء القدامى عليها، ولكن ماذا قال فقهاء زماننا ومفكرى عصرنا الإسلاميين عن هذه الأحاديث؟.
    بالنسبة للحديث الأول يقول سليم العوا:"ليس فى هذا النص حجة لأنه نص ضعيف، مداره على راوٍ لايحتج بروايته، فكيف يؤخذ منه حكم شرعى بأن أمراً معيناً من السنة أو من المكرمات، وأقل أحوالها أن تكون مستحبة، والإستحباب حكم شرعى لايثبت إلا بدليل صحيح "، وحديث إلتقاء الختانين يقول عنه العوا " لاحجة فى هذا الحديث الصحيح على ذلك، لأن اللفظ هنا جاء من باب تسمية الشيئين بإسم الأشهر منهما، أو بإسم أحدهما على سبيل التغليب، ومن ذلك كلمات كثيرة فى صحيح اللغة العربية منها العمران (أبو بكر وعمر) والقمران (الشمس والقمر) والعشاءان (العشاء والمغرب)..الخ، فلفظ الختانين لادلالة فيه على مشروعية ختان الإناث، والحديث وارد فيما يوجب الغسل وليس وارداً فى أمر الختان أصلاً ".
    [ نأتى إلى أشهر الأحاديث وهو الحديث الأخير، والذى إستخدم فى الرد على كل وزير صحة يتجرأ ويمنع الختان فتجلده الألسنة بأنه مارق عن الدين، فيبدأ فى التراجع، يقول عنه العوا " حديث أم عطية بكل طرقه لاخير فيه ولاحجة تستفاد منه، ولو فرضنا صحته جدلاً، فإن التوجيه الوارد فيه لايتضمن أمراً بختان البنات، وإنما يتضمن تحديد كيفية هذا الختان إن وقع "، وسأحاول أنا تقريب المعنى الذى قصده د. العوا، وهو أننى لو أمرت مريضاً عندى بأن يخفض السجائر التى يدخنها إلى خمس سجائر فقط بعد أن كان يدخن علبتين، فهل يعنى هذا أننى قد أمرت بتدخين السجائر وأدعو إليها؟، أم أننى أتماشى مع عرف سائد وأريد تخفيفه على مراحل!!، وعن هذا المعنى يقول أنور أحمد فى كتابه آراء علماء الدين "من يتدبر هذا الحديث المنسوب إلى النبى يمكن أن يتصور أن النبى لم يرد أن يصادر عرفاً جرت عليه العرب، وعادة تأصلت فى نفوسهم، فأراد أن يخفف من غلوائها ويحد من أضرارها، فجرى حديثه للخاتنة بهذا التوجيه الكريم الرحيم "، وعن حديث أم حبيبة فهو مكذوب أيضاً عند العوا ويقول عنه " هذا الحديث لايوجد فى كتب السنة، وليس هناك ذكر فيها لإمرأة بهذا الإسم كانت تقوم بهذا العمل، فكلامهم هذا لاحجة فيه، بل لاأصل له "، ويقول الإمام شلتوت معلقاً على هذه الأحاديث جميعاً فى فتاويه الصادرة 1959 " وقد خرجنا من إستعراض المرويات فى مسألة الختان على أنه ليس فيها مايصح أن يكون دليلاً على السنة الفقهية فضلاً عن الوجود الفقهى، وهى النتيجة التى وصل إليها بعض العلماء السابقين، وعبر عنها بقوله ليس فى الختان خبر يرجع إليه ولاسنة تتبع، وأن كلمة سنة التى جاءت فى بعض المرويات معناها إذا صحت الطريقة المألوفة عند القوم فى ذلك الوقت، ولم ترد الكلمة على لسان الرسول بمعناها الفقهى الذى عرفت به فيمابعد، والذى أراه أن حكم الشرع لايخضع لنص منقول، وإنما يخضع فى الذكر والأنثى لقاعدة شرعية عامة وهى أن إيلام الحى لايجوز شرعاً إلا لمصالح تعود عليه، وتربو على الألم الذى يلحقه ".
    [كذلك يؤكد الشيخ سيد سابق على نفس المعنى قائلاً " الختان لايجب على الأنثى، وتركه لايستوجب الإثم، ولم يأت فى كتاب الله ولافى سنة رسوله عليه السلام مايثبت أنه أمر لازم، وكل ماجاء عن رسول الله فى ذلك الأمر به ضعيف لم يصح منه شئ ولايصح الإعتماد عليه، والواجب لايكون واجباً إلا إذا كانت هناك آية قرآنية توجبه، أو حديث صح سنده ومصدره، أو إجماع من الأئمة، وهذا الأمر لم يرد فيه آية ولاحديث صحيح ولم يجمع عليه العلماء "، وأيضاً يقول الشيخ محود خضر 1997 فى معرض رده على الشيخ جاد الحق " قول الرسول –صلعم- للخاتنة:إن كنت فاعلة يدل على أن الأمر من أوله لآخره مكروه وأن الأفضل البعد عنه نهائياً "، وأما فتوى الشيخ سيد طنطاوى رداً على طلب وزير الصحة السابق على عبد الفتاح 1994 فيقول فيها عن ختان البنات " لم يرد بشأنه حديث يحتج به، وإنما وردت آثار حكم المحققون من العلماء عليها بالضعف...، وقد ذكر هذه الأحاديث جميعها الإمام الشوكانى فى كتابه نيل الأوطار وحكم عليها بالضعف، وقال صاحب كتاب عون المعبود فى شرح سنن أبى داود بعد أن ذكر ماجاء فى الختان "وحديث ختان المرأة روى من أوجه كثيرة، وكلها ضعيفة ومعلولة، مخدوشة لايصح الإحتجاج بها "، ويقول فى نهاية فتواه " أما بالنسبة للنساء فلايوجد نص شرعى صحيح يحتج به على ختانهن، والذى أراه أنه عادة إنتشرت فى مصر من جيل إلى آخر، ومن الأدلة على أنها عادة ولايوجد نص شرعى يدعو إليها، أننا نجد معظم الدول الإسلامية الزاخرة بالفقهاء قد تركت ختان النساء، ومن هذه الدول السعودية ومعها دول الخليج وكذلك دول اليمن والعراق وسوريا وشرق الأردن وفلسطين وليبيا والجزائر والمغرب وتونس..الخ "، وقد إتفق معه فى الرأى د.سيد رزق الطويل عميد كلية الدراسات الإسلامية وقتها وأيد كلام د.طنطاوى ورفض فتوى جاد الحق قائلاً " إننى أستغرب كلامه بمحاربة القرية التى لاتلتزم بالختان فمعنى ذلك أن علينا أن نحارب العالم كله ماعدا مصر والسودان "!!، ومن العلماء غير المصريين الذى أدلى بدلوه فى القضية الشيخ عبد الغفار منصور مستشار الفقه الإسلامى فى مكة المكرمة فى بحثه الذى ألقاه فى مؤتمر السكان بالقاهرة، وقد قال " إننا لانعرف عادة الختان فى مكة لاقبل ميلاد الرسول ولابعد بعثه، وأن الرسول –صلعم- لم يقم بإجراء الختان لبناته، وحتى يومنا هذا فإن عادة الختان غير معروفة فى مكة ".
    [ بعد كل هذه الآراء الدينية من رجال الدين وعلمائه ومفكرى هذا العصر الأجلاء وكلها تدين الختان، ألا تندهشون معى لماذا وبرغم كل هذا تظل هذه العادة الهمجية تغرس أنيابها فى رقبة المجتمع المصرى حتى تمص دماءه؟!، ولماذا يسيطر الفكر الغوغائى على هذه الأسر والمجتمعات التى تحسب أن البنت عار مقيم، وقمعها واجب، وكبتها فضيلة، وبترها فريضة، ودموعها كذب، وألمها إحتيال؟؟، نريد الإجابة بأن يقف المجتمع أمام المرآة ويرى تجاعيده بصراحة وقسوة، ويعترف بأن البنت لابد أن توضع فى مآقى العيون، وبدلاً من أن يرفع سكيناً ليجرحها وينزع أحاسيسها ويغتال مشاعرها، يهديها ياسمينة لتطوق عنقها الجميل البرئ، ولتعرف بعدها أن الحياة تستحق أن تعاش بدون دماء.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de