|
سحاسيح 00 أم حناكيش 00 أم "كرامات" سيدي ؟؟!!!!
|
الكاتب المعروف محمد محمد خير أديب لا يشق له غبار اشتهر برشاقة العبارة وخفة الظل والسخرية المحببة وهي صفات تمتنت واستقوت مستلهمة موروث شعبي عامر هو خلاصة نسيجه كما يحتفي دوما بذلك مضيفاً بفخر في غالب كتاباته بأنه (ود جزازير) مؤصل0 تلك مميزات قلما تتوفر في شخص دون أن تصنع منه متمرد أصيل على كافة أشكال التأطير الاجتماعي الخانقة والسلطة الأبوية بكافة أشكالها ، الا أن محمد محمد خير وللمفارقة حالة استثنائية0 فهو يبدو من كتاباته – التي أتابعها منذ زمن ليس بالقصير – لا يستطيع أن يرى لنفسه وجودا الا كـ(حواري) في كنف شيخه، وهو في ذلك ليس كأي حواري بل هو حواري كامل الدسم0 وها هو بمهارة معهودة لا تنقص أمثاله تلقف الكاتب المعروف عبارة شيخه الجديد – القديم الصادق المهدي "سحاسيح" والتي وردت في لقاء صحفى له مؤخراً ليصيغ منها مقالة بنفس العنوان يمارس فيه عادته في التبتل والعشق0 وتعبير "سحاسيح" الذي هلل له الحواري واعتبره إحدى كرامات "شيخ الصاد"ق هو للمفارقة يعكس بوضوح قطيعة تاريخية لشيخه مع لغة الشارع السوداني لأنه تعبير قديم وفي حكم المنقرض ولا يعادله في انتهاء الصلاحية الا "برنامج نهج الصحوة" !!0 والتعبير نفسه الدال على النعومة والليونة المفؤطة– على ما اعتقد – يرجع إلى أغنية تعليم العروس الشهيرة (سوحي اللي لللا بالجنبة موحي اللي لللا) والتي لا ادري تحديداً تاريخها ولكن ما أذكره جيدا أنها كانت منتشرة ومطلوبة جدا في النصف الثاني من سبعينات القرن الماضي ووقتها كنا يفعاً نتلصص الدخول لبيوت (التعليمة) ونستمتع تماماً (برقيص) العروس على إيقاع هذه الأغنية كثيفة التطريب وبعدها بسنين قليلة عندما وجدت أقدامنا طريقها الى استاد عطبرة أو "دار الرياضة" كما يطلق عليها لمشاهدة المباريات وقتها عرفنا أن لهذه الأغنية مذاق آخر لا يقل روعة عن بيوت "التعليمة" حيث أنها كانت الاغنية المفضلة لمشجعي نادي الهدف عطبرة ووقتها كان (عوض الحاج) الشهير أسطورة زمانه "يسوح" وسط مدافعي الخصوم مطلقاً قذائفه الشهيرة داكاً شباكهم لتنطلق المدرجات الجنوبية في هستريا مرددة من بين سحب دخان بخور التيمان (خوف العين) : (سوحي اللي لللا بالجنبة موحي اللي لللا 00 سوحي لينا000 اللي لللا جاي علينا 000اللي لللا)00 وهو على أي حال تاريخ شجي ما زال محفور في وجدان من عاصروه0 وبالتأكيد له ما يوازيه في جميع مدن السودان المختلفة0 هذا كان على ما أعتقد آخر عهد رواج كلمة "سحاسيح" أي نهاية السبعينات وأول الثمانينات على أحسن الفروض0 ولكن 00 (زي الما الدنيا كدة بتدور) كما غنى عميري 00 تغير الحال للدرجة التي بقى فيها تعليم العروس على ايقاع أغاني من نوع (جك 00 جرك 00 سحبوه مني 00 والله جوه الجك 00 سحبوه مني ) وانقرضت مصطلحات ليس أقلها "سحاسيح" وجادت قريحة الشارع السوداني المتفتحة بعشرات المصطلحات0 حتى أنه وعلى أخر عهدي بالسودان قبيل منتصف التسعينات كنا نعيش في جامعة الفرع أجواء تعبير "حناكيش" وهو ليس بالجديد وقتها لأنه - حسب ما اعتقد أيضاً - وجد طريقه باكراً مع جماعة "حلمنتيش" ، ولكنه على أي حال في أزماننا تلك كان قد استوطن تماماً ووجد ضالته وقوة دلالته في أجيال الاغتراب وطبقة أبناء الطفيلية في سنين مايو وما تلاها 00الخ0 ولكن، رغم ما يحققه الشارع السوداني من تجاوز على مستوى حراك اللغة أو المصطلحات العامية ، الا أننا في النهاية لسنا سوى شعب يتقن تماماً العيش بين ثنايا الماضي ، ولذلك لا استبعد عودة مصطلح "سحاسيح" من جديد إلى الاستخدام بل هو في ظني "عائد وراجح" طالما اسبغ عليه "شيخ الصادق" بركاته0 وان ترك الأمر للمفاضلة هذه المرة فلا شك أن الخيار سيكون عودة المصطلح ألف مرة بدلا من عودة الشيخ نفسه لممارسة الفعل السياسي الرسمي بعد سنوات الإنقاذ العجاف0
عبد الخالق السر/ ملبورن 6/4/2004
|
|
|
|
|
|