ما من نبيٍّ إلا وحذر قومه الإنقاذ الديني الكاذب (المسيح الدجـّـال) لعل من المعلوم أن كلمة (المسيح) التي وردت في النصوص الدينية، في الأديان السماوية الثلاثة المعروفة، الأسلام والمسيحية واليهودية، ضمن الحديث عن المسيح المنتظر، إنما تعني المُخـلــِّص (بتشديد اللام وكسره) الذي يُخـلــِّص الناس من جهلهم، وشقائهم، وظلام أنفسهم، ويرفعهم من درك الحيوانية إلى رحاب الإنسانية، أو قـل يرفعهم من الحياة الدنيا (حياة الحيوان) إلى الحياة العليا (حياة الإنسان) .. وكلمة (المسيح) تعني أيضًا المنقـذ، الذي ينقـذ الناس، كأفراد وكمجتمعات، من الظلم، بكافة صوره، وفي جميع مستوياته، ومن الجاهلية، ويبعـث فيهم الدين الحق، بكل ما يشتمل عليه الدين الحق من علم، ومعرفة، وعدالة، وقيم إنسانية رفيعة، ومساواة بين الناس في السلطة (ديمقراطية) وفي الثروة (اشتراكية) وأمام الدستور والقانون في كافة الحقوق والواجبات، بحيث لا يكون هناك تمييز بين الناس على أساس العقيدة، أو العنصر (العرق) أو الجنس (من ذكر وأنثى) وإنما يكون التمييز بينهم عند الله تعالى، في حساب الأجر، على أساس الأخلاق (التقوى) ومعيارها حسن معاملة الناس (الدين المعاملة) حديث نبوي شريف.. وتتمثل المعاملة في كف الأذى عن الناس، والصفح والعفو عنهم، والسعي في خدمتهم، وتوصيل الخير لهم (الخلق عيال الله فأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله) حديث نبوي شريف.. وفي أمر المساواة بين الناس في الحقوق والواجبات أمام القانون، وقصر التمييز بينهم على منطقة الأخلاق، ورد في القرآن الكريم قوله تعالى: (يا أيها الناس إنـَّا خلقناكم من ذكر وانثى، وجعلناكم شعوبـًا وقبائـل، لتعارفوا، إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم) صدق الله العظيم.. فالتمييز بين الناس لا يكون على أساس العقيدة، أو العنصر، أو الجنس، في الحقوق أو الواجبات التي ينص عليها الدستور أو القانون، وإنما يكون في مستوى الأخلاق، وعلى أساس الأخلاق، فمن حق الناخبين، في الانتخابات مثلا، أن يميزوا بين مرشحيهم، على أساس فكري وأخلاقي، فينتخبوا الأفضل.. وكنتيجة للدين الحق (الإسلام في مستوى أصوله المكية ـ مستواه الإنساني) الذي سينشره المسيح بين الناس، سوف يميز الناخبون بين مرشحيهم على أساس قاماتهم الفكرية والأخلاقية، وليس على أي أساس آخر، كالعقيدة أو العنصر أو الجنس، وسيعرفون قامات مرشحيهم الفكرية والأخلاقية من أقوالهم وأفعالهم ومواقفهم، وبناء على ذلك فقد ينتخب المسلمون مرشحـًا مسيحيـًا، وينتخب المسيحيون مسلمـًا، وينتخب الرجال إمرأة، وتنتخب النساء رجلا، وينتخب الشماليون جنوبيـًا، والجنوبيون شماليـًا، وهكذا، فالمعيار هو القامة الفكرية والأخلاقية للمرشح، لا أكثر ولا أقـل.. ولقد وردت في الإسلام أحاديث نبوية كثيرة عن المسيح المنتظر الذي سيأتي حكمـًا عدلا مقسطـًا، يكسر الصليب (يعني يفض التعارض بين العقل والنفس، أو قـل بين الواجب والرغبة) ويقتل الخنزير (يعني يقضي على الحيوان الداخلي، داخل الإنسان، فيحيله إلى إنسان) ويقسم المال بالسوية (الاشتراكية) ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، ويملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلمـًا وجورًا (الديمقراطية والعدالة والمساواة) الخ الخ. ولقد وردت أيضـًا، في الإسلام وفي الأديان السماوية الأخرى، نصوص وأحاديث عن (المسيح الدجال) الذي يظهر قبل ظهور المسيح الحقيقي، والذي يعيث في الأرض فسادًا، وإجرامـًا، وتضليلا، فيفتن ويضلل ملايين الناس فيتبعونه ويظنون أنه على الدين الحق، لأنه يرفع شعارات دينية، وذلك رغم ما هو عليه من ظلم وإجرام وفساد.. وعبارة (المسيح الدجال) تعني الإنقاذ الديني الكاذب، أو البعث الديني الكاذب، أو التضليل الديني، الذي يدعي بعث الدين وإنقـاذ الناس من الجاهلية، أو يدعي تطبيق حكم الدين وإنقاذ الناس من (حكم الجاهلية) وذلك باستخدام شعارات مثـل (الحاكمية لله) مثلا، وهو في الحقيقة يجهـل الدين الحق، وقيم الدين الحق، كل الجهل، ثم هو يكذب في دوافعه الحقيقية، حيث يزعم أنه يعمل لوجه الله، ومن أجل الدين، وليس من أجل السلطة والثـروة (هي لله هي لله، لا للسلطة ولا للجاه) فهو الإنقـاذ الديني الكاذب ولذلك سمي بـ (المسيح الدجال). وفي تقديري أن (المسيح الدجال) يتمثل اليوم، أكثر ما يتمثل، في جماعات الإسلام السياسي، في العالم العربي والإسلامي، ويتمثل بصورة أوضح في تلك التي وصلت إلى السلطة من هذه الجماعات، كما هو شأن (الإنقاذ) في السودان، فإذا نظرنا إلى النصوص النبوية ، الواردة في الإسلام، في أمر المسيح الدجال نجدها تعبر تمامـًا عن سلطة (الإنقاذ) فقد ورد أنّ له جنة يدخل فيها أتباعه، وله نار يلقي فيها بخصومه ومعارضيه، وهذا ما فعلته (الإنقاذ) حيث احتكرت السلطة والثروة لقادتها وأتباعها، بينما فصلت وشردت وأفقرت معارضيها، ثم إنها عذبت من عذبت، في معتقلاتها، وقتلت من قتلت، وفعلت ما فعلت، في الجنوب، وفي دارفور، وفي غيرهما، فأحالت حياة معارضيها إلى جحيم.. ولقد ورد أيضـًا أن الدجال أعور، وذلك يعني أنه ينظر بعين واحدة فقط، وهي عين أنانيته السفلى (مصلحته المادية الدنيوية) بينما غابت عين ضميره (مصلحته الروحية الأخروية التي تتمثل في مراعاة حقوق الآخرين ومصالحهم) وذلك ينطبق على (الإنقاذ) أيضـًُا.. ولقد ورد أيضًا أن الدجال يضلل أعدادًا كبيرة من أمة الإسلام، فيتبعونه أو يؤيدونه حيث يظنون أنه على حق، لأنه يرفع شعار الدين، وذلك ينطبق على جماعات الإسلام السياسي، على امتداد العالم العربي والإسلامي، والتي ضللت الكثيرين، كما ينطبق على جماعة (الإنقاذ) في السودان.. ومن الهدي النبوي الشريف أن يستعيذ المسلم بالله تعالى من فتنة المسيح الدجال بقوله: (اللهم إني أعوذ بك من فتنة المسيح الدجال) ومن الأحاديث النبوية الشريفة : (ما من نبي إلا وحذر قومه الدجال) ومصداقـًا لذلك فقد ورد في المسيحية قول السيد المسيح: (أحذروا الأنبياء الكذبة) يعني التضليل الديني، يعني المسيح الدجال عبد الله الأمين ، المحامي (أبو إيقان)
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست