أثاثات اتحاد الغناء الشعبي في الدلالة.. والرئيس مطلوب القبض عليه

دار انيقة الطلاء.. تشرب جدرانها بنداوة الاعراق واحتسى نضارة الجذور.. كانت الدار ثملى بالوجد المبدع.. ناضجة بالروعة والألق المعطاء.. ضمخت الليل الواجد بالاشذاء.. اصداف غناء وسناء واضواء.. لكنها الان تعاني الخواء.. يموت الغناء في حناجر ابنائها.. وتعيش انهياراً يؤرخ للمأساة..

بدأت الفجيعة حينما ابرقت سحائب الهموم.. وتناثر العقد الفريد... البعض هرول لاتحاد الغناء الحديث يطلب حق اللجوء والانتماء.. البعض انسلخ من جلد التراث والبعض اوغل في صمت مميت والبعض اثر البقاء شاهداً على الخراب.

كمال ترباس.. اول من انسلخ والقائد حسين شندي والسكرتير الأمين البنا بدلا جلد التراث بالغناء الحديث.. وتنازلا تنازلاً مخلاً ومخجلاً عن منصبي الضابط الأول والثاني.. من اجل عيون عضوية اتحاد الغناء الحديث عبر بوابة الانتساب.. وقيقم استطاب المقام في حضن النظام.. وسبقه عثمان اليمني.. اما الرئيس الجديد عوض الكريم عبد الله فهو جالس على كرسي الرئاسة لسد الفراغ كوجود معنوي وحسب دون اضافات او صلاحيات.. او حتى امكانات توهله لقيادة الكيان.. وبقية الاعضاء «قاعدون» على ارصفة الانتظار «اليوم ما اظن يجي» خاصة بعد ان توقف طلب الناس لفناني الغناء الشعبي لاحياء المناسبات الخاصة والعامة.. فتوقف نبض الدعم من شرايين الخزينة التي بنت العناكب في خوائها خيوطها القميئة..

تراكمت الديون على اتحاد الغناء الشعبي ولم تعد الوعود قادرة على تسكين اوجاع الموظفين.. خاصة السكرتير الذي ينجز عقودات الحفلات.. وعندما تجاوزت ديونه اكثر من خمسة ملايين اختار القضاء فأنصفه.. وان جرس الدلالة على اثاث الدار العتيقة..

صراخ واستنجاد الأمين العام الاستاذ عبد الله يوسف.. صادرته الرياح واحتفت به المنابر الصماء - لم يعد في المدينة معتصم آخر.. ولا مروءة..

الذين التزموا بحل المشكلة عبر التسوية نكثوا عهدهم... وقطعوا حبل الرجاء بالاتصال وهرولة الأمين العام بين مكتب وزير الثقافة ووزير الدولة.. ورعاية المبدعين كان سعياً وراء حلم مستحيل.. الوزير يحوله إلى وزير الدولة.. والأخير يرسله إلى صندوق رعاية المبدعين.. وهكذا المفتاح عند النجار والنجار عامل زعلان.. وبيت هنا وهناك... وهنالك.. لا ماء يتفجر ولا حلم يلوح في الافق ولا زمزمة إلا للأسى والحزن.

ثلاجة... تلفزيون ملون.. كراسي مختلفة.. طاولات.. ترابيز وخزن وحتى «الدرابزين» المعمول كسياج لحديقة داخل الدار.. تم بيعها في ا لمزاد المعلن.. ولم ينجُ سوى البناء والارض التي تحمله عبئاً.

الدار يا صحابي.. ما ادراكم عن حالها.. يزامن قدرها ايقاع البكاء.. ونزف الجراح.. وتوصد ابوابها في كهف عذاباتها العميقة.. تجتر ذكرياتها.. وتود لو تصرخ.. ان يمد له معتصم يداه.. ولا معتصم يصيخ أذنه!!

لقد رحل حسين شندي... والأمين البنا ورحل الاثاث الذي تبرع به الارباب صلاح ادريس.. وصارت الدارعنواناً للخواء والخراب.

دعونا نجدد الصرخة وندعو كل المؤسسات الفنية والثقافية والافراد.. لدعم الدار المنكوبة ونخص بالنداء وزير الثقافة.. انه لا يستقيم ابداً ان تستعد الخرطوم لتكون عاصمة للثقافة العربية.. وهي تفقد بطاقة الهوية السودانية المتمثلة في الغناء الشعبي.. ونخص بالنداء نائب رئيس الجمهورية ووزراء الشؤون الثقافية والاجتماعية بكل ولايات السودان.. لرفع الغبن عن دار الغناء الشعبي..

كما نخص الاخ صلاح ادريس بالنداء ان يشمل برعايته داراً هي في ابسط ابسط معانيها تحفظ تاريخ وتراث امة.

ملحوظة أكثر حزناً:

- كل الاثاثات التي تم بيعها على رنين جرس الدلالة لم تف قيمتها بسداد المديونية.. وقد حرر امر بالقبض على رئيس الاتحاد لسداد ما تبقى.. وهو ما يقارب نصف المليون جنيه..

http://www.mushahid.net/faneya.html