دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
تأملات في جمال كحلم من حجر
|
عرضت إحدى الفضائيات قبل وقت مضى فيلماً من الرسوم المتحركة تدور أحداثه عن رضيع وجد نفسه في جزيرة نائية لم تطأها قدم بشر من قبل.. أرضعته غزالة من حيوانات الجزيرة وتولت رعايته إلى أن كبر وبلغ أشده.. نشأت بينه وبين الحيوانات حميمية آسرة وأخذ يستكشف ما حوله من ظواهر طبيعية .. ليصبح البطل الذي يعلم نفسه بنفسه ليبني مدينته الفاضلة... هنا شردت بذهني بعيداً ولم أعد أتابع الفيلم باليقظة التي كنت أتسلح بها-منذ بدايته-خشية ألا أرتبك إذا فاجأتني صغيرتي التي كنت أشاركها هوايتها نزولاً عند رغبتها، بسؤال عن مجريات الفيلم... فأستأذنت منها بحجة أنني شاهدت الفيلم من قبل...
وبالفعل كنت قد شاهدته ... وكان هو الأصل الذي تحرف غيره..
البطل الذي شاهدته كان عربياً وقبل ثمانية قرون ولد .. وألقي به في محيط متلاطم الأمواج يئد كل بصيص أمل للخلاص .. لم يعرف له أبوان .. رضيع لم يبلغ الفطام بعد، تتقاذفه الأمواج في صندوقه الخشبي ويمتد البحر أمامه ظلاماً لا يلوح لحلكته أي بارقٍ.. فما أن يخرج من موجة قاتمة إلا وتطبق عليه من بعد موجة أكثر عتواً .... تتعارك الأمواج مزمجرة... ثم شيئاً فشيئاً ينداح الهدير بعيداً ولا رجعٌ لصوته.. البحر يعود لهدوئه الأخاذ و الصندوق يتهادى على سطح الماء.. ثم يجد الرضيع نفسه في جزيرة إستوائية نائية حيث ترضعه ظبية فقدت وليدها وتتعهده إلى أن بلغ أشده وراح يتعرف إلى ما حوله من ظواهر طبيعية .. ليصبح فيما بعد مثالاً يوضح ببراعة كيف أن معرفة الإنسان الذي تفتحت عيناه روحياً تختلف عن المعرفة المستقاة بواسطة السمع والقراءة فحسب. .... (يتبع)
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: تأملات في جمال كحلم من حجر (Re: الزاكى عبد الحميد)
|
2- وبعد قرون ثلاثة يزحف البطل العربي إلى روما فيستضيفه الكونت جيوفاني بيكو ديلا ميراندولا الفيلسوف والعالم الموسوعي الإيطالي الذي عرف بالإنسان النموذجي لعصر النهضة الأوروبية....
من هو –يا ترى- هذا العالم العربي الأسطوري الذي بهر بعلمه فرانسيس بايكون الفيلسوف الإنجليزي رائد العلم التجريبي الحديث والذي 0(أي بايكون) يقول عنه بعض النقاد إنه كتب كل المسرحيات الخالدة التي تنسب إلى ويليام شكسبير ؟ ...من هو يا ترى ذلك العربي الذي تحرز منه شاعر إنجلترا الكبير إلكسندر بوب وتواضع له مع ما علمت من فرط كبرياء الشاعر الإنجليزي وشدة إعجابه بنفسه؟؟
ذلكم هو حي بن يقظان بطل الرواية التي كتبها الفيلسوف والنطيس الموسوعي أبو بكر محمد بن عبد الملك (1100 – 1185 م ) الأندلسي المعروف بإبن طفيل جواباً إلى سائل يسأل عن أسرار الحكمة المشرقية فأودعها نظرياته الفلسفية والتربوية والعلمية والطبية كافة في قالب قصصي مشوق.
وبلغ حي بن يقظان شأناً عظيماً لدى مفكري أوروبا عامة والإنجليز خاصة ... لفتت هذه الرواية إهتمام القاريء الأوروبي لأول مرة في القرن الرابع عشر حين ترجمت إلى العبرية عام 1349 ولكنها نالت قدراً أكبر من الإهتمام حين ترجمت إلى اللاتينية بناء على رغبة الفيلسوف الإيطالي الكونت جيوفاني بيكو ميراندولا .... كتب هذا الفيلسوف الإيطالي سفراً فلسفياً أسماه "خطاب في كرامة الإنسان" ويقول عنه إنه اعتمد في كتابته على حي بن يقظان الذي كان " يملي علي أفكاراً وجدت طريقها إلى كتابي دون عائق"....
وطبق حي بن يقظان النظرية العلمية التي نادى بها الفيلسوف الإنجليزي فرانسيس بايكون بعد ذلك بخمسة قرون .. وتعتمد هذه النظرية على الملاحظة الدقيقة والتجربة والاختبار المستمرين .. ومن المفارقات أن هناك نظرية أدبية معروفة في أسواق الأدب تعرف بالنظرية البايكونية وهي النظرية التي تقول بأن الفيلسوف الإنجليزي فرانسيس بايكون هو الذي كتب المسرحيات الخالدة التي تنسب لشكسبير!! (يتبع)
-3- ترجمت رواية إبن طفيل إلى الإنجليزية في القرن السابع عشر حين كان المناخ الفكري مهيئاً بوجه عام لتقبل الكتاب وذلك للصلة الوثيقة بين المشاكل التي يعالجها إبن طفيل وبين معضلات ذلك العصر لذلك نجح الكتاب في أن يتبوأ مركزاً مرموقاً في إنجلترا..
الشاعر الإنجليزي الكبير إلكسندر بوب كان يحتفظ في مكتبته بالنسخة العربية المنقحة من حي بن يقظان وترجمتها الإنجليزية المعتمدة التي ألفها مستعرب القرن السابع عشر البروفيسور إدوارد بوكوك وهو أول من شغل كرسي اللغة العربية في جامعة أوكسفورد...
شغل حي بن يقظان حيزاً كبيراً من تفكير الشاعر الإنجليزي إلكسندر بوب الذي أعجب بشخصية حي أيما إعجاب... ففي مقالة له صدرت عام 1713 أعاب فيها بوب على بني جلدته قسوتهم على الحيوان وحثهم على الرفق به وذكرهم بحي بن يقظان كمثال يحتذى:
"أذكر مؤلفاً عربياً كتب رسالة يبين فيها إلى أي مدى يستطيع شخص ما زعم أنه عاش وحيداً في جزيرة نائية مهجورة وبدون أي إرشاد أو حتى مجرد مشاهدة إنسان آخر وبواسطة نور الطبيعة وحده أن يصل إلى المعرفة الفلسفية وإلى أرض الطوبى حيث الخير والفضيلة ... من أوائل الأشياء التي حرص مؤلفنا العربي أن يلحظها هي أن النزعة الكونية لفعل الخير في الطبيعة تكمن في حماية وصون مخلوقاتها.. وترجمة هذه النزعة هي أن الواجب الأول يكون عادة هو نجدة كل الحيوانات في آلامها واحتياجاتها.."
لم يتوقف إعجاب الأكسندر بوب بشخصية حي عند هذا الحد بل أنه أفرد أبياتاً في قصيدته الرائعة المسماة (Essay On Man) أي : "فذلكة عن الإنسان" ولكنه إعجاب يشوبه التحرز من غزارة علم المخاطب والخوف من الإفحام على مجاراته في استنتاجاته الفلسفية:
Go wonderous creature mount where Science guides Go,measure earth, weigh air and state the tides
Go with plato to the empyreal sphere.. To the first good, first perfect and first fair
"يامخلوقاً أسطورياً.... هلا صعدت إلى العلياء .. حيث ارتقى العلم إلى السماء أسبر هناك الأرض في أبعادها وزن هواءها.. والماء مده وجزره .. طف حيث طاف أفلاطون في الأبراج العلياء حيث التقى بالخير والجمال والكمال نبعاً أولاً....
(يتبع)
-4-
تعد رواية حي بن يقظان الرواية العربية الأولى التي تترجم إلى العبرية واللاتينية والإنجليزية والفرنسية والألمانية والهولندية...
ونجد أثر "حي" واضحاً في أعمال الشعراء الميتافيزيقيين Metaphysical poets وهم أربعة شعراء إنجليز عاشوا في القرن السابع عشر وهم : جون دن وجورج هربوت وهنري فون وأندرو مارفل وتميز شعرهم بالمهارة الفنية والقوة الفكرية (وأحياناً بغموض الفكرة) والاعتماد على السخرية والتناقض الظاهري والطباق..
ومن أروع ما قيل من شعر ميتافيزيقي جاء على لسان جون دن في قصيدته المعروفة باسم (I am a little world made cunningly ) إنني كون صغير خلق ببراعة" ويقول عنها إنه إعتمد في فلسفتها على رواية أسبانية تسمى الناقد El Criticon وماهي إلا ترجمة لرواية حي بن يقظان مع تغيير إسم بطلها إلى أندرينيو وإدخال بعض التعديلات عليها.. فمحور الرواية الإسبانية يدور حول أندرينيو ابن الطبيعة الذي يولد في كهف مظلم حيث يأخذ وحش هناك على عاتقه إرضاعه والعناية به إلى أن يكبر وفجأة يفتح الكهف على أثر إعصار فيخرج البطل "الإسباني" إلى العالم الخارجي لأول مرة ويحاول أن يعبر عن إنطباعاته لدى رؤيته البحر والأرض وما عليها ... وهو في ذلك يقلد حي ولكنه تقليد مشوه...
يقول الشاعر الميتافيزيقي إنه استمد نزعة التطابق الكوني التي تسيطر على قصيدته من هذه الرواية وفكرة التطابق الكوني محصلتها النهائية هي أن الإنسان يستطيع أن يدرك في الكون كله علاقات قياسية ووجوه شبه مرتبطة كلها ببعض – ويقول إنه خرج بقصيدته من عالم التشبيهات الشعرية المألوفة إلى عالم أوسع هو الكون بأسره....
ويقول إن كل الصور التي يتناولها في شعره هي وليدة الحواس الخمس ... لذلك نجده يتبادل وموصوفاته المشاعر ويتحد بها فيشكو إليها وتشكو إليه ويخاطبها فتصغي إليه وتحسن جوابه وتحدثه عن غبطتها وأساها.. وهذا مرده إلى التأمل في مخلوقات الكون وهو الشعار الذي ظل يرفعه حي بن يقظان .. إننا نجد أن الموصوفات الطبيعية لدى الشعراء الميتافيزيقيين ترتقي سلم الكائنات ولا تبقى كائناً جامداً بل نجدها إنساناً متمتعاً بخصائص الإنسان جميعاً من تعقل ونطق ورهافة حس.. إنهم يقولون إنها معرفة لا تتم بالطرق التقليدية أي بالسمع والقراءة .. إنها وليدة الحواس الخمس....
وهذا ما أراده إبن طفيل حين جعل حي بن يقظان ينتقل من مرحلة لأخرى وهو يحسن عقله بالتجريب الذي لا ينقطع .. فلننظر ماذا يقول إبن طفيل يوم إكتشف حي النار:
....وكان من جملة ما ألقى فيها (أي النار) على سبيل الإختبار لقوتها شيء من أصناف الحيوانات، كان قد ألقاه البحر إلى ساحله، فلما أنضجت ذلك الحيوان وسطع قتاره تحركت شهوته إليه، فأكل منها شيئاً فاستطابه, فاعتاد بذلك أكل اللحم....
........خاتمة:
... عنوان هذا المقال استعرته من قصيدة للشاعر الفرنسي بودلير إسمها "الجمال" ولعله تشبيه غريب لأنه وضع المشبه والمشبه به وجمعهما بأداة تشبيه .. بالطبع لا يكون الحلم من حجر وإنما قصد الشاعر الجمال الذي لا يبكي أو يتألم ولا يضحك أو يفرح ... إنه جمال صامت عميق الصمت وهذا ما يزيده جمالا!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تأملات في جمال كحلم من حجر (Re: الزاكى عبد الحميد)
|
السلام والود عليك يا ايها الزاكى الزاهى
وأنا أهيم مكباً على قلبى بين جنبات هذه الدار ساقنى شذىً يعبق من العنوان، ومنيت الروح ببعض منه دلفت إلي هنا
فإذا بالحديقة كلها هنا، ملء حروفك تجلس لديك ومن لدنك تستعير طعمها ولونها وإسمها
شكرا بعدد حبات الطل الصبى الساكن هنا
وتقدير بلا حد على هذا النفح الجميل يا زاكى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تأملات في جمال كحلم من حجر (Re: الزاكى عبد الحميد)
|
أخي الكريم الزاكي عشاء البايتات ومقنع الكاشفات شكرا لك لاطلالتك الزاهية وامنياتنا وجودك الدائم على منصة المنبر العام لنستريح عند كلماتك عندما يؤرقنا تصفح السازج فيه لغياب الجدية من بعض الاعضاء فيه .
العنوان (تأملات في جمال كحلم من حجر) كما جاء في حديث الزميل المتداخل محطة للتامل والموضوع يدعو للتفكر في النفس مليا.
ومواصلة في نفس الموضوع اسمح لى ان اساهم بمقال عن تلك الاسطورة البشرية (حى) بعنوان «صيادو الذاكرة ـ في النقد التطبيقي» للروائية والناقدة المصرية الدكتورة رضوى عاشور الذي ضمنته دراسات عن ابن طفيل واميل حبيبي وادوارد سعيد ونجيب محفوظ وفؤاد حداد وأمل دنقل وشكسبير وكونراد وهيمنغواي ولوكاتش ورغم كثرة الدراسات التي كتبت عن حي بن يقظان لابن طفيل إلا أن رضوى عاشور تقدم في كتابها رؤية مختلفة فهي ترى أنها تتيح اختبار بعض المقولات النظرية الخاصة بالعلاقة بين الأدب والأيديولوجيا واستجلائها وذلك لأنها «ليست مجرد رسالة فلسفية ولا هي عمل أدبي خالص بالمعنى الدارج للتعيبر بل تبدو كأنها تقع على الحدود المشتركة بين الفلسفة والأدب. كما أنها تتميز بارتباطها بعدد من النصوص الشبيهة، منها ما تعيد كتابته، ومنها ما يعيد كتابتها. وتكشف المقارنة عن معنى أشكال التعبير ودلالاتها».
والدلالة الأيديولوجية التي تستخلصها عاشور هي صورة الانسان المنعزل في جزيرة مهجورة، فعزلة حي في الجزيرة ليست أمراً عشوائياً أو مصادفة، انما اختيار تمليه ضرورة أيديولوجية، ورسالة خاصة تقول ان الانسان قادر بمفرده على الوصول الى المعرفة بمختلف أنواعها، بما في ذلك المعرفة الصوفية، وإن الارشاد الديني ليس المصدر الوحيد للمعرفة الدينية بل يمكن لانسان متوحد ومنعزل أن يصل إلى جوهر هذه المعرفة عبر التأمل وهذا يعني أن الوجود الاجتماعي في منطق النص ليس شرطاً محدداً للمعارف الانسانية.
ولا تقدم عاشور «حياً» على أنه صورة رمزية للانسان، الكائن الاجتماعي الذي ينتج أفكاره ومعارفه في خضم انتاجه لحياته المادية وتاريخه اليومي، بل تقدمه على أنه صورة رمزية للعالم الفيلسوف المتصوف، كما تقدمه على أنه شخصية خارج نطاق التاريخ والرواية أي رواية، سواء اتسعت لتشمل نسيج مجتمع في حقبة تاريخية برمتها، أو ضاقت حتى تحددت في وعي شخصية واحدة تظل دائماً معنية بعلاقات اجتماعية في سياق تاريخي بعينه.
وتربط عاشور بين مالك الحزين لابراهيم أصلان وثلاثية نجيب محفوظ لأنها كرواية محفوظ نص مسكون بالتاريخ يعرض لمساحة ممتدة من واقع مصر المعاصر وينسج من عناصره نسجيته المختلفة وان اختلف أسلوب النسج. وتقول عاشور ان الذي يحكي في ثلاثية محفوظ صوت وان تدثر وتخفى وذاب في الموضوع حتى بدا أن ذات الحاكي غايته والحكاية تحكي نفسها ورغم ذلك فالصوت حاضر حضور اليد القابضة للمؤلف الذي يرى كل شيء ويرصده ويصفه ويحيط به ويحكم حركته، فيما يكون الصوت عند أصلان صوتاً وجلاً، خافتاً، يتأمل الأشياء التي يعرفها والتي لا يعرفها، لا يُسهب في الكلام الذي تقطعه مسافات الصمت، هو صوت مثقل وملجم ومتسائل يقدم على استحياء فيأتي كلامه مختصراً ومقتضباً ومقتصداً، يتجلى الصوت مرئياً ومحسوساً وهو الخافت الوجل، في حالة شعورية تحيط بالنص كالمطر الناعم على صفحة نهر في يوم غائم - مؤكدة أنه يغلف الوجود بحزن شفيف هو حزن مالك الحزين متأملاً حاله وحال زمانه.
أما مرآة محفوظ في ثلاثيته فتشير عاشور إلى انها تلك المرآة التي ذكرها سقراط في جمهورية أفلاطون تديرها من حولك فتجد الشمس والسماء والأرض ونفسك والحيوانات والنباتات وغيرها أيضاً منعكسة على صفحتها أما مرآة أصلان فتصفها بأنها أقرب للعدسة المحدبة التي تجمع على سطحها المحدود الضيق المتفرق من الأشعة، تتداخل الأزمنة مكثفة ومتكاثفة في خلق لحظة في الحاضر تتجمع فيها لحظات عديدة مضت.
وتعتبر عاشور أن كتاب الثقافة والامبريالية لادوارد سعيد امتداد لكتاب الاستشراق الذي أسس اتجاهاً نقدياً عرف باسم النقد ما بعد الكولونيالي. بالاضافة الى هذا فإن كتاب الثقافة والامبريالية يقدم سياقين آخرين، هما: سياق الكتابات الانجليزية في تعريف الثقافة ووظيفتها الاجتماعية وسياق النظرية النقدية وانجازاتها الحديثة في مجال الشكل الروائى.
والجمل الاعتراضية الكثيرة التي هي صفة أسلوبية في كتابة سعيد ترى عاشور أنها تكتسب دلالة خاصة اذ تعكس توزع سعيد بين قارئ أميركي وأوروبي من المفيد جداً أن تكون الرسالة الموجهة إليه : لست مركز الوجود إنه عالم واسع لا يبتدئ عندك، ولا ينتهي بك، وقارئ من أبناء العالم الثالث يدفع بسعيد الى الاستدراك المتكرر.
وترى المؤلفة أن تجربة القارئ الغربي من ناحية، وتجربة مواطن العالم الثالث من ناحية أخرى تجربة مزدوجة ومتضاربة ومتناقضة، ولذلك تأتي العبارة على ما هي عليه مرتبكة ومربكة. وتستغرب اختيار سعيد لمشروع أدونيس وجماعة مواقف كنموذج للمواجهة الثقافية في معركة التحديث مؤكدة ان مشروع التحديث مشروع تتكاتف في انجازه طاقات العديد من المثقفين العرب منهم من قدم ما استطاع ورحل ومنهم من يواصل الاجتهاد فيه، أما ما يطرحه أدونيس شعراً وممارسة فيثير السؤال ان كانت حداثته تحمل معها مفاتيح التحديث، ملمحة الى أن حديث الهوية عند سعيد يظل شائكاً وأصعب منه حديث العلاقة بين الموروث والوافد، في الوقت الذي تؤكد فيه أن سؤال الهوية يسقط فقط في عالم يسوده العدل. أما في عالمنا حيث تهيمن الامبريالية اقتصادياً وسياسياً كما هيمنت دائماً وتهيمن ثقافياً كما لم تهيمن من قبل وقد ملكت بمنجزات الثورة الإلكترونية مايسهل عليها مشروعها في اقامة القرية العالمية تحت جناحي النسر الأميركي، فان سؤال الهوية يطرح بالحاح أكبر.
وتجيب عاشور على سؤال: هل «سرايا بنت الغول» لإميل حبيبي سيرة ذاتية أم رواية سيرة أم جنس أدبي استولده الكاتب من السيرة والرواية والحكاية الشعبية بقولها ان «سرايا بنت الغول» على غير المتبع في السيرة الذاتية حيث يتطابق شخص المؤلف وشخص الراوي والشخصية المحورية في النص تقدم راوياً تسهل مطابقته مع المؤلف، ومروياً عنه علينا أن نكتشف علاقته بالراوي وكاتب النص، لافتة إلى أن الرواية تحفل بالصور ذات الدلالات الرمزية التي تتضافر مجتمعة - في توازيها وتقاطعها - في خلق مجاز دال. من هذه الصور البئر والسجن والنفق المغلق والكهف، تقابلها صور عين الماء والبحر والصخرة وجبل الكرمل، وصورة سرايا التي تنتظم وتجتمع فيها هذه المجموعة الثانية من الصور.
هل مات النقد الأدبي؟ وهل عفا عليه الزمن؟ في الفصل الثاني من كتابها تؤكد عاشور على أن الهجوم الموجه ضد النقد الأدبي على منهجه وأدواته الاجرائية، وفصل الأدب عن المجتمع والتاريخ والادعاء بموضوعية النقد بل تجاوزها الى المؤسسة الثقافية برمتها ومفهوم التراث الأدبي المعتمد شملت لائحة الاتهام الهامشية والنخبوية والتواطؤ مع السلطات الحاكمة، وهو تواطؤ دفع بالنقاد الى فصل الوظيفة الجمالية للأدب عن وظيفته الاجتماعية، واغفال سياقه التاريخي ومرتباته السياسية وأضيفت إلى هذه التهمة تهمة اغتصاب الناقد وظيفة القاضي والمشرع من المؤلف والجمهور والقيام بترسيخ الأمر الواقع، ودعم مواقع السلطة لافتة إلى أن الفترة التي شهدت الحركة المضادة للنقد الأدبي في نهاية الستينيات والسبعينيات شهدت كماً هائلاً من الكتابات النقدية تحت ضغط الحاجة الى إضفاء المشروعية على النشاط النقدي وتبرير وجوده. هل يموت النقد؟ سؤال مهم تجيب رضوى عليه بقولها إنه يتعين على النقد لكي يواصل مسيرته أن يتجاوز تحديد دوره في قراءة العلاقات الداخلية في النص الأدبي واغفال كل ما سواها، وان يوسع مداه ليشمل النظام الثقافي وهو نظام يملي انسحاب النخبة الى غيتوهات مغلقة وتبعية الجماهير لما يصنع لها من وعي وتتطلب هذه المهمة تمهيد الطريق لنقد ديمقراطي يحلل التشوهات ويصدر الحاجات المشروعة.
في الفصل الثالث من الكتاب، تحكي المؤلفة تجربتها مع الكتابة فتقول: «اكتب لأني أحب الكتابة، أقصد أنني أحبها بشكل يجعل السؤال «لماذا؟» يبدو غريباً وغير مفهوم»، وربما يبدو أكثر حميمية لأنها تجيب على سؤال «ترى، ما اسم الكروان بالانجليزية» بتقليبها في الذاكرة وقولها «لم نكن أطفالاً، فلم يجرؤ أي منا على قول ذلك الذي قاله نقوليوس الصغير لاستاذه، في كريت البعيدة، يوم سمع عصفوراً يغرد خارج قاعة الدرس «أرجوك يا أستاذ أسكت قليلاً دعنا نسمع العصفور».
أما The Essay on Man
It consists of four epistles, addressed to Lord Bolingbroke, and derived, to some extent, from some of Bolingbroke's own fragmentary philosophical writings, as well as from ideas expressed by the deistic third Earl of Shaftsbury
حيث جاء عنها ما يلي :
The Essay on Man is a philosophical poem, written, characteristically, in heroic couplets, and published between 1732 and 1734. Pope intended it as the centerpiece of a proposed system of ethics to be put forth in poetic form: it is in fact a fragment of a larger work which Pope planned but did not live to complete. It is an attempt to justify, as Milton had attempted to vindicate, the ways of God to Man, and a warning that man himself is not, as, in his pride, he seems to believe, the center of all things. Though not explicitly Christian, the Essay makes the implicit assumption that man is fallen and unregenerate, and that he must seek his own salvation.
The "Essay" consists of four epistles, addressed to Lord Bolingbroke, and derived, to some extent, from some of Bolingbroke's own fragmentary philosophical writings, as well as from ideas expressed by the deistic third Earl of Shaftsbury. Pope sets out to demonstrate that no matter how imperfect, complex, inscrutable, and disturbingly full of evil the Universe may appear to be, it does function in a rational fashion, according to natural laws; and is, in fact, considered as a whole, a perfect work of God. It appears imperfect to us only because our perceptions are limited by our feeble moral and intellectual capacity. His conclusion is that we must learn to accept our position in the Great Chain of Being--a "middle state," below that of the angels but above that of the beasts--in which we can, at least potentially, lead happy and virtuous lives.
Epistle I concerns itself with the nature of man and with his place in the universe; Epistle II, with man as an individual; Epistle III, with man in relation to human society, to the political and social hierarchies; and Epistle IV, with man's pursuit of happiness in this world. An Essay on Man was a controversial work in Pope's day, praised by some and criticized by others, primarily because it appeared to contemporary critics that its emphasis, in spite of its themes, was primarily poetic and not, strictly speaking, philosophical in any really coherent sense: Dr. Johnson, never one to mince words, and possessed, in any case, of views upon the subject which differed materially from those which Pope had set forth, noted dryly (in what is surely one of the most back-handed literary compliments of all time) that "Never were penury of knowledge and vulgarity of sentiment so happily disguised." It is a subtler work, however, than perhaps Johnson realized: G. Wilson Knight has made the perceptive comment that the poem is not a "static scheme" but a "living organism," (like Twickenham) and that it must be understood as such.
Considered as a whole, the Essay on Man is an affirmative poem of faith: life seems chaotic and patternless to man when he is in the midst of it, but is in fact a coherent portion of a divinely ordered plan. In Pope's world God exists, and he is benificent: his universe is an ordered place. The limited intellect of man can perceive only a tiny portion of this order, and can experience only partial truths, and hence must rely on hope, which leads to faith. Man must be cognizant of his rather insignificant position in the grand scheme of things: those things which he covets most -- riches, power, fame -- prove to be worthless in the greater context of which he is only dimly aware. In his place, it is man's duty to strive to be good, even if he is doomed, because of his inherent frailty, to fail in his attempt. Do you find Pope's argument convincing? In what ways can we relate the Essay on Man to works like Swift's Gulliver's Travels, Johnson's "The Vanity of Human Wishes," ?
(عدل بواسطة الطيب شيقوق on 05-09-2006, 12:55 PM)
| |
|
|
|
|
|
|
|