محمود درويش الأعمال شبه الكاملة

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-13-2024, 10:42 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2002م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-19-2003, 02:18 PM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
محمود درويش الأعمال شبه الكاملة



    .
    .

    [qb]
    محمود درويش الأعمال شبه الكاملة
    محاولة لتوثيق الشاعر الرمز - من رموز النضال
    :منذ قصائد بطاقة هويه
    " سجل أنا عربي ورقم بطاقتي خمسون ألف"
    :مرورا بعاشق من فلسطين
    "سأكتب جملة أغلى من الشُهَدَاء
    :والقُبَلِ
    فلسطينيةً كانتِ. ولم تزلِ!"
    :تحد
    ..." سأقوله
    .... في غرفة التوقيف
    في الحمام
    ... في الإسطبل
    ... تحت السوط
    ... تحت القيد
    :في عنف السلاسل
    مليون عصفور على أغصان قلبي
    ... يخلق اللحن المقاتل"
    :مغني الدم
    "إنني مندوب جرح لا يساوم
    .... علمتني ضربة الجلاّد أن أمشي على جرحي
    ... وأمشي... ثم أمشي... وأُقاوم!"
    :رد الفعل
    "وطني!
    يعلمني حديدُ سلاسلي عنف النسور
    ورقة المتفائلِ
    ..... ما كنت أعرف أن تحت جلودنا ميلاد عاصفة
    ٍ… وعرس جداولِ"
    :يوميات جرح فلسطيني
    آه يا جرحي المكابر
    ... وطني ليس حقيبة
    ... وأنا لست مسافر
    ... إنني العاشق، والأرض حبيبةْ!"
    :أحمد الزعتر
    "وأعُدُّ أضلاعي فيهرب من يدي بردى
    ... وتتركني ضفاف النيل مبتعدا
    ... وأبحثُ عن حدود أصابعي
    ... فأرى العواصمَ كلّها زَبَدَا"
    :قصيدة الأرض
    " ... فيا وطن الأنبياء
    ...تكامل!
    ... ويا وطن الزراعين
    .. تكاملْ!
    ... ويا وطن الشهداء
    ... تكامل!
    ... ويا وطن الضائعين
    .. تكامل!
    ... فكلّ شعاب الجبال
    ... امتدادٌ لهذا النشيد
    ... ... وكلّ الأناشيد فيك
    امتدادٌ لزيتونة زمّلتني
    ... أيّها الذاهبون إلى صخرة القدس
    ... مرّوا على جسدي
    ... أيّها العابرون على جسدي
    ... لن تمرّوا
    ... أنا الأرضُ في جسد
    ... لن تمرّوا
    ... أنا الأرض في صحوها
    ... لن تمرّوا
    ... أنا الأرض
    ... يا أيّها العابرون على الأرض في صحوها
    ... لن تمرّوا
    .... لن تمرّوا
    ... لن تمرّوا! " ،
    :بيروت
    " بيروت خيمتنا
    ... بيروت نجمتنا "
    :أَنَا يُوسُفٌ يَا أَبِي
    " يَا أَبِي
    ، إِخْوَتِي لاَ يُحِبُّونَنِي،
    .... لاَ يُرِيدُونَنِي بَيْنَهُم يَا أَبِي
    يَعْتَدُونَ عَلَيَّ
    وَيَرْمُونَنِي بِالحَصَى وَالكَلاَم
    ... يُرِيدُونَنِي أَنْ أَمُوتَ لِكَيْ يَمْدَحُونِي
    ... وَهُمْ أَوْصَدُوا بَابَ بَيْتِكَ دُونِي
    ... وَهُمْ طَرَدُونِي مِنَ الحَقْلِ
    ... هُمْ سَمَّمُوا عِنَبِي يَا أَبِي
    ... وَهُمْ حَطَّمُوا لُعَبِي يَا أَبِي "
    :عابرون في كلام عابر
    "أيها المارون في الكلمات العابرة
    ... احملوا أسمائكم وانصرفوا
    ...وأسحبوا ساعاتكم من وقتنا ، وانصرفوا
    ... وخذوا ما شئتم من زرقة البحر ورمل الذاكرة
    ... و خذوا ما شئتم من صور، كي تعرفوا
    ... إنكم لن تعرفوا
    ... كيف يبني حجر من أرضنا سقف السماء
    ........ ولنا الماضي هنا
    ... ولنا صوت الحياة الأول
    ... ولنا الحاضر
    ....والحاضر والمستقبل
    ... ولنا الدنيا هنا
    .. والآخرة
    .... فاخرجوا من أرضنا
    ... من برنا
    ... من بحرنا
    ... من قمحنا
    .. من ملحنا
    .. من جرحنا
    ... من كل شيء
    واخرجوا
    ...من ذكريات الذاكرة
    ... أيها المارون بين الكلمات العابرة!.."
    :وصولا الى الجداريه
    " قل: ما الآن
    ما الغدُ؟
    ... ما الزمانُ وما المكان
    ... وما القديمُ وما الجديدُ؟
    ... سنكون يوماً ما نريدُ "
    وإلى قصائده الأخيرة
    · إلى محمد الدرة
    · وقصيدة حالة حصار
    يمكن تتبع سيرة الشعب الفلسطيني ، قضيته، نكبته ، كفاحه، انتفاضته، وآفاق تحرره وانتصاره، يمكن استلهام ما لدى محمود درويش من دقه التعبير والتحديد بل حتى التصويب.
    جمال صورته الشعرية، لغته المقتدرة وامتلاكه لأدوات فنه، تكمن في تفاعل حيوي بين الإنسان والأرض واللغة، لقد وضعه شعره بدون شك في موقع الشاعر الأهم على المستوى العربي، انه العين التي يمكنك فيها روية فلسطين الحاضر والمستقبل.
    هذه دعوه للإبحار في الوطن - الإنسان والأرض واللغة-
    عبر شعر محمود درويش

    سوف انزل القصائد بالتتابع
    [/qb]









                  

03-19-2003, 04:46 PM

garjah
<agarjah
تاريخ التسجيل: 05-04-2002
مجموع المشاركات: 4702

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)

    عزيزي المهندس

    مجهود مقدر التوثيق لقامة سامقة

    مثل محمود درويش

    والجندرية...من عشاقه والموثقين له ايضا


    سلمت
                  

03-19-2003, 05:46 PM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: garjah)



    .
    .

    [qb]
    ]الموعد الاول
    من ديوان " أوراق الزيتون " (1964
    شدت على يدي
    ووشوشتني كلمتين
    أعز ما ملكته طوال يوم
    سنلتقي غدا
    ولفها الطريق
    حلقت ذقني مرتين
    أخذت ثوب صاحبي . . وليرتين
    لأشتري حلوى لها ، وقهوة مع الحليب
    وحدي على المقعد
    والعاشقون يبسمون
    وخافقي يقول
    ونحن سوف نبتسم
    لعلها قادمة على الطريق
    لعلها سهت
    لعلها. . لعلها
    ولم تزل دقيقتان
    النصف بعد الرابعة
    النصف مر
    وساعة . . وساعتان
    وامتدت الظلال
    ولم تجئ من وعدت
    في النصف بعد الرابعه

    العزيز قرجة
    لك والجندرية
    ولك محبى الشاعر محمود درويش

    [/qb]

                  

03-19-2003, 06:49 PM

Abdalla Gaafar

تاريخ التسجيل: 02-10-2003
مجموع المشاركات: 2163

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)

    المهندس
    لك الشكر كله وانت تدعونا لقراءة درويش
    وايضا علي العرض الجميل
    اتمني ان تواصل

    يديك العافية
    عبدالله جعفر
                  

03-19-2003, 07:13 PM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: Abdalla Gaafar)



    .
    .

    [qb]
    بطاقة هوية
    من ديوان " أوراق الزيتون " (1964)
    سجِّل!
    أنا عربي
    ورقمُ بطاقتي خمسونَ ألفْ
    وأطفالي ثمانيةٌ
    وتاسعهُم.. سيأتي بعدَ صيفْ!
    فهلْ تغضبْ؟
    سجِّلْ!
    أنا عربي
    وأعملُ مع رفاقِ الكدحِ في محجرْ
    وأطفالي ثمانيةٌ
    أسلُّ لهمْ رغيفَ الخبزِ،
    والأثوابَ والدفترْ
    من الصخرِ
    ولا أتوسَّلُ الصدقاتِ من بابِكْ
    ولا أصغرْ
    أمامَ بلاطِ أعتابكْ
    فهل تغضب؟
    سجل!
    أنا عربي
    أنا إسمٌ بلا لقبِ
    صبورٌ في بلادٍ كلُّ ما فيها
    يعيشُ بفورةِ الغضبِ
    جذوري...
    قبلَ ميلادِ الزمانِ رستْ
    وقبلَ تفتّحِ الحقبِ
    وقبلَ السّروِ والزيتونِ
    .. وقبلَ ترعرعِ العشبِ
    أبي.. من أسرةِ المحراثِ
    لا من سادةٍ نجبِ
    وجدّي كانَ فلاحاً
    بلا حسبٍ.. ولا نسبِ!
    يعلّمني شموخَ الشمسِ قبلَ قراءةِ الكتبِ
    وبيتي كوخُ ناطورٍ
    منَ الأعوادِ والقصبِ
    فهل ترضيكَ منزلتي؟
    أنا إسمٌ بلا لقبِ!
    سجل!
    أنا عربي
    ولونُ الشعرِ.. فحميٌّ
    ولونُ العينِ.. بنيٌّ
    وميزاتي:
    على رأسي عقالٌ فوقَ كوفيّه
    وكفّي صلبةٌ كالصخرِ
    تخمشُ من يلامسَها
    وعنواني:
    أنا من قريةٍ عزلاءَ منسيّهْ
    شوارعُها بلا أسماء
    وكلُّ رجالها في الحقلِ والمحجرْ
    فهل تغضبْ؟
    سجِّل
    أنا عربي
    سلبتَ كرومَ أجدادي
    وأرضاً كنتُ أفلحُها
    أنا وجميعُ أولادي
    ولم تتركْ لنا.. ولكلِّ أحفادي
    سوى هذي الصخورِ..
    فهل ستأخذُها
    حكومتكمْ.. كما قيلا؟!!
    إذن!
    سجِّل.. برأسِ الصفحةِ الأولى
    أنا لا أكرهُ الناسَ
    ولا أسطو على أحدٍ
    ولكنّي.. إذا ما جعتُ
    آكلُ لحمَ مغتصبي
    حذارِ.. حذارِ.. من جوعي
    ومن غضبي!!

    [/qb]

                  

03-20-2003, 04:40 PM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)



    .
    .

    [qb]
    عن إنســـان
    من ديوان " أوراق الزيتون " (1964)
    وضعوا على فمه السلاسلْ
    ربطوا يديه بصخرة الموتى،
    وقالوا: أنت قاتلْ
    ***
    أخذوا طعامَهُ، والملابسَ، والبيارقْ
    ورموه في زنزانة الموتى،
    وقالوا : أنت سارقْ!
    طردوه من كل المرافئْ
    أخذوا حبيبته الصغيرة،
    ثم قالوا: أنت لاجئْ!
    ***
    يا دامي العينين، والكفين!
    إن الليل زائلْ
    لا غرفةُ التوقيف باقيةٌ
    ولا زَرَدُ السلاسلْ!
    نيرون مات، ولم تمت روما...
    بعينيها تقاتلْ!
    وحبوبُ سنبلةٍ تموت
    ستملأُ الوادي سنابلْ... !

    [/qb]

                  

03-20-2003, 06:59 PM

الجندرية
<aالجندرية
تاريخ التسجيل: 10-02-2002
مجموع المشاركات: 9450

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)

    المهندس
    جهد مقدر وشكراً
    بس ياريت لو تبدأ بالقلبة يعني من الاخير وانا راجع وراء
                  

03-20-2003, 08:53 PM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: الجندرية)



    .
    .

    [qb]
    أمل
    من ديوان " أوراق الزيتون " (1964
    ما زال في صحونكم بقية من العسل
    ردوا الذباب عن صحونكم
    لتحفظوا العسل
    ما زال في كرومكم
    عناقيد من العنب
    ردوا بنات آوى
    يا حارسي الكروم
    لينضج العنب
    ما زال في بيوتكم حصيرة . . وباب
    سدوا طريق الريح عن صغاركم
    ليرقد الأطفال
    الريح برد قاس . . فلتغلقوا الأبواب
    ما زال في قلوبكم دماء
    لا تسفحوها أيها الآباء
    فإن في أحشائكم جنين
    ما زال في موقدكم حطب
    وقهوة . . وحزمة من اللهب
    عفوا اختى جندرية
    لقد رتبت التوثيق تصاعدا
    ولكن لاباس
    ان امكن سوف احاول
    اعادت الترتيب
    اخى عبدالله جعفر
    لك التحية
    [/qb]

                  

03-20-2003, 09:01 PM

Abdalla Gaafar

تاريخ التسجيل: 02-10-2003
مجموع المشاركات: 2163

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)

    almuhandis

    لك الشكر كله ايها الرائع الجميل

    نحتاج لقراءة درويش
    في هذي الايام المملوءة بالحزن والظلم
    وسوء الحال


    لك الله يابغداد
    عبدالله جعفر
                  

03-20-2003, 09:04 PM

ود شاموق
<aود شاموق
تاريخ التسجيل: 11-17-2002
مجموع المشاركات: 3605

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)

    المهندس

    الله يديك العافية
    ويبارك فيك

    زي ما قال ليك عبدالله

    مدد

    .
                  

03-21-2003, 07:47 AM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: ود شاموق)



    .
    .

    [qb]
    وعادَ... في كفن
    من ديوان " أوراق الزيتون " (1964
    -1-
    يحكون في بلادنا
    يحكون في شَجَنْ
    عن صاحبي الذي مضى
    وعاد في كفنْ
    ***
    !كان اسمه...
    لا تذكروا اسمهْ
    خلوه في قلوبنا...
    لا تدعوا الكلمةْ
    تضيع في الهواء، كالرماد...
    خلوه جرحاً راعفاً... لا يعرف الضماد
    طريقه إليه...
    أخاف يا أحبتي... أخاف يا أيتام...
    أخاف أن ننساه بين زحمة الأسماء
    أخاف أن يذوب في زوابع الشتاء!
    أخاف أن تنام في قلوبنا
    جراحنا...
    أخاف أن تنام!!

    -2-
    العمرُ... عُمْرُ برعمٍ لا يذكر المطر...
    لم يبك تحت شرفة القمر
    لم يوقف الساعات بالسهر...
    وما تداعت عند حائطٍ يداه...
    ولم تسافر خلف خيط شهوةٍ... عيناه!
    ولم يُقَبِّل حلوةً...
    لم يعرف الغزل
    غير أغاني مطرب ضيَّعه الأمل
    ولم يقل لحلوة: الله!
    إلا مرتين!
    لم تلتفت إليه... ما أعطته إلا طرف عين
    كان الفتى صغيرا...
    فغاب عن طريقه
    اولم يفكر بالهوى كثيرا... !
    -3-
    يحكون في بلادنا
    يحكون في شجن
    عن صاحبي الذي مضى
    وعاد في كفن
    ما قال حين زغردت خطاه خلف الباب
    لأمه: الوداع!
    ما قال للأحباب... للأصحاب:
    موعدنا غداً!
    ولم يضع رسالة... كعادة المسافرين
    تقول: إني عائدٌ... وتُسكتُ الظنون
    ولم يَخُطَّ كلمةً...
    تُضيء ليلَ أمه التي...
    تخاطب السماء والأشياء،
    تقول: يا وسادة السرير!
    يا حقيبة الثياب!
    يا ليل! يا نجوم! يا إله! يا سحاب! :
    أما رأيتم شارداً... عيناه نجمتان؟
    يداه سلتان من ريحان
    وصدره وسادة النجوم والقمر
    وشعره أرجوحةٌ للريح والزهر!
    أما رأيتم شارداًمسافراً
    لا يحسن السفر!
    راح بلا زواًّدة، من يطعم الفتى
    إن جاع في طريقه؟
    من يرحم الغريب؟
    قلبي عليه من غوائل الدروب!
    قلبي عليك يا فتى... يا ولداه!
    قولوا لها، يا ليل! يا نجوم!
    يا دروب! يا سحاب!
    قولوا لها: لن تحملي الجواب
    فالجرح فوق الدمع... فوق الحزن والعذاب!
    لن تحملي... لن تصبري كثيرا
    لأنه...
    لأنه مات، ولم يزل صغيرا!
    -4-
    يا أمه!
    لا تقلقي الدموع من جذورها!
    للدمع يا والدتي جذور،
    تخاطب المساء كل يوم...
    تقول: يا قافلة المساء!
    من أين تعبرين؟
    غصًّتْ دروب الموت... حينَ سَدَّها المسافرون
    سُدَّتْ دروب الحزن... لو وقفتِ لحظتين
    لحظتين!
    لتمسحي الجبين والعينين
    وتحملي من دمعنا تذكار
    لمن قضوا من قبلنا... أحبابنا المهاجرين
    يا أمه ! لا تقلقي الدموع من جذورها
    خلُّي ببئر القلب دمعتين!
    فقد يموت في غد أبوه... أو أخوه
    أو صديقه أنا
    خلي لنا...
    للميتين في غد لو دمعتين... دمعتين!

    -5-
    يحكون في بلادنا عن صاحبي الكثيرا
    حرائقُ الرصاصِ في وجناته
    وصدره... ووجهه...
    لا تشرحوا الأمور!
    أنا رأيت جرحه
    حدقت في أبعاده كثيرا...
    "قلبي على أطفالنا"
    وكل أُم تحضن السريرا!
    يا أصدقاء الراحل البعيد
    لا تسألوا: متى يعود
    لا تسألوا كثيرا
    بل اسألوا: متى
    يستيقظ الرجال!
    [/qb]

    (عدل بواسطة almohndis on 03-21-2003, 07:51 AM)

                  

03-21-2003, 08:29 AM

ABUKHALID
<aABUKHALID
تاريخ التسجيل: 07-07-2002
مجموع المشاركات: 1386

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)

    اخى المهندس
    تحياتى
    اطلب من كريم شخصكم ان تتناول قصائد درويش بعد مرحلة اجتياح لبنان والحصار عام 1982 والتى اعتبرها نقلة كاملة فى كتابات درويش من حيث اللغة والتراكيب والصور الشعرية واكتسبت قصيدة درويش بعدها الفلسفى العميق عقب هذه المرحلة واظنها بدأت بقصيدة من فضة الموت الذى لا موت فيه لا اذكر على وجه التحديدولكنها اى هذه المرحلةهى رصيد غنى لكل كتاب الشعر فى الوطن العربى والعالم بالاضافة الى انها رصيد ايضا لكل دارسى الشعر العربى الحديث ونقاده ولذا اطلب منكم التركيز على مرحلة ما بعد الحصار ويا سلام على المجهود
    فائق الشكر
                  

03-21-2003, 09:25 AM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: ABUKHALID)

    اخواتى
    ABUKHALID
    والجندرية
    من قبل طلبتم
    من ابدا التوثيق
    من اعلى الى اسفل
    ولكن ماقتضيات التوثيق
    تجعل التدرج المنطقى
    من البداية ثم التدرج
    ولكن لاباس ان كانت لديكم
    رغبة ملحه يمكن كتابت نماذج
    اخ
    ABUKHALID
    فى فترة الاجتياح
    لبنان فى عام 1982 كانت طالب
    فى نهاية السنة الاول فى حلب
    تتطوعت مع اخوتنا وكنت تجربة
    استفدت منها كثيرا فى حياتى
    وعرفت الكثير من التظيمات
    وبعد اسمتعت الى درويش
    فى مدرج جامعة دمشق
    فى كثير من القصائد
    اشهارها فى مديح الظل العالى
                  

03-21-2003, 01:30 PM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)



    .
    .


    عن الصمود
    من ديوان " أوراق الزيتون " (1964
    -1-
    لو يذكرُ الزيتون غارسَهُ
    لصار الزيت دمعا!
    يا حكمة الأجداد
    لو من لحمنا نعطيك درعا!
    لكنَّ سهل الريح،
    لا يعطي عبيد الريح زرعا!
    فالام نصحي السمع للخطباء
    والنيران جوعا؟
    إنّا سنقلع بالرموش
    الشوك والأحزانَ... قلعا!
    وإلام نحمل عارنا وصليبنا!
    والكونُ يسعى...
    سنظل في الزيتون خُضرتَه،
    وحولَ الأرضِ درعا!!
    -2-
    إنا نحبُّ الوردَ،
    لكنّا نحبُّ القمحَ أكثرْ
    ونحبُّ عطر الورد،
    لكن السنابل منه أطهرْ
    فاحموا سنابلكم من الإعصار
    بالصدر المسَمَّرْ
    هاتوا السياج من الصدور...
    من الصدور، فكيف يكسرْ؟؟
    النار تلتهم الحقول الضارعات
    وأنت تسهر!
    اقبض على عنق السنابل
    مثلما عانقتَ خنجرْ!
    الأرض، والفلاح، والإصرار،
    قل لي: كيف تقهرْ...
    هذي الأقاليم الثلاثة،
    كيف تقهرْ؟




                  

03-22-2003, 02:34 PM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)



    .
    .


    عن الأمنيات
    من ديوان " أوراق الزيتون " (1964
    لا تقل لي:
    ليتني بائعُ خبر في الجزائرْ
    لأغني مع ثائر!
    لا تقل لي:
    ليتني راعي مواشٍ في اليمنْ
    لأغني لانتفاضات الزمن
    لا تقل لي:
    ليتني عامل مقهى في هافَانا
    لأغني لانتصارات الحزانى!
    لا تقل لي:
    ليتني أعمل في أسْوانَ حَمّالاً صغيرْ
    لأغني للصخور
    يا صديقي! لن يصب النيل في الفولغا
    ولا الكونغو، ولا الأردن، في نهر الفرات!
    كل نهر، وله نبع... ومجرى... وحياة!
    يا صديقي!... أرضنا ليست بعاقر
    كل أرض، ولها ميلادها
    كل فجر، وله موعد ثائر!

    سونا
    من ديوان " أوراق الزيتون " (1964
    أزهارها الصفراء . . والشفة المشاع
    وسريرها العشرون مهترئ الغطاء
    نامت على الإسفلت . . لا أحد يبيع . . ولا يباع
    وتقيأت سأم المدينة . . فالطريق
    . . عار من الأضواء
    والمتسولين على النساء
    نامت على الإسفلت . . لا أحد يبيع . . ولا يباع
    يا بائع الأزهار إغمد في فؤادي
    زهرة صفراء تنبت في الوحل
    هذا أوان الخوف ، لا أحد سيفهم ما أقول
    أحكي لكم عن مومس . . كانت تتاجر في بلادي
    بالفتية المتسولين على النساء
    أزهارها صفراء ، نهداها مشاع
    وسريرها العشرون مهترئ الغطاء
    هذي بلاد الخوف لا أحد سيفهم ما أقول
    إلا الذين رأوا سحاب الوحل . . يمطر في بلادي
    يا بائع الأزهار . . إغمد في فؤادي
    زهر الوحل . . عساي أبصق
    ما يضيق به فؤادي

                  

03-25-2003, 03:58 PM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)



    .
    .


    أجمل حب

    من ديوان " أوراق الزيتون " (1964)
    كما ينبت العشب بين مفاصل صخرةْ
    وُجدنا غريبين يوما
    وكانت سماء الربيع تؤلف نجماً... ونجما
    وكنت أؤلف فقرة حب...
    لعينيكِ... غنيتها!
    أتعلمُ عيناكِ أني انتظرت طويلا
    كما انتظرَ الصيفَ طائرْ
    ونمتُ... كنوم المهاجرْ
    فعينٌ تنام، لتصحوَ عين... طويلا
    وتبكي على أختها،
    حبيبان نحن، إلى أن ينام القمر
    ونعلم أن العناق، وأن القبل
    طعام ليالي الغزل
    وأن الصباح ينادي خطاي لكي تستمر
    على الدرب يوماً جديداً!
    صديقان نحن، فسيري بقربيَ كفاً بكف
    معاً، نصنع الخبز والأغنيات
    لماذا نسائل هذا الطريق... لأي مصير
    يسير بنا؟
    ومن أين لملم أقدامنا؟
    فحسبي، وحسبك أنا نسير...
    معاً، للأبد
    لماذا نفتش عن أُغنيات البكاء
    بديوان شعر قديم؟
    ونسأل: يا حبنا! هل تدوم؟
    أُحبكِ حُبَّ القوافل واحةَ عشب وماء
    وحب الفقير الرغيف!
    كما ينبت العشب بين مفاصل صخرة
    وجدنا غريبين يوماً
    ونبقى رفيقين دوماً.



                  

03-26-2003, 11:33 AM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)



    .
    .


    لوركا

    من ديوان " أوراق الزيتون " (1964)
    عفو زهر الدم يا لوركا ،وشمس في يديك
    وصليب يرتدي نار قصيده
    أجمل الفرسان في الليل . . يحجون إليك
    بشهيد . . وشهيدة
    هكذا الشاعر زلزال . . وإعصار مياه
    ورياح . . إن زأر
    يهمس الشراع للشراع : قد مرت خطاه
    فتطاير يا حجر
    هكذا الشاعر موسيقى وترتيل صلاه
    ونسيم إن همس
    يأخذ الحسناء في لين إله
    وله الأقمار عش إن جلس
    لم تزل إسبانيا أتعس أم
    أرخت الشعر على أكتافها
    وعلى أغصان زيتون المساء المدلهم
    علقت أسيافها
    عازف الجيتار في الليل يجوب الطرقات
    ويغني في الخفاء
    وبأشعارك يا لوركا يلم الصدقات
    من عيون البؤساء
    العيون السود في إسبانيا تنظر شزرا
    وحديث الحب أبكم
    يحفر الشاعر في كفيه قبرا
    إن تكلم
    نسي النسيان أن يمشي على ضوء دمك
    فاكتست بالدم بسمات القمر
    أنبل الأسياف . . حرف من فمك
    عن أناشيد الغجر
    آخر الأخبار من مدريد أن الجرح قال
    شبع الصابر صبرا
    اعدموا غوليان في الليل وزهر البرتقال
    لم يزل ينشر عطرا
    أجمل الأخبار من مدريد
    ما يأتي غدا



                  

03-29-2003, 09:51 AM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)



    .
    .



    حنين إلى الضوء

    من ديوان " أوراق الزيتون " (1964
    ماذا يثير الناس لو سرنا على ضوء النهار
    وحملت عنك حقيبة اليد. . والمظلة
    وأخذت ثغرك عند زاوية الجدار
    وقطفت قبله
    عيناك
    أحلم أن أرى عينيك يوما تنعسان
    فأرى هدوء البحر عند شروق الشمس
    شفتاك
    أحلم أن أرى شفتيك حين تقبلان
    فأرى اشتعال الشمس في ميلاد عرس
    ماذا يغيظ الليل لو أوقدتِ عندي شمعتين
    ورأيت وجهك حين يغسله الشعاع
    ورأيت نهر العاج يحرسه رخام الزورقين
    فأعود طفلا للرضاع
    من بئر مأساتي .. أنادي مقلتيك
    كي تحملا خمر الضياء إلى عروقي
    ماذا يثير الناس لو ألقيت رأسي في يديك
    وطويت خصرك في الطريق
    هذه اخر قصيده
    فى ديوان
    أوراق الزيتون








                  

03-30-2003, 11:32 AM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)



    .
    .


    عاشق في فلسطين
    من ديوان " عاشق في فلسطين " (1966)
    عيونِك شوكةٌ في القلب
    توجعني... وأعبدُها
    وأحميها من الريحِ
    وأُغمدها وراء الليل والأوجاع... أغمدها
    فيشعل جُرحُها ضوءَ المصابيحِ
    ويجعل حاضري غدُها
    أعزَّ عليَّ من روحي
    وأنسى، بعد حينٍ، في لقاء العين بالعينِ
    بأنّا مرة كنّا، وراءَ الباب، إثنينِ!
    كلامُكِ... كان أغنيهْ
    وكنت أُحاول الإنشاد
    ولكنَّ الشقاء أحاط بالشفة الربيعيَّة
    كلامك، كالسنونو، طار من بيتي
    فهاجر باب منزلنا، وعتبتنا الخريفيَّه
    ...وراءك، حيث شاء الشوقُ
    وانكسرت مرايانا
    فصار الحزن ألفينِ
    ولملمنا شظايا الصوت
    !...لم نتقن سوى مرثيَّة الوطنِ
    سنزرعها معاً في صدر جيتارِ
    وفق سطوح نكبتنا، سنعرفها
    لأقمارٍ مشوَّهةٍٍ...وأحجارِ
    :ولكنّي نسيتُ... نسيتُ... يا مجهولةَ الصوتِ
    !رحيلك أصدأ الجيتار... أم صمتي؟
    رأيتُك أمسِ في الميناءْ
    مسافرة بلا أهل... بلا زادِ
    ركضتُ إليكِ كالأيتامُ،
    أسأل حكمة الأجداد:
    لماذا تُسحبُ البيَّارة الخضراءْ
    إلى سجن، إلى منفى، إلى ميناءْ
    وتبقى، رغم رحلتها
    ورغم روائح الأملاح والأشواق،
    تبقى دائماً خضراء؟
    :وأكتب في مفكرتي
    أُحبُّ البرتقال. وأكرهُ الميناء
    :وأَردف في مفكرتي
    على الميناء
    وقفتُ. وكانت الدنيا عيونَ شتاءْ
    !وقشر البرتقال لنا. وخلفي كانت الصحراء
    رأيتُكِ في جبال الشوك
    راعيةً بلا أغنام
    ...مطارَدةً، وفي الأطلال
    وكنت حديقتي، وأنا غريب الدّار
    أدقُّ الباب يا قلبي
    ...على قلبي
    !يقرم الباب والشبّاك والإسمنت والأحجار
    رأيتكِ في خوابي الماء والقمحِ
    محطَّمةً. رأيتك في مقاهي الليل خادمةً
    .رأيتك في شعاع الدمع والجرحِ
    ...وأنتِ الرئة الأخرى بصدري
    ...أنتِ أنتِ الصوتُ في شفتي
    !وأنتِ الماء، أنتِ النار
    رأيتكِ عند باب الكهف... عند النار
    مُعَلَّقَةً على حبل الغسيل ثيابَ أيتامك
    ...رأيتك في المواقد... في الشوارع
    في الزرائب... في دمِ الشمسِ
    !رأيتك في أغاني اليُتم والبؤسِ
    رأيتك ملء ملح البحر والرملِ
    وكنتِ جميلة كالأرض... كالأطفال... كالفلِّ
    :وأُقسم
    من رموش العين سوف أُخيط منديلا
    وأنقش فوقه شعراً لعينيكِ
    ...وإسماً حين أسقيه فؤاداً ذاب ترتيلا
    ...يمدُّ عرائش الأيكِ
    :سأكتب جملة أغلى من الشُهَدَاء والقُبَلِ
    "فلسطينيةً كانتِ. ولم تزلِ!"
    فتحتُ الباب والشباك في ليل الأعاصيرِ
    على قمرٍ تصلَّب في ليالينا
    !وقلتُ لليلتي: دوري
    ...وراء الليل والسورِ
    فلي وعد مع الكلمات والنورِ.
    ...وأنتِ حديقتي العذراءُ
    ما دامت أغانينا
    سيوفاً حين نشرعها
    ...وأنتِ وفيَّة كالقمح
    ما دامت أغانينا
    سماداً حين نزرعها
    وأنت كنخلة في البال،
    ما انكسرتْ لعاصفةٍ وحطّابِ
    وما جزَّت ضفائرَها
    ...وحوشُ البيد والغابِ
    ولكني أنا المنفيُّ خلف السور والبابِ
    خُذينيَ تحت عينيكِ
    خذيني، أينما كنتِ
    خذيني، كيفما كنتِ
    أردِّ إليَّ لون الوجه والبدنِ
    وضوء القلب والعينِ
    وملح الخبز واللحنِ
    !وطعم الأرض والوطنِ
    خُذيني تحت عينيكِ
    خذيني لوحة زيتيَّةً في كوخ حسراتِ
    خذيني آيةً من سفر مأساتي
    خذيني لعبة... حجراً من البيت
    ليذكر جيلُنا الآتي
    !مساربه إلى البيتِ
    فلسطينيةَ العينين والوشمِ
    فلسطينية الإسمِ
    فلسطينية الأحلام والهمِّ
    فلسطينية المنديل والقدمَين والجسمِ
    فلسطينية الكلمات والصمتِ
    فلسنينية الصوتِ
    فلسطينية الميلاد والموتِ
    حملتُك في دفاتريَ القديمةِ
    نار أشعاري
    حملتُك زادَ أسفاري
    :وباسمك، صحتُ في الوديانْ
    خيولُ الروم!... أعرفها
    !وإن يتبدَّل الميدان
    ...خُذُوا حَذَراً
    من البرق الذي صكَّته أُغنيتي على الصوَّانْ
    أنا زينُ الشباب، وفارس الفرسانْ
    أنا. ومحطِّم الأوثانْ.
    حدود الشام أزرعها
    !قصائد تطلق العقبان
    وباسمك، صحت بالأعداءْ:
    كلي لحمي إذا نمت ياديدانْ
    فبيض النمل لا يلد النسور
    ...وبيضةُُ الأفعى
    !يخبىء قشرُها ثعبانْ
    خيول الروم... أعرفها
    وأعرف قبلها أني
    !أنا زينُ الشباب، وفارس الفرسان

    هذه اول قصائد ديوان عاشق من فلسطين

                  

03-31-2003, 10:59 AM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)



    .
    .


    إلى أٌمي
    من ديوان " عاشق في فلسطين " (1966
    أحنُّ إلى خبز أُمي
    وقهوة أُمي
    ..ولمسة أُمي
    وتكبرُ فيَّ الطفولةُ
    يومًا على صدر يومِ
    وأعشَقُ عمرِي لأني
    إذا مُتُّ،
    !أخجل من دمع أُمي
    خذيني، إذا عدتُ يومًا
    وشاحًا لهُدْبِكْ
    وغطّي عظامي بعشب
    تعمَّد من طهر كعبك
    ..وشُدّي وثاقي
    ..بخصلة شَعر
    ..بخيطٍ يلوِّح في ذيل ثوبك
    عساني أصيرُ إلهًا
    ..إلهًا أصير
    !إذا ما لمستُ قرارة قلبك
    ضعيني، إذا ما رجعتُ
    ..وقودًا بتنور ناركْ
    وحبل غسيل على سطح دارك
    لأني فقدتُ الوقوفَ
    بدون صلاة نهارك
    هَرِمْتُ، فردّي نجوم الطفولة
    حتى أُشارك
    صغار العصافير
    ..درب الرجوع
    !لعُش انتظارِك

                  

04-01-2003, 09:22 AM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)



    .
    .


    السجن
    من ديوان " عاشق في فلسطين " (1966
    تغير عنوان بيتي
    وموعد أكلي
    ومقدار تبغي تغير
    ولون ثيابي ووجهي وشكلي
    وحتى القمر
    عزيز علي هنا
    صار أحلى وأكبر
    ورائحة الأرض : عطر
    وطعم الطبيعة : سكر
    كأني على سطح بيتي القديم
    ونجم جديد
    بعيني تسمر

                  

04-02-2003, 09:57 AM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)



    .
    .


    خواطر في شارع
    من ديوان " عاشق في فلسطين " (1966
    يا شارع الأضواء! ما لون السماءْ
    وعلام يرقص هؤلاء؟
    من أين أعبر، والصدور على الصدور
    والساق فوق الساق. ما جدوى بكائي
    أي عاصفة يفتنها البكاء؟
    فتيممي يا مقلتي حتى يصير الماء ماء
    !وتحجَّري يا خطوتي
    ...هذا المساء
    !قدَرٌ أسلّمه سعير الكبرياء
    ...من أي عام
    أمشي بلا لون، فلا أصحو ولا أغفو
    وأبحث عن كلام؟
    أتسلق الأشجار أحياناً
    وأحياناً أجدِّف في الرغام
    والشمس تشرق ثم تغرب... والظلام
    يعلو ويهبط. والحمام
    !ما زال يرمز للسلام
    يا شارع الأضواء، ما لون الظلام
    وعلام يرقص هؤلاء؟
    ومتى تكفُّ صديقتي بالأمس، قاتلتي
    تكفُّ عن الخيانة والغناء؟
    الجاز يدعوها؟
    ولكني أُناديها... أُناديها... أُناديها.
    وصوت الجاز مصنوع
    وصوتي ذوب قلب تحت طاحون المساء
    ،لو مرة في العمر أبكي
    يا هدوء الأنبياء
    لكن زهر النار يأبى أن يعرِّض للشتاء
    يا وجه جدي
    يا نبياً ما ابتسم
    ،من أي قبر جئتني
    ولبست قمبازاً بلون دم عتيق
    فوق صخره
    وعباءة في لون حفره
    يا وجه جدي
    يا نبياً ما ابتسم
    من أي قبر جئتني
    لتحيلني تمثال سم.
    الدين أكبرُ
    لم أبع شبراً، ولم أخضع لضيم
    ...لكنهم رقصوا وغنوا فوق قبرك
    فلتنم
    صاحٍ أنا... صاحٍ أنا... صاحٍ أنا
    حتى العدم


                  

04-02-2003, 07:22 PM

الجندرية
<aالجندرية
تاريخ التسجيل: 10-02-2002
مجموع المشاركات: 9450

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)

    المهندس
    لسة نحن في سنة 66
    يعني لمن تصل محل عايزين نفسنا يقوم
    ما رضيت تسمع كلامنا وتبدأ بالمعكوس
                  

04-03-2003, 08:23 AM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: الجندرية)

    يسمع
    ويطاع
    ولكن على مسؤليتكم
    اعدت ترتيب الزمنى
                  

04-03-2003, 12:14 PM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)



    .
    .


    عندما يذهب الشهداء الى النوم
    تُصبحون على وطن"

    من ديوان " ورد أقل " (1986

    عندما يذهب الشهداء الى النوم أصحو

    وأحرسهم من هواة الرِّثاء

    :أقول لهم

    تُصبحون على وطن،

    من سحابٍ ومن شجرٍ،

    من سراب وماء

    أهنئُهُم بالسلامةِ من حادثِ المُستحيل

    ومن قيمة المذبح الفائضة

    وأسرقُ وقتَا لكي يسرقوني من الوقتِ.


    هل كُلُنا شهداء؟
    : وأهمس

    يا أصدقائي اتركوا حائطاَ واحداً،

    لحبال الغسيل،

    اتركوا ليلةًَ للغناء

    ،اُعلِّق أسماءكم أين شئتم فناموا قليلاً

    وناموا على سلم الكرمة الحامضة

    لأحرس أحلامكم من خناجر حُراسكم

    وانقلاب الكتاب على الأنبياء
    وكونوا نشيد الذي لا نشيد له
    عندما تذهبون إلى النوم هذا المساء

    : أقول لكم

    تصبحون على وطنٍ

    حمّلوه على فرس راكضه



    : وأهمس



    ... يا أصدقائي لن تصبحوا مثلنا

    !حبل مشنقةٍ غامضه



    (عدل بواسطة almohndis on 04-10-2003, 03:15 PM)

                  

04-03-2003, 05:39 PM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)



    .
    .



    محمَّـد

    في ذكرى الشهيد الطفل محمد الدرة

    محمود درويش

    2001


    مُحمَّدْ،

    يُعَشِّشُ في حِضنِ والدهِ طائراً خائفاً

    مِنْ جحيمِ السماءِ: احمني يا أبي

    مِنْ الطَيرانِ إلى فوق! إنَّ جناحي

    صغيرٌ على الريحِ... والضوءُ أسْوَدْ

    * *

    مُحمَّدْ،

    يريدُ الرجوعَ إلى البيتِ، مِنْ

    دونِ دَرَّاجة... أو قميصٍ جديدْ

    يريدُ الذهابَ إلى المقعد المدرسيِّ...

    إلى دَفترِ الصَرْفِ والنَحْوِ: خُذني

    إلى بَيْتنا، يا أبي، كي أُعدَّ دُرُوسي

    وأكملَ عمري رُوَيْداً رويداً...

    على شاطئِ البحرِ، تحتَ النخيلِ

    ولا شيءَ أبْعدَ، لا شيءَ أبعَدْ

    * *

    مُحمَّدْ،

    يُواجهُ جيشاً، بلا حَجرٍ أو شظايا

    كواكب، لم يَنتبه للجدارِ ليكتُبَ:

    "حُريتي لن تموت".

    فليستْ لَهْ، بَعدُ، حُريَّة

    ليدافعَ عنها. ولا أفُقٌ لحمامةِ بابلو بيكاسو.

    وما زالَ يُولَدُ، ما زالَ

    يُولدَ في اسمٍ يُحمِّله لَعْنةَ الاسم. كمْ

    مرةً سوفَ يُولدُ من نفسهِ وَلداً

    ناقصاً بَلداً... ناقصاً موعداً للطفولة؟

    أين سيحلَمُ لو جاءهُُ الحلمُ...

    والأرضُ جُرْح... ومَعْبدْ؟

    * *

    مُحمَّدْ،

    يرى موتَهُ قادِماً لا محالةَ. لكنَّهُ

    يتذكرُ فهداً رآهُ على شاشةِ التلفزيون،

    فهداً قوياً يُحاصرُ ظبياً رضيعاً.

    وحينَ

    دنا مِنهُ شمَّ الحليبَ،

    فلم يفترِسهُ.

    كأنَّ الحليبَ يُروِّضُ وحشَ الفلاةِ.

    إذنْ، سوفَ أنجو - يقول الصبيُّ -

    ويبكي: فإنَّ حياتي هُناك مخبأة

    في خزانةِ أمي، سأنجو... واشهدْ.

    * *

    مُحمَّدْ،

    ملاكٌ فقيرٌ على قابِ قوسينِ مِنْ

    بندقيةِ صيَّادة البارِدِ الدمِ.

    من

    ساعةٍ ترصدُ الكاميرا حركاتِ الصبي

    الذي يتوحَّدُ في ظلِّه

    وجهُهُ، كالضُحى، واضح

    قلبُه، مثل تُفاحة، واضح

    وأصابعُه العَشْرُ، كالشمعِ، واضحة

    والندى فوقَ سروالهِ واضح...

    كان في وسعِ صيَّادٍهٍ أن يُفكِّر بالأمرِ

    ثانيةً، ويقولَ : سـأتركُهُ ريثما يتهجَّى

    فلسطينهُ دون ما خطأ...

    سوف أتركُهُ الآن رَهْنَ ضميري

    وأقتلُه، في غدٍ، عندما يتمرَّدْ!

    * *

    مُحمَّدْ،

    يَسُوع صغير ينامُ ويحلمُ في

    قَلْبِ أيقونةٍ

    صُنِعتْ من نحاسْ

    ومن غُصْن زيتونة

    ومن روح شعب تجدَّدْ

    * *

    مُحمَّدْ،

    دَمٌ زادَ عن حاجةِ الأنبياءِ

    إلى ما يُريدون، فاصْعَدْ

    إلى سِدرة المُنْتَهى

    يا مُحمَّدْ!


                  

04-04-2003, 03:45 PM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)



    .
    .


    جدارية
    محمود درويش
    اهداء الى كل من يحى فضل الله الجندريه ونجاة محمد وقرجه ودشاموق وعبدالله جعفر وابوخالد


    هذا هو اسمك
    قالت امرأة وغابت في الممر اللولبي
    أرى السماء هناك في متناول الأيدي
    ويحملني جناح حمامة بيضاء صوب طفولة أخرى
    ولم أحلم بأني كنت أحلم
    كل شيء واقعي . كنتُ
    أعلم أنني ألقي بنفسي جانبًا
    وأطير . سوف أكون ما سأصير في في الفلك الاخير
    وكل شيء أبيض
    البحر المعلق فوق سقف غمامة بيضاء
    واللا شيء أبيض في سماء المطلق البيضاء
    كنتً ولم أكن فأنا وحيد في نواحي هذه الابدية البيضاء
    جئت قبيل ميعادي
    فلم يظهر ملاك واحد ليقول لي
    ماذا فعلت ، هناك ، في الدنيا ؟
    ولم أسمع هتاف الطيبين ، ولا أنين الخاطئين ، أنا وحيدٌ في البياض
    أنا وحيد
    لا شيء يوجعني ، على باب القيامة
    لا الزمان ولا العواطف .لا
    أحس بخفة الاشياء او ثقل الهواجس .
    لم أجد أحدًا لأسأل :
    أين ) أيني ) الان ؟ أين مدينة الموتى ، وأين أنا ؟ فلا عدمٌ
    هنا في اللا هنا .... في اللا زمان ولا وجود

    وكأنني قد متّ قبل الان
    أعرف هذه الرؤيا ، وأعرف أنني
    أمضي إلى ما لستُ أعرف . ربما
    مازلت حيًا في مكان ٍ ما وأعرف ما أريد
    سأصير يومًا ما أريد
    سأصير يومًا فكرة .. لا سيف يحملها
    إلى الأرض اليباب ، ولا كتاب
    كأنها مطرٌ على جبل ٍ تصّدع من تفتّح عشبةٍ ،
    لا القوة انتصرت ولا العدل الشريد
    سأصير يومًا ما أُريد
    سأصير يومًا طائرًا ، وأسّلُ من عدمي وجودي
    كلما أحترق الجناحان
    اقتربت من الحقيقة ، وانبعثتُ من الرماد
    أنا حوار العالمين ، عزفتُ عن جسدي وعن نفسي أكمل رحلتي
    الاولى الى المعنى فأحرقني
    وغاب . أ،ا الغياب . أنا السماوي الطريد

    سأصير يومًا ما أريد
    سأصير يومًا شاعرًا والماء ُ رهن بصيرتي . لغتي مجازٌ
    للمجاز، فلا أقول ولا أشير الى مكان
    فالمكان خطيئتي وذريعتي
    أنا من هناك ((هنا))ي يقفز من خطاي الى مخيلّتي
    انا من كنت أو سأكون
    يصنعني ويصرعني الفضاء اللا نهائي المديد
    سأصير يومًا ما أريد
    سأصير يومًا كرمةً
    فليعتصرني الصيفُ منذ الآن
    وليشرب نبيذي العابرون على ثُريات المكان آلسُـّكري !
    أنا الرسالة ُ والرسول
    أنا العناوين الصغيرة والبريد
    سأصير يومًا ما اريد

    هذا هو اسمك
    قالتِ امرأةٌ
    وغابت في ممر بياضها
    هذا هو اسمك فاحفظ اسمك جيدًا
    لا تختلف معه على حرف
    ولا تعبأ برايات القبائل
    كن صديقًا لاسمك الافقي
    جربّه مع الاحياء والموتي
    ودرّبه على النطق الصحيح برفقة الغرباء
    واكتبه على احدى صخور الكهف
    يا إسمي : سوف تكبر حين أكبر
    سوف تحملني وأحملك
    الغريب أخ الغريب
    سنأخذ الانثى بحرف العلة المنذور للنايات
    يا إسمي : أين نحن الان ؟.
    قل : ما الان ، ما الغد ؟
    ما الزمان وما المكان
    وما القديم وما الجديد ؟
    سنكون يومًا ما نريد
    لا الرحلة ابتدأت ، ولا الدرب انتهى
    لم يبلغ الحكماء غربتهم
    كما لم يبلغ الغرباء حكمتهم
    ولم نعرف من الازهار غير شقائق النعمان
    فلنذهب الى أعلى الجدارايات :
    أرض قصيدتي خضراءُ عاليةٌ
    كلام الله عند الفجر أرض قصيدتي
    وأنا البعيد
    وأنا البعيد
    في كل ريحٍ تعبتُ أمرأة بشاعرها
    خذ الجهة التي أهديتني
    الجهة التي انكسرت
    وهات انوثتي
    لم يبق لي الا التأمل في تجاعيد البحيرة واتركنا معا
    لا شيء بعدك ، سوف يرحل أو يعود
    - وخذي القصيدة ‘ان أردتِ
    فليس لي فيها سواكِ
    خذي ))أناك))ِ . سأكمل المنفى
    بما تركت يداك من الرسائل لليمام
    فأينا منا (( أنا)) لأكون آخرها ؟
    ستسقط نجمة بين الكتابة والكلام
    وتنشر الذكرى خواطره : ولدنا
    في زمان السيف والمزمار بين التين والصبار
    كان الموت أبطأ ، كان أوضح . كان هدنة عابرين
    على مصب النهر
    أما الان فالزر الالكتروني يعمل وحده .
    لا قاتل يُصغي الى قتلي . ولا يتلو وصيته الشهيد

    من أي ريح جئتِ ؟
    قولي ما اسم جرحك أعرف
    الطرق التي سنضيع فيها مرتين !
    وكل نبض فيكِ يوجعني ويرجعني
    الى زمن خرافي . ويوجعني دمي
    والملح يوجعني ويوجعني الوريد
    في الجرة المكسورة انتحبت نساء
    الساحل السوري من طول المسافة
    واحترقن بشمس آب . رأيتهن على طريق النبع قبل ولادتي
    وسمعت ُ صوت الماء في الفخّار يبكيهن :
    عُدن الى السحابة يرجع الزمن الرغيد

    قال الصدى :
    لاشيء يرجعُ غيرُ ماضي الاقوياء
    على مسلاّت المدى ... ( ذهبيةٌ آثارهم ذهبيةٌ )
    ورسائل الضعفاء للغد
    أعطنا خبز الكفاف وحاضرًا أقوى
    فليس لنا التقمصُّ والحلولُ ولا الخلود

    قال الصدى :
    وتعبتُ من أملي العضال تعبتُ
    من شرَك الجماليات : ماذا بعد بابل ؟
    كلما اتضح الطريق الى السماء ، وأسفر المجهول عن هدفٍ
    نهائيٍ تفشّى النثرُ في الصلوات وانكسر النشيد
    خضراءُ ، أرضُ قصيدتي خضراء عاليةٌ
    تطلُّ عليّ من بطحاء هاويتي
    غريبٌ أنت في معناك . يكفي أن تكون هناك ، وحدك ، كي تصير قبيلةَ
    غنيّتكي أزن المدى المهدور في وجع الحمامة
    لا لأشرح ما يقول الله للإنسان
    لستُ أنا النبي لأدعي وحيًا
    وأعلنُ أن هاويتي صعود

    وأنا الغريب بكل ما أوتيت من لغتي ولو أخضعتُ عاطفتي بحرف الضاد
    تخضعني بحرف الياء عاطفتي
    وللكلمات وهي بعيدةٌ أرض تجاور كوكبًا أعلى
    وللكلمات وهي قريبةٌ منفى
    ولا يكفي الكتابُ لكي أقول :
    وجدت نفسي حاضرًا ملْ الغياب
    وكلما فتشّتُ عن نفسي وجدتُ الآخرين
    وكلما فتشت عنهم لم أجد فيهم سوى نفسي الغريبة
    هل أنا الفرد الحُشُودُ ؟
    وأنا الغريب . تعبتُ من ((درب الحليب )) الى الحبيب
    تعبت من صفتي . يضيقُ الشكل ُ .. يتسع الكلام . أفيضُ
    عن حاجات مفردتي وأنظر نحو نفسي في المرايا
    هل أنا هو ؟ هل أؤدي جيدًا دوري من الفصل الاخير ؟
    وهل قرأتُ المسرحية قبل هذا العرض ، أم فُرضت عليّ ؟
    وهل ؟أنا هو من يؤدي الدور
    أم أن الضحية غيّرت أقوالها لتعيش ما بعد الحداثة ، بعدما
    انحرف المؤلف عن سياق النص
    وانصرف الممثلُّ والشهود ؟
    وجلستُ خلف الباب أنظّر ُ: هل أنا هو ؟
    هه لغتي . وهذا الصوت وخز دمي
    ولكن المؤلف آخر
    أنا لستُ مني إن أتيت ولم أصل
    أنا لست مني إن نطقت ولم أقُل
    أنا من تقوُلُ له الحروف الغامضات أكتب تكن !
    وأقرأ تجد !
    وإذا أردت القول فافعل يتّحد ضداك في المعنى
    وباطنك الشفيف هو القصيد
    بحّارةٌ حولي ولا ميناء
    أفرغني الهباء من الإشارة والعبارة
    لم أجد وقتًا لأعرف أين منزلتي الهُنيهة ، بين منزلتين . لم أسأل سؤالي ، بعد ،
    عن غبش التشابه بين بابين : الخروج أم الدخول
    ولم أجد موتًا لأقتنص الحياة
    ولم أجد صوتًا لأصرخ : أيها الزمن السريع ! خطفتني مما تقول
    لي الحروف الغامضات :
    الواقعيّ هو الخياليُ الأكيد
    يا أيها الزمن الذي لم ينتظر
    لم ينتظر أحدًا تأخر عن ولادته
    دع الماضي جديدًا ، فهو ذكراك الوحيدة بيننا ،
    أيام كنا أصدقاءك
    لا ضحايا مركباتك . واترك الماضي كما هو ، لا يُقاد ولا يقود

    ورأيتُ ما يتذكر الموتى وما ينسون
    هم لا يكبرون ويقرأون الوقت في ساعات ايديهم
    وهم لا يشعرون بموتنا أبدًا ولا بحياتهم . لا شيء
    مما كنتُ أو سأكون . تنحّلُ الضمائر
    كلها )) هو )) في (( أنا )) في (( أنت ))
    لا كلُّ ولا جزءٌ ولا حيُ يقول لميتٍ : كُنّي !
    وتنحلُّ العناصر والمشاعر ُ .
    لا

    و
    نواصل

                  

04-04-2003, 09:25 PM

ود شاموق
<aود شاموق
تاريخ التسجيل: 11-17-2002
مجموع المشاركات: 3605

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)

    المهندس يا راقي
    طوقت عنقي بهدية
    لا أقدر على إهدائك مثلها
    هدية أكبر مما توقعت
    وتعشمت وتمنيت
    لك غزير الشكر
    وجميله
    يا انسان
                  

04-05-2003, 07:21 PM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: ود شاموق)



    .
    .


    عابرون في كلام عابر
    محمود درويش

    "أيها المارون في الكلمات العابرة ...
    احملوا أسمائكم وانصرفوا ...
    وأسحبوا ساعاتكم من وقتنا ، وانصرفوا ...
    وخذوا ما شئتم من زرقة البحر ورمل الذاكرة ...
    و خذوا ما شئتم من صور، كي تعرفوا ...
    إنكم لن تعرفوا ...
    كيف يبني حجر من أرضنا سقف السماء ........
    ولنا الماضي هنا ...
    ولنا صوت الحياة الأول ...
    ولنا الحاضر
    والحاضر والمستقبل ...
    ولنا الدنيا هنا ..
    والآخرة ....
    فاخرجوا من أرضنا ...
    من برنا ...
    من بحرنا ...
    من قمحنا ..
    من ملحنا ..
    من جرحنا ...
    من كل شيء
    واخرجوا ...
    من ذكريات الذاكرة ...
    أيها المارون بين الكلمات العابرة!.."

                  

04-05-2003, 08:23 PM

هدهد

تاريخ التسجيل: 02-19-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)

    يديك المدى
    مليان بيك وبدفق
    لكن الهدهد داير الهدهد
                  

04-06-2003, 03:36 PM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: هدهد)

    ياهدهد لم اعرف لدرويش هدهد
    ولكن له يطير الحمام
    وله العاصفير تموت فى الجليل
    نهديك يطير الحمام

    يطيرُ الحمام


    من ديوان " حصار لمدائح البحر " (1984)


    يطيرُ الحمامُ

    يَحُطُّ الحمامُ

    - أعدِّي لِيَ الأرضَ كي أستريحَ

    فإني أُحبُّكِ حتى التَعَبْ...

    صباحك فاكهةٌ للأغاني

    وهذا المساءُ ذَهَبْ

    ونحن لنا حين يدخل ظِلٌّ إلى ظِلِّه في الرخامِ

    وأُشْبِهُ نَفْسِيَ حين أُعلِّقُ نفسي

    على عُنُقٍ لا تُعَانِقُ غَيرَ الغَمامِ

    وأنتِ الهواءُ الذي يتعرَّى أمامي كدمع العِنَبْ

    وأنت بدايةُ عائلة الموج حين تَشَبَّثَ بالبرِّ

    حين اغتربْ

    وإني أُحبُّكِ، أنتِ بدايةُ روحي، وأنت الختامُ

    يطير الحمامُ

    يَحُطُّ الحمامُ

    أنا وحبيبيَ صوتان في شَفَةٍ واحدهْ

    أنا لحبيبي أنا. وحبيبي لنجمته الشاردهْ

    وندخل في الحُلْمِ، لكنَّهُ يَتَبَاطَأُ كي لا نراهُ

    وحين ينامُ حبيبيَ أصحو لكي أحرس الحُلْمَ مما يراهُ

    وأطردُ عنه الليالي التي عبرتْ قبل أن نلتقي

    وأختارُ أيَّامنا بيديّ

    كما اختار لي وردةَ المائدهْ

    فَنَمْ يا حبيبي

    ليصعد صوتُ البحار إلى ركبتيّ

    وَنَمْ يا حبيبي

    لأهبط فيك وأُنقذَ حُلْمَكَ من شوكةٍ حاسدهْ

    وَنَمْ يا حبيبي

    عليكَ ضفائر شعري، عليك السلامُ

    يطيرُ الحمامُ

    يَحُطُّ الحمامُ

    - رأيتُ على البحر إبريلَ

    قلتُ: نسيتِ انتباه يديكِ

    نسيتِ التراتيلَ فوق جروحي

    فَكَمْ مَرَّةً تستطيعينَ أن تُولَدي في منامي

    وَكَمْ مَرَّةً تستطيعين أن تقتليني لأصْرُخَ: إني أحبُّكِ

    كي تستريحي?

    أناديكِ قبل الكلامِ

    أطير بخصركِ قبل وصولي إليكِ

    فكم مَرَّةً تستطيعين أن تَضَعِي في مناقير هذا الحمامِ

    عناوينَ روحي

    وأن تختفي كالمدى في السفوحِ

    لأدرك أنَّكِ بابلُ، مصرُ، وشامُ

    يطير الحمامُ

    يَحُطُّ الحمامُ

    إلى أين تأخذني يا حبيبيَ من والديَّ

    ومن شجري، من سريري الصغير ومن ضجري،

    من مرايايَ من قمري، من خزانة عمري ومن سهري،

    من ثيابي ومن خَفَري?

    إلى أين تأخذني يا حبيبي إلى أين

    تُشعل في أُذنيَّ البراري، تُحَمِّلُني موجتين

    وتكسر ضلعين، تشربني ثم توقدني، ثم

    تتركني في طريق الهواء إليك

    حرامٌ... حرامُ

    يطير الحمامُ

    يَحُطُّ الحمامُ

    - لأني أحبكِ، خاصرتي نازفهْ

    وأركضُ من وَجَعِي في ليالٍ يُوَسِّعها الخوفُ مما أخافُ

    تعالى كثيرًا، وغيبي قليلاً

    تعالى قليلاً، وغيبي كثيرًا

    تعالى تعالى ولا تقفي، آه من خطوةٍ واقفهْ

    أُحبُّكِ إذْ أشتهيكِ. أُحبُّكِ إذْ أشتهيك

    وأحضُنُ هذا الشعاعَ المطوَّقَ بالنحل والوردة الخاطفهْ

    أحبك يا لعنة العاطفهْ

    أخاف على القلب منك، أخاف على شهوتي أن تَصِلْ

    أُحبُّكِ إذْ أشتهيكِ

    أحبك يا جسدًا يخلق الذكريات ويقتلها قبل أن تكتملْ

    أحبك إذْ أشتهيكِ

    أُطوِّع روحي على هيئة القدمين - على هيئة الجنَّتين

    أحكُّ جروحي بأطراف صمتك.. والعاصفهْ

    أموتُ، ليجلس فوق يديكِ الكلامُ

    يطير الحمامُ

    يَحُطُّ الحمامُ

    لأني أُحبُّك (يجرحني الماءُ)

    والطرقاتُ إلى البحر تجرحني

    والفراشةُ تجرحني

    وأذانُ النهار على ضوء زنديك يجرحني

    يا حبيبي، أناديكَ طيلة نومي، أخاف انتباه الكلام

    أخاف انتباه الكلام إلى نحلة بين فخذيَّ تبكي

    لأني أحبُّك يجرحني الظلُّ تحت المصابيح، يجرحني

    طائرٌ في السماء البعيدة، عِطْرُ البنفسج يجرحني

    أوَّلُ البحر يجرحني

    آخِرُ البحر يجرحني

    ليتني لا أُحبُّكَ

    يا ليتني لا أُحبُّ

    ليشفى الرخامُ

    يطير الحمامُ

    يَحُطُّ الحمامُ

    - أراكِ، فأنجو من الموت. جسمُكِ مرفأْ

    بعشرِ زنابقَ بيضاء، عشر أناملَ تمضي السماءُ

    إلى أزرقٍ ضاع منها

    وأُمْسِكُ هذا البهاء الرخاميَّ، أُمسكُ رائحةً للحليب المُخبَّأْ

    في خوختين على مرمر، ثم أعبد مَنْ يمنح البرَّ والبحر ملجأْ

    على ضفَّة الملح والعسل الأوَّلين، سأشرب خَرُّوبَ لَيْلِكِ

    ثم أنامُ

    على حنطةٍ تكسر الحقل، تكسر حتى الشهيق فيصدأْ

    أراك، فأنجو من الموت. جسمك مرفأْ

    فكيف تُشَرِّدني الأرضُ في الأرض

    كيف ينامُ المنامُ

    يطير الحمامُ

    يَحُطُّ الحمامُ

    حبيبي، أخَافُ سكوتَ يديكْ

    فَحُكَّ دمي كي تنام الفرسْ

    حبيبي، تطيرُ إناثُ الطيور إليكْ

    فخذني أنا زوجةً أو نَفَسْ

    حبيبي، سأبقي ليكبر فُستُقُ صدري لديكْ

    ويجتثُّني مِنْ خُطَاك الحَرَسْ

    حبيبي، سأبكي عليكَ عليكَ عليكْ

    لأنك سطحُ سمائي

    وجسميَ أرضُكَ في الأرضِ

    جسمي مقَامُ

    يطير الحمامُ

    يَحُطُّ الحمامُ

    رأيتُ على الجسر أندلُسَ الحبّ والحاسَّة السادسهْ.

    على وردة يابسهْ

    أعاد لها قلبَها

    وقال: يكلفني الحُبُّ ما لا أُحبُّ

    يكلفني حُبَّها.

    ونام القمرْ

    على خاتم ينكسرْ

    وطار الحمامُ

    رأيتُ على الجسر أندلُسَ الحب والحاسَّة السادسهْ.

    على دمعةٍ يائسهْ

    أعادتْ له قلبَهُ

    وقالت: يكلفني الحبُّ ما لا أُحبُّ

    يكلفني حُبَّهُ

    ونام القمر

    على خاتم ينكسرْ

    وطار الحمامُ.

    وحطّ على الجسر والعاشِقيْنِ الظلامُ

    يطير الحمامُ

    يطير الحمامُ






                  

04-10-2003, 02:17 PM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)


    سماء منخفضة
    من ديوان " سرير الغريبة " (1999)
    هُنَالِكَ حُبٌّ يسيرُ على قَدَمَيْهِ الحَرِيرِيَّتَيْن
    سعيدًا بغُرْبَتِهِ في الشوارع،
    حُبٌّ صغيرٌ فقيرٌ يُبَلِّلُهُ مَطَرٌ عابر
    ٌفيفيض على العابرين:
    ( هدايايَ أكبرُ منّي
    كُلُوا حِنْطَتي
    واشربوا خَمْرَتي
    فسمائي على كتفيَّ وأَرضي لَكُمْ )...
    هَلْ شمَمْتِ دَمَ الياسمينِ المُشَاعَ
    وفكَّرْتِ بي
    وانتظرتِ معي طائرًا أَخضرَ الذَيْلِ
    لا اسْمَ لَهُ?
    هُنَالِكَ حُبٌّ فقيرٌ يُحدِّقُ في النهرِ
    مُسْتَسْلِمًا للتداعي: إلى أَين تَرْكُضُ
    يا فَرَسَ الماءِ?
    عما قليل سيمتصُّكَ البحرُ
    فامش الهوينى إلى مَوْتكَ الاِختياريِّ،
    يا فَرَسَ الماء!
    هل كنتِ لي ضَفَّتَينْ
    وكان المكانُ كما ينبغي أن يكون
    خفيفًا خفيفًا على ذكرياتِكِ ?
    أَيَّ الأغاني تُحِبِّينَ ?
    أيَّ الأغاني?
    أَتلك التيتتحدَّثُ عن عَطَشِ الحُبِّ،
    أَمْ عن زمانٍ مضى ?هنالك حُبّ فقير، ومن طَرَفٍ واحدٍ
    هادئٌ هادئٌ لا يُكَسِّرُ
    بِلَّوْرَ أَيَّامِكِ المُـنْتَقَاةِ
    ولا يُوقدُ النارَ في قَمَرٍ باردٍ
    في سريرِكِ،
    لا تشعرينَ بهِ حينَ تبكينَ من هاجسٍ،
    رُبَّما بدلاً منه،
    لا تعرفين بماذا تُحِسِّين حين تَضُمِّينَ
    نَفسَكِ بين ذراعيكِ!
    أَيَّ الليالي تريدين ? أيَّ الليالي ?
    وما لوْنُ تِلْكَ العيونِ التي تحلُمينَ
    بها عندما تحلُمين?
    هُنَالِكَ حُبٌّ فقيرٌ، ومن طرفين
    يُقَلِّلُ من عَدَد اليائسين
    ويرفَعُ عَرْشَ الحَمَام على الجانبين.
    عليكِ، إذًا، أَن تَقُودي بنفسِكِ
    هذا الربيعَ السريعَ إلى مَنْ تُحبّينَ
    أَيَّ زمانٍ تريدين ? أَيَّ زمان ?
    لأُصبحَ شاعِرَهُ، هكذا هكذا: كُلَّما
    مَضَتِ امرأةٌ في المساء إلى سرِّها
    وَجَدَتْ شاعرًا سائرًا في هواجسها.
    كُلَّما غاص في نفسه شاعرٌ
    وَجَدَ امرأةً تتعرَّى أَمام قصيدتِهِ...
    أَيَّ منفىً تريدينَ?
    هل تذهبين معي، أَمْ تسيرين وَحْدَكِ
    في اسْمك منفًى يُكَلَّلُ منفًى
    بِلأْلاَئِهِ ?
    هُنالِكَ حُبٌّ يَمُرُّ بنا،
    دون أَن نَنْتَبِهْ،
    فلا هُوَ يَدْري ولا نحن نَدْري
    لماذا تُشرِّدُنا وردةٌ في جدارٍ قديم
    وتبكي فتاةٌ على مَوْقف الباص،
    تَقْضِمُ تُفَّاحَةً ثم تبكي وتضحَكُ:
    (لا شيءَ، لا شيءَ أكثر
    من نَحْلَةٍ عَبَرَتْ في دمي...
    هُنالِكَ حُبّ فقيرٌ، يُطيل
    ُالتأمُّلَ في العابرين، ويختارُ
    أَصغَرَهُمْ قمرًا: أَنتَ في حاجةٍ
    لسماءٍ أَقلَّ ارتفاعًا،
    فكن صاحبي تَتَّسعْ
    لأَنانيَّةِ اثنين لا يعرفان
    لمن يُهْدِيانِ زُهُورَهُم...
    ربَّما كان يَقْصِدُني، رُبَّما
    كان يقصدُنا دون أَن نَنْتَبِهْ
    هُنَالِكَ حُبّ ...
                  

04-12-2003, 09:01 PM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)


    فرسٌ للغريب
    [ إلى شاعرٍ عراقيّ ]
    من ديوان " أحد عشر كوكباً " (1992
    ُعِدُّ لأَرْثيكَ، عِشْرينَ عامًا من الحُبِّ. كُنْتَ
    وَحيدًا هناكَ تُؤَثِّثُ مَنْفًى لسَيِّدَةِ الزَّيْزَفُونِ، وبَيْتا
    لِسَيِّدِنا في أَعإلى الكَلامِ. تَكَلَّمْ لِنَصْعَدَ أَعْلى
    وأَعْلى... على سُلَّمِ الْبِئْرِ، يا صاحِبي، أَينَ أَنتَ?
    تَقَدَّمْ، لأَحْمِلَ عنكَ الكَلامَ... وأَرْثيك
    ... لو كانَ جِسْرًا عَبَرْناهُ. لكِنَّه الدّارُ والهاوِيَة
    وللقَمَرِ البابِلِيِّ على شَجَرِ اللَّيلِ مَمَلكَةٌ لَمْ تَعُدْ
    لَنا، مُنْذُ عادَ التَّتارُ على خَيْلِنا. والتَّتارُ الجُدُدْ
    يَجُرُّونَ أسْماءَنا خَلْفَهُم في شِعابِ الجِبالِ، ويَنْسَوْنَنا
    ويَنْسَوْنَ فينا نَخيلاً ونَهْرَيْنِ: يَنْسَوْنَ فينا العِراقْ
    أَما قُلْتَ لي في الطَّريقِ إِلى الرِّيحِ: عمَّا قَليل
    سَنَشْحَنُ تاريخَنا بالمَعاني، وتَنْطَفِئُ الحَرْبُ عمَّا قَليل
    وعمَّا قَليلٍ نُشَيِّدُ سُومَرَ، ثانِيَةً، في الأَغاني
    ونَفْتَحُ بابَ المَسارحِ للنَّاسِ والطَّيْرِ من كلّ جِنْسِ?
    وَنَرْجِعُ مِنْ حَيْثُ جاءَتْ بِنا الرِّيح...
    لَنا غُرَفٌ في حَدائِقِ آبَ، هُنا في البِلادِ الَّتي
    تُحِبُّ الكِلابَ وَتَكْرَهُ شَعْبَكَ واسْمَ الْجَنوبِ. لَنا
    بَقايا نِساءٍ طُرِدْنَ من الأُقْحُوانِ. لَنا أَصْدِقاءُ
    من الغَجَرِ الطَّيِّبينَ. لَنا دَرَجُ الْبارِ. رامبو لنا. ولنا
    رَصيفٌ مِنَ الكَسْتَناءِ. لَنا تكنولوجيا لِقَتْلِ الْعِراق
    تَهُبُّ جَنُوبيّةً ريحُ مَوْتاكَ. تَسْأَلُني: هَلْ أَراك?
    أَقولُ: تَراني مَساءً قَتيلاً على نَشْرَةِ الشَّاشَةِ الْخامِسَة
    فَما نَفْعُ حُرّيّتي يا تَماثيلَ رودانَ? لا تَتَساءَلْ، ولا
    تُعَلِّقْ على بَلَحِ النَّخْلِ ذاكِرَتي جَرَسًا.
    قَدْ خَسِرْنامَنافِينَا مُنْذُ هَبَّتْ جَنوبِيّةً ريحُ مَوْتاك...
    .. لا بُدَّ مِنْ فَرَسٍ لِلْغَرِيبِ لِيَتْبَعَ قَيْصَرَ، أَو
    لِيَرْجِعَ مِنْ لَسْعَةِ النَّايِ. لاَ بُدَّ مِنْ فَرَسٍ لِلغَريبْ
    َما كانَ في وُسْعِنا أَنْ نَرى قَمَرًا وَاحِدًا لا يَدُلُّ
    على امْرَأَةٍ ما? أما كان في وُسْعِنا أَنْ
    نُمَيِّزَ بَيْنَ البَصيرَةِ، يا صاحِبي، والبَصَرْ?
    لَنا ما عَلَيْنا من النَّحْلِ وَالمُفْرَداتِ. خُلِقْنا لِنَكْتُبَ عَمّا
    يُهَدِّدُنا مِنْ نِساءٍ وَقَيْصَرَ... والأَرْضِ حِينَ تَصيرُ لُغَةْ،
    وَعَنْ سِرِّ جلجامشَ الْمُسْتَحيلِ، لِنَهْرُبَ مِنْ عَصْرِنا
    إِلى أَمْسِ خَمْرَتِنا الذَّهَبِيِّ ذَهَبْنا، وَسِرْنا إِلى عُمْرِ حِكْمَتِنا
    وكانت أَغاني الحَنينِ عِرَاقِيّةً، والعِراقُ نَخيلٌ ونَهْران...
    وكانت أَغاني الحَنينِ عِرَاقِيّةً، والعِراقُ نَخيلٌ ونَهْران...
    ولي قارِئٌ في الجَنُوبِ. ولي حَجَرُ الشَّمْسِ في نَيْنَوى
    وَنَيْروزُ لِي في ضَفائِرِ كُرْدِيّةٍ في شَمالِ الشَّجَنْ
    ولي وَرْدَةٌ في حَدائِقِ بابِلَ. لي شاعِرٌ في بُوَيْب
    ولي جُثَّتي تَحْتَ شَمْسِ العِراق
    على صورَتي خَنْجَري. وعلى خَنْجري صورَتي. كُلَّما
    بَعُدْنا عَنِ النَّهْرِ مَرَّ الْمَغولِيُّ، يا صاحِبي، بَيْنَنا
    كَأَنَّ القَصائِدَ غَيْمُ الأَساطيرِ. لا الشَّرْقُ شَرْقٌ
    ولا الغَربُ غَرْبٌ. تَوَحَّدَ إِخْوَتُنا فِي غَريزَةِ قابيلَ. لا
    تُعاتِبْ أَخاكَ، فإِنَّ الْبَنَفْسَجَ شاهِدَةُ الْقَبر...
    ... قَبْرٌ لِباريسَ، لُنْدنَ، روما، نيويورك، موسكو، وقبر
    لِبَغْدادَ، هَلْ كانَ من حَقِّها أَن تُصَدِّقَ ماضِيَها الْمُرْتَقَبْ?
    وَقَبْرٌ لإِيتاكَةِ الدَّرْبِ وَالْهَدَفِ الصَّعْبِ، قَبْرٌ لِيافا...
    وَقَبْرٌ لِهوميرَ أَيْضًا وَلِلْبُحْتُرِيِّ، وقبرٌ هو الشِّعْرُ، قبر
    من الرِّيحِ... يا حَجَرَ الرُّوحِ، يا صَمْتَنا!
    نُصَدِّقُ، كَي نُكْمِلَ التِّيهَ، أنَّ الخَريفَ تَغَيَّرَ فينا
    نَعَمْ، نَحْنُ أَوْراقُ هذا الصَّنَوْبَرِ، نَحْنُ التَّعَب
    وقَدْ خَفَّ، خارِجَ أجسادِنا، كالنَّدى... وَانْسَكَب
    نَوارِسَ بيضاءَ تبحثُ عن شُعَراءِ الْهَواجِس فينا
    عَنْ دَمْعَةِ الْعَرَبِيِّ الأَخيرةِ، صَحْراء... صَحْراء
    ولا صَوْتَ يَصْعَدُ، لا صَوْتَ يَهْبِطُ، بَعْدَ قَليل
    سَنُفْرِغُ آخِرَ أَلْفاظِنا في مَديحِ المَكانِ، وَبَعْدَ قليل
    سَنَرْنو إِلى غَدِنا، خَلْفَنا، في حَريرِ الكَلامِ القَديم
    وسَوْفَ نُشاهِدُ أحْلامَنا في الْمَمَرَّاتِ تَبْحَثُ عَنّا
    وعَنْ نَسْرِ أَعْلامِنا السُّود... /
    صَحْراءُ للصَّوْتِ، صَحْراءُ لِلصَّمْتِ، صحراءُ لِلْعَبَثِ الأَبَدِيّ
    لِلَوْحِ الشَّرائِعِ صَحْراءُ، للكُتُبِ المَدْرَسِيَّةِ، للأَنبِياءِ وللعُلَماءْ
    لشيكسبيرَ صَحْراءُ، للباحِثينَ عنِ اللّهِ في الكائنِ الآدَمِيّ
    أُنا يَكْتُبُ العَرَبِيُّ الأَخِيرُ: أَنا العَرَبِيُّ الّذي لَمْ يَكُنْ
    أَنا العَرَبِيُّ الَّذي لَمْ يَكُنْ
    قُلِ الآن إِنَّكَ أَخْطَأْتَ، أَو لا تَقُلْ
    فَلَنْ يَسْمَعَ المَيِّتونَ اعْتِذارَكَ منهم، ولَنْ يَقْرَؤوا
    مَجَلاّتِ قاتِلِهِمْ كَيْ يَرَوْا ما يَرَوْنَ، ولن يَرْجِعوا
    أِلى الْبَصْرةِ الأَبَدِيَّةِ كَيْ يَعْرِفوا ما صَنَعْت
    بأُمِّك، حِينَ انْتَبَهْتَ إِلى زُرْقَةِ الْبَحْر...
    سَأُولَدُ مِنْكَ وَتُولَدُ مِنّي. رُوَيْدًا رُوَيْدًا سَأَخْلَعُ عَنْك
    أصابعَ مَوْتايَ، أَزْرارَ قُمْصانِهِمْ، وبِطاقاتِ ميلادِهِمْ
    وتخلعُ عنِّي رَسائلَ مَوْتاكَ لِلْقُدْسِ، ثُمَّ نُنَظِّفُ نظَّارَتَيْنا
    من الدَّمِ، يا صاحِبي، كَيْ نُعيدَ قِراءَةَ كافْكا
    ونَفْتَحَ نافِذَتَيْنِ على شارِعِ الظِّلّ... /
    .. في داخِلي خارِجي. لا تُصَدِّقْ دُخانَ الشِّتاءِ كثيرًا
    فعمّا قليلٍ سَيَخْرُجُ إِبْريلُ مِن نَوْمِنا. خارِجي داخِلي
    فلا تَكْتَرِثْ بِالتَّماثيلِ... سَوْفَ تُطَرِّزُ بِنْتٌ عِراقِيَّةٌ ثَوْبَها
    بأَوَّلِ زَهْرَةِ لَوْزٍ، وتَكْتُبُ أَوَّلَ حَرْفٍ من اسْمِك
    على طَرَفِ السَّهْمِ فَوْقَ اسْمِها...
    في مَهَبِّ الْعِراق


    محمود درويش
                  

04-12-2003, 10:03 PM

هدهد

تاريخ التسجيل: 02-19-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)

    شكرا جزيلا
    ياهندسة
    هدي فيني القمر
    وغسلتني انوار النجوم
    ولكن لدرويش الهدهد
    وقد نشرت في احد اعداد الكرمل
    ومنها مقطع لازلت اتذكره

    واذ قال الهدهد السكران طيروا
    كي تطيروا نحن عشاقا فحسب

    ابحث معي وابحث معك وسوف نجده
    يوما ما يحمل بلقيس على جناح العشق
    الى رحاب الحب والحرية
    لك الافق الجميل
                  

04-15-2003, 07:13 PM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: هدهد)



    .
    .


    درس من كاما سوطرا
    من ديوان " سرير الغريبة 1999
    كأس الشراب المرصَّع باللازوردِ
    انتظرْها،
    على بركة الماء حول المساء وزَهْر الكُولُونيا
    انتظرْها،
    بصبر الحصان المُعَدّ لمُنْحَدرات الجبالِ
    انتظرْها،
    بذَوْقِ الأمير الرفيع البديع
    انتظرْها،
    بسبعِ وسائدَ مَحْشُوَّةٍ بالسحابِ الخفيفِ
    انتظرْها
    بنار البَخُور النسائيِّ ملءَ المكانِ
    انتظرْها،
    برائحة الصَّنْدَلِ الذَّكَريَّةِ حول ظُهُور الخيولِ
    انتظرْها،
    ولا تتعجَّلْ، فإن أقبلَتْ بعد موعدها
    فانتظرْها،
    وإن أقبلتْ قبل موعدها
    فانتظرْها،
    ولا تجْفِل الطيرَ فوق جدائلها
    وانتظرْها،
    لتجلس مرتاحةً كالحديقة في أَوْج زِينَتِها
    وانتظرْها،
    لكي تتنفَّسَ هذا الهواء الغريبَ على قلبها
    وانتظرْها،
    لترفع عن ساقها ثَوْبَها غيمةً غيمةً
    وانتظرْها،
    وخُذْها إلى شرفة لترى قمرًا غارقًا في الحليبِ
    انتظرْها،
    وقدَّمْ لها الماءَ، قبل النبيذِ، ولا
    تتطلَّعْ إلى تَوْآَمَيْ حَجَلٍ نائميْن على صدرها
    وانتظرْها،
    ومُسَّ على مَهَل يَدَها عندما
    تَضَعُ الكأسَ فوق الرخامِ
    كأنَّكَ تحملُ عنها الندى
    وانتظرْها،
    تحدَّثْ إليها كما يتحدَّثُ نايٌ
    إلى وَتَرٍ خائفٍ في الكمانِ
    كأنكما شاهدانِ على ما يُعِدُّ غَدٌ لكما
    وانتظرْها
    ولَمِّع لها لَيْلَها خاتمًا خاتمًا
    وانتظرْها
    إلى أَن يقولَ لَكَ الليلُ:
    لم يَبْقَ غيرُكُما في الوجودِ
    فخُذْها، بِرِفْقٍ، إلى موتكَ المُشْتَهَى
    وانتظرْها!...



                  

04-16-2003, 09:25 AM

manj


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)

    سلام يا مهندس
    مشكور على هذه الدرر المضيئة...

    معليش خربنا ليك التسلسل التاريخي للقصائد...لكن بس كلمات القصيدة
    اللحت على في هذه الظروف التي نعيشها و ابت علي الا ان انقلها لكم.

    تحياتي
                  

04-17-2003, 08:45 PM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: manj)



    .
    .


    تعاليم حُوريَّة
    من ديوان " لماذا تركت الحصان وحيداً " (1995


    فَكَّرتُ يومًا بالرحيل، فحطَّ حَسُّونٌ على يدها ونام.
    وكان يكفي أَن أُداعِبَ غُصْنَ دالِيَةٍ على عَجَلٍ...
    لتُدْركَ أَنَّ كأسَ نبيذيَ امتلأتْ.
    ويكفي أَن أنامَ مُبَكِّرًا لتَرَى مناميَ واضحًا،
    فتطيلُ لَيْلَتَها لتحرسَهُ...
    ويكفي أَن تجيء رسالةٌ منّي لتعرف أَنَّ عنواني تغيَّر،
    فوق قارِعَةِ السجون، وأَنَّ
    أَيَّامي تُحوِّمُ حَوْلَها... وحيالها
    أُمِّي تَعُدُّ أَصابعي العشرينَ عن بُعْدٍ.
    تُمَشِّطُني بخُصْلَةِ شعرها الذَهَبيّ.
    تبحثُ في ثيابي الداخليّةِ عن نساءٍ أَجنبيَّاتٍ،
    وَتَرْفُو جَوْريي المقطوعَ.
    لم أَكبَرْ على يَدِها كما شئنا:
    أَنا وَهِيَ، افترقنا عند مُنْحَدرِ الرُّخام... ولوَّحت سُحُبٌ لنا،
    ولماعزٍ يَرِثُ المَكَانَ.
    وأَنْشَأَ المنفى لنا لغتين:
    دارجةً... ليفهَمَها الحمامُ ويحفظَ الذكرى،
    وفُصْحى... كي أُفسِّرَ للظلال ظِلالَهَا!
    ما زلتُ حيًّا في خِضَمِّكِ.
    لم تَقُولي ما تقولُ الأُمُّ للوَلَدِ المريضِ.
    مَرِضْتُ من قَمَرِ النحاس على خيام البَدْوِ.
    هل تتذكرين طريق هجرتنا إلى لبنانَ،
    حَيْثُ نسيتِني ونسيتِ كيسَ الخُبْزِ [كان الخبزُ قمحيًّا].
    ولم أَصرخْ لئلاَّ أُوقظَ الحُرَّاسَ.
    حَطَّتْني على كَتِفَيْكِ رائحةُ الندى.
    يا ظَبْيَةً فَقَدَتْ هُنَاكَ كِنَاسَها وغزالها...
    لا وَقْتَ حَوْلَكِ للكلام العاطِفيِّ.
    عَجَنْتِ بالحَبَقِ الظهيرةَ كُلَّها.
    وَخَبَزْتِ للسُّمَّاقِ عُرْفَ الدِيك.
    أَعْرِفُ ما يُخَرِّبُ قلبَكِ المَثْقُوبَ بالطاووس،
    مُنْذُ طُرِدْتِ ثانيةً من الفردوس.
    عالَمُنا تَغَيَّر كُلُّهُ، فتغيَّرتْ أَصواتُنا.
    حتّى التحيَّةُ بيننا وَقَعَتْ كزرِّ الثَوْبِ فوق الرمل،
    لم تُسْمِعْ صدًى.
    قولي: صباح الخير!
    قولي أيَّ شيء لي لتمنَحَني الحياةُ دَلالَها.
    هي أُختُ هاجَرَ.
    أُختُها من أُمِّها.
    تبكي مع النايات مَوْتى لم يموتوا.
    لا مقابر حول خيمتها لتعرف كيف تَنْفَتِحُ السماءُ،
    ولا ترى الصحراءَ خلف أَصابعي لترى حديقَتَها على وَجْه السراب،
    فيركُض الزَّمَنُ القديمُ
    بها إلى عَبَثٍ ضروريٍّ:
    أَبوها طار مثلَ الشَرْكَسيِّ على حصان العُرْس.
    أَمَّا أُمُّها فلقد أَعدَّتْ،
    دون أن تبكي، لِزَوْجَة زَوْجِها حنَّاءَها،
    وتفحَّصَتْ خلخالها...
    لا نلتقي إلاَّ وداعًا عند مُفْتَرَقِ الحديث.
    تقول لي مثلاً: تزوّجْ أَيَّةَ امرأة مِنَ
    الغُرَباء، أَجمل من بنات الحيِّ.
    لكنْ، لا تُصَدِّقْ أَيَّةَ امرأة سوايَ.
    ولا تُصَدِّقْ ذكرياتِكَ دائمًا.
    لا تَحْتَرِقْ لتضيء أُمَّكَ، تلك مِهْنَتُها الجميلةُ.
    لا تحنَّ إلى مواعيد الندى.
    كُنْ واقعيًّا كالسماء.
    ولا تحنّ إلى عباءة جدِّكَ السوداءِ،
    أَو رَشوَاتِ جدّتكَ الكثيرةِ،
    وانطلِقْ كالمُهْرِ في الدنيا. وكُنْ مَنْ أَنت حيث تكون.
    واحملْ عبءَ قلبِكَ وَحْدَهُ...
    وارجع إِذا اتَّسَعَتْ بلادُكَ للبلاد وغيَّرتْ أَحوالَها...
    أُمِّي تضيء نُجُومَ كَنْعَانَ الأخيرةَ،
    حول مرآتي،
    وتَرْمي، في قصيدتِيَ الأَخيرةِ، شَالَها! .


                  

04-18-2003, 05:55 PM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)



    .
    .


    ليلٌ يفيض من الجَسَد

    من ديوان " لماذا تركت الحصان وحيداً " (1995

    ياسَمينٌ على لَيْلِ تَمّوزَ، أُغْنيَّةٌ
    لِغَريبَيْنِ يلتقيانِ على شارعٍ
    ...لا يؤدِّي إلى هَدَفٍ
    مَنْ أَنا بعد عينينِ لوزيَّتينِ? يقول الغريبْ
    مَنْ أَنا بعد منفاكَ فيَّ? تقولُ الغريبةْ.
    إذنْ، حسنًا، فلنَكُنْ حَذِرَيْنِ لئلا
    ...نُحَرِّكَ مِلْحَ البحار القديمةِ في جَسَدٍ يتذكَّرُ
    ،كانت تُعيدُ لَهُ جَسَدًا ساخنًا
    ويُعيدُ لها جَسَدًا ساخنًا.
    ،هكذا يترُكُ العاشقانِ الغريبانِ حُبَّهما فَوْضَوِيًّا
    ...كما يتركان ثيابَهما الداخليَّةَ بين زُهور الملاءات
    - إن كُنْتَ حقًا حبيبي، فألِّفْ
    نشيدَ أَناشيدَ لي، واحفُرِ اسمِي
    ...على جِذْع رُمَّانةٍ في حدائِقِ بابلَ
    - إن كُنْتِ حقًا تُحِبِّينَني، فَضَعي
    ،حُلُمي في يديَّ. وقولي لَهُ، لابنِ مريمَ
    ،كيف فَعَلْتَ بنا ما فعلتَ بنفسِكَ
    يا سيِّدي? هل لدينا من العَدْل ما سوف
    ?يكفي ليجعلنا عادلين غدًا
    ?- كيف أُشفى من الياسَمين غدًا
    ?- كيف أُشفى من الياسَمين غدًا
    يُعْتِمانِ معًا في ظلالٍ تشعُّ على
    سقف غُرْفَتِهِ: لا تكُنْ مُعْتِمًا
    ...بَعْدَ نهديَّ - قالت له
    قال: نهداكِ ليلٌ يُضيءُ الضروريَّ
    نهداكِ ليلٌ يُقَبِّلُني. وامتلأنا أَنا
    ...والمكانُ بليلٍ يَفيضُ من الكأسِ
    تَضْحَكُ من وَصْفِهِ. ثم تضحك أكثَرَ
    ...حين تُخَبِّئُ مُنْحَدَرَ الليل في يدها
    - يا حبيبيَ، لو كان لي
    أَنْ أَكونَ صَبيًّا... لكُنْتُكَ أَنتَ
    - ولو كان لي أنْ أكونَ فتاةً
    ...لكنتُكِ أَنتِ!
    وتبكي، كعادتها، عند عَوْدَتِها
    من سماءٍ نبيذيّةِ اللون: خُذْني
    إلى بَلَدٍ ليس لي طائرٌ أَزرقٌ
    !فوق صَفْصَافِةِ يا غريبُ
    وتبكي، لتَقْطَعَ غاباتِها في الرحيلِ
    ?الطويل إلى ذاتها: مَنْ أَنا
    ?مَنْ أَنا بعد مَنْفاكَ في جَسَدي
    آهِ منِّي، ومنكَ، ومن بلدي
    ?- مَنْ أَنا بعد عينين لوزيَّتين
    ...أَرِيني غَدِي!
    هكذا يتركُ العاشقانِ وداعَهُما
    ...فَوْضويًّا، كرائحةِ الياسمين على ليل تمُّوزَ
    في كُلِّ تمُّوزَ يَحْملُني الياسمينُ إلى
    ،شارع، لا يؤدِّي إلى هَدَفٍ
    :بَيْدَ أني أُتابعُ أغنيّتي
    ......ياسمينٌ على ليل تمّوز

                  

05-19-2003, 12:53 PM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)



    .
    .



    تحدٍ
    من ديوان " عاشق في فلسطين " (1966
    شُدّوا وثاقي
    وامنعوا عني الدفاتر
    والسجائرْ
    وضعوا الترابَ على فمي
    فالشعر دمُّ القلب...
    ملح الخبز...
    ماءُ العين
    يكتب بالأظافر
    والمحاجر
    والخناجر
    سأقولها
    في غرفة التوقيف...
    في الحمام...
    في الإسطبل...
    تحت السوط...
    تحت القيد...
    في عنف السلاسل:
    مليون عصفور
    على أغصان قلبي
    يخلق اللحن المقاتل

                  

05-24-2003, 11:45 AM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)



    .
    .


    خائف من القمر
    من ديوان " عاشق في فلسطين " (1966)
    خبِّئيني. أتى القمر
    ليت مرآتنا حجر!
    ألفُ سرّ سرّي
    وصدركِ عارٍ
    وعيون على الشجر
    لا تغطّي كواكباً
    ترشح الملح والخدر
    خبِّئيني... من القمر!
    وجهُ أمسي مسافرٌ
    ويدانا على سَفَر
    منزلي كان خندقاً
    لا أراجيح للقمر...
    خبِّئيني... بوحدتي
    وخذي المجد... والسهر
    ودعي لي مخدَّتي
    أنتِ عندي
    أم القمر؟!

                  

05-24-2003, 03:49 PM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)



    .
    .



    نشيد
    من ديوان " عاشق في فلسطين " (1966
    -1-
    لأجمل ضفة أمشي
    فلا تحزن على قدمي
    من الأشواك
    إن خطايّ مثل الشمس
    لا تقوى بدون دمي!
    لأجمل ضفة أمشي
    فلا تحزن على قلبي
    من القرصان...
    إن فؤاديَ المعجون كالأرضِ
    نسيم في يد الحبِّ
    وبارود على البغضِ!
    لأجمل ضفة أمشي
    فإما يهترىء نعلي
    أضع رمشي
    نعم... رمشي!
    ولا أقفُ
    ولا أهفو إلى نوم وأرتجف
    لأن سرير من ناموا
    بمنتصف الطريق...
    كخشبة النعشِ!
    تعالوا يا رفاق القيد والأحزان
    كي نمشي
    لأجمل ضفة نمشي
    فلن نقهرْ
    ولن نخسر
    سوى النعشِ!
    -2-
    إلى الأعلى
    حناجرُنا
    إلى الأعلى
    محاجرنا
    إلى الأعلى
    أمانينا
    إلى الأعلى
    أغانينا
    سنصنع من مشانقنا
    ومن صلبان حاضرنا وماضينا
    سلالم للغد الموعود
    ثم نصيح: يا رضوان!
    إفتح بابك الموصود!
    سنطلقُ من حناجرنا
    ومن شكوى مراثينا
    قصائد، كالنبيذ الحلو
    تكرع في ملاهينا
    وتنشد في الشوارع
    في المصانع
    في المحاجر
    في المحاجر
    في المزارع
    في نوادينا!
    سننصب من محاجرنا
    مراصد، تكشف الأبعد والأعمق والأروعْ
    فلا نقشعْ
    سوى الفجرِ
    ولا نسمع
    سوى النصرِ
    فكل تمرد في الأرضْ
    يزلزلنا
    وكل جميلة في الأرض
    تقبِّلُنا
    وكل حديقة في الأرض
    نأكل حبة منها
    وكل قصيدة في الأرض
    إذا رقصت نخاصرها
    وكل يتيمة في الأرض
    إذا نادت نناصرها
    سنخرج من معسكرنا
    ومنفانا
    سنخرج من مخابينا
    ويشتمنا أعادينا:
    "هلا... همج همُ... عرب"
    نعم! عربُ
    ولا نخجلْ
    ونعرف كيف نمسك قبضة المنجل
    وكيف يقاوم الأعزل
    ونعرف كيف نبني المصنع العصريَّ
    والمنزل...
    ومستشفى
    ومدرسة
    وقنبلة
    وصاروخاً
    وموسيقى
    ونكتب أجمل الأشعار...
    صوت:
    وماذا بعد؟
    سمعنا صوتك المدهون بالفسفور
    سمعناه... سمعناهُ
    فكيف ستجعل الكلماتُ
    أكواخ الدجى... بلَّور
    ودربك كله ديجور
    وشعبك...
    دمعة تبكي زمان النور
    وأرضك...
    نقش سجاده
    على الطرقات مرميَّه
    وأنت... بدون زوّاده
    وماذا بعد؟ ماذا بعد؟
    جميلٌ صوتك المحمول بالريح الشماليَّة
    ولكنا سئمناهُ
    صوت:
    ذليلٌ أنت كالإسفلتْ
    ذليل أنت
    يا من يحتمي بستارة الضجرِ
    غبيٌّ أنت... كالقمرِ
    ومصلوب على حجرِ
    فدعني أكمل الإنشاد
    دعني أحمل الريح الشماليَّة
    ودعني أحبس الأعصار في كمي
    ودعني أخزن الديناميت في دمي
    ذليل أنت كالإسفلتْ
    وكالقمرِ...
    غبيٌّ أنت!
    نشيد بنات طروادة
    وداعاً يا ليالي الطهر
    يا أسوار طروادة
    خرجنا من مخا بينا
    إلى أعراس غازينا
    لنرقص فوق موت رجال طروادة
    سبايا نحن، نعطيهم بكارتنا
    وما شاؤوا
    لأنهم أشداءُ
    ونرقد في مضاجع قاتلي أبطال طروادة
    وداعاً يا ليالي الطهر والأحلام
    يا ذكرى أحبتنا
    سبايا نحن منذ اليوم
    من آثار طروادة!
    تعليق على النشيد
    بلى. أصغيتُ للنغمِ
    فلا تُخضع لجناز الردى
    قيثارك المشدود...
    من قاع المحيط لجبهة القممِ!
    لئلا تجهض الأزهار والكبريت
    فوق فمِ
    سيزهر مرة طلعاً وقنديلاً
    وشعراً يصهر الفولاذ...
    يرصف شارع النغمِ
    لئلاّ تحقن الأجساد
    أفيوناً من الألمِ
    نعم. أصغيتُ للنغمِ
    ولكني، تحرَّيت السنا في الدمع
    لا ديمومة الظلمِ
    لنحرق ريشة الماضي
    ونعزف لحننا الرائد!
    فمن عزمي
    ومن عزمك
    ومن لحمي
    ومن لحمك
    نعبِّد شارع المستقبل الصاعد
    صوت:
    وماذا بعد؟ ماذا بعدْ!
    وشعبك...
    دمعة ترثي زمان المجد
    ولحن القيد
    يجنِّزنا
    ويحفر للذين يقاومون اللحد!
    مع المسيح
    - ألو...
    - أُريد يسوع
    - نعم! من أنتَ!
    - أنا أحكي من "إسرائيل"
    وفي قدمي مسامير... وإكليل
    من الأشواك أحمله
    فأي سبيل
    أختار يا بن اللَّه... أي سبيل؟
    أأكفر بالخلاص الحلو
    أم أمشي؟
    ولو أمشي وأحتضرُ؟
    - أقول لكم: أماماً أيها البشرُ
    مع محمد
    - ألو...
    - أريد محمد العربِ
    - نعم! من أنت؟
    - سجين في بلادي
    بلا أرض
    بلا علم
    بلا بيتِ
    رموا أهلي إلى المنفى
    وجاؤوا يشترون النار من صوتي
    لأخرج من ظلام السجن...
    ما أفعلْ؟
    - تحدَّ السجن والسجّان
    فإن حلاوة الإيمان
    تذيب مرارة الحنظلْ!
    مع حبقوق
    - ألو... هالو!
    - أ موجود هنا حبقوق؟
    - نعم من أنت؟
    أنا يا سيدي عربي
    وكانت لي يدٌ تزرع
    تراباً سمَّدته يداً وعين أبي
    وكانت لي خطى وعباءة...
    وعمامة ودفوف
    وكانت لي...
    - كفى يا ابني!
    على قلبي حكايتكم
    على قلبي سكاكينُ
    بقية النشيد
    دعوني أُكمل الإنشاد
    فإن هدية الأجداد للأحفاد:
    "زرعنا... فاحصدوا!"
    والصوت يأتينا سماداً
    يغرق الصحراء بالمطرِ
    ويُخصب عاقر الشجرِ!
    دعوني أُكمل الإنشاد


    (عدل بواسطة almohndis on 05-26-2003, 12:26 PM)
    (عدل بواسطة almohndis on 05-26-2003, 12:32 PM)

                  

05-26-2003, 12:18 PM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)



    .
    .


    أبيات غزل
    من ديوان " عاشق في فلسطين " (1966
    سألتك : هزي بأجمل كف على الأرض
    غصن الزمان!
    لتسقط أوراق ماض وحاضر
    ويولد في لمحة توأمان:
    ملاك . . وشاعر!
    ونعرف كيف يعود الرماد لهيبا
    إذا اعترف العاشقان!
    أتفاحتي ! يا أحب حرام يباح
    إذا فهمتْ مقلتاك شرودي وصمتي
    أنا ، عجبا ، كيف تشكو الرياح
    بقائي لديك ؟ وأنت
    خلود النبيذ بصوتي
    وطعم الأساطير والأرض . . أنت!
    لمذا يسافر نجم على برتقاله
    ويشرب يشرب يشرب حتى الثماله
    إذا كنت بين يدي
    تفتت لحن وصوت ابتهاله
    لماذ أحبك ؟
    كيف تخر بروقي لديك ؟
    وتتعب ريحي على شفتيك
    فأعرف في لحظة
    بأن الليالي مخده
    وأن القمر
    جميل كطلعة ورده
    وإني وسيم . . لأني لديك!
    أتبقين فوق ذراعي حمامه
    تغمس منقارها في فمي ؟
    وكفك فوق جبيني شامه
    تخلد وعد الهوى في دمي؟
    أتبقين فوق ذراعي حمامه
    تجنِّحني . . كي أطير
    تهدهدني . . كي أنام
    وتجعل لاسمي نبض العبير
    وتجعل بيتي برج حمام ؟
    أريدك عندي
    خيالا يسير على قدمين !
    وصخر حقيقة
    يطير بغمزة عين


                  

06-01-2003, 11:25 AM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)



    .
    .


    المستحيل
    من ديوان " آخر الليل " (1967
    أموت أشتياقاً
    أموت احتراقاً
    وشنقاً أموت
    وذبحاً أموت
    ولكنني لا أقول :
    مضى حبنا، وانقضى
    حبنا لا يموت

                  

06-05-2003, 08:51 AM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)



    .
    .


    الورد والقاموس
    من ديوان " آخر الليل " (1967
    وليكن.
    لا بد لي...
    لا بد للشاعر من نخب جديدْ
    وأناشيد جديده
    إنني أحمل مفتاح الأساطير وآثار العبيد
    وأنا أجتاز سرداباً من النسيان
    والفلفل، والصيف القديم
    وأرى التاريخ في هيئة شيخ،
    يلعب النرد ويمتصُّ النجوم
    وليكن
    لا بدَّ لي أن أرفض الموت،
    وإن كانت أساطيري تموت
    إنني أبحث في الأنقاض عن ضوء، وعن شعر جديد
    آه... هل أدركت قبل اليوم
    أن الحرف في القاموس، يا حبي، بليد
    كيف تحيا كل ُّهذي الكلمات!
    كيف تنمو؟... كيف تكبر؟
    نحن ما زلنا نغذيها دموع الذكريات
    واستعارات... وسُكَّر!
    وليكن...
    لا بد لي أن أرفض الورد الذي
    يأتي من القاموس، أو ديوان شعر
    ينبت الورد على ساعد فلاّح، وفي قبضة عامل
    ينبت الورد على جرح مقاتل
    وعلى جبهة صخر...

                  

06-06-2003, 06:29 PM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)



    .
    .




    الورد والقاموس
    من ديوان " آخر الليل " (1967
    . وليكن …
    لا بدّ لي أن أرفض الموت
    وأن أحرق دمع الأغنيات الراعفةْ
    وأُعري شجر الزيتون من كل الغصون الزائفة
    فإذا كنت أغني للفرح
    خلف أجفان العيون الخائفة
    فلأن العاصفة
    وعدتني بنبيذ
    وبأنخاب جديدة
    وبأقواس قزح
    ولأن العاصفة
    كنّست صوت العصافير البليدة
    والغصون المستعارة
    عن جذوع الشجرات الواقفة
    وليكن ...
    لا بد لي أن أتباهى بك يا جرح المدينة
    أنت يا لوحة برق في ليالينا الحزينة
    يعبس الشارع في وجهي
    فتحميني من الظل ونظرات الضغينة
    سأغني للفرح
    خلف أجفان العيون الخائفة
    منذ هبّت في بلادي العاصفة
    وعدتني بنبيذ وبأقواس قزح

    (عدل بواسطة almohndis on 06-17-2003, 10:41 AM)

                  

06-17-2003, 10:58 AM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)



    .
    .


    الجسر‎ ‎
    من ديوان " حبيبتي تنهض من نومها " (1970)‏
    مشياً على الأقدامِ،‏‎ ‎
    أو زحفاً على الأيدي نعودُ‎ ‎
    قالوا..‏‎ ‎
    وكانَ الصخرُ يضمرُ‎ ‎
    والمساءُ يداً تقودُ..‏‎ ‎
    لم يعرفوا أنَّ الطريقَ إلى الطريقِ‎ ‎
    دمٌ، ومصيدةٌ، وبيدُ‎ ‎
    كلُّ القوافلِ قبلهم غاصتْ،‏‎ ‎
    وكانَ النهرُ يبصقُ ضفتيهِ‎ ‎
    قطعاً من اللحمِ المفتتِ،‏‎ ‎
    في وجوهِ العائدين‎ ‎
    كانوا ثلاثةً عائدين:‏‎ ‎
    شيخٌ، وابنتهُ، وجنديٌّ قديم‎ ‎
    يقفونَ عند الجسرِ..‏‎ ‎
    ‎(‎كان الجسرُ نعساناً، وكانَ الليلُ قبعةًَ.‏‎ ‎
    وبعدَ دقائقَ يصلون. هل في البيتِ ماء؟‏‎ ‎
    وتحسّسَ المفتاحَ ثم تلا من القرآنِ آية...)‏‎ ‎
    قالَ الشيخُ منتعشاً: وكم من منزلٍ في الأرضِ يألفهُ الفتى‎ ‎
    قالتْ: ولكنَّ المنازلَ يا أبي أطلالُ !‏‎ ‎
    فأجابَ: تبنيها يدانِ..‏‎ ‎
    ولم يتمَّ حديثهُ، إذ صاحَ صوتٌ في الطريق: تعالوا !‏‎ ‎
    وتلتهُ طقطقةُ البنادق..‏‎ ‎
    لن يمرَّ العائدون‎ ‎
    حرسُ الحدودِ مرابطٌ‎ ‎
    يحمي الحدودَ من الحنين‎ ‎
    ‎(‎أمرٌ بإطلاقِ الرصاص على الذي يجتاز هذا الجسر‎ ‎
    هذا الجسرُ مقصلةُ الذي رفضَ التسوّلَ تحتَ ظلِّ وكالةِ الغوثِ الجديدهْ.‏‎ ‎
    والموتَ بالمجّانِ تحتَ الذلِّ والأمطار، من يرفضه يُقتلُ عندَ هذا الجسرْ.‏‎ ‎
    هذا الجسرْ مقصلةُ الذي ما زالَ يحلُمُ بالوطن).‏‎ ‎
    الطلقةُ الأولى أزاحتْ عن جبينِ الليلِ‎ ‎
    قبعةَ الظلام‎ ‎
    والطلقةُ الأخرى..‏‎ ‎
    أصابتْ قلبَ جنديٍّ قديم‎ ‎
    والشيخُ يأخذُ كفَّ ابنتهِ ويتلو‎ ‎
    همساً من القرآنِ سورهْ‎ ‎
    وبلهجةٍ كالحلمِ قال:‏‎ ‎
    ‎- ‎عينا حبيبتيَ الصغيرهْ‎ ‎
    ليَ، يا جنود، ووجهها القمحيُّ لي‎ ‎
    لا تقتلوها، واقتلوني‎ ‎
    ‎(‎كانت مياهُ النهرِ أغزر..‏‎ ‎
    فالذينَ رفضوا هناكَ الموتَ بالمجّان أعطوا النهرَ لوناً آخراً.‏‎ ‎
    والجسرُ، حينَ يصيرُ تمثالاً، سيُصبغُ – دونَ ريبٍ-‏‎ ‎
    بالظهيرةِ والدماءِ وخضرةِ الموتِ المفاجئ).‏‎ ‎
    ‎... ‎وبرغمِ أنَّ القتلَ كانَ كالتدخين..‏‎ ‎
    لكنَّ الجنودَ "الطيّبين"،‏‎ ‎
    الطالعينَ على فهارسِ دفترٍ..‏‎ ‎
    قذفتهُ أمعاءُ السنين،‏‎ ‎
    لم يقتلوا الاثنين..‏‎ ‎
    كانَ الشيخُ يسقطُ في مياهِ النهرِ‎ ‎
    والبنتُ التي صارتْ يتيمهْ‎ ‎
    كانتْ ممزّقةَ الثياب،‏‎ ‎
    وطارَ عطرُ الياسمين‎ ‎
    على صدرها العاري الذي‎ ‎
    ملأتهُ رائحةُ الجريمهْ‎ ‎
    والصمتُ خيّمَ مرّةً أخرى،‏‎ ‎
    وعادَ النهرُ يبصقُ ضفتيهِ‎ ‎
    قطعاً من اللحمِ المفتت‎ ‎
    ‎.. ‎في وجوهِ العائدين‎ ‎
    لم يعرفوا أنَّ الطريقَ إلى الطريقِ‎ ‎
    دمٌ ومصيدةٌ. ولم يعرفْ أحد‎ ‎
    شيئاً عن النهرِ الذي‎ ‎
    يمتصُّ لحمَ النازحين‎ ‎
    ‎(‎والجسرُ يكبرُ كلَّ يومٍ كالطريقْ،‏‎ ‎
    وهجرةُ الدمِ في مياهِ النهرِ تنحتُ من حصى الوادي‎ ‎
    تماثيلاً لها لونُ النجوم، ولسعةُ الذكرى،‏‎ ‎
    وطعمُ الحبِّ حينَ يصيرُ أكثرَ من عبادة).‏

                  

04-18-2003, 06:06 PM

Abdalla Gaafar

تاريخ التسجيل: 02-10-2003
مجموع المشاركات: 2163

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)

    الاخ
    المهندس
    لك اقصي مايمكن من ود ومن شكر وانت تواصل انشودة درويش
    وتواصل ايضا تزيين صدر هذا المنبر بهذه الروائع

    شكرا لهذا المجهود وشكرا لما ظللت تهبنا منذ بداية هذا البوست
    لك الود
    عبدالله جعفر
                  

04-20-2003, 07:56 AM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: Abdalla Gaafar)



    .
    .

    [qb]
    البـئـر
    من ديوان " لماذا تركت الحصان وحيداً " (1995

    أختارُ يومًا غائمًا لأَمُرَّ بالبئر القديمةِ.
    رُبّما امتلأتْ سماءً. رُبَّما فاضَتْ عن المعنى وَعَنْ
    أُمْثُولةِ الراعي. سأشربُ حفنةً من مائها.
    وأَقولُ للموتى حوالَيْها: سلامًا، أَيُّها البَاقونَ
    حول البئر في ماء الفراشةِ! أَرفَعُ الطَّيُّونَ
    عن حَجَرٍ: سلامًا أَيها الحَجَرُ الصغيرُ! لعلَّنا
    كُنَّا جناحَيْ طائرٍ ما زال يوجعُنا. سلامًا
    أَيها القَمَرُ المُحَلِّقُ حَوْلَ صُورَتِهِ التي لن يلتقي
    أَبدًا بها! وأَقول للسَّرْوِ: انتَبهْ ممَّا يقولُ
    لَكَ الغبارُ. لعلَّنا كنا هنا وَتَرَيْ كمانٍ
    في وليمة حارساتِ اللازَوَرْدِ. لعلَّنا كُنَّا
    ذراعَيْ عاشقٍ...
    قد كنتُ أَمشي حَذْوَ نفسي: كُنْ قويًّا
    يا قريني، وارفعِ الماضي كقرنَيْ ماعزٍ
    بيديكَ، واجلسْ قرب بئرك. رُبَّما التفتتْ
    إليكَ أَيائلُ الوادي ... ولاح الصوتُ -
    صوتُك- صورةً حجريَّةً للحاضر المكسورِ...
    لم أُكْملْ زيارتي القصيرةَ بَعْدُ للنسيانِ...
    لم آخُذْ مَعي أَدواتِ قلبي كُلَّها:
    جَرَسي على ريح الصنوبرِ
    سُلَّمي قرب السماءِ
    كواكبي حول السطوحِ
    وبُحَّتي من لَسْعة الملح القديم...
    وَقُلْتُ للذكرى: سَلامًا يا كلامَ الجَدّة العَفَوِيَّ
    يأخُذُنا إلى أَيَّامنا البيضاءِ تحت نُعَاسها...
    واسْمِي يرنُّ كليرة الذَّهَبِ القديمةِ عِنْدَ
    باب البئرِ. أَسْمَعُ وَحْشَة الأَسلاف بين
    الميم والواو السحيقة مثل وادٍ غيرِ ذي
    زرعٍ. وأُخفي ثعلبي الوديَّ. أَعرفُ أَنني
    سأعود حيًّا، بعد ساعاتٍ، من البئر التي
    لم أَلْقَ فيها يوسُفًا أَو خَوْفَ إخوتِهِ
    مِنَ الأصداء. كُنْ حَذِرًا! هنا وضعتْكَ
    أُمُّكَ قرب باب البئر، وانصرَفَتْ إلى تَعْويذةٍ...
    فاصنعْ بنفسكَ ما تشاءُ. صَنَعْتُ وحدي ما
    أَشاءُ: كبَرتُ ليلاً في الحكاية بين أَضلاعِ
    المُثَلَّثِ: مصرَ، سوريّا، وبابلَ. ههنا
    وحدي كبَرتُ بلا إِلَهاتٍ الزراعة.
    [كُنَّ يَغْسِلْنَ الحصى في غابة الزيتون. كُنَّ مُبلَّلاتٍ بالندى]...
    ورأيتُ أَنِّي قد سقطتُ
    عليَّ من سَفَر القوافِل، قرب أَفعى. لم
    أَجِدْ أَحدًا لأُكْمِلَهُ سوى شَبَحي. رَمَتْني
    الأرضُ خارجَ أَرضها، واسمي يَرِنُّ على خُطَايَ
    كَحذْوةِ الفَرَسِ: اقتربْ ... لأَعود من هذا
    الفراغ إليكَ يا جلجامشُ الأبديُّ في اسْمِكَ!..
    كُنْ أَخي! واذْهَبْ معي لنصيحَ بالبئر
    القديمة... ربما امتلأتْ كأنثى بالسماء،
    ورُبَّما فاضت عن المعنى وعمَّا سوف
    يحدُثُ في انتظارِ ولادتي من بئريَ الأُولى!
    سنشرب حفنةً من مائها،
    سنقول للموتى حواليها: سلامًا
    أَيها الأحياءُ في ماء الفَرَاشِ،
    وأَيُّها الموتى، سلامًا! .


                  

04-20-2003, 08:40 PM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)



    .
    .


    في يدي غيمة

    من ديوان " لماذا تركت الحصان وحيداً " (1995

    أَسْرَجُوا الخَيْلَ،
    لا يعرفون لماذا،
    ولكنَّهُمْ أَسْرَجُوا الخيلَ في السهلِ
    ... كان المكانُ مُعَدًّا لِمَوْلِدِهِ: تلَّةً
    من رياحين أَجدادِه تَتَلَفَّتُ شرقًا وغربًا. وزيتونةً
    قُرْبَ زيتونةٍ في المَصَاحف تُعْلي سُطُوحَ اللُغَةْ...
    ودخانًا من اللازَوَرْدِ يُؤَثِّثُ هذا النهارَ لمسْأَلةٍ
    لا تخصُّ سوى الله. آذارُ طفلُ
    الشهور المُدَلَّلُ. آذارُ يندفُ قطنًا على شَجَر
    اللَوْز. آذارُ يُؤلِمُ خُبّيزةً لِفناء الكنيسةِ.
    آذارُ أَرضٌ لِلَيْلِ السُّنُونو، ولامرأةٍ
    تَسْتَعدُّ لصرخَتها في البراري... وتمتدُّ في
    شَجَر السنديانْ.
    يُولَدُ الآنَ طفلٌ،
    وصرختُهُ،
    في شقوق المكانْ
    اِفتَرقْنا على دَرَج البيت. كانوا يقولونَ:
    في صرختي حَذَرٌ لا يُلائِمُ طَيْشَ النباتاتِ،
    في صرختي مَطَرٌ; هل أَسأتُ إلى إخوتي
    عندما قلتُ إني رأيتُ ملائكةً يلعبون مع الذئب
    في باحة الدار? لا أَتذكَّرُ
    أَسماءَهُمْ. ولا أَتذكِّرُ أَيضًا طريقَتَهُمْ في
    الكلام... وفي خفَّة الطيرانْ
    أَصدقائي يرفّون ليلاً، ولا يتركونْ
    خَلْفَهُمْ أَثَرًا. هل أَقولُ لأُمِّي الحقيقةَ:
    لِي إخوةٌ آخرونْ
    إخوةٌ يَضَعُونَ على شرفتي قمرًا
    إخوةٌ ينسجون بإبرتهم معطفَ الآُقحوانْ
    أَسْرَجُوا الخيلَ،
    لا يعرفون لماذا،
    ولكنهم أَسرجوا الخيل في آخر الليلِ
    ... سَبْعُ سنابِلَ تكفي لمائدةِ الصَيْفِ.
    سَبْعُ سَنَابِلَ بين يديَّ. وفي كل سُنْبُلَةٍ
    يُنْبِتُ الحقلُ حقلاً من القمح. كانَ
    أَبي يَسْحَبُ الماءَ من بئرِهِ ويقولُ
    لَهُ: لا تجفَّ. ويأخذني من يَدِي
    لأَرى كيف أكبُرُ كالفَرْفَحِينَةِ...
    أَمشي على حافَّة البئر: لِي قَمَرانْ
    واحدٌ في الأعالي
    وآخرُ في الماء يسبَحُ... لِي قمرانْ
    واثقَيْن، كأسلافهِمْ، من صَوَابِ
    الشرائع... سَكُّوا حديدَ السيوفِ
    محاريثَ. لن يُصْلِحَ السيفُ ما
    أَفْسَدَ الصَّيْفُ - قالوا. وصَلُّوا
    طويلاً. وغنّوا مدائحَهمْ للطبيعةِ...
    لكنهم أَسرجوا الخيل،
    كي يَرْقُصُوا رَقْصَةَ الخيلِ،
    في فضَّة الليل...
    تَجْرحُني غيمةٌ في يدي: لا
    أُريدُ من الأرض أكثَرَ مِنْ
    هذه الأرضِ: رائحةِ الهالِ والقَشِّ
    بين أَبي والحصانْ.
    في يدي غَيْمَةٌ جَرَحَتْني. ولكنني
    لا أُريدُ من الشمس أَكثرَ
    من حَبَّة البرتقال وأكثرَ منْ
    ذَهَبٍ سال من كلمات الأذانْ
    أَسْرَجُوا الخَيْلَ،
    لا يعرفون لماذا،
    ولكنهُمْ أسرجوا الخيل
    في آخر الليل، وانتظروا
    شَبَحًا طالعًا من شُقُوق المكانْ...


                  

04-20-2003, 08:58 PM

safrajat
<asafrajat
تاريخ التسجيل: 04-06-2003
مجموع المشاركات: 69

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)

    سوناتا 2
    اذا كنت آخر ماقاله الله لى,فليكن
    نزولك نون الانا فى المثنى.وطوبى لنا
    وقد نور اللوز بعد خطى العابرين,هنا
    على ضفتيك,ورف عليك القطا واليمام

    بقرن الغزال طعنت السماء,فسال الكلام
    ندى فى عروق الطبيعه,ما اسم القصيده
    اما ثنائيه الخلق والحق,بين السماء البعيده
    وارز سريرك,حين يحن دم لدم,ويئن الرخام؟

    ستحتاج اسطوره للتشمس حولك.هذا الزحام
    الهات مصر وسومر تحت النخيل يغيرن اثوابهن
    واسماء ايامهن ويكملن رحلتهن الى آخر القافيه...

    وتحتاج انشودتى للتنفس,لا الشعر شعر
    ولا النثر نثر,حلمت بانك آخر ما قاله
    لى الله حين رآيتكما فى المنام...فكان الكلام...
                  

04-21-2003, 04:25 PM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: safrajat)



    .
    .



    ... عندما يبتعد

    من ديوان " لماذا تركت الحصان وحيداً " (1995


    فَكَّرتُ يومًا بالرحيل، فحطَّ حَسُّونٌ على يدها ونام.
    وكان يكفي أَن أُداعِبَ غُصْنَ دالِيَةٍ على عَجَلٍ...
    لتُدْركَ أَنَّ كأسَ نبيذيَ امتلأتْ.
    ويكفي أَن أنامَ مُبَكِّرًا لتَرَى مناميَ واضحًا،
    فتطيلُ لَيْلَتَها لتحرسَهُ...
    ويكفي أَن تجيء رسالةٌ منّي لتعرف أَنَّ عنواني تغيَّر،
    فوق قارِعَةِ السجون، وأَنَّ
    أَيَّامي تُحوِّمُ حَوْلَها... وحيالها
    أُمِّي تَعُدُّ أَصابعي العشرينَ عن بُعْدٍ.
    تُمَشِّطُني بخُصْلَةِ شعرها الذَهَبيّ.
    تبحثُ في ثيابي الداخليّةِ عن نساءٍ أَجنبيَّاتٍ،
    وَتَرْفُو جَوْريي المقطوعَ.
    لم أَكبَرْ على يَدِها كما شئنا:
    أَنا وَهِيَ، افترقنا عند مُنْحَدرِ الرُّخام... ولوَّحت سُحُبٌ لنا،
    ولماعزٍ يَرِثُ المَكَانَ.
    وأَنْشَأَ المنفى لنا لغتين:
    دارجةً... ليفهَمَها الحمامُ ويحفظَ الذكرى،
    وفُصْحى... كي أُفسِّرَ للظلال ظِلالَهَا!
    ما زلتُ حيًّا في خِضَمِّكِ.
    لم تَقُولي ما تقولُ الأُمُّ للوَلَدِ المريضِ.
    مَرِضْتُ من قَمَرِ النحاس على خيام البَدْوِ.
    هل تتذكرين طريق هجرتنا إلى لبنانَ،
    حَيْثُ نسيتِني ونسيتِ كيسَ الخُبْزِ [كان الخبزُ قمحيًّا].
    ولم أَصرخْ لئلاَّ أُوقظَ الحُرَّاسَ.
    حَطَّتْني على كَتِفَيْكِ رائحةُ الندى.
    يا ظَبْيَةً فَقَدَتْ هُنَاكَ كِنَاسَها وغزالها...
    لا وَقْتَ حَوْلَكِ للكلام العاطِفيِّ.
    عَجَنْتِ بالحَبَقِ الظهيرةَ كُلَّها.
    وَخَبَزْتِ للسُّمَّاقِ عُرْفَ الدِيك.
    أَعْرِفُ ما يُخَرِّبُ قلبَكِ المَثْقُوبَ بالطاووس،
    مُنْذُ طُرِدْتِ ثانيةً من الفردوس.
    عالَمُنا تَغَيَّر كُلُّهُ، فتغيَّرتْ أَصواتُنا.
    حتّى التحيَّةُ بيننا وَقَعَتْ كزرِّ الثَوْبِ فوق الرمل،
    لم تُسْمِعْ صدًى.
    قولي: صباح الخير!
    قولي أيَّ شيء لي لتمنَحَني الحياةُ دَلالَها.
    هي أُختُ هاجَرَ.
    أُختُها من أُمِّها.
    تبكي مع النايات مَوْتى لم يموتوا.
    لا مقابر حول خيمتها لتعرف كيف تَنْفَتِحُ السماءُ،
    ولا ترى الصحراءَ خلف أَصابعي لترى حديقَتَها على وَجْه السراب،
    فيركُض الزَّمَنُ القديمُ
    بها إلى عَبَثٍ ضروريٍّ:
    أَبوها طار مثلَ الشَرْكَسيِّ على حصان العُرْس.
    أَمَّا أُمُّها فلقد أَعدَّتْ،
    دون أن تبكي، لِزَوْجَة زَوْجِها حنَّاءَها،
    وتفحَّصَتْ خلخالها...
    لا نلتقي إلاَّ وداعًا عند مُفْتَرَقِ الحديث.
    تقول لي مثلاً: تزوّجْ أَيَّةَ امرأة مِنَ
    الغُرَباء، أَجمل من بنات الحيِّ.
    لكنْ، لا تُصَدِّقْ أَيَّةَ امرأة سوايَ.
    ولا تُصَدِّقْ ذكرياتِكَ دائمًا.
    لا تَحْتَرِقْ لتضيء أُمَّكَ، تلك مِهْنَتُها الجميلةُ.
    لا تحنَّ إلى مواعيد الندى.
    كُنْ واقعيًّا كالسماء.
    ولا تحنّ إلى عباءة جدِّكَ السوداءِ،
    أَو رَشوَاتِ جدّتكَ الكثيرةِ،
    وانطلِقْ كالمُهْرِ في الدنيا. وكُنْ مَنْ أَنت حيث تكون.
    واحملْ عبءَ قلبِكَ وَحْدَهُ...
    وارجع إِذا اتَّسَعَتْ بلادُكَ للبلاد وغيَّرتْ أَحوالَها...
    أُمِّي تضيء نُجُومَ كَنْعَانَ الأخيرةَ،
    حول مرآتي،
    وتَرْمي، في قصيدتِيَ الأَخيرةِ، شَالَها! .



                  

04-22-2003, 04:04 PM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)

    (عدل بواسطة almohndis on 04-28-2003, 10:43 AM)

                  

04-21-2003, 07:24 PM

خضر حسين

تاريخ التسجيل: 03-31-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)

    الأخ .. المهندس
    والله جهدك مقدر .. ان شاءالله ربنا يديك العافية. كنت بمنى نفسى انو ألقى قصيدة " الهدهد " وطبعا كنت حا أطلبها منك لكن سبقنى الرائع هدهد. بالمناسبة قصيدة الهدهد من أجمل ما كتب محمود درويش وأعتقد انها نشرت فى مجلة الكرمل فى أواخر الثمانينات أو بداية التسعينات
    لك كل الود
                  

04-23-2003, 09:11 AM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: خضر حسين)



    .
    .

    [qb]
    خطبةالهندي الأحمر
    - ما قبل الأخيرة - أمام الرجل الأبيض
    من ديوان " أحد عشر كوكباً " (1992
    هَلْ قُلْتُ مَوْتى?
    لا مَوْتَ هناك
    هناك فقط تبديلُ عوالم)
    سياتل زعيم دواميش

    1
    إِذًا، نَحْنُ مَنْ نَحْنُ في المسيسِبّي. لَنا ما تَبَقَّى لَنا مِنَ الأَمْسِ
    لكِنَّ لَوْنَ السَّماءِ تَغَيَّرَ، وَالْبَحرَ شَرْقًا
    تَغَيَّرَ، يا سَيِّدَ الْْبِيضِ! يا سَيِّدَ الخَيْلِ، ماذا تُريدُ
    مِنَ الذَّاهِبينَ إلى شَجَرِ اللَّيْل?
    عالِيَةٌ روحُنا، وَالْمَراعي مُقَدَّسَةٌ، وَالنّجومْ
    كَلاَمٌ يُضيءُ... إِذا أَنْتَ حَدَّقْتَ فيها قَرَأْتَ حِكايَتَنا كُلَّها:
    وُلِدْنا هُنا بَيْنَ ماءٍ وَنارٍ... ونُولَدُ ثانِيَةً في الْغُيومْ
    على حافَّةِ السّاحِلِ اللاّزَوَرْدِيِّ بَعْدَ الْقِيامَةِ... عَمّا قَليلْ
    فلا تَقْتُلِ الْعُشْبَ آَكْثَرَ، لِلْعُشْبِ روحٌ يُدافِعُ فينا
    عَنِ الرّوحِ في الأَرْضِ /
    يا سَيِّدَ الْخَيْلِ! عَلِّمْ حِصانَكَ أَنْ يَعْتَذِرْ
    لِروحِ الطِّبيعَةِ عَمَّا صَنَعْتَ بِأَشْجارِنا:
    آهِ! يا أُخْتِيَ الشَّجَرةْ
    لَقَدْ عَذَّبوكِ كَما عَذَّبُوني
    فلا تَطْلُبي الْمَغْفِرَةْ
    لِحَطَّابِ أُمِّي وَأُمِّكْ...

    2
    ... لَنْ يَفْهَمَ السَّيِّدُ الأَبْيَضُ الْكَلِماتِ الْعتيقَهْ
    هُنا، في النُّفوسِ الطَّليقَةِ بَيْنَ السَّماءِ وَبَيْنَ الشَّجَر...
    فَمِنْ حَقِّ كولومبوسَ الْحُرِّ أَنْ يَجِدَ الهِنْدَ في أَيِّ بَحْر،
    وَمِنْ حَقَّهِ أَنْ يُسَمِّيَ أَشْبَاحَنا فُلْفُلاً أَوْ هُنودا،
    وَفي وُسْعِهِ أَنْ يُكَسِّرَ بَوْصَلَةَ الْبَحْرِ كَيْ تَسْتَقيمَ
    وَأَخطاءَ ريحِ الشَّمالِ، وَلكِنَّهُ لا يُصَدِّقُ أَنَّ الْبَشَر
    سَواسِيَّةٌ كالْهَواءِ وَكالمَاءِ خارِجَ مَمْلَكَةِ الْخارِطَة!
    وَأنَّهُمُ يولَدونَ كَما تولَدُ الناسُ في بَرْشَلونَة، لكِنَّهمْ يَعْبُدون
    إِلَهَ الطَّبيعَةِ في كُلِّ شَيْءٍ... وَلا يَعْبُدونَ الذَّهَبْ...
    وَكولومبوسُ الْحُرُّ يَبْحَثُ عَنْ لُغَةٍ لَمْ يَجِدْها هُنا،
    وعَنْ ذَهَبٍ في جَماجِمِ أجْدادِنا الطَّيِّبينَ وكان لَهُ
    مَا يُرِيدُ مِنَ الْحَيِّ وَالمَيْتِ فِينا. إِذًا
    لِماذا يُواصِلُ حَرْبَ الإِبادَةِ، مِنْ قَبْرِهِ، لِلنِّهايَة?
    وَلَمْ يَبْقَ مِنَّا سِوى زِينَةٍ لِلْخَرابِ، وَريشٍ خَفيفٍ على
    ثِيابِ الْبُحَيْراتِ. سَبْعونَ مِلْيونَ قَلْبٍ فَقَأْتَ... سَيَكْفي
    وَيَكْفي، لِتَرْجِعَ مِنْ مَوْتِنا مَلِكًا فَوْق عَرْشِ الْزمانِ الْجَديد...
    أَما آنَ أَنْ نَلْتَقِيَ، يا غَريبُ، غَريبَيْنِ في زَمَنٍ واحِدٍ?
    وَفي بَلَدٍ واحِدٍ، مَثْلَما يَلْتَقي الْغُرَباءُ على هاوِيَة?
    لَنا ما لَنا... وَلَنا ما لَكُمْ مِنْ سَماء
    لَكُمْ ما لَكُمْ... وَلَكُمْ ما لَنا مِنْ هَواءٍ ومَاء
    لَنا ما لَنا مِنْ حَصًى... وَلَكُمْ ما لَكُمْ مِنْ حَديد
    تَعالَ لِنَقْتَسِمَ الضَّوْءَ في قُوَّةِ الظِّلِّ، خُذْ ما تُريد
    مِنَ اللَّيْلِ، وَاتْرُكْ لَنا نَجْمَتَيْنِ لِنَدْفِنَ أَمْواتنا في الْفَلَكْ
    مِنَ اللَّيْلِ، وَاتْرُكْ لَنا نَجْمَتَيْنِ لِنَدْفِنَ أَمْواتنا في الْفَلَكْ
    وَخُذْ ما تُريدُ مِنَ الْبَحْرِ، وَاتْرُكْ لَنا مَوْجَتَيْنِ لِصَيْدِ السَّمَكْ
    وَخُذْ ذَهَبَ الأَرْضِ والشَّمْسِ، واتْرُكْ لَنا أَرْضَ أَسْمائِنا
    وَعُدْ، يا غَريبُ، إلى الأَهْلِ... وابْحَثْ عَنِ الْهِنْد /

    3
    ... أَسْماؤُنا شَجَرٌ مِنْ كَلامِ الإِلهِ، وَطَيْرٌ تُحَلِّقُ أَعْلى
    مِنَ الْبُنْدُقِيَّةِ. لا تَقْطَعوا شَجَرَ الاِسْمِ يا أَيُّها الْقادِمون
    مِنَ الْبَحْرِ حَرْبًا، وَلا تَنْفُثوا خَيْلَكُمْ لَهَبًا في السُّهول
    لكُمْ رَبُّكُمْ ولَنَا رَبُّنا، وَلَكُمْ دينُكُمْ وَلَنا دينُنا
    فلا تَدْفِنوا اللَّهَ في كُتُبٍ وَعَدَتْكُمْ بأَرْضٍ على أَرْضِنا
    كَما تَدَّعونَ، وَلا تَجْعَلوا رَبَّكُمْ حاجِبًا في بَلاطِ الْمَلِك!
    خُذوا وَرْدَ أَحْلاَمِنا كَيْ تَرَوْا ما نَرى مِنْ فَرَحْ!
    وَناموا على ظِلِّ صَفْصافِنا كَي تَطيروا يَمامًا يَماما...
    كَما طارَ أَسْلافُنا الطيِّبونَ وَعادوا سَلامًا سَلاما.
    سَتَنْقُصُكُمْ، أَيُّها الْبِيضُ، ذِكْرى الرَّحيلِ عَنِ الأَبْيَضِ الْمُتَوَسِّط،
    وَتَنْقُصُكُمْ عُزْلَةُ الأَبَدِيَّةِ في غابَةٍ لا تُطِلُّ على الهاوِيَةْ
    وَتَنْقُصُكُمْ حِكْمَةُ الانْكِساراتِ، تَنْقُصُكُمْ نَكْسَةٌ في الْحُروب
    وَتَنْقُصُكُمْ صَخْرَةٌ لا تُطيعُ تَدَفُّقَ نَهْرِ الزَّمانِ السَّريع
    سَتَنْقُصُكُمْ ساعَةٌ لِلتَّأَمُّلِ في أَيِّ شَيْءٍ، لِتُنْضِجَ فيكُمْ
    سَماءً ضَرورِيَّةً لِلتُّرابِ، سَتَنْقُصُكُمْ ساعَةٌ لِلتَّردُّدِ ما بَيْنَ دَرْبٍ
    وَدَرْبٍ، سَيَنْقُصُكُمْ يوربيدوسُ يَوْمًا، وَأَشْعارُ كَنْعانَ والْبابِلِيِّينَ،
    تَنقُصُكُمْ
    أَغاني سُلَيْمانَ عَنْ شولَميتَ، سَيَنْقُصُكمْ سَوْسَنٌ لِلْحَنين
    سَتَنْقُصُكُمْ، أَيُّها اٌّلبِيضُ، ذِكرى تُروِّضُ خَيْلَ الْجُنون
    وَقَلْبٌ يَحُكُّ الصُّخُورَ لِتَصْقُلَهُ في نِداءِ الكَمَنْجاتِ... يَنْقُصُكُمْ
    وَتَنْقُصُكُمْ حَيْرَةٌ لِلْمُسَدَّسِ: إِنْ كانَ لا بُدَّ مِنْ قَتْلِنا
    فَلاَ تَقْتُلوا الْكائِناتِ الَّتي صادَقَتْنا، وَلا تَقْتُلوا أَمْسَنا
    سَتَنْقُصُكُمْ هُدْنَةٌ مَعَ أَشْباحِنا في لَيإلى الشِّتاءِ الْعَقيمَة
    وَشَمْسٌ أَقلُّ اشتعالاً، وبَدْرٌ أَقلُّ اكتِمالاً، لِتَبْدُوَ الْجَريمَة
    أَقَلَّ احْتِفالاً على شاشَةِ السِّينما، فَخُذوا وَقْتَكُمْ

    4
    ... نَعْرِفُ ماذا يُخَبِّي هذا الْغُموضُ الْبَليغُ لنا
    سَماءٌ تَدلَّتْ على مِلْحِنا تُسْلِمُ الرُّوحَ. صَفْصافَةٌ
    تَسيرُ على قَدَمِ الرِّيحِ، وَحْشٌ يُؤَسِّسُ مَملكةً في
    ثُقوبِ الْفَضاءِ الجَريحِ... وَبَحْرٌ يُمَلِّحُ أَخْشابَ أَبْوابِنا،
    وَلَم تَكُنِ الأَرْضُ أَثْقَلَ قَبْلَ الخليقةِ، لكنَّ شيئًا
    كهذا عَرَفْناهُ قَبْلَ الزَّمانِ... سَتَرْوي الِّرياحُ لنا
    بِدَايَتَنا والنِّهايَةَ، لكِنَّنا نَنْزِفُ اليَوْمَ حاضِرَنا
    وَنَدْفِنُ أَيَّامَنا في رَمادِ الأَساطيرِ، لَيْسَتْ أَثينا لنا،
    وَنَعْرِفُ أَيَّامَكُمْ مِنَ دُخانِ الْمَكانِ، وَلَيْسَتْ أَثينا لَكُمْ،
    وَنَعْرِفُ ما هَيَّأَ الْمَعدِنُ - السَّيِّدُ الْيَوْمَ مِنْ أَجْلِنا
    ومِنْ أَجْلِ آلِهَةٍ لَمْ تُدَافِعْ عَنِ الْمِلْحِ في خُبْزِنا
    وَنَعْرِفُ أَنَّ الْحَقيقَةَ أَقْوى مِنَ الْحَقِّ، نَعْرِفُ أَنَّ الزَّمانَ
    تَغَيَّرَ، مُنْذُ تَغَيَّرَ نَوْعُ السِّلاحِ. فَمَنْ سَوْفَ يَرْفَعُ أَصْواتَنا
    إِلى مَطَرٍ يابِسٍ في الْغُيُومِ? وَمَنْ يَغْسِلُ الضَّوْءَ مِنْ بَعْدِنا
    وَمَنْ سَوْفَ يَسْكُنُ مَعْبَدَنا بَعْدَنا? مَنْ سَيَحْفَظُ عاداتِنا
    مِنَ الصَّخَبِ الْمَعْدِنيِّ? (نُبَشِّرُكُمْ بِالْحَضارَةِ) قالَ الْغَريبُ، وَقال:
    أَنا سَيِّدُ الْوَقْتِ، جِئْتُ لِكَيْ أَرِثَ الأَرْضَ مِنْكُم.
    فَمُرُّوا أَمامي، لأُحْصِيَكُمْ جُثّةً جُثّةً فَوْقَ سَطْحِ الْبُحَيْرَة
    (أُبَشِّرُكُمْ بالْحَضارَةِ) قالَ، لِتَحْيا الأناجيلُ، قالَ، فَمُرُّوا
    لِيَبْقى لِيَ الرَّبُّ وَحْدي، فإنَّ هُنودًا يَموتونَ خَيْرٌ
    لِسَيِّدِنا في الْعُلا مِنْ هُنودٍ يَعيشونَ، وَالرَّبُّ أَبْيَض
    وَأَبْيَضُ هذا النَّهارُ: لَكُمْ عالَمٌ وَلنا عالَم...
    يَقول الغَريبُ كَلامًا غَريبًا، وَيَحْفِرُ في الأَرْضِ بِئْرًا
    لِيَدْفِنَ فيها السَّماءَ. يَقولُ الْغَريبُ كَلامًا غَريبًا
    وَيَصْطادُ أَطْفالنا وَالْفَراشَ. بِماذا وَعَدْتَ حَديقَتَنا يا غَريب?
    بِوَرْدٍ مِن الزِّنْكِ أَجْمَلَ مِنْ وَرْدِنا? فَلْيكُنْ ما تَشاء
    وَلكِنْ، أَتَعْلَمُ أَنَّ الْغَزالَةَ لا تَأْكُلُ الْعُشْبَ إِنْ مَسَّهُ دَمُنا?
    أَتَعْلَمُ أَنَّ الْجَواميسَ إِخْوتُنا والنَّباتاتِ إِخْوتُنا يا غَريب?
    فلا تَحْفِرِ الأَرْضَ أَكْثَرَ! لا تَجْرَحِ السُّلَحْفاةَ الَّتي
    تَنامُ على ظَهْرِها الأَرْضُ، جَدَّتُنا الأَرْضُ، أَشجارُنا شَعْرُها
    وَزِينتُنا زَهْرُها. (هذِه الأَرْضُ لا مَوْتَ فيها)، فَلا
    تُغَيِّرْ هَشاشَةَ تَكْوينِها! لا تُكَسِّرْ مَرايا بَساتينِها
    وَلا تُجْفِلِ الأَرْضَ، لا تُوجِعِ الأَرْضَ. أَنْهارُنا خَصْرُها
    وَأَحْفادُها نَحْنُ، أنتُمْ ونحن، فلا تَقْتُلوها...
    سَنَذهبُ، عمَّا قليلٍ، خُذُوا دَمَنا واتركُوها
    كما هي،
    أَجملَ ما كَتَبَ اللَّهُ فوقَ المياه،
    لَهُ... ولنا
    سَنَسْمَعُ أصْواتَ أسلافِنا في الرِّياحِ، ونُصْغي
    إِلى نَبْضِهِمْ في بَراعِم أشجارِنا. هذه الأَرْضُ جَدَّتُنا
    مُقَدَّسةٌ كُلُّها، حَجَرًا حَجَرًا، هذه الأَرْضُ كُوخٌ
    لآلِهَةٍ سَكَنتْ مَعَنا، نَجْمةً نجمةً، وأضاءَت لَنا
    لَيإلى الصَّلاةِ... مَشَينا حُفَاةً لِنَلْمُسَ رُوحَ الْحَصى
    وَسِرْنا عُراةً لِتُلْبِسَنا الرُّوحُ، روحُ الهواءِ، نِسَاء
    يُعِدْنَ إلينا هِباتِ الطَّبيعةِ - تاريخُنا كانَ تاريخَها. كانَ لِلْوَقْتِ
    وَقْتٌ لِنولَدَ فيها وَنَرْجِعَ مِنْها إِلَيْها: نُعيدُ إِلى الأَرْضِ أَرْواحَها
    رُوَيْدًا رُوَيدًا. وَنَحْفَظَ ذِكْرى أَحِبَّتِنا في الْجِرار
    مَعَ الْمِلْح والزَّيْتِ، كُنَّا نُعَلِّقُ أَسْماءَهُمْ بُطُيورِ الجداوِل
    وَكُنَّا الأَوائِلَ، لا سَقْفَ بَيْنَ السَّماءِ وزُرْقَةِ أَبْوابِنا
    وَلا خَيْلَ تَأْكُلُ أَعْشابَ غِزْلانِنا في الْحُقولِ، وَلا غُرَباء
    يَمُرُّونَ في لَيْلِ زَوْجاتِنا، فَاتْرُكوا النَّايَ للرّيحِ تَبْكي
    على شَعْبِ هذا المكانِ الجريحِ... وَتَبْكي عليكم غَدا،
    وتبكي عليكم... غَدا!

    5
    وَنحن نُوَدِّعُ نيرانَنا، لا نَرُدُّ التَّحِيَّةَ... لا تَكْتُبوا
    علينا وَصايا الإلهِ الجديدِ، إِلهِ الحديدِ، ولا تطلُبوا
    مُعاهَدةً للسَّلامِ من الميِّتينَ، فلم يَبْقَ منهُمْ أَحَدْ
    يُبَشِّرُكُمْ بالسَّلامِ مَعَ النَّفْسِ والآخَرين، وكُنَّا هُنا
    نُعمِّرُ أَكْثَرَ، لَوْلا بَنادِقُ إنجلترا وَالنّبيذُ الفرنْسِيُّ والإنفلونزا،
    وكُنّا نعيشُ كما يَنْبَغي أَنْ نَعيشَ بِرُفْقَةِ شَعْب الْغَزال
    وَنَحْفَظُ تاريخَنا الشَّفَهِيَّ، وَكُنَّا نُبَشِّرُكُمْ بالبَراءَةِ والأُقْحُوان
    لكُمْ رَبُّكم ولنا ربُّنا، ولَكُم أَمْسُكُمْ ولنا أَمْسُنا، والزَّمان
    هُوَ النَّهرُ حِينَ نُحدِّقُ في النَّهرِ يَغْرَوْرَقُ الْوَقْتُ فينا...
    أَلا تَحفظونَ قليلاً من الشِّعرِ كي تُوقِفوا الْمَذْبَحةْ?
    أَلَمْ تولَدوا من نِساءٍ? أَلَمْ تَرْضَعوا مِثْلَنا
    حَليبَ الحنين إِلى أمَّهاتٍ? ألَم تَرْتَدوا مِثلَنا أَجْنِحَةْ
    لِتَلْتَحِقوا بِالسُّنونو. وكُنَّا نُبَشِّرُكُمْ بالرّبيعِ، فلا تَشْهَروا الأَسْلِحَةْ!
    وفي وُسْعِنا أَن نَتَبَادَلَ بَعْضَ الْهَدايا وبَعْضَ الغِناء
    هُنا كانَ شَعْبي. هنا ماتَ شَعْبي. هنا شَجَرُ الكستَناء
    يُخَبِّئُ أَرْواحَ شَعْبي. سَيَرْجِعُ شَعْبي هَواءً وَضَوْءًا وَماء،
    خُذوا أَرْضَ أُمِّيَ بالسَّيْفِ، لكِنَّني لَنْ أُوَقِّعَ باسْمي
    مُعاهَدَةَ الصُّلْحِ بَيْنَ الْقَتيلِ وقاتِلِهِ، لَنْ أُوَقِّعَ باسْمي
    على بَيْعِ شِبرٍ مِنَ الشَّوْكِ حَوْلَ حُقولِ الذُّرة
    وأَعْرِفُ أَنّي أُودِّعُ آخِرَ شمْسٍ، وأَلْتَفُّ باسمي
    وأَسْقُطُ في النَّهرِ، أَعْرِفُ أنّي أَعودُ إلى قَلْبِ أٌمِّي
    لِتَدْخُلَ، يا سَيَّدَ البِيضِ، عَصْرَكَ... فَارْفَعْ على جُثَّتي
    تَماثيلَ حُرّيَّةٍ لا تَرُدُّ التَّحِيَّةَ، واحفِرْ صَليبَ الْحديد
    على ظِلِّيَ الْحَجَريِّ، سَأَصْعَدُ عَمَّا قليلٍ أَعإلى النَّشيد،
    نَشيدِ انْتِحارِ الْجَماعاتِ حِينَ تُشيِّعُ تاريخَها لِلْبَعيد،
    وَأُطلِقُ فِيها عَصافيرَ أصواتِنا: ههُنا انْتَصَرَ الْغُرَباء
    على الْمِلحِ، وَاخْتَلَطَ الْبَحْرُ في الْغَيْمِ، وَانْتَصَرَ الْغُرَباء
    على قِشْرَةِ الْقَمْحِ فينا، وَمَدُّوا الأَنابيبَ لِلْبَرْقِ والْكَهْرَباء
    هُنا انْتَحَرَ الصَّقْرُ غَمًّا، هُنا انْتَصَرَ الغُرَباء
    عَلَيْنا. ولَم يَبْقَ شيءٌ لنا في الزَّمانِ الجديد
    هُنا تَتَبَخِّرُ أَجْسادُنا، غَيْمةً غَيْمةً، في الفضاء
    هُنا تَتَلأْلأُ أَرْواحُنا، نَجْمةً نَجْمةً، في فضاءِ النَّشيد


    6
    سَيَمْضي زَمانٌ طَويلٌ لِيُصْبحَ حاضِرُنا ماضيًا مِثْلَنا
    سَنَمْضي إِلى حَتْفِنا، أَوَّلاً، سنُدافعُ عن شَجَرٍ نَرْتَديه
    وَعَنْ جَرَسِ اللَّيلِ، عَنْ قَمَرٍ، فَوْقَ أَكْواخِنا نَشْتَهيه
    وَعَنْ طَيْشِ غزْلانِنا سَنُدافعُ، عن طِينِ فَخَّارِنا سَنُدافِعُ
    وَعَن ريشِنا في جَناحِ الأَغاني الأَخيرةِ. عمَّا قَليل
    تُقِيمونَ عَالَمَكُمْ فَوْقَ عَالَمِنا: مِنْ مَقابِرِنا تَفْتَحونَ الطَّريق
    إِلى الْقَمَرِ الاصطِناعيِّ. هذا زَمانُ الصِّناعاتِ. هذا
    زَمانُ المَعادِنِ، مِنْ قِطْعَةِ الفَحْمِ تَبْزُغُ شَمْبانيا الأَقْوِياءْ...
    هُنالِكَ مَوْتى وَمُسْتوطَناتٌ، وَمَوْتى وبولدوزراتٌ، وَمَوْتى
    وَمُسْتَشْفَياتٌ، وَمَوْتى وَشَاشاتُ رادار تَرْصُدُ مَوْتى
    يَموتون أَكْثَرَ مِنْ مَرّةٍ فى الْحياةِ، وَتَرْصُدُ مَوْتى
    يَعيشونَ بَعْدَ الْمَماتِ، وَمَوْتى يُرَبُّونَ وَحْشَ الْحَضاراتِ مَوْتًا،
    وَمَوْتى يَموتونَ كَيْ يَحْمِلوا الأَرْضَ فَوْقَ الرُّفات...
    إِلى أَيْنَ، يَا سَيِّد البِيضِ، تأخُذُ شَعْبي،... وَشَعْبَك?
    إِلى أَيِّ هَاوِيَةٍ يَأْخُذُ الأرْضَ هذا الرّوبوتُ الْمُدَجَّجُ بَالطَّائِرات
    وَحَامِلَهِ الطَّائراتِ، إِلى أَيِّ هاويةٍ رَحْبَةٍ تَصْعَدون?
    لَكُم ما تَشاؤونَ: رُوما الجديدةُ، إِسْبَارْطةُ التكنولوجيا
    وأَيديولوجيا الجنون،
    ونَحنُ، سَنَهْرُبُ مِنْ زَمَنٍ لَمْ نُهَيِّئْ لَهُ، بَعْدُ، هاجِسَنا
    سَنَمضى إِلى وَطَنِ الطَّيْرِ سِرْبًا من الْبَشَرِ السَّابِقين
    نُطِلُّ على أَرضِنا مِنْ حَصى أَرْضِنا، مِنْ ثُقوبِ الْغُيوم
    نُطِلُّ على أَرْضِنا، مِنْ كَلامِ النُّجُومِ نُطِلُّ على أرضِنا
    مِنْ هَواءِ الْبُحَيْراتِ، من زَغَبِ الذُّرَةِ الْهَشِّ، مِن
    زَهْرَةِ القَبْرِ، من وَرَقِ الحُورِ، من كُلِّ شيء
    يُحاصِرُكم، أَيُّها البِيضُ، مَوْتى يَموتونَ، مَوْتى
    يَعِيشونَ، مَوْتى يَعودونَ، مَوْتى يَبوحونَ بالسِّرّ،
    فَلْتُمْهِلوا الأَرْضَ حتى تَقولَ الحَقيقةَ، كلَّ الحَقيقة،
    عَنكم
    وعنّا...
    وعنّا
    وعنكم!

    7
    هُنالِك مَوْتى يَنامونَ في غُرَفٍ سَوْفَ تَبْنونَها
    هنالِك مَوْتى يَزورونَ ماضيَهُمْ في المَكانِ الَّذي تَهْدِمون
    هنالِكَ مَوْتى يَمُرُّونَ فَوقَ الجسورِ الَّتي سَوفَ تَبْنونَها
    هنالِكَ مَوْتى يُضيئونَ لَيْلَ الفَراشاتِ، مَوْتى
    يَجيئونَ فَجْرًا لكي يَشْرَبُوا شايَهُمْ مَعَكُم، هادئِين
    كما تَرَكَتْهُمْ بَنادِقُكُمْ، فاتركوا يا ضُيوفَ المَكان
    مَقاعِدَ خالِيَةً لِلْمُضيفينَ.. كي يَقْرَؤوا
    عليكُمْ شُروطَ السَّلامِ مَعَ... الْمَيِّتين!

                  

04-24-2003, 08:45 AM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)



    .
    .


    شتاء ريتا
    من ديوان " أحد عشر كوكباً " (1992
    ريتا ترتب ليل غرفتنا : قليل هذا النبيذ
    وهذه الأزهار أكبر من سريري
    فافتح لها الشباك كي يتعطر الليل الجميل
    ضع ههُنا قمراً على الكرسيَّ
    ضع فوق البحيرةَ
    حول منديلي ليرتفع النخيل أعلى وأعلى
    هل لبست سواي ؟ هل سكنتك إمرأةٌ
    لتجهش كلما التفّت على جذعي فُروعُكَ ؟
    حُكَّ لي قدمي وحُكَّ دَمي لنعرف ما
    تخلفه العواصفُ والسُّيولُ
    منِّي ومنك ...
    تنامُ ريتا في حديقةِ جسمها
    توتُ السياجِ على أظافرها يُضيءُ
    الملحَ في جسدي . أُ حبُّكِ .
    نام عصفوران تحت يديَّ...
    نامت موجةُ القمح النبيل على تنفسها البطيء
    و وردةُ حمراء نامت في الممر
    ونام ليلُ لا يطول
    والبحر نام أمام نافذتي على إيقاع ريتا
    يعلو ويهبط في أشعة صدرها العاري
    فنامي بيني وبينك
    لا تغطي عَتمَة الذهب العميقة بيننا
    نامي يداً حول الصدى
    ويداً تبعثرُ عزلة الغابات
    نامي بين القميص الفستقي ومقعد الليمون
    نامي فرساً على رايات ليلة عرسها ...
    هدأ الصهيلُ
    هدأت خلايا النحل في دمنا
    فهل كانت هنا ريتا
    وهل كنا معا ؟
    ... ريتا سترحلُ بعد ساعاتٍ وتتركُ ظلها
    زنزانةٌ بيضاء . أين سنلتقي ؟
    سألَت يديها ، فالتَفَتُّ إلى البعيد
    البحر خلف الباب ، والصحراء خلف البحر
    قبلني على شفتي قالت .
    قُلتَ : يا ريتا أأرحلُ من جديد
    مادام لي عنبٌ وذاكرةٌ ، وتتركني الفصول
    بين الإشارة والعبارة هاجسا ً ؟
    ماذا تقول ؟
    لا شيء يا ريتا ، أقلدُ فارساً في أُغنية
    عن لعنة الحب المحاصر بالمرايا ...
    عَنّي ؟
    وعن حلمين فوق وسادةٍ يتقاطعان ويهربان
    فواحدٌ يستل سكيناً وآخرُ يُودعُ الناي الوصايا
    لا أدرك المعنى ، تقول
    و لا أنا ، لغتي شظايا
    كغياب إمرأةٍ عن المعنى ،
    وتنتحرُ الخيولُ في آخر الميدان ...
    ريتا تحتسي شاي الصباح
    وتقشر التفاحة الأولى بعشر زنابقٍ
    وتقول لي :
    لا تقرأ الآن الجريدة ، فالطبول هي الطبول
    والحرب ليست مهنتي . وأنا أنا . هل أنتَ أنتْ ؟
    أنا هو
    هو من رآكِ غزالةً ترمي لآلئها عليه
    هو من رأى شهواتهِ تجري وراءكِ كالغدير
    هو من رآنا تائهين توحدا فوق السرير
    وتباعدا كتحية الغرباء في الميناء
    يأخذنا الرحيل في ريحه ورقاً
    أمام فنادق الغرباء
    مثل رسائلٍ قرئت على عجل
    أتأخُذني معك ؟
    فأكون خاتم قلبك الحافي ، أتأخُذني معك
    فأكون ثوبك في بلاد أنجبتك ... لتصرعك
    وأكون تابوتا من النعناع يحمل مصرعك
    وتكون لي حياً وميتاً
    ضاع يا ريتا الدليل
    والحب مثل الموت وعدٌ لا يرد .. ولا يزولُ
    ... ريتا تُعدُّ لي النهار
    حجلاً تجمع حول كعب حذائها العالي :
    صباحُ الخير يا ريتا
    وغيماً أزرقاً للياسمينة تحت إبطيها :
    صباحُ الخير يا ريتا
    وفاكهةً لضوء الفجر: يا ريتا صباح الخير
    يا ريتا أعيديني إلى جسدي لتهدأ لحظةً
    إبرُ الصنوبر في دمي المهجور بعدك ِ .
    كلما عانقتُ برجَ العاجِ فرت من يديَّ يمامتان ..
    قالت : سأرجع عندما تتبدل الأيام والأحلام
    يا ريتا طويل هذا الشتاء ، ونحن نحن
    فلا تقولي ما أقول أنا هي
    هيَ من رأتكَ معلقاً فوق السياج ، فأنزلتك وضمدتك
    وبدمعها غسلتك ، انتشرت بسوسنها عليك
    ومررت بين سيوف اخوتها ولعنة أمها وأنا هيَ
    هل أنتَ أنتْ ؟
    .. تقوم ريتا عن ركبتي
    تزور زينتها ، وتربط شعرها بفراشةٍ فضيةٍ .
    ذيل الحصان يُداعبُ النمش المبعثر
    كرذاذ ضوءٍ فوق الرخام الأنثوي
    تعيد ريتا زر القميص إلى القميص الخردلي ... أأنتَ لي ؟
    لَكِ ، لو تركت الباب مفتوحاً على ماضيَّ ،
    لي ماضٍ أراه الآن يولدُ في غيابك
    من صرير الوقت في مفتاح هذا الباب
    لي ماض أراه الآن يجلس قربنا كالطاولة
    لي رغوة الصابون
    والعسل المملح
    والندى
    والزنجبيل
    ولكَ الأيائل ،إن أردت ، لك الأيائل والسهول
    ولك الأغاني ،إن أردت، لك الأغاني والذهول
    إني ولدت لكي أحبك
    فرساً تُرقِّصُ غابةً ، وتشق في المرجان غيابك
    ووُلدتُ سيدةً لسيدها ، فخذني كي أصبك
    خمراً نهائياً لأشفي منك فيك ، وهات قلبك
    إني ولدت لكي أحبك
    وتركت أمي في المزامير القديمة تلعن الدنيا وشعبك
    ووجدت حراس المدينة يُطعمون النار حُبك
    وإني ولدت لكي أحبك
    ريتا تكسر جوز أيامي ، فتتسع الحقول
    لي هذه الأرض الصغيرة في غرفة في شارعٍ
    في الطابق الأرضي من مبنى على جبلٍ
    يطل على هواء البحر . لي قمرٌ نبيذيٌ ولي حجر صقيل
    لي حصة من مشهد الموج المسافر في الغيوم ، وحصة
    من سِفرِ تكوين البداية و سِفرِ أيوب ، ومن عيد الحصاد
    وحصة مما ملكتُ ، وحصة من خبز أمي
    لي حصة من سوسن الوديان في أشعار عشاق قدامى
    لي حصة من حكمة العشاق : يعشقُ وجهَ قاتلهِ القتيلُ
    لو تعبرين النهر يا ريتا
    وأين النهر ، قالت ...
    قُلتُ فيكِ وفيَّ نهرٌ واحد
    وأنا أسيل دماً وذاكرةً أسيلُ
    لم يترك الحراس لي باباً لأدخل فاتكأت على الأفق
    ونظرت تحت
    نظرت فوق
    نظرت حول
    فلم أجد
    أفقاً لأنظر ، لم أجد في الضوء إلا نظرتي
    ترتد نحوي . قلت عودي مرةً أخرى إلي ، فقد أرى
    أحداً يحاول أن يرى أفقاً يرممه رسول
    برسالة من لفظتين صغيرتين : أنا ، وأنتِ
    فرحٌ صغيرٌ في سريرٍ ضيقٍ ... فرحٌ ضئيل
    لم يقتلونا بعد ، يا ريتا ، ويا ريتا .. ثقيل
    هذا الشتاء وبارد
    ... ريتا تغني وحدها
    لبريد غربتها الشمالي البعيد : تركتُ أمي وحدها
    قرب البحيرة وحدها ، تبكي طفولتي البعيدة بعدها
    في كل أمسية تنام ضفيرتي الصغيرة عندها
    أمي ، كسرت طفولتي وخرجت إمرأةً تُربِّي نهدها
    بفم الحبيب . تدور ريتا حول ريتا وحدها :
    لا أرض للجسدين في جسد ، ولا منفى لمنفى
    في هذه الغرف الصغيرة ، والخروج هو الدخول
    عبثا نغني بين هاويتين ، فلنرحل ليتضح السبيل
    لا أستطيع ، ولا أنا ، كانت تقول ولا تقول
    وتهدئ الأفراس في دمها : أمن أرض بعيدة
    تأتي السنونو ، يا غريب ويا حبيب ، إلى حديقتك الوحيدة ؟
    خذني إلى أرض البعيدة
    خذني إلى الأرض البعيدة ، أجهشت ريتا : طويل هذا الشتاء
    وكسرت خزف النهار على حديد النافذة
    وضعت مسدسها الصغير على مسودة القصيدة
    ورمت جواربها على الكرسي فانكسر الهديل
    ومضت إلى المجهول حافيةً ، وأدركني الرحيل

                  

04-24-2003, 08:12 PM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)



    .
    .


    هدنة مع المغول أمام غابة السنديان
    من ديوان " أرى ما أريد " (1990

    كائنات من السنْدِيان تُطيلُ الوقوفَ على التلّ.. قَدْ
    يصعَدُ العُشْبُ من خبزنا نحوها إِنْ تركنا المكانَ، وَقَدْ
    يهبط اللازوردُ السماويُّ منها إِلى الظلِّ فوق الحصونْ.
    مَنْ سيملأ فُخَّارنا بعدنا? مَنْ يُغيِّرُ أَعداءنا عندما يعرفونْ
    أَننا صاعدون إِلى التلِّ كي نمدَحَ الله..
    في كائناتٍ من السنديانْ?
    كلُّ شيء يدلُّ على عَبَث الريح، لكننا لا نَهُبُّ هباءْ
    رُبَّما كان هذا النهارُ أَخَفَّ علينا من الأَمس، نحن الذينْ
    قد أَطالوا المكوثَ أَمام السماء، ولم يعبدوا غير ما فَقَدُوا
    من عبادتهمْ. رُبَّما كانت الأَرضُ أَوسعَ من وَصْفها. ربما
    كان هذا الطريقُ دخولاً مع الريح..
    في غابة السنديانْ
    الضحايا تَمُرُّ من الجانبينْ، تقول كلامًا أَخيرًا وتسقط في
    عالَمٍ واحدٍ. سوف ينتصرُ النسْرُ والسنديانُ عليها، فلا بُدَّ مِنْ
    هُدْنَةٍ للشقائق في السهل كي تُخْفِيَ الميتين على الجانبين، وكيْ
    نَتَبَادَلَ بَعْضَ الشتائم قبل الوصول إِلى التلّ. لا بُدَّ مِنْ
    تَعَبٍ آدميّ يُحَوِّل تلك الخيولَ إِلى..
    كائناتٍ من السنديانْ
    الصدى واحدٌ في البراري: صدى. والسماءُ على حجر غرْبَةٌ
    عَلَّقتْها الطيورُ على لا نهايات هذا الفضاء، وطارتْ..
    والصدى واحدٌ في الحروب الطويلة: أُمٌّ، أَبٌ، وَلَدٌ صَدَّقوا
    أَنَّ خلف البحيرات خيلاً تعود إِليهم مُطَهَّمةً بالرجاء الأَخيرْ
    فأَعدُّوا لأحلامهم قهوةً تمنع النومَ..
    في شَبَح السنديانْ
    كُلُّ حربٍ تُعَلِّمنا أَن نحبَّ الطبيعة أَكثرَ: بعد الحصارْ
    نَعْتَني بالزنابقِ أَكثرَ، نقطف قُطْنَ الحنان من اللَوْزِ في
    شهر آذارَ. نزرع غاردينيا في الرخام، ونَسْقي نباتاتِ جيراننا
    عندما يذهبون إِلى صَيْد غزلاننا. فمتى تَضَعُ الحربُ أَوزارها
    كي نفُكَّ خُصُورَ النساء على التلّ..
    من عُقدة الرَّمز في السنديانْ?
    ليت أَعداءَنا يأخذون مقاعدنا في الأَساطير، كي يعلموا
    كم نُحبُّ الرصيفَ الذي يكرهون.. ويا ليتهم يأخذونْ
    ما لنا من نُحاس وبرْق.. لنأخذ منهم حرير الضجرْ
    ليت أَعداءنا يقرأون رسائلنا مرتين، ثلاثًا.. ليعتذروا
    للفراشة عن لعبة النار..
    في غابة السنديانْ
    كم أَردنا السلامَ لسيِّدنا في الأَعالي.. لسيدنا في الكُتُبْ
    كم أَردنا السلامَ لغازلة الصُوف.. للطفل قرب المغارةْ
    لِهُواة الحياة.. لأَولاد أَعدائنا في مخابئهمْ.. للمَغُولْ
    عندما يذهبون إِلى ليل زوجاتهم، عندما يرحلونْ
    عن براعم أَزهارنا الآن.. عَنَّا،
    وعن وَرق السنديانْ
    الحروب تُعَلِّمنا أَن نذوق الهواء وأَن نمدح الماء. كَمْ
    ليلةً سوف نفرح بالحُمُّص الصلْب والكستنا في جيوب معاطفنا?
    أَمْ سننسى مهارتنا في امتصاص الرذاذ? ونسأَل: هَلْ
    كان في وُسْع مَنْ مات أَلاَّ يموت ليبدأ سيرتَهُ من هنا?
    رُبَّما.. رُبَّما نستطيع مديح النبيذ ونرفعُ
    نخْبًا لأَرملة السنديانْ
    كُلُّ قَلْبٍ هنا لا يردُّ على الناي يسقط في
    شَرَك العنكبوت. تمهَّلْ تمهَّلْ لتسمع رَجْعَ الصدى
    فوق خيل العَدُوّ، فإِنَّ المغُول يُحبُّون خمرتنا
    ويريدون أَن يَرْتَدوا جلد زوجاتنا في الليالي، وأَنْ
    يأخذوا شعراء القبيلة أَسرى، وأَنْ
    يقطعُوا شَجَرَ السنديانْ
    المغُول يريدوننا أَن نكون كما يبتغون لنا أن نكونْ
    حفنةً من هبوب الغبار على الصين أَو فارسٍ، ويريدوننا
    أَن نُحبَّ أَغانِيَهُمْ كُلَّها كي يَحُلَّ السلامُ الذي يطلبونْ..
    سوف نحفظ أَمثالهم.. سوف نغفر أَفعالَهُم عندما يذهبونْ
    مَعَ هذا المساء إِلى ريح أَجدادهمْ
    خلفَ أُغنيةِ السنديانْ
    لمْ يجيئوا لينتصروا، فالخرافةُ ليست خرافتَهُمْ. إِنهم يهبطونْ
    من رحيل الخيول إِلى غرب آسيا المريضِ، ولا يعرفونْ
    أَنَّ في وسعنا أَن نقاوم غازان - أَرغون أَلفَ سَنَةْ
    بَيْدَ أَن الخرافةَ ليست خرافتَهُ. سوف يدخل عَمَّا قليلْ
    دينَ قتلاهُ كي يتعلَّم منهم كلامَ قُرَيش..
    ومعجزةَ السنديانْ
    الصّدَى واحدٌ في الليالي. على قمّة الليل نُحْصي
    النجومَ على صدر سَيِّدنا، عُمْرَ أَولادنا - كبروا سَنَةً بعدنا -
    غَنَمَ الأَهل تحت الضباب، وأَعدادَ قتلى المغول، وأَعدادَنا
    والصدى واحدٌ في الليالي: سنرجع يومًا، فلا بُدَّ من
    شاعرٍ فارسيٍّ لهذا الحنين..
    إِلى لُغَةِ السنديانْ
    الحُروبُ تعلِّمنا أَن نحبَّ التفاصيل: شكْل مفاتيحِ أَبوابنا،
    أن نُمَشِّطَ حنطتنا بالرموش، ونمشي خِفَافًا على أرضنا،
    أَن نقدِّسَ ساعاتِ قبل الغروب على شجر الزَّنْزَلَخْت..
    والحروبُ تُعَلِّمُنا أَن نرى صورة الله في كل شيء، وأَنْ
    نَتَحَمَّل عبء الأَساطير كي نُخْرِجَ الوحشَ..
    من قصَّة السنديانْ
    كم سنضحك من سُوس خُبْز الحروب ومن دُودِ ماء الحروب، إِذا
    ما انتصرنا نُعَلِّقُ أَعلامنا السودَ فوق حبال الغسيلْ
    ثم نَصْنَع منها جواربَ.. أَما النشيدُ، فلا بُدَّ من رَفْعِهِ
    في جنازات أَبطالنا الخالدين.. وأَما السبايا، فلا
    بُدَّ من عَتْقهنَّ، ولا بُدَّ من مَطَرٍ
    فَوق ذاكرة السنديانْ
    خَلْفَ هذا المساء نرى ما تبقَّى من الليل، عما قليلْ
    يشرب القَمَرُ الحُرُّ شايَ المُحَارب تحت الشجَرْ
    قَمَرٌ واحدٌ للجميع على الخندقين لَهُمْ ولنا، هَلْ لَهُمْ
    خلف تلك الجبال بيوتٌ من الطين، شايٌ، ونايٌ? وهَلْ
    عندهُمْ حَبَقٌ مثلنا يُرجع الذاهبين من الموت...
    في غابة السنديانْ?
    .. وأَخيرًا، صعدْنا إِلى التَلِّ. ها نحن نرتفع الآن
    فوق جذوع الحكاية.. ينبت عُشْبٌ جديد على دمنا وعلى دمهِمْ.
    سوف نحشو بنادقنا بالرياحين، سوف نُطَوِّق أَعناقَ ذاك
    الحمام بأَوسمة العائدين.. ولكننا
    لم نجد أَحدًا يقبل السِّـلْم.. لا نحن نحن ولا غيرنا غيرنا
    البنَادِقُ مكسورة.. والحمامُ يطير بعيدًا بعيدًا
    لم نجد أَحدًا ههُنا..
    لم نجد أَحدًا..
    لم نجد غابة السنديانْ!


                  

04-26-2003, 06:46 PM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)



    .
    .



    رباعيات
    من ديوان " أرى ما أريد " (1990)
    1
    أرى ما أريد من الحقل... إني أرى
    جدائل قمح تمشطها الريح، أغمض عيني:
    هذا السراب يؤدي إلى النهوند
    وهذا السكون يؤدي إلى اللازورد

    2
    أرى ما أريد من البحر... إني أرى
    هبوب النوارس عند الغروب فأغمض عيني:
    هذا الضياع يؤدي إلى أندلس
    وهذا الشراع صلاة الحمام علي...

    3
    أرى ما أريد من الليل... إني أرى
    نهايات هذا الممر الطويل على باب إحدى المدن
    سأرمي مفكرتي في مقاهي الرصيف، سأجلس هذا الغياب
    على مقعد فوق إحدى السفن.

    4
    أرى ما أريد من الروح: وجه الحجر
    وقد حكه البرق، خضراء يا أرض... خضراء يا أرض روحي
    أما كنت طفلا على حافة البئر يلعب؟
    ما زلت ألعب.... هذا المدى ساحتي، والحجارة ريحي

    5
    أرى ما أريد من السلم... إني أرى
    غزالا وعشبا، وجدول ماء... فأغمض عيني:
    هذا الغزال ينام على ساعدي
    وصياده نائم، قرب أولاده في مكان قصي

    6
    أرى ما أريد من الحرب... إني أرى
    سواعد أجدادنا تعصر النبع في حجر أخضرا
    وآباءنا يرثون المياه ولا يورثون، فأغمض عيني:
    إن البلاد التي بين كفي من صنع كفي

    7
    أرى ما أريد من السجن: أيام زهره
    مضت من هنا كي تدل غريبين في
    على مقعد في الحديثة، أغمض عيني:
    ما أوسع الأرض! ما أجمل الأرض من ثقب إبره

    8
    أرى ما أريد من البرق.. إني أرى
    حقولا تفتت أغلالها بالنباتات، مرحى!
    لأغنية اللوز بيضاء تهبط فوق دخان القرى
    حماما... حماما نقاسمه قوت أطفالنا

    9
    أرى ما أريد من الحب ... إني أرى
    خيولا ترقص سهلا، وخمسين غيتاره تتنهد
    وسربا من النحل يمتص توت البراري، فأغمض عيني
    حتى أرى ظلنا خلف هذا المكان المشرد.

    10
    أرى ما أريد من الموت: إني أحب، وينشق صدري
    ويقفز مه الحصان الإروسي أبيض يركض فوق السحاب
    يطير على غيمة لا نهائية ويدور مع الأزرق الأبدي...
    فلا توقفوني من الموت، لا ترجعوني إلى نجمة من تراب

    11
    أرى ما أريد من الدم: إني رأيت القتيل
    يخاطب قاتلة مذ أضاءت رصاصته قلبه: أنت لا تستطيع
    من الآن أن تتذكر غيري. قتلتك سهوا، ولن تستطيع
    من الآن أن تتذكر غيري... وأن تحمل ورد الربيع

    12
    أرى ما أريد من المسرح العبثي: الوحوش
    قضاة المحاكم، قبعة الإمبراطور، أقنعة العصر،
    لون السماء القديمة، راقصة القصر ، فوضى الجيوش
    فأنسى الجميع، ولا أتذكر إلا الضحية خلف الستار....

    13
    أرى ما أريد من الشعر: كنا قديما إذا استشهد الشعراء
    نشيعهم بالرياحين ثم نعود إلى شعرهم سالمين...
    ولكننا في زمان المجلات والسينما والطنين نهيل التراب على شعرهم ضاحكين....
    وحين نعود نراهم على بابنا واقفين...

    14
    أرى ما أريد من الفجر في الفجر... إني أرى
    شعوبا تفتش عن خبزها بين خبز الشعوب
    هو الخبز، ينسلنا من حرير النعاس، ومن قطن أحلامنا
    أمن حبة القمح يبزغ فجر الحياة... وفجر الحروب؟

    15
    أرى ما أريد من الناس: رغبتهم في الحنين
    إلى أي شيء. تباطؤهم في الذهاب إلى شغلهم
    وسرعتهم في الرجوع إلى أهلهم....
    وحاجتهم للتحية عند الصباح....

                  

04-27-2003, 00:49 AM

osama elkhawad
<aosama elkhawad
تاريخ التسجيل: 12-31-2002
مجموع المشاركات: 20885

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)

    العزيز المهندس
    ما تقوم به تجاه شاعر عظيم كدرويش عمل استثنائي .احييك بشكل حار وعميق
    ارجو فقط ان تراجع تاريخ نشر انا يوسف يا ابي
    فيما يتعلق بقصيدة البئر اعتقد ان 1995 تاريخ غير صحيح
    تحياتي مرة اخرى على هذا الجهد الذي ينبغي ان تقوم به مؤسسة كاملة
    ودمت مع خالص التقدير والاحترام العميق
    المشاء
                  

04-27-2003, 08:36 PM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: osama elkhawad)



    .
    .


    أربعة عناوين شخصية
    من ديوان " هي أغنية، " (1986
    1 - متر مربع في السجن

    هو البابُ، ما خلفه جنَّةُ القلب. أشياؤنا
    - كُلُّ شيء لنا - تتماهى. وبابٌ هو الباب،
    بابُ الكنايةِ، باب الحكاية. بابٌ يُهذِّب أيلولَ.
    بابٌ يعيد الحقولَ إلى أوَّل القمحِ.
    لا بابَ للبابِ لكنني أستطيع الدخول إلى خارجي
    عاشقًا ما أراهُ وما لا أراهُ.
    أفي الأرض هذا الدلالُ وهذا الجمالُ ولا بابَ للبابِ?
    زنزانتي لا تضيء سوى داخلي..
    وسلامٌ عليَّ، سلامٌ على حائط الصوتِ.
    ألَّفْتُ عشرَ قصائدَ في مدْح حريتي ههنا أو هناك.
    أُحبُّ فُتاتَ السماءِ التي تتسلل من كُوَّة السجن مترًا من الضوء تسبح فيه الخيول،
    وأشياءَ أمِّي الصغيرة..
    رائحةَ البُنِّ في ثوبها حين تفتح باب النهار لسرب الدجاجِ.
    أُحبُّ الطبيعةَ بين الخريفِ وبين الشتاءِ،
    وأبناءَ سجَّانِنا، والمجلاَّت فوق الرصيف البعيدِ.
    وألَّفْتُ عشرين أُغنيةً في هجاء المكان الذي لا مكان لنا فيهِ.
    حُرّيتي: أن أكونَ كما لا يريدون لي أن أكونَ.
    وحريتي: أنْ أوسِّع زنزانتي: أن أُواصل أغنيةَ البابِ:
    بابٌ هو البابُ: لا بابَ للبابِ
    لكنني أستطيع الخروج إلى داخلي، إلخ.. إلخ..

    2 - مقعدٌ في قطار

    مناديلُ ليست لنا.
    عاشقاتُ الثواني الأخيرةِ.
    ضوءُ المحطة.
    وردٌ يُضَلِّل قلبًا يُفَتِّش عن معطفٍ للحنانِ.
    دموعٌ تخونُ الرصيفَ. أساطيرُ ليست لنا.
    من هنا سافروا، هل لنا من هناك لنفرحَ عند الوصول?
    زنابقُ ليست لنا كي نُقَبِّل خط الحديد.
    نسافر بحثًا عن الصِّفْر
    لكننا لا نحبُّ القطارات حين تكون المحطات منفى جديدًا.
    مصابيحُ ليستْ لنا كي نرى حُبَّنا واقفًا في انتظار الدخانِ.
    قطارٌ سريعٌ يَقُصُّ البحيراتِ.
    في كُل جيبٍ مفاتيحُ بيتٍ وصورةُ عائلةٍ.
    كُلُّ أهلِ القطارِ يعودون للأهلِ، لكننا لا نعودُ إلى أي بيتٍ.
    نسافرُ بحثًا عن الصفرْ كي نستعيد صواب الفراش.
    نوافذُ ليستْ لنا، والسلامُ علينا بكُلِّ اللغات.
    تُرى، كانت الأرضُ أوضحَ حين ركبنا الخيولَ القديمةَ?
    أين الخيول، وأين عذارى الأغاني، وأين أغاني الطبيعة فينا?
    بعيدٌ أنا عن بعيديَ.
    ما أبعد الحبّ! تصطادنا الفتياتُ السريعاتُ مثل لصوصِ البضائعِ.
    ننسى العناوين فوقَ زجاج القطاراتِ.
    نحن الذين نحبُّ لعشر دقائقَ لا نستطيع الرجوعَ إلى أي بيتٍ دخلناه.
    لا نستطيع عبور الصدى مرتين.

    3 - حجرة العناية الفائقة

    تدورُ بيَ الريحُ حين تضيقُ بيَ الأرضُ.
    لا بُدَّ لي أن أطيرَ وأن ألجُمَ الريحَ،
    لكنني آدميٌّ.. شعرتُ بمليون نايٍ يُمَزِّقُ صدري.
    تصبَّبْتُ ثلجًا وشاهدتُ قبري على راحتيَّ.
    تبعثرتُ فوق السرير.
    تقيَّأتُ.
    غبتُ قليلاً عن الوعي.
    متُّ.
    وصحتُ قبيل الوفاة القصيرةِ:
    إني أحبُّكِ، هل أدخل الموت من قدميكِ?
    ومتُّ.. ومتُّ تمامًا،
    فما أهدأ الموت لولا بكاؤك!
    ما أهدأ الموتَ لولا يداكِ اللتان تدقّان صدري لأرجع من حيث متُّ.
    أحبك قبل الوفاةِ، وبعد الوفاةِ،
    وبينهما لم أُشاهد سوى وجه أمي.
    هو القلب ضلَّ قليلاً وعادَ، سألتُ الحبيبة:
    في أيِّ قلبٍ أُصبتُ? فمالتْ عليه وغطَّتْ سؤإلى بدمعتها.
    أيها القلب.. يا أيها القلبُ كيف كذبت عليَّ وأوقعتني عن صهيلي?
    لدينا كثير من الوقت، يا قلب، فاصمُدْ
    ليأتيك من أرض بلقيس هدهدْ.
    بعثنا الرسائل.
    قطعنا ثلاثين بحرًا وستين ساحلْ
    وما زال في العمر وقتٌ لنشرُدْ.
    ويا أيها القلب، كيف كذبتَ على فرسٍ لا تملُّ الرياحَ.
    تمهَّل لنكملَ هذا العناقَ الأخيرَ ونسجُدْ.
    تمهَّل.. تمهَّلْ لأعرفَ إن كنتَ قلبي أم صوتَها وهي تصرخ:
    خُذني.

    4 - غرفة في فندق

    سلامٌ على الحب يوم يجيءُ،
    ويوم يموتُ، ويومَ يُغَيِّرُ أصحابَهُ في الفنادِقِ!
    هل يخسرُ الحبُّ شيئًا? سنشربُ قهوتنا في مساءِ الحديقةِ.
    نروي أحاديثَ غربتنا في العشاءِ.
    ونمضي إلى حجْرةٍ كي نتابع بحث الغريبين عن ليلةٍ من حنانٍ، [إلخ.. إلخ..].
    سننسى بقايا كلام على مقعدين،
    سننسى سجائرنا، ثم يأتي سوانا ليكمل سهرتنا والدخان.
    سننسى قليلاً من النوم فوق الوسادة.
    يأتي سوانا ويرقد في نومنا، [إلخ.. إلخ..]
    كيف كُنَّا نُصَدِّقُ أجسادَنا في الفنادقِ?
    كيف نُصَدِّقُ أَسرارنَا في الفنادق?
    يأتي سوانا، يُتابع صرختنا في الظلام الذي وَحَّدَ الجسدينْ،
    [إلخ.. إلخ..] ولسنا سوى رَقمين ينامان فوقَ السرير
    المشاع المشاع، يقولان ما قاله عابرانِ على الحبِّ قبل قليلٍ.
    ويأتي الوداعُ سريعًا سريعًا.
    أما كان هذا اللقاء سريعًا لننسى الذين يحبوننا في فنادق أخرى?
    أما قلتِ هذا الكلام الإباحيَّ يومًا لغيري?
    أما قلتُ هذا الكلام الإباحيَّ يومًا لغيرك في فندقٍ آخر أو هنا فوق هذا السريرِ?
    سنمشي الخطى ذاتها كي يجيءَ سوانا ويمشي الخطى ذاتها.. [إلخ.. إلخ..].

                  

04-30-2003, 09:54 AM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)



    .
    .


    آن للشاعر أن يقتل نفسه
    من ديوان " هي أغنية، هي أغنية " (1986
    آن للشاعر أن يقتل نفسه
    لا لشيء، بل لكي يقتل نفسه
    قال : لن أسمح للنحلة أن تمتصَّني .
    قال : لن أسمح للفكرة أن تقتص مني .
    قال : لن أسمح للمرأة أن تتركني حياً على ركبتها .
    من ثلاثين سنه
    يكتب الشعر وينسى . وقعنا عن جميع الأحصنه
    ووجدنا الملح في حبة قمحٍ ، وهو ينساني . خسرنا الأمكنه
    وهو ينساني . أنا الآخر فيه .
    كلُّ شيء صورةٌ فيه . أنا مرآتهُ
    كل موتٍ صورةٌ . كل جسد صورةُ
    كل رحيل صورةٌ . كل بلد صورةٌ
    قلت ُ : كفى متنا تماماً ، أين إنسانيتي ؟ أين أنا ؟
    قال : لا صورة إلا للصور
    من ثلاثين شتاء
    يكتب الشعر ويبني عالماً ينهار حوله
    يجمع الأشلاء كي يرسم عصفوراً وباباً للفضاء
    كلما انهار جدارٌ حولنا شاد بيوتاً في اللغه
    كلما ضاق بنا البرُّ بنى الجنة ، وامتدَّ بجُمله
    من ثلاثين شتاء ، وهو يحيا خارجي
    قال إن جئنا إلى أولى المُدن
    ووجدناها غياباً
    وخراباً
    لا تُصدق
    لا تطُلِّق
    شارعاً سرنا عليه .. وإليه .
    تكذب الأرضُ ولا يكذب حُلمٌ يتدلى من يديه .
    من ثلاثين خريفاً
    يكتب الشعر ولا يحيا ولا يعشق إلا صوره
    يدخل السجن فلا يُبصر إلا قمره
    يدخل الحبَّ فلا يقطفُ إلا ثمره
    قلت : ما المرأة فينا ؟ قال لي : تُفاحةٌ للمغفره
    أين إنسانيتي ؟ صحتُ
    فسد الباب كي يبصرني خارجه . يصرخ بي :
    من فكرةٍ في صورةٍ في سُلم الإيقاع تأتي المرأةُ المنتظره .
    آن للشاعر أن يخرج مني للأبد .
    ليس قلبي من ورق
    آن لي أن أفترق
    عن مراياي وعن شعب الورق .
    آن للنحلة أن تخرج من وردتها نحو الشفق
    آن للوردة أن تخرج من شوكتها كي تحترق
    آن للشوكة أن تدخل قلبي كلهُ
    كي أرى قلبي ، وكي أسم قلبي ، وأحسه .
    آن للشاعر آن يقتل نفسه
    لا لشيء
    بل لكي يقتل نفسه


                  

05-01-2003, 06:51 PM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)



    .
    .


    مطار أثينا
    من ديوان " ورد أقل " (1986)
    مَطَارُ أَثِينَا يُوَزِّعُنَا لِلْمَطَارَاتِ.
    ?قَالَ المُقَاتِلُ: أَيْنَ أُقَاتِلُ
    ?صَاحَتْ بِهِ حَامِلٌ: أَيْنَ أُهْدِيكَ طِفْلَكَ
    ?قَالَ المُوَظَّفُ: أَيْنَ أُوَظِّفُ مَالِي
    ?فَقَالَ المُثَقَّفُ: مَالِي وَمَالكَ
    ?قَالَ رِجَالُ الجَمَارِكِ: مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ
    أَجبْنَا: مِنَ البَحْرِ.
    ?قَالُوا: إِلَى أَيْنَ تَمْضُون
    قُلْنَا: إلى البَحْرِ.
    ?قَالُوا: وَأَيْنَ عَنَاوِينُكُم
    قَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْ جَمَاعَتِنَا: بُقْجَتِي قَريَتِي.
    فِي مَطَارِ أَثِينَا انْتَظَرْنَا سِنِينَا.
    تَزَوَّجَ شَابٌّ فَتَاةً وَلَمْ يَجِدَا غُرْفَةً لِلزَّوَاجِ السَّريعِ.
    ?تَسَاءَلَ: أَيْنَ أَفُضُّ بَكَارَتَهَا
    فَضَحِكْنَا وَقُلْنَا لَهُ: يَا فَتىً، لاَ مَكَانَ لِهَذَا السُّؤالِ.
    وَقَالَ المُحلِّل فِينَا: يَمُوتُونَ مِنْ أَجْلِ أَلاَّ يَمُوتُوا.
    يَمُوتُونَ سَهْوًا.
    وَقَالَ الأَدِيبُ: مُخَيَّمُنَا سَاقِطٌ لاَ محَالَة.
    مَاذَا يُرِيدُونَ مِنَّا?
    وَكَانَ مَطَارُ أَثِينَا يُغَيِّرُ سُكَّانَهُ كُلَّ يَوْمٍ.
    وَنَحْنُ بَقِينَا مَقَاعِدَ فَوْقَ المَقَاعِدِ نَنْتَظِرُ البَحْرَ،
    كَمْ سَنةً يَا مَطَارَ أَثِينَا!...

    (عدل بواسطة almohndis on 05-01-2003, 07:34 PM)

                  

05-02-2003, 04:57 PM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: osama elkhawad)

    الاستاذ اسامة الخواض
    الشكر لك اولا
    وثانبا على التوجيه
    وسوف اقوم من خلاكم
    وماجمعت من معلومات
    بالتصحيح .
    موقع مجلة الكرمل
    http://www.alkarmel.org/
                  

05-04-2003, 06:50 PM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)



    .
    .


    لديني ... لديني لأعرف
    "سلامٌ عليكِ"
    من ديوان " ورد أقل " 1986
    لديني ... لديني لأعرف في أي أرضٍ أموتُ
    وفي أي أرضٍ سأُبعث حيا

    سلامٌ عليكِ وأنتِ تعدِّين نارَ الصَّباح،
    سلامٌ عليكِ...سلامٌ عليكِ.
    أما آن لي أن أقدِّم بعض الهدايا إليكِ
    أما آن لي أن أعودَ إليكِ؟
    لِديني لأشرب مِنك حليبَ البلادْ
    وأبقى صبياً على ساعديكِ
    وأبقى صبياً إلى أبد الآبدين.
    أما آن لي أن أُقدِّم بعض الهدايا إليكِ
    أما آن لي أن أعود إليكِ؟

    أمي! أضعتُ يد يَّا على خَصْرِ امرأةٍ من سراب
    أُعانق رملاً أُعانق ظِلاً

    رأيتُ كثيراً يا أمي رأيتْ
    لديني لأبقى على راحتيكِ
    آه، يا أُمي

                  

05-08-2003, 10:48 AM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)



    .
    .


    قصيدة بيروت
    حصار لمدائح البحر " (1984

    بيروت يا بيروت
    بيروت خيمتنا
    بيروت نجمتنا
    بيروت يا بيروت

    بيروت تفاحة،
    والقلب لا يضحك
    وحصاننا واحة،
    في عالم يهلك
    سنرقص الساحة،
    ونزوج الليلك

    بيروت يا بيروت
    بيروت خيمتنا
    بيروت نجمتنا
    بيروت يا بيروت

    لن نترك الخندق
    حتى يمر الليل
    بيروت للمطلق
    وعيوننا للريح

    في البدء كان الخلق
    والآن في الخندق
    ظهرت سمات الحمل

    بيروت يا بيروت
    بيروت خيمتنا
    بيروت نجمتنا
    بيروت يا بيروت





                  

05-09-2003, 03:25 PM

hala guta

تاريخ التسجيل: 04-13-2003
مجموع المشاركات: 1569

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)

    up
                  

05-10-2003, 05:25 PM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: hala guta)

    شكرا لك
    hala guta
    شرفت البيت الدرويشى
                  

05-13-2003, 05:17 PM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)



    .
    .


    "البكاء بين يدي زرقاء اليمامة"
    مُعَلَّقٌ أنا على مشانقِ الصَّباحْ

    وجبهتي - بالموتِ - مَحنيَّهْ

    لأنني لم أَحْنِها.. حَيَّهْ!

    ***


    يا إخوتي الذينَ يعبُرون في المِيدان مُطرِقينْ

    مُنحدرين في نهايةِ المساءْ

    في شارِع الإسكندرِ الأكبرْ

    لا تخجلوا.. ولترْفعوا عيونَكم اليّ

    لأنكم مُعلَّقونَ جانبي.. على مشانِق القيصَرْ.

    فلترفعوا عيونَكم اليّ

    لربما.. إذا التقتْ عيونُكم بالموتِ في عَينَيّ:

    يبتسمُ الفناءُ داخلي.. لأنكمْ رفعتم رأسَكمْ.. مرَّهْ!

    "سيزيفُ" لم تعدْ على أَكتافهِ الصَّخرهْ

    يحملُها الذين يُولدونَ في مخادِع الرقيقْ.

    والبحرُ.. كالصّحراءِ.. لا يروي العطَشْ

    لأنَّ من يقولُ "لا" لا يرتوي إلاّ مَن الدُّموعْ!

    ... فلترفعوا عيونَكم للثائرِ المشنوقْ

    فسوف تنتهونَ مثلَه.. غدا

    وقبّلوا زوجاتِكم.. هنا.. على قارعةِ الطريقْ

    فسوف تنتهون ها هنا.. غدا

    فالانحناءُ مُرّ..

    والعنكبوتُ فوق أعناقِ الرّجالِ ينسجُ الردى

    فقبِّلوا زوجاتِكم.. إني تركتُ زوجتي بلا وداعْ

    وإن رأيتم طفليَ الذي تركتُه على ذراعِها بلا ذراعْ

    فعلّموهُ الإنحناءْ!

    علّموهُ الانحناءْ!

    اللهُ. لم يغفر خطيئةَ الشيطانِ حين قال لا!

    والودعاءُ الطيبونْ..

    هم الذين يرِثون الأرضَ في نهايةِ المدى

    لأنهم.. لا يُشنقون!

    فعلّموهُ الإنحناءْ!

    وليس ثَمَّ من مَفَرّ.

    لا تحلُموا بعالمٍ سعيدْ
    فخلف كل قيصر يموتُ: قيصرٌ جديد!

    وخلف كل ثائرٍ يموتُ: أحزانٌ بلا جدوى..

    ودمعةٌ سُدى!

    (مزج ثالث):


    يا قيصرُ العظيم: قد أخطأتُ.. إني أَعترِفْ

    دعني - على مِشنقتي - أَلْثُمُ يَدكْ

    ها أنذا أُقبّل الحبلَ الذي في عُنقي يلتفّ

    فهو يداكَ, وهو مجدُك الذي يجِبرُنا أن نعبُدَكْ

    دعني أُكَفِّرْ عنْ خطيئتي

    أمنحكَ - بعد ميتتي - جُمْجُمَتي

    تصوغُ منها لكَ كأساً لشرابِك القويّ

    ... فإن فعلتَ ما أريدْ

    إن يسألوك مرةً عن دميَ الشهيدْ

    وهل تُرى منحتَني "الوجودَ" كي تسلُبَني "الوجودْ"

    فقلْ لهم: قد ماتَ.. غيرَ حاقدٍ عليّ

    وهذه الكأسُ - التي كانتْ عظامُها جمجمتَه -

    وثيقةُ الغُفرانِ لي.

    يا قاتلي: إني صفحتُ عنك..

    في اللّحظةِ التي استرحتَ بعدَها مني:

    استرحتُ منكْ!

    لكنني.. أوصيكَ إن تشأْ شنقَ الجميع

    أن ترحم الشجر!

    لا تقطعِ الجذوعَ كي تنصبَها مشانقاً

    لا تقطعِ الجُذوع

    فربما يأتي الرَّبيع

    "والعامُ عامُ جوع"

    فلن تشمَّ في الفرُوعِ.. نكهةَ الثَّمر!

    وربما يمر في بلادِنا الصّيف الخَطِِرْ

    فتقطعَ الصحراء.. باحثاً عن الظلالْ

    فلا ترى سوى الهجيرِ والرّمالِ والهجيرِ والرمال

    والظمأِ الناريّ في الضُلوع!

    يا سيدَ الشواهدِ البيضاء في الدُّجى..

    (مزج رابع):


    يا إخوتي الذينَ يعبُرون في المِيدان في انحِناءْ

    منحدرين في نهايةِ المساءْ

    لا تحلموا بعالمٍ سَعيدْ..

    فخلفَ كلِّ قيصرٍ يموتُ: قيصرٌ جديدْ.

    وإن رأيتمْ في الطّريق "هانيبالْ"

    فأخبروه أنني انتظرته مدى على أبواب "روما" المُجهدهْ

    وانتظرتْ شيوخ روما - تحت قوسِ النَّصر - قاهرَ الأبطال

    ونسوةَ الرومان بين الزينةِ المُعربدهْ

    ظللنَ ينتظِرْن مقدمَ الجنودْ..

    ذوي الرؤوسِ الأطلسية المجعّده

    لكن "هانيبال" ما جاءتْ جنودُه المجنّده

    فأخبروه أنني انتظرتهُ.. انتظرتهُ..

    لكنهُ لم يأتِ!

    وأنني انتظرتُهُ.. حتى انتهيتُ في حبالِ الموت

    وفي المدى: "قرطاجةٌ" بالنار تَحترقْ

    "قرطاجةٌ" كانتْ ضميرَ الشمسِ: قد تعلَّمتْ معنى الرُّكوع

    والعنكبوتُ فوق أعناقِ الرجال

    والكلماتُ تَختنق

    يا إخوتي: قرطاجةُ العذراءُ تحترقْ

    فقبِّلوا زوجاتِكم,

    إني تركتُ زوجتي بلا وَداعْ

    وإن رأيتم طفليَ الذي تركتُه على ذراعها.. بلا ذِراع

    فعلّموهُ الإنحناءْ

    علّموهُ الإنحناءْ..

    عَلّموهُ الإنحِناءْ..

                  

05-14-2003, 01:46 AM

هدهد

تاريخ التسجيل: 02-19-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)

    عزيزي عثمان

    زرعتك قي نيوتورن وايون من ذرة اوكسجين استنشقتها
    وقفت جواي تتسكع في المسامات ذي طفل مليان الفة وحنين
    ياساكني جواي ومستمع بسكنتك
    اديني عنوان نفسي عشان اجيك
    ان ...وين في المساحة المنك جواي

    وبس
                  

05-15-2003, 08:59 AM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: هدهد)

    الى كل محبى درويش جمله وتخصيصااستاذنا اسامة الخواض: الجندرية:هدهد: عبدالله حعفر:قرجةخضر حسين:سفرجت:مانجى :علاء شاموق
    hala guta:ونجاة:وقرجه:وزامروى
    والكثيرين الذى لم يرد ذكرهم
    اهديهم
    قصيدة الأرض

    (عدل بواسطة almohndis on 05-15-2003, 10:29 AM)

                  

05-15-2003, 09:04 AM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)


    قصيدة الأرض
    -1-
    في شهر آذار، في سنة الإنتفاضة، قالت لنا الأرضُ أسرارها الدموية.
    في شهر آذار مرّت أمام البنفسج والبندقيّة خمس بنات.
    وقفن على باب مدرسة إبتدائية، واشتعلن مع الورد والزعتر البلديّ.
    افتتحن نشيد التراب.
    دخلن العناق النهائي
    آذار يأتي إلى الأرض من باطن الأرض يأتي، ومن رقصة الفتيات
    – البنفسج مال قليلاً ليعبر صوت البنات.
    العصافيرُ مدّت مناقيرها في اتّجاه النشيد وقلبي.
    أنا الأرض
    والأرض أنت
    خديجةُ! لا تغلقي الباب
    لا تدخلي في الغياب
    سنطردهم من إناء الزهور وحبل الغسيل
    سنطردهم عن حجارة هذا الطريق الطويل
    سنطردهم من هواء الجليل.
    وفي شهر آذار، مرّت أمام البنفسج والبندقيّة خمس بناتٍ.
    سقطن على باب مدرسةٍ إبتدائيةٍ.
    للطباشير فوق الأصابع لونُ العصافيرِ.
    في شهر آذار قالت لنا الأرض أسرارها.
    -2-
    أُسمّي الترابَ امتداداً لروحي
    أُسمّي يديّ رصيفَ الجروح
    أُسمّي الحصى أجنحة
    أسمّي العصافير لوزاً وتين
    وأستلّ من تينة الصدر غصناً
    وأقذفهُ كالحجرْ
    وأنسفُ دبّابةَ الفاتحين.
    -3-
    وفي شهر آذار، قبل ثلاثين عاما وخمس حروب،
    وُلدتُ على كومة من حشيش القبور المضيء.
    أبي كان في قبضة الإنجليز.
    وأمي تربّي جديلتها وامتدادي على العشب.
    كنت أحبّ "جراح الحبيب" و أجمعها في جيوبي، فتذبلُ عند الظهيرة، مرّ الرصاص على قمري الليلكي فلم ينكسر،
    غير أنّ الزمان يمرّ على قمري الليلكي فيسقطُ سهواً...
    وفي شهر آذار نمتدّ في الأرض
    في شهر آذار تنتشرُ الأرض فينا
    مواعيد غامضةً
    واحتفالاً بسيطاً
    ونكتشف البحر تحت النوافذ
    والقمر الليلكي على السرو
    في شهر آذار ندخلٌُ أوّل سجنٍ وندخلُ أوّل حبّ
    وتنهمرُ الذكريات على قريةً في السياج
    وُلدنا هناك ولم نتجاوز ظلال السفرجل
    كيف تفرّين من سُبُلي يا ظلال السفرجل؟
    في شهر آذار ندخلُ أوّل حبٍّ
    وندخلُ أوّل سجنٍ
    وتنبلجُ الذكريات عشاءً من اللغة العربية:
    قال لي الحبّ يوماً: دخلت إلى الحلم وحدي فضعتُ وضاع بي الحلم.
    قلت تكاثرْ!
    تر النهر يمشي إليك.
    وفي شهر آذار تكتشف الأرض أنهارها.
    -4-
    بلادي البعيدة عنّي.. كقلبي!
    بلادي القريبة مني.. كسجني!
    لماذا أغنّي
    مكاناً، ووجهي مكانْ؟
    لماذا أغنّي
    لطفل ينامُ على الزعفران؟
    وفي طرف النوم خنجر
    وأُمي تناولني صدرها
    وتموتُ أمامي
    بنسمةِ عنبر؟
    -5-
    وفي شهر آذار تستيقظ الخيل
    سيّدتي الأرض!
    أيّ نشيدٍ سيمشي على بطنك المتموّج، بعدي؟
    وأيّ نشيدٍ يلائم هذا الندى والبخور
    كأنّ الهياكل تستفسرُ الآن عن أنبياء فلسطين في بدئها المتواصل
    هذا اخضرار المدى واحمرار الحجارة-
    هذا نشيدي
    وهذا خروجُ المسيح من الجرح والريح
    أخضر مثل النبات يغطّي مساميره وقيودي
    وهذا نشيدي
    وهذا صعودُ الفتى العربيّ إلى الحلم والقدس.
    في شهر آذار تستيقظ الخيلُ.
    سيّدتي الأرض!
    والقمم اللّولبية تبسطها الخيلُ سجّادةً للصلاةِ السريعةِ
    بين الرماح وبين دمي.
    نصف دائرةٍ ترجعُ الخيلُ قوسا
    ويلمعُ وجهي ووجهك حيفا وعُرسا
    وفي شهر آذار ينخفضُ البحر عن أرضنا المستطيلة مثل
    حصانٍ على وترِ الجنس
    في شهر آذار ينتفضُ الجنسُ في شجر الساحل العربي
    وللموج أن يحبس الموج ... أن يتموّج...أن
    يتزوّج .. أو يتضرّح بالقطن
    أرجوك – سيّدتي الأرض – أن تسكنيني وأن تسكنين صهيلك
    أرجوك أن تدفنيني مع الفتيات الصغيرات بين البنفسج والبندقية
    أرجوك – سيدتي الأرض – أن تخصبي عمري المتمايل بين سؤالين: كيف؟ وأين؟
    وهذا ربيعي الطليعي
    وهذا ربيعي النهائيّ
    في شهر آذار زوّجتُ الأرضُ أشجارها.
    -6-
    كأنّي أعود إلى ما مضى
    كأنّي أسيرُ أمامي
    وبين البلاط وبين الرضا
    أعيدُ انسجامي
    أنا ولد الكلمات البسيطة
    وشهيدُ الخريطة
    أنا زهرةُ المشمش العائلية.
    فيا أيّها القابضون على طرف المستحيل
    من البدء حتّى الجليل
    أعيدوا إليّ يديّ
    أعيدوا إليّ الهويّة!
    -7-
    وفي شهر آذار تأتي الظلال حريرية والغزاة بدون ظلال
    وتأتي العصافير غامضةً كاعتراف البنات
    وواضحة كالحقول
    العصافير ظلّ الحقول على القلب والكلمات.
    خديجة!
    - أين حفيداتك الذاهباتُ إلى حبّهن الجديد؟
    - ذهبن ليقطفن بعض الحجارة-
    قالت خديجة وهي تحثّ الندى خلفهنّ.
    وفي شهر آذار يمشي التراب دماً طازجاً في الظهيرة.
    خمس بناتٍ يخبّئن حقلاً من القمح تحت الضفيرة.
    يقرأن مطلع أنشودةٍ على دوالي الخليل، ويكتبن خمس رسائل:
    تحيا بلادي
    من الصفر حتّى الجليل
    ويحلمن بالقدس بعد امتحان الربيع وطرد الغزاة.
    خديجةُ! لا تغلقي الباب خلفك
    لا تذهبي في السحاب
    ستمطر هذا النهار
    ستمطرُ هذا النهار رصاصاً
    ستمطرُ هذا النهار!
    وفي شهر آذار، في سنة الانتفاضة، قالت لنا الأرض أسرارها الدّمويّة:
    خمسُ بناتٍ على باب مدرسةٍ ابتدائية يقتحمن جنود المظلاّت.
    يسطعُ بيتٌ من الشعر أخضر... أخضر.
    خمسُ بناتٍ على باب مدرسة إبتدائيّة ينكسرن مرايا مرايا
    البناتُ مرايا البلاد على القلب..
    في شهر آذار أحرقت الأرض أزهارها.
    -8-
    أنا شاهدُ المذبحة
    وشهيد الخريطة
    أنا ولد الكلماتُ البسيطة
    رأيتُ الحصى أجنحة
    رأيت الندى أسلحة
    عندما أغلقوا باب قلبي عليّاً
    وأقاموا الحواجز فيّا
    ومنع التجوّل
    صار قلبي حارةْ
    وضلوعي حجارةْ
    وأطلّ القرنفل
    وأطلّ القرنفل
    -9-
    وفي شهر آذار رائحةٌ للنباتات.
    هذا زواجُ العناصر.
    "آذار أقسى الشهور" وأكثرها شبقاً.
    أيّ سيفٍ سيعبرُ بين شهيقي وبين زفيري ولا يتكسّرُ !
    هذا عناقي الزّراعيّ في ذروة الحب. هذا انطلاقي إلى العمر.
    فاشتبكي يا نباتات واشتركي في انتفاضة جسمي، وعودة حلمي إلى جسدي
    سوف تنفجرُ الأرضُ حين أُحقّقُ هذا الصراخ المكبّل بالريّ والخجل القرويّ.
    وفي شهر آذار نأتي إلى هوس الذكريات، وتنمو علينا النباتات صاعدةىً في اتّجاهات كلّ البدايات. هذا نموُّ التداعي. أُسمّي صعودي إلى الزنزلخت التداعي.
    رأيت فتاةً على شاطئ البحر قبل ثلاثين عاماً وقلتُ: أنا الموجُ، فابتعدتُ في التداعي.
    رأيتُ شهيدين يستمعان إلى البحر:عكّا تجئ مع الموج.
    عكّا تروح مع الموج.
    وابتعدا في التداعي.
    ومالت خديجة نحو الندى، فاحترقت.
    خديجة! لا تغلقي الباب!
    إن الشعوب ستدخلُ هذا الكتاب وتأفل شمسُ أريحا بدونِ طقوس.
    فيا وطن الأنبياء...تكامل!
    ويا وطن الزراعين.. تكاملْ!
    ويا وطن الشهداء.. . تكامل!
    ويا وطن الضائعين .. تكامل!
    فكلّ شعاب الجبال امتدادٌ لهذا النشيد.
    وكلّ الأناشيد فيك امتدادٌ لزيتونة زمّلتني.
    -10-
    مساءٌ صغيرٌ على قريةٍ مهملة
    وعيناك نائمتان
    أعودُ ثلاثين عاماً
    وخمس حروبٍ
    وأشهدُ أنّ الزمانْ
    يخبّئ لي سنبلة
    يغنّي المغنّي
    عن النار والغرباء
    وكان المساءُ مساء
    وكان المغنّي يغنّي
    ويستجوبونه:
    لماذا تغنّي؟
    يردّ عليهم:
    لأنّي أغنّي
    .....
    وقد فتّشوا صدرهُ
    فلم يجدوا غير قلبه
    وقد فتّشوا قلبه
    فلم يجدوا غير شعبه
    وقد فتشوا صوته
    فلم يجدوا غير حزنه
    وقد فتّشوا حزنه
    فلم يجدوا غير سجنه
    وقد فتّشوا سجنه
    فلم يجدوا غيرهم في القيود
    وراء التّلال
    ينامُ المغنّي وحيداً
    وفي شهر آذار
    تصعدُ منه الظلال
    -11-
    أنا الأملُ والسهلُ والرحبُ – قالت لي الأرضُ والعشبُ مثل التحيّة في الفجر
    هذا احتمالُ الذهاب إلى العمر خلف خديجة.
    لم يزرعوني لكي يحصدوني
    يريد الهواء الجليليّ أن يتكلّم عنّي، فينعسُ عند خديجة
    يريد الغزال الجليليّ أن يهدم اليوم سجني، فيحرسُ ظلّ خديجة وهي تميل على نارها.
    يا خديجةُ! إنّي رأيتُ .. وصدّقتُ رؤياي تأخذني في مداها وتأخذني في هواها.
    أنا العاشق الأبديّ، السجين البديهيّ.
    يقتبس البرتقالُ اخضراري ويصبحُ هاجسَ يافا
    أنا الأرضُ منذ عرفت خديجة
    لم يعرفوني لكي يقتلوني
    بوسع النبات الجليليّ أن يترعرع بين أصابع كفّي ويرسم هذا المكان الموزّع بين اجتهادي وحبّ خديجة
    هذا احتمال الذهاب الجديد إلى العمر من شهر آذار حتّى رحيل الهواء عن الأرض
    هذا الترابُ ترابي
    وهذا السحابُ سحابي
    وهذا جبين خديجة
    أنا العاشقُ الأبديّ – السجينُ البديهيّ
    رائحة الأرض توقظني في الصباح المبكّر..
    قيدي الحديديّ يوقظها في المساء المبكّر
    هذا احتمال الذهابُ الجديد إلى العمر،
    لا يسأل الذاهبون إلى العمر عن عمرهم
    يسألون عن الأرض: هل نهضت
    طفلتي الأرض!
    هل عرفوك لكي يذبحوك؟
    وهل قيّدوك بأحلامنا فانحدرت إلى جرحنا في الشتاء؟
    وهل عرفوك لكي يذبحوك
    وهل قيّدوك بأحلامهم فارتفعت إلى حلمنا في الربيع؟
    أنا الأرض..
    يا أيّها الذاهبون إلى حبّة القمح في مهدها
    احرثوا جسدي!
    أيّها الذاهبون إلى صخرة القدس
    مرّوا على جسدي
    أيّها العابرون على جسدي
    لن تمرّوا
    أنا الأرضُ في جسدٍ
    لن تمرّوا
    أنا الأرض في صحوها
    لن تمرّوا
    أنا الأرض.
    يا أيّها العابرون على الأرض في صحوها
    لن تمرّوا
    لن تمرّوا
    لن تمرّوا!
                  

05-16-2003, 07:19 PM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)



    .
    .


    القتيل رقم 18


    غابةُ الزيتون كانت مرةً خضراءَ

    كانت.. والسماءْ

    غابةً زرقاء.. كانت يا حبيبي

    ما الذي غيَّرها هذا المساء?

    .. .. ..

    أوقَفُوا سيارةَ العمال في منعطف الدربِ

    وكانوا هادئين

    وأدارونا إلى الشرق.. وكانوا هادئين

    .. .. ..

    كان قلبي مَرَّةً عصفورةً زرقاءَ.. يا عش حبيبي

    ومناديلك عندي، كلها بيضاء، كانت يا حبيبي

    ما الذي لطّخها هذا المساء?

    أنا لا أفهم شيئًا يا حبيبي!

    .. .. ..

    أوقفوا سيارة العمّال في منتصف الدربِ

    وكانوا هادئين

    وأدارونا إلى الشرق.. وكانوا هادئين

    .. .. ..

    لكَ مني كلُّ شيء

    لكَ ظل لك ضوء

    خاتم العرس، وما شئتَ

    وحاكورة زيتون وتينِ

    وسآتيكَ كما في كل ليلهْ

    أدخل الشبّاكَ، في الحلُمِ، وأرمي لَكَ فُلَّه

    لا تلمني إن تأخرتُ قليلاً

    إنهم قد أوقفوني

    غابة الزيتون كانت دائمًا خضراء

    كانت يا حبيبي

    إن خمسين ضحيَّهْ

    جعلتها في الغروب..

    بركةً حمراء.. خمسين ضحيَّهْ

    يا حبيبي.. لا تلمني..

    قتلوني.. قتلوني..

    قتلوني..

                  

05-17-2003, 07:39 PM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)

    مأساة النرجس وملهاة الفضة
    محمود درويش
    1989
    عادوا..
    من اخر النفق الطويل الى مراياهم.. وعادوا
    حين استعادوا ملح اخوتهم، فرادى أو جماعات، وعادوا من أساطير الدفاع عن القلاع الى البسيط من الكلام
    لن يناموا، من بعد، أيديهم ولا راياتهم للمعجزات اذا أرادوا
    عادوا ليحتفظوا بماء وجودهم، ويرتّبوا هذا الهواء
    ويزوّجوا أبنائهم لبناتهم، ويرقّصوا جسداً توارى في الرخام
    عادوا على أطراف هاجسهم الى جغرافيا السحر الالهي والى بساط نور في أرض التضاريس القديمة:
    جبلُ على بحر؟
    وخلف الذكريات بحيرتان،
    وساحل للأنبياء
    وشارع لروائح الليمون. لم تُصب البلاد بأيّ سوء.
    هبّت رياح الخيل، والهكسوس هبّوا، والتتّار مقنّعين
    وسافرين، وخلّدوا أسماءهم بالرمح أو بالمنجنيق..
    وسافروا
    لم يحرموا ابريل من عاداته: يلدُ الزهور من الصخور
    ولزهرة الليمون أجراسٌ، ولم يُصب الترابُ بأي سوءـ
    أيّ سوء، أيّ سوء بعدهم. والأرضُ تورثُ كاللغة.
    هبّت رياحُ الخيل وانطفأت رياحُ الخيل، وانبثق الشعير من الشعير
    عادوا لأنهم أرادوا واستعادوا النارَ في ناباتهم، فأتى البعيدُ
    من البعيد، مضرّجاً بثيابهم وهشاشة البلور، وارتفع النشيدُـ
    على المسافة والغياب. بأيّ اسلحة تصدُّ الروح عن تحليقها؟
    في كل منفى من منافيهم بلادٌ لم يصبها أي سوء..
    صنعوا خرافتهم كما شاءوا، وشادوا للحصى ألقَ الطيور
    وكلما مروا بنهر... مزّقوهُ، وأحرقوهُ، من الجنين.. وكلمّا
    مرّوا بسوسنة بكوا وتساءلوا: هل نحن شعب أم نبيذٌ
    للقرابين الجديدة؟
    يا نشيدُ! خذ العناصر كلّها
    واصعد بنا
    سفحاً فسفحاً
    واهبط الوديانـ
    هيا يا نشيدُ
    فأنت أدرى بالمكانِ
    وأنت أدرى بالزمانِ
    وقوّة الأشياء فينا..
    لم يذهبوا أبداً، ولم يصلوا، لأن قلوبهم حبّات لوز في الشوارع.
    كانت الساحات أوسع من سماء لا تغطّيهم. وكان البحر ينساهم.
    وكانوا يعرفون شمالهم وجنوبهم، ويطيّرون حمائم الذكرى الى أبراجها الأولى،
    ويصطادون من شهدائهم نجماً يسيّرهم الى وحش الطفولة
    كلما قالوا: وصلنا. خرّ أولهُم على قوسِ البدايةِ.
    أيها البطلُ ابتعد عنا لنمشي فيك نحو نهاية أخرى، فتبّاً للبدايةِ.
    أيها البطل المضرّج بالبدايات الطويلة قُل لنا: كم مرةً ستكون رحلتنا البداية؟
    أيها البطل المسجّى فوق أرغفة الشعير وفوق صوف اللوز،
    سوف نخيّط الجرح الذي يمتصُ روحك بالندى:
    بحليب ليل لا ينامُ، بزهرة الليمون، بالحجر المدمّى، بالنشيد
    نشيدنا، وبريشة مقلوعة من طائرِ الفينيقـ
    إنّ الارض تورثُ كاللغة!
    ... ونشيدهم حجرٌ يحكٌ الشمسَ. كانوا طيّبين وساخرين لا يعرفون الرقص والمزمار الاّ في جنازات الرفاق الراحلين
    كانوا يحبّون النساء كما يحبون الفواكه والمبادىء والقطط
    كانوا يعدّون السنين بعمر موتاهم. وكانوا يرحلون الى الهواجس.
    ماذا صنعنا بالقرنفل كي نكون بعيدهُ؟ ماذا صنعنا بالنوارس
    لنكون سكّان المرافىء والملوحةِ في هواء يابس: مستقبلين مودّعين؟
    ... كانوا، كما كانوا، سليقة كلّ نهر لا يفتّش عن نبات
    يجرون في الدنيا لعلّ الدرب يأخذهم الى درب النجاة من الشتات
    ... ولأنهم لا يعرفون من الحياة سوى الحياة كما تقدّمها الحياة
    لم يسألوا عما وراء مصيرهم وقبورهم. ما شأنهم بعد القيامة؟
    ما شأنهم ان كان اسماعيلُ أم اسحقُ شاةً للإلهُ؟
    هذا الجحيم هو الجحيمُ. تعوّدوا أن يزرعوا النعناعَ في قمصانهم
    وتعلموا أن يزرعوا اللبلابَ حول خيامهم، وتعوّدوا
    حفظ البنفسج في أغانيهم وفي أحواض موتاهم.. ولم
    يُصب النباتُ بأيّ سوء، أي سوء، حين جسَّدهُ الحنينُ
    لكنهم عادوا قبيل غروبهم، عادوا الى أسمائهم
    والى وضوح الوقت في سفر السنونو
    ... أمّا المنافي، فهي أمكنةٌ وأزمنةٌ تُغيّر أهلها
    وهي المساءُ اذا تدلّى من نوافذ لا تطلُّ على أحد
    وهي الوصولُ الى السواحل فوق مركبة أضاعت خيلها
    وهي الطيورُ اذا تمادت في مديح غنائها، وهي البلد
    وقد انتهى للعرش.. واختصر الطبيعة في جسد
    .. لكنهم اعادوا من المنفى، وان تركوا هناك خيولهُم
    فلأنهم كسروا خرافتهم بأيديهم لكي يتسربوا منها وكي يتحرروا
    ويفكروا بقلوبهم. عادوا من الأسطورة الكبرى لكي يتذكروا
    أيامهم وكلامهم. عادوا الى المألوف فيهم وهو يمشي
    فوق الرصيف ويمضغُ الكسلَ اللذيذَ ووقتهَ من غير غايه
    ويرى الزهورَ كما ترى الناسُ الزهورَ.. بلا حكايه.
    من زهرةِ الليمونِ تولدُ زهرةُ الليمون ثانيةً وتفتح في الظلام
    نوافذَ الدورُ القديمة للمدى.. وعلى سلام العائله
    ... وكأنهم عادوا، لأن الوقت يكفي كي تعود القافله
    من رحلة الهند البعيدة. أصلحوا عرباتهم وتقدموا قبل الكلام
    وعلى نوافذ آسيا الوسطى أضاؤوا نجمة الذكرى، وعادوا
    وكأنهم عادوا. وعادوا من شمال الشام عادوا
    وكأنهم عادوا من الجزر الصغيرة في المحيط الرحب، عادوا
    من فتوحات بلا عدد ومن سبي بلا عدد، وعادوا
    وكأنهم عادوا كعودة ظلّ مئذنة الى صوت المؤذّن في المغيب
    لم تسخر الطرقاتُ منهم مثلما سخر الغريبُ من الغريب
    النهر هاجسهم، تلعثمَ أم تقدّم.. غاض أم فاض النهر
    ولراية الصفصات عرّافٌ يعلّقها على ما سال من ذهب القمر
    .. ولهم حكايتهم. وآدمـ جدّ هجرتهم بكى ندماً.
    وللصحراء هاجر
    والأنبياء تشرّدوا في كل أرض، والحضارة هاجرت،
    والنخل هاجر
    لكنهم عادوا قوافل،
    أو رؤى،
    أو فكرةً،
    أو ذاكرةً
    ورأوا من الصورّ القديمة فتنةً أو محنةً تكفي لوصف الآخرة
    هل كانت الصحراء تكفي للضياع الآدميّ؟ وصبّ آدم في رحم زوجته، على مرأى من التُفّاح، شهدَ الشهوةِ الأولى. وقاومَ
    موتهُ. يحيا يعبد ربّهُ العالي، ويعبدُ ربّهُ العالي ليحيا.
    هل كان أوّلُ قاتلـ قابيلُـ يعرف أن نوع أخيه موت؟
    هل كان يعرف أنه لا يعرف الأسماء، بعد، ولا اللغه
    هل كانت امرأةٌ يغطّيها قميصُ التوتِ أوّلَ خارطه؟
    لا شمسَ تحت الشمس الاّ نور هذا القلب يخترق الظلال
    كم من زمان مرّكي يجدوا الجوابَ عن السؤال. وما السؤال
    الاّ جوابٌ لا سؤال له، وكانت تلك اسئلةُ الرمال الى الرمال
    نبوءةً في ما يرى أو لا يرى. جهلا يقول نبوءةً. والرملُ رملُ
    ويغافل الصوفيّ امرأة ليغزل صوفّ عتمتها بلحيته، ويعلو
    جسداً من البلّور. هل للروحِ أردافٌ وخاصرةٌ وظلُّ؟
    في الأسر مُتّسع لشمسِ الشكّ مُذ صاروا سكارى الباب ـحرياتهُم
    هي ما تساقط من فضاء المُطلق المكسور حول خيامهم:
    خوذٌ، صفيحٌ، زرقةٌ، ابريقُ ماء، أسلحه


                  

06-09-2003, 07:52 PM

هدهد

تاريخ التسجيل: 02-19-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)

    نسيان امر ما صعود نحو باب الهاوية
    هذا انا اصعد ثم اهبط اين يمتحن الصواب



    عزيزي المهندس
    عميق الود وكثيف التواصل وحنين مختلف
    احتاج هذا النص لدرويش
    هي اغنية
                  

06-10-2003, 07:45 PM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)

    العزيز هدهد
    لك التحية
    دخل قبل قليل
    وجدت طلبك وسوف
    ابحثه علمنا انى لدى بعض
    القصيد من ديوان هي أغنية
    مفقوده . مقطوع انا فى الخلا
    منذ 87
                  

06-11-2003, 01:40 PM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)



    .
    .


    الرجل ذو الظل الأخضر

    في ذكرى جمال عبد الناصر

    محمود درويش

    من ديوان " حبيبتي تنهض من نومها " (1970


    نعيشُ معكْ

    نسير معك

    نجوع معك

    وحين تموت

    نحاول ألاّ نموت معك!

    ولكن،

    لماذا تموت بعيداً عن الماء

    والنيل ملء يديكْ؟

    لماذا تموت بعيداً عن البرق

    والبرق في شفتيك؟

    وأنت وعدت القبائلْ

    برحلة صيف من الجاهليةْ

    وأنت وعدت السلاسل

    بنار الزنود القويةْ

    وأنت وعدت المقاتل

    بمعركة... ترجع القادسيةْ


    نرى صوتك الآن ملاْ الحناجرْ

    زوابع

    تلو

    زوابع...

    نرى صدرك الآن متراس ثائر

    ولافتة للشوارع

    نراك

    نراك

    نراك...

    طويلاً

    ...كسنبلةٍ في الصعيد

    جميلاً

    ...كمصنع صهر الحديد

    وحراً

    ... كنافذة في قطار بعيد...

    ولستَ نبيّاً،

    ولكن ظلّكَ أخضر

    أتذكر؟

    كيف جعلت ملامح وجهي

    وكيف جعلت جبيني

    وكيف جعلت اغترابي وموتيَ

    أخضر

    أخضر

    أخضر...

    أتذكر وجهي القديم؟

    لقد كان وجهي يُحنَّط في متحف إنجليزي

    ويسقط في الجامع الأمويّ

    متى يا رفيقي؟

    متى يا عزيزي؟

    متى نشتري صيدليةْ

    بجرح الحسين... ومجد أُميَّةْ

    ونُبعث في سدِّ أسوان خبزاً وماء

    ومليون كيلواط من الكهرباء؟

    أتذكر؟

    كانت حضارتنا بدوياً جميل

    يحاول أن يدرس الكيمياء

    ويحلم تحت ظلال النخيل

    بطائرة... وبعشر نساء

    ولست نبيّاً

    ولكن ظلَّك أخضر...

    نعيش معك

    نسير معك

    نجوع معك

    وحين تموت

    نحاول ألا نموت معك

    ففوق ضريحك ينبت قمحٌ جديد

    وينزل ماء جديد

    وأنت ترانا

    نسير

    نسير

    نسير.


                  

06-12-2003, 07:14 AM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)



    .
    .


    يوميات جرح فلسطيني

    إلى فدوى طوقان )
    من ديوان " حبيبتي تنهض من نومها " (1970
    -1-
    نحن في حلٍّ من التذكار
    فالكرمل فينا
    وعلى أهدابنا عشب الجليلِ
    لا تقولي: ليتنا نركض كالنهر إليها،
    لا تقولي!
    نحن في لحم بلادي... وَهْيَ فينا!
    -2-
    لم نكن قبلَ حزيران كأفراخ الحمام
    ولذا، لم يتفتَّتْ حبنا بين السلاسلْ
    نحن يا أُختاه، من عشرين عام
    نحن لا نكتب أشعاراً،
    ولكنا نقاتل
    -3-
    ذلك الظل الذي يسقط في عينيك
    شيطان إله
    جاء من شهر حزيران
    لكي يعصب بالشمس الجباهْ
    إنه لون شهيد
    إنه طعم صلاهْ
    إنه يقتل أو يحيي،
    وفي الحالين! آه !
    -4-
    أوَّلُ الليل على عينيك، كان
    في فؤادي، قطرةً من آخر الليل الطويل
    والذي يجمعنا، الساعة، في هذا المكان
    شارعُ العودة
    من عصر الذبول.
    -5-
    صوتك الليلةَ،
    سكينٌ وجرحٌ وضمادُ
    ونعاس جاء من صمت الضحايا
    أين أهلي؟
    خرجوا من خيمة المنفى، وعادوا
    مرة أُخرى سبايا!
    -6-
    كلمات الحب لم تصدأ، ولكن الحبيبْ
    واقعٌ في الأسر – يا حبي الذي حمَّلني
    شرفاتٍ خلعتها الريحُ...
    أعتابَ بيوت
    وذنوب.
    لم يسع قلبي سوى عينيك،
    في يوم من الأيام،
    والآن اغتنى بالوطن!
    -7-
    وعرفنا ما الذي يجعل صوت القُبَّرةْ
    خنجراً يلمع في وجه الغزاة
    وعرفنا ما الذي يجعل صمت المقبرةْ
    مهرجاناً... وبساتين حياة!
    -8-
    عندما كنت تغنين، رأيت الشرفات
    تهجر الجدران
    والساحة تمتد إلى خصر الجبلْ
    لم نكن نسمع موسيقى،
    ولا نبصر لون الكلمات
    كان في الغرفة مليون بطل!
    -9-
    في دمي، من وجهه، صيفٌ
    ونبض مستعارُ.
    عدتُ خجلان إلى البيت،
    فقد خرَّ على جرحي... شهيدا
    كان مأوى ليلة الميلاد
    كان الانتظار
    وأنا أقطف من ذكراه... عيدا!
    -10-
    الندى والنار عيناه،
    إذا ازددت اقتراباً منه غنَّى
    وتبخرت على ساعده لحظة صمت، وصلاه
    آه سميه كما شئت شهيدا
    غادر الكوخ فتى
    ثم أتى، لما أتى
    وجه إله!
    -11-
    هذه الأرض التي تمتصُّ جلد الشهداءْ
    تَعِدُ الصيف بقمح وكواكبْ
    فاعبديها!
    نحن في أحشائها ملح وماء
    وعلى أحضانها جرح... يحارب
    -12-
    دمعتي في الحلق، يا أُخت،
    وفي عينيَّ نار
    وتحررت من الشكوى على باب الخليفة
    كل من ماتوا
    ومن سوف يموتون على باب النهار
    عانقوني، صنعوا مني... قذيفة!
    -13-
    منزل الأحباب مهجور،
    ويافا تُرجمتْ حتى النخاع
    والتي تبحث عني
    لم تجد مني سوى جبهتها
    أ ُتركي لي كل هذا الموت، يا أخت.
    أ ُتركي هذا الضياع
    فأنا أضفره نجماً على نكبتها
    -14-
    آه يا جرحي المكابر
    وطني ليس حقيبة
    وأنا لست مسافر
    إنني العاشق، والأرض حبيبةْ!
    -15-
    وإذا استرسلت في الذكرى!
    نما في جبهتي عشب الندمْ
    وتحسرت على شيئ بعيدْ
    وإذا استسلمت للشوق،
    تَبَنَّيْتُ أساطير العبيد
    وأنا آثرت أن أجعل من صوتي حصاة
    ومن الصخر نغم!
    -16-
    جبهتي لا تحمل الظل،
    وظلي لا أراه
    وأنا أبصق في الجرح الذي
    لا يشغل الليل جباه!
    خبئي الدمعة للعيد
    فلن نبكي سوى من فرح
    وَلْنُسَمِّ الموت في الساحة
    عرساً... وحياه!
    -17-
    وترعرعتُ على الجرح، وما قلت لأمي
    ما الذي يجعلها في الليل خيمةْ
    أنا ما ضيَّعتُ ينبوعي وعنوانيَ واسمي
    ولذا أبصرت في أسمالها
    مليون نجمةْ!
    -18-
    رايتي سوداءُ،
    والميناء تابوتٌ
    وظهري قنطرةْ
    يا خريف العلم المنهار فينا
    يا ربيع العالم المولود فينا
    زهرتي حمراءُ،
    والميناء مفتوح،
    وقلبي شجرهْ!
    -19-
    لغتي صوت خرير الماء
    في نهر الزوابعْ
    ومرايا الشمس والحنطة
    في ساحة حربِ
    ربما أخطأت في التعبير أحياناً
    ولكنْ كنت – لا أخجل – رائع
    عندما استبدلت بالقاموس قلبي!
    -20-
    كان لا بد من الأعداء
    كي نعرف أنا توأمان!
    كان لا بد من الريح
    لكي نسكن جذع السنديان!
    ولو أن السيد المصلوب لم يكبر على عرش الصليب
    ظل طفلاً ضائع الجرح... جبان.
    -21-
    لك عندي كلمهْ
    لم أقلها بعد،
    فالظل على الشرفة يحتل القمرْ
    وبلادي ملحمةْ
    كنت فيها عازفاً... صرت وترْ!
    -22-
    عالِمُ الآثار مشغول بتحليل الحجارةْ
    إنه يبحث عن عينيه في ردم الأساطير
    لكي يثبت أني:
    عابر في الدرب لا عينين لي!
    لا حرف في سفر الحجارةْ!
    وأنا أزرع أشجاري، على مهلي،
    وعن حبي أغني!
    -23-
    غيمة الصيف التي... يحملها ظهر الهزيمةْ
    عَلَّقَتْ نسل السلاطين
    على حبل السراب
    وأنا المقتول والمولود في ليل الجريمةْ
    هاأنا ازددت التصاقاً... بالتراب!
    -24-
    آن لي أن أبدل اللفظة بالفعل، وآنْ
    ليَ أن أثبت حبي للثرى والقُبَّرةْ
    فالعصا تفترس القيثار في هذا الزمان
    وأنا أصفَرُّ في المرآة،
    مذ لاحت ورائي شجرةْ!


                  

06-14-2003, 06:09 PM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود درويش الأعمال شبه الكاملة (Re: almohndis)



    .
    .



    أحمد الزعتر

    من ديوان " أعراس " (1976


    ليدين من حَجَر وزعترْ

    هذا النشيدُ... لأحمدَ المنسيِّ بين فراشتين

    مَضَتِ الغيومُ وشرَّدتني

    ورمتْ معاطِفها الجبالُ وخبأتني

    ... نازلاً من نحلة الجرح القديم إلى تفاصيل

    البلاد وكانت السنةُ انفصال البحر عن مدن

    الرماد وكنتُ وحدي

    ثم وحدي...

    آه يا وحدي؟ وأحمدْ

    كان اغترابَ البحر بين رصاصتين

    مُخيَّماً ينمو، ويُنجب زعتراً ومقاتلين

    وساعداً يشتدُ في النسيان

    ذاكرةً تجيء من القطارات التي تمضي

    وأرصفةً بلا مستقبلين وياسمين

    كان اكتشافَ الذات في العرباتِ

    أو في المشهد البحريِّ

    في ليل الزنازين الشقيقةِ

    في العلاقات السريعة

    والسؤال عن الحقيقةْ

    في كلِّ شيء كان أحمدُ يلتقي بنقيضهِ

    عشرين عاماً كان يسألْ

    عشرين عاماً كان يرحلْ

    عشرين عاماً لم تلدهُ أمُّهُ إلا دقائق في

    إناء الموز

    وانسَحَبَتْ.

    يريد هويةً فيصاب بالبركان،

    سافرتِ الغيومُ وشرَّدتني

    ورَمَتْ معاطفها الجبالُ وخبَّأتني

    أنا أحمد العربيُّ – قالَ

    أنا الرصاصُ البرتقالُ الذكرياتُ

    وجدتُ نفسي قرب نفسي

    فابتعدتُ عن الندى والمشهد البحريّ

    تل الزعتر الخيمةْ

    وأنا البلاد وقد أتَتْ

    وتقمَّصتني

    وأنا الذهاب المستمر إلى البلاد

    وجدتُ نفسي ملء نفسي...

    راح أحمدُ يلتقي بضلوعه ويديه

    كان الخطوةَ – النجمةْ

    ومن المحيط إلى الخليج، من الخليج إلى المحيط

    كانوا يُعدّون الرماحَ

    وأحمدُ العربيُّ يصعد كي يرى حيفا

    ويقفزَ.

    أحمدُ الآن الرهينةْ

    تركتْ شوارعَها المدينةْ

    وأتتْ إليه

    لتقتلهْ

    ومن الخليج إلى المحيط، من المحيط إلى الخليج

    كانوا يُعدوُّن الجنازةََ

    وانتخاب المقصلةْ

    أنا أحمدُ العربيُّ – فليأتِ الحِصارْ

    جسدي هو الأسوار – فليأت الحصار

    وأنا حدود النار – فليأت الحصار

    وأنا أحاصركم

    أحاصركم

    وصدري بابُ كلِّ الناس – فليأت الحصار

    لم تأتِ أغنيتي لترسم أحمدَ الكحليَّ في الخندقْ

    الذكرياتُ وراء ظهري، وهو يوم الشمس والزنبق

    يا أيها الولد الموزَّعُ بين نافذتين

    لا تتبادلان رسائلي

    قاومْ

    إنَّ التشابه للرمال... وأنتَ للأزرقْ

    وأعُدُّ أضلاعي فيهرب من يدي بردى

    وتتركني ضفاف النيل مبتعدا

    وأبحثُ عن حدود أصابعي

    فأرى العواصمَ كلّها زَبَدَا...

    وأحمدُ يفرُكُ الساعاتِ في الخندقْ

    لم تأتِ أُغنيتي لترسم أحمد المحروق بالأزرق

    هو أحمد الكَوْنيُّ في هذا الصفيح الضيِّقِِ

    المتمزَّق الحالمْ

    وهو الرصاص البرتقاليُّ... البنفسَجَةُ الرصاصيَّةْ

    وهو اندلاعُ ظهيرة حاسمْ

    في يوم حريَّةْ

    يا أيها الولد المكرّس للندى

    قاوِمْ ‍!

    يا أيها البلد – المسدَّس في دمي

    قاوِمْ ‍!

    الآن أكمل فيك أُغنيتي

    وأَذهبُ في حصاركْ

    والآن أكمل فيك أسئلتي

    وأولد من غبارك

    فاذهب إلى قلبي تجد شعبي

    شعوباً في انفجارك

    ... سائراً بين التفاصيل اتكأتُ على مياهٍ

    فانكسرتُ

    أكلّما نَهَدَتْ سفرجلةٌ نسيتُ حدود قلبي

    والتجأتُ إلى حصارٍ كي أحدِّد قامتي

    يا أحمد العربيُّ؟

    لم يكذب علي الحب. لكن كُلّما جاء المساء

    امتصَّني جَرَسٌ بعيدٌ

    والتجأتُ إلى نزيفي كي أحدد صورتي

    يا أحمد العربيُّ.

    لم أغسل دمي من خبز أعدائي

    ولكن كُلّما مرَّت خُطايَ على طريقٍ

    فرَّتِ الطرقُ البعيدةُ والقريبةُ

    كلّما آخيتُ عاصمةً رمَتني بالحقيبةِ

    فالتجأتُ إلى رصيف الحلم والأشعار

    كم أمشي إلى حُلْمي فتسبقني الخناجرُ

    آه من حلمي ومن روما ‍

    جميلٌ أنت في المنفى

    قتيلٌ أنت في روما

    وحيفا من هنا بدأتْ

    وأحمدُ سُلَّمُ الكرملْ

    وبسملة الندى والزعتر البلدي والمنزلْ

    لا تسرقوه من السنونو

    لا تأخذوه من الندى

    كتبت مراثيها العيونُ

    وتركت قلبي للصدى

    لا تسرقوه من الأبدْ

    وتبعثروه على الصليب

    فهو الخريطةُ والجسد

    وهو اشتعال العندليب
    لا تأخذوه من الحَمَامْ

    لا ترسلوهُ إلى الوظيفةْ

    لا ترسموا دمه وسام

    فهو البنفسج في قذيفةْ

    صاعداً نحو التئام الحلم

    تَتَّخذُ التفاصيلُ الرديئةُ شكل كُمَّثرى

    وتنفصلُ البلادُ عن المكاتب

    والخيولُ عن الحقائبِ

    للحصى عرقٌ أقبِّلُ صمتَ هذا الملح

    أعطي خطبة الليمون لليمون

    أوقدُ شمعتي من جرحيَ المفتوحِ للأزهار

    والسمكِ المجفَّف

    للحصى عَرَقُ ومرآةٌ

    وللحطّاب قلبُ يمامةٍ

    أنساكِ أحياناً لينساني رجالُ الأمنِ

    يا امرأتي الجميلةَ تقطعين القلب والبَصَل

    الطريَّ وتذهبين إلى البنفسج

    فاذكريني قبل أن أنسى يديَّ

    ... وصاعداً نحو التئام الحلمِ

    تنكمش المقاعدُ تحت أشجاري وظلّكِ...

    يختفي المتسلّقون على جراحك كالذباب الموسميّ

    ويختفي المتفرجون على جراحك

    فاذكريني قبل أن أنسى يديَّ!

    وللفراشات اجتهادي

    والصخورُ رسائلي في الأرض

    لا طروادة بيتي

    ولا مسّادةٌ وقتي

    وأصعد من جفاف الخبز والماء المصادَرِ

    من حصان ضاع في درب المطارِ

    ومن هواء البحر أصعدُ

    من شظايا أدْمَنَتْ جسدي

    واصعدُ من عيون القادمين إلى غروب السهلِ

    أصعدُ من صناديق الخضارِ

    وقوََّة الأشياء أصعدُ

    أنتمي لسمائي الأولى وللفقراء في كل الأزقّة

    ينشدون :

    صامدون

    وصامَدون

    وصامدون

    كان المخيَّمُ جسمَ أحمدْ

    كانت دمشقُ جفونَ أحمدْ

    كان الحجاز ظلال أحمدْ

    صار الحصارُ مُرورَ أحمدَ فوق أفئدة الملايين الأسيرةْ

    صار الحصارُ هُجُومَ أحمدْ

    والبحر طلقته الأخيرةْ!

    يا خَصْرَ كلِّ الريح
    يا أسبوع سُكَّرْ !
    يا اسم العيون ويا رُخاميّ الصدى

    يا أحمد المولود من حجر وزعترْ

    ستقول : لا

    ستقول : لا

    جلدي عباءةُ كلِّ فلاح سيأتي من حقول التبغ

    كي يلغي العواصمْ

    وتقول : لا

    جسدي بيان القادمين من الصناعات الخفيفةِ

    والتردد... والملاحمْ

    نحو اقتحام المرحلةْ

    وتقول : لا

    ويدي تحياتُ الزهور وقنبلةْ

    مرفوعة كالواجب اليومي ضدَّ المرحلةْ

    وتقول لا :

    يا أيها الجسد المُضرَّج بالسفوحِ

    وبالشموس المقبلةْ

    وتقول :لا

    يا أيها الجسد الذي يتزوج الأمواج

    فوق المقصلة

    وتقول : لا

    وتقول : لا

    وتقول : لا !

    وتموت قرب دمي وتحيا في الطحين

    ونزور صمتك حين تطلبنا يداكَ

    وحين تشعلنا اليراعهْ

    مشت الخيولُ على العصافير الصغيرةِ

    فابتكرنا الياسمين

    ليغيب وجهُ الموت عن كلماتنا

    فاذهب بعيداً في الغمام وفي الزراعة

    لا وقتَ للمنفى وأَُغنيتي...

    سيجرفُنا زحامُ الموت فاذهب في الزحام

    لنُصاب بالوطن البسيط وباحتمال الياسمين

    واذهبْ إلى دمك المهيَّأ لا نتشارك

    واذهب إلى دميَ الموحَّدِ في حصارِك

    لا وقتَ للمنفى...

    وللصُورِ الجميلةِ فوق جدران الشوارع والجنائز

    والتمني

    كتبتْ مراثيها الطيورُ وشرَّدتني

    ورمتْ معاطفها الحقولُ وجمعتني

    فاذهبْ بعيداً في دمي! واذهب بعيداً في الطحين

    لنُصاب بالوطن البسيط وباحتمال الياسمين

    يا أحمدُ اليوميّ!

    يا اسم الباحثين عن الندى وبساطة الأسماء

    يا اسم البرتقالةْ

    يا أحمد العاديّ!

    كيف مَحًوْتَ هذا الفارقَ اللفظيَّ بين الصخر والتفّاح

    بين البندقية والغزالة!

    لا وقت للمنفى وأغنيتي...

    سنذهب في الحصار

    حتى نهايات العواصم

    فاذهبْ عميقاً في دمي

    اذهب براعمْ

    واذهبْ عميقاً في دمي

    اذهبْ خواتم

    واذهبْ عميقاً في دمي

    اذهب سلالم

    يا أحمدُ العربيُّ... قاومْ!

    لا وقت للمنفى وأغنيتي...

    سنذهب في الحصار

    حتى رصيف الخبز والأمواجِ

    تلك مساحتي ومساحة الوطن – المُلازِمْ

    موتٌ أمام الحُلْمِ

    أو حلم يموتُ على الشعار

    فاذهب عميقاً في دمي واذهب عميقاً في الطحين

    لنُصاب بالوطن البسيط وباحتمال الياسمين
    ... ولَهُ انحناءاتُ الخريف

    لَهُ وصايا البرتقال

    لَهُ القصائد في النزيف

    لَهُ تجاعيدُ الجبال

    لَهُ الهتافُ

    لَهُ الزفافُ

    لَهُ المجلاّتُ المُلوَّنةُ

    المراثي المطمئنةُ

    ملصقات الحائط

    العَلَمُ

    التقدُّمُ

    فرقةُ الإنشاد

    مرسوم الحداد

    وكل شيء كل شيء كل شيء

    حين يعلن وجهه للذاهبين إلى ملامح وجههِ

    يا أحمدُ المجهولُ!

    كيف سَكَنْتَنا عشرين عاماً واختفيتَ

    وظَلَّ وجهُكَ غامضاً مثل الظهيرةْ

    يا أحمد السريّ مثل النار والغابات

    أشهرْ وجهك الشعبيَّ فينا

    واقرأ وصيَّتكَ الأخيرةْ ؟

    يا أيها المتفرّجون ! تناثروا في الصمت

    وابتعدوا قليلاً عنه كي تجدوهُ فيكم

    حنطةً ويدين عاريتين

    وابتعدوا قليلاً عنه كي يتلو وصيَّتَهُ

    على الموتى إذا ماتوا

    وكي يرمي ملامحَهُ

    على الأحياء إن عاشوا !
    أخي أحمد !

    وأنتَ العبدُ والمعبود والمعبد

    متى تشهدْ

    متى تشهدْ

    متى تشهدْ ؟

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de