|
Re: بوريس يلسين (Re: خدر)
|
توفي الرئيس الروسي الأسبق بوريس يلتسن. هذا ما أكدته متحدثة باسم الكرملين. الرجل الذي فاز مرتين بالانتخابات الرئاسية، انسحب من الحياةالسياسية، في العام 1999 وكان يعاني لسنين طويلة من مشاكل صحية في القلب.
لا شيء كان يوحي في السنين الأربعين الأولى من حياة بوريس نيكولاجفتسي، بأنه سيلج يوما ما الساحة السياسية. ولد يلتسن في العام 1931، ابنا لمهندس في البناء من قرية بوتيكا. و في الأورال بدأ حياته المهنية في مجال دراسته. كان واضحا منذ البداية أنه يرغب بشدة في التسلق: تسلق من منصب عامل إلى منصب مدير!
لقد أضفت "البيرسترويكا" في النصف الثاني من سنين الثمانينيات منعطفا جديدا على حياة يلتسن، فقد أحضره زعيم الحرب السوفييتي ميخائيل غورباتشوف إلى موسكو. أصبح يلتسن سكرتيراً للجنة المركزية، وفي نهاية 1985 سكرتيراً للحزب في مدينة موسكو.
بدا يلتسن المنضبط المتصلب لفترة وجيزة كواحد من الشعب، وتجاوز غورباتشوف في شعبيته. وتحول الرجلان التقدميان المتعاونان إلى متنافسين. وجاء اختيار يلتسن ليصبح أول رئيس لروسيا في مايس 1991، ليؤكد هذا التحول.
في أوغست 1991، سقط غورباتشوف ضحية انقلاب، وقاد يلتسن المقاومة ضد الانقلابيين. و انتشرت في كل أرجاء العالم صور يلتسن وهو يصعد دبابة و ينادي بالتصدي للانقلابيين.
و حدثت تحولات سريعة بعد الانقلاب الفاشل. في فترة لا تتجاوز الأربعة أشهر، انهار الاتحاد السوفييتي، وحل يلتسن الحزب الشيوعي واستولى على آخر قاعدة سلطوية لغورباتشوف وتفكك الاتحاد السوفييتي و أصبح يلتسن أقوى رجل في روسيا.
و لم يدم الاغتباط بيلتسن في روسيا طويلا. لم تتحقق الإصلاحات الاقتصادية، وأصبحت روسيا مهددة بخسارة نفوذها في المنطقة تحررت جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابقة من القبضة المتشددة لموسكو، بالرغم من إنشاء "رابطة الدول المستقلة". وعقد يلتسن عددا مهما من الاتفاقيات المتعلقة بالحد من انتشار الأسلحة مع نظيره الأمريكي جورج بوش، مثل اتفاقية يناير1992
إلا أن مستودعات الأسلحة النووية الفارغة لا تعني للروس أكثر من الرفوف الفارغة في الدكاكين. و مع مرور الوقت في العام 1992، تغير المناخ السياسي، فأصبح البرلمان يعارض يلتسن باستمرار، و كان على الإصلاحي نائب الرئيس آنذاك جيغور غاجدار أن يتخلى عن منصبه للمحافظ فيكتور تشينوميدرين. وبدا وكأن يلتسن أصبح وحيدا.
في سبتمبر 1993، اندلع صراع بين البرلمان الذي كان يتكون من الشيوعيين في أغلبيته العظمى، وبين الرئيس الروسي، فقرر يلتسن حل البرلمان.لم تدفع كلمات يلتسن إلى تراجع البرلمانيين، إذ اعتصموا بمبنى البرلمان، ونادوا بأن يصبح نائب الرئيس ألكسندر روتسكوف الرئيس الجديد. في بداية أكتوبر ذهب يلتسن في تهديداته بعيدا فاستخدم العنف بلا تردد وقصف مبنى البرلمان ثم اقتحمته وحدات خاصة، وسقط في الاشتباكات الدامية 150 قتيلا.
لم تثمر خطوة يلتسين تلك عن نجاح كبير: في الانتخابات البرلمانية التالية كان الفائز الأكبر هو زعيم الحزب القومي المتطرف "فلاديمير جيرينوفسكي". وعلى خلفية الفقر المتزايد والإحصاءات المقلقة حول الجريمة تصاعدت الحاجة إلى صورة بديلة، صورة روسيا المتسلطة والامبريالية.
في تلك الاثناء تزايدت الشائعات أيضاً حول سوء صحة يلتسين، والشبهات حول مشاكلهمع ادمان الكحول. في زيارة له لصديقه المستشار الألماني هيلموت كول، أخذ الرئيس يغني مع فرقة أطفال، ويقود الأوركسترا لهم ويلقي خطاباً في حالة ليست طبيعية، حتى أنه نسي الاسم العائلي للمستشار كول.
المشكلة الأخرى التي بدأت تتزايد حدتها هي الاضطرابات في جمهوريات الاتحاد الروسي التي ترغب بالانفصال عن موسكو. أواخر عام 1994 أرسل يلتسين قواته إلى جمهورية الشيشان القوقازية. كان ذلك بداية مأساة دامت حوالي عامين وكلفت عشرات الآلاف من القتلى الشيشانيين إضافة إلى آلاف القتلى على الجانب الروسي. كل هذا جعل الأمل ضئيلاً بأن يحتفظ يلتسين بمنصبه في الانتخابات المقررة في عام 1996.
لكن ما لم يتوقعه أحد، حدث بالفعل. فبفضل دعم النخبة الروسية الاقتصادية التي مولت حملته الانتخابية، تمكن يلتسين من تحقيق فوز كبير، بالرغم من أنه كان بالكاد يستطيع الوقوف أثناء تأديته اليمين الدستورية.
تبين أن الرئيس الروسي يعاني من مرض عضال. كان يجب أن تـُجرى له عملية في القلب جعلته متغيباً طوال أشهر. بالرغم من نجاح العملية، فقد تميزت ولايته الرئاسية الثانية بفترات التغيب الطويلة. لكن في المواقف الحاسمة كان يلتسين يظهر دائماً، يلقي خطاباً عبر التلفزة، أو يقيل رئيس وزراء من منصبه، لتعود الأمور إلى مجاريها.
في تلك الأثناء كان الاقتصاد الروسي يزداد تدهوراً، بينما يتوسع نفوذ الطبقة الأليغاريكية الجديدة من ذوي الثراء الفاحش. انتشرت شائعات كثيرة حول حالات فساد وسوء استخدام لأموال صندوق النقد الدولي من قبل موظفي الديوان الرئاسي المقربين من يلتسين. ولم ينجح في إبعاد الناس عن الانشغال بهذه الشائعات إلا فلاديمير بوتين، خامس رئيس وزراء خلال فترة لا تزيد على عام ونصف.
بعد سلسلة تفجيرات شهدتها موسكو في خريف عام 1999 نـُسبت إلى إرهابيين شيشانيين، بدأ بوتين الحرب على جمهورية الشيشان. وعد بوتين بأن الحرب لن تدوم طويلاً. كان ذلك في ديسمبر من عام 1999 لكن يلتسين لم يتسن له أن يرى نهايتها، وهو في سدة الرئاسة. حين حقق حزب بوتين فوزاً ساحقاً في الانتخابات البرلمانية في ديسمبر من العام نفسه خرج يلتسينليعلن، في اليوم الأخير من القرن العشرين، مفاجأته الأخيرة: قرر الاستقالة.
منذ ذلك الوقت قضى يلتسين أعوامه الثمانية الأخيرة في الظل.
______ مارجريت سترايبوش 23-04-2007
| |
|
|
|
|
|
|
|