زنقة ود العاجبة ، دعوة للقراءة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-07-2024, 02:31 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-08-2005, 05:54 AM

عصام ابو القاسم
<aعصام ابو القاسم
تاريخ التسجيل: 12-18-2004
مجموع المشاركات: 544

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
زنقة ود العاجبة ، دعوة للقراءة

    ]B] ]P]
    زنقة ود العاجبة



    فجأة استيقظ ود العاجبة، شعر بنخسة سيف العجوز في نصفه أم تهيأ له! رفع رأسه منتبهاً لم يجد...، حمد الله ولعن العجوز في نفسه؛ ثم عاد ورقد.
    كره ود العاجبة الصباحات بسبب هذا العجوز الذي يجيء ابكرمن الشيطان لينخسه بسيفه في نصفه وهو يقول:
    - ها... آيش نايم للحين، اصحى... اصح صبح شغالاتك!!
    ويستدير ناحية الباب.
    يجلس ود العاجبة على وسطه بفرشته، يدعك عينيه في قرف وعكرة، وهو يلعنه - بعد ان يبسمل في سره - وهو ينظر إلى ظهره:
    - الله يلعنك زي الشيطان!
    ويسمع العجوز يردد اسطوانته اليومية.. ليش نايم من اصله! ها المرة اشوفلي سوداني ينام للحين! ها.. هادى الريالات لا يجيبها النوم.. ما قالولك أهلك.. يا الله شوف لك صرفة..!؟.


    كل يوم يحدث هذا منذ ان بدأ ود العاجبة العمل، من نصف شهر، العمل هنا. وفي الايام الأخيرة، أحياناً ترهف أُذني ود العاجبة فيستيقظ فجأة على صوت محرك العربة تتوقف. وأحياناً يشعر بنخسة سيف العجوز في نصفه وعندما يرفع رأسه لا يجده! لكن ذلك لا يمنعه من أن يقول بصوت واضح:
    - الله يلعنك يا (....)!
    ثم يعود ليرقد قليلاً، ويغمض ويفتح، يغمض ويفتح عينيه، النعاس لذيذ. ترآخى الجفنين ألذ. وما أن يسمع محرك العربة.. حتى يهب واقفاً ويثب ناحية الزريبة، وقد بدا كمن استيقظ من ساعة، ويغيظه أن العجوز لا يبدي قدراً صغيراً من الرضى لذلك! فيحدث نفسه:
    - آريتني إنتظرتو رمة....
    وما يلبث ود العاجبة أن ينسى ما علق بصدره، يغنى وصورة أهله بعينيه ويذهب لينجز ما عليه من أشغال.
    أمضى ود العاجبة في رقدته، مرهفاً أذنيه؛ لكن النعاس يرخى جفنيه ليغمض هنيهة. ويطرق طارق من السماء فيفتح عينيه، وفجأة سمع صوت محرك العربة. هب واقفاً وجرى ناحية الزريبة لكن عندما وقعت عينه على حيث تقف العربة لم ترها، توقف وهز رأسه مستغرباً ومحتاراً:
    - أنا جنيت رسمي! دي شنو الهلاويس دي!!؟
    لم تشرق الشمس بعد، لكنها ستشرق بعد قليل، الغبشة تملأ الأفق. فكر أن يعود لينام. لن يستطيع فقد طار النوم من عينيه، وقفزاته السريعة نفضت عن جسمه التعب، ومشى بنشاط وجاء بكورة اللبن من الخيمة، فتح باب الزريبة واتجه إلى المعزة التي يسميها أُم سعن لكبر حجم ثديها ولصقل لبنها.
    وفيما هو يشعل النار في القصبات التي دوّر من حولها بعض الحجارة ليضع عليها كورة اللبن؛ زنقته الحاجة، قام ونظر درب العربة ولما لم تبن خفّ برجليه ناحية التلة التي تبعد قليلاً عن الخيمة. رافعاً أطراف جلبابه إلى ركبتيه من الجهتين.. ينظر تحته محترزاً من الصخور المدببة والمفلطحة وتلك الكامنة تحت.. المغطاة بالرمل وهي في الأغلب الأكثر حدة من غيرها. الرجل التي تطأها مجروحة لا شك. مرة واحدة اخطأها ود العاجبة، ولشد ما كان الجرح مدمياً وغائراً ببطن رجله اليمنى. أعمته الزنقة يومها، لكنه تعلم.
    وعندما بلغ موضعاً بين صخرتين واراد أن يجلس، نظر من حوله ليطمئن من أن...، رأي هناك قرب شجيرات صغيرة أحدهم يرقد ملتفاً بغطائه. جلس ود العاجبة وفكر لابد أنه واحد من المساكين أمثاله، جرب ود العاجبة، أول مجيئه، مثل هذه المنامات في الخلاء، لكنه لم يكن يرقد مثل هذه الرقدة المطمئنة إلى ان يطلع الصباح. لكن لابد أن هذا المسكين هده المشي والجري الى ان وصل إلى هنا. هده الجري والمشي فقط! لا... بل والخوف... الخوف الذي لم يعرف طريقه إلى قلب ود العاجبة إلا هنا. الخوف من أن يقبض عليه واحد من أولئك الذين لا يخلو أي مكان منهم. الخوف من أن يشي به أحدهم. خوف غريب لا يخرج من القلب ابداً. فود العاجبة لديه الآن ما يثبت انه مقيم والبركة واللعنة على العجوز. لكنه لا يعرف لماذا لازال يخاف، لماذا لا يعرف!؟ ويذكر ذات مرة عندما جاءه أحدهم جارياً، العرق ينز من جسمه ويبل لبسه، صدره يعلو ويهبط وقال له وخوف العالم كله بعينيه:
    - أعمل معروف يا ود النيل؟!
    ودسه ود العاجبة بصبارة ماء العجوز وهو لا يعرف إلى الآن كيف وسعته! لكنه يعرف مدى الخوف الذي صعده من حيث يدري ولا يدري. عندما رآهم يقدمون ناحيته. يعرف تلك الرغبة في الجري التي أحسها في ساقيه، لا يعرف كيف كبتها وهم يسألونه عن الرجل وهو لم يرد لهم:
    - لا.... ما حد مر من ها الناحية!؟
    ويتساءل ود العاجبة الآن وهو يرفع سرواله: يا ربي مشي وين هسع المصري! ثم ينظر ناحية الرجل النائم. ويفكر ان يذهب إليه ويوقظه فإن جاء احدهم الآن سوف...؟ وقلب ود العاجبة الأمر برأسه الصغيرة المدورة، ورضى عن نفسه وهو يرى ان يذهب إليه وينبهه. يسأله لماذا ينام إلى هذا الوقت. يعرف ود العاجبة أنه سيقول له هدني المشي والجري. سيقول له ود العاجبة مهما يكن لا تنام إلى هذا الوقت. ويسأله أسئلة أخرى متعددة، والعجب ان كان سودانياً. سوف يسأله ود العاجبة: من وين أنت؟ وناسكم ولاد منو؟ يسأله متى جاء وكيف حال البلد؟ ولا تزال الحكومة ذاتها!؟ ويسأله عن المطر بنواحيهم.
    واقترب ود العاجبة أكثر من الرجل، لم يسمع له شخيراً. الغطاء مشدود. وينتبه ود العاجبة فجأة للغطاء... مربوط من نصفه، يخفق قلب ود العاجبة الرهيف وتنمله الخشية من المصيبة. يدنو... ويعاين بعيني حدأة، يرى بقعة دم بموضع آلية الجسم. يمد ود العاجبة يداً مرتجفة ويزيح الغطاء عن الوجه، رجل... مغمض العينين... فمه يملؤه اللعاب، غامت الرؤية بعيني ود العاجبة، بسمل وتمتم وهمهم.. سبحان الله سبحان الله. وعندما تماسك قليلاً قال:
    - اكرام الميت دفنه يا ود العاجبة.
    جر الغطاء على الوجه. وقف للحظة، ثم تحرك متجهاً إلى الخيمة. وفي اضطراب وتشوس قدّر ان العجوز ربما جاء. يذهب ويحدثه ويتعاونا في دفن الميت، واستغرب ود العاجبة أفعال البني آدم. كيف يقتل المرء أخاه ويلقي به في الخلاء. لا حول ولا قوة إلا بالله، لابد أنه لم يغسل، لم تقرأ الفاتحة على روحه. حسناً سيفعلان له ذلك هو والعجوز.
    وتساءل ود العاجبة وقد اقترب من الخيمة، ترى هل قتل ببندقية أم بسيف؟ لكنه ما لبث ان غير حسابه. القتل القتل قتل ببندقية أم بسيف في النهاية الرجل مات ورمى بهذا المكان المقطوع.
    لم ير العربة بمكانها إذن لم يأت العجوز بعد! عندما يريده لا يأتي وعندما...، ما له تأخر لحد الآن؟. الشمس طلعت، ثم قدر ود العاجبة ربما انعطف عن طريقه إلى هنا ليذهب ويجلب القصب لوحده. وقف ينتظر وهو ينظر جهة الطريق. فيما هو كذلك بلغت أنفه رائحة حريق ما، التفت رأي نار قصباته تتزايد وتمتد لما حولها وكادت أن تنهي لبن كورته، لحقها وصب عليها كل ماء الابريق. ثم دار حول نفسه - لا يعرف ما يفعله - مشى وعاد بمكانه - نظر الطريق - نظر جهة الميت.
    برق الأمر برأسه خطفاً. يحيره رأسه في بعض المرات كأنه لا يخصه يأتي بأمور نابهة وعجيبة:
    - ود العاجبة ماك عاوز تروح فيها!؟
    - لا!؟
    - شوف ليك مكان وأجرى عليه.
    قر رأيه أن يفر بجلده، كل شيء فيه أخذ يحثه على ذلك. رأسه وساقيه... وبدأ له جسمه أخف. لكن عليه أن يقوم بشيء واحد، جرى نحو ناحية الميت.
    وبسرعة قام بكل شيء.
    رمى قدراً كبيراً من حزمات القصب على الجثة وحين تنبه إلى جلبابه صبغته بقعة الدم خلعه وألقى به ورمى من فوقه مزيداً من حزمات القصب، ثم جرى إلى الخيمة عارياً من نصفه الأعلى. أخذ صرة ملابسه، اخرج جلباباً ارتداه بعجلة وربكة. مقلوباً لعن وسب. وعاد وخلعه مرة أخرى ثم ارتداه... وفي اللحظة التي انحنى فيها على صرة ملابسه. في اللحظة.. لم يهب واقفاً وثب ناحية الزريبة.. لأن أذنيه التقطت صوت محرك العربة لم يقو إلا على ان يقعي اقعاءته تلك عندما تزنقه الحاجة. تخدر جسمه بأكمله:
    - ها.. هو العجوز... ما الذي سيحدث!؟
    كان ود العاجبة يعرف جيداً ما الذي سيحدث. فلقد اوصله إليه رأسه الذي يحيره في بعض المرات وكأنه لا يخصه يأتي بأمور نابهة وعجيبة. لذلك وفجأة أجهش ود العاجبة باكياً أهيء.... أهيء.... اه. وعلا بكاؤه وزاد حدة عندما سمع صوت العجوز من وراءه:
    - ها... آيش حصلك... حد مات لك.
    ومن بين بكائه أجاب ود العاجبة:
    -آه.
    سأله العجوز:
    - مين أمجّ!؟
    أومأ ود العاجبة وندت عنه:
    - آه...!
    وهو يتنفس باضطراب، وهمهم العجوز بشيء. وربت على كتفه: أهدأ.. الدوام لله. لكن ود العاجبة زاد في بكائه...، وعندما شعر بالعجوز يخرج من الخيمة، هدأ وأخذ يقدر بسرعة خطرات رأسه...، ثم قام آخذاً بيده صرة ملابسه وخرج مسرعاً. ومن وراء ظهر العجوز الذي كان واقفاً ينظر موضع النار المطفأة. حث ود العاجبة خطاه، وما ان تقدم خطوات حتى سمع العجوز: فين رايح!؟ التفت إليه ود العاجبة متقدماً بخطاه ولم يجب. نادى عليه العجوز: لا تروح تعال! ولم يلتفت إليه ود العاجبة ومضى وهو ينظر إلى الأرض الخلاء أمامه.
    - لا تروح وتعال خذ مصاري، تعال آخذك في السيارة.
    صوت العجوز يخفض... ويخفض، كل لحظة.
    يخف ود العاجبة ويمضي مبتعداً إلى حيث لا يدري وهو يتمنى ألا يلحق به العجوز، ويفكر ان شعر بالعربة من وراءه أن يشق الطريق بجهة الصخور.
                  

01-08-2005, 07:38 AM

قرشـــو
<aقرشـــو
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 11385

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زنقة ود العاجبة ، دعوة للقراءة (Re: عصام ابو القاسم)


    الأخ عصام

    رائع بحق والله

    حقيقة من عاش فى السعودية يستطيع ان يعيش هذه الخاطرة وكأنها واقع وكم هنالك من حكاوى اغرب من العجب يتعرض لها اولاد العاجبة ..

    لكن ود العاجبة شليق يا صاحبى

    واصل ابداعاتك اخى الكريم فهى ممتعة

    سلمت يداك
                  

01-08-2005, 07:56 AM

Ali Alhalawi

تاريخ التسجيل: 02-10-2004
مجموع المشاركات: 1467

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زنقة ود العاجبة ، دعوة للقراءة (Re: قرشـــو)

    شكــرا عصام ...

    ســرد ملئ بالجمال و التشــويق
                  

01-10-2005, 04:09 AM

عصام ابو القاسم
<aعصام ابو القاسم
تاريخ التسجيل: 12-18-2004
مجموع المشاركات: 544

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زنقة ود العاجبة ، دعوة للقراءة (Re: Ali Alhalawi)

    اشكرك الاخ علي الحلو ، استجابة قوية بحق تجعلني اطرب
    لك تحياتي وامنياتي
                  

01-10-2005, 04:03 AM

عصام ابو القاسم
<aعصام ابو القاسم
تاريخ التسجيل: 12-18-2004
مجموع المشاركات: 544

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زنقة ود العاجبة ، دعوة للقراءة (Re: قرشـــو)

    شكرا" اخي قرشو علي قراءتك اولا" للقصة ، ثم لانطباعك الجميل ، اعدك بالمواصلة ولتسلم عينك يا صاحبي وزوقك ، لكن ماذا لو اتحفتنا ببعض ما تعرف عن هناك ، السعودية او اي مكان اخر غير السودان ؟ انني انتظر............
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de