عــــــالم تافــــــــــه !

Quote: جنيف ـ القدس العربي ـ من رولا عبدالله الأحمد: اعتبر رئيس برنامج مكافحة الاتجار بالبشر التابع لمنظمة الهجرة الدولية في الأمم المتحدة، أن الأراضي التركية تعد المعبر الرئيسي للمافيات التي تعمل في تجارة الجنس والبشر، نظراً لقربها من دول أوروبا الشرقية، التي باتت اليوم أكبر مصدر للإتجار بالنساء والفتيات اللواتي يجري استغلالهن للعمل في مهنة البغاء حول العالم، ولدول البلقان نسبة 43 % من حصة هذه التجارة الخطيرة، حيث يستشري الفقر وتتكاثر المافيات بسبب الازمات الاقتصادية التي تراكمت بعد انفراط عقد الاتحاد السوفييتي السابق. وتقول تقارير الأمم المتحدة الصادرة بهذا الشأن، ان ظاهرة الاتجار بالبشر من مختلف الاجناس والاعراق باتت تتفاقم بشكل خطير، حيث صارت تتم بشكل شبه علني، وبعلم الكثير من السلطات المحلية لبلدان المصدر، إضافة إلي بلدان العبور والبلدان التي تسوق بها تجارة البغاء، هذا الأمر دفع المنظمات الدولية التي أطلقت حملات ميدانية للعمل علي الحد من انتشار هذه الظاهرة، بأن تعترف بإخفاق الكثير من هذه الحملات التي تهدف إلي انقاذ النساء والفتيات والأطفال من أيدي شبكات المافيا المنتشرة حول العالم، نظراًً لدخول عوامل ومفاهيم جديدة سهلت عمل هذه المافيات، وفي طليعتها الترويج لتجارة الجنس عبر شبكة الانترنت، ودفع الكثير من العائلات لبناتهن للانخراط في هذه المهنة تحت ضغط الفقر والعوز. وقد تحدث الدكتور ريتشارد دانيزيغر مدير المنظمة، عن خطورة الظاهرة واتساعها، أمام صحافيي الأمم المتحدة في جنيف، قائلاً إنه لمن المؤسف الاعتراف بأن ظاهرة الاتجار بالبشر اليوم، لم تعد تقتصر علي الاتجار بالنساء والفتيات لتدريبهن علي ممارسة مهنة البغاء أو لبيعهن للعمل في المنازل فقط، بل باتت تتعداه إلي شراء الأطفال الصغار وحتي الأجنة، وهنا تكمن الخطورة، حيث سجلت تقارير المنظمة حالات جديدة غريبة، قلبت المفاهيم والمواقف التي كانت تتخذها المجتمعات من هذه التجارة، حيث رصدت التقارير عشرات الحالات لأمهات أصبحن يبعن مواليدهن لتجار المافيا لقاء 100 دولار أمريكي، إضافة لحالات تتحدث عن عقد بات ينظم بين الأم وعميل المافيا حيث يشترط هذا الأخير علي الأم الحمل بشكل دوري من أجل شراء مواليدها! . وتشير الأرقام الواردة في تقارير الأمم المتحدة المتعلقة بهذه التجارة الرخيصة، إلي أن الأرباح التقديرية لما تجنيها مافيات الرقيق الأبيض تتجاوز 2.8 بليون دولار سنوياً، وأن عدد ضحايا هذا الاتجار يقارب 1.4 مليون إمرأة سنوياً، وأن النسبة الأكبر من هؤلاء الضحايا تأتي من الدول الفقيرة والتي تعاني من أزمات اقتصادية وفساد مالي. وقد أخطرت المنظمة الدولية، هيئات الأمم المتحدة بضرورة مضاعفة الجهود وتنظيم حملات توعية مكثفة، ووضع خطط جديدة تنفذها بعثات الأمم المتحدة لمكافحة هذه الظاهرة، خصوصاً بعد اعترافها أن جهود فرق الانقاذ العاملة في تلك البلدان قد باءت بالفشل عدة مرات، لأن قسماً كبيراً من الأطفال التي استطاعت تلك الفرق انقاذهم من أيدي تجار المافيا وإعادتهم إلي أهاليهم، قد أعاد بعض الأهالي بيعهم ثانية لنفس الغرض، مما اضطر المنظمة إلي البدء في وضع خطة تهدف إلي الاحتفاظ بهؤلاء الأطفال التي تتراوح أعمارهم بين عدة شهور والعشر سنوات وعدم إعادتهم إلي أهلهم، وفي مقدمتها بناء مساكن خاصة بهم، ومراكز تأهيل نفسي وتربوي لتنشئة هؤلاء البشر بعيداً عن أعين المافيات، والظروف القاسية التي تحيط بمصيرهم. ويضيف الدكتور دانيزيغر أن إتمام مثل هذا المشروع يتطلب جمع تبرعات كبيرة، بهذا الخصوص إذ لا يمكنها ترك هؤلاء الاطفال بلا مأوي، ويجب حضانتهم وإعادة تأهيلهم نفسياً إلي أن يبلغوا سن الرشد، ويتمكنوامن حمل مسؤولية قراراتهم . وقد أعلن المدير العام للمنظمة الدولية لمكافحة الاتجار بالبشر عن إطلاق حملة دولية مكثفة بدأت في تركيا في كانون الثاني (يناير) الماضي، بنداء يحمل عنوان هل تعرف أين أمي؟ في إشارة إلي أن نسبة كبيرة من النساء اللواتي يجبرن علي ممارسة هذه المهنة، غالبا ما يتركن أطفالاً صغاراً خلفهن، ويغادرن قسراً ومن دون معرفة عائلاتهن، ليسلمن مصيرهن للمافيات، أملاً في في توفير المال لإعالة أولادهن. وفي إطار معالجتها لمسألة إعادة إدماج هؤلاء النساء في المجتمعات التي خرجن منها في حال قررن العودة عن هذا الطريق، تتحدث السيدة جميني باندايا الناطقة باسم المنظمة الدولية للهجرة قائلة ان العراقيل التي تواجهنا في مساعدة هؤلاء النساء للعودة إلي بلدانهن كثيرة ومعقدة، أولها أن السلطات المحلية لتلك البلدان تتعامل معهن علي أساس أنهن نساء خارجات عن القانون، وغالباً ما يزج بهن في مصحات طبية أشبه بالسجون، بهدف إخضاعهن للفحص الطبي، خوفاً من أن يكن مصابات بأمراض جنسية معدية، ويتم التعامل معهن باشمئزار وقسوة، وحتي وإن تحررن من تلك السجون وقررن العودة إلي عائلاتهن التي خرجن أصلاً من أجل كسب العيش لتلك العائلات، فغالبا ما يستقبلن بازدراء ورفض، وفي حالات كثيرة يكن عرضة للعنف والتجريح، مما يدفع بهن إلي تلك الطريق ثانية . ومن الجدير بالذكر أن الولايات المتحدة الأمريكية، أطلقت الصفة الشرعية علي هذه التجارة، التي تمتهن المرأة وتعتبرها سلعة رخيصة، وذلك عبر إصدارها سنوياً خمسة آلاف فيزا، مع وثيقة إقامة خاصة تمنح للفتيات اللواتي يزج بهن في مهنة البغاء، بممارسة هذه المهنة بشكل شرعي علي أراضيها، حيث تعترف السلطات الأمريكية بالعائدات المالية الكبيرة التي يجلبها استغلال النساء في هذه المهنة، في أشهر مدن البغاء كلاس فيغاس، وفي نفس الوقت، تحاول الولايات المتحدة الأمريكية إقناع دول الاتحاد الأوروبي أن تحذو حذوها في مسألة منح الفيزا والإقامات النظامية لهؤلاء النساء، واعتبارها مهنة تعود بالنفع المادي علي اقتصادها!