مافي داخل الصندوق

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-09-2024, 12:12 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-01-2006, 01:00 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مافي داخل الصندوق

    كنت قد وعدته بنشر هذه القصة. إنه الصديق إسحاق عبد الغفور الفنان التشكيلي السوداني المترع بالجمال وبالإحساس والسودنة الأصيلة. تربطني به صداقة من نوع غريب جداً كذلك علاقة عمل تتمثل في قيامه بتصميم غلاف وبعض صفحات مجموعتي القصصية التي سوف ترى النور قريباً (بعض الهدايا مسروقة). وها أنا ذا أفي بوعدي له :


    مافي داخل الصندوق

    عند كل صباح تجد أن أحد العباقرة قد أطلق إسمٌ جديد على سمة شئ من موجودات الله..

    ...وفي المساء تمدد على (عنقريبه) ذو الحبال المسدولة بعضها قد لامس أرضية غرفته الضيقة وبعضها قد كساها الغبار.. والحبال التي لامست الأرض كانت وسيلة جيدة لتنقُل النمل وبعض الحشرات الزاحفة الى سطح فراشه الغير مرتب , كما بدت عليه بعض الرسومات التشكيلية شبيهة بالسحب جراء تدفق الماء والسوائل على (المرتبة) وكأنه عمل فني رائع لأحد فنانين عصر النهضة العظماء... نهض صباحاً ... طقطق .. وهمهم .. تلفت حواليه وبحركته البطيئة السلحفائية .. وكما تبدو بعض أجزاء جسده المنهك مازالت تغفو وبحركات وإيماءآت تلقائية.. أفاق تماماً من نومه.

    إنتعل (مركوبه) الذي صُنع قبل سنوات ليست بالقصيرة من فروة النمر... إنه (مركوب جلد النمر) ولا أعلم تحديداً إحساس ذلك النمر لوكان على قيد الحياة ولو رأى فروته التي تباهى بها كثيراً على أقرانه النمور وبعض القطط ..لو رأى ذلك (المركوب) الذي صُنع من فروته لقدم عريطة مطولة لجمعية الرفق بالحيوان وجمعية حماية البيئة... وكتب على آخرها مع تحيات حيوانات الغابة , عنهم نمر...

    إنتعل مركوبه النمري .. ونعل كل شئ أمامه وفي مخيلته معاناته اليومية .. ويومه هذا قد لا يختلف كثيراً عن بقية أيامه التي مضت .. فهو لايملك سوى أنفاسه التي تدخل عبر أنفه فالهواء النقي ليس ملكاً لأحد... وذلك الصندوق الخشبي الذي ينتظره في مكان عمله بوسط سوق الخضار والفواكه .. فكل الأشياء كما هي.. الطريق هو نفسه بالأحجار والقاذورات على جانبيه .. الأشخاص هم نفسهم بضحكاتهم الساخرة والعبس الذي بدأ واضحاً على وجوههم...

    (بابكر) صاحب الدكان..حسن العجلاتي.. حليمة ست الشاي .. الريح بائع الخضار)..

    وصل الى مكان عمله وهو يجرجر (مركوبه النمري)... فتح صندوقه الخشبي العتيق المطوّق بالحديد وأخرج منه قطعة من القماش المقدد بأطرافه وإفترشها كعادته على منضدته المخصصة , ثم ألقى نظرة داخل ما في الصندوق .. وهو يتثائب مد يديه داخله وأخرج منه كمية من (البرتفال أبوصُرة)..

    حينها تغير كل شئ من حوله , وكأنما غُسلت صحون وأطباق بيضاء من طبيخ (البامية) , كل الأشياء تحولت وصارت جميلة ورائعة .. كل الأشياء صارت برتقالية اللون.. هو و(مركوبه) النمري صارا برتقاليان .. الطريق بأحجاره وقاذوراته هناك.. بدأ وكأنه أحد شوارع (طوكيو) النظيفة والمشبعة باللون البرتقالي المضيئ .. أما الأشخاص تبدلت إيماءآت وجوههم العبوسة الى وجوه برتقالية اللون , تحلو لك أن تشاهدها كل صباح .. (حليمة ست الشاي) إستقبلت في تلك اللحظة خمسة من زبائنها الكرام .. شاي برتقالي سادة .. حليب برتقالي .. قهوة برتقالي سادة.. وكذلك (حسن العجلاتي) جاءه ابن جاره الذي يمتلك دراجة هوائية لإصلاحها , أرسلها له والده الذي يقيم في إحدى دول الخليج قرابة السبعة عشر عاماً .. فهو الوحيد الذي يمتلك تلك الدراجة من ماركة (فونكس) عن سائر أولاد حيه , فمعظم زبائن (العجلاتي) من أولاد الحي المجاور, فتغيرت لافتة محل (العجلاتي) الى اللون البرتقالي الزاهي لتجزب أولاد الحي المجاور بدراجاتهم الهوائية لإصلاحها ..ايضاً (الريح بائع الخضار) بدت على وجهه علامات الفرح لأنه باع كمية من (البصل..والجرجير والطماطم والبقدونس) بعد أن تحولت كل ألوان خضرواته من اللون الأخضر الى البرتقالي الذي لفت إنتباه زبائنه.. و(بابكر صاحب الدكان) تحول الدفتر الذي يدوّن عليه قروض أهل الحي من التموين حتى بداية الشهر الى اللون البرتقالي , لأن ذلك اليوم كان أول أيام بدايه الشهر, وكلهم قد سددوا ماعندهم من مال .. كل الأشياء تغيرت في لحظات وطغى عليها اللون البرتقالي الرائع .. يااا سبحان الله .. مد يده وتناول برتقالة أكبر حجماً ثم عرّاها تماماً من قشرها البرتقالي اللون .. مطّق .. سال لعابه .. وقضم بأسنانه قضمة كبيرة بعد أن قسمها الى نصفين غير متساويين وكان النصف الأكبر منها داخل فمه في لحظة , وتلك القضمة كانت كافية لمعالجة رائحة فمه الكريهة .. فهذا الشخص هو الذي أطلق على البرتقال (أبو صُرة) هذا الاسم القبيح , كانت كل هذه التغيرات بسبب تلك القضمة التي قضمها بائع البرتقال (أبوصُرة) , ثلاثة عشر عاماً وهو يبيع البرتقال وتلك كانت أول قضمة له في حياته .. فهو لايدري لماذا أطلق هذا الاسم القبيح علي هذه الفاكهة الرائعة , فمعظم فواكه الدنيا تشبه لحد كبير بعضاً من موجودات الله , ونحن كذلك من موجوداته .. وهذه (الصُرة) جزءٌ منا تتوسط أجسادنا لكنها ليست ذات الشكل الجميل واللون الرائع كما البرتقال .. (فالصُرة) تحوي بداخلها كائنات حيّة صغيرة متطفلة وجدت أنها اأمن مأوي للإقامة المريحة والدائمة بداخلها.. إضافة لرائحتها الغير سارةً , وهذا يتوقف على نظافة الشخص لها , لأن (الصُرة) تتعرض للإهمال والنسيان في كثير من الأحيان , والمهم في الأمر أن مهمة (الصُرة) إنتهت بإنتهاء مراسم ولادة البني آدم .. فالشكل هنا ليس سبب مقنع لتسمية البرتقال بهذا الإسم اللعين.. شخص يمتلك (مركوب) جلد نمر شكى النمر منه وبرائحة فمه الكريهة يتجرأ ويطلق هذا الإسم وبدون رقيب.. وعلى أجمل فواكه الدنيا السبع ؟؟؟ فهذا البرتقال بلونه الرائع اللامع يفي بالغرض الجمالي ويمنحنا الإحساس بحلاوة الشمس عند غروبها , ورائحتهه العطرة تغنيك عن أجمل العطور (الباريسية) , دعك ياصاحب (المركوب النمري) من قيمته الغذائية , (فالسيدة حليمة ست الشاي) دائماً ما تبحث عنه عندما تصاب بالأنفلونزا بتوصية خاصة من أحد زبائنها الذي يعمل بالصيدلية , قد أخبرها بوجود (فايتمينات السي) في البرتقال المضاد (لفايروسات) الأنفلونزا , والذي يجعل (حسن العجلاتي) في حيرة من أمره؟؟ لماذا أطلق صاحب (العنقريب) المسدولة حباله هذا الإسم؟؟ (برتقال أبوصُرة؟) , فأنا لم أعرف إسم صاحب (العنقريب) حتى الآن , ولا حتى جاره بائع الخضار لا يعرف إسمه الحقيقي حتى الآن ...

    .. قضم قضمته من البرتقالة بعد أن بلع أنفاسه وعلامات الدهــشة واضحة على وجهه , تحسس موضع (صرته) بأطراف أصابعه من فوق ثيابه الرثة , وفجأة تهاوي مغشياً على صندوقه الخشبي المليئ بالبرتقال فاقداً الوعي من جراء الإحساس الشديد بالذنب والدهشة الزائدة .. حينها أدرك تماماً بأنه أخطأ خطأًً فادحاً بحق ما في داخل الصندوق .

    اسحاق عبد الغفور
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de