الإمبراطور هايلي سيلاسي و الإنقلابات

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-08-2024, 12:13 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2002م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-22-2003, 00:25 AM

Nimir


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الإمبراطور هايلي سيلاسي و الإنقلابات

    الإمبراطور هايلي سلاسي
    والانقلابات

    صديق الجمري أحمد

    عزيزي القارئ الكريم...

    إن ما ستقرأه هنا هو عبارة عن ذكريات حية في أذهان من عاشوها وقد سبق لهذه الذكريات أن صدرت في ((مجلة الحياة)) السودانية في عام 1968 تحت عنوان مختلف مع التحفظ على ذكر وقائع كانت قد تثير الحساسيات في ذلك الوقت ورأيت أن أذكر بعضها هنا وإغفال البعض الآخر ((على الأقل في الوقت الحالي)) لما تتسم به من حساسيات مفرطة.

    قبل أن أبدأ بسرد الوقائع أود أن أبعث من خلال هذه الذكريات بعاطر تحياتي وأطيب تمنياتي للأخوة من الأحياء الذين شاركوني معاناة تلك الأيام الحرجة وأسال الله الرحمة والمغفرة لمن انتقلوا إلى جوار ربهم وأخص بالذكر المرحوم السفير/جمال محمد أحمد الذي أبدى شجاعة وجسارة لا حدود لهما من خلال حرصه على الخروج في أحرج الظروف المحفوفة بالأخطار بحثا عن زملاء لنا لا نعرف مصيرهم أو لكي نتسقط الأخبار بحثا عن الحقائق.

    لكي أدخل في الموضوع مباشرة أبدأ بيوم 30 من شهر نوفمبر من عام 1960 الذي كان يوما صحوا جميلا وكنت ترى كبار رجالات الدولة الأثيوبيين ورؤساء البعثات الدبلوماسية يهرعون إلى مطار أديس في عرباتهم الفارهة وملابسهم الرسمية لوداع جلالة إمبراطور أثيوبيا الذي سيقوم بزيارة رسمية إلى كل من غانا وليبريا ثم البرازيل.

    انتهت مراسيم الوداع بالمطار والكل يدعو لجلالته سفرا سعيدا وعودا حميدا. مرت الأيام والأحوال هادئة. نهار هادئ يغريك بلبس القميص من غير ربطة عنق لولا الالتزام بمظهر يحتمه عليك الوسط الاجتماعي الذي تعيش فيه، مرت الأيام هادئة حتى أتى ذلك اليوم الذي لن تنساه العاصمة الأثيوبية ما بقى الدهر إذ أنه سيخلد في سجل تاريخها.

    الثلاثاء 3/12/1960:
    كانت الساعة السابعة صباحا عندما حضر إلى منزلي الأخ حسن أحمد النعيم – ضابط لاسلكي سفارة السودان بأديس ابابا – في ذلك الحين – وقد رأيت علامات الحيرة ترتسم على وجهه الطيب الباسم دائما. فاستوضحته الأمر فقال أنه يشعر أن هنالك تحركات غير طبيعية بالمدينة لتواجد قوة من الجنود حول بنك الدولة الأثيوبي وجنود شاكي السلاح هنا وهناك في " البيازا " أي الميدان العام حيث تتواجد أكبر المتاجر والشركات.

    لم أرتح لهذه الأنباء إلا أني لم أشأ أن ابدي عدم الارتياح هذا للأخ حسن الذي قدم حديثا إلى أديس ابابا فقلت له ربما كان ذلك أن بعض اللصوص سطو على البنك ليلة البارحة – عاد حسن إلى فندقه الذي لا يبعد كثيرا عن منزلي أو البنك وبعد أن خرج أسرعت في ارتداء ملابسي ويخالجني شعور خفي – لا لسبب معين – أننا مقبلون على أمر جلل.

    عند مروري بالبنك هالني ما ضرب عليه من حصار وقد لفت نظري أن الجنود الذين يكونون قوة الحصار هم من جنود الحرس الإمبراطوري كما لفت نظري أن عدداً غير عادي منهم شاكي السلاح يمرون في الشوارع الرئيسية – هدوء شامل وهمس يدور بين أفراد مجموعات صغيرة لا يتعدى عدد أفرادها أكثر من شخصين أو ثلاثة لا تكاد تقترب منهم حتى يولونك ظهورهم متفرقين أو تظاهروا بعدم معرفة ما يجري – قوم هذه طباعهم، غموض وحذر وتشكك.

    رأيت الذهاب إلى السفارة، وصلتها في حوالي الثامنة ولم أقم إلا ربع ساعة أو نحوها حتى حضر العم عبدالسيد غردون الموظف بحكومة السودان سابقا والذي يعمل لإحدى شركات المراجعة بأديس ابابا في ذلك الوقت، كان حال العم عبدالسيد لا يحسد عليه، وجه شاحب وأطراف ترتعش – بادرته بالتحية وسألته ما خطبه فقال لي أنه يعتقد أن هنالك انقلاب إلا أنه لا يدري لصالح من فقلت له ولا أدري أنا أيضا لكن حتى هذا يجب إلا يفقدنا أعصابنا فقال أنه فعلا مضطرب ولديه أسبابه وهي أنه إذا ما نشب صدام مسلح فهو لا يدري أين يجد الحماية ومنزله بعيد عن دار السفارة، فطمأنته بأنه في إمكانه أن يعتبر نفسه ضيفا على السفارة من هذه اللحظة حتى تنجلي الأمور، وبينما نحن نتحادث قدم السيد جمال محمد أحمد، رحمه الله رحمة واسعة، سفير السودان لدى أثيوبيا آنذاك. وبعد أن أفضيت إليه بما عندي أكد للعم عبدالسيد أنه هنا في أمن وأمان ويمكنه أن يعتبر نفسه في منزله من هذه اللحظة – عاد للعم عبدالسيد هدؤه وصفاء ذهنه ثم خرج ووعد بالعودة إذا رأى أن ذلك ضروريا.

    رأى السيد جمال أن نخرج بحثا عن الحقيقة وفضل أن نخرج في سيارتي حتى لا يلفت منظر سيارته الرسمية إلينا الأنظار.

    بدأنا بالبنك ووجدناه كما تركته، جنود بلبس الميدان لا يردون على أي تساؤل منك إلا بإشارة من بندقيته الصغيرة سريعة الطلقات أن أذهب من هنا سريعا، وكذلك بدار الإذاعة ومكتب البريد والبرق ومحطة السكة الحديد – حول جميع هذه الأماكن يتكرر نفس المشهد تجمعات صغيرة قوام كل منها شخصان أو ثلاثة يدور بينهم همس والقلق مرتسم على الوجوه لا تكاد تقترب منهم حتى ينقطع الهمس ويحل الجمود على الوجوه – كثيرا ما كنت أعرف الجماعة أو بعضهم أو تربطني ببعضهم صداقات نميتها طيلة الخمس عشرا عاما التي أقمتها بأثيوبيا حتى ذلك الحين وبعضهم تخرج من المدرسة على يدي عندما كنت أعمل معلماً للغة الإنجليزية بوزارة المعارف الأثيوبية لمدة ست سنوات – كلا الصلتين لم تشفعا لي في ذلك اليوم لأن الأمر لم ينجلي بعد و التكهن ليس من طبع الأثيوبي , كما أنه لا يتعجل الأمور، يزن كل كلمة يقولها لأنه يعلم جيدا أنها محسوبة عليه، لا يثق بالغرباء عامة والأجانب خاصة – أذكر أنني عندما اقتربت من صديقين بالقرب من محطة السكة الحديد بادرني أحدهما بتحية الصباح خاطفة وتعجل الحديث قائلا "بحيث إني أعلم جيدا يا صديقي العزيز أنك تبحث عن الحقيقة شأنك شأننا ولكن كل ما أعلمه هو أن هؤلاء – وأشار إلى الجنود الذين يحاصرون المحطة – هم جنود الحرس الإمبراطوري وأما داخل أسوار المحطة حيث لن تستطيع رؤيتهم "يقال"، هنا ضغط على كملة "يقال" يرابض جنود الجيش"" – كنا نتحدث بالتقرينجة وهي لغة مقاطعتي إرتريا والتقراي ولما حاولت أن أتحدث بالأمهرية لأشرك معنا الصديق الآخر وهو من قبيلة الأمهرة أسرع الأول قائلا "لا حرج عليك" أترك مجاملة هذا لي وتولى أنت أمر مجاملة ابن عمه الذي تركته بسيارتك ظناً منه أن السيد جمال أثيوبيا من قبيلة الأمهرة كما سبق لكثيرين غيره أن وقعوا في نفس الخطأ"" – عندما أبنت له الحقيقة لم يزد على أن سحب الصديق الآخر من يده واستدار من غير أن يودعني وهكذا تخلص مني ببساطة.

    ... يتبع








                  

03-25-2003, 08:28 PM

Nimir


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الحلقة الثانية (Re: Nimir)

    تركنا محطة السكة الحديد إلى المطار حيث وجدنا طائرة مصرية محتجزة كانت بمحض الصدفة في طريقها من مقديشيو إلى القاهرة ونزلت بمطار أديس ابابا ليلة الانقلاب للتزود بالوقود – ممنوع نزول الطائرات أو مبارحتها المطار – جنود الحرس الإمبراطوري في كل مكان من المطار وهم مسلحون ببنادق صغيرة سريعة الطلقات وقد لاحظت أن بعضهم كان يقوم على حراسة أربعة أو خمسة شبان من درجة مدير عام وزارة أو مساعد وزير وجميعهم في ملابس الخاكي لزوم الرحلات، علمت فيما بعد أن سبب إلقاء القبض عليهم هو أنهم وجدوا وهم يحاولون الهروب من أديس ابابا.

    هنا في المطار وجدنا رأس الخيط، أكثر من قابلنا بالمطار كانوا من الأجانب، فافترقنا على أن نلتقي.

    السيد محمد أبوزيد، السكرتير بسفارة الجمهورية العربية، قال لي أنها محاولة انقلاب قام بها الحرس الإمبراطوري إلا أن المحاولة فشلت "كأني به تكهن" لم يعجبني ما قال وإلا فما معنى أن أفراد الحرس الإمبراطوري لا زالوا يخفرون المرافق العامة وبعض من رأيت من كبار الموظفين – ذهبت أبحث عن أوثق المصادر.

    قال ورد اسمث – البريطاني الجنسية والزميل السابق عندما كنت في خدمة الطرق العامة الأثيوبية – إن الانقلاب قام به الحرس الإمبراطوري بقيادة الجنرال "منقستو نواى" وأنه ناجح حتى هذه اللحظة، قلت أين الجيش؟ قال أن الجيش بمعسكره ولم يحدد موقفه بعد، أضاف أيضا أن السفارة البريطانية أبدت استعدادها لإيواء جميع رعاياها حتى ينجلي الموقف واقترحت عليهم إحضار ما لديهم من خيام الرحلات الخلوية لنصبها في فناء السفارة مساعدة منهم في حل أزمة إسكان أفراد الجالية، أما من يرى أنه في مأمن حيث هو فعليه أن يلزم منزله وأن يتصل تلفونيا بالسفارة كل نصف ساعة للوقوف على آخر تطورات الموقف.

    لم أشك في صحة ما تطوع لي به "اسمث" من معلومات لأنه لم يكذبني القول طيلة عامين عملناهما معا كما وأن قرائن الأحوال تدل على صحتها.

    كانت الساعة قد بلغت التاسعة والنصف صباحا وقد بقى من ميعاد الاتصال اللاسلكي بين الوزارة والسفارة نصف ساعة لذا ذهبت أبحث عن السيد جمال الذي وجدته يبحث عني أيضا، في طريق عودتنا إلى السفارة سرني أنني لم أضع وقتي هباء إذ وجدت أن ما لدي من معلومات تتفق وما لديه بإضافة أن الجنرال منقستو نواى هو قائد الانقلاب يعينه في ذلك الجنرال "صقي دبو" مدير عام البوليس والكولونيل "وركنى قبيو" مدير الاستخبارات العامة ثم "قرمامي نواى" شقيق الجنرال منقستو الأصغر وخريج جامعات أمريكا الذي عرف بميوله الشيوعية المتطرفة مما حدا برؤسائه إبعاده خارج العاصمة مفتشا لججقا وهو مركز على حدود الصومال ولم تشفع له مكانة شقيقه السامية بالقصر مما يدل على عظم تهمة الشيوعية بأثيوبيا في ذلك الوقت.

    كون هؤلاء الثلاثة و 23 من ضباط الحرس الإمبراطوري وبعض كبار ضباط البوليس والاستخبارات "مجلس الثورة" تتساءل عن قوات الجيش وجنرالاته وعلى رأسهم الجنرال "مرئيد منقشا" وعن موقفهم فتجيبك أوثق المصادر بأنهم معتصمون بمعسكر الفيلق الأول وموقفهم غير واضح حتى تلك الساعة. تتساءل عن وزراء جلالة الإمبراطور وكبار رجالات الدولة فتعلم أن اثنان وخمسون منهم احتجزهم مجلس الثورة كرهائن برئاسة الحرس الإمبراطوري نذكر منهم:

    (1) الأمير اسفاوسن – ولي العهد.
    (2) الأمير راس امرو هايلى سلاسي – ابن عم جلالة الإمبراطور وسفيره السابق بالولايات المتحدة ثم الهند.
    (3) الفيلد مارشال الأمير راس سيوم – حاكم مقاطعة التقراي وحفيد الملك يوحنا الذي قتلته قوات الخليفة عبدالله بعد هزيمته في موقعة المتمة الأثيوبية.
    (4) الجنرال الراس "راس لقب عظيم بعد أمير" اببى ارقاى – وزير الدفاع وقائد حرب العصابات المشهور الذي اقض مضجع القوات الإيطالية إبان احتلالها لإثيوبيا ما بين عام 1936 و 1941.
    (5) الراهب اباهنا – أمين الخاصة الإمبراطورية و راسبوتين أثيوبيا كما يحلو للمثقفين الأثيوبيين تسميته لما اشتهر به من فجور تحت ستار الرداء الكهنوتي.
    (6) الراس بتودد "بتودد – المحبوب" اندارقي مساى – زوج كبرى بنات الإمبراطور ووزير الداخلية.

    سنأتي على ذكر بعض البقية في مناسبات أخرى ولننتقل الآن إلى بقية أحداث اليوم الأول للانقلاب.

    في العاشرة من ذلك الصباح كان كل ما تجمع لدينا من معلومات لدى وزارة الخارجية بالخرطوم التي أبدت اهتمامها البالغ لمجريات الأحدث في الدولة الجارة الصديقة في غياب عاهلها وصدرت لنا التعليمات بإحالة كل جديد إلى الخرطوم حيث خصص جهاز لاستلام رسائلنا في أي وقت من الثامنة صباحا حتى العاشرة مساء يوميا وحتى صدور تعليمات أخرى.

    أصدر السيد جمال تعليماته بأن يجند كل موظف بالسفارة نفسه للحصول على ما يمكن من معلومات وانقلبت السفارة إلى خلية نحل – الكل يعمل في غير ما تردد.


    تاريخ حيلة قادة الانقلاب

    لأعطي القارئ الكريم فكرة عن قادة هذه الثورة أرى لزاما عليّ أن ألقي الضوء قليلا على تاريخ حياة كل منهم.

    الجنرال منقستو نواى

    في حوالي الثامنة والأربعين من عمره – من قبيلة الأمهرة بمقاطعة بقمدر وسمين وعاصمتها قندر – كان والده قسيسا إلا أن منقستو لم يشأ أن يسير على منهج أبيه لذلك اتجه إلى المدارس النظامية حتى وصل إلى مرحلة الدراسة الثانوية ثم اتجه إلى الجندية فدخل المدرسة الحربية وكان من خريجيها.

    نزح إلى شرق أفريقيا ثم السودان إبان الاحتلال الإيطالي وهو يجيد العربية والسواحلية والإنجليزية.

    عاد إلى خدمة الجيش بعد أن استردت أثيوبيا حريتها في أعقاب الحرب العالمية الثانية وكان ضمن القوات التي حاربت حرب الخلاص من الإيطاليين.

    انتخب للخدمة بالحرس الإمبراطوري وتدرج في رتبه بسرعة حتى أسندت إليه قيادته للثقة التي يخصه بها جلالة الإمبراطور إذ كان من أقرب من التفوا حوله إلى قلبه وتجدر الإشارة هنا إلى أن جلالته كثيرا ما أعانه ماديا وأدبيا وكدليل للود الذي كان يخصه به فقد قيل أن جلالته قد تكرم و زاره أكثر من مرة السرادق الذي كان يعد لإقامة حفلات زواجه ليبدي بعض الملاحظات وليطمئن بنفسه على سلامة وحسن إخراج زواج قائد حرسه وأخلص خلصائه وعلى الصورة التي يريدها له وقد كان هذا شرف عظيم لم يسبق أن أسبغه على أي من أولئك الذين يلتفون حول جلالته.

    الجنرال صقي دبو

    في حوالي الخمسين من عمره وهو من قبيلة (المنز) إحدى فروع قبائل الأمهرا التابعة لمقاطعة شوا وعاصمتها أديس ابابا – لم يتعد تعليمه المرحلة الابتدائية لذا فهو لا يتلكم إلا الأمهرية والقاله إلا أنه يتمتع بذكاء خارق وبنشاط جم.

    عمل ضابطا بالجيش لفترة طويلة ثم عين مديرا عاما للبوليس لما عرف به في ذلك الوقت من إخلاص للقصر – كان له نصيب وافر في حرب الغوريلا ضد الإيطاليين إبان احتلالهم لإثيوبيا.

    العقيد وركنى قيبو

    في حوالي الأربعين من عمره وهو أيضا كالجنرال منقستو من الأمهرا الذين يسكنون مقاطعة بقمدر وسمين تدرج في جميع مراحل تعليمه حتى نهاية الثانوي بالمدارس الأثيوبية ثم التحق بكلية البوليس من حيث تخرج برتبة الملازم ثان وتدرج سريعا حتى آلت إليه رئاسة إدارة الأمن الداخلي والخارجي. وهو أيضا كصديقه الجنرال منقستو له مكانة في قلب جلالة الإمبراطور رشحته لشغل هذا المنصب الرفيع الحساس، يتمتع بعقلية وقادة، كان يعمل في صمت من غير ضوضاء، رجاله ينبثون في كل مكان يجمعون له الغث والثمين ليشرف على تقييمه بنفسه مما أكسبه احترام كثير من رجالات الدولة بل أن حظوته لدى الإمبراطور وإمكانية مقابلته لجلالته في أي وقت يشاء لمناقشة ما يرفعه له من تقارير عن أمن الدولة وتصرفات بعض رجالاتها جعل هذا البعض يفكر كثيرا عند ذكر وركنى.

    اتو (السيد) قرمامى نواى

    شقيق الجنرال منقستو نواى الأصغر في حوالي الخامسة والثلاثين من عمره، تلقى تعليمه حتى نال الشهادة الثانوية بأثيوبيا ثم أرسل في بعثة دراسية إلى الولايات المتحدة حيث تخرج في جامعاتها , تقلب في عدة مناصب بأديس ابابا إلا أنه نقل أخيرا إلى ججقا على الحدود الأثيوبية – الصومالية ليعمل مفتشا لها، كان الغرض من نقله هو إبعاده عن العاصمة، منشأ الحوار الفكري والسياسي في أوساط المثقفين الأثيوبيين، و وأد دعوته الواضحة للشيوعية التي يقال أنه خطط على أسسها طريقة الحكم (المقبل) لإثيوبيا وذلك في كتاب لم يقدر له أن يرى النور ولا يعلم أحد مصير نسخته الخطية بعد موته.

    إن المعلومات التي تجمعت لدينا من هنا وهناك في ذلك اليوم تفيد بأن الانقلاب أساسا خطط له الجنرال منقستو وشقيقه قرمامى والعقيد وركنيه قبيو أما الجنرال صقى فلم يظهر في المسرح إلا ليلة الانقلاب إذ دعاه منقستو إلى رئاسة الحرس الإمبراطوري حيث شرح له الموقف ولما أبدى الجنرال صقى اعتراضه على الفكرة جرده منقستو من مسدسه وأمر باعتقاله وعندما أشرقت شمس صباح يوم 3/12/1960 كان صقى من أكثر المتحمسين للانقلاب واحتل مكانا مرموقا في "مجلس الثورة".

    كيف اعتقل ولي العهد والأمير الراس امرو؟

    كان ولي العهد يتناول عشاءه مع الإمبراطورة بالقصر من حيث أخذه منقستو إلى رئاسة الحرس الإمبراطوري معتقلا من غير ما جلبة – أما الأمير الراس امرو فقد طلب إليه الحضور إلى رئاسة الحرس لمقابلة ولي العهد ولما وصل صحبه إلى حيث كان ينتظر ولي العهد وفي طريقهما إليه تساءل الراس امرو عما يجري فأخبره منقستو أن كل شئ على ما يرام وأن الجيش والحرس الإمبراطوري والطيران والبوليس أطاحوا بالحكم القائم ولما سأله عمن يتزعم هذا الانقلاب أفاده بأن الزعامة لمجلس الثورة – طلب امرو مقابلة مجلس الثورة إلا أن منقستو أفاده بأن ذلك غير مسموح به – هنا تبدت شجاعة امرو في الرأي الذي عرف به وقال لمنقستو أنهم بعملهم الطائش هذا سيجعلون من أثيوبيا أضحوكة العالم وكنغو أخرى – هنا فقط علم أنه مقبوض عليه – لما كان امرو يتمتع بسمعة طيبة واحتراما كبيرا من جميع الطبقات لما عرف عنه من اعتدال في تصرفاته وأمانة في عمله وخلقه عومل معاملة كريمة لم يبرح ولي العهد ولازمه طيلة أيام الأزمة في إخلاص وتفاني.

    كيف اعتقل الوزراء وكبار رجال الدولة؟

    استدرج تلفونيا جميع من اعتقلوا بدعوى أن الإمبراطورة مريضة وعند وصول كل منهم كان يجرد من سلاحه ويلقى عليه القبض ووضع جميعهم في إحدى قاعات رئاسة الحرس الإمبراطوري الفسيحة بالطابق الأرضي أما ولي العهد والرأس امرو فقد كانا بالطابق الثاني.


    بيان ولي العهد في ظهر نفس اليوم (3/12/1960) سمع سكان العاصمة والأقاليم من إذاعة أديس ابابا بيانا بالأمهرية بصوت ولي العهد وترجمته الإنجليزية يدعو فيه إلى مساندة الثورة – ولم يكن أحد يعلم أن سموه أجبر على إذاعة ذلك البيان إلا من قاموا بالتهديد بتعريض حياته وربما حياة بقية أفراد العائلة الإمبراطورية للخطر، بدليل أنه عندما طلبت الإمبراطورة إلى أصغر أبنائها، الأمير الراحل سهل سلاسي، إرسال برقية لاسلكية إلى والده عن طريق جهاز إرساله الخاص يفيده بما يجري، رفض سموه قائلا أنه لن يخرج عن ما أختطه شقيقه، ظنا منه أن لشقيقه في هذا الانقلاب يد، خاصة بعد أن تضمن البيان تنصيب شقيقه إمبراطورا والأمير الراس امرو رئيسا للوزراء.

    أخيرا اقتنع الأمير الراحل سهل سلاسي وأذاع البرقية التي التقطتها محطة لاسلكي خاصة في بريطانيا وبعثت بصورة منها إلى السفارة الأثيوبية بلندن ثم إلى الصحافة البريطانية.

    ... يتبع
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de