من منتصف الشارع

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 09:37 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2002م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-07-2002, 07:39 AM

Ridhaa
<aRidhaa
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 10057

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
من منتصف الشارع

    من منتصف الشارع
    عبد الله أبوشريعة
    [email protected]

    شددت الرحال من مدينة لندن –كندا في طريقي إلى مدينة سنت كاثرين التي تبعد عنا مسافة حوالي الساعتين لحضور الاحتفال الذي تقيمه اللجنة القومية بإقليم نياجرا والمكونة من كافة الفعاليات السياسية والقومية والشبابية إحتفالاًً بثورة أتوبر المجيدة. قررت حضور الإحتفال بالرغم من ذلك الحزن الشخصي على وفاة خالتي وبنت عمتي بالسودان رحمهما الله رحمة واسعة غير أني اقتطعت مساحة من نفسي لأعيش وأعائش حزني عليهما فحزني عليك يا سودان أبلغ وأقوى من هذا الحزن الشخصي.

    بدأ الجو في الطريق خريفياً شاعرياً نقلني إلى وطن الجدود فانتابتني تلكم النشوة واللهفة التي تعتري كل من سكن البوادي حين يبرق البرق وترعد السماء إيذانا بقرب نزول المطر. شممت حينها عبق الصحراء ورائحة الدعاش ظننت أن روح الشاعر الحردلو تهوم من حولي وهو ينشد:

    الشم خوخت بردت ليلى الحره

    والبراق برق من منه جاب القره

    شوف عيني الصقير بجناحه كفت الفره

    تلقاها أم خدود الليلة مرقت بره

    خلت نفسي في بادية الكبابيش والكواهلة حيث عشت مرحلة الصبا والشباب تناهى إلى سمعي صوت الحداء وأصوات المرتحلين من مضارب الخيام وصوت تلك الفتاة الهيفاء وهى تردد تحسراً على فراق محبوبها

    طارت أم بشار جاني السلف قطار

    إتلموا يا عمار فرق المولوف حار

    حقيقة فراق من نهوى صعب على النفس والخاطر فما بالك إن كان من نعشق ونذوب فيه صبابة هو ترابك يا سودان العزة والكرامة. ذهبت روحي إلى (وادي الوكيل) بأم بادر ذلكم الوادي الذي يذخر بالخير عند الخريف فتراه معشوشباً مخضراً حلو الملامح تخيلت عندها تلك الكاهلية التي رسم ملامحها الشاعر الشيخ قريب الله وهى تجنى ثمر السنط (القرض) في انفراط الغزال من شجيرات طوال وقال فيها الشاعر:

    تمنح الغصن اسفلي قدميها

    ويداها في صدر آخر عالي

    فيظل النهدان في خفقان الموج

    والكشح مفرط في الهزال

    وفى لحظة الإنجذاب تلك والإنبهار ذلك والذكرى تخيلت أن زخات من المطر قد طرقت زجاج نافذة السيارة غير أنى سرعان ما تبينت اننى كنت واهما.ً فجأة أظلمت الدنيا وأسقطت السماء علينا كرات بيضاء دقيقة تشابه رمل صحراءك يا وطن غير أن رمالك دفيئة تحس فيها نبض الحياة ودفء مشاعر بنيك، طيبهم وطيبتهم حلوهم ومرهم. تغير فجأة الجو الشاعرى الذي أعادني طوعاً للسودان ألي جو أرجعني قهراًً لكندا. أنقلب الحال والأحوال فهذه لا أقول بشائر الشتاء إنما بداية المعاناة والكآبة وموت الحياة في الواقع والحاضر. الشتاء كريه ألي نفسي تموت فيه الحياة وتلك الخضرة المحببة وتطلى الأرض بلون أبيض مقيت لا أحبه ولن أحبه مهما أراد لي القدر أن أبقى هنا. تعكر مزاجي و أنقلب كياني و انتابتني هموم شتى فالبرد قادم لا محالة والثلج نازل دون شك وكلاهما هم يضاف إلى همومك يا وطن.

    نسيت أو تناسيت العاصفة الثلجية والبرد وتذكرت شهداء أكتوبر وكافة الشهداء في كل أزمنة القهر والظلم الذين وهبوا النفس دفاعاًً عن عزة السودان. استرجعت شريطاً من الذكريات المحببة إلى النفس لبستني وسكنتني روح الشباب و أيام الصبا فتذكرت كما أذكر يومي هذا كيف خرجت جموع الشعب السوداني تهدر في الطرقات كالسيل العارم. كنا حينها في بداية المرحلة الثانوية و أول دفعة في مدرسة رفاعة الثانوية و كأن القدر قد رمى بنا لنكون طليعة المقاومة في تلك المدينة كان ذلك أيام المستعمر الغاصب المعتدى الاستعمار الإنجليزي والتي أجبرت المستعمر لأن ينصاع لرغبة وقرار الشعب البطل و يا لسخرية القدر لم يغتال الأستاذ المستعمر الأجنبي بل اغتالته يد الظلم والقهر السودانية وكان ذلك بسبب فكره والذي استطاع به أن يبين خطل رأى الجبهة الإسلامية. فكان أول شهيد للفكر ويسجل التاريخ أول سابقة من نوعها لطخت القضاء السوداني حين أنصاع المدسوسون في هذا الجهاز المستقل لإرادة الحاكم وزبانية الحكم. و ما أشبه الليلة بالبارحة أو ليسوا هم الذين أوصلونا إلى ما نحن فيه من تفرق وشتات وحرب وجوع ومرض وعرى ولذات السبب حب الحكم والانفراد بالرأي وفرض فكر على آخر.

    أقول تنادينا من بقاع شتى بكندا للوقوف إجلالاً و احتراما للشهداء. وصلت المدينة ألوا دعة فاستقبلنا رتل من الأطفال في حللهم الزاهية مما تسبب في أن ينداح الحزن عن نفسي. التقيت أمهات لنا (مشلخات) تقدم بهن العمر كل همهن حياة كريمة ولقمة عيش لا منغص لها. إلا أنهن تشردن كما نحن في كندا وبلاد العالم أجمع بحثاً عن الكرامة والإباء وهروباً من القهر في بلد الكرامة والإباء. يقيني أن الأسباب أقوى من أرادتهن وان ذل العيش في السودان وصعوبته أكبر وأقوى من أن يحتمل. قطعن الفيافي و الوهاد والبحار إلى آخر الدنيا أو (أقاصي الأرض) كما يقول الأستاذ محمد محمد خير. سقط قلبي حينها وطاف بذهني منظر من هن في هذا العمر في المنشية وقصر السكن العشوائي ومناطق أخرى تطاول فيها البنيان. منعمات يلفهن دفء الحياة ولذاذة العيش الهنيء الذي لا أحسدهن عليه فهن أمهات لنا وأن عق الأبناء إلا أنى أتوق للمساواة والعدل بين أبناء الشعب الواحد فهل الفارق هو أن أبناء هؤلاء في كندا من صلب الشعب السوداني الزارع العامل المدرس والممرض و أبناء الأخريات ممن سطو على السلطة بليل دامس؟؟! تملكني يقين بأن الفوارق الطبقية التي خلقتها الإنقاذ تفوق عمقاً و شراسة ما يقول به الماركسيون من فوارق طبقية. تأكدت من أن الدمار الذي اعترى التركيبة الإجتماعية للسودانيين بيد الإنقاذ أكبر من أي خراب اقتصادي و اعتي من أية حرب إذ أن كل من الحرب والخراب الاقتصادي مقدور عليهما إلا أن هذا التفكك في البنية الإجتماعية يلازم الأجيال الحاضرة والقادمة جيلاً بعد جيل. وهل هناك تفكك أكثر من أن نرى أمثال هؤلاء مشردات تائهات في كل بقاع الأرض؟!!

    إكتظت القاعة بكم هائل من السودانيين، أبيضهم و أسودهم وأسمرهم أطفالهم وشبابهم رجالهم ونساءهم. تصافحت الإيدى كعادة السودانيين فى مودة و شوق وتجسد السودان فى هذا الجمع وتبارت الصبيا فى عرض أنواع وأشكال من الثوب السودانى المحبب للنفس والذى بالرغم من عدم عمليته فى هذا الجو البارد الا أنه يظل معبراًً عن أحد الخصوصيات المعبرة عن المرأة السودانية. قد يظن الواهم ان الإغتراب فى بلد الفرنجة قد جعلهن يتفرنجن حاشى لله لا زالت المرأة السودانية متمسكة بقيمها ودينها وتقاليدها ترضعها للأجيال الحاضرة والآتية. الناظر للجمع (جلابيب وعمم وملافح) يظن نفسه فى المسرح القومى بأمدرمان .

    بدأ الإحتفال بكلمات من اللجنة القومية ثم كانت الملحمة الخالدة للأستاذ محمد الأمين قام بأدائها نخبة من الشباب على رأسهم الشاب المبدع بشير إسماعيل وعشنا ليال زمان وأصبحت القاعة مرجلاً يغلى وبركاناً يثور. منا من أدمى التصفيق يديه ومنا من ذرف الدموع الغزار ومنا من جمع بينهما. وتفاعل الجمع وأنفعل الكل بعض يعبر عن معاناته وبعض يعبر عن معايشته لاكتوبر الثورة. وكان أكتوبر فجر الغضبة كسرنا قيود الماضى الصعبة. وبعد ان أنداح الإنفعال كان التفكير فى واقع الحال. لست ممن يدعون الى رمى الأنقاذ وقيادة الأنقاذ فى بحر العرب أو نهر النيل لكننى فى ذات الوقت أتوق و أسعى لحلول سلمية ابحث عن تداول سلمى للسلطة أتمنى ان نتعايش فى محبة وسلام يمتد من نملى الى حلفا ومن جبل مرة الى همشكوريب. ادعو الى أحترام الرأى والرأى الآخر والإحتكام لصاحب الحق الشعب السودانى لأنه هو الوحيد الذى بيده الفيصل فى من يحكمه وكيف يحكمه. كفانا حرب قضت على ألاخضر واليابس وكان ضحيتها أكبادنا و إقتصادنا ومقدراتنا. دعونا نتفاعل كما هو الجمع هنا تنوع عرقى وفكرى دون تسلط أو تجبر او فرض فكر على آخر وهل نحن الا نموذج مصغر لأهل السودان. كفانا ماعدنا نحتمل التأرجح بين عواصم العالم.

    تلى الملحمة كلمات ممثلى الحزب الإتحادى الديمقراطى، قوات التحالف والحزب الشيوعى. وفى كل كلمة زغردت روح أكتوبر وكان اكتوبر إستلهاماً للماضى و إستشرافاً للمستقبل الآتى دونما شك.

    ثم قدم الأستاذ يحى فضل الله أسكتشاً نال رضى الجماهير و تلته الأستاذه تحية زروق فى جزء من مسرحية تعبر عن الظلم والقهر ففاقت الإبداع حساً ومعناًًً و أكدت بأن الموهبة لا تموت وأن جار عليها الزمن. حبست الأنفاس ووقف المسرح إجلالاًً ودوى التصفيق لدقائق بعد نهاية المسرحية. هكذا هى تحية زروق الفنانة الخلوقة الخلاقة المبدعة وهكذا الشعب السودانى دائما قابل للانفعال والتفاعل ناقداً فاحصاً لكل عمل فنى.

    ثم تبارى الشباب فى تقديم معين لا ينضب من الفن السودانى وعلى قمة ذلك الأناشيد الاكتوبرية التى أتحفنا بها الفنان بشير اسماعيل من اناشيد الفنان محمد وردى فأزداد الجمع طرباً على طرب بنجاح العملية التى أجريت له وتمنى له الجمع الخير ومزيداً من العطاء.

    أستمر الحفل حتى تباشير الصباح دون ان نكل أو نمل و أزددنا عشقاً للسودان وحباً لإهله وكان لسان حالنا يردد:

    قدمى أتعبها الترحال

    أبليت حقائبها الأسفار

    إجتاحت سفنى بحر الشرق وبحر المانش

    وكل العالم

    جددت شراعى كيما أبحر ثانية

    لكنى أحتاج لحضنك يا وطنا يأكل بعض بنيه البعض الآخر








                  

11-07-2002, 11:21 AM

kofi


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من منتصف الشارع (Re: Ridhaa)

    عزيزى
    لكم كنا فى حوجة لمثل هذة الاقلام الرائعة لتنقل لنا وباحاسيس نقية ذلك التفاعل ليوم عظيم فى تاريخ امة عظيمة
                  

05-25-2003, 08:58 AM

Ridhaa
<aRidhaa
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 10057

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من منتصف الشارع (Re: Ridhaa)

    shokran ya Kofi ...



    Ridhaa
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de