دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
التشكيل وامتداده في الحياة العربية
|
لاحظت غياب التشكيل والتشكيليين / ات عن هذا البورد ... ومع أنني لست منهم .. فقد رأيت أن انزل هذه المقالة القديمة ( كتبت عام 1997م ونشرت في مجلة دروب الفصلية اليمنية ) رغم تغير كثير من مفاهيمي وأرائي .. لكني أؤمل على الأقل أن تدفع بالتشكيل إلى مناقشات البورداب وتسهم في حضوره ..
أُتهمنا نحن ( العرب) بأننا ظاهرة صوتية ، وأن ثقافتنا قامت على الكلام والمشافهة ؛ وأن جُل تاريخنا مروي ، وليس مرسوماً ، ولذا فان ثقافتنا البصرية بدائية ومتخلفة ، وقد يكون هذا الكلام صادقاً في بعض أجزائه ، ولكن بالنظر في تفاصيل الحياة اليومية للعربي من أواني أكله إلى أسلحة حربه ـ رغم اختلاف هذه الحياة وتنوعها بين بيت في صنعاء القديمة وخيمة في بادية الكبابيش ـ ، سنجد أن التشكيل متغلغل في أدق تفاصيل تلك الحياة .
فقد أهتم العرب بتزيين بيوتهم واستخدموا في ذلك خامات شتى ، فاستخدم اليمنيون الجص وزينوا مفارجهم بنقوشه وبالزجاج الملون . وتمييز الطابع المغربي في تزيين السقوف ببهائه الخاص ، حتى أن بعض أهل المشرق يستجلبون العمال المغاربة لتزيين منازلهم . وزيين المصريون بيوتهم بالمشربيات وأعمال الخشب ، وقد يقول قائل بأن هذا من أثر المماليك والأتراك ، ومهما يكن الأمر فقد أصبحت أعمال الخشب والأرابسك جزءً من تراث الفن التشكيلي المصري ، وجزءً من الذاكرة البصرية للمصريين .. بل أن نساء الجزيرة العربية اهتممن بصناعة الخيام .. ليس فقط على مستوى المهارة اليدوية والتي هي مهمة في التشكيل ، ولكن أيضاً على المستوى الجمالي .. ففنون الرسم التي حوتها تلك الخيام ، والاستخدام البارع لخامات الشعر والجلد والتزيين بالصدف والودع .. من أبدع الأشكال الفنية .. وقد فعلت مثل ذلك نساء بادية الكبابيش بتباريهن في تزيين هوادج الرحيل .. الذي هو جزء من حياة تلك القبيلة ( رحلتي النشوق والدمر ). افتتنت العربيات جميعهن من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب برسم الحناء والخضاب والوشم وتلوين الأجسام ، فكيف نُتهم بالأمية التشكيلية ، ونحن نرى أمهاتنا يمارسن الرسم إن لم يكن أسبوعيا فشهرياً ؟؟؟ وهل يمر شهر على العربية دون حناء ؟؟
أيضاً اهتمت نساء العرب بتصميم المنسوجات .. فما أبدع أزياء الشام وفلسطين ، وقد تفتق خيال الفلسطينيات عن إبداع رائع ومهارات أروع في استخدام الإبرة ؛ وعن حس تشكيلي مرهف في التصميم و استخدام ألوان وعلاقتها المتعددة .
مارس العرب فن تشكيل ادوات العطور التقليدية .. فما أبهى الحُق السوداني بتصميمه المتميز وألوانه الناطقة بالفرح ، وما أبدع ذلك الاستخدام الجميل لخامة النحاس في آنية حفظ العطور العربية ( المرش ) ؛ وأما أجمل تلك الرسومات الجميلة التي نقشت على المكحلة .
وقد أصبحت صناعة الحلي الذهبية والفضية والأحجار الكريمة فناً خاصاً .. كما برعوا في صناعة صناديق حفظ الحلي وتزيينها ..
لم ينس العرب التشكيل حتى في تصميم أسلحة الحرب ، وجعلوا من أغماد السيوف والخناجر والجنابي لوحات من خامات الجلد ونحتوا مقابضها من العاج أو الفضة الخالصة وطعموها الذهب .
عرف العرب الفن الخزفي وجعلوا من أواني حفظ المياه " القُلة والزير " وكذلك أواني القهوة العربية " الجبنة " موضوعاً لفنهم الخزفي ، كما استخدموا النحاس في آواني القهوة " الدلة " وأيضاً في أدوات شرب التبغ " المداعة " .
امتدت يد التشكيل إلي الآلات الموسيقية العربية بالنحت والرسم .. فالعود العربي يحوي هذه الفنون ، أما " الطربي " الصنعاني فهو منحوتة في غاية الجمال ... كما مُورس الرسم والتلوين على الآلات الإيقاعية مثل : الدلوكة والنقارة وغيرها .. وأصبحت الزخرفة والخط العربي فناً يدرس وله أقسام في أكاديميات الفنون الجميلة .
ارتبط الفن التشكيلي منذ العصور القديمة بالممارسات والطقوس الدينية ، وقد حفظ ذلك للبشرية جزء من تاريخها ، فقد زين الفراعنة معابد آلهتهم ورسموا على جدرانها طقوسهم الدينية وبعض من صور حياتهم الاجتماعية أيضاً .. كالحصاد .. وحفلات التتويج او الأسواق وغيرها .. وفعل ذلك أيضاً المرويون في حضارة مروى القديمة .. وأيضاًَ البابليون والسومريون والسبئيون القدامى ، ومن الطبيعي أن يكون عرب الجزيرة قبل الإسلام قد فعلوا ذلك .. ولكن التخريب المقصود لأثار فترة ما قبل الإسلام قد أفقدتنا الكثير .. ومن المثبت عن العرب في تلك المنطقة براعتهم في فن النحت وتنوعهم في استخدام الخامات لصنع آلهتهم من الذهب وحتى العجوة .. ولازال هذا الوجود الطاغي للتشكيل في الاحتفالات الدينية المختلفة قائماً .. ففي احتفال المولد النبوي في البلدان العربية والإسلامية التي تقام فيها مثل هذه الاحتفالات كمصر والسودان والمغرب ، نجد التشكيل حاضراً بدءً من زينة المولد الورقية " حمام المولد " ومروراً بالآلات الذكر " النوبة " وعرائس المولد المزركشة وفرسانه ومساجده التي تؤكل ، وانتهاءً بأزياء الدراويش وجببهم التي تضج بإيقاعات ألوانها المختلفة ..
ربما يعود السبب في اتهام العرب بالأمية التشكيلية إلى عدم ارتباط فنهم باللوحة المؤطرة ضمن المعايير الأكاديمية لتعريف اللوحة ، وعدم بروز فنانين عرب عالميين بقامة ليونارد دافينشي ومايكل أنجلو أو حتى في العصور اللاحقة بقامة بيكاسو وسلفادور دالي ، كما أن معايير العالمية نفسها قد ارتبطت بالتعريف الأكاديمية للوحة المؤطرة .. لكن العرب اتجهوا إلى أواني أكلهم وأسلحة حربهم وزينة ركابهم ومنازلهم من الشعر والجلد ليجعلوها لوحاتهم التي يسهل حملها عند الرحيل .. وقد ربط كثير من المنظرين التشكيليين ازدهار التشكيل بالاستقرار استناداً إلى تعريف اللوحة بأنها تلك المؤطرة فقط ، والى شيوع استخدام المستقرين لأيديهم في صناعة أدوات الزراعة وما تبعها من حياة الاستقرار مما طور مهاراتهم في استخدام أيديهم تلك المهارة المهمة جداً بالنسبة للفن التشكيلي . وأصبح الفن التشكيلي في المنطقة العربية في عصور الانحطاط مجرد صدى لمدارس الفن التشكيلي في أوربا ـ كما هو الحال في جميع أوجه الحياة ـ ، ولم تتجه جهود منظري التشكيل العرب نحو تأصيل فنهم مثل ما فعل نظرائهم في الرواية والمسرح ( راجع / ي الكم الهائل من التنظير عن مسرح الحكواتي وغيره ) .. بل أن معظمهم أعني التشكيليين العرب ينطلقون من مفاهيم اللوحة المؤطرة ، وعندما معالجتهم لمظاهر التشكيل الممتدة في الحياة اليومية العربية كما أسلفنا لا يتم التعامل معها غالباً على أساس أنها جزء من الذاكرة البصرية للفنان ، بل يتم انتقاؤها على نحو سياحي وفلكلوري .. ولأغراض الترويج والبيع ، ولا ضرر في أن يسعى الفنان لبيع إنتاجه ..خاصة بعد شيوع الاحتراف ، ولكن سيكون هذا السعي جميلاً لو تم على نحو طوعي وتلقائي ، ودون حشر لتلك المفردات التشكيلية ، وبعد أن يقوم الفنان بتجفيف ذاكرته من المشاهدات اليومية ويعيد إنتاجها وخلقها في علمه ، الذي سيحوى قطعاً بعض مظاهر التشكيل في حياتنا اليومية .
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: التشكيل وامتداده في الحياة العربية (Re: الجندرية)
|
الجندرية
التحية بكل الألوان
فعلا والله إنا نشكو قلة التشكيليين والتشكيليات هنا، فقد كان الود أن نجدهم بيننا لأن فى البال العديد من الأسئلة التى تحاول إضاءة نفسها، ليتنا نجدهم، هؤلاء القوم الجميلين، شكلا ومعنى
أما عن العرب، فماضيهم كماقلتى، إعتمد على الشفاهة فى كل شئ، وقد برعوا فى ذلك ايما براعة، وقد تكون براعتهم تلك هى ما جعلهم يركنون الى تلك المشافهة ويعتمدونها جسرا أوحدا للوصول الى التعبير، وربما تكون بداوة العيش اللصيقة بالترحال المستمر، إحدى الأسباب وليست كلها، فالأستقرار نهم لإبداع الفن، أى فن، وأظنك تلاحظين كيف أقام الفراعنة فنا تشكيليا أظن أنه الأجمل حتى راهن اللحظة، ومن يبزهم ويفوقهم نحتا ونقشا ورسما، والشواهد ماثلة وحاضرة، وكذلك اهل ما بين النهرين، هذا إن تحدثنا عن منطقتنا بمفهوم الإقليم، وأعتقد أن مرد كل ذلك لعامل الإستقرار، وقد لا أكون مصيبا والسودان كذلك وشماله تحديدا، يمكن ضمه لحضارة الفراعنة
ونفرح والله كل الفرح، نحن فى السودان، أن تهيأت لنا مدرسة راسخة وقديمة تتكئ على إرث عظيم فى النحت والنقش على وجه الخصوص، وقد أسعفنا الحظ بقيام مدرسة الفنون والتى صار اسمها لاحقا كلية الفنون الجميلة ثم اصبحت الآن كلية جامعية متكاملة، خرجت وتخرج لنا العديد من القناديل المتوهجة
وهنا أنحنى وأحى الشوامخ الرواد
إبراهيم الصلحى شبرين عبد الله بولا العوام
ووصولا الى
راشد دياب سيف اللعوتة حسان على أحمد
والى كل الحاضرين والقادمين
ولك يا جندرية ايضا
| |
|
|
|
|
|
|
|