|
Re: المريسه وأصنافها وأحوال السكارى !!! (Re: محمد عكاشة)
|
(ان هذا التراث الشعبى الذى حواه كتاب الانداية صورة صادقة لجانب من حياة اهل السودان اضمحل وكاد يندثر من الحياة العامة بفضل التطور الاجتماعى الذى مر به السودان خلال العشرين سنة الماضية.. وتبقى للكتاب أهميته كتسجيل دقيق وأمين لظاهرة الانداية ومايتصل بها من أعراف وفن وأدب ..) بروفسورعون شريف
| |
|
|
|
|
|
|
Re: المريسه وأصنافها وأحوال السكارى !!! (Re: محمد عكاشة)
|
الاستاذ عكاشة... المريسة لسنوات خلت إرتبطت بمرسوم من اكبر مراسيم الفرح والدعة ورغد العيش كما ذكرها العم عنتر عبد الرضي ابوجكو(لقب اطلق عليه) عندما سئل عن زيارته للدمازين فاجاب ( والله البلد تمام التمام والناس مبسوطة والمريسة راقدة والعرقي راقد).... وفي بعض المناطق ثمة ارتباط وثيق بين رغد العيش وسهولة الحياة وزمن المريسة البيضاء و(ارقد يا عيش)... في صباي الباكر كنا نقصد اطلال ماتبقي من سوق الحلاوين (اشهر اسواق الجزيرة) فالمكان اشبه بالقلاع الرومانية القديمة.. ويقال يمكنك ان تسمع اصوات الباعة وجلبة السوق لمسافة تمتد حوالي ثلاثة كلم اى في القري المجارة لمصطفي قرشي .. والسوق تميزه الانداية وقبيلة الجزارين ومشروبهم المفضل من (المريسة بيضاء) تضاهي في اوانها مستخرجات الشعير و (البيرة ام جمل والشراب إسكوب) وهي عيش صافي من خيرات ارض الجزيرة البكر...ومن علامات التسوق وقتها ان تشرب عبارين من (حلاوة) وهي اشهر صانعة مريسة وقتها ثم تعبي جركانتك المخيشة بعافية الذرة الي ان يحل يوم السوق القادم.. هكذا كانت الدنيا وقتها ...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: المريسه وأصنافها وأحوال السكارى !!! (Re: omar alhag)
|
الاخ عمر الحاج شكرا على اضافتك الثرة وارجو ان تستمر.. شيخ الطيب وثق عبر الانداية لمثل ماتقول.. سوف آتيك الى الشراب واحواله والرواة المبدعين عند اهلك الحلاوين والجزيرة أرض المحنة.. البوست عرض لميراث الطيب وفيوضه وارجو ان نحى ذكراه وميراثه من الكتب والمساهمات,, كل الود ياصديقى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: المريسه وأصنافها وأحوال السكارى !!! (Re: محمد عكاشة)
|
محمد عكاشة
ألا رحم الله فقيدنا الطيب محمد الطيب.. فقد كنت احبه لله،، واتابع بشغف اطلالته عبر شاشة التلفزيون القومي...
-- متابع بشغف.. إذ لم يتح لي الاطلاع على هذه الكتب.. وحال الغربة لا يعطي سانحة لأجدها.. لك جزيل شكري واعزازي على هذا البوست
| |
|
|
|
|
|
|
Re: المريسه وأصنافها وأحوال السكارى !!! (Re: محمد علي شقدي)
|
شكرا الاخ محمدشقدى وخذ من مقدمة دكتور عبدالله على ابراهيم للمجموعة الكاملة .............. (وفجاه ظهر بيننا الطيب =قاطع حبلو=من مقرن النيل ونهر عطبرا بجهة بلدة الدامر.. قال انه محب للفلكلور وقد طلق اشغاله كلها وقرر التفرغ لجمع الادب الشعبى ولا اذكر اننا سألناه عن مسيرته التعليميه ولست متاكدا الى يوم المسلمين هذاكم استحصل الطيب من علم المدارس وكان واضحا ان الطيب رجل نير ولكنه صفر اليدين من الشهادات..وأذكر انه قال انه كان مندوب اهله فى المقرن فى مجلس ريفى شندى وقال أنه كان تاجرا أو تشاشا..)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: المريسه وأصنافها وأحوال السكارى !!! (Re: محمد عكاشة)
|
من مقدمة دكتورعبدالله على ابراهيم لكتاب ذاكرة قرية... (كان كثير من الناس يزكي الطيب محمدالطيب بالنظر الى عظم مأثرته وتواضع كسبه العلمي بقولهم ..لو تلقي علما جامعيا لفاض وأربي. ويتوهم القائلون على حسن نيتهم نقصا فى الطيب لا دليل له سوى عقيدتهم فى أن الاحسان لايقع الا بالتعليم النظامى والترقي فيه,, فجعلوا كسب الطيب المرموق كفاحا حجة للتعليم النظامى لاحجة عليه,ففحولة الطيب ومباحثه فى عمق الروح السودانية متى لم نفسدها بمثل التقول أعلاه كفيلة بوضع يدنا على علل تعليم المدارس المستحدثه التى تجفف ملكات خريجيها,ومثل هذا النظر هو مااستفدناه من رالف نادر الناشط المصقع لصالح المستهلك الامريكى وخريج جامعة هارفارد,حين ميز بين تعليم البيت وتعليم المدرسة,فوصف الاول بأنه تربية أما الاخر فهو تلقين لمهارات وحرف.فقدعرف رالف التعليمين ووجدمأثرته,فى الغالب ثمرة للتربية لا التلقين ..) نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: المريسه وأصنافها وأحوال السكارى !!! (Re: محمد عكاشة)
|
ومع دكتورعبدالله على ابراهيم (لوكان الطيب ممن تعاطى التغليم النظامى حتى اخر درج لاستنفدت مدادكلماته ذاكرةالمدارس الحديثه من حنتوب او طقت او وادى سيدنا اوكلية غردون ومااندرج مدرجها,وعلى ميزة هذه التجربة الحنتوبيه فى حياة الجيل الا انها طرف من تجربة النشأةالسودانية.ويضحي الطرق عليها دون غيرها تعظيما للتلقين لا التربية,وهو تعظيم يصادر منا ملكة نقدالحداثه ولهذا نازع الطيب حتى النفس الاخير ليفرغ من كتابة(ذاكرة قرية)ليترك فينا شهادته عن عصره وتربيته.فقدرأى العزة بالغرب وسوء الظن العميق بارثنا وكتب ذاكرة قرية غيرة من المدينة الغربية التى وسمت كل سيء بميسمها فأنشأت اجيالا سودانية خالية الذهن عن تاريخها )
| |
|
|
|
|
|
|
Re: المريسه وأصنافها وأحوال السكارى !!! (Re: حبيب نورة)
|
تعرف ياحبيب نورة استلمت المجموعة الكاملة من الاخت سلوى بحضور مطر.. مطر قارئ نهم يقرض الكتب كماالمازنى والنعامه..جاتو حاله عجيبه بضرورة تسليفه..سبق وعدمن دار الخرطوم بنسخ اكراميه له..ومن يوميها دائم الاتصال والسؤال.. مطر جايييك من ضاحية السلمه كل الود
| |
|
|
|
|
|
|
Re: المريسه وأصنافها وأحوال السكارى !!! (Re: محمد عكاشة)
|
وحول مجالس الشرب عندالرباطاب يقول..
(الرباطاب أهل ملحة وطرافه ويمتازون بذكاء حاد وسرعة بديهة لايجاريهم فيها أحدمن أهل السودان..كذلك يصنعون النكتة والقفشه بمهارة زائده,ولهم لسان حاد لايخلو لفظهم من الغلظه و(المساخه )خاصة اذا أراد أحدهم أن يتماسخ,,, لهذه الاسباب فان مجالس شربهم وأنسهم تحفل بالضحك والطرب والسخرية التى لاحد لها,ويذهلونك بسعة أفقهم وتحسب ان جلست معهم أن الواحد منهم يحفظ نكات غيره,ولكن فى الواقع أن كل واحد منهم ينشئ النكته والطرفة بنفسه ,ومجالسهم لاتمل لأنها شائقه وحافلة,,)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: المريسه وأصنافها وأحوال السكارى !!! (Re: محمد عكاشة)
|
وحول مريسة الفقرا والملاماتيه يقول..
((الفقرا هم معلمو القرآن ونحوهم من المشايخ ولهؤلاء مريسة خاصه من صفاتها أنها لاتترك حتى (تقوم )بمعنى أنها تشرب قبل أن (تخمر ) وأهم مرائس الفقرا فى الشمال والوسط (البقنيه,الشربوت,الدحيشه,الحسوة ) وفى الغرب تخصص لهم (كمن جانى,ام بنج بنج,مديدة تاما) وقديتجاوزون ويشربون المريسة الصرفه ويدعون أنها مريسه خاصة لاتسكر والناس لا يرتابون فى قولهم. وان تأكد للعامه أن المشايخ يشربون المريسه الصرفه فان ذلك لايغير من اعتقادهم فى صلاحهم لانهم يعتبرون طبقة من (الملاماتيه) وهم رهط من الصوفية كماحدثنا عنهم ودضيف الله يقترفون المنكر والحرام جهارا نهارا ليضطهدم الناس,والاضطهاد والسخريه ممايرفع من قدرهم دينيا حسب زعمهم وقديرى العامه الفعل المنكر بالعين المجرده ولكنه كما يدعى الملاماتية شئ آخر غير مايراه الناس,فهو سر أهل الباطن كما يدعون ))
| |
|
|
|
|
|
|
Re: المريسه وأصنافها وأحوال السكارى !!! (Re: omar alhag)
|
الاربعاء الاخير من شهر نوفمبر 1967م كنت فى زيارة لقرية كبوشية أتحري فيها مجئ الشيخ (ح)للسوق الاسبوعى فهو عندى من الرواة الذين لهم المام بتاريخ البادية الشرقية التى تضم الهواد وطرفا من ام شديده والضهيرة مع احاطة كاملة بتاريخ المنطقة كلها,, وظللت ابحث عنه فى السوق وفى الحله دون جدوى,واخيرا همس فى اذنى احد التجار بأن الشيخ لامكان له الساعه غير الاندايه,وتمتم بالتعويذ.ذهبت جهة الاندايات فى تردد وحياء شديدين,وكانت تدور فى ذهنى مشاعرشتى وأنامقبل على هذا المكان الذى لم آلفه ولى فيه رأى او يجب ان يكون لى فيه راى مسبق بحكم نشأتى فى بيت اشبه بالبيوتات التى نطلق عليها البيوتات الدينية,وقدورثنا وجدا دينيا او صوفيا انحدر الينا من جدنا الفكى احمدودابوالقاسم ومازالت ظلال هذا الوجد تترامى الينا وتهيب بنا.. تذكرت هذا,وتذكرت أحاديث جدتى وكان لكلتا جدتي رأى محدد فى الانداية,وكنا نسمع منهن عبارات كثيرة دون أن نفهم المعنى المحدد لهذه العبارات التى يطلقنها ساعة الانفعال أو الغضب خصوصا عندما يردن كبح جماح شقاوتنا نحن الاطفال.. (أكان أخليك بيها أصفى المريسه فى الانداية بعد الشيب دا )وتشدشعرها او تمسه لا ادرى او عبارة (أكان أخليك ياظربون ألبس لى رحط وأرقص فى الانداية) وفى صيغه اخرى (أكان اخليك ياولد أرهز فى الدهلة وأصفى المريسه فى الانداية ) هذه الاصداء البعيده التى يختزنها العقل الباطنى كانت تدور فى ذهني وأنا أجر قدمى جرا نحو الاندايةوكدت أرجع عدة مرات وتغلبت على مشاعرى بعدنزاع طويل وأعانني فضولى الفطرى المكتسب وتوكلت على الحي الدائم واقتحمت الانداية كواحدمن عشرات الرواد,وألفيت الشيخ فى صدرها يتوسط الدانقه متصدرا ذلك المجلس فكان منطلق الاسارير -على غير عادته-وبجانبه عدد من اصحاب الذوق الفنى مستمعين ومطربين منهم صاحب المزمار ومنشدالدوباى وجماعة الطنمبور,, والمنطقة من أغنى اقاليم السودان بالفنون الغنائيه,,
| |
|
|
|
|
|
|
Re: المريسه وأصنافها وأحوال السكارى !!! (Re: عمران حسن صالح)
|
ذات مرة اتحفنا قلم الصديق عكاشة بهكذا كتابة:-
صـاحب الانـداية ..سـمح النفـس..بســام العـشيات الـوفى !! صـاحب الانـداية ..سـمح النفـس..بســام العـشيات الـوفى !!
منتصف الستينات.. وفى واحدة من ديمقراطيات السودان..والديمقراطية فى بلدى مثل(الظباء الجريحة) تبزغ بهية الصورة ونتلكأبها عند خلافاتنا ونسلم انفسنابعدها الى دورة خبيثة من تاريخنا الدائرى.. المهم.. وقتها.. وفى الحملة الانتخابية جلس زعماء الاحزاب فى ندوة محضورة يعرضون ملامح البرنامج ويتبارون على الهواء مباشرة.. كان من ضمن المتحدثين شاب غض الاهاب وتحدث فى اخر الندوة.. الفتى ابتدر حديثه بسؤال عنترة العبسى واجابه فى ذات الوقت.. هل غادر الشعراء من متردم؟؟..قال ...أجل !!!وتحدث حديثا لافتاولايعرفه احد من قبل.. فى صبيحةاليوم التالى خرج مؤسس الصحافة ببنط عريض... (...لقد بهرنى الدكتور الترابى...) ......... فى الفين واتنين ذكرت شيئا كهذا للدكتور منصور خالد فى حوارى معه فى القاهرة وورد حديث عن ذكريات الحى اللاتينى بباريس واصدقائه القدامى وعند السيد حسن الترابى اجابنى منصورا.. ( صديقى الباريسى حسن الترابى..حجةبالغة ).. هذا حديث ,,,وحديث آخر..نوثق له عبر البوست..
مطلع السبعينات وفى خلوة جدى الشيخ الزين ودالفكى ابراهيم بحى العباسية يتحلق اناس كثيرين فى حديث اعرف بعضه وينبهم عندى بعضه الاخر وانا ألزم خدمة الضيوف.. فى تلك الايام يجلس رجل الى جدى ووالدى فى حكايات قديمة وتأريخ وسير واخبار.. الرجل فى جلبابه الانصارى وعمامته والطاقية ذات القنمبور تتوثق علاقتى به.. خصوصا وهو يسكن فى الجوار...ثم ليلا اشاهد الرجل على التلفاز يوم كان لتلفزيون السودان مساهمات ثرة فى توثيق ثقافاتنا وهويتنا الجامعة والتعريف بتنوعنا الثقافى والعرقى واهمية ذلك فى الوحدة الجامعة..الجاذبة ..والطوعية كمان... صباح اليوم الاربعاء السادس عشر من مايو الفين وسبعة فى قاعة الشارقة..وعبر جمعية الفلكلور السودانية..بهرنى علماء افاضل ..جلسوا بلا القاب ومقامات يحدثوننا فى اوراق ضافية عن ذلك الرجل ذى الاسهام البالغ فى توثيق التراث والفنون الشعبية.. الراحل المقيم..الاستاذ الطيب محمد الطيب... بهرنى هؤلاء فى حديثهم عنه..يوسف فضل..محمد المهدى بشرى..سليمان يحى..على عثمان طه..سيدحامد حريز..والفرجونى..وغاب عن اللقاء وهو فى مهجره ..عبدالله على ابراهيم.. سوف نكتب عن الطيب.. العالم..الارباب..و..و.. سمح النفس...بسام العشيات الوفى.. ووعن مساهماته وابحاثه..وسوف اقوم بتلخيص الاوراق المهمة..او نقلها بحذفارها.. نعود
| |
|
|
|
|
|
|
Re: المريسه وأصنافها وأحوال السكارى !!! (Re: مطر قادم)
|
وايضا اثر رحيله المؤسف كتب الدكتور عبدالله علي ابراهيم الطيب محمد الطيب: عبادة في الهرج الدكتور عبدالله علي ابراهيم
يعجبني ما قاله الرباطابي الماكر عن حسن التوقيت في مغادرة دار النقاص. فقد استصلح المياييس (السيد محمد على وإخوانه) أرض شرقي قرية عتمور المعروفة بأم غدي وزرعوها فولاً. وأصبحت أم غدي خلية نحل تصبح سهراً على الفول وتمسي حرصاً عليه طوال موسم زراعته حتى حصاده. وهذه فلاحة اشتهر بها المياييس. وترتب على هذه الفلاحة انكماش طقوس الموت والزواج عندهم خلال هذا الموسم العصيب. فقال الرباطابي الماكر: ''إن شاء الله ما أموتلكم في موسم الفول يا ناس أم غدي.'' فالرجل أراد لنفسه موتاً بفراش ضاج وثكلي اضج.
أردت لحبيبنا الطيب موتاً في غير زمان الهرج هذا: زمان العُصب المسلحة التي ظلت تأخذ بخناق الوطن محكمة فينا ''بيض الصحائف'' وهي السيف. أردت له أن لا يموت وشركاء الحكومة متماسكون الحزز في جوبا أو مدلون بدلوهم بزخات الرصاص في أركان النقاش الجامعية. أردت له أن لا يموت في سياق حرب الاخوة في دارفور والمناصير وبورتسودان والخرطوم الأخرى. أردت له أن لايموت ورائحة السحت تزكم الأنوف وتكسر خاطر الناس. أردت له موتاً في جلال موت موسي ود أبو حجل الذي استشهد في معارك المهدية الذي كثيراً ما ترنم فقيدنا بما قيل في مناحته:
يوم جانا الحصان مجلوب
وفوق ضهرو السرج مقلوب
حبيب ريدنا وسدوهو الطوب
وابكنوا يا بنات هجلوب
وأكثر ما خشيت في زمن الهرج العاول فينا أن يتحول موته إلى هامش في صراع الإنقاذ وخصومها. وقد بدأت مثل هذه ''النجرة'' المعارضة في البروز في مراثي الطيب. لا خلاف أن الإنقاذ تتحمل تبعة تسوئة حيواتنا كلنا والغصص منها كثيرة. ولكن الطيب لم يرهن خيره لبلدنا وثقافتنا على فضل الحكومات أو ديمقراطيتها. كان دخّالاً خرّاجاً في نصوص هذه الثقافة يبلغها غلابا. تقلبت بلدنا بين ديكتاتوريات مديدة العمر ولم يعدم الطيب أبداً بصارة ليعمل بها أو بدونها لنيل مراده. ولم يترخص أبداً في اداء واجبه الثقافي. كان أنصارياً وقد اكتنفت هذا الرهط المحن طويلاً فحفظ بيعتهم التي في عنقه. ولم يبعهم بغال أو مرتخص لينال حظوة النظم الكارهة لهم. لقد نفذ الطيب بمشروعه الثقافي برغم تلك النظم لا بواسطتها.
ولا يهبط بقامة الطيب إلى مجرد حاشية في فتنة الإنقاذ وخصومها إلا من عرف الإنقاذ ولم يعرف الطيب. فلم يولد الطيب افندياً بمعلقة من ذهب الدولة. ظهر بيننا فجاءة في نحو 1965 بشعبة أبحاث السودان بكلية الآداب بجامعة الخرطوم. كنا جماعة: سيد حريز وأحمد عبد الرحيم نصر ومصطفي إبراهيم طه وزعيمنا الدكتور يوسف فضل حسن. كنا مفتونين بالفولكلور الذي كلفتنا الجامعة بجمعه وتبويبه ودرسه. ولم يكن أياً منا قد تخصص فيه فاتسم عملنا بالتجريب والشغف. وكان تاج كل ذلك شعور عميق بالزمالة. لم تكن تنعقد حلقة تسجيل مع مادح أو همباتي شاعر أو راوية تاريخ إلا وجدتنا حضوراً جميعاً نشد أزر بعضنا البعض.
لم أكن أنا مثلاً ممن ينطبق عليهم شرط التعيين أكاديمياً بالجامعة. ولم يخطر ليوسف فضل تعييني خلال تلقي العلم علي يديه في معادل الشرف تاريخ. ولكنه سمعني يوماً أتحدث عن الفولكلور بإذاعة ام درمان وسرعان ما عرض علي أن انضم لشعبة ابحاث السودان. وأصبح الباقي في عداد التاريخ. ومن جهة أخرى كان سيد حريز في طريقه ليصبح محاضراً بشعبة الإنجليزي بالجامعة حتى قرأ يوسف رسالته عن طقوس الحياة والموت في السودان فالتمس من الجامعة أن تحوله إلى شعبة ابحاث السودان. وكذلك الحال مع احمد عبد الرحيم. بدأ بالفلسفة ثم كتب عن فلسفة الأخلاق عند النوبة النيمانق بالدلنج فلم تتأخر عنه حفاوة يوسف.
وفجأة ظهر بيننا الطيب ''قاطع حبلو'' من الدامر. قال إنه محب للفولكلور وقد طلق أشغاله كلها وقرر التفرغ لجمع الأدب الشعبي. لا أذكر أننا سألناه عن مسيرته التعليمه ولست متأكداً إلي يوم المسلمين هذا كم استحصل الطيب من علم المدارس. وكان واضحاً أنه رجل نير ولكنه صفر اليدين من الشهادات. وأذكر أنه قال إنه كان مندوب أهله في المقرن في مجلس ريفي شندي الذي تبعت له المقرن. وقال إنه كان تاجراً أو تشاشاً. ولم يترك لنا الطيب باباً لمثل هذا السؤال فقد أخذنا منا بمحفوظاته من التراث وبأدائه بصوت طربنا له. وسعى يوسف في أروقة الجامعة يطلب له وظيفة لم تخطر على بال بروقراطي وهي جامع فولكلور بأجر مجمد قيمته خمسون جنيهاً وكان مرتب أي منا لا يتجاوز الستين. وقبلت به الجامعة. ووفرت له الشعبة عربة جيب رقمها 5 خ8731 ومسجلاً ألمانياً ماركة قروندق وسائقاً ''دنقلاوياً'' أنيساً هو السيد حسن خير الله ودفتر بنزين صالح لملأ تنك العربة او شراء صفائح الوقود من أي طرف في السودان. وكانت هذه هي الفترة التي توسعت فيها حصائل الطيب من فلكلور الجماعات السودانية في الحضر والبادية وفي العرب و''العجم''. ووجد منفذاً لنشر هذه الحصائل في ''سلسلة دراسات في التراث السوداني'' التي طبعناها بالرونيو كالشيوعيين والجمهوريين. ومكنت هذه الفترة للطيب أن يقف على الخريطة الثقافية لضروب الفلكلور وملكات رواته ومؤدييه وأن يكشف عن ''الضفيرة'' النسيقة التي تربط آداب الجماعات السودانية. وكانت هذه الحصائل زاده في رحلته المثيرة في ''صور شعبية'' وكتبه الأخري مثل ''دوباي'' و''المسيد'' و''فرح ود تكتوك'' و''الإنداية''.
مثل الطيب لا تهز الحكومات ''إن قصرت وإن طالت'' له قناة. فعطايا الحكومة هي حيلة أصحاب المشروعات قصيرة التيلة. أما مخاطرة الطيب الثقافية فقد كانت من النوع طويل التيلة. ومشروعيتها أصلاً في رد المجتمع الآبق، حكومة ومعارضة وشعبا، عن الحق والعدل والسماحة إلى الجادة بالاستنجاد بحكمة من الماضي وبركته. فهي مما لايؤجل حتى ينقضي أجل الحكومة الظالمة بانتظار الحكومة العادلة. فمشروع الطيب هو باب في التوتر الإبداعي الذي يتمخض عنه المجتمع الجديد. فهو مشروع للنهضة لا للمقاومة ولا يفل حديده حديد. وصاحب مثل هذا المشروع ''مَدعِي مهمة'' أي مصاب بها لا فكاك له منها. و''مدعي'' هذه مما استفاده الطيب نفسه من الوالدة الحاجة جمال. كان متى زارنا في منزلنا ببري المحس (وكان يسكن بري اللاماب) قالت له ''صاحبك دا مدعي قراية''. اي أنه ممن دعا عليه أحدهم بالقراءة إلى يوم الدين. ولم تكن الوالدة تعجب باستغراقي في القراءة وصحبة الكتاب بالطبع. وذكر الطيب لي ذلك في إهدائه كتابه ''المسيد'' لي.
أنا زعيم بأن الطيب مات سعيداً ودعك من المنغصات. فلم تعد صورة الفلكلور بعده كما كانت قبله. لقد نعم بحب الناس عاديين وغير عاديين لأنه التمسهم كحملة ثقافة لا مهرب منها بينما قامت بعثة الصفوة الغربية وحتى الإسلامية على تفريغ الناس من ثقافتهم ''التقليدية'' الفاسدة لحقنهم بالحداثة أو العقيدة الصحيحة. لقد حسدته كثيراً متى كنا على سفر أو زيارة على تعرف الناس عليه بالفطرة واقبالهم عليه كشركاء في مشروعه يسألونه عن الأنساب أو صحة نطق اسم مدينة أو مزارات ولي. وكنت استمع إلى حواراتهم معهم يديرونها على قدم المساواة. وكنت أنطوي منهم على صفويتي الحبيسة ولغتي الكاسدة. كان الطيب يعلم علم اليقين حب الناس له. بل ومناصرتهم له. لم يكن الطيب لينجز أكثر ''صور شعبية'' لولا سخاء مشائخ وتجار وأحباب مولوا زياراته الميدانية لبقاعهم واحسنوا إليه. وهذه سنة في الإحسان إلى أهل المشروعات الثقافية لم تقع لصاحب مشروع ثقافي حديث قبل الطيب. وكان الطيب غني بهذه الصحبة عن تكفف الدولة العادلة والظالمة.
هناك الكثير مما يستوجب القول عن حفظ ذكر الرجل ومأثرته. ووددت لو أنه مات في غير موسم فول أم غدي ليكون حديثنا عن الولاء لذكراه قولاً لا يطير شعاعاً بعد رفع الفراش السياسي عليه. ولكن مما يلطف فقد الطيب أنه حين مات كان شرفه كمثقف فوق الشبهات وعلمه مما يمكث في الأرض ورفقته غزيرة لأنه لم يشترط لتعاطي الثقافة شهادة موثقة أو لساناً متحذلقاً. لقد جعل الأميين صناع ثقافة وسألهم بتواضع جم أن يملوها عليه. وفعلوا وفعل. وزدنا بذلك إنسانية هي ما يبقي على هذا البلد الطيب برغم الشرور التي أحدقت به طويلا. نقلا عن مكتبة منصور المتاح
| |
|
|
|
|
|
|
Re: المريسه وأصنافها وأحوال السكارى !!! (Re: مطر قادم)
|
حبيب نورة كده كويس ؟؟ ياهودا مطر الذى أعرف..غيمة تهمي سحا وتسكابا...هطااال اليومين دى فى حال احتفال مع صديقى الشاعر عثمان البشرى..ودخالتى عاشه..عيدميلاده الثانى والاربعين.. عثمان فى حال تذكار مستمر لأيامه وأشعاره وحولياته مع الدوش.. الدوش صحبته سنوات وأسفت أن أبدأ دراستى بالمعهد لألفاه غادره.لأغادر فى ركابه. لاجده يامطر فى براحات مدينة امبده..وفى بروفات مسرحيته ياعبدو رووق واستاذ عادل حربى يدرسنى المسرح الاقريقى وهو مخرج المسرحيه(ياعبدو رووق) فى ايام الدوش الاخيره,, يا نورة,, الشعر ..الحب..الغيم اللرحل.. والدوش هؤلاء مواسم..والكتابه,, بجيكم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: المريسه وأصنافها وأحوال السكارى !!! (Re: مطر قادم)
|
كبرت كراعى من الفرح نص فى الارض نص فى النعال
اتلخبط الشوق بالزعل اتحاوروا الخوف والكلام)
مطر وما قال ربك ويلٌ للرفاق إلا الذين هم عن صحابهم ساهون! و أنا بمد ليك في ماعون رجاي بأن يحفظك سيدي من شرور ضاحية السلمة و سؤ الرفقة إلا من يمّم وجههُ شطر أصقاعها الناهية هناك حيث الدفاعات والزمن مقيلة ولو كانت رفقتك سكينهم حمرا ففي ذلك خيرٌ وبركة فاتتك عيزومة يا شقي الحال الذي يقع في براثن عكاشة مع الجميل حامد محمد حامد هناك في الباشا أنا قلت لي حامد وروني العدو و أقعدوا فراجة والماستر ماكس للذين لا يعرفونها هي بيرة الله والرسول !
راجييك يا مالك أبقي مارق من أصقاع عكاشة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: المريسه وأصنافها وأحوال السكارى !!! (Re: محمد عكاشة)
|
عكش تحايا واشواق كــــيف انت وباقى العقد المزركش بالورود طبعا قد تتفاجأ لو قلت لك لم اجرب قط (ذلك الكائن الحى من السوائل ) فى احدى المرات كنا فى جلسه نخبوية ... وفى شخص متعب حد الارهاق ولكى اشغله فكرت فى استنباط سؤال قد يبدو سهلا ولكنى على قناعة من ان صاحبنا سيجتهد جدا ليصنع لنفسه اجابه مقنعة ,,, وبعد نقاش قلت له عندى لك سؤال ,, قال هات ما عندك . السؤال هو هل عصير (البلح )كائن حى ام من السوائل ؟؟؟ وتركناه يبحث نعود للمريسه واصنافها يبدو لى حسب جغرافيات السودان المختلفه تسمى المريسه ايضا صدقنى يا عكش لا اعرف طعم هذا الشىء ( ود انصار انا ياخى ) ولكن اليك الاسماء بغو بقنية دامبكس دقه واسماء اخرى ,,, فى القاهرة وانت ذاهب صوب مطعم الخرطوم القديم ( صلاح كسرة ) من شارع عبد العزيز فى العتبة توجد جلسه على البرش ارض جو يا عمك توزع فيها البوظة بالجك ... ولجت وسالت كم سعر الجك قالو واحد جنيه اعتقدت ان المساله عسلية او اخواتها ( مشتقاتها ) لم اتمكن من تزوقها ( مرة المزاق ) تصنع من العيس ( الرغيف ) الجاف وبس هل انت مصدق .... ولا كــــيف
قاسم المهداوى هامش حبيب نورة قال وين طشت الناس يقصد اصحاب الجلسات النخبوية
| |
|
|
|
|
|
|
Re: المريسه وأصنافها وأحوال السكارى !!! (Re: محمد عكاشة)
|
Quote: والماستر ماكس للذين لا يعرفونها هي بيرة الله والرسول ! |
لا إله إلاّ الله ... محمد رسول الله ...
لا إله إلاّ الله ... محمد رسول الله ...
لا إله إلاّ الله ... محمد رسول الله ...
لا إله إلاّ الله ... محمد رسول الله ...
لا إله إلاّ الله ... محمد رسول الله ...
لا إله إلاّ الله ... محمد رسول الله ...
... التجاهل ... ... التجاهل ... ... التجاهل ...
... التجاهل ... ... التجاهل ... ... التجاهل ...
... التجاهل ... ... التجاهل ... ... التجاهل ...
... التجاهل ... ... التجاهل ... ... التجاهل ...
... التجاهل ... ... التجاهل ... ... التجاهل ...
... التجاهل ... ... التجاهل ... ... التجاهل ...
... التجاهل ... ... التجاهل ... ... التجاهل ...
... المهم ....
| |
|
|
|
|
|
|
Re: المريسه وأصنافها وأحوال السكارى !!! (Re: محمد عكاشة)
|
أخي محمد عكاشة لك التحية و أنت تطرق سيرة أحد أهم الباحثين في بلادنا، رأيت فيما يرى النائم أن النصب التذكاري الذي أقامته الدولة لفقيدها الأستاذ الطيب محمد الطيب قد زاحم السحبا. ما يميز هذا الباحث العبقري أنه لا يكتب آراءه أو بحوثه إلا عندما يستقي معلوماته و يستوثق منها في مظانها، لذا أخرج لنا آراء في غاية الدقة. الطيب محمد الطيب واحد من أهم أساتذتي الذين زرعوا في نفسي حب الأدب الشعبي. قال لي صديقه ووالدي المرحوم الطيب العباسي: إن أنسب شخص يقدم لكتابك (نظرات في الهمبتة و الدوبيت السوداني) هو الأستاذ الطيب محمد الطيب. كاد الأمر أن ينجح بعد زيارتنا له و تسليمنا له مسودة الكتاب و لكن المرض تمكن منه و يكفيني أنه قد أبدى إعجابه بالكتاب، و عندما واروا جثمانه الطاهر الثرى كنت أردد مع الشريف الرضي قوله: ما كنت أحسب قبل موتك أن ** أرى أن الثرى يعلو على الأطواد.. سودت ما بين السماء و ناظري ** و محوت من عيني كل سواد.. رحم الله فقيدنا و أستاذنا الطيب محمد الطيب رحمة واسعة و أدخله فسيح جناته. و الشكر لك صديقي محمد عكاشة على هذا البوست الرائع و لو أن عنوانه يخلي حلق الزول يطق!!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: المريسه وأصنافها وأحوال السكارى !!! (Re: محمد عكاشة)
|
الاستاذ عكاشة
ومن اسماءها (البغو ) الدقة والعيش والام طبج
وصناعها الفدادية والبغو من المفيد ان يشرب بعد عديد من المناصيص( وهي جمع منصاص ) وهو الجزء الدسم من اللاحم .. ويجد في جسد التيس الصغير ويسمى بدلو بلدو وعلى قول الشاعر : بلدو بلدو صغير الغنم قليل العظم كثير اللحم.. من نكات المريسة ان تنافس الاحزاب في استقطاب الولاءات اتى احد الاحزاب مانع في حملته شرب المريسة وعارضه الحزب المنافس بتقديم استفسارا بسيط الم يكن الزارعة بعرق جبينكم ؟ قالو نعم الم يكن العيش عيش لله ؟ قالو نعم .. فقال اذا لما تحرمون من رزقهم والعيش حلال
في المريسة انه لا تفسد الدعاء اذ يوجد من مشائخ القران من يدرس الطلبة وحين يشعر بالظماء يدخل الخلوة ويتناول جغمة
من مقاييسها التي تبعاع بها
الدلنج ( وهي يقارب الزير ) والعبار وهو اصغر حالا ويشرب اثناء الانس المحدود العدد
والكاس وهو مشترك مع العرقي وهو المشترك الوحيد في الآنية
تصنيف المريسة هي شر اب الاوساط الفقيرة في الاساس والتي تخاف الله اذ ان الذي يخشى الله لا يشرب العرقي وفي المهن اكثر المهن الشاربة للعرقي هم (الخراجة ) ومفردها (خراج بفتح الخاء ) وهو بائع الماء لانيه يتهلك سوائل كثير في جسده اثناء حركته لبيع الماء ويوصف الخراج بانه (بارد الالية ) لسببين اولهما انه كثير الجلبطة بالماء والثانية انه يكثر من شرب البغو او المريسة وهي مدرة مرطبة للجسم وخاصة الكرش
من اثار البغو انه كما ذكرنا مدر للبول وغالبا ما يفعلها الشارب بطرف الحيشان ويسخر من الذي يتبول كذلك بانه بوله كبول الشارب بغو او مريسة
__البوست طريف لما يحمله من افكار كاتب اطرف
| |
|
|
|
|
|
|
Re: المريسه وأصنافها وأحوال السكارى !!! (Re: rani)
|
يقين الطيب بالتنوع أصبح دستوراً
بقلم : عبد الله ادم خاطر: الصحافة ستشهد مطالع شهر أغسطس القادم موسماً ثقافياً خاصاً، يشمل تدشين مؤلفات الراحل الطيب محمد الطيب بقاعة الصداقة، واعادة تقديمه فكريا في ندوة بقاعة الشارقة بجامعة الخرطوم، وتأبينه في حفل جامع بمدينة المهندسين «ام درمان». على مدى عامين من رحيله في فبراير 2008م ظلت اطراف متعددة تحث الخطى نحو تكريم جهوده الثقافية التي ارتبطت بشعار «الوحدة في التنوع» بعد اتفاقية اديس ابابا «2791» وتعمل على تثمين نشاطه المعرفي الدءوب الذي قاوم اعاصير العودة القهقري، حيث اصبح بالاصالة ضمن تيار الوعي الثقافي الانساني في السودان. وفي سياق العملية السلمية الشاملة اضحى دستورا بعد نزاعات مسلحة في مختلف انحاء البلاد. لقد اعترف السودانيون طواعية وبارادة حرة ان البناءات التنموية القادمة تلزم جانب التنوع الثقافي، وذلك ما سعى في سبيل تحقيقه الراحل الطيب. عندما رحل عن الدنيا لم يترك الطيب في حسابه البنكي غير خمسمائة جنيه او تقل، وترك لبناته السبع وزوجته منزلا غير مكتمل البناء، يشاركهن فيه ورثة آخرون يدركون ما اهمية استقرار اسرته الصغيرة. في خضم الاهتمام بالشؤون العاجلة، فات على الكثيرين ان الراحل خلف وراءه ثراءً عظيما، بمساهمته في جمع وتوثيق مظاهر الحياة الثقافية للسودانيين بتصوير عاداتهم وتقاليدهم وطموحاتهم غير المعلنة. لقد استطاع الراحل تقديم ذلك من خلال برنامجه الاعلامي ذائع الصيت «صور شعبية»، ومن خلال برامج جمع التراث السوداني منذ ان كان بوحدة ابحاث السودان في مطلع سبعينيات القرن الماضي، ذلك فضلا عن مؤلفاته العديدة في الحياة السودانية ثقافيا واجتماعيا وانسانيا. بعد رحيله، كانت الخطوات الاولى الطبيعية ان تلتقي قلوب الذين خبروا معدنه ومزاياه على تأبينه، ورفع درجة الاهتمام باسرته، والعمل على استمرار جهوده في ذات السياقات التي عمل فيها ومن خلالها، بيد ان تلك الجهود تعثرت لاسباب مختلفة ولم تتوقف. جاءت مبادرة تجديدها في ثنايا العام الثاني لرحيله من جيرانه الأقربين، صهيب ميرغني، وحسين القوني وآخرين، مبادرة سرعان ما استجاب لها رموز العمل في شبكة الراحل الاسرية الاجتماعية الثقافية. تكونت بتلك المبادرة مجموعة عمل برئاسة بروفسير يوسف فضل حسن المدير الاسبق لمعهد الدراسات الافريقية والآسيوية بجامعة الخرطوم ومدير الجامعة الاسبق، فيما كان مقررها العقيد حقوقي مأمون الطاهر الطيب ابن اخ الراحل وصهره. من خلال تلك المجموعة تم تثمين القدرات والمساهمات المعرفية للراحل وجرى تأكيد صارم على اهمية ان تمضي القدرات القومية قدما لاخذ الاعتراف بجهود الراحل والتعريف بها والعمل على ادماجها في الواقع الدستوري القانوني الاداري الراهن للبلاد، ثم تشجيع وتطوير اساليب التواصل الثقافي في المجتمعات السودانية كبديل لا مناص منه ـ على المدى الطويل ـ عن العمل المسلح الذي اتخذ مؤخرا وعلى نطاق واسع اسلوبا لانتزاع الحقوق الدستورية للمجتمعات والاقاليم التي ترى ذاتها مغبونة غبنا تاريخيا. عندما بدأت اتصالات المجموعة بالآخرين، وجدت تشجيعا وتعضيدا خاصة وان الاولوية القصوى ان تستقر اسرته على حالة من الرضا، كانت متوفرة لها بحياته، وبعواطفه الحاضنة لحاجاتها، وبصبره وبجلده على الشدائد التي تطالها. كان النظر مصحوبا نحو رئاسة الجمهورية لاقرار معاش استثنائي لاسرته. ثم تعزيز قدرات الاسرة المادية لمواجهة المستجدات من الظروف. في تطور لاحق بادر نائب رئيس الجمهورية علي عثمان بأن تتولى الدولة اعادة نشر جميع مؤلفاته بدعم هيئة حكومية، وقد تم نشر الف نسخة من كل مؤلف من بينها المسيد، الانداية، الشيخ فرح ود تكتوك، بيت البكاء.. الخ. لقد اصبح اعادة نشر مؤلفات الطيب اساسا متينا للاحتفاء بقيمته المعرفية، فتوالت اجتماعات بمداخل مختلفة فيها الاسري الاجتماعي، وفيها الثقافي الاكاديمي، كما فيها الفكري الوطني، بدعم من افراد ومؤسسات مختلفة خاصة العاملين في الحقل الثقافي اداريا، ادبيا وفنيا، معهد الدراسات الافريقية الآسيوية، ومركز دراسات الحياة السودانية، والمجلس القومي للفنون والآداب، والدولة ممثلة في رئاسة الجمهورية. في آخر الاجتماعات خلال الاسبوع الماضي بالخرطوم تم تكوين لجنة تمثل تحالفا ثقافيا عريضا لتنفيذ فقرات الموسم الثقافي الذي يشمل تدشين مؤلفاته، والاحتفاء الفكري به في ندوة، واخيرا تأبينه في مظهر من مظاهر الاحتفاء الشعبي والاجتماعي بذوي المقام الرفيع بوحدات الامة السودانية وفي اي مجال من المجالات. اذ قدم الراحل الطيب خاتمة مثمرة ومميزة لحياته في ظروف ادنى ما توصف بها انها كانت غير مواتية ثقافيا، يثور سؤال تلقائي: كيف استطاع الراحل ان يرى ما لم يره غيره من «المآلات»، فتذرع بالصبر وظل يدعو للتصالح وبناء البديل من الواقع الثقافي حتى وافته المنية؟ للاجابة على مثل هذا السؤال اعود بالذاكرة الى علاقتنا غير المفتعلة والتي نمت فيما بعد نموا طبيعيا، وقد بدأت تلك العلاقة في العام 0791 ويومها كنت طالبا جامعيا. لقد دعاني الراحل للمشاركة من خلال برنامج اذاعي متحدثا عن المواد الفلكلورية في دارفور، واذكر تماما اننا اختلفنا في الرؤية حول من يستطيع ايصال المادة الفلكلورية للمتلقي بيسر؟ الباحث الذي نشأ بمفردات الثقافة ام اي باحث آخر ملم بادوات البحث والتقصي؟ كانت مدرسته واضحة المعالم في جمع التراث الثقافي، ثم تقديمه اعلاميا، وهي مدرسة تنطلق من فرضية ان اهل التراث ادرى من غيرهم في جمعه والتعبير عن عناصره الشفاهية والمادية اذا ما توفرت لهم المعرفة بادوات الجمع والتعبير. على خلفية تلك الفرضية، كان الطيب حريصا كل الحرص وهو يتجول في انحاء السودان المختلفة ان يحيط نفسه بمصادر المعرفة الثقافية سواء كانوا من الرواة الثقاة او المالكين لادوات التحليل والمقارنة والتحرير الفني، لذا كان من الميسور امامه ان يجعل من الذين يلتقيهم في الشأن الثقافي معلمين ومسهلين له في اي مستوى من مستويات الجمع والتوثيق والنشر، كما كان يعمل في تلقائية وتناغم مع اي مجموعة ويرحب ترحيبا كبيرا بنقد تجربته وتطويرها من خلال التعلم الذاتي والحوار مع الآخرين. على ذلك ايضا، كان شديد الحرص للتحدث معي وغيري في كل ما كان يتم جمعه من دارفور خاصة وان الدارفوريين شديدو الحساسية في شؤون ثقافاتهم وما زالوا، الامر الذي كان يتطلب تسامحا قلما يمكن توفره الا عند اشخاص مثل الطيب. لقد اضاف الراحل الطيب جديدا في مجال مغمور، وغير معترف به لزمان طويل، فقد كان ضمن سياسات الادارة البريطانية في مستعمراتها الا تشغل بالها بالتراث الثقافي للمجتمعات الا من زاوية تعضيد سلطاتها او تعظيم قدراتها في اخضاع مواطني مستعمراتها لنفوذها الاقتصادي والسودان لم يكن استثناءً. من ناحية انتبه الراحل ب. عبد الله الطيب الى الاهتمام بالاحاجي السودانية كمورد من موارد المعرفة الوطنية، وقدتم على يديه نشر بعضها في كتيبات عرّفت الاجيال ببعض عناصر الثقافة السودانية. في وقت لاحق وقد اصبح ب. عبد الله عميدا لكلية الآداب بجامعة الخرطوم وهي سلطة اكاديمية واخلاقية رفيعة طور تلك التجربة الشخصية بتأسيس وحدة ابحاث السودان للعناية بجمع التراث الثقافي للبلاد، وكان على رأس تلك الوحدة ب. يوسف فضل الذي ارتفع بها الى معهد للدراسات الافريقية والآسيوية في اعقاب اتفاقية اديس ابابا ومتزامنا مع تأسيس مصلحة الثقافة كادارة حكومة للاهتمام بالتراث الثقافي. لقد استطاع الراحل الطيب ان يظل وثيق الصلة بكل تلك المؤسسات بالعمل والانتساب والمساهمة في جمع وتوثيق ونشر التراث الثقافي، اما الجديد الذي ساهم به الطيب في هذا المجال، ان جعل جمع التراث وتوثيقه مهنة سودانية واسعة الانتشار مفيدة وممتعة، خاصة وقد اصبحت تلك الجهود هي القاعدة للاعتراف بالتنوع الثقافي في السودان، واصبح الدستور القومي الانتقالي منتميا ومؤكدا للتنوع الثقافي، والطيب بذلك فتح ابواب تحدٍ واسعة امام الاجيال الصاعدة في الحكومة والمعارضة وهي تبحث عن الحلول المستعصية: هل تكون بالطلقة والحرب ام بالكلمة والثقافة والحوار؟
نقلا عن جريدة الصحافة عدد6119 24-7-2010
| |
|
|
|
|
|
|
|