يا بورداب الدين شي والفلسفة شي آخــر

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-13-2024, 03:19 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2002م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-21-2003, 10:23 AM

alsngaq
<aalsngaq
تاريخ التسجيل: 04-27-2002
مجموع المشاركات: 2389

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
يا بورداب الدين شي والفلسفة شي آخــر



    في هذا الجو المائج بالمعاني الغامضة، ليس عجبا أن يختلط على الناس شي بشي آخر. خاصة وإننا نرى الآن بين صفوة المثقفين من يحسب الفلسفة دينا ومن يحسب الدين فلسفة. جميعنا يعلم إن حياتنا مليئة بأزماتها و إحباطاتها المؤلمة. ولكن ذلك لا يعنى أبدا أن يختلط الأمر وتعج الحياة باسم الفكر تحت هذا الخلط. كثيرا ما كنت أجد في مقولة الأستاذ الدكتور زكى نجيب محمود أن الدين شي والفلسفة شي، بعد فلسفي آخر لسنا بحاجة للخوض فيه، كون ما قاله بدأ لي من المسلمات. ويبدو اننى كنت واهما نفسي خاصة وان هنالك أذهان أخذت عهدا على نفسها أن تعيش حياتها في هذا الخلط. عندما تبنى الدكتور هذا المنهج الفلسفي كان ما دفعه إليه الخلط لدى البعض الذين يعتبرهم من المتعصبين جدا ودفاعا منه عن العلم طرح منهجه هذا. ولكن عندما تعج الحياة بمثل هذا الخلط خاصة وسط المثقفين يصبح للمنهج هذا رؤى أخرى.
    اخوانى
    يبدو واضحا جدا أن هنالك خلط بين الفلسفة والدين. ويقيني إنها إحدى الكوارث التي أصابت مثقفينا وفصلتهم عن جمهور الناس. اعزائى لا جرم في أن يتبنى الفيلسوف مبدأ معين من عنده ويقيم له بناءه الخاص. ولا ضير في أن يأتي فيلسوف آخر ويبنى بناءه على مبدأ من عنده. وهكذا حتى تتعدد البناءات الفلسفية بتعدد أصحابها. وهذا منحى جيد لفهم المنهج الفلسفي وتطبيقه، ولا اعتقد أن هنالك اختلافا عليه وخاصة انه يتيح الحريات المنشودة لدى الجميع. ولكن يجب أن ندرك أن هذا المنهج يقتصر على مجال العلم فقط. لاسيما و نحن امة مسلمة لديها ثوابتها العقائدية التي لا تحتمل الخلط الفكري، ويجب أن نعي تماما انه منهج فكرى لا يراد به ولا يعقل أن يراد به الانطباق على مجال الدين، أو اى مجال آخر غير مجال العلم وحده. إننا في اشد الحاجة لضبط الألفاظ وتحديد المفاهيم لتجنب الخلط والإساءة لمفاهيم عقائدية بسبب جهلنا وقصور فهمنا تجاه الفوارق والاختلافات المنطقية بين الفكر الديني والفكر الفلسفي.

    .




    اعزائى

    إن الأمر بالنسبة للدين مختلف تماما، وذلك كون البناء الديني قائم على وحي منزل، وليس من حق احد آخر أن يبنى دينا على شي آخر من عنده هو، اللهم إلا إذا كان خارجا عن هذا الدين وعندئذ لا يحسب له حساب. وكما أسلفنا مهما تعددت البناءات الفلسفية وأصحابها، يظل البناء الديني واحد لوحدانية الموحي والمحى إليه، وهذا وحده يجعل من الإسلام تحديدا بناءا واحدا عند المؤمنين جميعا. إن الفرق بين الفلسفة والدين جد كبير ومتعدد الجوانب. ابتداء من المصدر، إن الدين مصدره الوحي‘ يوحي إلى النبي أو الرسول. بينما الفلسفة هي رؤى قائمة على طرح مصدره إنسان من البشر. تلك الرؤى قد تكون صادقة ونافعة، أو قد تكون باطلة لا تنفع أحدا. هنالك اختلاف آخر في الطريقة التي يتلقى بها المتلقي ، ففي الدين تجده إما يؤمن أو لا يؤمن. بينما في الفلسفة الأمر يختلف، وذلك لان القبول والرفض أو التعديل مرهون بمراجعة الاستدلالات المنطقية التي ينتقل بها الفيلسوف من جزء إلى آخر، وكذلك هو مرتبط بقدرة ما يقدمه الفيلسوف من تفسير لما نراه في الكون. و هنالك أيضا اختلاف وظيفي، فالدين عبارة عن منظومة من العقائد والشرائع، العبادات والمبادي، تكون حياتنا الدنيا‘ وتمهد لحياة الآخرة والحساب. وإذا أرسلت هذه المنظومة جذورها في حياتنا سنكون قد اكتسبنا أهم الركائز الايجابية في مجتمعنا. أم الفلسفة فهي تختلف عن هذا كل الاختلاف، لأنها تبدأ فعلها بعد أن يكون المجتمع قد أقام مقوماته تلك ليحيا في إطارها.بتناغم وتناسق تام

    ولنا عودة

    .





    لقد فرغ كأسي فمن
    يملأ كأس أحلامي








                  

01-21-2003, 12:44 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48856

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا بورداب الدين شي والفلسفة شي آخــر (Re: alsngaq)

    عزيزي السنجك

    سلامي واحترامي

    هل الدين نقل أم عقل؟؟

    معروف أن الفلسفة هي بنت العقل..

    التعبير الذي أجده مناسبا ليس هو قول الدكتور بأن الدين شئ والفلسفة شئ آخر، وإنما أن الدين يبدأ بالتصديق والإيمان أولا ثم يغطي منطقة الفكر ويتجاوزها إلى أعلى.

    الإسلام قول باللسان وعمل بالجوارح في العبادة والمعاملة حسب ما جاء منقولا
    يلي الإسلام الإيمان وهو قول باللسان وتصديق بالجنان وعمل بالجوارح

    النقل في الدين يقتصر على نقل المناسك والعبادات كما عرفت عن النبي عليه السلام.

    فليس لأحد أن يتساءل عن الحكمة في عدد الصلوات أو يقول لماذا المغرب ثلاث ركعات، أو لماذا الصيام بالطريقة التي بينها النبي. العبادات تؤخذ كما جاءت بالنقل عن النبي
    "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله"

    في النهايات يعجز العقل عن إدراك معاني الدين..
    وقد أوجز ذلك النبي في قوله:

    "ليلة عرج بي انتسخ بصري في بصيرتي فرأيت الله"

    إذن الرؤية لم تكن بالعين التي هي من أدوات العقل ولم تكن بالبصيرة وحدها وهي العقل، وإنما امتزج البصر في البصيرة ..

    الموضوع جميل ولكن الوقت لا يسمح لي الآن في الاستطراد
    وسأعود

    ولك شكري على افتتاح مواضيع ممتازة
                  

01-22-2003, 08:27 AM

alsngaq
<aalsngaq
تاريخ التسجيل: 04-27-2002
مجموع المشاركات: 2389

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا بورداب الدين شي والفلسفة شي آخــر (Re: alsngaq)

    الأستاذ ياسر الشريف تحياتي
    اذن نحن نتفق فى ماهية الفلسفة من حيث انها بنت العقل. وهذا نقطة جيدة جدا، سابدا حديثى من قولك
    Quote: فى النهايات يعجز العقل عن ادراك معانى الدين



    وبما اننا اتفقنا مسبقا علىان العقل على لايعجز عن ادراك معانى الفلسفة بينما يعجز عن ادراك معانى الدين. وذلك نسبة لاختلاف المصدر واختلاف المصدر وحده يكفى كفرق بين الفلسفة والدين،ناهيك عن الفارق الوظيفى فقد يجتمعا فيه بطريقة ما. ما اريده الآن ان تتأمل معى هذا المثال: قارن أخي ياسر بين رجل يحب فتاة ما ويكرر عبارة الحب هذه مرارا، وبين مفكر يتناول حالة هذا العاشق ويتعقبها الى نشأتها كيف تكون. تجد الفرق بين الرجلين هو كالفرق بين عابد ومؤمن يحيا حياته الدينية. وفيلسوف يتأمل مقومات تلك الحياة ليخرج مضامنها المضمرة فى ثناياها. واعتقد ان الفرق هنا بات واضحا، وبتالى يقودنا الى محصلة قولك
    Quote: فى النهايات يعجز العقل عن ادراك معانى الدين


    وارى فيه تأكيد لما ذهب اليه الدكتور فى المثال السابق حيث ان قولك ينطبق على الرجل الاول الذى يعيش كعابد ومؤمن فى حياته الدينية. بينما لاينطبق على الفيلسوف الذى يتأمل مقومات تلك الحياة ليخرج مضامينها و خفاياها
    اخى الدكتور ياسر لا اريد ان اشعب الموضوع ولكن دعنا نفق عند هذه النقطة ونتأمل هذا المثال جيدا مرة أخرى

    ولى عودة



    .






    شبيك ابوى لبيك
    نحن اولادك ديك

                  

01-22-2003, 08:52 AM

قرشـــو
<aقرشـــو
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 11385

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا بورداب الدين شي والفلسفة شي آخــر (Re: alsngaq)


    أخى الكريم السنجك

    لعلنا نتحدث عن الدين الاسلامى والفلسفة وان كان كذلك فقد سبقت الفلسفة اليونانية الرسالة المحمدية بقرون وجعلت لها قواعد واسس ثابتة حتى ان فلاسفة الاسلام لم يستطيعوا الخروج من عباءة الفلسفة اليونانية وان علمنا ان تلك قامت على عدم الاعتراف بالدين وعلى الطبيعة فان العقل بالنسبة لهم هو سيد الموقف حيث لا الاه وهنا تأتى مفارقات الفهم وكما اشار الدكتور ياسر الى مسألة النقل والعقل ففى الدين هنالك اشياء يمنع الاقتراب منها وتفحصها بالعقل كبعض الايات التى تتحدث عن الذات الالهية والغيبيات مثل الملائكة والجن والشياطين وللاسف لقد ضل بعض المتفلسفين وذلك حديث آخر ولكن عموما اوافقك ان الفلسفة لا تبحث فى الدين ولكن هنالك علماء دين بحثوا فى الفلسفة وحاولوا ان يجدوا لهم موطأ قدم او للدين موطأ قدم فى الفلسفة وذلك اخى يحتاج الى عقول خاصة على ما اعتقد وليس متاحا للعامة ..
    عموما ارى ان الدين لا يحتاج الى فلسفة اخى الكريم فهو واضح جدا
    وبين
    واوافقك القول ان الدين غير الفلسفة تماما والمزج بينهما قد يكون مضرا لعامة الناس ..

    مع تحياتى

                  

01-22-2003, 10:55 AM

alsngaq
<aalsngaq
تاريخ التسجيل: 04-27-2002
مجموع المشاركات: 2389

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا بورداب الدين شي والفلسفة شي آخــر (Re: قرشـــو)



    Quote:
    ولكن عموما اوافقك ان الفلسفة لا تبحث فى الدين ولكن هنالك علماء دين بحثوا فى الفلسفة وحاولوا ان يجدوا لهم موطأ قدم او للدين موطأ قدم فى الفلسفة وذلك اخى يحتاج الى عقول خاصة على ما اعتقد وليس متاحا للعامة ..
    عموما ارى ان الدين لا يحتاج الى فلسفة اخى الكريم فهو واضح جدا
    وبين
    واوافقك القول ان الدين غير الفلسفة تماما والمزج بينهما قد يكون مضرا لعامة الناس ..


    الأخ قرشو تحياتي هذا ما رميت إليه واسأل الله أن يوفق الجميع إليه

    لك شكري وتقديري
    .






    لقد فرق كأسي
    فمن يملأ كأس أحلامي

                  

01-22-2003, 01:21 PM

مهيرة
<aمهيرة
تاريخ التسجيل: 04-28-2002
مجموع المشاركات: 952

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا بورداب الدين شي والفلسفة شي آخــر (Re: alsngaq)

    الاخ السنجك
    تحياتى
    فتح الله عليك
    هذه هى الحقيقة الضائعة- الدين شىء والفلسفة شىء-
    ولكن هذا لا يعنى ان الدين يمنع الفلسفة او يحجر على الفكر او حتى الكتابة عن الاديان تمجيدا او تحقيرا
    ولكن الخطأان تكتب فلسفة وتدعى انها دين او تجديد للدين،وهو فى الحقيقة تبديد للدين-لأنه يهدم اساسيات الدين
    كل المطلوب هو:-
    سموا الاشياء باسمائها
    ولا تكتبوا فى التاريخ وتسموه تدبير منزلى مثلا
    فالكتابة عن الاديان ليست ممنوعة،والا لم نجد هذا الكم الهائل من التفاسير وكتب الحديث والفقه والتوحيد والصوفية والمذاهب المختلفة
    فقط سموا الاشياء باسمائها
                  

01-22-2003, 09:35 AM

Alsawi

تاريخ التسجيل: 08-06-2002
مجموع المشاركات: 845

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا بورداب الدين شي والفلسفة شي آخــر (Re: alsngaq)

    تحليل جيد يا سنجك، احييك

    الغريبة كان عندي دايما شعور، وانا قرأت وحاورت المرحوم د. زكي نجيب محمود، أنه يقصد بشكل ما أن الدين ظاهرة غير عقلانية. وكان رأيي دائما ان الإيمان بالغيب قد يكون مبنيا على منهج عقلي غير مبني على القياسات الحسية المتعارف عليها في البحث العلمي، وما يترتب على ذلك من عبادات كما ذكر د. ياسر، كلها أشياء ليس مكانها القياس الحسي، ولكن للعقل مكان في تأمل أبعادها ومراميها الخ.ه

    أما الدين عموما، فهو لا ينفصل عن العقل أبدا. فأحكام الدين تحتاج الى فهم وتأويل وتفسير، والى تفاصيل تسمح بتطبيقها على أرض الواقع المتغير والمتباين، وهذا هو الفقه. ان مالكا والشافعي وأحمد وأبا حنيفة شرعوالناس وفقا لأفهامهم هم لأحكام الدين ونظرتهم لأحوال الناس وما تقتضيه من أحكام فقهية، ومن ذلك ما اشتهر عن فقه الشافعي الذي جدده في مصر، ويجوز لنا أن نطلق على هذه الأفهام، أنها في الواقع رؤية عقلية مبنية على فلسفة الفقيه، وهي بالتأكيد ليست بناء عقليا مجردا كبقية الفلسفات الدنيوية، ولكنها في الآخر فهم بشري أُسس على دراسة عقلية لمقتضيات الشرع. ففلسفة أبي حنيفة، ان جاز لي القول، قامت على مبدأ التيسير والأخذ بالأمور الواقعية التي لا تتعسف المصلحة من أجل إتباع حرفية النص، وهكذا

    خلاصة رأيي ان الدين لا يقوم بالنص وحده، وانما بفهمنا نحن لذلك النص، وفهمنا هذا انما هو أمر من أمور العقل. وإعمال العقل هنا له معايير وقيود، حتى لا يخرج علينا كل من شاء بما شاء مدعيا أن هذا هو فهمه الشخصي للنص، فالمقياس هو المصلحة المرسلة، والمصلحة يقررهااجماع الأمة. ه

    ونسأل الله أن يهدينا الى سبيل الرشاد، وان يرزقنا البصيرة، فانها لا تعمى الأبصار كما نعلم، بل البصيرة، أي العقل. ه
                  

01-22-2003, 09:45 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48856

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا بورداب الدين شي والفلسفة شي آخــر (Re: alsngaq)

    أرجو أن أساهم بفقرات من كتاب، أسئلة وأجوبة الجزء الأول للأستاذ محمود. وقد كان إهداء الكتاب هكذا
    "إلى كل كريم مؤمن بكرامة الفكر"
    وأرجو أن تكون مفيدة في هذا البوست.


    بسـم الله الرحمن الرحيم
    (يأيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لم فرقاناًً، و يكفر عنكم سيئاتكم ، و يغفر لكم ، و الله ذو الفضل العظيم )
    صدق الله العظيم


    مقـــدمة:
    ليس هذا الكتاب كأحد الكتب التي ألفها الناس عنا ، من حيث وحدة الموضوع . . ذلك بأنه يتألف من أجوبة على أسئلة ، جاءت أشتاتاً ، من فضلاء يتفتحون على العرفان، و يهتمون بقضايا الفكر المعاصر . . ولقد إحتفلت بأسئلتهم هذه ، و كان ذلك مني حرصاً على كرامة الفكر ، في بلد لم يظفر الفكر فيه ، إلى الآن ، بكبير كرامة . . و مع ذلك ، فإن حرصي على تكريم الفكر إنما يستمد أسبابه من إقتناع تام، بأن ليل الجهل قد أخذ ينجاب ، و أن نور الفكر قد أخذ ينشر أجنحته المشرقة على هذه الأرض الحزينة ، و من ورائها ، على هذا الكوكب الحائر . .
     سـر الحياة . .
    قديماً هام الناس بسر الحياة الأعظم . . هاموا بسر القدرة ، و بسر الخلود . . فجد الفلاسفة وراء ما أسموه بحجر الفلاسفة ، و بحث الكيماويون عما أسموه إكسير الحياة . . و حلم القصاصون بخاتم المنى، و بالفانوس السحري. . و لم يظفر أي من هؤلاء بشئ مما كانوا يبتغون.
    قل لهؤلاء جميعاً ، و لغير هؤلاء ، من سائر الناس، إن سر الحياة الأعظم ـ إن إكسير الحياة ـ هو الفكر . . الفكر الحر . . الفكر القوي، الدقيق ، الذي يملك القدرة على أن يفلق الشعرة ، و يملك القدرة على أن يميز بين فلقتيها. . و هذا الفكر إنما هو ثمرة العقل المسدد ، المروض، المؤدب بأدب الحق ، و أدب الحقيقة . . .

     الإسلام و القرآن وسيلة . .
    و إنما ، من أجل رياضة العقول على أدب الحق، و أدب الحقيقة ، حتى تقوى على دقة التفكير ، جاء الإسلام ، وأنزل القرآن ، و شرعت الشريعة . . فأنت ، إذا سئلت عن الإسلام ، فقل لهم: أنه منهاج حياة، وفقه تراض العقول لتقوى على دقة التفكير . . والله تبارك و تعالى، يقول في ذلك : (و أنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ، و لعلهم يتفكرون) . . قوله ، تعالى : (و أنزلنا إليك الذكر ) يعني القرآن، المحتوي على الحقيقة ، كلها، و علىالشريعة، كلها ـ الحقيقة التي هي أعلى من مستواك، و الحقيقة التي في مستواك ، و الحقيقة التي في مستوى أمتك . . و على الشريعة التي هي في مستواك، و الشريعة التي في مستوى أمتك ـ قوله ، تعالى : "لتبين للناس ما نزل إليهم" يعني لتفصل لهم الشريعة التي يحتاجون، و طرفاً من الحقيقة التي يطيقونها، مما يزيد في فهمهم، و إحترامهم للشريعة . . قوله، تعالى : "و" من قوله تعالى "و لعلهم يتفكرون" يعني مرهم أن يعملوا بالشريعة ، بعقول مفتوحة ، و قلوب حاضرة . . قوله تعالى "لعلهم يتفكرون" هو المعلول، وراء كل العلل، والمطلوب، وراء كل المطالب ، و المقصود، وراء كل المقاصد . . يتفكرون في ماذا ؟ في السموات و الأرض؟ لا ! ! ليس فحسب ! ! فإنما هذا تفكيرمقصود لغيره . . مقصود بالحوالة ! ! و أما التفكير المقصود بالأصالة فهو تفكيرهم في أنفسهم . . قال تعالى: "و في الأرض آيات للموقنين * و في أنفسكم ! ! أفلا تبصرون؟".

     رياضة العقول . .
    و الآية التي صدرنا بها هذه المقدمة إنما جاءت بسبيل من رياضة العقول، حتى تقوى على دقة الفكر ،و حريته . . "يايها الذين آمنوا" الذين إستقبلوا الدين بالعقيدة، ولم يستيقنوه بالفكر ، فيصبحوا "مسلمين" . . "إن تتقوا الله" يعني أن تعملوا بالشريعة ، فتأتمروا بالأمر،و تنتهوا عند النهي . . "يجعل لكم فرقاناً" ، يعني نوراً في عقولكم، به تفرقون بين الحق و الباطل . . يعني يجعل لكم مقدرة في عقولكم ،و بفضل التقوى ، بها تقوون على التفكير الدقيق، و التمييز السليم، بين ما يليق وما لا يليق. . بين الحلال و الحرام . . "الحرام ما حاك في نفسك ، و خشيت أن يطلع عليه الناس" . . و التقوى "شجرة" و الفرقان "ثمرة" ، وبقدر ما تدق التقوى يدق الفرقان، و يقوى . . فالتقوى تبدأ من صورتها الغليظة ،ثم تسير نحو الدقة . . وكذلك الفرقان، يبدأ من بداية بسيطة ، و ضعيفة ، ثم يسير نحو الدقة ، و القوة ، تبعاً لسيرالتقوى . . وصورة التقوى ، والفرقان ، و مسيرتهما نحو الدقة، من الغلظة، يحكيها، أحسن حكاية، الحديث الشريف: "الحلال بين ، و الحرام بين، وبينهما أمورمشتبهات، لا يعلمهن كثير من الناس، فمن إتقى الشبهات ، فقد إستبرأ لدينه ، و لعرضه . . " . . فكأن التقوى ، في بدايتها، لا تحتاج إلى شدة دقة .. ثم يبدأ السير، من الطرفين الغليظين ،نحو الوسط ـ نحو منطقة الأمور المشتبهات ـ وهي منطقة فيها تبدأ الحاجة إلى قوة فكرية ، زائدة ، بها يقع التمييز بين الحلال و الحرام . . و فيها أيضاً تبدأ الحاجة إلى قوة في الإرادة ، زائدة ، بها تقوم القدرة على فعل ما هو به مأمور ، وترك ما هو عنه منهي . . و تصبح التقوى ، ههنا ، علماً و عملاً بمقتضى العلم . . أو قل ، تصبح قوة على التمييز ، و مقدرة على التنفيذ، حسب ما يمليه التمييز . .

    (عدل بواسطة Yasir Elsharif on 01-22-2003, 09:46 AM)
    (عدل بواسطة Yasir Elsharif on 01-22-2003, 09:48 AM)

                  

01-22-2003, 11:18 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48856

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا بورداب الدين شي والفلسفة شي آخــر (Re: alsngaq)

    يا عزيزي السنجك

    الدين ضرورة اليوم.. ولكن حتى يكون مقنعا يجب أن نكون قادرين على أن نخاطب به أصحاب العقول في عصر العلم..

    أهديك مقدمة كتاب الإسلام مساهمة في إنجاح هذا البوست ولك شكري وتقديري
    ياسر
    ============
    مقتطفات من مقدمة كتاب الإسلام للأستاذ محمود وقد صدرت طبعته الأولى في عام 1960


    بسم الله الرحمن الرحيم



    ((اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا))




    صدق الله العظيم



    مقدمة
    تعالوا إلى كلمة سواء



    إن الاضطراب الذي نشاهده في عالم اليوم يرجع إلى أسباب كثيرة ، ترجع جميعها إلى سبب أساسي واحد ، هو مدى التخلف بين تقدم العلم التجريبي ، وتخلف الأخلاق البشرية.
    إن العلم التجريبي الحديث قد رد مظاهر المادة المختلفة ، التي تزخر بها العوالم جميعها ، إلى أصل واحد ، فإذا لم ترتفع قواعد الأخلاق البشرية إلى هذا المستوى فترد جميعها إلى أصل واحد ، فإن التواؤم بين البيئة الطبيعية ، وبين الحياة البشرية ، سيظل ناقصا ، وسيبقى الاضطراب الحاضر مهددا الحياة الإنسانية على هذا الكوكب بالعجز ، والقصور ، في أول الأمر ، ثم بالفناء والدثور ، في آخر الأمر..


    العلم المادي التجريبي



    أما عن العلم التجريبي فاستمع إلى العالم العربي الكبير الدكتور أحمد زكي يحدثك في كتابه : مع الله في السماء تحت عنوان (( لو انفرط هذا الكون)) فيقول:-
    ( ثم نعود إلى الكون ، إن هذه عناصر الأرض ، وهذه مركباتها ، وهى كل شئ فيها ، وقد بناها بانيها من لبنات ثلاث: إلكترونات فبروتونات فنيترونات.
    وتحدثنا عن الكواكب السيارة ، فقلنا أن عناصرها من عناصر الأرض..
    وتحدثنا عن النجوم ، فقلنا أن عناصرها من عناصر الأرض ، تستوي في ذلك نجوم في مجرتنا هذه ، دنيانا ، سكة التبانة ، ونجوم في مجرات نركب إليها الضوء فلا نبلغها إلا بعد مئات الملايين من السنين..
    الكون أجمع إذن يتألف من عناصر هي بعض هذه التسعين.
    الكون أجمع إذن يتألف من تلك اللبنات الثلاث..
    فلو أننا أمرنا الأرض أن ينفرط عقدها : أمرنا أجسام الإنسان أن تنفرط ، وأجسام الحيوان ، وأجسام النبات ، وأجسام الصخر بهذه الأرض ، والصخور بهذه الكواكب ، وأمرنا كل غاز الشمس أن ينفرط ، وأن تنفرط غازات النجوم جميعها ، ما قرب منها وما بعد ، واختصارا أن ينفرط كل شئ في الوجود ، لنتج عن انفراطه كومات هائلة ثلاث من : إلكترونات- وبروتونات- ونيوترونات ، فهل في معاني الوحدة أبلغ من هذا المعنى؟ ونقول ثلاث لبنات ، وهل هي حقا ثلاث ؟ وفي الوقت الذي ترد فيه المادة إلى ثلاث لبنات ، يرد العلماء (( القوى)) إلى أصل واحد: الضوء ، الحرارة ، الأشعة السينية ، الأشعة اللاسلكية ، الأشعة الجيمية ، وكل إشعاع في الدنيا ، كلها صور متعددة لقوة واحدة ، تلك القوة المغناطيسية الكهربائية ، إنها جميعا تسير بسرعة واحدة ، وما اختلافها إلا اختلاف موجة.
    المادة ثلاث لبنات ، والقوى موجات متآصلات ..
    ويأتي أينشتين ، وفي نظريته النسبية الخاصة ، يكافئ بين المادة والقوى..
    ويقول: أن المادة ، والقوى ، شئ سواء ، وتخرج التجارب تصدق دعواه ، وخرجت تجربة أخيرة صدقت دعواه بأعلى صوت سمعته الدنيا: ذلك انفلاق الذرة في القنبلة اليورنيومية..
    المادة والقوى ، إذن ، شئ سواء.
    فماذا بقي من أشياء هذا الكون ؟
    بقيت الجاذبية ، ذلك الرباط الذي يربط الكون أجمع ، وبقي المكان SPACE ، وبقي الزمان ، ويحاول أينشتين أن يوحد بينها ، أن يربط بينها ،
    وهو في نظريته ، نظرية النسبية العامة ، يربط بين الزمان والمكان ، فيجعل منهما شيئاً متواصلاً ، غير متفاصل وفي نظريته الجديدة ، نظرية الحقل الواحد UNITED FIELD THEORY يهدف أينشتين إلى أن يثبت أن القوى المغناطيسية الكهربائية ، تلك التي تتمثل في الضوء والحرارة وصور الإشعاع عامة ، هي وقوى الجاذبية شئ سواء.
    وأقول السواء وما أعني به السوية. ولكني أعني أنهما في الأصول في أعماق الحقيقة الطبيعية ، متواصلان ، قال أينشتين: (( إن روح العالم النظري لا تحتمل أن يكون في الوجود الواحد شكلان للقوى لا يلتقيان ، شكل للجاذبية القياسية ، وشكل للمغناطيسية الكهربائية)).
    وهكذا يتحلل المركب ، ويتبسط المعقد ، وتتشاكل الحقائق التي تتستر وراء الظواهر المختلفة ، وتتشابه ، وتجتمع كلها لتصب في مجرى واحد ، تلك الوحدة العظمى التي تجري في الكون أجمع ، ولكن ، هل قضى الإنسان من ذلك وطرا ؟
    إن الإنسان ما زال يتساءل : وما وراء كل هذا ؟
    إن الإنسان إن كان وجد جوابا لبعض (( كيف)) تساءل عنه ، فهو ما زال يتساءل (( لماذا)) وهو يسأل في شئ من الهلع الفكري ، والتقديس الديني ، قال أينشتين: (( إن أعظم جائشة من جائشات النفس وأجملها تلك التي تستشعرها النفس عند الوقوف في روعة أمام هذا الخفاء الكوني ، والإظلام ، إن الذي لا تجيش نفسه لهذا ولا تتحرك عاطفته ، حي كميت ، إنه خفاء لا نستطيع أن نشق حجبه ، وإظلام لا نستطيع أن نطلع فجره ، ومع هذا نحن ندرك أن وراءه شيئا هو الحكمة ، أحكم ما تكون ، ونحس أن وراءه شيئا هو الجمال ، أجمل ما يكون ، وهي حكمة ، وهو جمال ، لا تستطيع أن تدركهما عقولنا القاصرة ، إلا في صور لهما بدائية أولية ، وهذا الإدراك للحكمة ، وهذا الإحساس بالجمال ، في روعة ، هو جوهر التعبد عند الخلائق)). ويقول أينشتين ، وهو أعلم علماء الأرض في الكون وظواهره ، وأحقهم بالكفر ، إن كان علم يدعو إلى كفر ، وأولاهم باتباع ما اعتاد بعض علماء الغرب ومقلدوهم من أهل الشرق ، من إغفالهم ذكر الله ، يقول أينشتين: (( إن الشعور الديني الذي يستشعره الباحث في الكون ، هو أقوى حافز على البحث العلمي ، وأنبل حافز)) وهو يقول: (( إن ديني هو إعجابي ، في تواضع ، بتلك الروح السامية التي لا حد لها ، تلك التي تتراءى في التفاصيل الصغيرة القليلة التي تستطيع إدراكها عقولنا الضعيفة العاجزة ، وهو إيماني العاطفي العميق بوجود قدرة عاقلة ، مهيمنة ، تتراءى حيثما نظرنا في هذا الكون المعجز للأفهام ، إن هذا الإيمان يؤلف عندي معنى الله )) !!) انتهى حديث الدكتور العالم أحمد زكي.


    الفيزيقيا وسيلة إلى الميتافيزيقيا



    فأنتم ترون ، من هذا الحديث ، كيف رد العلم التجريبي الظواهر المختلفة إلى أصل واحد ، وكيف حمل هذا العلم أكبر علمائنا المعاصرين - أينشتين - ليقول هذه الكلمة الخالدة ، التي أوردناها في آخر ما اقتبسناه من كتاب الدكتور أحمد زكي ، فكأن العلم التجريبي لا يريد أن يكتفي بأن يظهر لنا وحدة العالم المحسوس ، وإنما يذهب إلى أبعد من ذلك ، فيرينا كيف أن العالم المحسوس ، إذا أحسن استقصاؤه ، يسوقنا إلى عتبة عالم وراءه ، غير محسوس ، ويتركنا هناك وقوفا ، في خشوع ، وإجلال ، نلتمس وسائل ، غير وسائل العلم التجريبي المادي ، بها نهتدي في مجاهيل الوادي المقدس ، الذي يقع وراء عالم المادة. أقرأوا ، مرة ثانية ، الكلمة الخالدة التي حمل العلم التجريبي المادي الحديث أكبر علمائنا المعاصرين على قولها!! وأقرأوا ، بشكل خاص ، قوله فيها (( وهو إيماني العاطفي ، العميق ، بوجود قدرة عاقلة ، مهيمنة ، تتراءى حيثما نظرنا ، في هذا الكون المعجز للأفهام))!!
    إن العالم المادي إنما هو بمثابة الظلال للعالم الروحي ، أو قل بتعبير أدق ، أن المادة روح ، في حالة من الاهتزاز تتأثر بها حواسنا ، وأن الروح مادة ، في حالة من الاهتزاز لا تتأثر بها حواسنا ، فالاختلاف ، على ذلك ، بين عالم المادة ، وعالم الروح هو اختلاف مقدار وليس اختلاف نوع ، وهذا يفتح الباب على الوحدة.. وحدة جميع العوالم.
    وحين ينتهي بنا العلم التجريبي المادي إلى رد جميع ظواهر الكون المادي إلى وحدة هي (( الطاقة)) ، يبرز لنا من جديد ، وبصورة خلابة ، العلم التجريبي الروحي ، ليتولى قيادنا في شعاب الوادي المقدس ، الذي يقع وراء المادة ، ونستطيع ، بمواصلة البحث والاستقصاء ، في العلم التجريبي الروحي ، أن نرى هل يمكن أن ترد ظواهر الأخلاق البشرية إلى أصل واحد ، كما ردت ظواهر الكون المادي إلى أصل واحد ، ويتم بذلك الاتساق ، والتلاؤم ، بين سلوك البشر ، وبين البيئة المادية التي يعيشون فيها ، فينتهي بذلك القلق الحاضر ، ويعم الأرض السلام؟؟



    الدين والعلم توأمان


    والعلم التجريبي الروحي ليس جديدا ، وإنما هو قديم قدم العلم المادي ، وبحق ، إنهما توأمان ، ولدا في وقت واحد ، ودرجا معا ، وظلا يتعاونان في مدارج النمو ، فإن الإنسان الأول عندما وقف على رجليه ، لأول مرة ، أمام قوى الكون المادي الهائلة امتلأ قلبه بالخوف ، والتقديس ، فأما القوى التي أخافته هونا ما ، واستطاع مناجزتها فقد هدته إلى العلم التجريبي المادي ، وأما القوى التي استرهبته ، واستغرقته خشيتها ، فقد تزلف إليها ، وتملقها ، وهدته بذلك إلى العلم التجريبي الروحي. ونحن نسمي هذين التوأمين اليوم ، العلم ، والدين ، وقد قفز العلم قفزة واسعة جدا في العصر الحديث ، وتخلف الدين ، وبذلك حدث الاختلال في التوازن ، وظهر الاضطراب ، والقلق الذي أشرنا إليه ، في صدر هذه الكلمة ، وليس إلى إعادة التوازن من سبيل ، إلا إذا قفز الدين هذه القفزة الجريئة نفسها ، فرد قواعد الأخلاق البشرية إلى أصلها الأصيل ، على نفس النحو ، وبنفس القدر ، الذي به ردت مظاهر الكون المادي إلى أصلها الأصيل ..


    الفهم الذري للدين يجعله يناسب عصر الذرة


    ..

    نعم فالعلم التجريبي الروحي - الدين - ليس جديدا ولكنه سيعود جديدا ، لأن عصر الذرة يتطلب فهما ذريا للدين - أعني فهماً دقيقاً ، يصل إلى نواة الدين ، ويفجر تلك النواة تفجيراً يسمع له دوي أعتى من دوي تفجير النواة المادية ، ولقد ساير الدين طفولة البشرية في سحيق الآماد ، وأحسن مسايرتها ، وكان بها رفيقا ، شفيقا ، يمد لها في الأوهام ، والأباطيل ، التي كانت تكتنف تفكيرها ، ريثما ينقلها ، على مكث ، وفي أناة ، من وهم غليظ ، إلى وهم أدق ، ومن باطل غليظ إلى باطل أدق ، وهكذا ، دواليك ، حتى قطعت الإنسانية عهد الطفولة ، ووقفت اليوم ، في طور المراهقة ، تستشرف إلى عهد الرجولة ، والاكتمال. وأصبح على الدين دور جديد ، هو أن يقفز بالإنسانية عبر هذا الطور القلق الحائر المضطرب - طور المراهقة - ليدخل بها عهد الرجولة ، والاكتمال. ولما كان الفرق بين الطفل والرجل كبيرا شاسعا ، فالرجل يتحمل مسئولية عمله ، بينما الطفل يطلب الحماية من تلك المسئولية ، فقد أصبح على الدين ، منذ اليوم ، ألا ينبني على الغموض ، وألا يفرض الإذعان ، على نحو ما كان يفعل في عهود طفولة العقل البشري.. وإنما يجب عليه أن يقدم منهاجا متكاملا للحياة ، يخاطب العقل ، ويحترمه ، ويحاول إقناعه بجدوى ممارسة ذلك المنهاج في الحياة اليومية ، في كل مضطربها .

                  

01-22-2003, 01:36 PM

alsngaq
<aalsngaq
تاريخ التسجيل: 04-27-2002
مجموع المشاركات: 2389

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا بورداب الدين شي والفلسفة شي آخــر (Re: alsngaq)




    الأخوان الصاوي و الأستاذ ياسر تحياتي

    أولا أود أن اشكر الأخ ياسر على هذا الإهداء الذي متعني كثيرا جدا للأستاذ محمود محمد طه. واتفق معك تماماكون إن الدين ضرورة ويجب أن نخاطب به أهل العقول في عصر العلم. نحن نعيش في بحر أخي ياسر مائج بكلمات والمعاني الغامضة نريد اسس للعامة. نستمدها من مفكرينا حتى تحمينا من أعداء الفكر يا أستاذي ياسر. ولكن السؤال ما هي هذه الأسس؟؟ يجب أن نولدها حتى نفك هذا العقم الثقافي الذي رزئنا به في حياتنا الثقافية سيننا عددا، وحتى أصبحنا في تلك الحياة وكأننا نبحر في عماء تام لا نعرف له نهاية.

    اخى الصاوى
    Quote: أما الدين عموما، فهو لا ينفصل عن العقل أبدا. فأحكام الدين تحتاج الى فهم وتأويل وتفسير، والى تفاصيل تسمح بتطبيقها على أرض الواقع المتغير والمتباين، وهذا هو الفقه


    نحن نتفق تماما في ما ذهبت إليه أخي الصاوي، بأن أحكام الدين تحتاج إلى فهم وتأويل وتفسير الخ . وهذا ما لا ينطبق على الفلسفة كفكر إذ ليس مشروطا على الفيلسوف أن يكون بنائه الفكري مطابقا للواقع. وهذا ما جعل البعض من أهل الدين بأن يعتقدوا إن هذا القول ينفى أيضا أن تكون العقيدة الدينية في اله موجود محقة فيما ذهبت إليه!!. وهذا ما يصطدم به رجل الدين الفيلسوف، واعتقد إن ضحايا هذا الخلط كثيرين. وخاصة وأنهم كانوا واسعو الأفق، من حيث إدراكهم لكون أن الظاهرة المعينة لا تكشف عن طبيعتها، و لا عن علاقتها ببقية الظواهر، إلا بعد أن تجي الظاهرة ذاتها. ففلسفة العلم لابد أن يسبقها وجود العلم نفسه وكذلك فلسفة الإسلام لابد أن تجي بعد ظهور الإسلام نفسه. لذا ليس شرطا أو إلزاما على رجل الدين عندما تطأ قدمه بحر الفلسفة أن يأتي حديثه مطابقا للواقع. ولكن حتى يعوا العامة هذا على رجل الدين أن يكون حزرا فيما يذهب إليه في شرحه واستدلالاته حتى لا يصطادوه أعداء الفكر والعلم.وفى اعتقادي إن هذا الخلط الذي ملأ عقولنا وقلوبنا وحرمنا من متعة العلم، مرده حياتنا الثقافية وما بها من خلل واضح وضباب كثيف.
    .






    لقد فرق كأسي
    فمن يملأ كأس أحلامي

                  

01-22-2003, 02:03 PM

ابوبكر الصوفي

تاريخ التسجيل: 11-18-2002
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا بورداب الدين شي والفلسفة شي آخــر (Re: alsngaq)

    اخوتي الكرام
    الموضوع جد غزير وفعلا محك نقاش لذا اقترح عليكم الحديث عن شخصيةالحلاج الذي اعتبر فيلسوفا متصوفا وكان يقول كلاما غريبا ظاهره الشرك وباطنه قمة الايمان فمثلا في اسواق البصرة علي مااظن انه قال لي في الارض ما ليس لله في السماء فكفره البعض وحكم عليه البعض بالجلد ، لذا ارجو التطرق لهذه الظاهره التي تربط الدين بالفلسفة
    ولكم التحية
                  

01-24-2003, 02:44 PM

alsngaq
<aalsngaq
تاريخ التسجيل: 04-27-2002
مجموع المشاركات: 2389

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا بورداب الدين شي والفلسفة شي آخــر (Re: alsngaq)


    الاخت المناضلة مهيرة لك التحية
    لن تضيع الحقيقة. ما دمنا نؤمن بلغة العقل والحوار. بعد ظهور الاسلام كان لابد من ظهور فلسفته. ونحن لم نمنع الفلسفة. بل اتفق معك تماما فهى علم مشروع. ولكن نريد ان نضبط الالفاظ فى ظل هذا البحر المائج بالمعانى. ونريد من رجل الدين عندما تطأ قدمه بحر الفلسفة ان يدرك مثل هذه الاختلافات حتى لا يختلط الحابل بالنابل لدى العامة من الناس.




    لقد فرغ كأسي فمن
    يملأ كأس احلامي
                  

01-24-2003, 09:29 PM

Munir
<aMunir
تاريخ التسجيل: 02-11-2002
مجموع المشاركات: 10496

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا بورداب الدين شي والفلسفة شي آخــر (Re: alsngaq)

    الاخ السنجك،
    الموضوع عميق ــ واظن ان اولي خطوات الابحار فيه تبدأ بالتعريف ـ ماذا تعني الفلسفة وماذا يعني الدين ؟؟ ـ واظن ايضآ اني اخالفك الرآي باعتقادي انهما كلمتان تقود احداهما الي الاخري ــ
    وفلاسفة الاسلام ــ وهم علماؤه ـ كان لهم الفضل في ترسيخ التدين بالقدوة الحسنة ( للعوام ) وبالحجة الدامغة ( لغلاة الفلاسفة)ــ
    امر الاعتقاد اذا لم يدعم بالحجة العقلية سيكون قشرة تنخلع امام ابسط سؤال مفاجئ في امر يبدو تقليديآ بديهيآ ــ
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de