دَرْبْ التُرُكْ

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-08-2024, 00:34 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-01-2006, 12:07 PM

كمال حسن
<aكمال حسن
تاريخ التسجيل: 08-22-2004
مجموع المشاركات: 1352

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
دَرْبْ التُرُكْ




    دَرْبْ التُرُكْ





    لعل حبوبتي - رحمة الله عليها - في ذلك الحين، كانت تحلم دائماً أن يلازم بيتنا الكبير دومة (ود الكندري) ولم تفلح معها كل محاولات أبي ، بأن نجعله - البيت - فوق (القوز) قريباً من (ود الخضر) - رحمة الله عليه - ذلك الشيخ البركه، مجرد ذكر إسمه والسُكنى قرب بيته كافيةً بأن تلين كل رأس، إلا إن حبوبتي - والتي برغم إنها كانت تكن له كل إحترام ومودة عميقة - كانت تجد في إنتقالها عن البيت الذي شهد أحلى أيامها مع جدّي، يعتبر تنكّراً لذلك التاريخ البعيد ... القريب، وتنكراً لكل تلك الذكريات التي مازالت تتقافز أمامها، تارةً من الزير التحتاني إلى (العنقريب) الذي ظللتُ دوماً أعتقد بأنه نبت مثله مثل (التمرة) التي إتكأ عليها، وما حسبت يوماً بأن ذلك العنقريب يمكن أن ننقله إلى أي مكان آخر، بل وتحسب - في أغلب الأحيان - أن جدّي لا يزال يجلس عليه، ملتحفاً ثوبه الأبيض، شاخصاً ببصره إلى النهايات العليا للتمره، كان في اعتقادي، إن جدّي يحسب عمره بعمرها، ويعتقد بدنو أجله كلّما رأى ذلك الإصفرار الباهت الذي يظهر في سعفها وأطراف الجريد، لأن النخلة - كما حدّثني في أكثر من مناسبة - غرسها والده بُعَيْد شروق شمس اليوم الذي أعقب ليلة ولادته.لم يكن الجلوس على ذلك العنقريب ممنوع فقط، بل كان مجرد الإقتراب منه مرفوض ولا يقبل المجادلة.
    إذاً فالبيت برائحة غبار التمر، كتب عليه أن يظل هناك ملازماً (ود الكندري)، لا تفصله عنه سوى (قراريط) قليلة، بل وبرغم الرقي والتقدّم الذي غشي (الأركي)، متفضلاً عليها وعلينا ببعض صفات التطوّر، المناقضة للكرم والسماحة، فبنى الناس الجدران، بعد أن كانوا قبلاً يكتفون بوضع بعض الأشواك حول المنازل، ليس منعاً للضيوف، ولكن لحماية أليفة البيت من هوائم الليل. أقول برغم تصاعد الجدران هنا وهناك تعلن، الحرب بين الجيران، الذين تربّى أبناءهم في ذلك الكنف الكبير. لا يعرفون لهم أباً واحداً، أو أماً واحدةً، ولا يعرفون لهم بيتاً خاصّاً، بل يدخلون متى ما شاءوا .. أينما شاءوا، الأركي هي بيتهم الكبير، يشربون من المترة نفسها عندما ينزل (البحر) ، ومن (بير عطا) عندما ينفد الجاز من (برميل) المتره.
    زاد من مزج ذلك الخليط الإنساني معاً، نشأة الصغار وترعرعهم على أسامٍ تداولوها بينهم دونما تفكير، طالما أنهم وجدوا على ذلك آباءهم وأمهاتهم؛ أبوى ود الخير .. أمّي بت عمر … أمّي الزينه … أمّي ست نور … ولعل ذلك ما جعل إحساسهم بالإتحاد يقوى، وحتّى وهم يجرون من خلف (بشرى العوير) يشاكسونه، إنما يحسون أنّهم يشاكسون أنفسهم، فلا تتعدّى مشاكستهم إياه حدّها، بل وحتّى بشرى ـ نفسه ـ كان وكأنّه يعلم ذلك، ومثلما يتلذذون، كان يتلذّذ هو أيضاً، يعرف جيّداً متى وأين يكون حدّه.


                  

03-01-2006, 02:47 PM

كمال حسن
<aكمال حسن
تاريخ التسجيل: 08-22-2004
مجموع المشاركات: 1352

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دَرْبْ التُرُكْ (Re: كمال حسن)



    تلك الجدران المتطاولة لم تجد سبيلاً لبيتنا إذاً، بل ظل الشوك ـ أو ما قلّ منه ـ يحيط به، ولعلّي لا أكون مخطئاً، عندما أقول أن مسألة بناء الجدار هي الأخرى، وجدت عناداً من حبّوبتى، فهي ترى في ذلك رفضاً ورفساً لبركة (ود الكندري) وهو الذي جاء من (آخر الدنيا) على حد زعمها، ومن حيث لا أحد يدري، قاطعاً السبل، رمالاً وودياناً، ليحفّنا ببركته ويصير جاراً لنا.
    هكذا كانت حبّوبتي الرابحة دائماً بمنطقها، وبشخصيتها التي جعلتها في مقدّمة الركب، حتّى من سبقوها عمراً تحسبهم أطفالاً، عندما تفرد أشرعتها، بل وتحسب آرائها دائماً، كأنّما فكّر لها فيها جمع من الناس، حتى أنّها عندما تكون غائبة، عن موقفٍ يجتمع فيه كبار الأركي، ويحاول فيه بعضهم إبراز عضلات منطقهم، محاولين بزّ الآخرين، طلعت عليهم حبّوبتي - إن ما جاءت - برأي جديد لم يكن قد فكّر فيه أحد من قبل، فتسمع إستحسانهم وإستصوابهم لرأيها.
    كان أكثرهم إستصواباً لآرائها دكتور الطريفي - الباش ممرض أصلاً - كثيراً ما أطلق مقولته الشهيرة:
    - هلا هلا يابت ود الشريف ، ده الكلام والله بلاش
    هل كان إستحسان دكتور الطريفي لآراء حبّوبتي هو لأن آرائها كانت دائماً عين الصواب؟ أم لتواطؤ الاثنان معاً- كما تدّعي بخيته الدايه - وأن حبوبتي هي أول من أسبغ على الطريفي لقب الدكتور ذاك.
    كنت في كل مرة، أقتنع بصحة أحد الرأيين المطلقة، فتارةً عندما يصادف رأي بت ود الشريف رأيي، ويصادف الإستحسان - المعهود - للطريفي، أزداد قناعة بأنه ( ده الكلام والله بلاش ). وفي أحايين أخرى أرى - في إعتقادي - أن رأيها لا يعدو أن يكون مجرد خطرفة - لأني أرى غير ذلك - وأزداد قناعة بأن الطريفي مجرد ( باش ممرض ). وأن التواطؤ المحض فقط هو الذي جعل منه دكتور.
    في تلك اللحظات كنت كثير ما ينتابني الإحساس، بأنني قد صرخت في وجهه فعلاً :
    - ورّينا شهاداتك بتاعة الطب يا عم الطريفي !!
    كان هذا الإحساس يتعاظم عندي اكثر، عندما يكون رأيها مخالفاً لرأيي، فيما أراه شأناً خاصاً بي، أكاد أتصور الموقف - الذي يعقب صرختي - تماماً، دكتور الطريفي وعلى وجهه نظرة بلهاء، ممزوجة بدهشة غبية، يفتح فمه -كأنه يهم بقول شئ - ثم يغلقه، ثم يعود فيفتحه مرةً أخرى على آخره، مبيناً أسناناً مشتتةً كيفما اتُّفق لها، يتعلق بينها بقايا ( التمباك ). أسمع كلمات الإستنكار من هنا ومن هناك، من وجوه تحمل نظرات معاكسة تماما لما صرّحت به، عندها أعلم يقيناً بأنّي جهرت نيابة عن غالبيتهم بهذا المطلب البسيط.كم من مرةٍ جاهدت هذا الإحساس حتى لا ينفلت الأمر من يدي. وحتّى لا أفضح زيف ونفاق ثلّة من أولئك المجتمعين.
                  

03-01-2006, 07:12 PM

كمال حسن
<aكمال حسن
تاريخ التسجيل: 08-22-2004
مجموع المشاركات: 1352

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دَرْبْ التُرُكْ (Re: كمال حسن)



    امرأة قصيرة القامة هي بت ود الشريف، ســوداء البشــرة - أو خضـراء كما يحلو لنا أن نسمي ذلك - نحيفة القوام، عركتها الحياة وعجنتها، ثم وضعت بصماتها على بشرة بت ود الشريف دون رأفة، هي في الستينات أو التسعينات من العمر. أجد نفسي مضطراً لأن أزيل عن أذهانكم تهمة عدم تمكُّني من تقدير الأعمار، فلقد وقعت أسيراً لعاملين متناقضين، سبّب هذان العاملان هذا البون الشاسع في تقديري لعمر بت ود الشريف.
    أول العاملين، هو مظهرها الذي يعطيك انطباعاً بأنها في التسعين من عمرها وذلك من خلال التجاعيد التي لم تترك مساحةً في جسدها إلا وخطت عليها بقسوة تبين حــتى في ضــوء لمبتها الشاحب. هذه التجاعيد الغائرة قل أن تجد مثلها على بشرة أي شخص آخر، وقد حكمت على ذلك بعد أن تمعنت في تجاعيدها تلك في أكثر من مناسبة سنحت لي أثناء إنهماكها في أعمال المنزل المختلفة.والعامل الآخر هو حركتها الخفيفة والرشيقة، إذ أنني كنت كثيراً ما أجد نفسي مضطراً للهرولة خلفها عندما أكون سائراً معها في أحد المشاوير التي تأخذني فيها، لا يعوقها شئ عن هذه الحركة السريعة، حتى رمال (القوز)، كانت بت ود الشريف تنساب عليها بسرعة يحسدها حتى نحن الشباب عليها، وكم كنت أعتقد أنها كانت لا تلامس الرمال في حركتها تلك.
    هناك أيضاً عامل إضافي ليس خاصا ببت ود الشريف وحدها بل كل أولئك الذين يحاذونها عمراً، ذلك العامل هو عدم اللجوء إلى تقييد المواليد وتواريخ ميلادهم آنذاك، مما يترك لك الفرصة في تجريب مبدأ المحاولة والخطأ في تحديد العمر التقريبي للشخص المحدد، في ضوء المعلومات المستقاة.كأن يقال لك بأن فلان ولد مباشرة بعد مجاعة سنة ستة، أو أن فلان تزوج والداه في العام الذي سبق سقوط المهدية. هذا العامل أيضاً لم يكن ذا أثر إيجابي في محاولة معرفة العمر التقريبي لبت ود الشريف دونما الوقوع في مأزق العاملين السابقين. إذ أن المعلومات المتضاربة التي يتناقلها الناس عن ظروف وملابسات ولادتها تعزِّز كل من التخمينين في تقدير عمرها، وبرغم محاولاتي المتعددة للحصول على معلومات من مصادر عايشت ميلاد حبوبتي، فإنني لم أجد من الأحياء منهم إلا الشوره بت العوض وتاج السر المدّاح.
                  

03-02-2006, 05:02 AM

كمال حسن
<aكمال حسن
تاريخ التسجيل: 08-22-2004
مجموع المشاركات: 1352

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دَرْبْ التُرُكْ (Re: كمال حسن)



    كنت أعلم مدى حب الشوره بت العوض (للتُمباك) المجلوب من دكان (الفَكِي) في سوق (مَرَوِي)، ولأنني كنت قد عزمت على زيارتها صباح ذلك اليوم، فإنني إغتنمت سانحة وجودي في سوق (مَرَوِي) واشتريت لها منه كيسا كبيرا يغنيها إسبوعاً كاملاً عن التمباك الذي يُشتَرى لها من دكان (الأزرق) بالأركي.
    كانت الشوره بت العوض عندما دخلت عليها غرفتها الصغيرة تلك، في نفس ذلك الوضع الذي وجدتها عليه مرات ومرات من قبل، وسأجدها عليه ـ فيما بعد ـ كذلك، ترقد على عنقريبها الصغير، مغطاة بالفرده التي بهت لونها وصار مائلاً للصفرة، يظهر منها وجهها ويداها، تحمل في اليمنى سبحة ذات حبات خضراء، وتنقض بالأخرى إحدى (ضفيرتي) شعرها الأبيض والذي تتخلله شعيرات سوداء. على عكس بت ود الشريف كانت الشوره شديدة بياض البشرة، حتى أنك تكاد ترى دمائها بلون أخضر قاتم، من خلال بشرتها الملتصقة بعظام يديها الدقيقتين.
    كانت عيناها نصف مغلقتين عندما دخلت الغرفة، تردّدتُ للحظة صغيرة معتقداً بأنها نائمة… هممت بالخروج ... سمعتها
    - منو؟الماحي ؟
    كان الماحي هو إبن أختها الذي يعمل معلماً بمدرسة (مَرَوِي) الثانوية، وكان يأتي لزيارتها كل ما سنح له ذلك.
    - هاشم … هاشم ود المحجوب، إزيّك يمّه الشوره
    بقدر ما كان محبوب لي أن أناديها كذلك، كانت هي الأخرى أكثر ما تحب أن تُنادى بأمي الشوره، فهي لم تلد - وكما تحكي لي حبوبتي - أن عريسها الطاهر في ليلة زفافهما نزل هو وأصدقائه إلى (البحر) ، وكما يحكي الناس أنه بعد أن خرج وارتدى جلبابه، سمع أعز أصدقائه (علي التمساح) يستنجد به، لم يجد متسعاً لخلع جلبابه، وجدهما الناس فيما بعد متعانقين، وتم دفنهما كذلك.
    - هاشم ؟ هاشم الحنين ود الحنينة ؟ تعال قرّب يا ولدي
    إنحنيت عليها، قبلتني، رائحتها، رائحة غرفتها، رائحة زمن قديم، جميل بقدر ما سمعنا عنه، عشنا معالمه من خلال ما رواه لنا الكبار، كانت هناك تفاصيل يؤكد الكبار أنها إندثرت قبل ولادة أُمّي، إلا أنني ومن كثرة ما سمعتها إنحفرت داخل مخيلتي، صرت أراها رأي العين، ثم أسهب في وصفها لهؤلاء الكبار،يندهشون، كان الماحي يصفني بالعائد من الزمن القديم. لذلك كنت كلما تنسمت هذه الرائحة التي تملأ غرفة أمي الشوره، كلما ملأت رئتي عن آخرهما منها، وأطلقت نفسي في تعاريج تلك الأزمنة القديمة
    - أمك النعمه كيفنها
    كانت الوحيدة التي تذكرني بإسم حبوبتي.
    - بي خير وبتسلم عليك … وديتها مروي لي بتها الزينه، قالت طولّتْ منها …أمّي الشوره ( قلتها وأنا أمد لها يدي وعليها التمباك) جبتو ليك من مروي معاي.
    - عافيه منك وراضيه عليك يا ولدي، إنت والماحي إياكم ولادي، ربنا يخليكم لي.
    كانت أمي الشوره كثيراً ما جاءها أهل الأركي، يطلبون دعواتها وبركتها، وكثير ما تداووا بفضل قراءتها لآيات من القرآن، ثم تتفل على يدها وتضعها على موضع الألم. كانت تقوم بذلك رغماً عن أنها لم تكن تحفظ كثيراً من القرآن..بل كانت في بعض الأحايين تخلط بين آيات القرآن وبين دعاء قديم قد سمعته بدورها من حبوبتها .. تتلوه كما تتلو آيات القرآن، حتى أنني عندما كنت صغيرا كنت أعتقد جازما بأنه قرآن وقد حفظته على ذلك الأساس… ( آية الكُرسي تمشي وتكسِي .. البعيد يِكْسَى والقريب يِكْسَى لا إيدًا تِتمدَّ لا كُرَاعًا تِتعدَّ … لا جانْ ولا إنسَ ).
    لم تكن أمي الشوره كثيرة التثاؤب بل أنني نادرا ما كنت أراها تتثاءب ، لكن أغرب ما في الأمر أنها كانت أثناء ذلك الدعاء تتملّكها نوبة تثاؤب لم أجد لها أي تفسير علمي ،غير أن هناك تفسير منطقي أكيد وهو رغبتي المتنامية للتثاؤب في هذه اللحظات بالذات.
                  

03-03-2006, 07:37 PM

كمال حسن
<aكمال حسن
تاريخ التسجيل: 08-22-2004
مجموع المشاركات: 1352

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دَرْبْ التُرُكْ (Re: كمال حسن)



    تناولت منها (حقة) التمباك، ثم فتحت نافذة الغرفة على مصراعيها، كان الجو وقتها (محايدا) لم يقرر بعد انحيازه لبرودة ليل الصحراء، أو الاحتفاظ بحرارة نهارها الملتهب. كما أن الشمس نفسها كانت لا تزال تمارس عنادها في تحدٍ سافر للوقت المسموح لها فيه بالبقاء أعلى (الحرازة)، متشبثة بأشعتها الحارقة، كان إنهزامها ـ الحتمي ـ لا يخلو من كبرياء، بل وكانت تبدو على وجهها نفس تلك الأبتسامة الساخرة التي كانت ترتسم على وجه اللمين ود بابكر، وهم يقتادونه في المرة الأخيرة والتي لم يظهر له بعدها أي أثر. بل إن كبرياء الشمس هذا الذي لم ينكسر قط من قبل ، كان هو نفس ذلك الكبرياء الذي يسري إليك من (اللمين)، ويمنحك شهوة أن تتلقى بصدرك كل ما يتصيّد أولئك الذين تحب، ويغذّي فيك رغبة أن تقف بينهم وبين كل من، وما يتوعدهم أو يهددهم بأذىً.
    آه من هذا الكبرياء، ياله من إحساس قاسٍ، وأقسى ما يكون عند مواقف الإنكسار الحتمية، ليته كان مثل نظارة القراءة، تستعمله عند الحاجة، وتنزعه عنك متى أحببت، أو تستبدله بعدسات (التبلّد) اللاصقة.
    سيأتي بالتأكيد ـ أو بالأحرى قد أتى فعلا ـ زمن اللا كبرياء، لا كرامة، لا عزّة، وقد لا أجد إستغراباً فيمن يرى أنه لا فائدة من تعليم النشء هكذا قيم، لكل زمن قيمه!!!، إن العزة (وأخواتها) يتناسب متقلدها في هذا الزمن تناسبا عكسيا مع إرتفاع وعلو منصبه.
    تناولت سعفة من جريد النخل، كانت على الشباك، محاولا تنظيف ما علق من تمباك على حواف (الحقّة)، هكذا رأيت أبي دائماً يفعل عندما آتيه بالتمباك الجديد، كان يخشى عليه أن يفسد بسبب القديم، يا لرقة التمباك وحساسيته المفرطة !!!
    قبل أن تنتقل إلي هذه الخبرة في فن التعامل مع التمباك، كانت قد حدثت لي واقعة، تذكرتها لاحقا. كان قد أرسلني والدي كما هو معتاد لشراء التمباك له من دكان (الأزرق)، وأنا في طريقي إليه رأيته من على البعد، وقد هم بصب التمباك الجديد على ذلك القديم الذي كان بداخل حقة البيع الكبيرة، إندفعت بأقصى سرعة (ساعدتني عليها نحافتي آنذاك، وإنحدار القوز في إتجاه الدكان) ومن بين أنفاسي المتلاحقة ـ ولأنني كنت أحسب أن التمباك القديم (لابد أنه معتَّق) ـ طلبت منه أن يبيعني من القديم قبل أن يختلط بالجديد، إعترته الدهشة و إستجاب فورا لمطلبي ذاك، بالرغم عن ما هو معروف عنه حبه (للمعاكسة) للدرجة التي جعلته مشهورا ب(أزرق عكس)، لم أفهم حينها سبب دهشته تلك ولا سبب سرعته في أن يبيعني من القديم، ولكنني فهمت الآن، أن ما كانت تدعيه (بخيته الدايه) من غش الأزرق في البضاعة، لم يكن مجرد إدِّعاء.
    صارت (الحقة) بعد ذلك نظيفة، وصببت فيها كيس الصعود بكل حذر، ثم ناولتها إياها، أمطرتني بدعواتها، وأسبغت عليها بمجاملاتي اللا نهائية.
                  

03-04-2006, 08:28 PM

كمال حسن
<aكمال حسن
تاريخ التسجيل: 08-22-2004
مجموع المشاركات: 1352

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دَرْبْ التُرُكْ (Re: كمال حسن)


    والله الشئ المستغرب ليه إنو في ناس بي تكتب كلام اكتر (فراغا) من الكتبتو ده لكن بي تلقى (الشله) جات والردود إنهالت
    يعني لو جا واحد بس علي الأقل قال لينا ياخي بطلو ماتملوا لينا المنبر بي كلامكم الفارغ ده كنا حسينا على الأقل بي إنو الحجر وصل البركه وما إتبخر ساكت


    أها أنا حا أقول لي نفسي براي:-
    - ياخونا بالله فكنا من درب الترك والله درب التبّانه وشوف ليك موضوع تاني
    وبرد كمان:-
    - حاضر يا أستاذ بس عشان خاطر عيونك ديل


    الحكايه دي بالمناسيه ما إستجداء مداخلات لأنو إلى هنا يعتبر هذا البوست مغلقا

    ويمكن الرجوع عن هذا القرار مستقبلا بعد تكوين الشله المناسبه

    حتى ذلك الوقت نستودعكم الله ونلتقيكم عبر بوستات أُخَرْ
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de