وما الذي جعل إقامة دولة جنوب السودان في ذلك الزمان - زمان البريطان - غير ممكناً ثم ها هي اليوم دولة في الجوار؟
وأخرى ترتجى هناك في الغرب تريد لنفسها ذات المصير الذي صار إليه الجنوب
ولا محالة - والحال هذه - أن هذا الرجاء في الغرب سيلد دولته بجدٍ بعد حين.
فما كان بالأمس محرماً في زمان البريطان أصبح اليوم حلالاً وحقاً من حقوق الإنسان يصير.
فقد خرجت دولة شمال السودان بعد قيام هذه الدولة المرعية وهي في اضطراب كبير وحرب مستمرة ترافقها الضغوط من كل حدب وصوب.
فالنفط في الجنوب أغلى واليورانيوم في الغرب أعلى، والشماليين الذين كانوا بالأمس يتدربون على حكم السودان في زمان البريطان - الحاكمين اليوم - حيرى!
ولن يستمروا في حيرتهم هذه طويلاً إلا وهم قد رفعوا أيديهم عن اليورانيوم والخصب والأنعام في الغرب كما رفعوا أيديهم بالأمس القريب عن الماء والغذاء والنفط في الجنوب.
وهناك في (شرقنا*) يتمدد الساحل الارتري (الأحمر) من جنوب إلى شمال؛ حيث الإنسان العزيز والمعدن النفيس، والمنفذ الرئيس، بينما أهلنا في الشرق يقبعون في ظلم ظليم وفقر تعيس.
فهل يرفع الشماليون القابضون على السلطات والثروات أيديهم عن (شرقنا*) لينعم كلٌ بما زرق الله، بدلاً من ظلم وإفقار واحتكار، وتقتيل وتشريد واحتقار؟
فهل يرفعون أيديهم الظالمة الفاسدة القاتلة عنا، لنقول لهم سحقاً لكم وبعداً بـ (ما سيبقى من السودان)؟
11-28-2018, 04:36 PM
سيف الدين بابكر
سيف الدين بابكر
تاريخ التسجيل: 01-14-2016
مجموع المشاركات: 3325
بلد ليس فيها سلطان قاهر، وطبيب ماهر، ونهر جارٍ .. فمصيرها إلى ما هو صائر
فإنما السلطان القاهر هو من يقهر الظلم والفساد ويمنع الاعتداء على الأنفس والأعراض والأموال، فالعدل أساس الحكم، والظلم مجلبة الهلاك العاجل أو الآجل
وإنما الطبيب الماهر هو من علم الداء وحدد الدواء فيجري الله على يديه الشفاء، فصحة الجسد من صحة العقل، والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كلٍ خير.
وإنما النهر الجاري هو ماء الحياة الذي جعل الله منه كل شيء حي فلا سكان بلا ماء حيث لا دولة بلا سكان، فمن عجز عن توفير جرعة الماء لرعيته فهو عن غيرها أعجز
فدولة لا تكون فيها هذه الثلاثة: السلطان القاهر والطبيب الماهر والنهر الجاري، فإنما مصيرها إلى التفكك والزوال.
وتتفكك دولة السودان، عندما يسيطر عرق واحد أو رأي واحد عليها، ويتم تجاهل السواد الأعظم، فلا لحقوقهم منحوا ولا لكرامتهم حفظوا.
تتفكك دولة السودان، عندما ينزوي الحاكمون من العرق الواحد أصحاب الرأي الواحد بعيداً عن هموم رعيتهم، فيتصور الحاكم أن رعيته تعيش في نعيم مقيم وهي في جحيم.
تتفكك دولة السودان، عندما يتنافس الحاكمون من العرق الواحد أصحاب الرأي الواحد فيما بينهم على الكرسي والخزنة أيهم يظفر بهما أو بأحدهما.
تتفكك دولة السودان، عندما ينصرف الحاكمون إلى أجواء الترف واللهو والمتاع والمجون، بينما السواد الأعظم تحت أقدامهم يسحقه الفقر والجوع والمسغبة والمرض والجهل.
تتفكك دولة السودان، عندما يتخلى الحاكمون عن شؤون رعيتهم والسماح لغيرهم بالتدخل فيها بلا علم واقتدار.
تتفكك دولة السودان، عندما تتحول صلة الحاكمين بالمحكومين من الاحترام والتقدير إلى الاحتقار والتبخيس، من الثقة إلى الشك، من الود إلى البغض.
تتفكك دولة السودان، عندما تعلو القبلية بين الرعية ويكون الولاء لها لا للدين، فيزداد العرق الواحد صاحب الرأي الواحد استبداداً على استبداد.
تتفكك دولة السودان، عندما يضعف الجيش وتتهاوى الرواتب وتدخل التجارة بدلاً عن ذلك، فينصرف العسكر إلى غير عملهم، فتضيع الأمانة.
تتفكك دولة السودان، عندما يستخف الحاكمون من العرق الواحد أصحاب الرأي الواحد بمطلب رعيتهم وإعطاء الحقوق ونصرة الظالم على المظلوم.
تتفكك دولة السودان عندما ترفع الإسلام شعاراً ثم ما تلبس أن تدوس عليه بالنعال؛ فلا تحرم حرامه ولا تحلل حلاله، فتحل البدعة مكان السنة، والمصلحة مكان العقيدة... والشرك مكان الإيمان.
تتفكك دولة السودان عندما يتواطأ الحاكمون مع أعداء الدين حفاظاً على الكرسي والخزنة، ولا يهم بعدها حال الرعية كيف هو. فهم كالتي نقضت غزلها بعد قوة.
تتفكك دولة السودان عندما تقدم مصالح رعايا الدول الأخرى على مصلحة الرعية القريبة، فالامتياز للغريب والضريبة للقريب.
تتفكك دولة السودان عندما يستبد الولاة بالأمر دون الرأس الحاكم، فلا لأمره طائعون ولا لنهيه مجتنبون، فهم في الفساد والظلم وسفك الدماء منغمسون.
تتفكك دولة السودان عندما يرى علماء الدين الظلم والفساد وسفك الدماء فلا يصدعون بكلمة الحق عند السلطان الجائر، حتى يبدأ عذاب الله بهم أولاً قبل الظالمين.
تتفكك دولة السودان عندما تكره القبائل حكم القبيلة الواحد والعرق الواحد صحاب الرأي الواحد المستبد بشؤون الدولة،
فتعلن القبائل التمرد على الدولة وتطلب كل واحدة دولة قائمة بذاتها ... وهنا يتجلى تفكك الدولة حقاً، فإنما الدولة شعب يتكون من قبائل، تعيش على أرض تحكمهم نظم وقوانين ودساتر.
11-29-2018, 08:47 AM
سيف الدين بابكر
سيف الدين بابكر
تاريخ التسجيل: 01-14-2016
مجموع المشاركات: 3325
يقول القائلون أن السودان أصبح فيه شركاء متشاكسون.. فلم يعد سلماً لرجل واحد... فشد أطراف (الهامش) يسير سيراً حثيثاً إلى نهايته غير السعيدة.
لقد أصبح السودان اليوم كالقصعة التي يحتوشها الآكلة، كلٌ يريد أخذ نصيبه منها.
ولماذا الآن يراد الآن للسودان أن يتقسم؟
Quote: إن العالم العربي الإسلامي هو بمثابة برج من الورق أقامة الأجانب ( فرنسا وبريطانيا فى العشرينيات ) ودون أن تضع فى الحسبان رغبات وتطلعات سكان هذا العالم
وهل تمنعون من صنع السودان (الدولة) من أن يقوم بتقسيمه مرة أخرى، وهو قد كان في السابق على أقسام:
[[وأما السودان أكثر دول العالم العربي الاسلامي تفككاً فإنها تتكون من أربع مجموعات سكانية كل منها غريبة عن الأخرى،
فمن أقلية عربية مسلمة سنية تسيطر على أغلبية غير عربية افريقية إلى وثنيين إلى مسيحيين]]
الجنوب حيث (المناطق المقفولة) حصراً على اللغة الإنجليزية والديانة الصليبية.
الغرب حيث (سلطنة دارفور) التي كانت تسيطر على المسلمين .. بلدة طيبة ورب غفور.
الشرق حيث كان أرض البجة تعتد باستقلالها دوماً ضد الفراعنة والرومان والبطالمة والعرب.. وفي سبيله خاضت الحروب.
والشمال كان وما زال هو الامتداد لمصر العربية - بل جزء لا يتجزأ منها إلى وقت قريب.
ولماذا لا يتم تقسيمه ومن صنعه هكذا دولة مركبة قسراً يوما ما من أجل مصالحه يريد اليوم أن يقسمه كذلك من أجل مصالحه؟
Quote: لقد قسم هذا العالم إلى (19) دولة كلها تتكون من خليط من الأقليات والطوائف المختلفة والتى تعادي كل منها الأخرى ... وعليه فأن كل دولة عربية إسلامية معرضة اليوم لخطر التفتيت العرقي والإجتماعي في الداخل إلى حد الحرب الداخلية ... كما هو الحال في بعض هذه الدول
إن السودان هو البلد الأضعف كما ينظر إليه الاستعماريون الجدد وأن اختراقه يعتبر نجاحاً لهم في فصل دارفور كما فعلوا بالجنوب
وهو ما يفيد في تحقيق المصالح الاستعمارية لعاد الثانية (امريكا) التي تريد أن تستأثر وحدها بخيرات هذا البلد الأضعف في العالم
ومن ثم توطين الديانة الأمريكية الجديدة في أفريقيا برمتها خاصة بعد اكتشاف شركات فرنسية لحقول النفط في تشاد وشركات صينية لحقول اليورانيوم في دارفور
ولما لا وموارد العالم بأجمعه تتجه نحو النضوب الوشيك سواء بعد عقد من الزمان أو عقدين .. فهؤلاء القوم لا ينظرون تحت أقدامهم كما نفعل نحن المشغولون بالترهات والأباطيل.
Quote: في هذا العالم الضخم والمشتت توجد جماعات قليلة من واسعي الثراء وجماهير غفيره من الفقراء ... إن معظم العرب متوسط دخلهم السنوي في حدود (300) دولار فى العام
إن عاد الثانية (أمريكا) لتخدع الجهاليل منكم بأنها تحمي حقوق الإنسان وتدافع عن الأقليات المضطهدة في العالم وأنها رائدة الحرية الكذوب وغيرها من الترهات والأباطيل
فهذه عاد الثانية (أمريكا) تمارس الخداع والتضليل كما فعلت في العراق بالأمس ستفعل مع السودان اليوم، فهي تتستر بما تسميه الحرية وحقوق الإنسان والصنم المدعو (ديمغراطية)
تتستر بكل ذلك ثم لتأتي لتنهب خيرات البلد الأضعف الذي غرق أهله في لجة الجهل وسكرة العيش معاً.... بينما تنعم دولة إسرائيل في الجوار بكل الأمن والاستقرار بينما تشغل الحرائق في المحيط.
Quote: إن هذه الصورة قاتمة وعاصفة جداً للوضع من حول إسرائيل وتشكل بالنسبة لإسرائيل تحديات ومشكلات وأخطار ... ولكنها تشمل أيضاً فرصاً عظيمة
والحال هذه، فالسودان (الدولة) لا محالة صائر إلى دويلات في القريب العاجل أو القريب الآجل.. فإرادة الله أولاً ثم إرادة البشر (الدول الكبرى) أصحاب المصلحة في التقسيم هم من يرسم وينفذ.
بينما نحن اليوم في غفلة عن كل هذا .. مشغولون بما لا يفيد من ترهات وأباطيل .. فالشعب الذي يمارس الضحك واللهو واللعب والسخف في خضم الكوارث والمحن والمشكلات فهو شعب إلى الهلاك أقرب.
11-30-2018, 08:33 PM
سيف الدين بابكر
سيف الدين بابكر
تاريخ التسجيل: 01-14-2016
مجموع المشاركات: 3325
سقطت أندلس في يد المسيحية بسقوط آخر معاقلها وهي مملكة غرناطة في 897 هـ....
بعد أن استعصت على الغزو العسكري وصمدت أمام الحصار المسيحي ...
لم تجدي مع غرناطة آنذاك إلا المفاوضات ... فما لا ينال بالقوة الخشنة ينال بالقوة الناعمة ولا خيار.
جلس وفدا المفاوضات على الطاولة؛ ولكل وفد من يمثله: الملكي المسيحي والملك الغرناطي.
توصل الطرفان إلى معاهدة تنص أن على الملك الغرناطي تسليم غرناطة !! في مقابل محافظة الملك المسيحي على حقوق الرعايا المسلمين واحترام دينهم وأعراضهم وأموالهم......
والضامن هو الملك المسيحي والملك الغرناطي!!! مع الحضور العالمي آنذاك .. حضور المجتمع الدولي ممثلاً في الأمراء والعظماء والعلماء .........
ولكن بعد مرور سنوات قليلة من هذه الاتفاقية... وبعد أن دانت غرناطة للملك المسيحي بعد أن تسليمها له من قبل الملك الغرناطي نفسه!! بعد أن دان للملك المسيحي الامر في غرناطة... انقلب السحر على الساحر..
ونقض الاتفاقية بنداً وراء بند!! مما فرض واقع جديد في غرناطة = آخر معاقل المسلمين العرب آنذاك في شبه جزيرة ايبيريا...
ثم جاءت محاكم التفتيش: القبض على كل مسلم ولو كان اسمه محمد بن عبد الله بن غالبرتو بن فرناندوز بن دزرائيلي!! فهناك التعذيب والسحل والبطش وقطع اللسان والأذان والتشريد والطرد من غرناطة ...
ثم الإخضاع كل مسلم للتنكيل والاضطهاد حتى التحول إلى المسيحية ذلة وصغار......... حتى تحولت أندلس كلها إلى مسيحيين !!!! بل وتحولت المساجد جميعها إلى كنائس!!!!
فالقوم هم القوم كأنهم قريش والحق هو الحق مرامه لا يطيش
وما جرى في أندلس سيجري في سودان..
فتلك الأيام نداولها بين الناس
حروب ثم هدنة ثم اتفاقيات ثم اقتطاع أراضي لتصبح دويلات ثم التلاشي
التلاشي لدولة السودان كما تلاشت أندلس من بين أيدي المسلمين وكما تشرذمت يوغوسلافيا إلى ما ترون من دويلات.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة