|
تداعيات سقوط صدام على اتفاقية ميشاكوس
|
أستطيع أن ابصم بالعشرة بأن مفاوضات ميشاكوس سوف تسير سيرا حسنا بعد السقوط السريع المذل لنظام الرئيسي العراقي صدام حسين، ومصدر ثقتي هي أن كل الأنظمة الشمولية مهما تباينت بينها المفاهيم والرؤى إلا أنها تتفق في أنها تخاف ولا تختشي، ولدينا في سقوط طالبان ما يغري بأن نسير في هذا الاتجاه من التحليل0 فقد كان ذلك شببا مباشراً لأن يغير نظام الإنقاذ استراتيجيته 180 درجة ،للدرجة التي بات معها دون ملمح أو مرجعية يستند عليها، وذلك بعد أن تراءى له عياناً بياناً أن تغير الأنظمة بات جزءاً من أدبيات السياسية الأمريكية في بدايات القرن الحادي والعشرون0 ولا جدوى من الاسترسال في ماذا فعل النظام وقتها وما هي التنازلات التي قدمها حفاظاً على وجوده لدرجة فتح مكتب للسي آي أيه في الخرطوم، وكنا وما نزال نرى عجبا في تحولات نظام قامت أد بياته أول ما قامت على الوعد والتهديد بزوال قوى الشر الأمريكية من على ظهر البسيطة0 الآن وبعد أن أصبح زوال النظام العراقي واقعاً لا يقبل اللجلجة، لا شك أن نظام الإنقاذ تأكد له بأن تغيير نظام طالبان لم يكن نزوة أمريكية أو رد فعل عنيف لما جادت به أحداث 11 سبتمبر بقدر ما هو مخطط استعماري جديد يستهدف أول ما يستهدف مناطق المصالح والنفوذ متذرعاً ببسط الأمن في المناطق المتوترة أو مساعدة الشعوب في استعادة ديمقراطيتها0 وهو فهم يتسق مع القطبية الأحادية التي ارتضتها أمريكا للعالم وتنصيبها لنفسها شرطي أوحد له قانونه وتفسيره الخاص به للاحداث0
ونظام الإنقاذ اللماح، لا أعتقد أنه سيبتلع طعم ميشاكوس هذه المرة، خصوصاً وأن نظام صدام فتح عينه على واقع كان يصر على تجاهله، ألا وهو أن التأييد مدفوع الأجر والمراهنة على الهوية أو العاطفة الدينية للشعوب لم تعد سنداً لأنظمة بذرت ورعت ما يفرق بين أبناء الوطن، وما يعزز القطيعة والمكايدة بينهم0 والشعوب التي تعيش واقع كهذا تكون مذبذبة الولاء ضعيفة الانتماء، وتغلب الانتهازية على سلوكها ومواقفها0 لذلك لا استعبد أن يقوم نظام الإنقاذ ببراعته المعهودة في التقاط إشارات الخطر والمقدرة على التكيف مع الراهن، بأن يظهر تفانياً وحماسة غير متوقعة لتعبر ميشاكوس بر الأمان ليس قناعة بجدواها وهو الذي تجرع قبولها كرهاً منذ إطلاقها،ولكن لكي ينجو بنفسه من منطلق "مكره أخاك لا بطل"، ولا استبعد أن تكون الاتصالات قد بدأت منذ الآن بين واشنطن والخرطوم عن كيفية التفاصيل التي سوف يتم بها الاحتفال بالتوقيع على المعاهدة في حضور بوش في مايو القادم0 هذه افتراضات يعزز من إمكانية حدوثها جزع النظام من فقدان كرسيه وما ظل يقدمه من تنازلات تبلغ حد الدهشة في هذا الصدد، وان كان يسمح لنفسه بمساحة للمناورة والمراوغة هما بقايا ارث قديم لتنظيم قامت أعمدة بنيانه الفكري على التقيه وفقه الضرورة0
|
|
|
|
|
|