دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
مذاق المشاوير : بقلم يوسف عزت الماهري
|
الجميل
لم اكن أنا الذي يتحدث طوال المسافة من أطراف المدينة حتى قلبها ، فقد تركت لثرثرتها العذبة أن تنساب بحرية ، وهي تشدني كوتر ربابة مع كل كلمة تخرج من قوس شفاهها ، أتلصص خلف مفرداتها الشاردة علني اعثر علىّ ، وميادة تدفق حلمها على الإسفلت فأغرق فيه واحلف بالطلاق على رهانها الذي يبدو ضبابا .
تنتصب شعيرات جسدي ، ويتلعثم الجو المحيط بنا كلما تسألني عن رأي في أحلامها ، فأكتم إجابتي حتى لا أتوه في دهاليز أسئلتها الغامضة ، أخاف أن اكشف سر صمتي وأحلامي مكشوفة الظهر ، أخاف أن افقد خطوتي معها أو يختلف مذاق المشاوير .
اعرفها اكثر من أي شخص آخر في هذا الكون ، (غلباوية ) ، وجامحة في رؤيتها للأشياء ، وعصيّ حلمها على الترويض ، وتسألني رأي في هذا الوقت العصيب ، ماذا تكون إجابتي والمدينة تهمس بأنباء الأحداث وتفوح من أزقتها رائحة الخوف وأدخنة البنبان ، وقت ثمل بالتوقعات ونحن عائدون في هذا الليل الموحش ، الشوارع تأخذ حذرها اللازم حين نعبرها لا شئ يثيرنا غير أضواء الشموع الخافتة وحركة المارة أمام (الكناتين ) في الأزقة الضيقة ، قالت لي : جو مثير
قلت مداعبا : أنتي اكثر إثارة
هذه أول مرّة تخرج من صمتي كلمة متعددة التفاسير لكني لم أشـعر باحتجاجها بل قالت بهزل : خلاص ...خلاص ما صدقته لقيت مدخل.. وضحكت فأدركت أن ميادة تسللت إلى سر صمتي فأشعلت سيجارتي لأسكن ارتباكي ..والارتباك بائن في جبين المدينة .
فقدت رأس خيط اللغة فكيف ارتق الفتق بيني وبينها ، رغم المشاوير وطعم الالفة بيننا ، رغم الحذر المشترك فشلت أن اعبر إلى عالمها . وفي لجّة متاهتي هذه قالت : لماذا لا يسألنا أحد من انتم ؟ أو ماشين وين ؟
ميادة تحب الأسئلة لتجاوبها ، دائما تقول : إن اكثر ما يخيفها هو عدم طرح الأسئلة ، لأنها تعرف ما تقول في كل الأوقات ، ولا تخاف إلا مما يطلبه المحققون بعد قفل دفاتر أسئلتهم ، أو قبل فتحها ، ميادة تخاف دقائق الصمت الرهيب مثلي .
حين جاءتني وهي تسابق خطوها وأنا انتظرها في نهاية الشارع ، ناولتني لبانة فرفضتها بكبرياء رجولي زائف ، وسألتها عن السجائر فقالت : ما قدرته اشتري سجائر ، الناس يقولوا علي شنو ؟
فقلت لها الآن فقط تستسلمين لأنوثتك ، لماذا تهربين منها كل هذا الوقت ، وتأتيني الآن بقول الناس ، أنا خرمان وعايز سجاير ، وبشتريها لو حتى تنكشف كل الأشياء ،.
قالت : يا أهبل نحن من الناس ديل ، عايزني أفوتهم يعني ؟ ، وأنا مهما سويت حيقولو علي مطلوقة وخلاص .
مت من الضحك ، ميادة تختلف الآن عن همسنا داخل الغرف داكنة اللون ، وهي القائلة إذا الجماهير ما عايزة تتعلم بالكلام نعلمها بالأسلوب العملي في التجاوز .
اذكر ذلك الاجتماع العاصف ، وحديث ميادة الذي اصبح قول مأثور حتى بين الذين لم يحضروا الاجتماع أعلنت لها استغرابي فقالت : أنا ما بقصد نعلمهم تدخين البنات السجائر
قلت لها : وهل ح تدخنيها انتي لو جبتيها لي ؟
سكتت حتى تمادت في الصمت اكثر من ما توقعت ، ومشيت في دروب أفكاري حتى سمعتها تهمس بأغنية (الممشى العريض) فسقطت في سلّم لحنها ، وهي تعرف كيف تولجني عوالم لم أتعود الولوج أليها في هذه الأجواء المشحونة بالقلق والخوف .
وبمحاذاة النهر وقفت تكمل لحنها بتأمل صوفي ، ثم قالت تخاطب النـهر : متى ستغير مجراك ؟
قلت لها : اتركيه ستخرج المدينة لتغسل دموعها على شاطئيه ، ويبدأ العشاق ابحارهم .
كنت أحاول أن استلف أحلامها ، أرى ما تراه ، لكني اجدني ابحث وأدور في فلك المهام اليومية ، فترتد بصيرتي لأبصر الخراب ، حسير الخطوة امشي إلى واقعي ، قلت لها : إذا لم يصل أبو الفال في مواعيده ماذا سنفعل بكوم الأوراق المكدس في حقيبتك ؟
كنت أفكر في الفشل المحتمل ، أفكر فيها وهي لاهية عن خوفها ، لا تعرف أن ورقة واحدة إما أن تطيح برأس البلاد أو بر أسينا معا ، أين نخبئ أوراقنا ونداري رائحة الحبر والتوجس في مدينة يقلق نومها طنين أجهزة الاتصال ؟؟
قالت لي : ما تخاف أختك كوبية !!
سألتها : هل تريدين تسجيل ملاحم بطولية جديدة ؟ أنا لا أخاف ولكن لا بد من حذر أن لم يكن من اجلي فمن أجلهم .ولا أبحث عن إضافة بطولة في رصيدي .
قالت : الذين يؤثرون السلامة ولا يريدون تسجيل بطولات سيهزمهم خوفهم !
هكذا وبكل بساطة حكمها تلغي إيماني العميق بالمثل القائل (درب السلامة للحول قريب ) وتربك احتياطاتي .
اقتربنا من موقف المواصلات ، حافلة واحدة تقف كأنها شاهد إثبات على حياة المدينة بعد الساعة الثامنة مساء ، ينادي مناديها على الغائبين ، عبرت ميادة جسر الطوب الأحمر ، فوق ركام الغازورات والمياه المتمردة على شرايين المدينة ، وقالت لي: نلتقي في الباب ، مشت كأنها لم تكن تركتني ورائها ،فبانت لي ملامح قوامها النّخلي ، واهتزت بقلبي أوتار اللحن القديم ، كلما ابتعدت خطواتها ذادت اقترابا إلى قلبي ، وقبل أن تختفي التفتت تودعني ، فرفعت يدي وقلت لها : أخوك كوبي انتظريني في عتبات الدرب ، أشعلت سيجارة البرنجي الرطبة لأرطب جفاف حلقي ، ومشيت في متاهاتي .
bunbun حاشية من مصطلح كوبي = الزول الما عندو قشة مُرة - لول
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: مذاق المشاوير : بقلم يوسف عزت الماهري (Re: bunbun)
|
ya yousif,
salam I hope you in a good condition. I took your email from Salah aburoof but it seems it is the old one. Dr. Bushra is saying u hello, mohammed madani, all the artists and others. i still keep your stories...
sentimental
| |
|
|
|
|
|
|
عودة بن بن (Re: bunbun)
|
العزيز بن بن لك التحايا واهلا بعودتك وعودة العزيز عزت ارجو ان لاتحرمنا من ابدعات هذا الابالي الجميل خالد
| |
|
|
|
|
|
|
|