|
وطن اللامعيار: ما بين حادثتي د. عمر خالد .... وعلي بديوي "الانقاذي"!!!
|
قال (ص) : (إنما هلك قبلكم من الأمم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الغني تركوه 00 وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ......الخ الحديث ) .
وتعريف الغني بمقاييس هذه الأيام "الإنقاذية" هو المستأسد بالسلطة والأيدلوجية والمحمي بسياج كثيف من النفوذ الذي يجعل مجرد القدح في أدائه العام أمنية لا تتحقق ناهيك عن الحلم بنوع من الترصد القانوني للخاص فيه. وان كان قد حدث الفضح مجرد الفضح عن طريق السهو أو الغفلة أو فلنقل الحظ العاثر فوقتها آليات السلطة وعصبة الأيدلوجيا جاهزتان للتبرير والالتفاف كما أنهما كفيلتان بإعادة الأمور إلى نصابها والتوازن إلى أصحابها.
هذا باختصار مجمل الحال في سودان اليوم أو وطن اللامعيار إن كان هذا المعيار على المستوى الديني أو الأخلاقي أو محض إنساني. ولسنا هنا في معرض ما يحصل للشق الثاني من الحديث المتعلق بالضعيف والمتمثل في السواد الأعظم من الشعب السوداني لأنه مصنف اجمالاً كضد من منطلقات أيدلوجية واجتماعية. وفي هذه الحالة لا يكتفي الآخر "الغني" بدور المحايد ، بل هو في هذه اللحظة – وبقدرة قادر – يتحول إلى قاضي معني بتثبيت قيم الفضيلة وحماية المجتمع المتهاوي إلي درك الرذيلة!! ، ووقتها يبلغ الهوس والشطط حداً غريباً للدرجة التي يكون فيها الاستباق والظن هما المكونان الحقيقيان لاسس التصدي للفعل قبل إنجازه ويكون الديدن هو الترصد وأخذ الناس بالشبهات. بالطبع لا يمكن اختزال كل ما يحدث من تجاوز قانوني حد السفه طيلة 15 عاماً إلى قلة التجربة أو التجاوزات الفردية من قبل حفنة من المحسوبين على النظام بقدر ما هي استراتيجية دقيقة متبناة من قبل النظام تستلهم في إحدى شقيها مفهوما حرفيا للحديث " انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً" كما أنها في شقها الآخر تعني الإقصاء والنفي للضد !!!. ترتب على هذا الشق من الاستراتيجية استخدام التشريعات الإسلامية لمطاردة "الخصوم" والنيل منهم، وفي هذه الحالة يكون الترصد والكيد والتشهير هي مجموع العناصر الحقيقية والحاسمة التي يعول عليها. ويبدو جلياً من حادثة الدكتور عمر خالد صاحب البرنامج الشهير "صحة وعافية" إن المفهوم قد اتسع – والبركة في دروس الأمن المصري – ليشمل هذه المرة كيفية استثمار الفضيحة لصرف الأنظار عن أزمات النظام والموقف الدقيق الحرج الذي يمر به0 وهو علي أية حال أسلوب معروف اشتهرت به أجهزة الأمن المصرية على مدى عقود وباختلاف الحقب السياسية التي تعاورت على الحكم هناك، حتى أصبح ثقافة متجذرة تتخذ دوما من مشاهير الفن والمجتمع قرابين يفدي بها النظام نفسه متى ما المت به الملمات. يحدث كل هذا باسم الدين وتشريعاته في حين ما زال البعض يخضع لابتزاز ما يسمى بشرع الله دون أن يفتح الله عليه بكلمة تندد بهذه الفاشية المحمية بسياج عقائدي غليظ.، وما زال الكثير من الناس يعتقد بجدوى هذه القوانين وقداستها رغم القصور المريع الذي يكتنف تشريعاتها مما جعلها مطية لكل من هب ودب لينفس من خلالها عن سيكولوجيته المريضة وبالتالي يعري قصورها أمام ما توصل إليه العقل الإنساني من قوانين وضعية قادرة على حماية الحقوق الأساسية للإنسان بعيدا عن أي انتقائية أو مزايدة.
لا شك أن مثل هذه التصرفات المهينة لانتهاك حقوق الإنسان والسعي للتشهير به هي نتاج حقيقي لأزمة النظام في فشل مشروعه الحضاري وبالتالي تهشم منظومة القيم الأخلاقية التي راهن عليها منذ بداياته ، وانقلاب الأمر إلى ما يمكن تسميته "بسيكولوجية الانتقام" التي تسعى جاهدة لتهشيم أي محاولة لطرح نموذجي يتوسد الوجدان الشعبي كبارقة أمل تشيء بغد أخضر في ظل هذه العتمة. ويبدو أن هذه كانت غلطة د. عمر الفادحة، حيث أن كل جريرة الرجل هو نجاحه فيما فشلت فيه دولة كاملة، وتصديه بمفرده ومن خلال ساعة برنامج يبث مرة واحدة كل أسبوع ما عجزت عنه وزارة صحة بكامل جيشها البيروقراطي. كما عرى بإنسانيته المتدفقة وفتحه الأمل لآلاف الفقراء بشاعة النظام وغلظته وتعهر الواقع وفظاظته، فكان الثمن هذا الترصد والنبش المريع في خصوصيته التي تحرمها كافة القوانين السماوية والوضعية على السواء. وهنا لا ينفعك الستر حين الابتلاء حسب الوصاية الإلهية رأفة بالإنسان الخطّأ التواب، لأن الأمر كما قلنا وأعدنا ليس من قبيل المبالغة في الطهرانية والمثالية بقدر ما العمل بهمة للقضاء على "النموذج"الفاضح لطهرانية ومثالية النظام. فالكل يعلم عهر النظام ومخازيه طوال 15 عاماً تلخصت في السرقة المنظمة لمقدرات البلاد من بنوك جففت مواردها إلى اختلاسات عجز عن الإحاطة بها ديوان المراجع العام إلى فساد أخلاقي حد الشذوذ لم يحرك ساكناً أو يثير حمية. ورغم كل هذا وذاك لم نسمع أن هناك من طالته يد العدالة.!! والأعجب من ذلك أن من يقع منهم ولو بمحض الصدفة تحت طائلة القانون ينبري القوم بكامل صفاتهم الاعتبارية والشخصية لإجهاض المحاولة والعمل بحزم لاعادة الأمور إلى نصابها !!.
وللتدليل، يجب أن نسرد هذه الواقعة الحقيقية والتي تمت بمدينة عطبرة في الماضي القريب حتى يتسنى لنا أن نرى كيف تسير الأمور في دولة التشريع السماوي وليس الوضعي "المعيب".
بطلا هذه الواقعة هما نافذان سياسيان من النظام أحدهما حزب أمة سابق وهو السيد/ بدوي الخير والي الولاية الشمالية منذ تلك الحادثة وما زال. الثاني هو السيد/ علي بديوي - وهو "جبهجي" - على درجة كبيرة من النفوذ والتأثير داخل التنظيم. تتلخص القصة في تلك الحساسية التي سادت العلاقة بين المسئولين ومؤداها تلك الغيرة التي يكنها علي بدوي للسيد/ بدوي الخير من منطلق أن الأخير ليس بـ"جبهجي" أصيل حتى ينال هذا المنصب الرفيع، طالما أنه من "المؤلفة قلوبهم" حسب الوصف السائد في أوساط الجماعة لكل من والاهم بعد الانقلاب. على ضوء هذه الخلفية ساد الصراع والمكايدات بين الطرفين ما خفي منها وما ظهر، واستخدمت في ذلك كافة الأسلحة المشروع منها وغير المشروع، حتى كان الظفر في النهاية للوالي علي السيد/ علي بديوي ومن خلال فضيحة مدوية كانت لشهور طويلة مسار حديث أهل المدينة. حيث تمكن السيد الوالي ومن خلال كمين محكم تم بموجبه القبض على السيد/ علي بديوي متلبساً بوضع غير "أخلاقي" مع سائقه الخاص وبحضور كافة موظفي مكتب الوالي وموظفي المكاتب الأخرى بالوزارة!!. حسناً قد تحدث مثل هذه التصرفات الشاذة في كثير من المجتمعات ، ولكن ما نحن بصدده، هو السؤال: أين كانت دولة الشريعة في ظل هذه الواقعة؟ ... الإجابة ببساطة " لا شريعة ولا يحزنون" فقد تم إرسال علي بديوي إلى الأردن وعلى وجه السرعة بدعوى أنه يمر بحالة صحية ونفسية سيئتين تستدعيان علاجه بالخارج لفترة من الزمن حتى يشفى ويستعيد توازنه!!!. وقد تم ذلك بالفعل حتى هدأت العاصفة، وفي هدوء تام عاد علي بديوي إلى الوطن ولكن هذه المرة إلى الخرطوم ليكافئ بمنصب خطير ومثير ألا وهو منصب عضو اللجنة العليا لديوان الزكاة !!! فتأمل.
نسرد هذه القصة الحقيقية بتفاصيلها وأسماء شخوصها ليس للتشفي ولكن لنبين كيف تذبح العدالة على عتبة الأيدلوجيا أو بالأحرى كيف يذبح الدين ويقدم قرباناً لأعضاء قبيلة الأيدلوجيا وكيف يكون ناراً لحرق سمعة الشرفاء من أبناء الوطن والعمل للحط من قدرهم من خلال السعي الحثيث لكشف لحظات ضعفهم الإنساني.
ما نخلص إليه في هذا المقام هو التأكيد أن ما حدث وما يحدث للكثير من أبناء هذا الوطن الشرفاء ما هو إلا مؤامرة كاملة قوامها استراتيجية ممنهجة الغرض منها هو تهشيم الوجدان الشعبي حتى يظل أسيراً لاحباطاته وكافراً بكل ما يبعث في نفسه كوامن الأمل وأمكانية المراهنة على الشرفاء من أبنائه والمنحازين دوماً لآماله.
عبد الخالق السر/ ملبورن 29/9/2004م
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: وطن اللامعيار: ما بين حادثتي د. عمر خالد .... وعلي بديوي "الانقاذي (Re: Yasir Elsharif)
|
دكتور ياسرالعزيز سلامات
ان هذا الخوف المرضي من محاولتنا اعادة النظر في كامل المنظومة الفقهية القروسطية والعمل على تفكيك وتحليل التاريخ الاسلامي المليء بالاساطير والتخاريف وبالتالي القدرة على اعادة قراءته بشكل ابستمولوجي حقيقي ينفي عنه هذه القداسة الزائفة لهو المدخل الحقيقي لتجار الدين وفقهاء السلاطين والدجالين الذين نعاني من ويلاتهم وابتزازهم منذ أزمان ليست باليسيرة، وها هي النتيجة كم من التخلف والبدائية تعجز عن محوه السنون ويبدو التخلص منه في حكم المستحيل بمعطيات الواقع الراهن الممعن في الرداءة.
لك الحب عبد الخالق السر
| |
|
|
|
|
|
|
|