|
وجوه مرت كطيف .. ثم مضت
|
وجوه مرت كطيف .. ثم مضت
قالت لي اكبر الأزهار سناً : ( ليس ينقصنا الفرح .. ينقصنا القلوب التي نفرح بها )
وقال نوار – بائعة الأريج والعبق - : ( هناك شيء يربطني بكل الذين مروا من هنا ، لكن احدهم لم يعد ليخبرني بكنه هذا الشيء )
اردت ان اتأكد انه حقا قد رحل .. نظرت من النافذة في تلك الليلة كي ارقبه وهو يمضي بعيداً ، لكن النافذة المشاكسة ارتني جزءاً من الشارع في نصفها العلوي ، وفي النصف الآخر وجدتني احدق في نفسي .... كنت حقاً جزءاً من ذاك الشارع وتلك الدنيا . ( حتى الآن لم اتأكد إن كان حقاً قد رحل ) .
اصر ذلك الطفل الصغير ان ينتزع شيءاً من طفولته رغم الجوع والقهر ، حمل حجرين – ارادهما مستديرين - ، واخذ يضرب احدهما بالآخر ... يرمي الأول ثم يتبعه بالثاني ..، رأته شوارع المدينة وهو يتبع احجاره من حي الى حي .. كان مستمتعاً ببراءة اللعبة .. وباتساع الملعب ، ظللت ارقبه حتى غاب عند المنعطف . بعد زمن غير طويل عاد من جديد لكنه كان يمسك طفله الصغير بإحدى يديه ، ويحمل القوت باليد الأخرى ، وحين انحنى الصغير ليلتقط حجراً من الطريق جره بعيداً واخرج من جيبه حجرين – طالما ارادهما مستديرين - وأعطاهما إياه .. هدية من جيل .. إلى جيل .
إعتدت طوال السنوات التسع التي قضيتها هناك ان اتبادل معه التحية كل صباح ..، ربما هو البرد ... أو ربما هي بقايا الليل التي منعتني دائماً من أن أتأمل ملامحه ..، أبداً لم أفطن إلى انني لا أعرف له ملمحاً إلا حين توقف عن المجيء . لأيام عديدة إفتقدت وجوده الدافيء قرب عمود الإناره ... بائع الجرائد الطيف لم يعد ثانية .. سمعت ان سيارة مسرعة ابدت إعتراضها على استمراره في الحياة ، لكني لم اتوقف يوماً عن إلقاء تحية الصباح كلما مررت قرب مكانه المعهود .
إلى احلام ابراهيم : جلوسنا معاً في الشرفة ونحن نحتسي الشاي يبقى ماثلاً دائماً في ذهني ..، كنت تضعين امامك على الطاولة عشاً للطيور وجدته في طريق عودتك ... كلانا – انا وانت – كان يحلم بغرفة دافئة يأوي إليها مع انتهاء يومه .. الآن لدي غرفة اجمل كثيراً مما كنت احلم به معك .. ، عيبها الوحيد انها تبعد آلاف الأميال عن المكان الذي طالما اردتها ان تكون فيه .
صديقي العزيز إبراهيم : انت اكثر طيبة من ان تعيش في هذا العالم .. ، الدموع في عينيك في تلك الليلة أخبرتني بذلك ، امواج البحر التي جاوزت حدها وبللت اطراف ثيابنا ، الطعام الذي اكلناه سوياً ، رذاذ المطر المتكاسل ، صوتك الخجول وانت تحكي ، البيوت القديمة التي تعمدت ان تقودني عبرها .. كأنك تذكرني بوطن بعيد ..، ضحكاتك الحائرة المتوجسة ... كل هذا اخبرني في تلك الليلة انك لن تعيش طويلاً في هذا العالم .. صديقي العزيز .. لا زلت اتصفح الجرائد وانتظر سماع نعيك في كل لحظة .
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: وجوه مرت كطيف .. ثم مضت (Re: alsara)
|
هؤلاء هم الاحبة الذين فارقناهم على وعد بالعودة مع مواسم الحصاد فلا هم قرعوا الارض ولا نحن عدنا وحدها السماء حافظت على عهدها وبكت تنقو ...السارة شكراً لكما
| |
|
|
|
|
|
|
Re: وجوه مرت كطيف .. ثم مضت (Re: TIME)
|
الأخ أحمد
أنظر ، هذا الشارع يكتظ بالمارة ، بالمعوزين ، أبواق السيارات ، النساء الفاتنات ، بالعطف ، بالظلم ، تتناسل الأيام في نسخة تطابق اصلها ، نمر عليها نختزن بعض صورها ، نرمي بعضها خلف خيمات ذاكرتنا .. ولكنك حملت – كاميرا – ثاقبة وقلبا شفيفا علقت به هذه المواقف الحالمة الجميلة .. بائع الورد .. بائع الصحف ، وإبراهيم ذلك المثالي الذي يحمل بين جنبيه حنانا آتياً من زمنٍ ملائكي تنزه عن جور البشر .. فنعيته !!؟؟
أحمد ، جملة ما قرأته لك أربعة أعمال ، فإن كان هناك المزيد ، فيا أحمد هذا مشروع عمل موثق – مشروع مجموعة قصصية متكاملة ، أحمد لا تضيع أدواتك ومهاراتك بالإنتظار ، فقط ضع أول خطوة لك على طريق – الإحتراف – حتى نضع كتابا آخر على أرفف المكتبة السودانية ..
عبدالرحمن رحمابي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: وجوه مرت كطيف .. ثم مضت (Re: AlRa7mabi)
|
تايم حقا أسعدني ظهورك مرة أخرى فمنذ أن قرأت لك النزوح عن توريت قبل أشهر و أنا أترقب كتاباتك المتفردة فقلمك لا يمر كطيف ثم يمضي.. بل يترك بصماته الواضحة أينما حل شكرا للمجموعة القصصية الرائعة
Regards to Tango, Ra7mabi and Mun3in
| |
|
|
|
|
|
|
Re: وجوه مرت كطيف .. ثم مضت (Re: alsara)
|
الاستاذ الرحمابي
لا اعرف لم كان لكلماتك هذا الوقع في نفسي فوجدتني ابعثر اوراقي القديمة لانتقي منها ما انشره هنا
صديقي منعمشوف
الاصدقاء المشتركين بيننا هم الشخوص اللطيفة التي اكتب لها اؤلئك الذين قد لا نلتقي مثلهم ثانية
السارا
لك ذاكرة مفعمة بالتفاصيل ادهشتني قبل شهور بسؤالك عني ترى الى اي مدى تعلمت هذه الإلفة وكم عانيت منها ؟؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: وجوه مرت كطيف .. ثم مضت (Re: TIME)
|
... .. . تايم المثير للانتباه الوفى .. ورجل التفاصيل الصغيرة ..
استلقيت على قفاى وأنا اقرأك اللحظة .. اعتدلت .. اتخذت كل الأوضاع الممكنة .. والغير ممكنة أحسست أن هناك شىء ينقر فى داخلى .. بعثّرتنى جزيئات من حنين ونثرت ذراتى هكذا بلا شفقة عكس اتجاه الريح .. هل تعلم أنك تكتب عكس مسماك .. فى الضفة الأخرى للزمن .. الرجل الذى يشاكس بندول الساعة ويكتب عكس عقاربها ... لك الود نقيا .. وسلامات محنّة كتار ...
| |
|
|
|
|
|
|
|