حادثة المدرسة .. فلتكن حصتهم الأخيرة من أرواحنا.. عمر الدقير

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-12-2024, 12:11 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2018م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-06-2018, 07:47 PM

الفاتح الدنقلاوى
<aالفاتح الدنقلاوى
تاريخ التسجيل: 03-27-2016
مجموع المشاركات: 70

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حادثة المدرسة .. فلتكن حصتهم الأخيرة من أرواحنا.. عمر الدقير

    07:47 PM August, 06 2018

    سودانيز اون لاين
    الفاتح الدنقلاوى-
    مكتبتى
    رابط مختصر





    الشَّمْسُ ذَاهِبَةٌ لِمَخْبَئِها ووَجْهُها مُحْتَقِنٌ دَمَاً

    "من مرثية سومرية"

    منذ بواكير نظام "الإنقاذ" ومسرح الأحداث في السودان عبثي تراجيدي، وإن كان ثمة كوميديا على هذا المسرح فهي على طريقة شر البلية ما يُضحك .. منذ بواكير نظام "الإنقاذ" وخيوط الدَّم والدمع تأبى أن تنقطع .. أمثلة لا حصر لها لمواطنين أبرياء ذهبوا في موتٍ عبثي مجاني وبقي الأسى يقطر من شواهد قبورهم، ولا يزال جُرح الحزن عليهم مفتوحاً كفمٍ بليغ يشهد على واقعٍ غاشمٍ يخسر فيه الورد رائحته لمصلحة الدَّم.

    يصعب على المرء أن يكتب بالحبر في لحظةٍ مضمخةٍ بالدَّم .. وأهون عليه أن ينام بجسده العاري على سريرٍ مزروعٍ بالشوك مِن أن يفتح عينيه على مشهد ذلك الجدار المدرسي - الذي أسقطه سوس الفساد - وتحوَّل إلى تابوتٍ حجري لأجساد تلميذاتٍ صغيرات في ظهيرةٍ أسيانةٍ غابت شمسُها قبل الأوان وذهبت لمخبئها ووجهها محتقنٌ بالدَّم ولم يعقبها قمرٌ كي يفتضح اللصوص والقتلة، فيما تحوَّل ذلك المشهد الحزين إلى مجرد عَلَفٍ للميديا بكل وسائطها!!

    كأنّ هذه الحادثة أبت إلاّ أن تفضح زيف شعارات الحكم "الإنقاذي" في أكثر الصور فداحةً وبشاعة وتقدم تجسيداً مكثفاً للمعنى العبثي للحكم الراشد وتقف شاهدةً، مع شواهد أخرى كثيرة، على تخلي دولة "الحكم الراشد" عن أهم واجبٍ يفرضه عليها الدستور، وهو صيانة "الحق الأصيل لكل إنسان في الحياة والكرامة والسلامة الشخصية - المادة 28" .. وتزداد المفارقة إيذاءً للشعور العام وازدراءً له حين لم ترتقِ تلك الحادثة المأساوية إلى أن تكون سبباً كافياً لاستقالة، أو إقالة، أي مسؤول من المعنيين في مستويات الحكم الإتحادي والولائي.

    إنَّ أدب إستقالة، أو إقالة، المسؤولين الكبار بالدولة في حالة حدوث قصورٍ فادح أو أخطاء جسيمة في الدوائر التي تتبع لهم إدارياً - خصوصاً تلك الأخطاء التي تتسبب في إزهاق أرواح - لهو من صميم ثقافة الحكم الراشد "المُفتَرى عليه"، إذ أنه يعني الإعتراف بالخطأ والتقصير وإعلان الندم عليهما وإدانتهما ويعني نقداً للذات وفتح الطريق للمحاسبة العادلة والمراجعة الأمينة والشجاعة للسياسات والممارسات، كما يعني قبل ذلك كله تقديراً لحرمة أرواح البشر وانحناءة أسف وخجل إنساني أمام شواهد قبور الضحايا واعتذاراً أخلاقياً لأسرهم، وكلها من شروط الحكم الراشد اللازمة لتلافي العجز والتقصير والأخطاء الفنية والإدارية وإعادة البناء على أُسسٍ علمية سليمة وأخلاقية نقية خدمةً للناس وإيفاءً لحقوقهم.

    أمّا لجنة التحقيق التي أُعْلِنَ عنها، فهي - بحسب التجارب مع سابقاتها - ليست أكثر من ذَرٍّ للرماد على العيون ريثما يواري القضية غبار النسيان، ولن تكون ذات جدوى فعلية أو تمنع تكرار الحادثة المأساوية وأمثالها، مادام ليس مسموحاً لأي تحقيق أن يتسع ويأخذ منحى المراجعة النقدية والتقيمية الشاملة للسياسات والأداء وكشف مكامن الخلل، إذ أنه في هذه الحالة سيطعن الفيل، وليس ظلَّه، وسينتهي بتوجيه أصابع الإتهام الرئيسي لمؤسسة الفساد ومنسوبيها ولانعدام الرشد في نهج الحكومة الإقتصادي الإجتماعي وسياسة التمكين التي اعتلَّ بسببها أسلوب إنفاق الموارد العامة وإدراة المرافق العامة.

    يقول شاعر إسبانيا الأشهر غارسيا لوركا: "من لا يصغي لأنين حمامةٍ أسقطها الصياد مضرجةً بدمها، ليس شاعراً على الإطلاق"، وبهذا المقياس فإن من لم يهتز ضميره لحادثة موت التليمذات الثلاث تحت الجدار المنهار، ليس جديراً بالانتساب للإنسانية .. ولوركا نفسه هو الذي طلب من الضابط المكلف بإعدامه - عندما اقتاده مغلول اليدين في ليلةٍ قمرية لتنفيذ الحكم فوق تلال غرناطة - أن يتخير للتنفيذ مكاناً في سفح التلال يحجبه عن رؤية القمر لأنه، كما قال، يخجل أن يموت قبالة قمر إسبانيا الذي ألهمه أجمل قصائده وأوثقها اتصالاً بالأطفال ومخيلاتهم وأحلامهم .. وليس بعيداً عن لوركا، حكى أحد الكتاب الطليان عن طفلةٍ جميلة دَهَمَ عسكريون ألمان منزل ذويها بحثاً عن أخيها الشاب، وعندما لم يجدوه قتلوا الطفلة وتركوها على عتبة الباب، وحين جاء الأب المفجوع مدَّدَ جسدها الصغير الدامي في إناءٍ وغمره بالنعناع، ثم دعا الجنرالات إلى وليمةٍ وهو يقول لهم: "هذا هو عشاؤكم المُتَبَّلُ الأخير".

    يكفي هذا الوطن شقاءً وموتاً، فقد تكّسرت النِّصال على النِّصال وشبع السودانيون من أسباب الشقاء والموت المجاني حتى بات عليهم أن يتحسبوا من موتٍ يتربص بأطفالهم فوق أسقف المدارس وجدرانها .. فما حدث خلال الأسبوع الماضي في تلك المدرسة - غربي أمدرمان - تكرر كثيراً في كل بقاع السودان، حيث الجريمة واحدة وهي القتل الذي يتم في كل مرةٍ بسلاحٍ مختلف وأمام شهود زورٍ جدد .. لكنَّ الموت العبثي المجاني عندما يفيض ويحوِّل أرض الوطن إلى قبرٍ جماعي، لا بدَّ أن يُفْضي إلى قيامةٍ وطنية يتجلَّى فيها الشهيد والشاهد وينال القاتل ما يستحقُّ من عقاب.

    فلتكن أرواح التلميذات الشهيدات الثلاث هي حصتهم الأخيرة من أرواحنا .. لقد مُدِّدَت أجسادهن الصغيرة على النعوش وحُمِلَت إلى القبور على الأكتاف مثل هوادج القافلة، وكان الحِدَاء نشيداً صامتاً مُتْرَعاً بالحزن والأسى يستصرخ الأفواه المشكومة لتكسر حديد اللجام، ويَسْتَحِثُّ هذه الأقدام التي تسعى في الشوارع والساحات أن تضرب الأرض غَضَباً حتى يَتَفَصَّدَ عرق الأرض وتقاوم الظلم وتقهر هذا اليباب حيث لا وضوء بغير الدَّم.

    منقول من الفيسبوك




















                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de