|
الشخصية السودانية
|
الشخصية السودانية
إن الشخصية السودانية تكونت كنتاج طبيعي لتلاقح الحضارة الإسلامية والعربية والإفريقية.. والتقاء العرقين الزنجي والعربي.. واكتسبت مميزاتها وخصائصها ومقوماتها اعتزازا وشعوراً محلياً ومزاجاً خاصاً وذاتاً مميزة.. ونتج عن تلك الثقافات المتباينة والعناصر البشرية المتعددة إشكال التوفيق بينها وصعوبة توحيدها مع المحافظة على بيئاتها المختلفة وتنوعها الثقافي.. ولم يتسنى للقومية السودانية التصدي للتحديث والبحث والإبداع والإنجاز مما أبطأ فهمها لمعنى استمرارية الحركة والإنتاج والحرية الفكرية كمقومات حضارية لازمة لبنية الإنسان وتنميته روحاً وجسداً. لقد حافظت الحركات الوطنية على الشخصية السودانية من أن ينال منها الغازي والمستعمر مقارنة بما تم في بعض الأمم من أعمل للتزاوج بينهم وبين الغازي والمستعمر مما غير تركيبتها البشرية وتاريخها الاجتماعي بحكم المصاهرة والمعاشرة والاختلاط كما هو الحال في جنوب إفريقيا.. وقد عمل الوطنيون في الخمسينات والحكومات الوطنية بعدها على إذكاء الوعي السياسي وحاولوا بلورة الشخصية القومية السودانية بأبعادها الوطنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.. غير أن التدخل العسكري المستمر وصراع الوطنيين ضده لتأكيد سيادة الأمة وتمكين إرادتها لم يترك مجالاً لمعالم الأصالة القومية أن تستبين.. ومع تكرار ذلك (ديمقراطية – عسكرية) في الحكم لم تنمي الشخصية السودانية قيم الاعتزاز بالذات والتاريخ والأصالة ولم تستعيض ما يتطلبه التنوع العرقي والثقافي من سماحة دينية وتراض تام يستوعب كل الاختلافات وفق ثقلها المكاني.. مما حدى بولوج العنف والتطرف للساحة السودانية عن طريق السياسة.. وأدى ذلك للفاقد التربوي الذي قاد الأجيال المتعاقبة على عدم هضم ثقافتنا قبل ثقافة غيرنا إلى أن أفسدت النشأة والتربية والتعليم وهذه في مجملها تقود للعقل والتفكير إذ أصبح مظهراً بلا جوهر..
البشاري
|
|
|
|
|
|