|
(حركة حق كيف نشأت ومن السبب في إنشقاقهاحوار بين أطراف النزاع )
|
هذه دعوة لجميع أعضاء حق (الشقين) بصورة عامة وهي بصورة خاصة دعوة للاستاذ ثروت سوار الدهب والصديق معروف . أرجو منها ان تتكشف الحقائق (عن طريق الحوار) للشعب السوداني ثم لاعضاء النقاش انفسهم فانا اعرف أنهم أكبر مستفيد من هذا الحوار .. وفي البدء أحب أن ابدأ بسؤال للطرفين كيف ولماذاوأين نشأت حركة القوى الجديدة وما هي الاهداف التي قامت من أجلهاالحركة وبعد الرد على هذا السؤال من الطرفين يمكننا الانتقال الى السؤال الثاني ما هي اسباب الإنشقاق الاساسية ؟ ولماذا لا يمكن تداركها الان ؟ وبعدها يمكن لكل الاطراف ان تقترح أي موضوع آخر. هذه الدعوة سببها الرئيس هو النأي عن الهتافات والهتر والسباب ، والاقتراب من أدب الحوار الهادف البناء . كما انني أطالب الطرفين بعدم القاء اي تهمة دون سند قانوني لها والا فهي قذف وإشانة سمعة لا يعتد بها بل تجعل صاحبها مسائلا قانونيا وأخلاقيا. اعرف تماما أن دعوتي هذه قد لا تلقى مجيبا ولكن أملي كبير .. كما أدعو بصورة أكثر خصوية الاستاذ كمال قسم الله .. وأعرف ان الاستاذ الخاتم عدلان مشاركا في المنبر فارجو منه تقديم مساهماته اما الاستاذ الحاج وراق فبإمكان المتصلين به ان ينزلوا مساهماته عن طريقهم .. أرجو أن تنال دعوتي القبول وأرجو ان تحقق مآربها. كما ادعو الأخوة (غير المنتمين لحق) أن يتوقفوا عن المشاركة الكتابية لمدة معقولة تجعل الحوار ينطلق في مساره وبعدها يمكنهم التعليق على شكل نقاط قصيرة حتى لا يتحول مجرى الحوار. هذا الرجاء لا يشمل منتمين سابقين للحركة (مستقيلين،مفصولين الخ) لانهم طرف من التاريخ والحقائق التي تسرد. والله عليه التكلان والتوفيق
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: (حركة حق كيف نشأت ومن السبب في إنشقاقهاحوار بين أطراف النزاع ) (Re: قصي مجدي سليم)
|
الاخ قصي سلامات
الموضوع طويل، و فيه كثير من التفاصيل التي قد تكون مملة، لكن لابد من ما ليس منه بد كما يقول عميد الادب العربي.. علي ما يبدو. اشكر لك دعوتك لتقصي الحقائق. و اتمنى ان تدلي انت بدورك بما تعرف او الحقيقة كما تراها من ما توافر لك من تجربة و متابعة او وجهة نظرك في الخلاف و اسبابه. و حرصي على ذلك نابع من ما التمسته منك من صدق و موضوعية رغم اختلافي معك في بعض المسببات التى صغتها في بوست ابو ساندرا و بالتالي النتائج التي وصلت إليها. اقول ذلك و لست دعي بإمتلاك الحقيقة الكاملة إنما فقد ادلي بما اعرف او ما أظن انه الحقيقة. فقد تعلمنا في هذا الجانب من العالم أن للحقيقة وجهان و ليس كما كنا نعتقد في سوالف الايام، مجرد إطلاقيات و تبسيطات تم حشوها في اذهاننا الصغيرة الخاوية. أن الحقيقة كاملة عندي و ما عند سواي ليس سوى ترهات و تشويهات للحقيقة ليس إلا لا يمثل هذا النوع من انماط التفكير إلا الدغمائيات في تجلياتها، و هو الشيئ الذي تركناه عند باب الخروج من اليسار التقليدي و ساعدنا على ذلك الإستعداد للتعلم و الانفتاح و اللبرالية التي تكسبناها من التواجد الطويل في الغرب. وخرج غيرنا بمسامه ابر طواعن من القديم كما قال الاخ حيد ابو القاسم. سادلي بكل ما املك من معرفة بدون إتهامات او مهاترة طالما تجنبتها ما بوسعي. و ان اتيت بإتهامات قطعا سارفقها بالإسناد و الموضوعية و فوق هذا و ذاك بالادلة و ليحكم التاريخ و ليقل كلمته عليَ و على اعدائي. كنت و لا ازال اعتقد ان حال (حق) اشبه بنزاع الإمرأتين التين مثلا امام نبي الله سليمان يدعان امومة رضيع و ما كان من احداهما إلا ان وافقت بقطع الطفل نصفين حين حكم النبي الحكيم بذلك بينما رفضت الام الحقيقية ذلك في إشفاق على طفلها و صاحت بأن تاخذه الآخري فعرف النبي انها انها والدته. هذا حالنا عشية الانقسام، فقد راهنا على ان الحقيقة ستبان مع الزمن و ان ليس هناك اي داعي للكلام حول الخلاف و خصوصا ان كل من الطرفين ابدياء وجهتي نظرهما فيه و انصرف كل لحاله، و لكن على ما اعتقد كان هذا خطأ كبير من جانبنا حيث تركنا الكثير من التفاصيل عالقة و بدون توضيح او على الاقل تركنا للخاتم عدلان تفسيرها بما يحلو له و بما يشتهي ليبرر دوره الرئيسي و المركزي في شق الحركةو اصبح مع مرور الزمن يضيف إليه كلما سنحت الفرصة بذلك دون حتى يكلف نفسه بالنظر لما قال و كتب من قبل ليقع في مصيدة التناقضات الذي دفعها إليه سعيه المحموم لتجريم (حق) الحديثة و تحطيم امينها العام الحاج وراق بشتى السبل. و هنا ايضا سأبرز عدم مصداقيته و إفتراءاته. و سأحاول ايضا أثناء ذلك ان أنفذ لهذه الذهنية التأثيمية و التجريم المطلق للعدو المتوهم و الحقيقي عند الخاتم عدلان و الذي في مساه ذاك تجاوز كل الخطوط الحمر و كل اعراف ادب الخلاف و تجلت ذهنيته التاثيمية في ابشع صورها. حيث لم يتناول لا هو او من استطاع خداعهم في الخارج عشية الانقسام اي نقد فكري لموقف القيادة الوطنية في الداخل، بل كل المجهود مركز على التخوين و إلصاق التهم بدون دليل و حز النصوص و الانطلاق منها للحكم ببطلان الأخر. بستثناء محاولة يتيمة اعرفها جاءت في كتابه بعد مؤتمر القاهرة المزيف(سأثبت هذا التزيف) و الذي لم يكن موضوعيا فيها فيما اعتقد. ساعتمد في البدء على المنشور من الوثائق و المقالات في الصحف علما بأن الكثير قد ورد في صحف السودان و معظم هذه الصحف ليس لها مواقع على الشبكة و بتالي ليس لها ارشيف يمكنني الرجوع إليه. و بعض هذه الوثائق بحوزتي لكن ايضا غير متوافرة إلكترونيا إنما توجد في شكل النسخة الاصلية و التى تتطلب طباعتها وقت كبير لا يتوافر لي الحاليا و ساسعي لطلب المساعدة في طباعتها بقدر المستطاع. ثم سأعرج إلى البريد الحزبي و المهمل من الوثائق علها تفيد في إضاءة الحقيقة للباحثين عنها مادام لم يعد هناك شيئ يخفى بحكم الزمن و تجاوزه للكثير من الاحداث، مع تجنبي للمواضيع ذات الاثر التنظيمي المباشر على الحركة داخل السودان خصوصا، لضرورات تامينية و سياسية لا تخفي عليك و التي قد لا يتورع باحثي التجريم في تناولها للتشفي و إرواء عروق البغضاء بدم (حق) الحقيقية تماما كالفانباير.. فلن اجاريهم في عدم المسؤولية، ففي النهاية لي تنظيم احرص علية و لهم (قرين) لا يقتات إلا بدم تنظيمي. فقد لمست من بعض عضوية (حق) الجديدة عدم إلمامهم بالكثير من تلك الوثائق و الاحداث و وقوعهم فريسة لتقديرات الخاتم و إرائه الخاصة بالخلاف و هو الشيئ الذي يلام عليه القيادة الوطنية في الداخل لعدم إكتراثها في تلك اللحظات بعكس ما بجعبتهم لهؤلاء الاعضاء رغم محدودية عددهم و توقف "الجديدة" عن التناسل الطبيعي ساهم في استمرارية عدم المبالاة في تقديري، و لو فعلوا لما احتجنا لهذا البوست اصلا. فالاعتماد على ظهور الحقيقة آليا غير كافئ أن لم تساعد في ذلك بالحجج و الرد و التوضيح. فتقديرات الاولية بأن كل سيذهب لحالة(و الحشاش يملا شبكتو) لم تكن صحيحة، فنحن في مواجهة عدو شرس و موقل في الحقد و الكراهية و يجيد الإسقاط الذاتي على الاخرين بسهولة و انشاء عجيب! و يكذب و لا ترتجف له اجفان. و اعتقد ايضا أن ضعف الامكانيات لعب دور في ذلك، بجانب عدم الإكتراث ،و انتباه قيادةالداخل بحكم المنطق و الاولويات للعمل اليومي و توالي المعارك مع النظام و غيره و سد الثقرات التنظيمية التي نفذ منها الامنجية و غواصات الشوايعة و العملاء ذوي الانتماء المزدوج. و كما قلت هذا ليس بكافئ. فالنتيجة كان هناك من فقد بهذا الإهمال. و هنا طبعا لا يهمني ذوي الاغراض غير البرئية و الذين ذهبوا غير مأسوف عليهم فعاقروا الأحقاد و استمرأوا علك الاكاذيب فصدقوها لنفسهم و يحاولوا تعميمها كلما نجحت (حق) الحديثة و توسعت و صقل عودها و برزت كفاعل تنويري و حاضر سياسي له مستقبل في دنيا العمل العام و تمتلك المبادرة و تخوض في شأن السودان من مواقع الفعل و ليس مجرد ردته و اصبح لقادتها مواقع مميزة سواء حراكيا و فكريا و سياسيا و اصبح لهم شعبية وسط المجتمع بمجاهدتهم المستمرة و تلمسهم الواقعية و تواضعهم الجم الذي لمسته انت بنفسك كما ذكرت في البوست المعني. يهمني عزيزى قصي باحثي الحقيقة و هذا ما انا فاعل. و شكرا لك مرة اخرى.
فماذا تقول وثائق الطرفين حول الخلاف؟
هذا ما ساتناوله تباعا حسب الترتيب الزمني.
ثروت
| |
|
|
|
|
|
|
Re: (حركة حق كيف نشأت ومن السبب في إنشقاقهاحوار بين أطراف النزاع ) (Re: ثروت سوار الدهب)
|
بدأت قصة الانشقاق علنيا بهذا البيان:
بيان من حركة القوى الجديدة الديمقراطية (حق)
عقدت مجموعه من أعضاء (حق) بقيادة الحاج وراق لقاء مفتوحا حضره 27من أعضاء الحركة ومائه من الضيوف,تبنت فيه وثيقة جديدة واسما جديدا لحركتهم ,وبنية قيادية جديدة. - تخلت هذه المجموعة عن كل المنطلقات الفكرية وركائز البرنامج السياسي الذي تأسست عليه حركة (حق) والتزمت به هذه المجموعة نفسها في مؤتمر اسمرا 1997. - تخلت عن هدف إسقاط السلطة, سواء عن طريق الانتفاضة , محمية أو عزلاء أو عن طريق المواجهة المسلحة التي أدانتها في كل مظاهرها وبكل درجاتها. وأعلنت تمسكها بما أسمته الحل السلمي الشامل الذي يقنع بتنازلات تقدمها السلطة بمحض اختيارها وتتراجع عنها وقتما تريد. تخلت عن فصل الدين عن الدولة, واستغلال الدين في السياسة وقيام الأحزاب على أسس دينيه. واعترفت للجبهويين بالحق في جني ثمار انقلابهم على الديمقراطية , ومواصلة طغيانهم الديني والسياسي المنفلت مع مسوح وبراقع لا تضفي زينه ولا تستر عورة. - تخلت عن مبدأ تقرير المصير الذي أجمعت عليه كل القوى السياسية السودانية, باعتباره فرصه أخيرة للوحدة الطوعية للشعب والبلاد - وصدرت في تحليلاتها عن مفهوم قديم هو الهوية الإسلامية العربية للسودان التي يجب حمايتها أمام الطوفان الزنجي بكل الوسائل والسبل. - دشنت تحالفا علنيا مع يمين حزب الأمة بقيادة الصادق المهدي وما تسميه بالتيار الديمقراطي (تيار التوبة) داخل الجبهة الإسلامية بقيادة حسن الترابي – وقد باركت من قبل البرنامج المشترك لهذه القوى ممثلا في لقاء الصادق– الترابي في جنيف مايو 1999 , ولقاء الصادق – البشير في جيبوتي ,بل دخلت في أعمال مشتركه مع الجناحين تمثلت في ما أسمته ( الوثيقة المليونية) الموجهة للبشير والتي كتبها لها الصادق المهدي بخط يده , كما ظلت تدعو لوحدة ( الحركة الإسلامية) حماية لجناح الترابي وطمعا فيه . - أعلنت انحيازها للجيش, و القوات النظامية ,باعتبارها حماية الوطن ورافعة البندقية (الوطنية) في وجه المتمردين في الحركة الشعبية, و الأوباش في الحركات الأخرى, متجاهله أن الجيش والقوات النظامية ليست سوى الأذرع الباطشة للجبهة الإسلامية التي نكلت بكل العناصر الوطنية داخل هذه المؤسسات وما تزال . اتخذت هذه المجموعة اسما جديدا للحركة وبنية تنظيميه لا تعترف بوجود الحركة في الخارج ,ولا بالمعارضين لخطها بالداخل .
كيف حدث كل ذلك- وما هي اسبابه؟ نستطيع أن نجيب على الشق الأول من السؤال بيقين مدعوم بالحقائق . فقد استطاعت مجموعة الحاج وراق أن تفعل بحركتنا ما فعلت مستنده إلى خطه من شقين : أ– خداع الحركة في الخارج بأن ما يتم هو في إطار ما اتفقنا عليه من مبادئ وبرامج , وأنهم يتصرفون في حدود الصلاحيات المتفق عليها وان كل الخطوات التي يقومون بها تتم بعد التشاور الواسع مع كل عضوية الحركة, وأنها تجاز بما يشبه الإجماع . ب– تكميم أفواه المعارضين لخطهم , وإنزال مجازر تنظيميه بهم, بفصلهم من الحركة بدعوى العمالة للأمن أو الجبهة الإسلامية أو العضوية في أحزاب أخرى. إن لدينا الآن المئات من الأسماء ممن تم فصلهم بهذه التهم والدعاوى, دون التحقيق معهم أو السماح لهم بالدفاع عن أنفسهم , بل دون إبلاغهم حتى بالعقوبات التي اتخذت بحقهم , والتي يسمعونها مثلهم مثل غيرهم كإشاعات يسعى بها قاذفون. لقد أشاع كل ذلك جوا مريضا في أوساط الحركة بالداخل جعل الناس يفرون منها بنفس درجة الاندفاع التي جاءوا بها إلى صفوفها, وجعل نشاطها يتدهور وبريقها يخبو مع أنها سجلت خلال ثلاثة أعوام اكبر وتائر للنمو حققها تنظيم سياسي في الشمال. ومن الحقائق الدامغة على حدوث هذه المجازر التنظيمية إن لقاء الأحد الذي سمي مؤتمرا حضره 27 شخصا هم كل العضوية الباقية تحت قيادة وراق, مع أن المؤتمر التأسيسي للحركة بالداخل عام 1996 حضره ثلاثون عضوا. و بالإضافة إلى الفصل الجماعي وسط الطلاب من أعضاء الحركة الذين عرفوا باستقامتهم و صداميتهم وعدائهم للطغيان ورفضهم للاستسلام , حدث تجميد لعضوية مدن بكاملها كانت رافضة لمناهج القيادة ولخروج الحركة للعلن باعتبارها خطوه متعجلة تعرض كيان الحركة الطري لضغوط من قبل السلطة لن تستطيع تحملها فضلا عن أنها ليست ضرورية في تلك المرحلة من تطور نضالات الحركة الجماهيرية. - أما الشق الثاني من السؤال حول الأسباب فالإجابة اجتهادية ومفتوحة. هناك القراءة الخاطئة لمؤشرات الساحة السياسية, وموقف القوى المختلفة, هناك صعوبات المواجهة مع نظام باطش شرس لا يتردد في الاغتيال والاغتصاب والتشويه. وهناك الإغراءات التي يقدمها هذا النظام نفسه لمن يصالح ويستسلم ويرضى. هناك إخفاقات المعارضة وعدوانها تحديدا لحركتنا. وهناك نوازع النفس البشرية وأوهامها. هذا كله كتاب مفتوح لمن يحب أن يبحر فيه, ولكن الذي يهمنا هو الحقائق التالية : - هذه المجموعة أخرجت نفسها من حركة (حق) وتبنت موقفا سياسيا سينتهي بها نهاية مؤسفة وهي حرة في خياراتها, ولكن يجب ألا تفعل ذلك باسم (حق). - إننا منذ اليوم نعلن باسم (حق) براءتنا الكاملة من مجموعة الحاج وراق ويجب أن نقول في نفس الوقت إننا لسنا مدفوعين نحوهم بأية ثارات, فليذهبوا في طريقهم ولنذهب في طريقنا. إن (حق) باقية بالداخل تجمع صفوفها, وتضمد جراحها وتستعيد بناءها من جديد مثلما فعلنا في البداية بالعزيمة والإصرار, وبالغالي والنفيس, بالجرأة والإقدام وبالحيلة والبصيرة وبالتضحيات الجسام , وستكون (حق) واضحة للعيان ومقدامة في المعارك ساعية وسط الناس , ومعتمدة لكل أشكال النضال لإسقاط الجبروت الديني والطغيان السياسي للجبهة الإسلامية مع كل جماهير الشعب وقواه الحية ومن اجل بناء السودان الجديد وإنجاز النهضة الوطنية الشاملة.
اللجنة التفيذية لحركة القوى الجديدة الديمقراطية(حق) فبراير2000
| |
|
|
|
|
|
|
Re: (حركة حق كيف نشأت ومن السبب في إنشقاقهاحوار بين أطراف النزاع ) (Re: ثروت سوار الدهب)
|
فكان رد القيادة الوطنية على البيان اللجنة التنفيذية:
بسم الله الرحمن الرحيم الحركة تنفى خبثها
اصدر الخاتم عدلان و محمد سليمان بيانا من لندن بيانا يهاجم مقررات وتوصيات المؤتمر العام للحركة فى الداخل يحتشد بالافتراءات و الاكاذيب و التضليل المتعمد : 1/ يدعى بيان لندن بان مقررات المؤتمر العام"تخلت عن هدف اسقاط السلطة , سواء عن طريق الانتفاضة محمية او عزلاء ,او عن طريق المواجهة المسلحة التى ادانتها فى كل مظاهرها و بكل درجاتها" بينما تنص الورقة السياسية للمؤتمر على : "تسعى (حق) كأولوية سياسية مطلقة الى استعادة الديمقراطية التعددية الكاملة غير منقوصة ووفق المعايير الدولية المعتمدة لحقوق الانسان و التى تشمل ضمن ما تشمل ضرورة حل سلمى ديمقراطى عادل لقضية القوميات فى البلاد و يتحقق ذلك باحتمالين : اما اسقاط سلطة الانقاذ او عبر تسوية سياسية شاملة" لتصل الوثيقة الى ان اسقاط سلطة الانقاذ "يتم عبر الية المواجهة الشاملة و هى جماع المقاومة العسكرية للقوميات المهمشة و الاحزاب المعارضة , و المقاومة المدنية للجماهير خصوصا تكوينات و تنظيمات القوى الحديثة , اضافة للضغط الدبلوماسي السياسي و المعنوى للمجتمع الدولى , وتتكامل هذه الوسائل و تتصاعد حنى تصل ذروتها و تتوج بالانتفاضة الشعبية و الازاحة النهائية للسلطة ومن بين حزمة هذه الوسائل فان ( حق) تتبنى المقاومة المدنية (ص22).و تنص الوثيقة كذلك " مالم تتوفر آليات و ضمانات التداول السلمى الديمقراطى للسلطة فان العنف المعارض يظل مشروعا واذ تفضل ( حق) آليات المقاومة المدنية كاجتهاد سياسي فأنها لاتنسخ الاجتهادات الاخرى ولا تدين العمل المسلح المعارض " (ص23) 2/ يدعى بيان لندن بان مقررات المؤتمر العام "تخلت عن فصل الدين عن الدولة" فى حين ان الحركة صكت باكرا مفهوم ( العلمانية المتواضعة ) و هى علمانية غير شمولية و غير اقصائية واذ تسعى للتميز بين السياسة و القداسة و بين شئون الدنيا و شئون الدين فانها علمانية ذات محتوى ايجابى تجاه الدين , ترى فيه مصدرا لتكامل و غنى و اصحاح الوجدان و مستودعا للقيم الاخلاقية و رابط للنسيج الاجتماعى .... و قد انتقلت الورقة السياسية للمؤتمر العام من التبشير العام و المجرد بالعلمانية المتواضعة الى صياغتها فى شكل مطالب دستورية و قانونية محددة فتنص الورقة فى اسس التسوية الشاملة على - النص دستوريا على الزامية المواثيق الدولية المعنية بحقوق الانسان - الاقرار بالتعددية الدينية و الثقافية و الاثنية فى البلاد و ان تكون المواطنة هى اساس الحقوق و الواجبات الدستورية و حظر التميز على اساس الدين او الثقافة او العرق او النوع - النص دستوريا على عدم جواز سن اى قوانيين او تشريعات تضر بحرية الضمير او بحرية العبادة و التبشير او بحرية البحث العلمى , و على عدم جواز سن اى قوانيين ضد غير المسلمين او ضد النساء (ص25) 3/ يدعى بيان لندن بان الحركة" تخلت عن مبدأ تقرير المصير الذى اجمعت عليه كل القوى السياسية السودانية.......و صدرت فى تحليلاتها عن مفهوم قديم هو الهوية الاسلامية العربية للسودان التى يجب حمايتها امام الطوفان الزنجى بكل الوسائل و السبل ". فى حين ان وثيقة المؤتمر العام تنص فى اسس التسوية "فى نهاية فترة الانتقال يستفتى جنوب البلاد بحدود1956 ليختار بين وحدة طوعية بسلطات لا مركزية يتفق عليها او الاستقلال "(ص26). اما الحديث عن الهوية فقد ورد فى مجرى نقد رؤية الحركة الشعبيى لتحرير السودان و قد ورد فيه بالنص "ان اقرار حق تقرير المصير لا يعفى الحركة الشعبية من اتخاذ موقف فكرى و سياسي من وحدة السودان و جعله احد اركان خطتها السياسية و عملها التربوى وسط مؤيديها فى غياب ذلك فقد زاد الوزن النسبى لتيار انفصالى داخل الحركة الشعبية , و هو ينزلق بها لتبنى مركزية أفريقانية مضادة فى مواجهة المركزية العربية الاسلامية الى انكار مجرد وجود عروبة فى السودان , و هو موقف يختزل الثقافة الى الجينات العرقية , و يصادم ليس فقط الحقائق السسيولوجية و انما كذلك و فى المقام الاول احد اهم حقوق الانسان- الحقوق الثقافية و الرمزية .ان بديل المركزية العربية الاسلامية هو منطق الحوار الديمقراطى بين مكونات الهوية السودانية و ليس مركزية مضادة , و ان كفاح الضحايا الحق لا يتم بالتماهى مع الجلاد و استلاف نماذجه فى التفكير و الممارسة " 4/ يدعى بيان لندن بان مقررات المؤتمر العام "اعلنت انحيازها للجيش و القوى النظامية باعتبارها حامية الوطن و رافعة البندقية (الوطنية) فى وجه المتمردين الحركة الشعبية و الاوباش فى الحركات المسلحة الاخرى ,متجاهلة ان الجيش و القوات النظامية ليست سوى الاذرع الباطشة للجبهة الاسلامية " . و هى قراءة مبتسرة و غير امينة لوثيقة المؤتمر العام التى تنص :"تبالغ الحركة الشعبية و القوى المتعاطفة معها فى تقدير حجم الخراب الذى جرته الحركة الاسلامية على القوات المسلحة و قوات الشرطة النظامية و هو خراب لا يمكن التقليل من شأنه بأى حال و يتطلب اعادة بناء حقيقية من حيث العقيدة القتالية و القوانين و اللوائح و الكادر القيادى , و لكن الاعتراف بهذا الواقع و السعى الى تغيره يختلف جذريا عن الدعوة الى كسر عظم القوات النظامية او تحطيمها و احلال جيوش التحرير مكانها فالقوات المسلحة برغم عمليات الاحلال الواسعة التى تمت فيها و حجم الفظائع التى جندت سياسيا لارتكابها , ما زالت تعج بالعناصر الوطنية و الديمقراطية و ما زالت هى الافضل تمثيلا لواقع التعدد الثقافى و الاثنى فى البلاد و تظل هى الضامن الضرورى لعدم انزلاق البلاد الى الفوضى و التفتت الاهلى "(ص20) 5/ يدعى بيان لندن بان مقررات المؤتمر "دشنت تحالفا علنيا مع يمين حزب الامة بقيادة الصادق المهدى و ما تسميه (تيار التوبة) داخل الجبهة الاسلامية بقيادة حسن الترابى ....بل دخلت فى اعمال مشتركة مع الجناحين تمثلت فيما اسمته ( الوثيقة المليونية) الموجهة للبشير و التى كتبها لها الصادق المهدى بخط يده" !. ورد الحديث عن الصادق المهدى فى مجرى التقويم النقدى للرؤى السياسية المختلفة و فد سمت الوثيقة ( رؤية الديمقراطية و الاصلاحات) باعتبارها رؤية الحزبيين الكبيرين ( الامة و الاتحادى) و نصت على ان هذه الرؤية " تنطلق من ضرورة استعادة الديمقراطية التعددية بالبلاد....و برغم مقاربة هذه الرؤية – خصوصا عند السيد الصادق المهدى لتطلعات و هموم الحداثة , الا انها تنوه اليها دون ان تضع يدها عليها و ما تزال تغفل دواعى التحولات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية الجذرية , كما تغفل مطالب و احتياجات العاملين و تتعامل بذات الحذر القديم مع تكوينات القوى الحديثة خصوصا النقابية.....و لكن قناعة هذه الاحزاب بالديمقراطية التعددية- بحكم قاعدتها الشعبية,حزب الامة تحديدا هو الاكثر تماسكا ووحدة و الاكثر تأهيلا للاختيار الديمقراطي- و استفادتها الواضحة من الديمقراطية كنظام حكم تجعل منها حليفا موضوعيا لحق التى يقوم كامل بنائها النظرى على الديمقراطية و التى تسعى الى تغيير جذرى عبر وسائل ديمقراطية متتدرجة "( ص21) و هكذا و بالرغم من اختلافات النظرية و العملية مع السيد الصادق المهدى و هى كثيرة , لا نتعامى كذلك عن نقاط الالتقاء , و هى عديدة , و على رأسها الديمقراطية التعددية و البحث عن حل سياسي شامل يجنب البلاد احتمالات الفوضى و التمزق الاهلى و يوفر على البلاد المزيد من الالام و مخاضات الدم. ثم ان العلاقة مع السيد الصادق المهدى ليست معرة نخجل منها او نتوارى فالصادق المهدى مفكر و زعيم سياسي , و رئيس الوزراء المنتخب شرعيا و رئيس اكبر حزب سياسي فى البلاد. اما الحديث عن( التوبة) فقد ورد فى وثيقة المؤتمر العام فى سياق الحديث عن تنازلات النظام الانقاذ و دلالاتها و حدودها فنصت الوثيقة " ما زالت ركائز النظام الشمولى قائمة فى المؤسسات و الاجهزة و العناصر , و هكذا فان التنازلات لم تشكل ( توبة نصوحة ) بعد ,و انما تدور على ذات منهج اللصوصية الماكرة( رأس المال و التوبة!"( ص18 ) اما تصوير البيان لحملة المليون توقيع لاجل التسوية السياسية الشاملة كأعمال( مشتركة) معالجناحين) فأنما يشكل نكتة سمجة ! فالقاصى و الدانى يعرف مقدار التكلفة التى بذلتها الحركة فى مجرى تلك الحملة , فقد واجهت ارهابا وحشيا و بطشا ذميما من النظام , و اقتيد17 من قيادات الحركة و اعضائها الى اقبية الاعتقال و تعرضوا لاصناف قاسية من التعذيب البدنى و الاذلال المعنوى , و لم تنكسر الحملة ابدأ فى وجه الارهاب و انما تكفكفت عندما واجهت لجلجة ( الخارج) و عرقلته. و يثير بيان لندن الهزء و السخرية عندما يتحدث عن انحسار عضوية الحركة الى 27 شخص! فالبيان لايفرق بين مناديب المؤتمر و عضوية الحركة , فقد رأت القيادة ان تمثل كل هيئة منتظمة بمندوبين , و تمثل الهئيات غير المستقرة بمندوب واحد , و من ثم كان العدد الكلى المفترض لعضوية المؤتمر45 مندوبا حضر منهم 27 و تغيب الاخرون لاسباب مختلفة ,و قد حضر المؤتمر العديد من عضوية الحركة- يقارب عددهم المائة- كمراقبين ساهموا فى المناقشات و التداول دون ان يكون لهم حق التصويت و هذا بالطبع اضافة الى اصدقاء الحركة و ممثلى المجال السياسى كله و المثقفين و الصحفيين. و كذلك يثير الهزء و السخرية وعظ البيان الفطير عن مصاعب النضال ضد نظام شمولى . فقد شدنا بناء ( حق) بالعزائم و التضحيات , و روينا نبتتها الغضة بالعرق و نزف الاعصاب و باشرنا المهمة العظيمة , و هى عظيمة لان الكل كان يراها مستحيلة – مهمة بناء حركة ديمقراطية مقاومة و فاعلة فى ظل نظام فاشى , فتعرضنا للتخريب و الدسائس و المؤامرات و لكننا صمدنا بموراد شحيحة فى ظروف قاسية بالغة التعقيد , و انتصرنا برغم كل شئ فحافظنا على راية الحركة من ان تسقط او تشوه او تبتذل. ان ازمة بيان لندن المحشو بالاكاذيب و الافتراءات ان وثيقة المؤتمر مبذولة لعضوية الحركة و على صفحات الصحف و عند المجال السياسي كله كما ان فعاليات المؤتمر تمت فى شفافية بحضور اعداد من عضوية الحركة و اصدقائها و مراقبين و صحفيين , و لذلك فان ادعاءات البيان الكاذبة لا تصمد امام اى فحص جدى. اننا فى القيادة الوطنية و المكتب التنفيذى لحق نرى فى هذا البيان جملة مؤشرات و شواهد:- أ- لا يعبر هذا البيان عن الاتجاه العام وسط قيادات و قواعد الحركة فى الخارج , فقد اتصلت قبله و بعده قيادات مناطق كندا و الولايات المتحدة الامريكية و السعودية و عناصر من الامارات و قطر و لندن لتبدى اختلافها مع الرؤية السياسية التى يعبر عنها البيان.... و لذلك فهو يعبر عن الخاتم عدلان و محمد سليمان و عن ارتباطاتهما و تعهداتهما الى لم تستشر فيها ( حق) و ليست طرفا فيها. ب- البيان محاولة استباقية لقطع الطريق على الاجتماع المشترك بين الداخل و الخارج و المفوض لحسم اختلافات التقدير السياسي و لذلك فالبيان انقلاب على اليات الحوار الديمقراطى و انقلاب على الشرعية الديمقراطية , و على مؤسسات الحركة و قياداتها المنتخبة. ج- انحدر البيان بخلافات فى الرؤية السياسية الى الشتائم و السباب , فأضر بصورة الحركة و سمعتها و قدم خدمة ممتازة لاعدائها و الشامتين عليها. و لكل هذه الاسباب فان القيادة الوطنية و المكتب التنفيذى تريان الأتى:- 1- الى حين استعادة مؤسسات الحركة فى الخارج و اصحاح العلاقة بينها و بين الداخل فان الحركة تفك ارتباطها مع اللجنة التنفيذية للخارج. 2-و لا ن نظم اللامركزية المعتمدة فى العلاقة بين رافدى الحركة فى الداخل و الخارج تعيقنا من اتخاذ اى اجراءات انضباطية فى حق الخاتم عدلان و محمد سليمان فاننا نوصى مناطق الحركة بالخارج بمواصلة عقد مؤتمراتها و عقد مؤتمرها العام للنظر فى تجاوزات المذكوريين و السعى بجدية و حزم لاقتلاع مضغة القديم التى تنقض على صدر الحركة والى غسل طابعها الديمقراطى المتواضع و المتسامح بالماء و البرد , فالخاتم عدلان بخصائصه النفسية و مزاجه و عوائده ظل عائقا من عوائق نماء الحركة لم يوفر احدا فى التجريح , و استعدى على الحركة المجال السياسي كله بالهتر و فجور الخصومة. 3- اننا نرجى التوصيات التى كان من المقرر عرضها على الاجتماع المشترك بين الداخل و الخارج – و من بينها تغيير اسم الحركة- الى التشاور و التنسيق مع فروع الحركة فى الخارج والى الاشكال المؤسسية و الديمقراطية التى تفرزها.
القيادة الوطنية – المكتب التنفيذى حركة القوى الجديدة الديمقراطية (حق) الخرطوم 10 فبراير 2000م
| |
|
|
|
|
|
|
Re: (حركة حق كيف نشأت ومن السبب في إنشقاقهاحوار بين أطراف النزاع ) (Re: ثروت سوار الدهب)
|
فتتابعت الردود فكان هذا المقال المطول المنسوب لمحمد سليمان(اجهل التاريخ و الجريدة الخرطومية).
كلمة (حق) في مؤتمر القوى الحديثة مقامة في سيرة النكوص والردة محمد سليمان "كيف تخطو على جثة ابن أبيك..؟ وكيف تصير المليك.. على أوجه البهجة المستعارة كيف تنظر في أيدي من صافحوك.. فلا تبصر الدم .. في كل كف؟ إن سهماً أتاني من الخلف .. سوف يجيئك من ألف خلف." أمل دنقل
صباح الأحد 6 فبراير الجاري 2000 أعلن الحاج وراق سيد احمد في مؤتمر، حشد له ثلة لا تتعدى بضعاً وعشرين من الاتباع والحواريين وأضعاف ذلك من الضيوف، عن تغيير اسم الحركة التي كان هو حتى ذلك الوقت أمينها العام في الداخل، حركة القوى الجديدة الديمقراطية (حق) إلى "حركة القوى الحديثة السودانية". وتبنى خطاً سياسياً يتناقض جذريا مع مواثيق ومنطلقات برنامج حركة القوى الجديدة الديمقراطية (حـق)، ويتجه إلى التسوية السياسية مع السلطة. كما أعلن عن تحالف حركته الجديدة مع الصادق المهدي.
رداً على ذلك الإعلان، أصدرت اللجنة التنفيذية لـ(حق) بياناً نشر داخل السودان وخارجه، شرحت فيه بإيجاز مفارقة برنامج السيد وراق وجماعته لكل المنطلقات الفكرية وركائز البرنامج السياسي الذي تأسست عليه حركة (حق) والتزم به السيد وراق ومجموعته في المؤتمر العام الأول للحركة. وأوضحت أن ما قاموا به يعني خروجهم الكامل والنهائي من (حق)، وبالتالي فإن (حق) تعلن براءتها منهم.
عقب ذلك البيان، عقد السيد وراق مؤتمراً صحافياً أعلن فيه أن البيان الصادر عن اللجنة التنفيذية أصدره الخاتم عدلان ومحمد سليمان، ضد الاتجاه العام لقيادات وقواعد الحركة في الخارج الذي يقف مع خطه. وأنه محاولة استباقية لقطع الطريق على اجتماع مشترك بين الداخل والخارج لحسم الخلاف، وانقلاب على آليات الحوار الديمقراطي والشرعية الديمقراطية وعلى مؤسسات الحركة وقياداتها المنتخبة. وأنه، وراق، لولا "اللامركزية التنظيمية" المعتمدة داخل الحركة لأتخذ بحقنا إجراءات "انضباطية" صارمة وألحق بنا حساباً عسيراً. وذكر أن الاتهامات التي وجهها البيان له ولجماعته بنكوصهم عن هدف إسقاط السلطة، وبإدانة العمل المسلح، والتخلي عن فصل الدين عن الدولة وعن حق تقرير المصير، وبانحيازهم للجيش باعتباره حامي الوطن ورافع البندقية الوطنية، وبأنهم دشنوا تحالفاً سياسياً مع الصادق المهدي وتيار التوبة داخل الجبهة الإسلامية، وأنهم قاموا بمجازر تنظيمية في بنية الحركة في الداخل، ما هي إلا محض افتراءات وأكاذيب وتضليل متعمد.
الخلاف إذن، وكما يبدو من الفقرات السابقة، ذو شقين. شق سياسي يتعلق بخط الحركة السياسي ورؤيتها وبرنامجها وأهدافها وموقفها من السلطة الراهنة واستراتيجية مواجهتها. وشق تنظيمي يتصل بالعلاقة بين طرفي الحركة وقيادتيهما في الداخل والخارج ووسائل إدارة الخلافات والصراع داخل الحركة. ولكن الأمر ليس على هذا النحو، فما أوردناه حتى الآن ليس سوى قمة جبل الجليد. لو كان الفتق مقتصراً على الجوانب السياسية والتنظيمية فقط لكان من الممكن، ولا نقول من السهل، معالجته ورتقه. ولو كان كذلك فقط، لحق علينا فعلاً نعي المراقبين والمشفقين أننا فشلنا في إدارة وحسم خلافاتنا بأسلوب ديمقراطي وأخفقنا في بناء التنظيم الرحب الذي يتسع لتعدد الآراء واختلافها ويسمح بحرية النقاش. ولكن للخلاف طابع أخلاقي عميق يتخلل كل مسامه وخلاياه، وذلك هو ما يجعل الخسارة فادحة حقاً.
قبل أن نتطرق إلى جذور الخلافات وتفاصيلها، وقبل أن نتناول بيان السيد وراق، ثمة نقاط أساسية لابد من توضيحها:
• أولاً، لقد ولدت (حق) في خضم الصراع مع السلطة الحالية ووضعت أمر مواجهتها وإسقاطها على قمة أهدافها وأولوياتها السياسية. وإذا كان ذلك الهدف هدفاً عابراً أو ثانوياً في حياة الأحزاب السياسية الأخرى بحكم مسيرتها الطويلة وتاريخها المعروف، فإنه ليس كذلك بالنسبة ل(حق). إنه هدف مرتبط بميلاد الحركة، لذا فإن حياتها أو موتها متعلقان به. إنه يشكل امتحانها الأول أمام الشعب، وإن أخفقت فيه ونكصت عن المساهمة فيه بجدارة وبسالة فسيكون امتحانها الأخير. لذلك قرر المؤتمر العام الأول للحركة، والذي كان السيد وراق من حضوره والمساهمين الرئيسيين فيه، "أن الأولوية السيـاسية المطلقة للحركة هي مقاومة سلطة الجبهة الإسلامية، وإسقاطها، وأن مكانتها السياسية لا تنفصل عن أدائها لواجبها في هذا الصـدد."
• ثانياً، (حق) لم تنشأ فقط كرصاصة مصوبة تجاه السلطة الراهنة، لا ترى شيئاً سواها وينتهي مفعولها باستقرارها في جثتها. لقد ولدت وفتحت عينيها على حقيقة لم يكن من الممكن غض النظر عنها، وهي إخفاق النخب الوطنية الحاكمة منذ الاستقلال، مدنية وعسكرية، بأحزابها وزعاماتها الطائفية والعشائرية والأيديولوجية، بقادتها العسكريين، وبمثقفيها وعناصرها البيروقراطية، في مواجهة الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية العميقة المتراكمة منذ الاستقلال والتي تفاقمت بدرجة وضعت الشعب على حافة الهلاك والوطن على حافة الضياع. لقد ردت وثائق الحركة وأدبياتها ذلك الإخفاق إلى افتقار تلك النخب لمشروع وطني للنهضة، وإلى ممارساتها السياسية السيئة المطبوعة بالكذب والفساد والتنصل من الالتزامات والتنكر للعهود. ومن ثم آلت (حق) على نفسها أن تساهم في صياغة ذلك المشروع الغائب، وأن تضرب بسلوكها وأدائها مثلاً للممارسة السياسية القويمة التي تتمثل القيم الفاضلة والخيرة في الإنسان وتتسم بالشفافية والصدق والوضوح والاستقامة والالتزام الصارم بالمواثيق والعهود.
• ثالثاً، ولدت (حق) في مؤتمر بالمملكة المتحدة تم فيه توحيد تنظيمي الحركة السودانية للديمقراطية والتقدم والمنبر الديمقراطي مع بعض الشخصيات المستقلة تحت اسم (حركة القوى الجديدة السودانية). ووضعت نصب عينيها منذ ميلادها، قضية انتقالها من الشتات إلى الوطن. لذلك لم يمض طويل وقت حتى بنت تنظيمها في الداخل تحت اسم (حركة القوى الجديدة الديمقراطية). والتقى ممثلو رافدي الحركة في اسمرا في يناير 1997م في المؤتمر العام الأول، والذي أقر بالإجماع توحيد الحركة تحت اسم (حركة القوى الجديدة الديمقراطية (حق)، وأجاز وثيقتها التأسيسية متضمنة خطها السياسي وتحليلها لطبيعة سلطة الإنقاذ، وأمن على استراتيجية المواجهة المسلحة الشاملة وسيلة لمواجهتها وإسقاطها، ورفض دعوات المصالحة والوفاق معها من أي مصدر جاءت. كما اقر المؤتمر، ولاعتبارات واقعية، وجود الحركة تنظيمياً في رافدين، رافد الداخل ورافد الخارج ، لكل منهما قيادته المنفصلة وباختصاصات واضحة على أن تعملا في تشاور متصل وبتنسيق وثيق وفق قواعد الديمقراطية وفي إطار الخط السياسي المجاز.
• رابعاً، الوحدة بين الداخل والخارج، و كما يتضح من الفقرة السابقة، هشة على المستوى التنظيمي. وكان اعتقادنا أن ذلك الضعف سيعوض بقوة الالتفاف حول الخط السياسي للحركة والمنطلقات الأساسية لبرنامجها، وموقفها من السلطة وأسلوب مواجهتها، وبمتانة الرفقة النضالية التي تعظم التضحيات والعطاء المستمر وتترفع عن المناصب والمراكز، وبالقاعدة الأخلاقية البسيطة التي تفترض الالتزام التام بالمواثيق والقرارات التي تم الاتفاق عليها.
على ضؤ تلك المقدمات نشرع الآن في تناول جذور وتفاصيل القضايا والخلافات التي يحاول السيد وراق أن يخفيها ويدفنها تحت حطام صورته القديمة، مستعرضين في ثنايا ذلك بيانه الأخير، ونبدأ من حيث انتهى، تاركين للناس أن يحكموا ويقرروا من أشاع الافتراءات والأكاذيب والتضليل المتعمد.
من أصدر بيان اللجنة التنفيذية؟
هذا الاتهام الذي ألقاه السيد وراق هكذا، دون سند أو دليل أو برهان، هو من نوع الدوائر المفرغة التي يجيد رسمها. سأقول أن البيان أصدرته اللجنة التنفيذية، وسيقول كلا. ستصدر اللجنة التنفيذية بياناً يؤكد أنها أصدرت البيان الأول، سيصدر بياناً ثانياً ينفي ذلك مؤكداً أنني والخاتم أصدرنا البيان الأول و الثاني، وهكذا …إلى ما لا نهاية، فقد أسأم أنا المسألة، ويكسب هو بالمثابرة. ولكني لست مطالباً بنفي هذا الاتهام. إن وراق هو المطالب بإثباته، وإلى ذلك الحين يظل اتهامه مجرد لغو.
إن بقية أعضاء اللجنة التنفيذية ليسوا أغراراً أو تبعاً حتى نستطيع أن نصدر بياناً مثل ذلك أو أي بيان آخر دون علمهم أو موافقتهم. إنهم موجودون ومعروفون، بل ومن بينهم المسئول الإعلامي للحركة، ولو صدق ادعاء السيد وراق، فإن الحيلة والوسيلة اللتان تمكناهم من إبداء آرائهم في ما فعلنا لم تكونا لتعجزاهم قطعاً. الذي لا يعرفه، أو يحاول أن يتجاهله السيد وراق هو أن ذلك البيان لم يصدر فقط بموافقة اللجنة التنفيذية، وإنما صدر بعد تشاور واسع مع وبموافقة كل قيادات الحركة في الخارج. إننا واثقون تماماً من أن كل فروع ووحدات الحركة بالخارج تقف بحزم مع مواثيق الحركة ومنطلقاتها الأساسية وبرنامجها وخطها السياسي الواضح. بل إن معظم هذه الفروع والوحدات بادرت بالتعبير عن استغرابها ودهشتها من مواقف السيد وراق وتصريحاته طيلة الفترة السابقة ومن صمت اللجنة التنفيذية إزاء ذلك، وانتقدتنا عليه. هذا غير الأغلبية الساحقة من عضوية الحركة في الداخل والتي نكل بها وراق وألصق بها التهم الجائرة وأبعدها أو فصلها وطردها من الحركة، لمعارضتها خطه السياسي الجديد أو محاولاته فرض ذلك الخط قسراً متجاوزاً قواعد الديمقراطية، ودون تنسيق أو تشاور مع قيادة الخارج.
والسيد وراق، في ادعائه هذا، يمارس هوايته المفضلة في التنقل كالفراشة بين قيادات الحركة و قواعدها، واللسع كالنحلة، باذلاً "اجتهاده" في زرع الفرقة ونفث الشكوك وضرب الثقة بينها، وإيهام كل فرد على حدة أنه الوحيد الذي يحظى بثقة الداخل، معطياً بذلك ل"اللامركزية التنظيمية" بعداً إضافياً. ولقد كنا في اللجنة التنفيذية نعلم نشاطه ذلك بحذافيره، ولكننا لم نتدخل قط. بل تركنا الأمر لكل عضو في الحركة يعالجه بما يمليه عليه ضميره وبما تفرضه عليه مسئوليته. وإن كانت مثابرة السيد وراق قد أفلحت في حالات قلائل تحسب على أصابع اليد الواحدة، يبدو أنها هي التي يعنيها ب "الاتجاه العام وسط قيادات وقواعد الحركة في الخارج" المؤيد لخطه، فإنها قد أخفقت لدى الأكثرية الساحقة التي لم تنطل عليها الخدع الساذجة فصدته وردته على أعقابه.
وراق والسباق نحو الانشقاق:
يتهمنا السيد وراق بأننا أصدرنا البيان في محاولة استباقية لقطع الطريق على الاجتماع المشترك بين الداخل والخارج والمفوض لحسم اختلافات التقدير السياسي. في البداية نسأل، هل الذي قطع الطريق هو البيان، والذي لا يعبر إلا عن شخصين فقط كما قال وراق، أم المؤتمر الذي حشدت له "الجمعية العمومية" للحركة بالداخل و الإعلاميين والضيوف ؟ إذا كان السيد وراق يرى أن لبيان أصدره شخصان فقط وزناً أثقل من قرارات مؤتمره، وقوة أكبر من إجماع الحركة برافديها، فتلك مشكلته هو، وليست مشكلتنا نحن.
قبل أن نتعرض إلى ذلك الاجتماع و كيف تمت الدعوة له، ومن دعا له، والترتيبات التي كان من المفترض أن تتم، نستعرض المشاكل التي استدعت عقده أصلاً، فذلك وحده كاف لتحديد الطرف الذي لم تكن له مصلحة في عقده وكان له، بالتالي، دافع قوي لإجهاضه وقطع الطريق أمامه. بدأت المشاكل في العلاقة بين الداخل والخارج تطفو على السطح بعد أشهر قلائل من انفضاض المؤتمر العام الأول في يناير 1997 ، و لكنها كانت في البداية مشاكل ذات طابع ثانوي، وكنا نعزيها إلى تعقيدات وضعف وسائل وأدوات الصلة، وضغوط البناء والعمل السري في الداخل، ومشاكل التمويل، ليس إلا.
• ظللنا نطرح على قيادة الداخل، شفاهة وكتابة، ضرورة تحسين وتائر و تطوير وسائل الاتصال لأهميتها الحاسمة في خلق علاقة صحية بين طرفي الحركة وتوحيد الرؤى وتنسيق المواقف. واقترحنا ترقيتها بكتابة التقارير الدورية، ومعالجة القضايا كتابة وبصورة مؤسسية موثقة حتى تكون في متناول جميع الأعضاء . ولكن قيادة الداخل تمسكت بإبقاء الصلة في حدودها الدنيا، الهاتفية المتقطعة، وتجاهلت الرد على كل رسائلنا المكتوبة، وتفادت من جانبها تقديم أي وثائق مكتوبة. وحتى حينما زودناها بأحدث وأفضل أجهزة وتقنيات الاتصال، رفضت استخدامها بتاتاً معنا، ولكنها استخدمتها في صلاتها المتنامية مع الآخرين.
• ضربت قيادة الداخل بكل محاولاتنا تطوير العلاقات التنظيمية عرض الحائط، وتجاهلت كل مقترحاتنا في هذا الصدد. طلبنا تعارفاً بين قادة الحركة في الداخل والخارج يعزز من فرص التفاهم والتعارف، فأهمل ذلك. رشحنا بعض الأسماء لضمها للحركة، ولكنها إما أهملت أو ألصقت بها التهم غير المؤسسة، بل إن تلك القيادة فصلت أو جمدت أو أبعدت كل من تظن أن له علاقة بقيادة الخارج. ثم ضربت سياجاً حديدياً حول رافد الداخل و حجبت عنا أي معلومات عن ما يدور فيه.
• تجاهلت قيادة الداخل دعوتنا للمساهمة في أي من أعمالها أو مؤتمراتها. وقد يكون ذلك مفهوماً حينما يتعلق الأمر بقضاياها الداخلية. أما عند ما يتعلق الأمر بخط الحركة السياسي وبرنامجها وأولوياتها، فأن التشاور والتنسيق وتبادل الآراء يصبح واجباً لا منحة. لقد وصلتنا وثيقة "قضايا وأسبقيات ما بعد المؤتمر"، وهي تحمل بين دفتيها مفارقات عديدة لخط الحركة وبرنامجها، في يناير 1999، دون أن ندعى للمساهمة في المؤتمر ذاته، بل ودون أن تصلنا أي من الأوراق التي قدمت له.
• بدأت المشاكل تأخذ الطابع العلني والحاد عقب لقاء الصادق بالترابي في جنيف. أصدرنا من جانبنا بياناً لم يرفض اللقاء أو يدينه، وإنما يطالب الصادق أن يعلن تفاصيل ما دار في اللقاء حتى يؤيده الناس أو يعارضوه. وإذا بنا نفاجأ بالسيد وراق يطلق تصريحات تؤيد اللقاء تأييداً غير مشروط، وتطنب في مديح الصادق شخصياً.
• عقب ذلك، وانطلاقاً من إستراتيجية الحركة المتفق عليها، عبرنا عن تأييدنا لعملية تفجير خط أنابيب البترول الأولى. نحن كنا ومازلنا على قناعة بأن موقفنا كان صائبا، ولكننا لم ولن نرفض النقاش والتصحيح حول هذا الأمر. وبدلاً من ذلك، عاجلنا السيد وراق ببيان لم يكتف بإدانة تلك العملية وإنما أعلن رفضه القاطع لأي تغيير بالقوة سواء أن أتى من الخارج أو الداخل.
• في نوفمبر 1999 علمنا، مصادفة، أن قيادة الداخل بصدد جمع توقيعات “مليون" شخص على مذكرة للسلطة تطالبها بالاستجـابة لمساعي الحل السلمي. ثم علمنا بعد ذلك أن السيد وراق قد رفع تلك المذكرة للصادق المهدي، والذي أعاد بناءها فخفض من سقفها المنخفض أصلاً وصب على لغتها المهادنة ذلاً و استجداء إضافيين. قد نعود إلى مضمون تلك المذكرة فيما بعد، ولكن ما يهمنا هنا هو مقارنة هذا المستوى الرفيع من الاتصال والتنسيق بين السيد وراق والسيد الصادق المهدي، بمستوى الاتصال مع قيادة الحركة في الخارج .
• رفضنا إعلان "نداء الوطن" الصادر عن لقاء البشير والصـادق في جيبوتي، وعبرنا بوضوح عن الأسس التي استندنا إليها في رفضنا ذلك الإعلان واللقاء الذي تم من خلف ظهور الجميع. ومرة أخرى فوجئنا ببيان من قيادة الداخل يؤيد الإعلان وما قام به الصادق تأييداً غير مشروط.
• ذلك غير التصريحات و المقابلات الصحفية التي لم توفر بنداً في خط الحركة السياسي، أو في وثيقتها التأسيسية، أو في قرارات مؤتمرها الأول، لم تنحرف عنه تصريحاً أو تلميحاً. بالإضافة إلى الأنباء التي أخذت تتواتر عن حملات الإبعاد والفصل الجماعي بمختلف التهم وسط قواعد الحركة بالداخل.
لم يعد من الممكن بعد كل ذلك تبرير ما يحدث بضعف الصلة أو اختلاف التكتيكات وما إلى ذلك، وأصبح واضحاً وجلياً لنا في اللجنة التنفيذية ولغيرها من قيادات الحركة، أن "التكتيكات" الحقيقة هي ما يمارسه السيد وراق معنا لا مع السلطة، وأن ما يجري من أمور في الداخل، والتجاهل المتعمد لرسائلنا وإهمال الرد عليها، ليس سوى مخطط مدروس لشراء الوقت اللازم لإبعاد المعارضين، وفرض خط سياسي جديد عبر إجراءات عملية، ومن ثم تصفية الحركة تماماً. ولم يعد السكوت ممكناً.
وكان رأي أغلبية أعضاء اللجنة التنفيذية وقيادات الحركة هو ضرورة التصدي العلني والفوري وفضح المؤامرة من أجل الحفاظ على كيان الحركة موحداً حول خطها وبرنامجها الأصلي، وأن الأضرار التي ستلحق بكيان الحركة في الداخل والخارج وبصورتها ومصداقيتها لدى الجماهير من جراء خط السيد وراق، هي اكبر وأكثر فداحة من أي أضرار قد تنجم عن التصدي له وفضحه. ولكن كانت هناك أقلية، وكنت من بينها، ترى في التصدي العلني والفوري خدمة لمخطط السيد وراق تعطيه الفرصة لاتهامنا بأننا نحن، وليس هو، الذين نسعى لقسمة الحركة وشقها. وأنه من الأفضل التريث ومحاصرة الأمر ريثما يوثق كل طرف موقفه من الخلاف ورؤيته لأسس وكيفية حله، ثم بعد ذلك الالتقاء بممثلين لقيادة الداخل في محاولة للوصول إلى حل يكفل وحدة الحركة. ورغم قناعة الأغلبية بأن محاولة مثل هذه لن تصادف من قيادة الداخل إلا آذاناً صماء، إلا أنهم وافقوا على منح المحاولة فرصتها دون استباق للنتائج.
اتصلت عقب ذلك ب "نزار أيوب" عضو قيادة الداخل وشرحت له الفكرة، فأخطرني بموافقته الشخصية وأنه سيشاور الآخرين ويعود لي برأيهم. مر أكثر من شهر دون خبر، وفي خلال هذه الفترة التقيت أحد أصدقاء الحركة من دولة أخرى ورداً على أسئلته المشفقة شرحت له ما جرى، فتطوع وصاغ الأفكار الرئيسية لاقتراحنا كتابة وبعثها بالفاكس إلى السيد وراق طالباً رداً مكتوباً، لا زال ينتظره حتى الآن! في منتصف ديسمبر المنصرم ابلغني أحد الأصدقاء المشتركين أن "نزار" طلب منه إبلاغي بموافقة قيادة الداخل على الاجتماع. اتصلت ب "نزار" مجدداً فأكد لي ذلك مشيراً إلى أنهم لا يرون داعياً لصياغة المواقف كتابة. فذكرته أولاً، بأن مبادرة مكتوبة في اتجاه الاقتراح الذي ناقشناه قد سبق إرسالها لهم وأننا كنا نتوقع رداً كتابياً عليها. كما أوضحت له أن توثيق المواقف ضروري جداً لتحديد نقاط الخلاف والاتفاق، وضروري لوضع أجندة الاجتماع ذاتها.
بعد ذلك مباشرة، وبتاريخ 16/12/1999 قمت بصياغة رسالة إلى قيادة الداخل تضمنت اقتراح عقد الاجتماع مفصلاً، ومربوطاً بجدول زمني لتبادل الوثائق وتداولها، وعدد ممثلي كل طرف، وتفويضهم اتخاذ القرارات، وكيفية اتخاذها، وأنها ملزمة للطرفين، وتعهد قيادة الخارج بتحمل تكاليف انعقاد المؤتمر بما في ذلك نفقات سفر وإقامة ممثلي الداخل. وبعد محاولات ماراثونية، إزاء إصرار العنوان الذي أعطوني إياه التهرب من استقبالها، تم إرسال الرسالة. بعد ذلك بعشرة أيام تقريباً تسلمت رد القيادة الوطنية للداخل يعلن موافقتها على الاقتراح مع تعديلات غير جوهرية، مؤكدين أن وثيقتهم ستصلنا بتاريخ 22 يناير 2000م.
في انتظار تلك الوثيقة، قمنا بإعداد وثيقتنا ووزعناها لفروع الخارج لمناقشتها تمهيداً لإرسالها لقيادة الداخل، وشرعنا في الإعداد للمؤتمر وتم تكليف مجموعة بمتابعة إجراءات التحضير. انتهى كل ذلك، وأتى 22 يناير 2000م ومضى، ولم يصلنا شيء. حاولت الاتصال عدة مرات للاستفسار عن أسباب التأخير، ولكني فشلت في الوصول لمسئول يوضح لي الأمر، إلى أن فاجأتنا الأنباء بأن قيادة الداخل تعد لعقد مؤتمر لإقرار خط سياسي جديد وعلاقة تنظيمية مختلفة مع كيان الحركة في الخارج. فسارعت من جديد للاتصال، وبعد إلحاح تمكنت من الوصول إلى "نزار أيوب" الذي أكد لي ما سمعت، وأن المؤتمر سيعقد في صبيحة اليوم التالي و قد تم توجيه الدعوة سلفاً للضيوف والإعلاميين لحضوره، وأنه سيجيز خطاً سياسياً مختلفاً وبنية تنظيمية جديدة تمنح صلاحيات قيادة الحركة بكاملها للداخل.
استغرقت المحادثة أكثر من ساعة، حاولت فيها إقناعه بضرورة تأجيل المؤتمر، إذ أن عقده، بأجندته التي أوضحها، لي لا يعني سوى قطع الطريق وإغلاق الأبواب، قبل الأوان، أمام أي محاولة للحوار ويجهض الاجتماع المزمع عقده، ولم أفلح. في النهاية، طلبت منه أن يسجل مناشدة مني تضمنت نفس المعاني التي ذكرتها، وأمليتها عليه ليقرأها على المؤتمرين لدى افتتاح أعمالهم، ووعدني الرجل بأن يقرأ نص تلك المناشدة ليقرر أعضاء المؤتمر بشأنها ما يرونه مناسباً. بعد ذلك علمنا من الصحف بما كان، فاتصلت ب "نزار" وسألته إن كان قد قرأ مناشدتي للمؤتمرين، فأجابني بأنه لم يفعل، لأنه انشغل بإجراءات المؤتمر واستقبال الضيوف !!! تلك هي وعود القادة على مستوى المكتب التنفيذي في الداخل!
حقيقة، لم تكن تساورني أي أوهام بأن مؤتمراً على تلك الشاكلة، يعقد في ظل التنكيل الذي حاق بعضوية الحركة في الداخل ولم يسلم منه إلا الاتباع، ويستدعي للبصم على خط سياسي مختلف تم تطبيقه عملياً منذ عام و نيف، لن تكون فيه حياة كي تنادى. ولكنني رأيت أن أضعهم أمام مسئولياتهم. لقد حجب السيد وراق المناشدة عن المؤتمر لا خوفاً من تأثيرها علي المؤتمرين، فنتيجتها معروفة ومقررة سلفاً. ولكنه لم يعرضها، حتى لا تدرج في أجندة ومحاضر المؤتمر، تفادياً للتوثيق، وحتى يتمكن هو من التهرب من المسئولية، فهو يحرص دائماً على إخفاء آثاره .. ولكنه إن كان لا يريد أن يترك أثراً يحسب عليه، فلن يترك أثراً يحسب له… ويذهب الزبد جفاءً.
ذلك فيما يتعلق باتهامنا بقطع الطريق أمام المؤتمر، أما اتهامي بالتسبب في الخراب الذي حل ببنية الحركة في الداخل والتشويه الذي تم لصورتها في الخارج والداخل معاً، فإنني أعترف به تماماً. لقد نسيت القول المنسوب للإمام علي، كرم الله وجهه، "الوفاء لأهل الغدر غدر"، ووقفت ضد أغلبية قيادات وأعضاء الحركة، رغم علمي التام بحقيقة توجهات وأغراض السيد وراق، وساهمت بفعالية في تمهيد الطريق أمامه وتوفير الزمن المطلوب والفرصة الكافية له لتخريب الحركة. لكن واجب السيد وراق هنا هو أن يشكرني على ذلك، لا أن يهددني بإجراءات "انضباطية".
اللامركزية التنظيمية والمركزية الأخلاقية:
يقول السيد وراق أن "نظم اللامركزية المعتمدة في العلاقة بين رافدي الحركة تعيقنا من اتخاذ أية إجراءات "انضباطية" في حق الخاتم عدلان ومحمد سليمان". إذا كان ذلك هو العائق الوحيد أمام السيد وراق، فإنني أبعده وأزيحه عن طريقه تماماً. فأنا لم أرى نفسي يوماً أرفع أو أعلى من المحاسبة سواء جاءت ممن هم دوني أو من أقراني، ولم ولن أتفاداها بحجة فنية أو إجرائية أو غير ذلك، لأن الامتثال للمحاسبة والخضوع لها أمر أخلاقي بالدرجة الأولى في عرف الناس العاديين من أمثالي، وهو قاعدة أساسية من قواعد الديمقراطية. ما يتجاهله السيد وراق هو أن الذي كان يربط بيننا لم يكن علاقة تنظيمية بحتة، بل كان أسمى وأرفع من ذلك بكثير. ما كان يوحدنا هو "المركزية الأخلاقية" التي تضمن الالتزام التام بالبرنامج والخط السياسي الذي أجزناه معاً، والعمل بصدق وأمانة لتنفيذ تعهداتنا والتزاماتنا تجاهه. وهو بحديثه عن "اللامركزية التنظيمية" يريد أن يتفادى تلك القواعد الأخلاقية، لأن موازينه فيها أخف من العهن المنفوش.
أنني اطلب من السيد وراق أن يحاسبني وفقاً لتلك "المركزية الأخلاقية". وهاأنذا، أعلن استعدادي للمثول للمحاسبة العلنية أمام أي هيئة يختارها هو، وطالما أكد هو في بيانه أن موقفنا "لا يعبر عن الاتجاه العام وسط قيادات وقواعد الحركة في الخارج"، فلن تواجهه أي صعوبة في تشكيل تلك الهيئة. طلبي الوحيد من السيد وراق لقاء هذا العرض المغري، هو أن يقبل المعاملة بالمثل. فليشرع في تكوين هيئته وليعلن صحيفة اتهاماته.
إن التزامنا بالقرارات والوثائق التي أجزناها معاً هو أمر تنظيمي وأخلاقي معاً. تنظيمياً تظل تلك القرارات والوثائق ملزمة تماماً وتمثل المرجعية للجميع إلى أن تعدلها أو تغيرها الهيئة التي أجازتها من قبل، أو هيئة ذات سلطات أعلى منها وبذات الوسائل التي تم إقرارها بها أولاً. على هذا الصعيد تظل الوثيقة التأسيسية وقرارات المؤتمر العام الأول للحركة ملزمة تنظيميا للسيد وراق وللداخل، تماماً كما هي ملزمة لنا وللخارج، إلى أن نعدلها أو نغيرها معاً.
أما أخلاقياً، فإن التزام المرء بما يختاره أو يوافق عليه طوعاً ووفائه بتعهداته يظل أحد أهم أسس وأركان العلاقة بين البشر الأسوياء، وبدون ذلك تنفرط المجتمعات. إن التزامات و اتفاقات وعقود وتحالفات سياسية واقتصادية مالية كفيلة بتغيير وجه البسيطة، تتم اليوم شفاهة دون عقود مكتوبة أو مواثيق ممهورة، وفقط بناءً على التزام الناس بكلمتهم. أما في السودان فقد ظلت أقدار الناس، وإلى ما قبل سيادة أخلاق "المشروع الحضاري"، تقاس بكلمتهم، وقد ظل السيد وراق يتهمنا بأننا، بحكم وجودنا في الخارج، فقدنا العلاقة بواقع الأشياء في السودان، وقد يكون صادقاً في اتهامه ذلك، إذا كان ما رأيناه من أفعاله يعبر عن واقع الأشياء في السودان الآن.
إن إفراغ العلاقة التنظيمية من مضامينها السياسية والأخلاقية، يحيلها إلى حزمة من الإجراءات والوسائل الميكانيكية والبيروقراطية التي لا تستخدم، كما برهن التاريخ والتجارب كلها، إلا لإخراس أصوات المعارضين وطردهم ثم تحويل الباقي من العضوية إلى تبع منعدمي الإرادة. وذلك بالتحديد هو ما فعله السيد وراق بالحركة في الداخل، واستطاع من خلاله فصل الغالبية العظمى من قواعد حركة (حق) داخل السودان وطرد وإبعاد وتهميش وتجميد هيئات ومدن وفروع طلابية بأكملها.
ولكن ترى على ماذا سيحاسبنا السيد وراق ؟ أعلى الالتزام الصارم ببرنامج الحركة وخطها السياسي وأدواتها وأساليبها في العمل، والتي شارك هو شخصياً ليس فقط في إجازتها وإقرارها، وإنما في إعدادها وصياغتها ؟ أم على السعي الجاد لنشرها وتوطيدها ووضعها موضع التنفيذ ؟ هل يحاسبنا على التمسك بمواجهة السلطة بهدف إسقاطها ؟ ولكن السيد وراق ينفي في بيانه الأخير أنه تخلى عن ذلك التوجه وذلك الهدف، ويستنكر اتهامنا له بذلك ويسميه إدعاءً. هل يحاسبنا على الالتزام بالمواجهة الشاملة المسلحة ؟ ولكنه نظم فيها شعراً في بيانه المذكور، وذكر أنه "لا يدين العمل المسلح"، أ حرام على بلابله الدوح .. حلال على الطير من كل جنس. هل يحاسبنا على التمسك بفصل الدين عن الدولة ؟ كيف وهو، كما ذكر في بيانه، قد طور العلمانية، بل واكتشف لها صيغاً جديدة. هل يحاسبنا على استبعادنا ورفضنا لمفهوم الانتفاضة المحمية بواسطة القوات المسلحة وعلى رأينا في الجيش أنه أصبح تابعاً لميليشيات الجبهة الإسلامية وذراعاً عقائدياً لها ؟ هل وهل… ذلك ينقلنا للشق الآخر من الخلاف. عملية اختطاف الحركة:
يتمحور الشق السياسي من الخلاف، وكما ذكرنا سابقاً، في قراءة الوضع السياسي في السودان والتطورات التي طرأت عليه منذ مجيء السلطة الراهنة وتحديد وسائل مواجهتها والتصدي لها سلماً وعنفاً. والأسئلة المطروحة هنا هي بالتحديد، هل تجاوزت الأحداث الوثيقة التأسيسية ل(حق) وهل تحتاج هي بالتالي إلى صياغة وثيقة جديدة تعبر عن هذه المواقف المستجدة ؟ وهل حدثت على صعيد السلطة تطورات جوهرية تقتضي منا تغيير موقفنا منها واستراتيجيتنا و تكتيكاتنا إزاءها ؟ إننا نرى أن الدولة التي أقامتها الجبهة الإسلامية منذ عشر سنوات ووطدتها ما زالت قائمة بثوابتها وركائزها وقوانينها و مؤسساتها وأهدافها. نعم، حدثت بعض التطورات والمتغيرات، ولكنها في رأينا تغيرات ثانوية وعابرة ولا يمكن اعتبارها تحولات جذرية في طبيعة النظام.
بالتالي فإن استنتاجاتنا الرئيسية التي تضمنتها الوثيقة التأسيسية، وأقرها وأكد عليها المؤتمر الأول العام للحركة، والتي تنص على أن الجبهة اِلإسلامية قد خططت ونفذت برنامجاً متكاملاً للحيلولة دون إسقاطها بالوسائل السلمية وحدها، وعلى أن المواجهة المسلحة ليست أمراً اختيارياً، بل واقع اختارته وفرضته فرضاً الجبهة الإسلامية القومية، تظل استنتاجات سليمة وصائبة. الجبهة الإسلامية القومية لن تتنازل سلماً إلا عما توقن بأنه سيؤخذ منها بالقوة. ولذلك فإن للحل السلمي الحقيقي الذي يحقق مطالب المعارضة كافة، سواءً عن طريق الانتفاضة أو التفاوض، له فرصة واحدة للنجاح، وهي أن يتم في سياق المواجهة المسلحة الشاملة، مستنداً إليها ومرتبطاً بها.
رأينا هذا ليس منزلاً، بل ولا أي من وثائقنا أو قراراتنا. إنها بمجملها خاضعة للنقاش والتعديل والحذف والإضافة والإلغاء، كما تقتضي التطورات، ولكن وفق القواعد التنظيمية الديمقراطية. وأمام من يرى ضرورة تعديل خط الحركة، أن يسعى داخل الحركة وبكل السبل الديمقراطية، بما في ذلك تكوين التكتلات والتيارات، لإقناع العضوية بصواب وجهة نظره. وأن يستخدم كل منابر الحركة الداخلية لنشر رأيه وحشد الآخرين حوله. ولكن إلى يتمكن من ذلك، و يستطيع من خلال مؤتمر عام للحركة تغيير مواثيقها ومنطلقاتها الأساسية، فعليه الالتزام جماهيرياً بها. بل إن أراد التعبير عن وجهة نظره خارج الأطر التنظيمية، فيمكنه ذلك، شريطة أن يوضح أنه يعبر عن وجهة نظره هو أو عن وجهة نظر تيار داخل الحركة، لا عن الحركة ككل. أما بالنسبة للقياديين على مستوى العمل الجماهيري، والذين يصعب على "ضميرهم الحي" أن يجدوا أنفسهم مضطرين للدفاع عن رؤية سياسية لم يعودوا يؤمنون بها، فإن واجبهم، إن اختاروا البقاء داخل الحركة، هو التخلي عن مواقعهم تلك والتحول إلى مواقع أخرى يستطيعون من خلالها العمل لنشر أفكارهم. ذلك هو التقليد السائد في كل التنظيمات الديمقراطية.
لقد تخلى السيد وراق و نكص على أعقابه عن كل منطلقات الحركة وخطها. لقد تخلى عن هدف إسقاط السلطة عبر أي وسيلة، وقبل بالتسوية السياسية معها وقبل بتنازلات تقدمها كما تشاء ومتى تشاء، وأدبر عن المواجهة المسلحة و أدانها. واستخدم موقعه القيادي لتزييف موقف الحركة ورؤيتها، وتلك ممارسة لا علاقة لها بالديمقراطية ولا بالأخلاق، إنها عملية اختطاف في وضح النهار، لا أكثر ولا أقل.
يصر السيد وراق في بيانه الأخير على أن ما نقوله محض افتراءات وأكاذيب وتضليل متعمد، و يستند في ذلك إلى فقرات منتقاة من وثيقته الجديدة. نحن لم نطلع على النص الكامل لوثيقته التي أجازها مؤتمره الأخير، ولكن ذلك ليس مهماً، لسبب واضح وبسيط، وهو معرفتنا التامة بمدى احترام والتزام السيد وراق بالوثائق، لا وثائق الآخرين فقط، وإنما وثائقه التي يخطها بيده أيضاً. ولذلك سنعتمد في تناولنا تلك الوثيقة على ما استند إليه هو من فقرات، وهي فقرات، رغم أنه انتقاها بدقة لتعبر بأوضح وأفضل ما يكون التعبير عن موقفه، إلا أن المرء يحتاج إلى بوصلة ومايكروسكوب حتى يهتدي إلى ذلك الموقف.
منهج المقاومة أم اجتهاد المساومة؟
يقول السيد وراق أن وثيقته تنص على أن "تسعى (حق) كأولوية سياسية مطلقة إلي استعادة الديمقراطية التعددية كاملة غير منقوصة وفق المعايير الدولية المعتمدة لحقوق الإنسان والتي تشمل ضمن ما تشمل ضرورة حل سلمي ديمقراطي عادل لقضايا القوميات في البلاد، ويتحقق ذلك باحتمالين، إما بإسقاط سلطة الإنقاذ، أو عبر تسوية سياسية شاملة." ثم يقفز مباشرة إلى فقرة أخرى تتحدث عن وسائل إسقاط النظام، و يقول أنه "من بين حزمة هذه الوسائل فإن (حق) تتبنى المقاومة المدنية." وفي النهاية يورد السيد وراق هذه الفقرة ليدحض نهائياً اتهامنا له بإدانة المواجهة المسلحة، "وما لم تتوفر آليات وضمانات التداول السلمي الديمقراطي للسلطة فإن العنف المعارض يظل مشروعاً، وإذ تفضل (حق) آليات المقاومة المدنية كاجتهاد سياسي، فإنها لا تنسخ اجتهادات الآخرين، ولا تدين العمل المسلح المعارض."
نلاحظ أولاً، أن السيد وراق لم يذكر في الفقرة الأولى أي الاحتمالين لاستعادة الديمقراطية، إسقاط النظام أم التسوية السياسية، هو الأرجح. ثانياً، هو يريدنا أن نفهم من سياق الفقرة الثانية، ومن السياق فقط، أن (حق) تتبنى إسقاط السلطة. قد يكون الأمر كذلك، ولكن طالما أن إسقاط السلطة مطروح كاحتمال فقط، كما ورد في الفقرة الأولى، فإنه يمكن للسيد وراق ولأي شخص آخر، بل وللنظام نفسه، أن يتحدث عن إسقاط النظام كما يشاء، وأن يختار ما يريد من العدة والأدوات المناسبة "تحسباً له"، فليس هناك من جهة يمكنها أن تحاسب أو تسائل الناس عن "الاحتمالات". أما في الفقرة الثالثة، فهو يربط مشروعية العنف المعارض ب "افتراض" عدم توفر آليات وضمانات التداول السلمي للسلطة. ولكن الأمر لا يتعلق بسلطة في رحم الغيب أو في بلاد واق الواق، وإنما بسلطة موجودة وماثلة أمام ناظرينا بسياساتها وممارساتها التي تطبقها علينا آناء الليل وأطراف النهار. لذلك فإن مشروعية العمل المسلح لا تتحدد بالهروب إلى افتراضات نظرية والاختباء خلفها، وإنما بناءً على واقع محدد معروف ومعلوم، وراهن. هل آليات وضمانات التداول السلمي والديمقراطي في ظل هذه السلطة الراهنة، موجـودة أو حتى واردة أم لا ؟ ذلك هو السؤال . وعلى ذلك الأساس يتخذ الناس موقفهم من العمل المسلح. إن كان مشروعاً، فدور (حق) لن يكون الاكتفاء بعدم إدانته. وإن كان غير ذلك فإن واجبنا لن يكون الاكتفاء بإدانته، وإنما محاربته وهزيمته. لسنا متفرجين، والقضية ليست "اجتهادات" ينسخ بعضها بعضا.
إن الفقرات التي أوردهما السيد وراق تثير أسئلة تحير المرء وتؤرقه. إذا كان من الممكن فعلاً استعادة الديمقراطية، بشروطها تلك التي نص عليها السيد وراق، عبر التسوية السياسية الشاملة، فلماذا يقول في وثيقته الجديدة أنه "لا يدين العمل المسلح"؟ لماذا كل هذا الحياد "السويسري" ؟ أليس من الواجب عليه كقائد مسئول أن يجنب الناس والبلاد شرور الحروب وويلات المواجهات طالما أنه من الممكن تحقيق نفس الأهداف سلماً؟ وإذا كان من الممكن، حقيقة، استعادة الديمقراطية كاملة غير منقوصة وحل كل قضايا الوطن عبر التسوية، فلا بد أن الذين يطرحون احتمال إسقاط النظام هم مجموعة من الاقصائيين والاستئصاليين. ولو اختار السيد وراق ذلك الموقف لكان اختياراً مفهوماً، لكنه لا يفعل ذلك وإنما يختار ل (حق) المقاومة المدنية الواردة ضمن أدوات المواجهة الشاملة لإسقاط نظام الإنقاذ! هل يهوى إسقاط الأنظمة "لله فالله" ؟ هل يحب المواجهات وإشعال الحروب دون سبب ؟
من الملحوظ أن السيد وراق عدد آليات استعادة الديمقراطية "الكاملة غير المنقوصة" عبر احتمال إسقاط النظام وحدد الآلية التي يفضلها ل(حق) في إطار ذلك الاحتمال. ولكنه لم يوضح الآليات الواردة ضمن احتمال "التسوية السياسية الشاملة"، كما لم يحدد الطبق الذي يفضله ل (حق) من ضمن "قائمة الأطعمة" التي يعدها ويقدمها طهاة هذه التسوية السياسية الشاملة. ذلك من جانب، أما من الجانب الآخر، فهو لم يشرح ماهية هذه التسوية وقواعدها وأركانها. إن الحل المسمى ب "التسوية السياسية الشاملة" هو من قبيل الغول والعنقاء والخل الوفي، فالعبارة في حد ذاتها، وابتداءً، تحوي تناقضاً ينفيها ويلغيها من الوجود تماماً. إن "التسوية" في القاموس السياسي تعني التنازلات المتبادلة، وبهذا المعني فهي لا يمكن أن تكون "شاملة" وأي حلول تأتي عبرها لن تكون شاملة، بل ناقصة وجزئية. تلك التنازلات، لا تقدمها الأطراف، أي أطراف دع عنك الجبهة الإسلامية، بمحض اختيارها، وإنما تحددها وتفرضها موازين القوى. هذه الموازين ليست في مصلحة المعارضة حالياً، ولكن حتى إذا افترضنا جدلاً تعادل ميزان القوى بين الطرفين أو رجحانه لصالح المعارضة، فإن مبدأ التسوية سيفرض على المعارضة أن تتنازل عن قدر ما من "الديمقراطية الكاملة غير المنقوصة".
لا نعتقد أنه يمكن لحركة سياسية جادة "ترى في نفسها مستقبل السودان"، أن تطرح مسائل التصدي للسلطة واستعادة النظام الديمقراطي التعددي القائم على فصل الدين عن الدولة واحترام حقوق الإنسان وسيادة حكم القانون، وحل قضايا الهوية والعدالة الاجتماعية وتوزيع الثروة، في شكل احتمالات. فمستقبل السودان وشعبه ليس مطروحاً للرهان. بوضوح، ودون لف أو دوران، ليس هناك احتمالان لاستعادة النظام الديمقراطي وحل القضايا التي أشرنا إليها حلاً حاسماً وجذرياً يفتح الباب أمام الشعب السوداني للتقدم و اللحاق بركب العصر. هناك احتمال واحد فقط، وهو إسقاط النظام الحالي. أما "التسـوية السياسية الشاملة" و "الحـل السياسي الشامل" و " تفكيك النظام أو دولة الحزب لصالح دولة الوطن" فهي أسماء شتي لشيطان واحد هو التصالح مع الجبهة القومية الإسلامية وإعفاؤها من المساءلة عما ارتكبت في حـق الوطن والشعب من جرائم وآثام منذ 30 يونيو 1989 ، واقتسام السلطة معها وفق شروط متفق عليها، وهي شروط لن تكون إلا لمصلحتها في ظل توازن القوى الحالي. وذلك ليس حلاً، وإنما أزمة جديدة.
يتحدث السيد وراق عن "اجتهاد" المقاومة المدنية. لا اعتراض لدينا على ذلك، وإن كنت شخصياً أتحفظ على منهج "الاجتهاد" هذا وما ينطوي عليه من إيحاءات، وأرى أن المسائل السياسية يجب أن تحسم وفقاً للدراسة العلمية المنهجية القابلة للتمحيص والفحص، لا اجتهادات الشيوخ والسادة بمنطقها الباطني غير المتاح للعامة من أمثالنا. ولكن وراق لا يذكر ماهية تلك المقاومة المدنية ولا يحدد أشكالها وأهدافها الآنية أو البعيدة. عموماً، نحن لا نحتاج أن يطلعنا على ذلك أحد، فجملة ممارساته قبل وبعد المذكرة المليونية تفضح تماماً ما يعنيه هو بالمقاومة المدنية. بصورة عامة، هناك منهجان، وليس احتمالان، للتعامل مع السلطة الراهنة، منهج المقاومة ويستهدف إسقاط السلطة، ومنهج المساومة ويستهدف مصالحتها، وتندرج تحت كل منهما درزينة من الآليات والوسائل. الأمر المهم، والذي يميز بين المنهجين، هو الهدف النهائي ثم الهدف المباشر والمحدد للوسيلة أو الآلية المستخدمة. العمل المسلح حينما يكون هدفه إسقاط النظام يندرج تحت المنهج الأول، وحينما يكون هدفه الضغط على النظام للحصول على بعض التنازلات يندرج تحت منهج المساومة. المقاومة المدنية حينما ترد ضمن منهج المقاومة، تمارس في تعاضد مع المواجهة المسلحة وأشكال المقاومة الأخرى وفي ترادف معها ويكون هدفها تحريض الجماهير ولفها حول شعار إسقاط النظام، أما حينما تمارس باللجوء إلى محافظ أم درمان أو إلى رئيس لجنة حقوق الإنسان في المجلس الوطني المنحل فإنها تندرج تحت منهج المساومة. وعلى ذلك النهج تعجم أعواد بقية الآليات بما فيها الانتفاضة الشعبية والتفاوض.
التوزيع العادل (للثورة) وأدوات المواجهة:
إذا كان السيد وراق قد فضح في عبارة واحدة من ثلاث كلمات هي "التسوية السياسية الشاملة"، مدى التلفيق الذي يتميز به خطه الجديد، فإنه في فقرة واحدة من وثيقته الجديدة يزيف، لا خط الحركة وحده وإنما طبيعتها ككل. يقول وهو يوزع مهام المواجهة الشاملة على القوى السياسية والاجتماعية ويعطي كل ذي حق حقه "إسقاط الإنقاذ يتم عبر آلية المواجهة الشاملة وهي جماع المقاومة العسكرية لجميع الأقليات المهمشة والأحزاب المعارضة، والمقاومة المدنية للجماهير خصوصاً تنظيمات وتكوينات القوى الحديثة. إضافة إلى الضغط الديبلوماسي السياسي والمعنوي للمجتمع الدولي. وتتكامل هذه الوسائل وتتصاعد حتى تصل ذروتها وتتوج بالانتفاضة الشعبية والإزاحة النهائية للسلطة. ومن بين حزمة هذه الوسائل فإن (حق) تتبنى المقاومة المدنية."
أولاً، هكذا وفجأة يطرد السيد وراق (حق) من زمرة (الأحزاب المعارضة) مرة واحدة، ليضمها إلى مجموعة (عدم الانحياز) هذه المسماة بتنظيمات وتكوينات القوى الحديثة. ثانياً، إذا لم يكن مفهوم "القوى الحديثة" هذا قد عفا عليه الزمن، فقد هجرناه نحن عند إنشـاء الحركة، ولم يكن اختيار اسم "حركة القوى الجديدة" بدلاً من "الحديثة" اعتباطاً، وإنما كان تعبيراً واضحاً عن تلك الهجرة، أو على الأقل عن الرغبة فيها. وتأكيداً لذلك، حدد المؤتمر العام الأول في صياغته لاستراتيجية نمو الحركة أن "تترافق مع بناء الحركة في الداخل، مهمة لا تقل عنها أهمية، وهي الانتقال من الصفوية إلى الشعبية، ومن مواقع الفئات المثقفة والمتعلمة، إلى صفوف الشعب بكل طبقاته وفئاته وثقافاته وأعراقه، ومن المدينة إلى الريف." ولكن لنترك وثائق الحركة ومؤتمراتها، فالسيد وراق لا يعير ذلك اهتماماً، ولنرجع إلى وثائق قيادة الداخل التي خطها هو بيده، لنقرأ في وثيقة "قضايا وأسبقيات ما بعد المؤتمر" هذا التعريف ل(حق) "إنها حركة ترى في نفسها مستقبل السودان ونهضته وحداثته على أساس ديمقراطي اجتماعي واسع وجارف وغالب. وسيظل ذلك هو الهدف الأساسي للحركة في مستقبلها المنظور، وذلك هو ما يحدد قضاياها وأسبقياتها." كيف يتسنى لحركة تصنف نفسها ضمن "القوى الحديثة" أن تتحول إلى تيار اجتماعي جارف في مجتمع تبلغ نسبة الأمية فيه أكتر من 85% ؟
حينما تحدد (حق) أن أسبقيتها الأولى هي المواجهة المسلحة مع السلطة والعمل لإسقاطها، يهرب السيد وراق من ذلك قائلاً أن الأسبقية الأولى هي البناء والتحول إلى تيار اجتماعي جارف. وحينما يواجه بمتطلبات البناء وفق الأهداف التي وضعها هو بنفسه، ينتقل ب (حق) من صفوف الفئات الشعبية والجماهير الواسعة إلى صالونات القوى الحديثة، وهكذا… السيد وراق في حقيقة الأمر لا يريد ل (حق) أن تواجه ولا يريد لها أن تبني ( هذا بافتراض أن هناك تناقضاً بين الاثنين، وذلك في منظورنا غير وارد)، وهو لا يريدها وسط القوى الجديدة، أو بين القوى الحديثة، بل ولا أينما كان "النفير". إنه يريدها فقط حيثما كان هو، بتناقضاته كلها، "قدم في الماء وقدم في السماء"، وحيثما كان هو تشرق الشمس!
نعود الآن إلى ذلك التوزيع العادل "للثورة"، والذي قسم فيه السيد وراق الأدوار بين "الأقليات المهمشة"، والتي يأبى حظها التعيس دائماً إلا أن يرميها في المحظورات، فيبتليها بالمقاومة العسكرية، و بين "الجماهير" و تكوينات وتنظيمات القوى الحديثة "بنت الناس" التي ينعم عليها بالمقاومة المدنية. لقد تطرقت الوثيقة التأسيسية ل (حق) لتفاوت أساليب وأدوات النضال بين جماهير المدن وجماهير المناطق المهمشة باعتباره أمراً سلبياً، وانطلقت من ذلك لتستشف فرص الوحدة الكاملة للشعب في كل بقاع الوطن بقولها "وفرت الجبهة الإسلامية لهذه القوى فرصة تاريخية لتضيف إلى وحدة برنامجها السياسي، ورؤيتها للسودان الجديد، وحدة أساليبها النضالية وأدواتها القتالية". ولكن الناس بالنسبة للسيد وراق ، ورغم كل ما يقال، ليسوا سواسية. وطالما أن الحرب وأهوالها تدور بعيداً فلتدر، وطالما أن وقودها المهمشون والحجارة فلتستعر. و الغريب أن السيد وراق، في وثيقته التي أجازها مؤتمره الأخير، ينتقد الحركة الشعبية لتحرير السودان لأنها "تختزل الثقافة إلى الجينات العرقية". إنه هنا لا يختزل الثقـافة فقط وإنما حق الحياة ذاته في الجينات العرقية. وبعد، فإلى أي قاع سحيق، بل إلى أي هاوية بلا قرار يدفعنا السيد وراق؟
إدانة المواجهة والمراهنة على التيار الإسلامي:
تخلي السيد وراق عن المواجهة المسلحة أكده بنفسه، وفي هذا لا نحتاج إلى قول الكثير. أما إدانته لها، وتبنيه المساومة مع النظام فهي ليست قصراً على وثيقته الجديدة فحسب، وإنما وردت في مواقع ومواقف شتى، وما نورده هنا ليس إلا غيضاً من فيض.
في بيانه عن عملية تفجير خط أنابيب البترول أكد السيد وراق رفضه واستنكاره لأي تغيير عن طريق القوة سواء من الداخل أو الخارج. هل هناك من إدانة أوضح من ذلك ؟ وفي رسالته إلى رئيس لجنة حقوق الإنسان بالمجلس الوطني المنحل، عقب إهانته وإذلاله خلال حملة "المليون" توقيع، يصف السيد وراق العمل المسلح "بالتطرف والعبط السياسي" ويصف جيوش المقاومة المسلحة بالبربرية والجهل وعـدم التمدن. أنظر قوله في رسالته تلك "وبكل صدق، إننا لو لم نكن قد تخيرنا أسـاليب الاحتجـاج المدني عن بينة وبصيرة، وبعد طول تأمل، فإن تلك المعاملة الهمجية كانت ستدفعنا حتماً إلى الخروج من المعتقل للالتحاق بالعمل المسلح، لكننا كنا وسنظل أناسـاً متمدنين في مواجهة أوباش وهمجيين."
أما عن قبوله التسوية السياسية واعتماده على تنازلات النظام وعلاقته بتياراته المتصارعة، فالبيان الجماهيري عن نظام "التوالي" ثم كلمة السيد وراق عند خروجه"المعلن" للعلن يتحدثان عن "تنازلات .. ولكنها تنازلات غير كافية وغير مأمونة" . إذن هناك تنازلات كافية ومأمونة يمكن أن يقدمها النظام وتحقق مطالب الشعب! وفي كلمة الخروج العلني للعلن يطرح السيد وراق احتمال "أن تنجح ضغوط المطالب الديمقراطية في تجاوز سقف التوالي فتؤسس لانفراج سياسي حقيقي، وتطلق ديناميات التحول الديمقراطي السليم" . بمعنى أن النظام، ونتيجة لضغوط غير محددة الأداة ومبهمة القوة، يمكن أن يتحول سلمياً نحو الديمقراطية .
في بيان جماهيري بعنوان "تحول هام في تركيبة السلطة"في أغسطس 1997 ، رأى السيد وراق أن هناك "عدداً من الإسلاميين الذين استخلصوا الدروس الصحيحة من تجربة الإنقاذ فقطعوا بهذا القدر أو ذاك مع التفكير الشمولي .. ولم يشكلوا تياراً واضحاً بعد" ، وطالبهم "بالتكفير عن خطاياهم السابقة، وتبرئة ذمتهم أمام الشعب بالانتظام وتخطي حالة الترقب والنصح والاستجداء، إلى الإسـهام الفاعل في كفاح الشعب لأجل الحرية ." على علاقة بهذا الأمر، محاولة السيد وراق تفنيد اتهامنا له بالتحالف مع (تيار التوبة) حيث يذكر أن الحديث عن التوبة ورد في وثيقته الجديدة في إطار تناول تنازلات الإنقاذ وأنها لم تشكل (توبة نصوحة) بعد. نحن لم نكن نتحدث عن نظام الإنقاذ بل عن تحالف معين يجمعه بذلك التيار وبالصادق المهدي، وهو تحالف تدل عليه شواهد واضحة أوردنا ونورد بعضها في هذا المقال. أما مسألة التوبة فهي نفسها تحتاج لبعض التوضيح، ترى هل هي "الاجتهاد" الذي يقدمه السيد وراق كبديل للمحاسبة والمساءلة عن جرائم هذا التيار؟
في مقابلة مع مجلة "الشـاهد الدولي" يصف السيد وراق المصالحة المبنية على لقاء جنيف بين الصادق والترابي، بأنها إيجابية جداً وأنها وضعت إطار التسوية على الخط. ليس ذلك فحسب، بل يرى ضرورة أن تجري الحركة الإسلامية تسوية داخلها بأن يتصالح الترابي، الذي يصفه بأنه "بلور هموم الانفتاح المحلي سواء في صياغة الدستور أو إيمانه بحرية الضمير" وأنه "مؤسس لحرية الضمير"، مع تيار القصر أو مذكرة العشرة والذي بلور تيار الانفتاح الخارجي. ذلك إذن هو موقفه من صراعات وانقسامات الجبهة الإسلامية. ويؤكد ذلك الموقف في تصريح آخر لصحيفة "الوفاق" فيقول في شأن صراعات الجبهة الإسلامية محذراً إياها من الاستمرار في سياسة الإقصاء والإقصاء المضاد (المقصود إقصاء الجبهويين بعضهم بعضا) "إنني ما زلت حريصاً على وحدة قوى التسوية السياسية داخل الحركة (الإسلامية) ولابد من إزاحة التيار الانغلاقي والإنكفائي أو تهميشه لأننا لا يمكن أن نتسامح مع عدم التسامح."
أليس مدهشاً كل ذلك الحرص على وحدة قوى التسوية داخل الحركة الإسلامية، مقارنة بحرص السيد وراق على وحدة حركة أخرى كان، حينما أدلي بذلك التصريح، أمينها العام. قد يكون مدهشاً أيضاً أن المتحدث أعلاه ليس عضواً في الجبهة الإسلامية! ولكن الأكثر إثارة للدهشة بالطبع هو تسامح الجبهة الإسلامية مع هذا التدخل السافر في شئونها الداخلية. ولكن انتساب السيد وراق للجبهة الإسلامية ليس بالضرورة انتساباً تنظيمياً، والجبهة نفسها وبثوبها الفضفاض الذي فصله دكتور الترابي "بذكائه الخارق وبرؤيته الاستراتيجية" (هذا الغزل ليس منا وإنما ورد على لسان السيد وراق) لا تطلب ذلك، وإنما تقبل في معظم الأحيان، وخاصة من المثقفين "…بالذي لو رآه الواشي لقرت بلابله…بلا، وبلا أستطيع وبالمنى… وبالأمل المرجو قد خاب آمله"! إن انتسابه السياسي والذي يؤكده، ضمن المواقف التي تعرضنا أو سنتعرض لها، هذا الموقف من انقساماتها يكفي الجبهة، وكذلك يكفيها انتماؤه الفكري والآيديولوجي الذي تفضحه، ضمن ظواهر أخرى، هذه التناقضات التي يحتشد بها خطابه.
أجرت صحيفة "الراية" القطرية حواراً مع عدد من السياسيين السودانيين من بينهم السيد وراق، وكان وقتها لا يزال أميناً عاماً لحركة (حق) بالسودان، والأستاذ صادق عبد الله عبد الماجد زعيم الإخوان المسلمين، والأستاذ سيد أحمد الحسين القطب الاتحادي المعارض المعروف. دار الحوار حول الدور المصري في السودان بعد أحداث رمضان ونشرته الصحيفة بتاريخ 19/2/2000 ، ونحن ننقل هنا فقرات من آراء القادة الثلاثة دون تعليق منا، وليقارن القارئ ويحدد بنفسه موقف كل من القادة الثلاثة من الحركة الإسلامية، انتماءً أو عداءً، ومدى التطابق أو الاختلاف بين المنطلقات والآراء: • يقول السيد وراق "أرى أن التصور الذي رسمته مصر للمستقبل السياسي القريب في السودان والذي يمكن استنتاجه من الاندفاع في تأييدها للرئيس البشير بعد خلافه مع دكتور الترابي – هو تصور مشغول ومهموم بالتخلص من التيار الإسلامي لدرجة انصرفت معها عن التحسب للنتائج الجديدة وشغلتها عن عوامل وقوى أخرى غير التيار الإسلامي." • بينما يقول الأستاذ صادق عبد الله عبد الماجد أنه "لا يرحب بالدور المصري الذي نشط بعد هذه القرارات" ويرى أن هدف مصر الأساسي هو إقصاء الإسلام السياسي." • أما الأستاذ سيد أحمد الحسين فيقول "مصر تسعى لإجبار المعارضة على الدخول في مصالحة مع نظام الإنقاذ وبالتالي تنقذه من سقوط مؤكد ومن المحاسبة التي تنتظره والمعارضة بمصالحتها الإنقاذ تدخل في نظام أصولي متطرف عذب الناس وسجنهم وقتلهم وألغى مكتسباتهم وبذلك تتلوث المعارضة بممارسات هذا النظام." لا تعليق.
تقرير المصير وصحوة الضميرالثقافي:
يدعي السيد وراق أننا كذبنا في اتهامنا له بالتخلي عن حق تقرير المصير الذي أجمعت عليه القوى السودانية، وبأنه صدر في تحليلاته عن مفهوم قديم هو الهوية الإسلامية والعربية للسودان التي يجب حمايتها أمام الطوفان الزنجي بكل الوسائل السبل، ويحيلنا إلى فقرة في وثيقته تنص على أنه في أسس "التسوية"! "في نهاية فترة الانتقال يستفتى جنوب البلاد بحدود 1956 ليختار بين وحدة طوعية بسلطات لامركزية يتفق عليها أو الاستقلال"، وهي فقرة دامغة حقاً. ولكن السيد وراق يفصل الاتهام الذي يريده لنفسه حسب قدرته على الدفاع عنها. إنه لا يكتفي بتزييف مواقف الحركة، وإنما يريد أن يزيف اتهاماتنا ذاتها.
نحن لم نتهم وراق بأنه "تخلى عن حق تقرير المصير الذي أجمعت عليه القوى السودانية"، كما ذكر هو في بيانه، ولكننا اتهمـناه بأنه " تخلى عن حق تقرير المصير الذي أجمعت عليه القوى السودانية، باعتباره فرصة أخيرة للوحدة الطوعية للشعب والبلاد". بقية الجملة لم تسقط سهواً، ولم يحذفها السيد وراق لدواعي الاختصار فقد نقل الاتهام الثاني الوارد في نفس الفقرة "بضبانته". ولكنه أسقطها عمداً لأنها تمثل جوهر الاتهام الذي لا يستطيع أن ينكره أو يفنده. السيد وراق لا يرغب في تقرير مصير يفضي إلى الوحدة الطوعية، لأن مثل هذه الوحدة تنسف مشروعه القائم على السيادة العربية والإسلامية على السودان، من أساسه. إن ما يريده هو، مثله في ذلك مثل الجبهة الإسلامية وبقية قوى المشروع المشترك التي يسعى للتحالف معها الآن، وهذا ما سيؤكده السيد وراق بنفسه كما سنورد لاحقاً، أولاً، فترة (انتقال) ترسخ فيها سيادة المشروع العربي الإسلامي، ثم بعد ذلك إما وحدة قهرية مفروضة بقوة السلاح، كما تدل على ذلك وثائقه بما فيها وثيقة مؤتمره الأخير، أو تقرير مصير يفضي لانفصال الجنوب.
كيف يتأتى لمدافع عن أو راغب في الوحدة الطوعية أن يقول عن القوات المسلحة أنها "تظل الضامن الضروري لعدم انزلاق البلاد إلى الفوضى والتفتت الأهلي." كما ورد في وثيقته الأخيرة، أو كما جاء في أعمال القيادة الوطنية في أبريل 1997 والتي تنوه "وإذ يشكل انفراط القوات النظامية خسارة شخصية لكل فرد من أفرادها، فإنه وفي المقام الأول يشكل خسارة ماحقة للوطن الذي تمثل القوات النظامية صمام أمان وحدته واستقراره وضامن عدم انزلاقه إلى الفوضى والاقتتال العرقي والطائفي." لا يمكن اعتبار القوات المسلحة صمام أمان وحـدة البلاد، إلا إذا كانت تلك الوحدة قائمة على القهر وقوة السلاح. أما الوحدة الطوعية فتحميها الإرادة الحرة والخيار الحر لشعب السودان في الشمال والجنوب معاً.
أما عن اتهامنا له بأنه انطلق من مفهوم بال للهوية العربية الإسلامية للسودان، فهو لا ينفيه و لكنه يذكر انه "ورد في مجرى نقد رؤية الحركة الشعبية لتحرير السودان". ثم يورد فقرة مطولة يطالب فيها الحركة الشعبية باتخاذ موقف فكري وسياسي من وحدة السودان، ويتهمها بأن الوزن الانفصالي قد زاد داخلها وينزلق بها إلى تبني مركزية أفريقانية وإنكار عروبة السودان وهو موقف يصادم حقوق الإنسان، ثم يعطيها درساً في كفاح الضحايا الحق ضد الجلاد، وأنه لا يتم بالتماهي مع الجلاد واستلاف نماذجه في التفكير والممارسة.
أولاً، قد يكون من المفيد للسيد وراق أن يتواضع قليلاً قبل أن يلقن الآخرين دروساً عن كفاح الضحايا ضد الجلاد وعن التماهي مع الجلاد واستلاف نماذجه في التفكير والممارسة، كان أولى به أن يوجهها لنفسه. إن خير مثال للتماهى، وليس التماهي المضاد كما يتهم هو الحركة الشعبية، وإنما التماهي "الإنصياعي والإلتحاقي" الكامل، مع الجلاد، واستلاف، ليس نماذج تفكيره وممارسته فحسب، وإنما مضامينها ومشاريعها أيضاً، هو السيد وراق ذاته. وإذا كان ما ذكرناه حتى الآن عن علاقته بالنظام وموقفه منه لا يكفي كدليل، فهذه الفقرات المنقولة من حديثه إلى صحيفة "الراية" الذي أشرنا إليه من قبل، أفصح من جهيزة التي قطعت قول كل خطيب:
"هذا الاندفاع أوقع مصر في مشكلة القراءة الخاطئة للتطورات السياسية الأخيرة في السودان وبدا لها أن الحل الأمثل هو فرض مصالحة بين البشير الذي تخلص من الإسلاميين وقوى المعارضة بما فيها الجيش الشعبي لتحرير السودان، هذا الحل في رأيي يستبق خطوة ضرورية تتيح لقوى الثقافة العربية الإسلامية في الشمال التنسيق ووضع برنامج مشترك يحمي القاعدة الثقافية التي تستند إليها هذه القوى. وفي حالة الإقصاء القسري للحركة الإسلامية وإلغاء خطوة التنسيق بين قوى الثقافة العربية والإسلامية في الشمال فإن حركة التمرد سوف تملأ هذا الفراغ وتهز قاعدة راسخة لاستقرار قوى سياسية في الشمال."
لا نحتاج أن نضيف شيئاً لما قال السيد وراق، ولكن فقط نشير إلى أن "الخطوة الضرورية" أو "خطوة التنسيق بين قوى الثقافة العربية والإسلامية" والتي ستمنع "حركة التمرد" من ملء الفراغ، هي "الفترة الانتقالية" التي سيصوت أهل الجنوب بعدها على الوحدة أو الانفصال!
لسـنا بصدد الدفاع عن الحركة الشعبية لتحرير السودان، أو توضيح رؤيتها للوحدة أو مناهجها في تربية مقاتليها أو غير ذلك مما يهرف به وراق دون علم، فهي أقدر على ذلك، وبوسع السيد وراق أن يسأل حلفاءه الجدد عن ذلك. ولكن الذي سيؤدي إلى زيادة وزن الانفصاليين سواء داخل الحركة الشعبية، إن كانوا موجودين، أو خارجها، هو هذا النمط من "التفكير" والطرح السياسي، إذ يصدر ليس من النظام أو الأحزاب التقليدية، بل من أدعياء الحداثة المحدثين من "المثقفين". وهو أيضاً ذلك الخط الداعي لتركها وحيـدة في ميـدان المعركة، والذي يريد للجنوب وحده أن يكون مسرح الحرب والأرض المحروقة، وللجنوبيين والأقليات المهمشة وحدهم أن يكونوا ضحايا القتل والمعارك، وسيكون مناسباً هنا للسيد وراق أن يعيد قراءة تقسيمه "الاجتماعي" لمهام المواجهة المسلحة، والذي تطرقنا إليه من قبل. إن معالجة مسائل المركزية الثقافية "أفريقانية أم عربسلامية" تتم من خلال التواصل والحوار الذي يبدد الشكوك التاريخية، لا من خلال القطيعة والتجني الذي يرسخ المظالم والأحقاد. أما الحوار الديمقراطي بين مكونات الهوية السودانية الذي يشير إليه السيد وراق، فهو لا يتم بعد تقرير المصير "الانفصالي"، وبعد أن تتفتت تلك المكونات وتذروها الرياح، وإنما يتم الآن من خلال النضال المشترك لكل مكونات هذه الهوية ضد عدو واحد.
حينما نقول أن السيد وراق ينطلق من مفهوم الاستعلاء العروبوي الإسلامي الذي لا يرى في الجنوب إلا أرضا قابلة للفتح و الضم، لا مواطنين لهم حقوق في الحياة وفي السلام، فأننا لا نتجنى عليه. و حينما قلنا ذلك الكلام لم نكن قد قرأنا وثيقته الأخيرة، ولكننا كنا قد توصلنا إلى تلك الحقيقة من مجمل مواقفه وتصريحاته قبل ذلك. في كلمة خروجه العلني للعلن، عدد السيد وراق أسماء أكثر من عشرين شخصاً باعتبارهم معالم بارزة في جغرافية البلاد السياسية. وكان ملفتاً تماماً للنظر أن تلك القائمة التي شملت حتى النكرات من أمثالي، غاب عنها أي وجه جنوبي. كان وراق آنذاك يقدم أوراق اعتماده لحلفائه الجدد ويثبت لهم أنه أكثر جرأة وشجاعة من الأحزاب التقليدية والجبهة الإسلامية ذاتها التي تعودت إضافة بعض الأسماء الجنوبية لهيئاتها وحكوماتها "لزوم التحلية"!
وكم كان قاسياً على الضمير أن يطالب السيد وراق في كلمته تلك، ضمن ثمانية مطالب، بالصراع لأجل السلم الأهلي في البلاد رابطاً ذلك مباشرة "بأحداث غرب دارفور الأخيـرة التي راح ضحيتها عشرات الأرواح" و"بالصدامات القبليـة"، متجاهلاً تماماً مئات الآلاف من القتلى و ملايين الجوعى والمشردين، وعشرات المدن التي دمرت ومئات القرى التي أحرقت، وأبيد أهلها عن بكرة أبيهم في الحرب البشعة التي تدور ليس بعيداً عن دارفور، في الجنوب. لكن السيد وراق الذي يستطيع أن يغمض عينيه عن كل تلك الأهوال، لا يستطيع بضميره الثقافي الحي أن يسمح حتى لطرفه أن يرف خوفاً من هجمة المركزية الأفريقانية القادمة.
تحالف السيدين الحديث:
ذكرنا أن مقررات مؤتمر وراق دشنت تحالفاً عملياً مع السيد الصادق المهدي. وقد وصف السيد وراق ذلك بأنه ادعاء، قائلاً أن الحديث عن الصادق المهدي ورد في "مجرى التقويم النقدي للرؤى السياسية المختلفة". لقد تهنا في متابعة السيد وراق ووثيقة مؤتمره. كل ما ذكرنا له موقفاً، يدعي هو أن الحديث عن ذلك الموضوع ورد في سياق كذا أو إطار كذا أو مجرى كذا، فأي موقف إذن حددت وثيقة (الجن) هذه! المهم يذكر وراق بعد ذلك عدداً من نقاط الالتقاء مع حزب الأمة والتي تجعله "حليفاً موضوعياً" ل (حق) السيد وراق، ثم عدداً آخر من التبريرات لتحالف السيدين وراق والصادق المهدي.
لم نكن نحن مصدر خبر التحالف، أو التحالف المزمع، بين السيدين وراق والصادق المهدي. كل الصحف التي تناولت مؤتمر السيد وراق نشرت ذلك، وقبل أن نصدر نحن بياننا نفسه. فإن كانت كل تلك الصحف قرأت وثيقة مؤتمره قراءة خاطئة، فلابد أن هناك مشكلة في الوصول إلى قراءة صحيحة لوثائق السيد وراق. وفي هذه الحالة فإن الأولى بالتصحيح هم إما مراسلو الصحف التي نشرت الخبر، أو وثائق السيد وراق، لا نحن.
إن تحالف السيدين الجديد قد بلغ من العمق حد دعوة السيد الصادق لصياغة المذكرة "المليونية" التي لم تطلع عليها قيادة (حق) ذاتها في الخارج إلا من خلال الصحف. إنه التحالف الذي قصده السيد وراق ب "نقطة المسـاومة بين القوى الحديثة والقوى التقليدية" ! في حديثه المشار إليه آنفاً لمجلة "الشاهد الدولي". إنه المظلة التي من تحتها يواصل السيد وراق علاقته الحميمة مع تيار التوبة وغيره من تيارات الجبهة الإسلامية، ومجهوداته واجتهاداته القيمة في سبيل توحيدها والتوحد معها. ذلك التحالف قائم، ولكنه لا يقوم على أي قناعات راسخة أو غير ذلك بالديمقراطية التعددية ولا على أي من قسمات الحداثة أو تطلعاتها وهمومها كما يدعي وراق. إنما يقوم على أعمدة مشروع الاستعلاء العربي الإسلامي، ويؤسس على قاعدة الممارسات السياسية المرذولة للقوى التقليدية التي وضعت الشعب على حافة الهلاك والبلاد على حافة الهاوية، بالتنصل عن الاتفاقات، والنكوص عن الالتـزامات، والتنكر للعهود، وغير ذلك مما برهن السيد وراق للجميع أن لا أحد يبزه فيه.
مؤتمر التوصيات
هناك نقاط أخرى أشار إليها بيان اللجنة التنفيذية، وكذبها السيد وراق في بيانه، مثل تخلي السيد وراق عن فصل الدين عن الدولة، أو انحيازه للجيش رافع البندقية (الوطنية)، أو مهزلة المذكرة المليونية التي انتهت باستجداء رئيس لجنة حقوق الإنسان بالمجلس الوطني المنحل أن يسعى لتعيين وزير للأمن (ليكون مسئولاً عن شئون المناضلين)، ولكننا إما تصدينا لها ضمناً فيما أوردناه سلفاً، أو وجدنا في بيان السيد وراق عنها ما يكفينا شر القتال. فقط، هناك نقطتان "تنظيميتان" صغيرتان لابد من التعرض إليهما قبل مغادرة هذا المقام وأود لو يعطيني السيد وراق تفسيراً لهما:
• ذكر السيد وراق أن العدد المفترض لحضور المؤتمر كان 45 مندوباً حضر منهم 27 وتغيب الباقون لأسباب مختلفة. ذلك يعني أن أكثر من ثلث المندوبين (خمسي المندوبين على وجه الدقة) لم يحضروا. سؤالنا هو كم النصاب القانوني المطلوب لانعقاد مؤتمر يغير طبيعة الحركة من أولها إلى آخرها؟
• كما ذكر أنهم أرجأوا التوصيات التي كان من المقرر عرضها على الاجتماع المشترك بين الداخل والخارج، ومن بينها تغيير اسم الحركة، إلى التشاور والتنسيق مع فروع الحركة في الخارج وإلى الأشكال المؤسسية والديمقراطية التي تعززها. سؤالنا هو هل يتخذ المؤتمر، وهو السلطة العليا في كل التنظيمات الديمقراطية، توصيات أم قرارات ملزمة؟ وإن اتخذ توصيات فما هي هذه الأشكال المؤسسية الديمقراطية الأعلى سلطة من المؤتمر والتي ستجيز توصياته أو ترفضها؟ على كل، طالما أن تغيير اسم الحركة الخاصة بالسيد وراق مطروح ضمن تلك التوصيات، فأنا أؤيده وأشد من أزره وسأصوت بنعم من أي موقع كنت فيه، حتى ولو كان ذلك وسط العلامات البارزة في جغرافية السودان السياسية التي "حشرني" فيها السيد وراق ذات يوم دون سبب، لو لم يكن قد شطب اسمي من تلك القائمة بعد، كما أظنه قد فعل بالكثيرين.
انتهى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: (حركة حق كيف نشأت ومن السبب في إنشقاقهاحوار بين أطراف النزاع ) (Re: ثروت سوار الدهب)
|
فأدلي الأستاذ حيدر ابو القاسم بدلوه معبرا عن نفسه و عن فرع كندا فقال:
نشر هذا اللقاء بصحيفة الوفاق السودانية في 12/13/14 أغسطس2000 الأستاذ حيدر أبو القاسم ـ حركة القوى الحديثة الديمقراطية (حق) ـ كندا:
هل تعتقد بان لما حدث من صراع داخل (حق) خلفية فكرية؟
ـ نعم .. فلعله و بفعل إشعاعات مشروع التنوير الذي آلت (حق) علي نفسها ان تحمل مشاعله، فقد تكشفت لنا في الافق السياسي دواعي المشروع و عظمة اهدافه وقيمة حصيلته، و لأن التنوير في فهمنا هو محاولة لخدمة دولتنا الوطنية بغرس بذور الوعي الديمقراطي وقيم الحداثة وبسط المعرفة لفهم تجليات المشكل السوداني و تداعياته، فنحن بهذا نوفر لانفسنا و لغيرنا الشروط الموضوعية الازمة للتفاعل الايجابي مع هذا المشكل، حتي نستقبل علي الطرف الآخر من المعادلة سودان صحيح و مقتدر. و للان اشعاعات التنوير لا تعرف الالتواء، تماما كما تسقط من الشمس، فقد كان لنا نصيب من دفقاتها، وبطبيعة الحال فأن التجربة هي اصدق مقياس للتعبير عن هذه الوضعية، وضعية التكشف الفكري ل(حق) كمؤسسة للتنوير، و وضعية الحساسية الديمقراطية تجاه الاشياء، و وضعية الخاص في مواجهة العام، و الفرد في مقابل المجموعة، و الماضي في صلته بالحاضر، و نحن هنا لا نستحضر متقابلات والسلام، وإنما نحاول أن نرصد مجمل العوامل التي غذت الصراع داخل (حق). لقد جئنا إلي (حق) كل من موقعه، و إن كان العامل البارز وقتها التمرد علي المنظمات الشمولية على ظلال السقوط المدوي للشيوعية وإنهيار بناءآتها النظرية و انظمتها المجتمعية ودولها الانموذجية، كان هذا عاملا في التدافع نحو بديل جديد، و إن كنا قد خرجنا من اقبية اليسار سويا ـ وهذا فيما يخصني وبعض الاخوة في (حق) ـ فقد ابانت التجربة أن وحدة الخروج لا تعني بالضرورة وحدة وقع الحافر على المسار الجديد، و هنا تكمن الخصائص الحاسمة في مساألة الخروج ذاتها، فمنا من خرج و هو على قطع تام بانماط التفكير الشمولي و فيما يمثله ذلك من شغف بالديمقراطية بعد حرمان وتماهي في جوهرها الإنساني بعد نكران، و منا من خرج و في مسامه إبر طواعن من القديم، وإذ لم يتصل خروج هؤلاء بالنزول إلي حياض الديمقراطية تطهرا في الذات و إرواءا لعروق تيبست من حراء الشمولية وإقصاءا لمتعهداتها في الاحادية والتغرب، و إرضاءا للضمير الوطني الباحث عن السوية والديمقراطية، فقد كان هؤلاء مصدر متاعبنا وآلامنا، و لعله مفهوم بهذا أن كان كان بيننا من غيَر إنتماءه القديم شكلا، بينما ظلت الدواخل هي هي، و كان من الطبيعي في هذه الخلفية أن يكون هناك اختلاف في الرؤى ومناهج التحليل واساليب إدارة التنظيم، و إن كنا لم نصل إلي هذا التقيم إلا عبر التجربة، فالجانب الفكري من الصراع الذي شهدته (حق) مرتبط باستحضار العقل الشمولي كفاعل ماضوي، و بمستوى الإنفعال بالديمقراطية كاداة عصرية لبناء مجتمع بشري قويم، لهذا كان صراعا بين الليبرالية و الاحادية، بين الاعتدال و التطرف، بين الواقعية والدوغمائية، بين تنظيم قائم علي الجمعية و آخر على الملكية الفردية، و في ظل تداعيات هذه الاختلافات الكبيرة وإنسحابها علي التفاصيل الصغيرة فيما تقتضيه ضرورات العمل المشترك، يصبح الاختلاف اعمق من كونه فكريا ليضحي اختلاف روح و وجدان. ماهي تداعيات الصراع بين فريقي (حق) في الداخل والخارج؟
اولا: لم يعد هذين الفريقين تقسيمة داخلية لفريق واحد لزوم المران و الدربة وإنما ذهب كل إلي سبيله، و دون اهمال لمتراكمات هذا الصراع فقد اتخذ الاستاذ الخاتم عدلان اخطر القرارات على الاطلاق، و تعالي على أية امكانية للوفاق و حسم هذا الصراع باقصاء (مجموعة الحاج وراق) كما يسميهم بذلك، و هي تسمية ترمي لإستضعاف المركز الحقيقي للحركة و لإشاعة إحساس بالتبعية و الإنقياد والإستفراد، وإن رمتني بدائها وإنسلت، فهذا مالا يعفي الاستاذ الخاتم عن مسئوليته التارخية في تدبير و تنفيذ إنقلاب قصر أطاح بامكانية الوصول إلي حل ديمقراطي في إطار المنظمة الواحدة، وما يدعوا للاسي أن الخاتم عدلان لايملك حق إتخاذ مثل هذا قرار، فقد فقد(بفتح الدال) و لجنته التنفيذية شرعيتهم آليا بانقضاء شهر ياناير 1998 ، باعتبار أن هذا هو التاريخ الذي كان من المفترض أن يقوم فيه مؤتمر الحركة، وذلك وفقا لمقررات مؤتمر اسمرا في ياناير 1997 ، لكن يبدو ان اثقال الإرث الماضوي في تغيب المؤتمرات العامة لعقود من الزمان مازال ينوء بكلكل. لقد اضاع الخاتم حقوقنا التنظيمية الاساسية على اثر قنابل دخانية استباقية حول (التحريفية) التي حاقت بالبرنامج السياسي للحركة، و إن كان الامر كذلك، فهذا ما كان يستدعي مؤتمرا عاجلا لفروع الحركة بالخارج على اقل التقدير، باعتبار الخارج موضع اختصاص اللجنة التنفيذية التي يرأسها الخاتم عدلان، و حتي لا نظلم الرجل فلابد من الاعتراف بأنه انجز هذه المهمة بعقد المؤتمر (في القاهرة) و لكن فقط بعد أن اصدر عرائض الاتهام المطولة ضد الداخل، وبعد أن اصدر فرمانا ناريا بفصل(مجموعة الحاج وراق) واودعه الإعلام، و بعد ان اعاد الاعتبار لمنطلقات الحركة و بعد صفي الانقسام والانقساميين!! و لعلي في لجة هذا الطفح إستدركت لماذا تتهرب الكيانات السياسية الشمولية عموما من عقد مؤتمر عام في ظرف صراعي، فالمخافة كبرى، على اية حال و لما لم يعد هناك سر فنرجو من الاستاذ الخاتم أن ينشر على الملأ محضر الاجتماع الذي بموجبه فصل قيادة الداخل و عدد و اسماء الذين شاركوا من الاعضاء اللجنة التنفيذية في الاجتماع ومدي نصابية الاجتماع وأي لائحة ومرجعية قانونية استندوا عليها. لقد كانت الحركة في الخارج تحتاج إلي مؤتمر (طبيعي) وفي اوانه ليعكس و يمثل وضعية الحركة كما كانت، كنا نحتاجه لمحاسبة قيادة الخارج قبل قيادة الداخل علي فشلها الزريع في إدارة شئون الحركة وفي تنفيذ اجندتها السياسية وفيما آل إليه وضع الحركة عموما، كان هذا افضل من البحث عن قميص عثمان و من استهداف مقدرات الداخل بحثا عن التساوي في الفشل. ثانيا: ليس الامر من بعد صراع بين داخل وخارج، وإنما في تقديري خروج الخاتم عدلان عن(حق) و لكن ولان الخاتم ما تعود الخروج بهدوء فكان لزاما الصخب و الحواشي و الاسترفاق. لقد كنا نظن في ظروف بدايات التكوين و المبادرة لبناء (حق) نعتبر وجود الخاتم بيننا مكسب، بيد ان التجربة اكذبت خيالنا و لا نعتبر الان خروجه خسارة. ثالثا: لا نخفي بان هناك اختلاف في وجهات النظر داخل الحركة حول بعض الموضوعات السياسية، و ان توحدنا العضوي مع الحركة بالداخل لا يغيب هذا الخلاف وإنما سوف نتناوله في حينه ومواعينه، و بالضرورة عبر الحوار والديمقراطية، كما أن الخلاف داخل منظمة واحدة ليس من ابتداعتنا، وإنما هو من طبيعة الاشياء ونحاول من خلاله ان نكون اكثر سعة لاحتمال الآخر، لكن الاختلاف عند الخاتم شيئ مختلف، فهو الاقدر علي استنباط المعنى الحقيقي والكامل للنص او المداخلة و الذي لا يعرفه العامة ولا المثقفين، فهو اخصائي التاويل (و التبليع) و هو الاقدر علي قراءة ما بين السطور و علي رد الافكار إلي اصولها مع التحلبل الذي لابد و ان يفضي للاسف إلي (مؤامرة) أو خزلان... أرجو ان يستمع الاخوة القرء إلي هذه العبارة التي اقتبستها من وثيقة اصدرتها القيادة الوطنية بالداخل بعنوان "رؤية (حق) في واقع سياسي معقد"تقول العبارة في معرض تحليلها لمفاعيل الصراع داخل الجبهة الإسلامية((... و وسط هذا الركام من التناقضات برز إتجاه من الإسلامين الذين استخلصوا الدروس و العبر من تجربة الإنقاذ، فقطعوا بهذا القدر او ذاك مع التفكير الشمولي وسلموا اخيرا بأن اية محاولة لتخطي الديمقراطية التعددية لن يكونوا خلفها و طوروا استعدادا واضحا للوعي بالآخر والقبول به.. وهكذا فإن الحركة الإسلامية التي صادرت التعددية في المجتمع تجدها في جلدها.. و ما عاد من الممكن لا من حيث دقة التوصيف العلمي و لا من حيث ضرورات تاكتيك سياسي ملائم التعامل مع الحركة الاسلامية ككتلة واحدة صماء...انتهي)) باطبع متروك للقارئ الوصول إلي اي استنتاجات كانت حول مفهومية هذا النص على وضوحه، فقط نود ان نضيف تأويل الخاتم عدلان بأن في هذا مشروع للتحالف بين (حق) و تيار التوبة في الجبهة الاسلامية، و قد كان هذا احد الاتهامات الفظة التي اوردها في معرض البيان الذي فصل فيه قيادة الداخل بل استنكر لاحقا ما اسماه التدخل في شئون الجبهة! و نحن بهذا في مواجهة شيئ مختلف نحاول فهمه عبر استدراكات اولية.. و تأسيسا على ما قال فان قراءآته النقدية للماركسية و لقضايا الحزب الشيوعي (بعد خروجه عنه) هو تدخل كذلك، و تأملاته في وضعية التجمع(و لما لم يدخله) هو تطفل عليه، واستمراره في مناولة مجموعة الحاج وراق (بعد ترجله عنهم) هو تدخل ايضا، و هيامه بمنجزات الحركة الشعبية (ولما لم ينتم إليها) هو تدخل كذلك، وإن حاولنا تجاوز غرابة الموقف وصولا إلي نخاعه الفكري فهو دعوة للتمترس والتصلب وتابيد الاحكام، و هذا باطبع غير ما تقتضيه آليات الحراك السياسي في بلد مازال يبحث عن هويته و استقراره السياسيين، بمعني مجافاة الفكرة للاهمية الفائقة للبحث و الاستقصاء و الاستدراك في حالة الاحزاب السياسية السودانية عموما، و لنا هنا إشارة متواضعة مؤداها ان باب التغير لم يغفل بخروج فلان أو علان من حزبه القديم، و نحن في واقع الامر كقوة تتطلع لتحشيد اكبر قدر من ابناء السودان حولها ـ نؤمن بالتغير و بضرورته، بل ونسعى إليه ونبني عليه عشمنا الكبير، فلو كانت الامور مختومة على ما هي عليه فما بالنا لاهثون؟! إننا في حراكنا السياسي المضبوط على إيقاع القضية الوطنية، نجتهد ما في وسعنا، نطرح افكارنا، ننتقد ما نراه خطأ فينا أو في الآخر، نناقش، نستقطب و نحيد، و هكذا نتفاعل مع السياسة و نلامس كل سوحها من موقع القناعة بالتغير دون استغفال و الوعي بمحيطنا السياسي دون سذاجة. هناك نموذج آخر في التأويل الغريب للأشياء و الذي عادة ما يتورط فيه الخاتم عدلان فيصدقه لنفسه و يعممه على صديقيه و يخلق منه قاعدة للحكم على بطلان الآخر.. و هنا اقتبس نصا آخرا من ذات الوثيقة آنفة الذكر((تبنت الإنقاذ تصورا احاديا للهوية السودانية يتاسس على المركزية العربية الإسلامية و تعاملت مع وجوه و مكونات الهوية السودانية الاخري إما كفراغ ثقافي أو زوائد لا يؤبه لها أو كمظهر من نفثات الابالسة و الشياطين.. انتهي)) تصوروا أن هذا النص لم يشفع لقيادة الداخل في كونها ذات افق متوازن في مفهوميتها لموضوع الثقافات السودانية المتعددة، فجاء إتهام الخاتم مجلجلا بانحياز قيادة الداخل للمركزية الإسلامية وكان باطبع احد مصوغات الفصل، و بينما استكملت وثيقة الداخل حرصها على التوازن الثقافي بنص آخر يخص الحركة الشعبية و يقرأ كالآتي إن إقرار حق تقرير المصير لا يعفي الحركة الحركة الشعبية من إتخاذ موقف فكري وسياسي من وحدة السودان و جعلها احد أركان خطتها السياسية و عملها التربوي وسط مؤيديها، و في غياب ذلك فقد زاد الوزن النسبي لتيار الإنفصال داخل الحركة الشعبية، و هو ينزلق بها إلي تبني مركزية افريقانية في مواجهة المركزية العربية الإسلامية، إلي إنكار مجرد وجود عروبة في السودان و هو موقف يختزل الثقافة إلي الجينات العرقية، و يصادم ليس فقط الحقائق السوسيولوجية، وإنما كذلك و في المقام الاول أحد اهم حقوق الإنسان، الحقوق الثقافية و الرمزية. ان بديل المركزية العربية الإسلامية هو منطق الحوار الديمقراطي بين مكونات الهوية السودانية وليس مركزية مضادة. و ان كفاح الضحايا الحق ضد الجلاد لا يتم بالتماهي مع الجلاد واستلاف نماذجه في التفكير و الممارسة.. انتهي)) و إن كان لي تعليق على ما اوردته الوثيقة حول كلا الطرفين (الجبهة و الحركة) فانني انسب ل(حق) فضل التفكير بالصوت المسموع وتحويل الهمس الشعبي إلي مادة سياسية و المخاوف إلي مادة معلنة، ومن يفعل ذلك وهو يتحسس الحاضر وينظر إلي المستقبل ممسكا بمقبض التوازن و مستوعبا لخصائص الامة، فهو باضرورة باحث عن حل للجميع في الحاضر وللمستقبل. هل صحيح انكم على وفاق مع حزب الامة وخلاف مع الحركة الشعبية؟
طالما كنت على (حق) طالبا في معيتها الفكرية و متفاعلا مع قوتها الاسترشادية، فاعتقد ان نحن علي وفاق مع كل من يحمل هم الوطن ويعمل على تضميد جراحه النازفة لنصف قرن من الزمان ونيف، و نحن علي وفاق مع كل من يتطلع للديمقراطية والسلام، و علي خلاف مع من يصادر أو يود ان يصادر مبدأ الإختلاف، الاختلاف هنا هو الآخر و هو رديف الديمقراطية واحد رئتيها، ديدننا في تشخيص حالات الوفاق و الاختلاف هو الاحتكام للتجربة و للمنطلقات النظرية للفريق موضع البحث لنستخلص منها مستوى الحساسية الديمقراطية و شفافيتها، نحاول ان نرى هذه الاشياء من خلال البيان السياسي و الموقف الايدولوجي و المداخلة الفكرية والفعل المدني و فوهة البندقية، و مع من نتوافق أو نختلف فمرحبا بهم جميعا في رحاب الديمقراطية، على هذا نقصي مبدأ الإقصاء و نعترف للجميع بحقهم الديمقراطي في الحياة السياسية للسودان الذي نتطلع إليه، فجميعهم من صنع التاريخ و هذا الموقف من التاريخ ليس لانه فيه مهابة، بل لأنه متفاعل في الحاضر و يحمل ظلالا للمستقبل، فيما يؤكد ذاته كعملية (تاريخية) لابد ان تنجز في مرحلة او مراحل، و اظن بهذا قد ضاقت الفجوة النظرية بين من مع من نتوافق و نختلف، و هذا بالضبط هو المقصود، ليكون إختلافنا موضوعيا تحكمه الظروف المحيطة به فيما يقابلها من عقل موضوعي قادر على تفهم هذه الظروف إنفراجا و إحتقانا، و ليكون وفاقنا علي ذات النسق، نحن نحاول بهذا أن نمنع تمدد حكميهما إلي مصاف الآيدولوجية و الديدن، و ذلك حتي نمنع هزيمة الديمقراطية في ذاتها و السياسة في موضوعها. إن كانت هذه إضاءة نظرية عابرة مستمدة من السؤال في حرفيته فخالني محتاج للاجابة عليه في كونه سؤالا اكثر مباشرة و إرتباطا بلغة السياسة السودانية و وقائعهالآنية، و في هذا اعتقد ان المقصود من جانب هو تحالف (حق) مع حزب الامة كفكرة من طرف القيادة الوطنية بالداخل و كاتهام من طرف الخاتم عدلان، فلنصرف الاتهام اولا بمنطق مستعار من مواقف الخاتم نفسه و الذي كان الاسبق من غيره في التحالف مع الاحزاب التقليدية، حيث وقع اتفاقا في جدة مع حزبي الامة والاتحادي في عام 1995 دون علم بقية اعضاء القيادة آنذاك، و بكل ما جلبه هذا الاتفاق علي منظمتنا الوليدة من (هواء بارد)، كما ان الخاتم من المناصرين الاشداء لفكرة دخول (حق) التجمع و بما لحزب الامة فيه من وزن معتبر، فإن كان دخول (حق) التجمع يعني دخولها في تحالف مع عدة احزاب مجتمعة، فما المانع في تحالفها مع هذه الاحزاب فرادي؟! و إن كان التجمع الآن قد تبني مشروع التسوية السياسية، فما الفارق الجوهري بين التجمع و الامة؟! إن كان الخاتم وجه نداء لحزب الامة بالعودة إلي التجمع فلماذا يرفض فكرة تحالف (حق) مع حزب الامة، مع ملاحظة أن حزب الامة هو حزب الامة سواء كان داخل التجمع أو خارجه، و إن كان بين قادة حزب الامة(شيوخ عرب وذوي استنارة ليبرالية) كما قال الخاتم بذلك يوما ما فما بالنا نخسرهم، و إن كان تقييم الخاتم لعملية "تهتدون" و بما اضفاه عليها من عمق لا تستحقه يمثل لديه عشم سياسيا، فهل توقف العشم السياسي في هذه الدنيا عند بوابة تهتدون؟ ولما كانت كل هذه المواقف الخاتمية مجتمعة أو منفردة تمثل نقاط تماس مع حزب الامة، فلماذا إستشاط غضبا عندما اقدم الآخرون على اقل مما فعله هو؟! إن الخاتم بهذا قد أعطى نفسه حق التجريب كاملا بينما حرَمه على الآخرين بشكل مطلق، و ليس مهما بعد هذا أن نقيم حصيلة ما جربه مع مع حزب الامة أو التجمع و لكن بداهة كانت قراءته في هذا و ذاك خاطئة خاطئة. اعرج الان على فكرة القيادة الوطنية بالداخل في ترشيح حزب الامة كحليف ل(حق) و ذلك اعتبارا بما ورد في ذات الوثيقة حول هذا الخصوص، و الفكرة هي نتيجة لمقدمة نظرية تشير إلي قناعة حزبي الامة والاتحادي بالديمقراطية التعددية و ذلك بحكم قواعدهما الجماهيرية و استفادتهما الواضحة من النظام الديمقراطي، و أن حزب الامة تحديدا هو الأكثر تماسكا و وحدة والاوفر شعبية و هذا ما يجعله حليفا موضوعيا ل(حق) و التي يقوم كامل بناءها النظري على الديمقراطية، اجد نفسي على خلاف مع هذه الفكرة، و التي اظنها مستوحاه من فكرة اعم، قوامها التحالف بين الاحزاب التقليدية بحكم و ضعيتها آنفة الذكر والقوى الحديثة بحكم فعاليتها السياسية. فأن كانت الاحزاب التقليدية معلومة باسمائها و تاريخها فالقوى الحديثة(المنظمة) لم يشتد ساعدها، و هناك اشكالية في مسالة تمثيلها النوعي ومدى إنسجامه واختلافه مع الممارسة الديمقراطية، و هناك واقع الشتات الذي تعاني منه فصائل القوى الحديثة و إنتشارها يمينا و يسار، في الكيانات التقليدية و كذا الحديثة، في الحركات السياسية وكذا العسكرية، وإن كان هذا في مجمله يضعف المحتوى النظري لمشروع التحالف في عموميته، فالضعف ينسحب بالضرورة على تحالف حزب الامة و (حق) في خصوصيته. كما ان (حق) و هي ما تزال في طور البناءات الدنيا والوسيطة، فهي محتاجة لاستكمال هيئتها التنظيمية والسياسية، و ترسيخ معالمها الجمالية المميزة لها وتجذير وجودها في ثراء الوطن، و ذلك حتي يقوى عودها وتكتمل اهليتها لتتحالف مع الغير من موقع الندية و التكافؤ، لقد تعلمنا من التاريخ أن التحالفات الغير متكافئة تصيب الطرف الاضعف بمزيد من الضعف، كما أننا ما نزال نطرح (حق) للجماهير السودانية كبديل للنخب العسكرية والمدنية التي فشلت في إدارة شئون البلاد، و لهذا و لما لم تكتمل بعد العناصر الدالة على تنظيمنا و المحددة لجوهره و لموقفه المتميز في الساحة فأننا نخشى من مساس بمصداقيتنا و من شرخ في تكويننا الفكري السياسي. اما القول بأن الاحزاب التقليدية ذات مصلحة في الديمقراطية فهذا ما لا يؤخذ بالجملة، نعم لهذه الاحزاب قدرة علي الوصول إلي السلطة عبر الديمقراطية، و لكن ماذا عن النصف الآخر المتعلق بالنزول من السلطة عبر الديمقراطية، و كيف يقم شعب السودان هذه التجربة، بل و كيف يقيم تجربة هؤلاء في حكمهم الديمقراطي، فان كنا سنقيم تحالفا على ظلال هذه الخلفية فسوف نحمل معنا اثقالا من التاريخ لا نقوي عليها البتة. لقد نقلنا رأينا كمجموع لاعضاء واصدقاء بكندا حول الموضوع إلي قيادتنا بالداخل، و هذا ما نامل أن يؤخذ في الاعتبار. بقي ان نقول أننا في هذا نتحفظ على فكرة التحالف باعتبار مقدراته السياسية العالية و تشابك عناصره بالإضافة إلي خصوصية الوضعية البنائية ل(حق) كما أوضحنا من قبل، و بالطبع نقبل ما دون ذلك فيما يتعلق بأوجه التنسيق و التبادل و توحيد الجهود في المعارك الجماهيرية مع تواصل الحوار و تبادل الافكار و الاراء. و للحقيقة ايضا و بمقدار ما تتطلبة المرحلة من تشابك للايدي تكاتفا وتعاضدا من اجل استعادة الديمقراطية، فلابد من تمتين البناءآت المستقلة للكينات السياسية كذلك و لعل في هذا إعدادا حقيقيا لتعددية حقيقية، حيث يواجه كل حزب واقعه و يحصي قوته ويستدرك نواقصه و يعد برامجه، ولابد أن ضعف الأداء الحزبي و ترهله وإضطراب آلياته و ضمور ملامح علاقته بالجماهير اضرَ بالتجربة الديمقراطية في حقب سوالف. اما فيما يتعلق بثمة خلاف لنا بالحركة الشعبية فهذا تقيم احادي، و هو في واقع الامر اتهام روج له الخاتم عدلان عندما انتزع اقدامه من (حق) و ألقي بحزمة مشاعره السياسية علي الحركة الشعبية، نحن في واقع الامر علي خلاف و وفاق جديرين بالإبانة، لكن اود اولا ان القي باضاءة عجلي على المناخ النفسي الذي يتعامل فيه بعض مثقفي الشمال مع الحركة، إذ ينظرون إليها و كأنها حركة مقدسة، وإن من يتعرض لها بالنقد فهو داعية للإنفصال أو لتعزيز سيادة المركزية العربية الإسلامية، و من يشير إلي الحركة إنطلاقا من قاعدتها القبلية التقليدية ـ وإن كان هو واقع ـ فهو مخزل، و من يسال عن وضع الديمقراطية داخل الحركة فهو مشكك في ديمقراطيتها، لقد تشكلت هذه الذهنية الإذعانية في خضم تداعيات القضية الوطنية وإنهيار المشروع الماركسي للتغير الاجتماعي و ما ترتب عليها من إحباطات ثقيلة على المستوى الوطني و فقدان هوية علي مستوى التدافع الماركسي فصارت الحركة بديلا لبعض قوى اليسار، و لكنه بديل مطوَق بذات الذهنية، ذهنية المطلق و المبرأ تماما كما كانت الماركسية من قبل. ـ أننا في (حق) ننظر إلي الحركة كحركة افرزتها ضرورات موضوعية، و رفدتها خيبات التاريخ والمظالم و الفقر و المفارقة وعجمت عودها إهدارات الحقوق الاساسية و عمق مشروعية فعلها العسكري الإنقلاب العسكري على الديمقراطية. ـ و نلتقي مع الحركة في بحثها عن حل لمشكلة السودان بمتفرعاتها الثقافية و الاثنية و السياسية والقانونية والإقتصادية في إطار حق تقرير المصير. ـ ولكننا نختلف مع الحركة في محاولتها ترفيع شحنتها المعنوية الناجمة عن مناولتها لقضايا الاقليات والهامش إلي حق سياسي وقانوني. ـ كما نختلف معها في مدى البندقية و الذي نراه إستعادة الديمقراطية و ارساء القاعدة القانونية للحريات السياسية، فأن كان هناك زعم ببناء السودان الجديد بالبندقية فلن يكون هناك سودان، و إن كان هناك من طريق لبناء السودان الجديد فلن يمر إلا عبر بوابة الديمقراطية. هل هناك ثمة تجاوزات أثرت على مواقفكم المبدئية و منطلقاتكم الأساسية؟
المبدئي و الاساسي في (حق) تشكله و ترعاه و تطوره و تعدله الظروف الموضوعية علي خلفية القراءآت المتغيرة في ترموتر القضية الوطنية، و على هذة الخلفية تنمو في دواخلنا باضطراد حساسية عالية تجاه المتغير، و هذا حسن لانه يمكن في تربيتنا الديمقراطية، و لانه يمكننا من توظيف المتغير في خدمة قضية الوطن، و على هذا القياس أيضا فالمبدئي فينا متواضع ـ كحالناـ لا نحيطه بجبروت نظري سرمدي و لا نختمه بصك من البراءة، مبادؤنا هي مجموعة أهداف سياسية نسعى بها لاداء ضريبة الوطن و ذلك عبر ما اخترناه من تنظيم و أدوات لنشاطنا السياسي. إن أبعد ما نرمي إليه تقديم نموذج في حضوره الاخلاقي السياسي رفيع المستوى، و بديمقراطيته غني المحتوى. هناك من ينتحب على مبادئ اهدرت، والصوت هنا خاتمي معهود، و اكثر ما أوجعه صرف قيادة الداخل النظر عن العمل العسكري و تبنيها لمبدأ المقاومة المدنية، فهل العمل العسكري في حد ذاته غاية ام وسيلة؟ فإن كان غاية فهو بالفعل مبدأ، و في هذه الحالة فنحن اعجل من من يتبرأ من مثل هذه الغاية او ذاك المبدأ ولو اجزناه في مؤتمر شهده الملائكة و دوَن على لوح محفوظ، و إن كان وسيلة فمبادؤنا و غاياتنا مصونة، وهل منازلة نظام الجبهة هدف في حد ذاته ام وسيلة لاستعادة الديمقراطية؟ فأن كان هدفا متماهيا في فكرة الاقتلاع من جذور، فهو يجسد بذلك ملامح شخصية إستئصالية تعاني فقرا حادا في الديمقراطية، فالديمقراطية التي نصبو إليها لن تنزل إلينا من السماء ليمارسها اناس مطهرون، و إنما هي ديمقراطية ارضية من واقع تداعيات الشأن السوداني و معطياته الموضوعية، لهذا نريد ديمقراطية لتبرئة جراحات المجتمع و تقويم مساره السياسي و لمحاصرة و هزيمة الجيوب النظرية التي تفرَخ للقهر و الاستبداد، و لترويض الشمولين علي التعددية و الاحاديين على الآخر، و مثل هذه النمازج موجودة في السلطة و المعارضة على السواء، إذا فهي حوجة مجتمع بأسره و لابد أن تكون، بناءا عليه، و إن كان هدف المنازلة استعادة الديمقراطية فهذا ما نحن فاعلون. أن إستيعاب من تجنوا علي الديمقراطية فكرا و ممارسة، في ثنايا مجتمع ديمقراطي جديد، هو مصدر ألم للبعض باعتبار سوابق التجني و مصدر عظمة للديمقراطية باعتبار طبيعتها الاستيعابية التسامحية، و لكن فيما تقتضيه مرتكزات التحول الديمقراطي على الساحة السودانية فأن المزاج الوطني الذي شكلته ظروف بالغة الحدة و العنف في ظل نظام الجبهة الإسلامية لا يقبل التقاضي عن كل شيئ، إلي هنا فنحن متوافقون مع مبدأ المحاسبة القانونية ـ لا الاستئصال ـ خاصة فيما مس حقوق الإنسان و جرائم الفساد و ما إليه، لتستكمل الجماهير هذه الاحكام القانونية باحكام سياسية من خلال صناديق الاقتراع. إننا نطرح هذه الحزمة من الافكار حول فهمنا للديمقراطية على خلفية تجارب شعوب كانت اشد نكأ و شراسة، فتنكيل نظام الفصل العنصري بالشعب الجنوب افريقي استمر لأكثر من ثلاثة قرون، و حكم الانظمة الشيوعية بالحديد و النار للاتحاد السوفيتي و شرق اروبا استمر لاكثر من سبعة عقود من الزمان، و مع هذا انجزت شعوب هذه الدول تحولا ديمقراطيا جبارا و حفظ للجناة مواقعهم في الحياة السياسية، و نحن امام خيار حضاري أقل كلفة و جراحا و اخطارا و ينبغي أن يكون في موضع اعتبارنا على اقل تقدير. اما فيما يختص بانسياب هذه الافكار و غيرها في قنوات تنظيمية لتعبر عن وجهة نظر (حق) فاعتقد أن هذا ما حدث بالداخل و الذي عقدت فيه الحركة ثلاث مؤتمرات و رابع مشترك بين الداخل و الخارج و قد كان ثلاث من هذه المؤتمرات الاربع تحت وطاة الاسرية و الارهاب و الطوارئ، و ان جملة هذه المؤتمرات كانت في ظرف خمس سنوات (عمر الحركة) و هذا فعل قياسي في الحياة السياسية السودانية، و تجربة نموذجية عاكسة لاصالة الانتماء الديمقراطي، و بطبيعة الحال فأن توجهات الحركة و تاكتيكاتها و تقويماتها كانت مستوعبة في هذه المؤتمرات، و لكن شيئا من هذا لم يحدث في الخارج، حيث الهواء الطلق، و حيث الظروف المغايرة تماما لإستثنائية الوضع في الداخل، انعقد مؤتمر واحد بالخارج و كانت قيمته في مشاركة الداخل و بوفد كبير علي ظلال السيوف و تربص الالغام في ظل محيط امني و سياسي و عسكري، ليثيبهم الخاتم في نهاية المطاف بأنواط الخيانة و نياشين الردة والنكوص، و مع حرص الداخل على التقيد بالممارسة الديمقراطية فيما عبرت عنه تلك المؤتمرات فقد ظل صوت قيادة الخارج يجهر بعدم أهلية مؤتمرات الداخل لنواقصها التنظيمية و التي تعرفت عليها قيادة الخارج بحذاقتها بعيدة المدى"ريموت كنترول" و على كل وإن جازت صحة هذه الافتراضات، فمؤتمر بنواقص تنظيمية أفضل من لامؤتمر، و الشاهد أن الداخل بثقله السياسي و التنظيمي و بتناقم اطروحته مع المزاج السياسي لبعض فروع و فعاليات الخارج كان كفيلا بترجيح كفة التحول الديمقراطي في اهداف و وسائل الحركة في مؤتمر عام و جامع، و هذا ما يشكل الآن ملامح الحركة بعد نزول غبار الصراع على الأرض. ما هي حكاية المجذرة التنظيمية المتهمة بها قيادة الداخل على لسان قيادة الخارج؟
الخاتم يتحدث عن مئات فصلوا باعتبار مناوءتهم للخط السياسي لقيادة الداخل، و قيادة الداخل تتحدث عن ثلاثة عشر عضوا فصلوا بتهمة الاختراق الامني، و إذ يروج الخاتم ـ و الذي لم يعد طرفا محايدا ـ لهذه القضية، فليتنا نسمع من هؤلاء المفصولون، و في جانب آخر ليت الخاتم لم ينس مجذرته التنظيمية في اسمرا و التي احالت عضو لجنة تنفيذية في قيادة الخارج و منتخب بواسطة مؤتمر عام إلي المعاش، و كذا مجذرته المعنوية (على قسطل البطش و الفشل) و التي اقصت العديد من أعضاء الحركة و اصابت التنظيم بالموات و الإضمحلال حتي إنحصر التنظيم الخارجي(في شكله الرسمي) في مجموعة صغيرة من الخاتم و قدامي أصدقائه، و ليته لم ينس مجذرته السياسية التي اقتطعت رهطا من أعضاء "المنبر الديمقراطي" و اودعته البحر، و ليته يعلم تمنع لفيف من المثقفين و الاكادميين و حاملي الهم الوطني داخل السودان و خارجه عن الإلتحاق بالحركة بسببه و إذ ما خاب ظنهم. و الشاهد أن موضوعات الصراع التي أثارها الخاتم داخل (حق) لا تخص منظمتنا بمفردها، فاغلب هذه الموضوعات ذات طابع عام يشترك فيه آخرون، خاصة تلك المتعلقة بمنازلة نظام الجبهة، و في ظل اقصاء الخاتم لكل وسيلة غير البندقية، فهو ليس علي خلاف فقط مع الطرف الآخر من (حق) و إنما هو علي خلاف مع كل من يرفع رايه المقاومة المدنية، و كل من ينادي بالديمقراطية و السلام، و كل من يخرج في تظاهرة مناوئة للنظام و كل من يصدر بيانا و كل من يقيم ندوة و لو سقط فيها ضحايا و كل من يدعو لوفاق أو حراك مدني باعتبار أن كل هذه اسلحة عاجزة لا تضاهي حذاء مقاتل، و يظل هذا الموقف الذي اتخذه الخاتم في مواجهة هذه القوى مجتمعة في تداعيها الجماهيري هو مجذرة شعبية، كما أن الصراع الذي قاده الخاتم ضد منظمته ليس كله سياسة و لا كله تنظيم، إذ أرى في الافق ملامح إمام عالم أصابه الوجل من نظيره المجاهد الذي اقتحم مجالات الفكر و التنظير بما ينطوي عليه ذلك من إختراق لخاصة العالم، كما أنه (أي المجاهد) لامس باحات الإعلام في غير ما إذن، و تطاول في الساحة علي غير ما هو مقدر له. كيف تنظرون إلي مستقبل حركتكم في ظل ما شهدته من صراع؟
لقد خرجنا من هذا الصراع و نحن أكثر ملامسة لقضايا الواقع و اكثر اندغاما بين جماهيره و اكثر ثقة في المستقبل، لقد خضنا تجربة اكسبتنا جلدا و جلاءا، و ننتظر الجماهير السودانية لتختبر هذا فينا. نحن نتوجه بعد اليوم إلي تمتين بناء منظمتنا و نفتح ابوابنا لكل ديمقراطي أو من يود أن يكون، و إذ لا نتوقع من هذه الجماهير أن تقف في الحياد من صراع خضناه باسمها و إرادتها وعلي شرف مقدراتها و تطلعاتها في ديمقراطية حقة، فأننا بهذا نتوقع من هذه الجماهير دعما سياسيا و معنويا و ماديا و إلتحاقا تنظيميا و تفاعلا فكريا لتتعاظم المسيرة و تنداح دوائرها حتي يتحقق حلمنا و حلمكم بقيام حزب الوسط السوداني حزب الجماهير الغالبة، على قواعد صلدة من الكرامة الإنسانية و الديمقراطية و الحداثة. ما هو تصوركم للخروج من الأزمة السياسية الراهنة للبلاد؟
ـ إن موضع الأزمة هو الوطن، و هو بطبيعة الحال موضع السلطة القاهرة و ينبغي أن يكون موضع البديل، البديل إما الآخذ احمال المعركة في حلقاتها و نضالتها الجماهيرية المدنية المفضية إلي الإنتفاض و تغيير النظام، أو المتوسلة إلي ذات الجماهير لحمل السلاح، و لكي تحمل هذه الجماهير السلاح لابد لها من قناعة بالفكرة و دواعيها و مآلاتها، و تظل نقطة النطلاق و الانتخاب المستمر (مدنية فكرية) في حالتي التغير المدني أو المسلح، هذا ما حدا بنا لأن نكف عن التحليق و تجاوز المراحل لكي ننجز مهاما لابد و إنها اساسية و قاعدية لإنقاذ أي تصور كان من اجل استعادة الديمقراطية. ـ يظل الامر في ذهننا علي نحو ما أوضحنا آنفا مسألة أولويات لا خيبات و مسألة مقدمات لا قفزا إلي النتائج، و مسألة تفاعل موضوعي لا تجريد ذهني، فالعمل العسكري مثلا إن لم ينطلق من قاعدة (مدنيةـ فكرية) فسوف ينطلق من قواعد أخرى، و هذه إما قبلية أو طائفية أو(جهوية) أو اثنية أو دينية أو سلطوية فيما يمثل ضغطا و مشروعا للسلطة من مراكز قوى اكثر من كونه حراكا قوميا، و المقاومة المدنية نفسها إن لم تنطلق من ذات القاعدة فهي ضامرة و غير موصولة بأهدافها النهائية. ـ أن جماهير الشعب في السودان، و ببساطتها و بتلقائيتها، قد قطعت شوطا بعيدا في منازلة هذا النظام و إحراجه و إجباره علي التغير، و يبقي الإنتماء إلي هذه الجماهير أو إعادة الانتماء إليها هو استجابة لظرف موضوعي متفتح إرتفعت فيه معنويات الجماهير و انخفضت فيه آلة القمع السلطوي، نحاول أن نستثمر هذا الظرف لأقصى ما يمكن بتزخيم الفعل الجماهيري حتي يتتوج بانتفاضة شعبية تعيد للوطن حريته و ديمقراطيته كاملة غير منقوصة. ـ و في معية هذا النشاط، و دون توقفه، نتطلع إلي سلام و وفاق وطني يؤدي إلي ذات النتائج المترتبة على الانتفاضة الشعبية المنظورة، و ذلك من خلال مؤتمر دستوري جامع لحل مشاكل الحكم على اساس المواطنة و الحريات الاساسية و الديمقراطية التعددية و التفويض الشعبي (الانتخابات) و حل قضايا الحرب و السلام وفق منظور قومي و ألية ديمقراطية(تقرير المصير) و ما يستتبع ذلك كله من حلول ناجزة لقضايا الأقليات و توزيع الثروة و إصحاح الاقتصاد و توفير الخدمات الاساسية.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: (حركة حق كيف نشأت ومن السبب في إنشقاقهاحوار بين أطراف النزاع ) (Re: قاسم المهداوى)
|
الاخ والصديق العزيز جدا
قصى مجدى سليم
شكرا كتير على هذه الدعوه وعزرا للتاخير ( دموعنا لم تجف بعد)
ساقوم بانزال الوثيقه التى تاسست عليها حركه حق ومن ثم وثائق مؤتمر اسمرا
واليك فى البد الوثيقه كامله
تقديم:
الى القارىء العزيز .
فى مستهل اصداراتنا نقدم الوثيقه التاسيسيه لحركه القوى السودانيه الجديده (حق) (كان اسمها كدا) كما اقرت فى المؤتمر الذى عقد بواشنطن والذى تكونت فيه الحركه باندماج ثلاثه تنظيمات هى (حركه القوى السودانيه الحديثه بالولايات المتحده) و( حركه القوى الديمقراطيه السودانيه بكندا)وحركه القوى السودانيه الجديده بالمملكه المتحده فى 6 اغسطس 1995).
والوثيقه التى انطلقت اصلا من مجموعات القوى الجديده بالخليج بعنوان ( نحو كيان سياسى جديد) اخضعت للتعديل للمره الاولى فى مؤتمر عقد بين الحركه السودانيه الديمقراطيه والتقدم , والمنبر الديمقراطى السودانى وبعض الشخصيات المستقله وكانت من نتائجه تكوين حركه القوى السودانيه الجديدهبالمملكه المتحده فى 23 يوليو 1995. اننا نطرح هنا وثيقه برامجيه تعرف بالحركه ومنطلقاتها وفكرها وملامح مشروعها لهزيمه السلطه الفاشيه وبنا سودان جديد , وتقدم رؤيتها حول توحيد القوى الجديده ولم شمل تنظيماتها المتناثره فى الوطن والمهاجر.
ويسعدنا بالطبع_اذا ادت الوثيقه دورها كدعوه مخلصه للانضمام الى حركه القوى السودانيه الجديده فصفوفنا مفتوحه للمبادريت فمرحبا بكم للمشاركه فى بناء تنظيم جديد تسوده الديمقراطيه , وتزكيه التضجيات ويعلى من شانه النضال المتصل .
مقدمه:
1/ان نظام الجبهه الاسلاميه الحاكم فى السودان يمثل كارثه ماحقه تهدد وجود شعبنا ووطننا . انه نظام للطغيان الشامل القائم على الاستعلاء العرقى ةالدينى . واحتكار الحقيقه , وعلى الدكتاتوريه السياسيه . والمعتمد لسياسات اقتصاديه قوامها النهب والاحتكار والاستئثار .افقرت الشعب ودمرت موارد وثروات البلاد. 2/ينطلق هذا النظام من (مشروع حضارى ) هو فى حقيقته تجسيد للبربريه فى اقصى صورها فهو ينكفى على تصورات ماضويه ضيقه ويشيح عن متجزات الحضاره الانسانيه المعاصره ويحتقر قيمها الايجابيه بل يستدبر المستقبل الانسانى كله وويضيق بالتعدديه الثقافيه والاثنيه والدينيه والفكريه والسياسيه . ويعمل على سحق مكوناتها بالقوه ويعتمد الحرب والقتل كادوات لنشر مشروعه ذاك وتحقيق احلامه الامبراطوريه الشريره. 3/ولما كانت هذه الصفات خصائص تكوينيه لاصقه بالنظام وليست ظواهر عارضه يمكن التنازل عنهاوتخطيها فانه لا يترك اى مجال للتصالح او التعايش معه بل ان اجتثاثه من جذوره الاجتماعيه والسياسيه والاقتصاديه والثقافيه اضحى شرطا لا غنى عنه لاعاده بناء الوطن وتوفير مقومات الحياه الحره الكريمه لابنائه وبناته والتوفر على انجاز مشروعه للنهضه الوطنيه الشامله. 4/ان النخبه الحاكمه تاريخيا فى السودان باحزابها وزعاماتها الطائفيه والعشائريه وقادتها العسكريين وعناصرها البيروقراطيه بانشغالها المستمر بمصالحها الخاصه الضيقه وافتقارها الى مشروع متكامل للنهضه الوطنيه والتنميه وعجزها وفشلها فى التصدى لقضايا البلاد الجوهريه لم تفلح فقط فى اعتقال تطور بلادنا وتكريس تخلفها بل فتحت الابواب على مصراعيها للجبهه الاسلاميه القوميه كى تستلم السلطه فى سهوله ويسر 5/لقد ساعد ضيق القاعده الاجتماعيه للنظام ورفض الشعب العميق للديكتاتوريه,ووطأه الشعور بالخزى لدى الاحزاب التقليديه ووجود الحركه الشعبيه لتحرير السودان كقاعده مكينه للمعارضه, على تكوين التجمع الوطنى الديمقراطى كاطار تنظيمى لاوسع معارضه فى تاريخ السودان , وقد حقق التجمع انجازات هامه على صعيد فضح النظام وعزله دوليا غير انه وبلا شك قد فشل فى الوصول الى المنازله المطلوبه لاسبابا تتعلق بطبيعه تكوينه وتركيبته وبتصورات ورؤى ومنطلقات ومناهج القوى التقليديه المؤثره داخله. ان تفعيل المعارضه وتصعيدها لن ياتى الا بامتلاك رؤيه متكامله وموحده حول القضايا الاستراتيجيه وبالقدره على العمل اليومى وسط الجماهير وبحيازه واتقان المناهج والادوات والاسلحه المناسبه للمعركه
| |
|
|
|
|
|
|
Re: (حركة حق كيف نشأت ومن السبب في إنشقاقهاحوار بين أطراف النزاع ) (Re: قاسم المهداوى)
|
يتبع كيف نشات حق : القوى الجديده وبناء السودان الجديد:
6/ان القوى الاجتماعيه التى ظلت تتصدى تاريخيا للانظمه الديكتاتوريه والتى تبرز
فى الفترات الحاسمه لتوحد الجماهير وتصعد نضالاتها وتقودها الى النصر هى التلا اصظلح على تسميتهابالقوى الحديثه .قوى مبعثره وغير موحده سياسيا فى معظمها ول1لك سرعان ما تتسرب انجازاتها من بيت اصابعها وتفشل فى تحقيق مهام ما بعد التغيير السياسى ومن ثم تخلو الساحهللقوى التقليديه لتعود وتمارس عجزها واخفاقاتهامن جديد, ان هذه القوى وبكل مكوناتها تنتبه الان الى مسئوليتها الوطنيه التاريخيه فتعتمد الى نقاط قوتها لتعززهاوتطورها والى نقاط ضعفها لتعالجها وتتخطاها.
7/ومن الجانب الاخر فان عجز القوى التقليديه واخفاقها وسياساتها القائمه على الاستعلاء والتجاهل وما صاحبها من ازمات متلاحقه ادى الى انفضاض اقسام معتبره من جماهير المناطق والاقاليم والقوميات المضطهده عن الاطر السياسيه التقليديه وعن الزعامات التاريخيه واتجاهها لبناء وتكوين تنظيماتها وفقا لظروف مناطقها وبما يناسب استعداد وقدرات جماهيرها واستطاعت ان تفرض وجودها المؤثر من خلال النضال المسلح فى جنوب البلاد كما تمكنت ايضا من فرض مفهوم السودان الجديد, وعلى توجهات الحركه السياسيه السودانيه وادبياتها ولكن هذه الحركات ورغم توجهاتها القوميه الواضحه والعميقه قد فشلت فى تحقيق اهم بنود برانامجها القومى سواء من حيث تكوينها البشرى او امتدادها الجغرافى وقد جدث ذلك نتيجه لاسباب تاريخيه تتعلق بخصائص البنيه القوميه السودانيه ولاسباب جغرافيه تتعلق باتساع رقعه البلاد وتباين مكوناتها الطبوغرافيه.
8/ومع ان كل هذه القوى كانت تناضل من اجل تحقيق مشروع واحد من حيث الاساس هو مشروع السودان الجديد الا ان وسائلها فى النضال من اجل ذلك المشروع قد تباينت . اذاعتمدت القوى الحديثه فى المدن والقطاعةالحديث اساليب الاضراب والتظاهر والعصيان المدنى والانتفاضه السلميه اعتمدت الحركات التى انشأتها القوميات المهمشه والمضطهده وبصوره اساسيه اسلوب الكفاح المسلح والمواجهه العسكريه. 9/ان الجبهه الاسلاميه قد خططت بوعى ونفذت بالفعل برنامجا متكاملا للحيلوله دون اسقاطها بالوساءل السلنيه وحدها وذلك من خلال تصفيه النقابات والاتحادات وكافه التنظيمات المهنيه والديمقراطيه وقمع وتشريد قيادتها ومن خلال تهميش اجهزه الخدمه العامه ومؤسسات الانتاج ومن خلال سعيها المحموم لتحويل المؤسسه العسكريه والقوات النظاميه الى ازرع ايديولوجيه مسلحه لنظامها السياسى ومن خلال انشاء اجهزه قمعيه جديده مسبعه بايديولوجيه العداء للشعب 10/بذلك وفرت الجبهه الاسلاميه لهذه القوى فرصه تاريخيه لتضيف الى وحده برنامجها السياسى ورؤيتها للسودان الجديد وحده اساليبها النضاليه وادواتها التاليه من اجل مةاجهه السلطه سياسيا ومنازلتها عسكريا وهزيمتها والاطاحه بها نهائيا وتعديل موازين القوى السياسيه بما يؤدى وبصوره ديمقراطيه الى استقرار واستمرار النظام الديمقراطى التعددى والتصدى لقضايا البلاد الجوهريه 11/ان ما يحمع شتات هذه القوى من مهنيين ومثقفين وموظفين ومزارعين وعمال وطلاب ونساء وراسماليه منتجهوقوميات وفئات مهمشه ومضطهده واقسام عامله او مسرحه من القوات النظاميه ممثله فى الحركات السياسيه التى انشاتها بمحض اختيارها ودون وصايه من ايه جههاو حزب هو مشروع نهضوى وتحدثى يقوم على المرتكزات الاساسيه التاليه والمستخلصه من القضايا الجوهريه التى ظلت معلقه منذ الاستقلال .
الهويه : السودان قطر متعدد الاعراق والثقافات والاديان واللغات وفى هذا التعدد تكمن هويته ان اغفال هذا الواقع التعددى ومحاوله محوه نهائيا لاختزال الهويه السودانيه فى عنصر واحد من عناصرها العديده هو المسئول مباشره عن اخطر مشكلات بلادنا الحاليه ان ما يجمع بين كل مكونات الهويه السودانيه هو المساواهوالنديه والاحترام المتبادل كما ان ما يجمع بين السودانيين جميعا هو المواطنه بكل ما يترتب عليها من حقوق وواجبات ينالها المرء . الوحده الوطنيه: الوحده المبنيه على الاختيار الطوعى والقائمه على التنوع والتعدد الاثنى والدينى والثقافى للسودان وحق كافه القوميات والاديان والثقافات فى النمو والازدهار والتفاعل والانصهار فى ظل البلاد واتساعها اللا مركزى باقدار متفاوته ب/اثبات حق تقرير المصير كحق اساسى للقوميات المهمشه وحق جنوب البلاد فى تقرير المصير, سواء انطلقت الرغبه فى ممارسه هذا الحق من اهميه وضروره الاختيار الشعبى الصريح للوحده او اى درجه من درجاتها او من اقتناع الممثلين الشرعيين بان مقومات الوحده غير موجوده اصلا او لم تتوفر عمليا .
العلمانيه: العلمانيه وتعنى فصل الدين عن الدوله باعتبار امور السياسه وتنظيم المجتمعات واختيار انظمه الحكم والاقتصاد تخضع دوما للتغيير والتطور تبعا لحاجات المجتمع ووفقا لابداعات الخيال الانسانى والمراعام الدائمه للاحترام العميق للاديان بوصفها مكونات جوهريه لوجدان الانسانوحضارته ومراعاه المساواه بينها واستلهام القيم الخيره فى كل الاديان انتصارا لمبادىء الحريه والعدل والمساواه وضمان حريه العباده والمعتقد. الديمقراطيه :
الديمقراطيه القائمه على خيارات الشعب والتعدديه السياسيه والتداول السلمى للسلطه والتى تنتشر فى جسد المجتمع بكل خلاياه وتبنى عليها كافه مؤسسات المجتمع المدنى حقوق الانسان: كما وردت فى العهود والمواثيق الدوليه والاقليميه ومواثيق التجمع الوطنى الديمقراطى بما فيها اعلان نيروبى وتاسيس الحقوقو والواجبات على اساس المواطنه والمساواه التامه امام القانون بلاتمييز بسبب العنصر او النوع او الدين والثقافه. العداله الاجتماعيه توزيع الثروات الوطنيه والفرص توزيعا عادلا وازاله اسباب القهر الاجتماعى (السياسيه والاقتصاديه والقوميه والثقافيه التنميه المتوازنه لمختلف اقا ليم البلاد والقائمه على محاربه التخلف بكافه اشكاله والقضاء على الفقر والمرض والجهل وتوفير مقومات الحياه الانسانيه الكريمه العصريه للمواطنين اعتماد خطه للنمو المتسارع للاقاليم الاكثر حرمانا واعطائها حصه معتبره من الثروات المكتشفه فى اراضيها توظفها فى مشاريعها التنمويه المحليه
| |
|
|
|
|
|
|
Re: (حركة حق كيف نشأت ومن السبب في إنشقاقهاحوار بين أطراف النزاع ) (Re: قاسم المهداوى)
|
اعتزر للتاخير
يتبع كيف نشأت حق :
المواجهه الشامله مع السلطه الحاكمه.
12/الاتفاق والوضوح حول الاسس التى يقوم عليها السودان الجديد و وتبنى عليها نهضته الوطنيه امر ضرورى ولكنه ليس كافيا اذا لم يصاحبه مشروع واضح لمنازله السلطه وهزيمتها واسقاطها بل وان مثل هذا الاتفاق يمكن ان يكون هروبا للامام وتفاديا للقضيه الجوهريه والتى بدون حلها تبقى الاتفاقات كلها ومهما كانت اهميتها حبرا على ورق.
13/ اننا نرى ان المواجهه الشامله المسلحه مع السلطه اصبحت امرا لا مفر منه وهذا واقع لم يختره شعب السودان ولم يسع اليه بل اختارته وفرضته عليه فرضا الجبهه الاسلاميه الحاكمه التى اعتمدت الترويع والارهاب والقمع والتعذيب والقتل والاعدام سياسه رسميه لها تنفذها كل اجهزتها وفى كل انحا الوطن وضد كل فئات الشعب . أراقت انهرا من الدم وطمرت ركاما من الجثث ووجهت بنادقها نحو كل الصدور وازالت كل امكانيه لانتصار سلمى للشعب ,
14/ ان هدف المواجهه هو حمايه الشعب الذى عرضته الجبهه الاسلاميه للاباده وحمايه الوطن الذى عرضته الجبهه الاسلاميه للفناء وحمايه المرافق العامه والثروات القوميه التى يعتبر حكم الجبهه الاسلاميه اخطر مهدداتها فى تاريخ بلادنا , فهى ليست خبط عشواء يصيب العزل والابرياء بل هى عمل محكم ومدروس وواضح الرؤيه ومحدد الاهداف انها ليست شيا اخر سوى حرب يخوضها الشعب نفسه ضد جلاديه وهى ليست شيا اخر سوى تزويد الشعب الاعزل بالسلاحاالذى يستطيع عن طريقه الدفاع عن ذاته وحياته واهدافه ضد اعداء مدججين بالا سلحه من شعر الراس الى اخمص القدم
15/ ان هدف المواجهه الشامله هو اسقاط السلطه وتدمير قوتها العسكريه وتحطيم هجومها المضاد بعد هزيمتها ولا يتاتى ذلك الا بتصفيه قاعدتها الاقتصاديه وضرب مصادر منعتها الماديه والبشريه وهذه مهام لا تنجز بضربه واحده بل يتم الشروع فيها منذ الان .
16/ الاهداف الاساسيه للمواجهه المسلحه وهى التاليه
1/ حمايه كل تحرك شعبى ضد السلطه حمايه مسلحه واعداد مقومات ذلك منذ الان
2/فتح اكثر من جبهه للمواجهه مع السلطه على حدود السودان وداخل اراضيه
3/اعتبار كل المؤسسات العسكريه والامنيه ولاقتصاديه للجبهه الاسلاميه اهدافا للتدمير
4/ التنسيق مع كل الحركات المسلحه فى شن الهجوم الشامل على النظام وعلى راس ذلك الجيش الشعبى لتحرير السودان ومؤتمر البجا وقوات التحالف السودانيه وغيرها من المجموعات المسلحه
5/اقامه اوثق الصلات بين جبهات النضال فى الداخل و ىالخارج لخوض المواجهه الشامله باعلى قدر من الفاعليه والكفاءه وباقل قدر من الخسار فى صفوف الشعب .
6/حشد الدعم الاقليمى والدولى السياسى والاعلامى والمالى والعسكرى لشن هذا النضال والاستفاده من حقيقه ان السلطه الحاليه فى السودان تشكل راس الرمح للمخطط الاصولى فى المنطقه مما يجعل قوى اقليميه عديده واخرى دوليه ذات مصلحه فى ازالتها على ان لا يؤدى ذلك الى التاثير على استقلاليه قرار الحركه واحتفاظها بمبادرتها وامتلاكها لزمام امرها .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: (حركة حق كيف نشأت ومن السبب في إنشقاقهاحوار بين أطراف النزاع ) (Re: قاسم المهداوى)
|
يتبعكيف نشات حق :
مهام الفتره الانتقاليه :
17/تمثل الفتره الانتقاليه بالنسبه لنا مرحله ترسى فيها الاسس للسودان الجديد وتقام فيها دعائم نهضته الوطنيه الشامله وتحرث فيها الارض حرثا عميقا لنشوء نظام ديمقراطى وعلمانى مزدهر وتوجد قوى اخرى تنظر الى الفتره الانتقاليه كفرصه جديده للعوده الى السودان القديم بكل تخلفه وعلاقات القوى وذلك المفهوم امر موضوعى يدفع الثمن باهظا من يتجاهله او يتحاشاه .
18/ لقد حدثت اتفاقيات جوهريه حول حق تقرير المصير وشكل الحكم وفصل الدين عن الدوله والتوزيع العادل للثروه وغير ذلك من القضايا الجوهريه لوجود السودان ووحدته ولكن الالتزام وبتلك الاتفاقات والمواثيق والعهود وليس امرا اخلاقيا بحتا بل هو امر يتعلق اولا واساسا بتوازن القوى والقائم لحظه اسقاط السلطه.
19/ ان المنحى الاساسى للفتره الانتقاليه يجب ان يكون هو اعطا مكاسب واضحه للمهمشين بالمعنى الواسع للكلمه وفى هذا الاطار تجد القضايا التاليه اولويه على كل ما عداها
ايقاف الحرب على كل جبهات القتال توطين اللاجئين والمشردين
ج/ التصدى للمجاعه بكل اثارها وتوفير الاحتياجات والخدمات الاساسيه لجميع المواطنين ووضع الاسس الراسخه للامن الغذائى
د/ ازاله كل اثار النظام الجبهوى واقتلاع جذوره الاقتصاديه والثقافيه والعسكريه وابعاد كوادره من جميع مواقع القرار ه/ايقاف التدهور الاقتصادى وتعمير المؤسسات الاقتصاديه ووضع الاسس للتنميه الاقتصاديه المتوازنه والتوزيع العادل للثروه والخدمات الاجتماعيه والاقتصاديه واحداث التغييرات الهيكليه والبنيويه الضروريه للنهضه الوطنيه والتنميه الشامله و/ الدعوه الى اجراء اصلاحات جوهريه فى جهاز الدوله يجعله جهازا وطنيا وقوميا وعلمانيا وديمقراطيا واعاده بناء الخدمه المدنيه والجيش الوطنى والجهاز القضائى فى ضوء هذه المبادىء
ذ/ اجراء اصلاح سياسى جزرى فى الاحزاب والحركات السياسيه واقامه المجتمع المدنى ومؤسساته على قاعده راسخه من الحقوق والصلاحيات والحدود ح/اجراء اصلاح جزرى فى التعلبم مناهج ومؤسسات وفى وسائل الاعلام القوميه والاجهزه الثقافيه لترسيخ قيم الديمقراطيه والحريه والكرامه الانسانيه
ط/ انتعقيد وتشابك قضايا المرحله الانتقاليه واهميتها الحاسمه لوحده السودان شعبا وارضا يقتضى ان توليها حركتنا الاهتمام اللائق بها وان تطور تصوراتها لهذه القضايا من خلال الدراسه اغلعمليه والتامل السياسى العميق والاسهام فى تقد ومراجعه برامج التجمع للمرحله الانتقاليه لاكمالها وسد ثقراتها وتصويب اخطائها واجلاء غوامضها . ك/ ان طول الفتره الانتقاليه او قصرها يعتمد على انجازها لمهامها ولذلك فاننا نربط مداها الزمنى بانجاز هذه المهام و اما الذين يريدون تقصيرها بكل الوسائل والسبل فهم اما يبتغون العوده الى السودان القديم او يسعون الى تفتيت البلاد.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: (حركة حق كيف نشأت ومن السبب في إنشقاقهاحوار بين أطراف النزاع ) (Re: قاسم المهداوى)
|
يتبع كيف نشأت حق .
توحيد قوى السودان الجديده مهمه صعبه ولكنها ممكنه:
20/ ان عمليه بناء كيان سياسى يستوعب كافه القوى التى ذكرناها عمليه طويله ومعقده لن تنجز او تكتمل الا عبر حوار جاد مؤطر فى بيئه ووفق قواعد ديمقراطيه تسمح له بالتطور والتبلور وكذلك عبر العمل المشترك على مختلف المستويات والاصعده.
21/ ان الاختلافات والتباينات فى طبيعه وتركيبه تلك القوى اجتماعيا وثقافيا واقتصاديا بل وجغرافيا وكذلك فى ادوات واساليب عملها السياسى والوطنى ومستويات تنظيمها سياسيا اختلافات موضوعيه وتاريخيه لا يمكن القفز فوقها . ان مسئوليتنا هى توظيف تلك التباينات ايجابيا لمصلحه بناء الكيان الجديد وبان نجعلها مصدر غنى وثراء وتنوع لا مصدر نزاع وصدام وفرقه
22/ ليس هنالك تصور هندسى مسبق او شكل واحد لبنيه هذا الكيان الجديد انه سينمو على مستويات ومراحل متعدده لذا لابد ان يكون فى جسده من المرونه وفى روحه من الديمقراطيه ما يستجيب للتباينات المشار اليها وما يوفر قدرا من الاستقلاليه والنسبيه لمكوناته المتعدده العامله كلها فى اتساق وبفاعليه تامه وفق استراتيجيه موحده وبرنامج عمل محكم ودقيق
23/ ان الكيان الذى نسعى لبنائه مختلف نوعيا عن الاطر السياسيه التقليديه فى السودان انه جديد شكلا وموضوعا انه تنظيم يكفل الوحده والصلابه والفاعليه والمرونه تسوده العلاقات الديمقراطيه ولا يتميز اعضاءه بالموقع الطائفى او النسب العشائرى او المنسا الطبقى او السدانه الايديولوجيه او دعاوى امتلاك مفاتيح الحقيقه المطلقه وانما يتميزون بالمبادره والجهد والتضحيه والاسهام والاقدام.
24/ انه تنظيم ينشا فى اطار مفهوم للحداثه لا يقتصر على الموقع الاجتماعى او الانتماء للبرنامج السياسى فحسب بل يتعلق جوهريا بالروىء والتصورات . انها الحداثه المرتبطه بالقدره على التجاوز والخلق والابداع والابتكار وعدم الركون للاجوبه الجاهزه او الخوف من خوض غمار المجهول و انها الحداثه التى تنعكس فى الاداء وفى اساليب ووسائل العمل وفى الاشكال والبنى والمؤسسات المستنده الى كافه منجزات العلم والمعرفه
25/ ان ما نحن بصدده ليس بناء تنظيم للمغتربين السودانيين وانما بناء كيان سياسى متجزر فى ارض الوطن حيث جدواه الحقيقه ومعركته الاساسيه ولكننا فى ذات الوقت لا يمكن ان نتجاهل ان اعدادا غفيره من القيادات والجماهير الفاعله فى اطار حركه القوى (الحديثه) قد هاجرت من السودان بفعل سياسات النظامالقمعيه والاستئصاليه وان هجرتها هذه لم تفقدها العزم ولا الرغبه فى مواصله النضال ان ظروف الخارج مع تفاوتها من موقع لاخر توفر امكانيات للعمل وهى فى الوقت الراهن افضل من ظروف الداخل ان الغفله عن استثمار هذه الظروف ستحولها الى ظروف محبطه ومدمره ان واجبنا هو توظيف الظروف الموضوعيه لمصلحه حركتنا لا الخضوع السلبى لها واستشفاف المكنون من الامكانيات والفرص فى ثنايا ما يبدو من عقبات كؤود وان واجبنا هو ان نبنى هذا الكيان فى كل مكان وكل موقع على ان يكون الداخل هو دائما القبله والاتجاه.
26/ اننا لا نبنى تنظيما للمستقبل فقط وانما للحاضر الراهن ايضا اننا تبتيه فى خضم معركه عليه ان يخوضها وينتصر فيها لذا فالزمن عامل حاسم وجوهرى وبقدر ما يكون التسرع والاستعجال ضارا فان المماطله محبطه وان ما تعانيه جماهير شعبنا من احباط وهى ترى هذا النظام يستأسد بفعل ضعف قياداتهاوتنظيماتها وما تتعرض له من حرب ودمار لا يبقى ولا يذر لا يمكن معالجته بالامانى والامال كما ان الظروف الدوليه والاقليميه التى تبدو مواتيه اليوم لن تستمر كذلك الى الابد.
27/فى اطارهذه الحركه حركه القوى الحديثه والسودان الجديد هناك تنظيمات سياسيه قائمه وهى تتفاوت من حيث الحجم والوزن والنفوذ والموقع سواء وجدت داخل السودان او خارجه فى المركز او فى الاطراف وتحيط بهذه التنظيمات جموع غفيره من غير المنظمين لقد انتهج بعض هذه التنظيمات اسلوب النضال المسلح واكتسب خبرات واسعه فيه وظل بعضها الاخر ينتهج العمل السياسى السلمى ولكنه يتوجه بصوره حاسمه الى انتهاجاسلوب النضال المسلح باهتباره اداه لا غنى عنها فى منازله سلطه فاشيه ومن هنا فان فرصه تاريخيه نادره تلوح فى الافق لتوحيد هذه الحركه الواسعه ليس حول المرتكزات والمنطلقات والتوجهات الفكريه والسياسيه وحدها بل حول الوسائل والاساليب النضاليه كذلك.
خطوات عمليه على طريق الوحده:
بناءا على كل ما تقدم فاننا نقترح الخطوات العمليه التاليه.
أ / تكوين جهاز مشنرك من ممثلين لكافه التنظيمات القائمه بالاضافه الى شخصيات يتفق عليها ويكون هذا الجهاز مسئولا عن اداره الحوار بين كافه التنظيمات والافراد وخلق المنابر المناسبه لتداول ومناقشه الوثائقوالتصورات المختلفه وفق جدول زمنى محدد يوفر الدعم المالى لهذا الجهاز من مصادر المغتربين السودانيين بما يمكنه من بناء وامتلاك الادوات المناسبه للعمل.
ب/ للسير على طريق التنفيذ العملى للنقطه السابقه يتم انشاء مكتب فى الدوله الانسب من زاويه تحقيق الاهداف الكليه للحركه وتقوم بتمويله وتشغيله وادارته الحركه ككل ولكن بالاعتبار الكامل لتفاوت مقدراتها الماليه والبشريه وتقوم الحركات ذات الوجود البشرى فى الدوله المضيفه بمهام وتاثيث هذا المكتب وتشترك فى ادارته جميع الحركات الموقعه على هذه الوثيقه اما بارسال ممثلين لها او عن طريق الوسائل الاخرى التى يتفق عليها وتفصل فى مكان اخر مهام المكتب وكيفيه تكوينه.
ج/على كل الحركات المبادره بطرح رؤاها وتصوراتها حول لم شتاتها وافاق عملها المشترك بما فى ذلك برنامج وبنيه التنظيم الجديد وكيفيه بنائه وعلى المكتب او الجهز المشار اليه الشروع فى صياغه مشاريع الرؤى للوحده انطلاقا من هذه الوثائق والتصورات
د/ فى مسار هذا الحوار قد تتفق تنظيمات على الانضمام فى كيان واحد وبصوره كامله وقد ترى اخرى الاندماج جزئيا مع الحفاظ على وجودها المستقل وينطبق ذلك على الحركات الجامعه بين التوجه القومى والخصوصيه القوميه او الاقليميه مثل الحركه الشعبيه لتحرير السودان, الحزب القومى السودانى ,مؤتمر البجا, المؤتمر النوبى , وغيرها وقد تختار ثالثه صيغه التنسيق القائم على برنامج وخطه متفق عليها دون وحده تنظيميه المهم فى كل ذلك هو الخروج من اسر التصميمات الجاهزه والتصورات المسبقه والسماح للحركه بالتعبير عن محتواها الفريد وظروف نشاتها المتميزه بالاشكال المناسبه والحرص علىان تكون كل خطوه سيرا فى اتجاه الهدف وان يعزز كل انجاز من قوه الدفع وان يتوفر لكل شكل من الاشكال الاطار الصالح لتطوره وفق استراتيجيه مرنه ومفتوحه لاستيعاب كافه الاحتمالات.
ه/ ياتى على راس الاولويه السياسيه والتنظيميه لهذه الحركه بكل مكوناتها الشروع فى بناء جهاز خاص للاضطلاع بمهام المواجهه الفعاله مع السلطه تتم الاستفاده فيه بصوره رئيسيه من امكانيات وخبرات ومبادرات التنظيمات المنخرطه بالفعل فىالنضال المسلح ومن تنظيمات الضباط والجنود المسرحين من القوات المسلحه النظاميه ويكون مفتوحا فى نفس الوقت لكل القادرين على المشاركه فى اطار استراتيجيه حرب الشعب و/ على عاتق التنظيمات ذات القواعد فى الداخل يقع العبء الاساسى فى متابعه عمليه التجميع والتنظيم وبناء القواعد للحركه الموحده والتنسيق بينها وبين الخارج وتوفير اجهزه وادوات الحركه والاتصال بالجديه والصرامه التى تتطلبها المواجهه الشامله مع سلطه فاشيه يناضل اعضاء الحركه بالداخل تحت ظل سيوفها ويتعرضون كل يوم لطعناتها الخطره ويكون على راس واجبات الحركه فى الخارج توفير الدعم المالى والتقنى والتدريبى والمشاركه فى بناء شبكات الاتصال.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: (حركة حق كيف نشأت ومن السبب في إنشقاقهاحوار بين أطراف النزاع ) (Re: قاسم المهداوى)
|
يتبع
ز/ يساعد فى عمليه بناء الحركه الجديده المشروع الفورى فى توحيد التكوينات المتعدده فى كل بلد من بلدان المهجر ما امكن ذلك وبناء اشكال عملها المشترك التى يتم الاتفاق عليها فى مؤتمرات جزئيه او اقليميه تعقدها وفق ظروفها وامكانياتها
ح/ يتوج كل ذلك بعقد مؤتمر جامع للحركه فى موقع يتم الاتفاق عليه ويؤسس للحركه الجديده ويصوغ برنامجها السياسى وهيكلها التنظيمى ويبنى مؤسساتها التنفيذيه وينتخب قياداتها ويحدد اولوياتها.
29/ ان بناء حركه جديده مثل حركتنا تضطلع بمهام تاريخيه مثل مواجهه سلطه فاشيه وبناء وطن جديد ليس امرا سهلا ولا نزهه قصيره انها نوع من التحديات التاريخيه التى تستوجب حشد الطاقات الذهنيه والجسديه وتفجير القوى الكامنه لدى كل اعضائها واستلهام الصفات والخصائص البطوليه شجاعه وصلابه واستقامه وبذلا وابداعا واستعدادا للتضحيه بالنفس فى سبيل الهدف ومحاربه للارث السلبى الماحق المتمثل فى البحث عن المغنم الشخصى والدوران حول الذات وانتباها لومضات العبقريه الشعبيه لتوظيفها توظيفا واعيا من اجل خدمه القضيه النبيله .
هذا هو التحدى وتلك هى المهمه وذلك هو الطريق فهيا الى العمل
الطبعه الاولى /القاهره 1996
(هامش ) الاخ العزيز قصى هذه هى الوثيقه التاسيسيه لحركه القوى السودانيه الجديده (حق) التى تغير اسمها فيما بعد الى حركه القوى الجديده الديمقراطيه (حق)
لاحقا ساقوم بانزال ما تم بمؤتمر اسمرا من اضافات او تعديل الى ذلك الحين اتركك فى رعايه المولى
كما اشكرك والاخ معروف سند والاخت يمنى قوته على الشعور الطيب جدا تجاهى ومنايا ان اظل كما انا اسعى كل جهدى متحاشيا خدش شعور الاخرين .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: (حركة حق كيف نشأت ومن السبب في إنشقاقهاحوار بين أطراف النزاع ) (Re: قصي مجدي سليم)
|
مررت على المشاركة التي تفضل بها الأستاذ ثروت سوار الدهب. وساقرأها بالتفصيل اليوم ان شاء الله تعالى وأرجو من الأطراف الأخرى تقديم ردها على السؤال الاول حسب الطلب. شكرا الصديق قاسم(حقيقة مشتاقين).. أتمنى أن أقرأ لك مشاركة فانا اعرف أن في جعبتك الكثيييييييير(وعملي ونظري) أرجو أن أطلع عليه. وفقنا الكريم على اتمام هذا الجهد وشكرا للجميع ولا زلنا في الانتظار
| |
|
|
|
|
|
|
Re: (حركة حق كيف نشأت ومن السبب في إنشقاقهاحوار بين أطراف النزاع ) (Re: قصي مجدي سليم)
|
الأخوان الاساتذة (ثروت ، وقاسم) تحية لكم وود.. مررت على التجارب المنقولة .. وأتمنى أن يفعل الجميع ذلك .. وأتمنى أن ينضم الى النقاش آخرون.. الاستاذ الفاضل ثروت سوار الدهب... إن ما تفضلت به من وثائق وبيانات لا يمكن إغفال جهدك الكريم في تمليكها لكل أبناء الشعب لكي يقوموا بالمقرنة الموضوعية في ما بين تلك الوثائق.. فلك الشكر على ذلك .. ولكني أيضا (إذا سمحت لي) كنت أحب أن أذكرك لطلبي الأول .. وهو الكتابة في البدء عن نشأة الحركة.. ولقد أجاب طلبي الاخ قاسم المهداوي من القاهرة ، وما طلبت طلبي ذاك الا لسببين اولهما: حتى نتيح للقارئ مقارنة موضوعية تعتمد على حقائق تاريخية تنازلية (بداية ووسط ونهاية) ثانيهما: لعلمي أن هناك خلافا كبيرا حول كيفية النشأة (المصدر: حوار مع الدكتور الصديق هشام عمر النور) الذي عن طريق مناقشته في الأمر تكشف لي أن هناك إتهامات بنيت من جانب مجموعة الخارج على أسس تدعي مجموعة الداخل عدم الإتفاق عليها. وتدعي مجموعة الخارج الخروج عليها من قبل الداخل. لهذا كنت أحب أن يتم الحوار على ذلك الشكل .. الآن .. وطالما أن الأمر قد جاء هكذا أعتقد أن الفرصة ستكون لك (استاذ ثروت) للرد على ما جاء في مقالات الاستاذ قاسم .. هل توافق على ما جاء فيها من سرد تاريخي ..؟؟ هل تكره كله؟؟ او تنكر جزئا منه؟؟ هل هناك ما يحتاج الى تصحيح أو إعادة صياغة أو حتى حذف؟؟ هذا ما سنعرفه من خلال إجابتك وردك على ما كتبه الاستاذ قاسم.. أعتقد أن هناك الكثيرين يريدون الرد على الاستاذ ثروت ولكني اطلب إمهاله حتى يرد على رجاءنا له فللناس مشاغل أخرى غير الجلوس على الكمبيوتر .. كما أجدد دعوتي لكل الاخوان وأخص (الاستاذ الصديق كمال قسم الله ، والصديق معروف) والاستاذ الخاتم عدلان، والأستاذ الحاج وراق.. وسأعود بعد كل هذا للإدلاء برأيي أيضا كفرد من الشعب السوداني وكمهتم بهذه القضية التي أخذت تشكل في نفس جانبا ذاتيا كبيرا بحكم صداقتي مع الطرفين. ودمتم جميعا في حفظ الله وأزال عنا ما نعاني من شقاق وبلاء.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: (حركة حق كيف نشأت ومن السبب في إنشقاقهاحوار بين أطراف النزاع ) (Re: Salwa Seyam)
|
الاخوة و الاخوات المتداخلين سلامات فى البدء كان المؤتمر الثانى للقوى السودانية الحديثة و الذى انعقد بواشنطون فى 6 اغسطس1995 و الذى تم التوقيع فيه على وثيقة توحيد لعدد من التنظيمات فى حركة واحدة باسم( حركة القوى السودانية الجديدة- حق) و قد وقع كل من الاستاذ بشير بكار عن حركة القوى السودانية الحديثة بالولايات المتحدة , و الاستاذ ثروت سوار الدهب عن حركة القوى الديمقراطية السودانية بكندا و الاستاذ الخاتم عدلان عن حركة القوى السودانية الجديدة – حق بالمملكة المتحدة و قد ورد فى نص البيان المشترك لهذا المؤتمر ما يلى :
Quote: ان خطوتنا التالية هى مواصلة الحوار مع المجموعات الاخرى داخل السودان و خارجه ,و ذلك لعقد المؤتمر الجامع لكل هذه القوى فى مقر ملائم و فى وقت قريب , لنكونها بمجهودنا الجماعى , و نشهد ميلادها معا , و نتجه بها الى السودان نخاطب بها العقول و الافئدة و نرفع سواعدها القوية لنصرة الشعب و سحق جلاديه |
ثم لاحقا التحق فصيل اخر من القاهرة فى نوفمبر من نفس العام و هو ملتقى الحوار الديموقراطى
و المقصود بلنكونها بمجهودنا الجماعى , و نشهد ميلادها معا فهو حركة حق فى صيغتها النهائية بعد دعوة اى تنظيم سياسي داخل السودان او خارجه يتفق فى مبادئه ورؤاه النظرية مع الحركة و من هنا تم التواصل مع حركة القوى الجديدة الديمقراطية داخل السودان التى كانت قد شرعت فى ذلك الوقت فى تنظيم نفسها لتولى مهام العمل السياسي كحركة فاعلة داخل السودان و توجت تلك المجهودات بمؤتمرها التاسيسي الاول فى 8مايو1996 و الذى انتخبت فيه قيادتها الوطنية و اجازت ميثاقها و نظامها الداخلى و الجدير بالذكر ان من اهم النقاط التى اثيرت داخل جلسات هذا المؤتمر التاسيسى هى ضرورة التواصل مع حركة القوى السودانية الجديدة- حق خارج السودان باعتبار الطبيعة الفكرية و النظرية للحركتين و التى ترشح امكانية اندماجهما او على اقل التنسيق فيما بينهما.و قد ظهرت وجهات نظر متباينة فى هذا المؤتمر انتهت بالتصويت الديمقراطى لصالح التوحد و خسرت الحركة انذاك بعض المعترضين الذين اسروا الانسحاب بهدوء لتقديرات تخصهم و من هنا بدا التنسيق لهذا التوحيد فى مؤتمر اسمرا التاسيسى فى يناير1997
و نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: (حركة حق كيف نشأت ومن السبب في إنشقاقهاحوار بين أطراف النزاع ) (Re: قصي مجدي سليم)
|
شكرا (ثروت ، معروف ، يمنى ، قاسم ) على المرور كتبت سلوى صيام :
Quote: شكرا قصي وكل المساهمين
ايضا اري اهمية للحديث عن نشاة حركة حق اولا ثم انشقاقها بعد ذلك مع تحياتي |
شكرا لك أستاذة سلوى وأوافقك الرأي فيما قلت...
كتبت يمنى
Quote: و من هنا بدا التنسيق لهذا التوحيد فى مؤتمر اسمرا التاسيسى فى يناير1997 |
لقد وقفت في نقطة مهمة جدا .. أتمنى أن تواصلي وتخبرينا برأيك في مؤتمر أسمرا .. كما أتمنى أن يفعل الطرفان. وعلى الله نريح أتعابنا وهمومنا وله نسأل أن يردم هوة الخلافات بيننا ويعيد الينا الصفاء والإخاء والمودة...(وكما قال صديقي قصي همرور ذات يوم: نعم للخلاف.. لا للشقاق)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: (حركة حق كيف نشأت ومن السبب في إنشقاقهاحوار بين أطراف النزاع ) (Re: قصي مجدي سليم)
|
سلام جميعا الاخ قصي كل الشكر لك و انت تفتح هذاالباب للحوار، الحق و لظروف السفر و المشغوليات لم استطع ان اخوض في هذا النقاش، الذي وضح من البداية انه سيكون متشعبا..
وددت ان اعلق بعض التعليقات و اولها، ان التساؤل الذي طرحته انت كان يمكن ان يكون اوسع نطاقا، فبدلا من ان يكون من السبب في انشقاق حركة حق، كان يمكن ان يكون التساؤل "ما هي اسباب الانشقاق"
ان حصر اسباب الانشقاق في الافراد، يخل بالاسس النظرية للخلاف، و اختلاف الخط السياسي، الذي هو المحك في هذه الحالة، حسب تصوري على الاقل، فاذا كانت المشكلة فردية و شخصية، لكان بالامكان تجاوزها، فليس بيننا و بين اعضاء حق الحديثة حساسيات مباشرة، حتى و ان كان لنا مآخذ على سلوك و ممارسات الاخ الحاج وراق، لكننا و هم ونحن كاعضاء في تنظيم واحد كان يمكننا ان نصل لحلول مشتركة لولا ان هناك جذور اعمق للخلاف ادت إلى تباعد الشقة بين اعضاء التنظيم الواحد و تكوين تنظيمين، و ان كانت شخصنة الخلاف كانه حادث بين الخاتم عدلان و الحاج وراق قد القت بظلال كثيفة على ما اعتقد ان خلاف في الخط السياسي للحركتين.
و نظرا لان حق الحديثة و منذ فصل قياادتها من حركتنا، كانت مقلة في توثيق خطابها السياسي، او فلنقل ان خطابها لم يكن يصل الى اسماعنا بصورة واضحة في صورة بيانات و مواقف سياسية موثقة، فنجد نفسنا مضطرين اضطرارا الى اعتماد خطاب الحاج وراق السياسي في الصحف السيارة و المؤتمرات الصحفية كاساس و كمرشد اساسي في بلورة خط حق الحديثة السياسي:- و هناك عدة مواقف فكرية واضحة يمكن استنباطها مما يكتبه الحاج وراق و هو في اعتقادي يمثل خط حركته السياسي بصورة عامة:- 1- موقف الحاج وراق الهوية السودانية، وهو يرى ان الثقافة العربية هي المكون الاساسي لهذه الهوية و قد ذكر ذلك في عدة كتابات. و ذلك يختلف تماما عن موقفنا في حق الجديدة حول مسألة الهوية، و قد عبرنا عن ذلك جليا في ورقة الاستاذ الباقر العفيف عن الهوية. 2- موقف االحاج وراق الغامض من الاحزاب الطائفية و خاصة حزب الامة حيث تتم مغازلة واضحة من قبله تجاه المؤسسة الطائفية، و قد عبر عن ذلك في مقاله الاخير لماذا يكرهون الامام. و قد عبرنا عن موقفنا من الطائفية في عدة مقالات و تقييمات منها رأي حق في التجمع الوطني الديقراطي، و هي وثيقة من 28 صفحة تم فيها بوضوح نقد القوى المكونة للتجمع الوطني الديمقراطي و خاصة القوى الطائفية 3- موقف الحاج وراق و من ورائه حق الحديثة من السلطة و مؤسساتها، و قد وضح ذلك من دعوته للاسلاميين للتوحد كشعبي و وطني، و دعوته لنائب الرئيس بالامساك بقوة على السلطة، و تشديد القبضة الامنية.
هذه بعض تجليات الفروقات الاساسية بين الخط السياسي لحق الجديدة و حق الحديثة، و في الواقع فان هذه الفروقات كنا نتلمسها في حق الجديدة بصورة مبكرة، و لكنها اصبحت الان اكثر وضوحا بعد ان جاهر الاستاذ وراق بمواقفه و خطه السياسي بصورة اوضح.
اعتقد ان اخراج الخلاف من دائرة الخلاف الشخصي الى اسبابه الحقيقية يوضح الكثير من الالتباس الحادث حتى بين اعضاء الحركتين انفسهم، مما يجعلنا تنظيمين مختلفين تماما في خياراتهما السياسية، و بذلك لا يكون هناك مدعاة للتراشقات، و بالنسبة لي شخصيا فاعتقد انه من الافضل لو غيرت احدي الحركتين من اسمها حتى تصير اكثر وضوحا بالنسبة للمتابعين للشأن السياسي السوداني، و تصبح الخيارات اوضح بالنسبة للانسان السوداني خاصة و اننا مقبلون على ديمقراطية قادمة، و شخصيا فانا من انصار تحول حق الجديدة الى حزب باي مسمي، و لنفترض جدلا "ديمقراطيوا 2005" او "ائتلاف التقدم"، و العبرة ليست في الاسم فقط بل في المحتوى و الممارسة.
اخي قصي، لقد فتحت بوستاً آخرا لخصائص النشوء و هي من الوثائق المهمة لحركتنا فقط كي لا ارهق هذا البوست بالادبيات المطولة التي تصعب على القاريء المتابعة، و كل الشكر للاخ ثروت على مجهوده في ايصال وثائق الاختلاف الى هذا المنبر. و اتمنى ان تكون مساهمتي هذه اضافة لتحويل مجرى النقاش من تحميل المسئولية لتحديد الاسباب و هو الافيد في نظري على الاقل.
لكم تحياتي حتى اعود اليكم لاحقا اخوكم امجد ابراهيم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: (حركة حق كيف نشأت ومن السبب في إنشقاقهاحوار بين أطراف النزاع ) (Re: قصي مجدي سليم)
|
الاعزاء امجد وقصي ....... التحايا النواضر حقيقه الخلاف بيننا والوراق ومجموعته هو خلاف اخلاقي في المقام الاول .فقد اتفقنا علي وثائق شكلت مرتكزاتنا الفكريه وخظنا السياسي , فنقضها الوراق وزمرته , وحقيقه سار عليها الوراق (باستيكه). فصارت العلمانيه متواضعه عنده , وشعار اسقاط السلطه اصبح نفاجا معها , وان الحركه لايمكن لها صراع جبهتين الديمقراطيه والاسلاميه فلنصارع الجبهة الديمقراطيه , الرجل يريد الالتحاق بالسلطه عبر التحالف مع حزب الامة, ويريدنا ان نبصم علي كل ذلك . قلنا هذا الكلام قبل اكثر من اربع سنوات , والان تحققت نبؤتنا وصار الوراق يدعو علي عثمان للقبض علي سلطته بالقوة وينتظر دعوة علي عثمان له, وقبلها كانت دعوة الوراق لوحدة الحركه الاسلاميه لمصلحتها والوطن والديمقراطية ؟ ماذا يريد هذا الرجل ؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: (حركة حق كيف نشأت ومن السبب في إنشقاقهاحوار بين أطراف النزاع ) (Re: قصي مجدي سليم)
|
الأخ أمجد تحية طيبة وشكرا لك على مداخلتك هنا .. ولقد قمت بنقل مساهمتك في البوست الى هذه الصفحة في شكل رابط.. أعتقد أن هذا الحوار لم يبدأ بعد.. وإني لا زلت أطالب أطرافه بالكتابة ولا زلت أنتظر الردود.. كل ما تم هو سرد وقائع (كل بطريقته) وحتى هذه لم تتم بالصورة الكافية.. أرجو منك أن تخطر الاستاذ الخاتم والاستاذ كمال قسم الله .. ليدلوا بدلوهم.. لك شكري على الأطلالة وارجو أن تواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: (حركة حق كيف نشأت ومن السبب في إنشقاقهاحوار بين أطراف النزاع ) (Re: قصي مجدي سليم)
|
الاخ الفاضل بهاء تحياتي لك ... طبعا (ولظروف الحيادية) لن أستطيع التعليق (سلبا أو ايجابا) على مداخلة مثل مداخلتك هذه... لأنها ترتبط أكثر ما ترتبط بشكل الخطاب السياسي والاخلاق وهذه نقطة لا اريد أن أصل اليها الان (والحوار لم يبدأ بعد)......... ارجو من جميع الأطراف تناول القضايا تباعا وإني أفضل مقالا فيه هذه الأشياء 1/ مقدمة 2/ نشوء حركة حق 3/ المشاكل التي صاحبت النشوء والعمل 4/ بوادر الخلاف وكيفية تعامل(الطرف المعني) معه 5/الوصول الى نقطة الخلاف 6/اسباب الخلاف وعلى من تقع المسئولية 7/ اراء ومقترحات. 8/ خاتمة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: (حركة حق كيف نشأت ومن السبب في إنشقاقهاحوار بين أطراف النزاع ) (Re: قاسم المهداوى)
|
العزيز قاسم المهداوي
بالغ الشكر و التقدير علي هذه اللفته الرائعة، سوف اتعمق في المادة الثرة المطروحة هنا و اتابع سير الحوار الذي اتمني أن يواصل فيه الاخوة حسب رؤية العزيز قصي و حين تلوح لنا فرصة المشاركة سوف نفعل. أنا و كثيرون غير ممن يمثلون تنظيمات _جديدة النشأة و المبني_ لا نري مخرجا من الازمة العامة الا بتوحيد قوي التغيير و التثوير أو توحدها _علي الاقل_ تحت مظلة متفق عليها تسوعب الرؤي و الطروحات و المقاصد الساعية الي تغيير الثوابت المفروضة علي الشأن الوطني طيلة تاريخنا المعاصر.
| |
|
|
|
|
|
|
|