كل المحبة لأهلنا في كسلا الجميلة...! الحميات الحاصلة.. حمى الضنك..حمى الكنكشة..او غيرها ..حميات عادية وموسمية وبتحصل..في كردفان بنسميها ام غبية..قرعة نقيع عردييب وعينك ما تشوف الإ النور..دي دايرة ليها درس عصر يا ناس امسودان؟ فشنو..خلونا نحب يااااخ..!! كبر
09-29-2018, 07:22 AM
Kabar
Kabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537
تقول ليها داير اشوف ضفايرك راستا..وتشوف ضفايرها ممشوطة راستا..!! تزرك مطرة ورعد بين كلية القانون وكلية الآداب ..الوحدة الفرنسية..!! تقوم تقلع قميصك وتغطيها من المطرة..!!..وتاني يوم تلقاك، تملاك فقر ..وتحتج انو ليه ما قبلتها وكتين كانت محتاجة قبلة..؟؟!! تتقاسم معاها مصطفي سيداحمد..وبلال موسى..أي والله صحي...! ثم تكتب ليها (عينيك والمطرة المجنونة)..وتقوم تسب ليك لي سليفسيل جدودك...!! بعد السنين..تتذكرها (وهي ما غابت عنك لحظة)..و بتقول ليك: صحوة ضميرك..!!
ياربي اقول ليها بحبك..ولا اقول ليها حمى الضنك الماتفضل غيرك؟. بحبها يااااااااااااااااخ..وبحب تفاصليها..حنيتها..غيرتها..محبتها ..حاجاتها الجميلة المدهشة.. بحبها حتى لو قالت لي : صحوة ضميرك..وياريتها تقولها..يا ريت,,!!
يبدو انها حكايات عهد فتوة الإلهام لاحداثيات الزمان حكمها. والمكان له وقعه فما بين القانون والأدب مساحه فيها حكايات وروايات وقصص بعضها كتب كما فعل استاذنا بشري الفاضل في حكاية البنت التي طارت عصافيرها وبعضها ظل حبيس الأوراق والقلوب ومنها كسلا والابيض وسنار ودنقلا وجوبا فلا عليك ياحبيب فأنت الان تتصيد الأيام العذبة وتراها تتناقص فأطلقها صيحة داوية ولسان حالك كسلا أشرقت بها شمس وجدي انه الحب مازال سيدنا ومولانا والمتحكم في مصيرنا اعتبرها صحوة ضمير وفي الخاطر كسلا مازال في شوقها القديم إليك والقمر سال عنك البارحه وإلا صرنا كالديدان في زمن الديدان عندها لا يجدي العرديب مع اهلنا في الغرب ولا إعلام النظام بخلو المدينة من المرض المهم تسلم ست الناس كسلا الحقيقة والمجاز
09-30-2018, 02:34 AM
هاشم احمد ادم
هاشم احمد ادم
تاريخ التسجيل: 02-28-2014
مجموع المشاركات: 260
كسلا الحقيقية وكسلا المجاز!! ===== وكسلا التي في الأكيدة وفي المشتبهات والتي في الاشتباهات والتي في الما بين!! ===== انتا برضو من مكاتيل هواها يا أبا النور؟ حِب حبك ساي يا زول، هو منو الما حباها تلك مشارق الحياة وهي أصلا فللحب تشرق.
ورغم أن الحالة ديستوبيا.... لكن زكرتني بشيء من مفاكهة كانت بخاطري من أيام الهيتيروتوبيا. ثم ضاع الأمس منا.. او كما تضيع في العادة كل الأشياء.
10-08-2018, 07:04 AM
هاشم الحسن
هاشم الحسن
تاريخ التسجيل: 04-07-2004
مجموع المشاركات: 1428
المهم يا زول.. بالحب سيغلب الناس المرض.. كل المرض.. وأشارط أي زول..
كدي هاك اقرا الشاب دا.. كتب عن سيرة الموتى بمحبة وحب.. فانكتبت سيرة للحياة وللحب. لقيتو في الواتساب..
Quote: كتب/منجد باخوس. في سيرة الموتى..
سيرة كسلا..!
"1"
تقول الأم: " أتمنى أن تشفى بسرعة يا ولدي.. أتمنى من كل قلبي أن يتركك المرض اللعين قبل أن يفوت أوان السفر.." بهذه الجملة السريعة، الخاطفة، المليئة بالحنان تبدأ أمي صباحاتها الحزينة، و أنا مستلق لأيام ، خائر القوى، منهكاً، يائساً، منتهكاً و الوباء الغريب –حينها- يسري بدمي .. و آلام عظيمة تنسل من خلايا جسدي كله دون توقف. كانت أيام غريبة، جنائزية ، بطيئة، مثقلة بالهم والحمى و النواح، مستلق على فراش أقرب لفراش الموت، أحدق في السقف و الأرض و ما بينهما، أصارع شيئاً غامضاً و جباراً يوشك أن يصيب روحي بالتلف.
كنتُ في الخرطوم، أنوي السفر إلى كسلا لوداع عائلتي ، و أنا المسافر، المغادر.. الطريد ، التائه ، والصياد الذي لا وطن له بلهجة هيرمان ملفيل، الذي تنتظره المطارات الصماء الغامرة..بروائحها النفاذة التي لا تطيقها نفسي، و بكل تلك الحشود من الأياد غير المرئية التي تلوح لك بالوداع و أنت تغادر مكاناً مظلماً تعتقد جازماً أنه الوطن. قبل أن أغادر الخرطوم لكسلا .. كانت أنبياء متناثرة تأتيني من البيت ..عن وباء غريب و غامض إجتاح المدينة، يصيب الإنسان بالشلل و الحمى و أشياء أخرى غريبة، غير أنه لم يكن الأمر تراجيدياً للدرجة التي تثير خوفي.. لكن عندما هاتفت أمي و أخبرتها بمجيئي.. تفاجأت بمساعيها الغريبة في إثنائي عن فكرة الذهاب لكسلا كي لي يصيبني الوباء الغامض، و بصوتها الصوفي، المتخم بالحنان، و الذي تفر منه أرواحاً غزيرة من القديسين و بلثغتها الآثرة..التي أسميها لثغة الشهداء.. كانت تصر على أنها عافية مني، و بدأت تتلو علي صلواتها وأدعيتها الطويلة بالتوفيق .. أصابني شيء من الحزن.. و رغبتي اصبحت لا تقاوم في الذهاب و وداعها.. خصوصاً عندما أتذكر مقولتها الدائمة: الحياة قصيرة..يارب تجي راجع من سفرك و تلقانا حيين! تشعرني هذه الجملة باليأس و الخوف و الرغبة المستميتة في البقاء حتى الموت معها، و في الوقت الذي كانت تدعوا لي بالتوفيق..كنت أنا حسمت أمري نهائياً بالذهاب لكسلا و وداع أمي و بقية أفراد العائلة.
"2"
و كعادتي .. أحب كسلا، ذلك النوع المؤلم من الحب، أحبها حباً عربيدا، ملعوناً و لا نهائياً، فكسلا هي المكان الموضوعي الوحيد على هذه الأرض الذي يشعرني بذلك النوع السخي من السلام النفسي و الإتساق الوجودي مع الحياة و الكائنات الحية و غيرها. ذهبت إلى كسلا في اليوم التالي، لكنني حينما ترجلت من البص السياحي-كما يزعم الرأسماليون- لم أشعر الشعور الإعتيادي الذي كنت أحسه هناك، لم أشعر بذلك الهواء النقي الذي تحمله رياح السواقي الجنوبية العابرة في سريانها إلى أماكن بعيدة، لم أشعر بتلك الراحة الطارئة الحيوية التي تغزوا ؤوحك و أنت تمشي حافياً عارياً بأدغال حرة و بعيدة .. بدأت أحدق في عيون المارة و أوجه الناس التي كساها الحزن و التعب، بدا لي مشهداً غريباً و غير مألوف، أن أرى كل هذا الوجوم و الملامح العابثة التي لم أر مثلها بكسلا من قبل، نسيت الأمر و ركبت البص العام متجها إلى سوق كسلا الكبير.
ثمة أشياء كثيؤة تغيرت، ملامح المدينة برمتها تبدوا غريبة، بدت لي غريبة، و كأنها تضع مساحيق مزيفة لتضليل القادمين، صيانات جديدة افتعلتها الحكومة الجديدة، أعمدة إنارة متراصة بدت لي كشواهد قبر على امتداد الطريق، شجيرات بلاستيكية للزينة على مداخل المدينة، بنايات حديثة تطال الأماكن كلها، سرب من الأبقار يعبر الطريق. شعرت بضيق ما من كل ذلك، فرغم الصيانات تلك.. شعرت بإنفصال سايكولوجي حاد و إحساس عارم بالغربة من كل ذلك..و لطالما تساءلت عن السر المبهم الذي يجعلني دائماً أشعر بالنفور من الأماكن المزينة بإفراط و البنايات الطويلة .. ربما لأنها ارتبطت في نفسي بالعقم و الموات و إفساد روح الطبيعة في الكائن البشري.
وصلت إلى السوق الكبير، فالمسافة ليست طويلة، جن جنوني في السوق ، إذ رأيت ملامح مريبة للمدينة، الناس مسرعين، خائفين من شيء غامض، مندفعين نحو شيء ماورائي، بملامح مفزوعة، ملابس رثة، لم أر تلك الملامح الكسلاوية المطئنة، ولا العناقات، ولا التحايا التي يوزعها الناس لبعضهم كمناشير سرية و شفرات خاصة لإعلان المحبة، لم أر كسلا التي أعرف ، ولا البنات الجميلات بثيابهن الثقافية المختلفة، بل رأيت هياكل شاحبة في لباس بشريين ، موتى يجوبون الطرقات.. شعرت حينها بأن لعنة ما حلت بهذه البلاد أيضاً.. لعنت الحكومة.. و مناصريها.. و كالميت جلست تحت جدران السينما الوطنية المنهوبة، التي تحولت هي أيضاً إلى مرتع كبير يتبول فيه السكارى الليلين و أفراد البوليس و كلابهم . جلست على ربوة حجر، وضعت قدم على أخرى، أخرجت مفكرتي و كتبت:
"...هذه البلاد وصلت للمرحلة التي يعتبر البقاء فيها ضرب من ضروب العبث و الموت. لا شيء فعلا يستحق العيش يوما واحدا هنا، إنهار كل شيء بطريقة غريبة، للدرجة التي تحول فيها الإنسان إلى محض مخلوق بيولوجي يأكل و يشرب و يتنفس لكن بصعوبة بالغة. تحولت البلاد إلى محرقة جماعية لنفي الإنسان و هدره، و تقديم أحلامه المذبوحة كقرابين مقدسة لإله الخراب البشري الذي يتغذى على الدم و روائح الملاحم! ساءت الأشياء كلها، محارق طالت كل شيء، الناس شاحبة و مقتولة منذ أزمنة بعيدة، لكنها تتمسك بالحياة و وميض آمال ميتة تبرق من تحت ركام غابر يسميه علماء الإنسان بالمستقبل.
الناس هنا أشباح، أرى فقط بعاعيت و ملامح موتى يتجولون، و بؤس كثيف يفر من عيون دهستها عربات التاريخ المسرعة، تاركة خلفها جثامين و شهداء يوميين، جثث متفسخة، أحلام مصلوبة، و مستقبل مجهول يفضي في النهاية إلى مقبرة مجهولة بركن مظلم في فناء الله الخلفي للمدينة..دون شاهد قبر..." بارحت مكاني و اتجهت –سيرا على الأقدام-إلى بيتنا.و في الطريق كنت أردد بطريقة آلية:
"الخبز- تقول الأم - أكثر ندرة - في البلاد - من الذهب؛ و ذهب الابن للحرب و لم يعد للبيت. يقول الملك: الأمهات إرث الملك. أحتاج المزيد من الكلاب. فانكحوا النساء للمزيد. صلواتهن لم تعد تكفي. يقول الكلب الملتح: قال المعافى: البلاد خانقة، الأوكسجين ملوث، و أوروبا أطول قامة من الوطن. قال الفريشة في السوق: كلاب المحلية أكثر لعنة من السرطان، و جيوب الناس لم تعد قادرة على الولادة. قال العاشق: الحبيبة بيتي..و جمال البيت لا يقاس ببياض اللون. الفقراء؟ يسأل الملك! قال الكلب: الفقراء نائمون جميعاً/ يحلمون بالخبز..! يقول الملك: أحلامهم في مقام الملابس الفاضحة، جريمة يعاقب عليها القانون، و أعناقهم للصالح الع. ____
"3"
وصلت البيت، قدماي مثقلتان ، روحي متعبة، و جسدي مشمول بإرهاق لم أشعر بمثله في السنوات الخمسة الفائتة، بيتنا كان حزيناً أيضاً، بائساً بؤس السموات و الأرض معاً، لم أر أشجار النيم الطويلة التي تركتها ، لم أر الأطفال يتشاكسون على مقربة من طريق السيارات المسرعة المجنونة، لم أر عمي العدواني يطارد الأطفال بسياطه المزمنة، لم أر شيء مطلقاً، لم أر شيء غير سرادق عزاء خفية منصوبة أمام الباب، دلفت للداخل، و لم أشعر بذلك الشعور الغامر الجليل الذي أحسه و أنا عائد إلى البيت، لم أر أخت الصغرى-آخر العنقود- نمارق و هي تركض نحوي ككل مرة لتعانقني، لم أر أحد ، إعتراني شيء من الحزن، شعرت بالغربة، شعرت و كأن بيتنا تحول لبيت عزاء ، ثمة رائحة غريبة ..رائحة المرضى المميزة التي تمتلأ بها عنابر المرضى، و أنا أأمشي بخطى متثاقلة كمن يمشي على مدافن موتى، سمعت صوت أمي من بعيد، يأتي عميقاً، وحيداً، حزيناُ و متكسراً ..وهي تنشد أغنيتها الصوفية المحببة: سيد الناس..سيد الناس عظيم..! ألقيت التحية ثم خرجت مسرعة، بإبتسامتها المضيئة المعروفة..رغم ما كساها من الحزن إلا أنها أعادت لنفسي شيئاً عزيزاً من الراحة المسفوكة.
ربتت أمي على كتفي.. " لالي لالي لالي" قالتها بلثغتها المميزة التي أسميها لثغة الشهداء.. و بطريقة هاربة –ليس كعادتها- سألتني عن الخرطوم و الوضع المتردي لبلاد، سألتني عن أقاويل مبعثرة يتناقلها الناس عن ثورة محتملة بالخرطوم، عن إنهيار السقف الأعلى للبلاد، و قبل أن تنتظر ردي بدأت تعد لي الطعام.. و هي تتلو علي منشور الوباء الغامض ، كان صوتها يأتيني كصاعقة من خلف جدران المطبخ، تحكي عن إستشراء الوباء بطريقة سريعة في المدينة، عن فلان وفلان الذين قتلهم المرض، عن خالتي و عائلات أخرى أصابهم الوباء في مقتل، ثم –وهي تضع الطعام أمامي – قالت أن أختي نمارق و نجلاء و هبة و أخي محمد كلهم الآن بين الحياة والموت يصارعون المرض!
إعتراني خوف مبهم، شعرت بالخوف و بدأ جسدي يرتجف،فقدت شهيتي أيضاً، قمت من مكاني بسرعة و اتجهت نحو الغرفة. كانوا جميعاً صامتون، شبه موتى، شبه مشلولون، بين الحياة والموت فعلا، للمرة الأولى في حياتي أرى إخوتي بهذا الشكل، خصوصاً نمارق ..زينة البيت كما أسميها، البنت التي تسيل روحها محبة وحياة، شعرت بعجز لا يمكنني وصفه، اتجهت نحوها ، ألقيت عليها التحية، رفعت رأسها بصعوبة ثم بدأت تبكي..! سألت إخوتي واحداً واحداً عن حالهم.. لا أحد يستطيع الكلام بوضوح، خليط من الهمهمة و الهذيان، جلست على أريكة يتيمة ، عرق حار يسيل بجسدي، قلبي يضرب بطريقة عشوائية و متسارعة، أشعر بالفشل، بالعجز، بكل لعنات العالم، ثم بارحت مكاني بسرعة، اتجهت لأمي و سألتها إن كان إخوتي قابلو الطبيب أم لا، قالت نعم فعلوا..لكن دون جدوى..لأن الأطباء أنفسهم قالوا لا يعلمون شيئاُ عن المرض ..و أنهم قالوا ربما ملاريا حادة أو شيء من هذا القبيل..! لم أنتظر ..خرجت مسرعاً و أوقفت عربة، أخذت إخوتي مرة أخرى للمشفى: مستشفى كسلا التعليمي..رغم أنهم جميعاً كانوا يائسين من فكرة الذهاب للمشفى مرة أخرى، لكن الأمر الغريب بعدها.. و بعد وصولنا المستشفى الكبير للمدينة .. قال لنا الرجل الجالس في الباب: المستشفى مغلق..نسبة لإضراب الأطباء عن العمل!!!! في تلك اللحظة شعرت بأنني على وشك أن أهشم شيء ما، ربما رأس الرجل ذاته، لكنني تمالكت نفسي و إتجهنا نحو المركز الصحي بالحي المجاور لحينا.رغم معرفتي بأن هذا المركز خالي من الأطباء.. والعاملين هناك هم مجموعة قليلة من المسعفين و متدربي الإسعافات الأولية.
حينما وصلنا هناك.. كان الأمر أكثر رعباً، وجدت الفناء الداخلي للمركز مليء بالمرضى، أناس من أعمار مختلفة، عجزة، مسنين، أطفال، نساء، حوامل، شباب، و كأن المدينة كلها مصابة بالوباء. بكاء ، عويل، تأوهات، صرخات أطفال، سحناتهم مختلفة ، لكن شيئاً واحداً يجمعهم جميعا وهو الإصابة الطاعنة بمرض لا أحد يعلم عنه شيئاً. بينما المسعفون بطريقة يائسة يحاولون إنقاذ المرضى.. لكن دون أي نتيجة يمكن أن يذكرها التاريخ. إلى أن جاء دورنا أخيراً .. حقنوا إخوتي ثم عدنا آخر الليل للبيت.. وأمي كانت هي الأخرى يفتك بها القلق و الخوف.. غير الأمر لم يتغير مطلقاً ، و قضينا الليل كله أنا وأمي نقدم العزاء النفسي لإخوتي وهم على فراش شبيه بفراش الموت.
"4"
لم أكن أتوقع مطلقاً أن يصيبني هذا المرض، على من أنه –بعد الاسبوع الاول- إجتاح الأحياء المجاورة كلها، و تقريباً أصاب بيتنا كله، و جيراننا و لم يستثني أحدا أبدا.. فأنا الذي يؤمن دائماً بقواه الجسدية، الواثق حد الغرور بقدرته المناعية الفائقة في المقاومة، لكنني ، استيقظت ذات يوم من النوم مفزوعاً و أنا متخشباً بمكاني، أحاول الحركة ولا أستطيع، أحاول القيام فأفشل، كانت قدماي ثقيلتان، تجمد الدم بالشرايين، راسي ثقيل جدا، يداي مقيدتان بجذع قضيب حديدي ضخم غير مرئي، أشعر بأن الأرض تدور و أن فراشي يتارجح في فراغات غامضة، آلام مبرحة أسفل الظهر، رغبة عظيمة في إفراغ مثانتي لكنني لا استطيع الحركة. ثم بعد ساعة تقريباً تنزلت على جسدي حمى عصية على الوصف، لم أشعر بشيء مثلها منذ أن وضعت قدمي على هذا العالم و صرخت صرختي البيولوجية تلك، شراييني تشتعل، نار نار ، نيران حارقة تغلي الدم الساري، بدأت أهذي و أهمهم باسماء الله الحسنى ، أسماء الأنبياء، الأولياء ، الأجداد، أمي، القصائد التي حفظتها في المرحلة الإبتدائية، مقطتفات من كتاب الله و كتاب البشر، و في اليوم الثاني فقدت قدرتي حتى على الهذيان.
أصبحت أمي بعدها هي الشخص الوحيد المعافى بالبيت، كانت تعمل بمطلق طاقتها لتقديم الرعاية لنا، تقضي يومها كله و هي تعد العصائر لنا، كلما أنظر في عينيها أشعر بالحزن، و الإمتنان، و خليط من البحث عن الغفران و الشعور بالذنب .. و بدأت أطلب منها المغفرة للمعاصي الطويلة التي إرتكبتها بحياتي .. و بحقها.. و طلبت منها في لحظة ما أن تعانقني فقط..فقط تعانقني و أسألها الغفران.. نظرت إلي و ابتسمت ، و هي تمزح قالت أنني خائف من الموت.. فتمنيت أن أقول لها بل أشعر بالذنب لكوني لم أكن يوماً ما إبناً جيداً.. و بدأت أردد في سري المقطع التقليدي: الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً... الخ البيت.
"5"
بعد مرور ثلاث أيام ، و أنا بقبضة المرض، إختفت الحمى اللعينة، بدأت سلسلة أخرى من المعاناة، بدأت أستفرغ بشكل مزري على إمتداد اليوم، ثم بدأ ملسل آخر من الإسهالات، بدأت أفقد توازني بشكل ملحوظ، بدأت أشعر بدوار و بدأت أرى ظلام، كانت أختي حسنة عائدة من عمل ميداني من ولاية حلفا –مخيم طبي جزء من مطلوبات تخرجها من كلية الطب- و بوصولها مباشرة قالت أنني على وشك الإصابة بالهبوط العام..نتيجة الإستفراغ و الاسهالات المتواصلة، و فعلا .. قبل أن تذهب و تشتري الدواء ..كنت قد أصبت بنوبة مفاجئة من الهبوط الفعلي و كنت غارقاً حد الموت في ظلمة كثيفة و دامسة.. و خالية من الشعور و الوعي..أو معنى.
و حينما أفقت كانت أمي تجلس بقربي، و حسنة لم تتوقف عن حقن جسدي بالأدوية، و أنا أشعر بإقتراب نهايتي، و بدأت أفكر في الموت بشكل جاد للمرة الأولى، و أفكر في هشاشة الإنسان، و أفكر في ضعف الإنسان، و أفكر في لعنة الحكومة و فشل مؤسسات الدولة، و أفكر في الأحلام، الوطن، الأمنيات، السفر، إخوتي ، أمي، أعداد المرضى، صمت الحكومة ، صمت الآخرين، و أحدق في السماء .. أرى أحلامي سراباً سراباً تتبخر للسموات، أمي تصلي صلوات كثيرة و طويلة لا حد لها.. أن يشفيني الله.. و تسألني بين الفينة و الأخرى : كم تبقى للسفر؟ فأشير بأصابعي خمسة أيام، أربعة أيام، ثلاثة أيام، و عندما تبقى يومان قررت الخروج.. لأنني على وشك السفر لدرجة دكتوراة إنتظرتها طويلاً.. و أمي كانت تريد لي النجاة من البلاد.. و تقول أن الفرصة إن ضاعت مني هذه المرة فلن أجدها بسهولة مرة أخرى... فعلت المستحيل كي أقاوم جسدي..قاومت وقاومت.. إلى وصلت الخرطوم بصعوبة.. أكملت إجراءات السفر بطريقة أسطورية.. و أنا متجها للمطار كانت روحي تغلي، و قلبي يدمي، و نفسي معلقة بباب البيت .. و خوفي كان عظيماً على عائلتي.. و في اللحظة الأخيرة ..هاتفت أمي قبل أن تقلع بنا الطائرة.. كان صوت أمي يأتي مهزوماً.. منهكاً، يشي بإصابة بالغة.. و قبل أن أفهم ما تقول.. سقط الهاتف من يدها.. لتخبرني حسنة ..بأن الوباء أصاب الأم.. لحظتها شعرت بجسدي ينهار و أطرافي تبرد بروداً ثلجياً مقدساً.. و قمت كالممسوس من مقعدي على الطائرة.. بشكل يائس..كأنني أريد العودة.. و أردت العودة فعلاً..غير أن قائد الطائرة قد نوى بالفعل الطيران... و بينما كانت الطائرة تحلق..كنت أردد: " البلاد ثمرة سكانها القلب حاصل ركض الشرايين و الوطن: في القدرة على التشييد و المنفى: في نسيان النشيد الوطني للبلاد."
و بطريقة هجاسية باثولوجية بدأت أردد النشيد الوطني للبلاد لأقاوم المنفى ، دون أن أعي أنني كنت أقرأه بصوت عال، و دموعي تهطل.. و بعد قليل بدأ المسافرون كلهم يتلون معي نشيد البلاد الوطني.. و حينها كانت الطائرة تعبر المكان الذي علمتنا المناهج أن
زرت كسلا في العام 2002 وللان اتذكر تفاصيل رحلتي تلك وتفاصيل كل الايام الخمس التي قضيتها بها
مدينة عجيبة وانسانها اعجب وتفوح منها روائح الاسرار العظام ، تحس ان بها شيء خفي شيء غامض
لا تدري ما كنهه ولكنك تحسه بوضوح بكل جوارحك وتكاد تراه يطوف اناء الليل واطراف النهار في سماوت تلك المدينة.
القاش .. وما ادراك ما القاش وصوت زيدان ابراهيم يأتيك من بعيد .. بالله ليه يا فراش خلاك وراح القاش.. ولا اظن يا زيدان ان القاش قادرٌ على مبارحة تلك الفراشات
هي خليط عيجب وفريد مكون من احباش وبجة وحلنقة وشوايقة وحمر وجعليين ونوبة وكل اطياف السودان اختلطت هناك واخرجت اجيالاً من الفراشات زاهية الالوان
جميلة بحق تكاد تسلب روحك من اول نظرة ولكنك تشيح بوجهك مجبراً لانك لن تقوى على نظرة اخرى .. فالاحسن ان تآثر السلامة .
اما عن التاكا وتوتيل تطل لك من الافق البعيد صورة المحلق وتاجوج واضحة خلف جبل التاكا ويكاد يرتحل بك الزمن الى تلك العهود التي خلت بحبها الحلال
كسلا اكبر من نحكي عنها في مداخلة محدودة الاسطر فهي تحتاج الى مجلدات بل اكثر للتحدث عن كسلا وليس بعيداً الاذهان
ما ذهب اليه الاستاذين خالد التيجاني والزميل محسن خالد بان كسلا هي القدس وفي تقديري ربما اكثر.
سلامات وعوافي حبيبنا كبر وضيوفه
10-08-2018, 12:10 PM
Biraima M Adam
Biraima M Adam
تاريخ التسجيل: 07-05-2005
مجموع المشاركات: 27643
زرنا كسلا ونحن طلاب في جامعة الخرطوم، أظن عام 1988م .. كانت كسلا عروس ليلة زفافها .. مملؤة بالحيوية والنشاط .. وجمال الطبيعة الأخاذ. زرنا كل المناطق خارج كسلا شمالها وشرقها وغربها وجنوبها .. قضينا وقتاً بالسواقي وتوتيل والقاش .. وكنت أسأل عن المقولة الشهيرة .. التى تقال عندنا "زرة حاج إبراهيم شرق القاش" ..
ويا سلام علي إنسان كسلا في ذلك الزمان ..
تحية يا ول أبا كبر .. وشكراً يا هاشم، لجلب مقال منجد ناخوس .. أحسست بالألم يعتصرني .. لم أجد تصويراً لحال كسلا أبلغ مما كتب.
بريمة
10-08-2018, 03:30 PM
nour tawir
nour tawir
تاريخ التسجيل: 08-16-2004
مجموع المشاركات: 17638
تقول ليها داير اشوف ضفايرك راستا..وتشوف ضفايرها ممشوطة راستا..!! تزرك مطرة ورعد بين كلية القانون وكلية الآداب ..الوحدة الفرنسية..!! تقوم تقلع قميصك وتغطيها من المطرة..!!..وتاني يوم تلقاك، تملاك فقر ..وتحتج انو ليه ما قبلتها وكتين كانت محتاجة قبلة..؟؟!! تتقاسم معاها مصطفي سيداحمد..وبلال موسى..أي والله صحي...! ثم تكتب ليها (عينيك والمطرة المجنونة)..وتقوم تسب ليك لي سليفسيل جدودك...!! بعد السنين..تتذكرها (وهي ما غابت عنك لحظة)..و بتقول ليك: صحوة ضميرك..!! ...
يمين الله كّتاب كتابة الجن.. بس لمن تجيب سيرة الحوار الوطنى... قاعد تجينى حّمى الكنكشة..
10-08-2018, 04:24 PM
عبدالعظيم عثمان
عبدالعظيم عثمان
تاريخ التسجيل: 06-29-2006
مجموع المشاركات: 8399
كسلا كانت تسلط عليها الكيزان وتباروا في ذبحها وما عادت كما نعرف افشل الحكام يأتي إليها ويسوم أهلها آخرهم هذا الجماع الذي يتدرب ويتعلم شؤون الحكم في كسلا.. ارفعوا عليها الفاتحة وتغنوا بالماضي وانكتوا الذكريات فواقع المدينة لاعلاقة له بماضيها
10-09-2018, 05:55 AM
Kabar
Kabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة