إدوارد سعيد مثقف عضوي و مفكر كبير و لكنه للأسف لم يجد التقييم الذي يستحق

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 01:49 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2018م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-23-2018, 06:55 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10912

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
إدوارد سعيد مثقف عضوي و مفكر كبير و لكنه للأسف لم يجد التقييم الذي يستحق

    06:55 AM March, 23 2018 سودانيز اون لاين
    محمد عبد الله الحسين-
    مكتبتى
    رابط مختصر:
    إدوارد سعيد مثقف عضوي و مفكر كبير و لكنه للأسف لم يجد التقييم الذي يستحق.

    لم يجد إدوارد سعيدالتقييم الذي يستحق في العالم الثالث و الدول العربية عكس الغرب و الهند و اليابان.فقد التي أحدث فيها كتابه الاستشراق زلزالاً فكريا عنيفاً...

    كنت أنوي أن أتحدث عنه بشكل موسّع و تقديمه و التعريف به و لكن توالي الانشغالات تأجل المشروع أكثر من مرة...و لكن هذا المقال أو عرض الكتاب الذي قرأته

    اليوم .وجدت أنه قد يكون مقدمة إلى حين فتح بوست تعريفي شامل بادوارد سعيد.. و لكن عرض هذا الكتاب النقدي دفعني لاستغلال الفرصة و عرض هذا الكتاب

    الذي يتحدث عن ادوارد سعيد..فإليكم عرض الكتاب الذي يتحدث عن إدوارد سعيد و كتابه العمدة(الاستشراق)....

    .... و إلى حين عودتي للموضوع.

    (عدل بواسطة محمد عبد الله الحسين on 03-25-2018, 06:04 AM)





















                  

03-23-2018, 07:01 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10912

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إدوارد سعيد مثقف و مفكر كبير :للأسف لم يجد (Re: محمد عبد الله الحسين)

    هشام علي في كتابه «إدوارد سعيد وتفكيك الثقافة الإمبريالية»: من سوء الفهم العربي إلى حالة المثقف الكوني


    صنعاء ـ «القدس العربي» من أحمد الأغبري: مِن الصعب تقديم دراسة تُلِم بفكر أدوارد سعيد (1 نوفمبر/تشرين الثاني 1935 ـ 25 سبتمبر/أيلول 2003)، إذ هو مثقف كوني عابر للثقافات، ومرتحل بين النظريات ليس انتقاءً بل تأسيساً وتوسيعاً لدوائر الفكر والنقد، واختراقاً للمجالات المحظورة للثقافة الغربية، وما تعرضه من مركزية وهيمنة ثقافية، سواءً في خطاب الاستشراق، أو في الكتابة الروائية الغربية، التي مثلت خطاباً موازياً للاستشراق أو متوافقاً معه، على حد تعبير مؤلف كتاب «أدوارد سعيد وتفكيك الثقافة الإمبريالية» الناقد اليمني الراحل هشام علي، الذي يرى أن ذلك هو الاكتشاف الرهيب لأدوارد سعيد، الذي قام بقراءة الرواية الأوروبية في عصر الاستعمار (قراءة طباقية)، كشفت حضور الفكر الاستعماري داخل الروائع الروائية الأوروبية.
    قدم الكِتاب، الصادر عن دار عبادي في صنعاء قبل وفاة مؤلفه (توفي في ديسمبر/كانون الأول 2017)، مقاربة لفكر أدوارد سعيد، الذي يرى أنه لم يحظ بالقدر الذي يستحقه من الدراسة والتحليل في العالم الثالث، والأمر ذاته يمكن استعادته مع أدوارد سعيد، الذي لم يُقرأ وحتى الآن بصورة جيدة في العالم العربي؛ فهذا المفكر كان يكتب من موقع مختلف عن السائد في ثقافتنا، وكان منهجه مغايراً وناقداً للفكر الغربي ذاته، وبذلك النهج المتحرر من ثقافة الغرب وسلطته المهيمنة، استطاع أن يشتق طرائق جديدة للفكر، وأن يكسر حاجز الصمت المفروض على العالم غير العربي، وأن يقوم بتفكيك الثقافة الغربية وهيمنتها المركزية على العالم، فاتحاً الميدان أمام ثقافات الأطراف، لإنتاج خطابها النقدي ما بعد (الكولونيالي) وكتابة سردياتها الخاصة. ويؤكد هشام علي أن مشروع أدوارد سعيد يبقى مطروحاً أمام المثقفين العرب ليس لتكراره، ولكن لإعادة إنتاجه نقدياً ولاستئناف فكره، ويظل السؤال عن المثقف العربي ما بعد أدوارد سعيد مطروحاً ولازماً، حد تعبيره.
    تضمن الكِتاب خمس دراسات في (194) صفحة من القطع المتوسط. ألقت الدراسة الأولى، تحت عنوان «أدوارد سعيد والثقافة العربية (ما بين عالمين)»، الضوء على سيرته الذاتية التي أطلق عليها أدوارد صفة «خارج المكان»، لتكون عنواناً لمسار حياته وسيرته الثقافية ما بين عالمين: ولادته وطفولته في فلسطين ومصر وشبابه وباقي حياته في أمريكا، مع رحلات متواترة إلى لبنان ومصر في صيف كل عام.
    حاول هشام علي كتابة سيرة ذاتيه لهذا المفكر داخل المكان؛ فكانت كتابة هذه السيرة محاولة لرصد فعل تأسيسي، وإرادة قوية للانتماء للوطن والثقافة، بدون أي إحساس بالانغلاق أو التشظي بين عالمين (المفكر الأمريكي الفلسطيني الأصل، أستاذ النقد المقارن في جامعة كولومبيا أحد كبار النقاد الغربيين المعاصرين).

    عدم الانتماء

    وصل أدوارد سعيد الفتى الفلسطيني إلى أمريكا في بداية سنوات المراهقة، بعد أن أتم سنوات الدراسة الأولى في القاهرة في مدرسة «فيكتوريا كولدج» البريطانية. وتتبعت الدراسة بدايات الانشطار المبكر لدى أدوارد الذي كان متمرداً منذ بداية حياته على قوانين مدرسته؛ لذلك أخذه والده وديع سعيد الذي اكتسب الجنسية الأمريكية معه إلى الولايات المتحدة؛ حيث كان يعيش متأثراً بثقافتها ومظاهر الحياة فيها، وهذا كان سبب إطلاق أسماء غير عربية على أبنائه… وينوه هشام علي بمدى تأثير كلمات والد أدوارد على وعي الابن وذاكرته «عليك أن تنسى كل ما هو عربي وأنت تبدأ حياتك الجديدة في أمريكا»؛ وهي النصائح التي كان يلتزم بها أدوارد، على الرغم من شخصيته المتمردة؛ فعاش حياته الدراسية داخل أمريكا، بعيداً عن العرب والثقافة العربية، عاش خارج المكان كما عبّر في سيرته الذاتية. هناك وجد نفسه يصبح شخصاً غريباً بشكل كامل، حيث درس الأدب والموسيقى والفلسفة خلال دراسته الجامعية ودراساته العليا، ولم يكن لها أي علاقة بتقاليده؛ فعاش أقصى درجات العزلة عن الثقافة العربية خلال دراسته. فأهمل اللغة والثقافة العربية، وتخصص بالأدب الإنكليزي والأدب المقارن، وخاض مساراً أكاديمياً خالصاً إلى أن أفاق على الوضع المأساوي للعرب، وعلى حالة العداء التي يكنها الغرب لهم.
    في حرب الأيام الستة 1967 اكتشف أدوارد الأمريكي ذو الأصول العربية مدى التأييد الأمريكي لإسرائيل، ورأى زيف القيم الإنسانية التي تحولت إلى مناصرة العدوان، وأعمت بصرها عن رؤية العدالة، هنا قرر أن يصبح فلسطينياً، ويعود للبداية، ولم يكن في تجربته تلك أسير الحداثة وتجلياتها الفكرية والحضارية والعمرانية. لقد كان واحداً من أبرز مفكري ما بعد الحداثة؛ كان ناقداً للحداثة الغربية وفلسفاتها المتعددة، وهنا تبرز العلامات الفارقة لفكر أدوارد سعيد العائد إلى الشرق المثقف الذي اختار انتماءه وهُويته ليس على أساس سلالي أو عرقي، بل كتعبير عن المقاومة والتحدي لمظاهر الهيمنة والعدوان التي تواجهه الهُوية العربية. وتتبع المؤلف مراحل عودة أدوارد إلى الهُوية والثقافة العربية منذ عام 1967، وكيف أصبح معلقاً بين عالمين: الانتماء العربي والفلسطيني، والانتماء الأمريكي.

    التلقي العربي

    فيما تناولت الدراسة الثانية من الكِتاب «التلقي العربي للاستشراق»، وخصص هشام علي الجزء الأول منها لـ«القراءة وإساءة القراءة»، حيث ظهر كتاب أدوارد سعيد «الاستشراق» عام 1978 باللغة الإنكليزية، وقد حظي بشهرة كبيرة بعد صدوره مباشرة، سواء من المعارضين له، وهم كثيرون من أوساط المستشرقين وعلماء الأنثروبولوجيا الغربيين، أو المؤيدين للكتاب، وقد كانوا قليلين وانحصروا في عدد من الباحثين القادمين من العالم الثالث للدراسة في أوروبا وأمريكا. تناولت الدراسة ردود الفعل والمناقشات المختلفة التي تناولت الكِتاب وترجماته العديدة؛ والتي فتحت زوايا شتى لم تكن في حسبان المؤلف وقت تأليف الكِتاب ما دفع المؤلف لأن يقدم رؤية جديدة لعلاقة المؤلف بالنص والقارئ، حيث اكتسب كتاب «الاستشراق» إضافات متنوعة بقدر ما أثار من نقاط اختلاف وأفكار مغايرة. تمت ترجمة الكِتاب للعربية عام 1981؛ وهي ترجمة عربية مرموقة ولا تزال خلافية بقلم الشاعر السوري والناقد كمال أبو ديب، حسب تعبير أدوارد سعيد نفسه؛ الذي أشاد بالترجمة وقدرتها المتميزة على نقل النص إلى العربية بأسلوب جميل. وتعبر الناقدة المصرية رضوى عاشور عن هذه العلاقة بين الترجمة وإساءة الفهم فتقول» إن الاستشراق كتاب على أهميته كثيراً ما يساء فهمه ليس لصعوبته فهو كتاب ممتع وسلس نسبياً؛ ولكن إساءة الفهم راجعة لتداول فكرته بدون قراءته، وربما أسهم في ذلك أيضاَ أن الترجمة العربية الوحيدة المتوفرة للكتاب متعثرة غامضة، يشوبها العديد من المشاكل، لعل أبرزها تحويل كتاب سلس وممتع إلى نص صعب ومثقل باصطلاحات غير مفهومة».
    توالت القراءات النقدية القاسية بحق الترجمة العربية بما فيها نقد صبري حافظ، الذي بدا متحاملاَ على المترجم، وكذلك على تيار الحداثة الذي مثله أدونيس في الثقافة العربية. وأشار هشام علي في كتابه هذا إلى أن أدوارد قام بمناقشة سوء استقبال كتاب «الاستشراق» في أوساط المثقفين العرب، وذلك في التذييل الذي قدم به لطبعة 1995. واستعرض المؤلف الانتقادات التي كالها ناقدون عرب للكتاب ومؤلفه، ورأى هشام أن القراءات المبكرة لكتاب «الاستشراق» كانت تجهل أي معلومات عن أدوارد سعيد سوى أنه أستاذ جامعي في أمريكا.

    المراجعة

    تتبع المؤلف في الجزء الثاني من الدراسة الثانية في الكِتاب «التلقي العربي لكتاب الاستشراق» من حيث «المراجعة وإعادة القراءة»، لاسيما بعد أن تطورت المعرفة العربية بأدوارد سعيد وفكره، وكيف أثرت هذه المعرفة على قراءة «الاستشراق» وكُتب أدوارد اللاحقة. في هذه الدراسة حاول هشام علي قراءة المراجعات المختلفة لـ«الاستشراق» التي قام بها المثقفون العرب في فترات لاحقة أعقبت المرحلة المبكرة من تلقي «الاستشراق»، عقب صدوره باللغة العربية، وكانت هذه المراجعات تعتمد على النص الإنكليزي؛ وهو ما ينفي سوء الفهم للنص العربي المترجم. وأشار المؤلف إلى أن كتاب «الاستشراق» لم يحظ بقراءة عربية بالمعنى النقدي لمفهوم القراءة، أي القراءة التي تفضي إلى خلق مناخ تفاعلي مع فكر أدوارد سعيد النقدي، ويصبح نقد الاستشراق مفتاحاً أو مدخلاً لتصفية استعمار العقل، وغربلة التأثيرات الغربية على الثقافة العربية ليس بهدف الانغلاق والعودة إلى الماضي، بل لتقوية الاستعداد الفكري للحاضر والمستقبل، حد قوله.

    تفكيك ثقافة الإمبريالية

    حاول المؤلف في الدراسة الثالثة «أدوارد سعيد وتفكيك ثقافة الإمبريالية» تحقيق مقاربة علمية لفكر أدوارد سعيد ومنهجه النقدي، الذي كان حريصاً على عدم التصريح بأصوله النظرية وتفاصيله العملية، ليس شيئا معينا سوى رغبته في ألا يكون له تلاميذ أو حواريون يقتفون أثره ويتبعون خطاه. وتبرز وفق هذا الكتاب أهمية فكر أدوارد وتميزه؛ فقد غادر أدوارد أسوار الجامعة المنيعة وتحرر من سطوة الدارسات الأكاديمية. لقد أقام حاجزاً بين عمله الأكاديمي في جامعة كولومبيا وفكره النقدي كمثقف معارض لجميع أشكال الهيمنة والتبعية، وتلك، وفق هشام، صفة مميزة لهذا المثقف، الذي انحاز لمعارضة السلطة واختار تحرير الفكر وتنوير العقل، ولذلك يخطئ من يظن أن أهمية فكر أدوارد سعيد تنبع من المؤسسة الأكاديمية التي كان ينتمي إليها في أمريكا، بل ـ كما يقول هشام علي ـ إنه على العكس كان عمل أدوارد النقدي متعارضاً مع دروس النقد المقارن التي كان يلقيها في الجامعة؛ ولذلك أحس بضرورة الخروج من ضيق العمل الأكاديمي والانفتاح على المجتمع والتاريخ والسياسة، وكان الانتماء إلى قضيته الأم، فلسطين، والدفاع عن شعبه ضد الاحتلال والسيطرة الإسرائيلية مدخلاً أساسياً لذلك التحول الفكري المهم الذي مارسه في أعقاب هزيمة 1967.
    وعلى ما سبق يؤكد هذا الكِتاب على صعوبة الإمساك بموقع محدد لهذا الفكر العابر بين الثقافات والمترحل بين النظريات حد وصفه، حيث أن أدوارد مثقف البين ـ بين، «لكن هذه الصفة لا تعنى التردد أو الحيرة في اتخاذ موقف أو رأي، بل على العكس فهذا الفضاء البيني منحه القوة على التحدي: تحدي الفكر الجاهز، سواء الأصولي أو الحداثي أو الأيديولوجي، وتحدي الأفكار والنظريات الغربية ونبراتها المتعالية والمهيمنة».
    وأشار المؤلف إلى أن سعيد قام بتفكيك الخطاب الفكري والسياسي المختفي وراء تلك النصوص الاستشرافية والسردية، «وفي عمله التفكيكي والنقدي لم يكن تابعاً لأي فلسفة أو نظرية نقدية من مدارس النقد ما بعد البنيوية المضطربة والمتصارعة في حجمها لإغلاق النص وإقصاء السياقات التاريخية والسياسية والاجتماعية المحيطة به».

    تمثيل الصامت

    تحت عنوان «تمثيل الصامت: قراءة أدوارد سعيد لفكر فانون» جاءت الدراسة الرابعة لتواصل القراءة في مشروع أدوارد سعيد الفكري والنقدي في نقد الإمبريالية وثقافتها وما عبرت عنه هذه الظاهرة العالمية من استعمار واستيطان وهيمنه ثقافية واستشراق، وكذلك ما تمخض عنها من إلغاء للآخر وسجنه في دائرة الصمت والتبعية، وادعاء تمثيله والتعبير عنه أو فرض قيم الغرب على المجتمعات الأخرى تحت شعارات التقدم أو الحداثة والمدنية. وهنا أشار سعيد إلى ضرورة العودة إلى فكر فرانز فانون المثقف المارتيني الشهير صاحب كتاب «معذبو الأرض» الذي ترك مهنة الطب النفسي في الجزائر والتحق بصفوف الثورة الجزائرية. ويعود المؤلف إلى إحدى مقابلات سعيد، حيث أجاب عن أسئلة حول إعادة قراءة وإعادة موقعة فانون في نظريات الأدب والنقد ما بعد (الكولونيالي) فيقول «أشعر بأن القراءة الكبرى لعمل فانون لم تتم بعد. توجد أنماط مختلفة ضيقة الأفق بعض الشي أو القراءة النسوية العالمثالثية، الماركسية التفكيكية، لقد بدأت مقالة حول هذا الموضوع تحت عنوان «إعادة النظر في النظرية المترحلة»، أنظر فيها إلى عمل فانون «المعذبون في الأرض» من منظور لوكاشي، ولكنني اعتقد أن قراءة فانون كمفكر متجانس لم تجر بعد». ووفق المؤلف فإن سعيد ينظر إلى فانون كمفكر متميز خرج من قُبة المركزية الأوروبية ومزق العباءة الثقافية الغربية ليعلن الحاجة إلى تحرير الفكر من الاستعمار.

    المثقف الكوني

    تحت عنوان «أدوارد سعيد: المثقف الكوني العربي ـ خلاصة طباقية» تتناول الدراسة الأخيرة أبرز سمات التجربة الفكرية والنقدية لأدوارد سعيد من خلال تتبع خصوصية كل كِتاب من الكُتب التي أصدرها، ولم يكن المؤلف مضطراً لاستخدام عامل الزمن والبدء من البدايات، بل تنقل بين كل كِتاب وآخر تبعاً لقراءته الخاصة لخصوصية تجربة هذا المفكر بدءاً من رؤيته لأي بداية استناداً إلى كتاب «البدايات»، مؤكداً أن كتابات سعيد بدون نهايات، حيث ليس هناك فصل أخير لكل كِتاب، لاسيما الكتب التي أصدرها بعد «الاستشراق»، بل ما سبقها أيضاً مثل كتاب «العالم والنص والقارئ»، وإن كان هذا لا يلغي التطور في فكر سعيد الذي كان يُعيد النظر في أفكاره الرئيسية، دافعاً هذه الأفكار إلى آفاق أكثر اتساعاً. فبعد استخدامه للتمثيل ثيمة أساسية في كتابه «الاستشراق» نجد في كتاب «الثقافة والإمبريالية» يوسع وظيفة التمثيل فلا يتوقف عند قضية تمثيل الرواية للعلاقة بين الإمبراطورية البريطانية والفرنسية ومستعمراتها، ولكنه يحلل التواطؤ الذي هو نتاج نوع من التفاعل والتوازي بين نشأة الإمبراطورية الاستعمارية ونشأة الرواية الحديثة. وتنبثق أهمية التمثيل، هنا، في أنه يركب صورة نمطية مشوهة لـ«الآخر»، والذي هو موضوع مشترك لكل من الاستعمار والرواية. وتبرز من خلال هذا التمثيل خصائص المركزية الغربية، وما تحمله من تطهير للذات الغربية وتشويه وإقصاء للآخر غير الغربي.
    وبعد استعراض عددٍ من الآراء العربية في أدوارد سعيد خلص المؤلف إلى القول، بدون أي تشدد بإن أدوارد مثقف عربي تجاوز حدود الهُوية، باعتبارها انتماءً قومياً نقياً أو ارتباطاً بوطن، لكنه أسس هذه الهُوية باعتبارها شكلاً من الانتماء غير المحدود؛ وهو بذلك يقترب من مفهوم المثقف الكوني أو الامبراطوري الذي لا يتنكر لهُويته، بل يعتز بالانتماء إليها ويقوم بسردها سرداً مقاوماً للسردية الإمبريالية التي كانت تمتلك وحدها حق السرد العالمي، وتمنع على الآخر غير الغربي أن يكتب سرده الخاص.
    ويعد هشام علي من أبرز النقاد اليمنيين. صدر له، خلال حياته، عدد من المؤلفات في مجالات نقدية وفكرية مختلفة. شغل عدداً من المواقع في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ووزارة الثقافة في عدن وصنعاء.
                  

03-23-2018, 07:37 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10912

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إدوارد سعيد مثقف و مفكر كبير :للأسف لم يجد (Re: محمد عبد الله الحسين)


    كتاب "الاستشراق" لإدوارد سعيد
    ملحوظات أوليّة على ترجمتَي د.كمال أبو ديب ود.محمد عناني (1-2)
    صحيفة الرياض
    وصفت صحيفة الجارديان البريطانية (12/3/2016) كتاب "الاستشراق للبروفيسور إدوارد سعيد - رحمه الله - بأنه واحد من الكتب المائة الخالدة على مَر العصور. وكان البروفيسور سعيد (Orientalism, 2003: 339) من الاستقبال الباهت الذي قوبل به كتابه "الاستشراق" في العالم العربي وأشار إلى بعض الأسباب وراء ذلك منوِّها باجتهادات الدكتور كمال أبو ديب في ترجمته (1981م) التي وصفها ب"الرائعة"! لكن يبدو أن سبب هذا الاستقبال الباهت يعود أول ما يعود إلى أن ترجمة الكتاب إلى العربية لم تكن ناجحة مما جعل كثيرا من القراء يعزفون عن قراءته.

    وسأحاول هنا إبداء بعض الملحوظات عن الترجمتين العربيتين الوحيدتين للكتاب.

    ترجمة د. كمال أبو ديب:

    ظل الانطباع الشائع في العالم العربي عن ترجمة الدكتور كمال أبو ديب لكتاب إدوارد سعيد "الاستشراق" يتمثل بأنها عصية على الفهم. وظهر عدد من الدراسات والمقالات النقدية في الصحف والمجلات العربية تشير كلها إلى امتعاض القراء العرب من صعوبة هذه الترجمة. وكان المتوقع أن يعيد الدكتور أبو ديب النظر في ترجمته في ضوء هذه الشكاوى المستمرة منها منذ ظهورها سنة 1981م. لكن ترجمتَه ظلت على حالها من غير أي تغيير إلى الآن على الرغم من إعادة نشرها ثمان مرات كان آخرها سنة 2010م.

    ويُصدم من يقرأ ترجمة د. أبو ديب منذ الصفحة الأولى في مقدمة المترجم بحالات كثيرة جدا من الأخطاء الإملائية واللغوية والنحوية والاستخدامات الغريبة والركاكة في بنية الجملة، إلى غير ذلك. وهذا هو ما أدى في واقع الأمر إلى عزوف القراء العرب عن هذه الترجمة التي امتدحها إدوارد سعيد. لكن إدوارد سعيد نفسه عاد في سنة 2004م ليصف هذه الترجمة بأنها "غير دقيقة" inexact (كما أوردت ذلك الأستاذة نادية علي خليل حمد في رسالتها (ص2) التي سأشير إليها في ما يلي.

    وبدلا من إيراد الأمثلة على المشكلات الكثيرة المتنوعة في ترجمة أبو ديب يكفي الاطلاع على رسالة الماجستير التي أنجزتها الأستاذة نادية علي خليل حمد في جامعة النجاح الوطنية (الفلسطينية) سنة 2006م بعنوان:

    Abu-Dīb’s Translation of Orientalism: A Critical Study. Prepared by Nadia Khalil Hamad, 2006.

    "ترجمة أبو ديب لكتاب ‘الاستشراق‘: دراسة نقدية. من إنجاز نادية خليل حمد، 2006".

    جاءت الرسالة في مقدمة وخمسة فصول وخاتمة ومسرد طويل متنوع بالأخطاء الإملائية واللغوية والنحوية والصياغية والدلالية في هذه الترجمة جاعلة كل نوع من هذه الأخطاء في فصل مستقل. وتكفي الملحوظات التي أوردتْها الأستاذة نادية عن أي جهد آخر للتدليل على أن موقف القراء العرب السلبي من هذه الترجمة كان مسوَّغا، وهو الذي وقف أمام شيوعها في المجال الثقافي العربي العام.

    ومما يلحظ على هذه الترجمة أن الدكتور أبو ديب ضمَّن مقدمته شكوى مرة من الصعوبات الكثيرة جدا في اللغة العربية المعاصرة مما يستوجب في رأيه "تفجيرها" من أجل تمكينها من التعبير عن العلوم والمفاهيم الجديدة التي لم تتعود التعبير عنها!

    وكان يمكن أن يحمل كلامه على محمل الجد لو أنه لم يرتكب ما ارتكبه من أخطاء متنوعة كثيرة جدا في بعض الجوانب اللغوية العربية الأساسية كالإملاء واللغة والنحو والدلالة التي لا يمكن أن يرتكبها عربي متوسط الثقافة.

    ومحصلة دراسة الأستاذة نادية أن ترجمة د. كمال أبو ديب لا يمكن الاعتماد عليها، وهو ما يوجب ترجمة كتاب "الاستشراق" ثانية بلغة عربية مؤدية.

    ترجمة الدكتور محمد عناني (2006م):

    أرَّخ د. محمد عناني مقدمة ترجمته ب 2006م. ويلفت هذا التاريخُ النظرَ لاتصاله بما كتبه في مقدمته عن دوافعه إلى ترجمة الكتاب. يقول د. عناني (ص12) في صياغته لتساؤلٍ محتملٍ عن السبب الذي يجعله يترجم "الاستشراق" قائلا: "لماذ أُقَدِّمُ الآن ترجمة جديدة وبين أيدينا الترجمة المشهورة التي قدمها كمال أو ديب منذ ربع قرن؟".

    ويسوق في جوابه عن هذا التساؤل ثلاث مسوغات. فالمسوغ الأول أنه يُترجم "الطبعة الثانية المزيدة" لكتاب "الاستشراق" الصادرة في سنة 1995م لأنها تتضمن فصلا جديدا ألحقه إدوارد سعيد في هذه "الطبعة" وهو الذي ترجمه د. عناني بعنوان "تذييل".

    وربما يكون هذا التسويغ مقبولا لو أن د. عناني ما كان يكتب هذه المقدمة في سنة 2006م. ذلك أن دار بنجوين البريطانية أصدرت في سنة 2003م نشرة جديدة ل"الاستشراق" صدَّرها سعيد ب "مدخل" Preface يتحدث فيه عن قضايا مهمة تتصل بالكتاب. فتسويغ د. عناني الأول لترجمته ليس صحيحا، إذن: ذلك أن نشرة "الاستشراق" التي تَرجمها ليست الكتاب "الجديد"، بل تُعدُّ في سنة 2003م كتابا "قديما". وكان يمكن أن يكون تسويغا صحيحا لو نَشر ترجمته قبل 2003م.

    ويمثِّل التسويغَ الثاني لترجمته ل"الاستشراق" رأيُه بأن كل ترجمة لكتاب ما إنما هي "تفسير" جديد "في كل عصر على ضوء مفاهيمه الجديدة المعاصرة". لكن هذا التسويغ يَغفُل عن أن ترجمة د. أبو ديب وترجمة د عناني كلتيهما تنتميان إلى عصر واحد لا يفصل بينهما إلا خمس وعشرون سنة!

    ومع هذا لم يبيِّن د. عناني أيَّ شواهد على اختلاف ترجمته عن ترجمة د. أبو ديب نتيجة لاختلاف التفسير "على ضوء [المفاهيم] الجديدة المعاصرة". بل الواقع أن د. عناني وقع في بعض أخطاء د. أبو ديب التي لا تحتاج إلى "تفسير" جديد بقدر ما تحتاج إلى الحرص على صحة المعلومة. ومن شواهد هذا الخطأ اتفاق الترجمتين على الخطأ في ترجمة عنوانيْ كتابين للفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو وردا في الكتاب الأصل بالعنوانين الإنجليزيين: The Archaeology of Knowledge وDiscipline and Punish . فقد وردا في ترجمة د. أبو ديب (ص39) على أنهما "علم آثار المعرفة وأدِّبْ وعاقِب". وورد العنوانان في ترجمة د. عناني (ص46) "علم آثار المعرفة" و"التأديب والعقاب" (يكتب عناني اسم "فوكو" بغير الشكل الذي يظهر به في الترجمات والكتابات العربية الشائعة، إذ يكتبه في هذه الصفحة وفي (ص17) على هيئة: "فوكوه").

    والمترجمان غير معذورين على هذا الخطأ في اسمي الكتابين لأن الكتاب الأول ترجمه الدكتور سالم يفوت إلى اللغة العربية في أواسط ثمانينيات القرن العشرين الميلادية بعنوان "حفريات المعرفة"، المركز الثقافي العربي، بيروت: لبنان، الدار البيضاء: المغرب، الطبعة الأولى 1986م. وتَرجم الكتابَ الثاني بعنوان "المراقبة والمعاقبة: ولادة السجن" علي مقلد، وراجعه وقدم له مطيع صفدي، بيروت: لبنان، مركز الإنماء القومي، 1990م.

    والدكتور عناني في الأقل أجدر بألا يقع في الخطأ الذي وقع فيه الدكتور أبو ديب لأن الكتابين كانا معروفين في المجال الثقافي العربي منذ سنين قبل أن ينشر ترجمته.

    والمسوغ الثالث الذي يسوغ به د. عناني ترجمته أنَّ اللغة العربية "شهدت من التغيرات في ربع القرن الماضي ما لم تشهده على مدار ما يقرب من قرن كامل، وأكاد أقول منذ أحمد فارس الشدياق. . .". ولم يقدم د. عناني أيةَ أدلة واضحة على رأيه هذا إلا إشارات مقتضبة، مع أنه كان يجب أن يأتي بما يسوغ تسويغَه هذا الذي يراه موجبا لإعادة ترجمة "الاستشراق".

    لكن السؤال هو: لماذا حدد د. عناني "ربع القرن الماضي"؟! لا يمكن أن يخفى على الملاحظ أنه يعني الخمس وعشرين سنة (1981 2006) التي مرت على ترجمة د. كمال أبو ديب! ولنا أن نتذكر أن أبو ديب في مقدمته يشكو من عدم طواعية اللغة العربية المعاصرة للتعبير عن العلوم والأفكار الجديدة، وهذاما حمله على ارتكاب الصعاب لصياغة كلمات وتعبيرات غير معهودة ليعبر بها عن تلك العلوم والأفكار! أما د. عناني فيأتي بهذا المسوغ ليقول إنه ليس بحاجة إلى تلك الكلمات والتعبيرات المرعبة التي جاء بها د. أبو ديب لأنه يستطيع أن يعبر الآن باللغة العربية التي تطورت في الخمس وعشرين سنة الماضية من غير أن يرتكب ما ارتكبه د. أبو ديب! فهو يقول [ص ص 16 17، [لاحظ أن عناني يستخدم هنا الطريقة المصرية المعروفة في كتابة الياء المتطرفة ألفا مقصورة، مع أن اسمه الأخير على صفحة الغلاف ظهر منتهيا بالياء (عناني)!]: إن [مذهبه] "في الترجمة إذن أقرب إلى ‘التقريب‘ منه إلى ‘التغريب‘، فليس الهدف هو تقديم صورة ‘مقلوبة‘ للنص الأصلى بحيث تقرأ من اليمين إلى اليسار بدلا من العكس، ولكن صورة صادقة للأفكار التى يوردها الكتاب وقد اكتست أسلوباً عربياً بمعنى أنها أصبحت تمثل ما يفهمه قارئ اليوم في هذا الكتاب مُعَبَّراً عنه بكلمات عربية واضحة، ولهذا لم أقرأ ما سبق من ترجمات لإدوارد سعيد لأنها، حتى لو كانت حسنة، تمثل ما فهمه غيرى، وفى غير هذه اللحظة، من الكِتَابِ[!]، أو ما عَبَّر عنه غيرى بألفاظ أو بأساليب قد لا تحمل المعنى نفسه لقارئ اليوم".

    وربما نحتاج إلى قارئ حصيف، كالأستاذة نادية حمد، ليبين لنا المآخذ المتنوعة الكثيرة في ترجمة الدكتور عناني!

    ومن باب الطرافة أن د. عناني يستخدم تعبير "علامات الترقين" بدلا من التعبير الشائع جدا أي "علامات الترقيم"! فهل يدل هذا على تغير في الذوق اللغوي عند العرب في الخمس وعشرين سنة الماضية؟!!

    الواقع أنه لا معنى لكثير مما أورده الدكتور عناني في مقدمته عن رأيه في لغة الترجمة "الجيدة"، ولا تدل ترجمتُه على أنه انتهج أسلوبا يمكن أن يكون تطبيقا فعليا لآرائه النظرية عن الترجمة.

    ما تشكو منه الترجمات إلى العربية حقا أن كثيرا منها يفتقر إلى الأمانة في النقل والدقة في التعبير المؤدي للمعنى بلغة عربية مفهومة. إن كثيرا من التنظيرات التي نقرؤها عن ماهية الترجمة الجيدة إلى اللغة العربية تتعثر أثناء التطبيق لأسباب كثيرة أولها عدم التقيد بالمبدأ الذي يقول إن "الترجمة فنُّ وذوق وأخلاق"، كقيادة السيارة!

    ومن الملاحظ كذلك أن الدكتور أبو ديب والدكتور عناني شكرا في نهاية مقدمتيهما جمعا من أصدقائهما وزملائهما الذين يقولان إنهم قرأوا ترجمتيهما وأبدوا ملحوظاتهم عنهما. لكن المفاجئ أن أيا من المترجمَين لم يتفضل بكلمة شكر لإدوارد سعيد. أيدل هذا على أنهما لم يستشيراه في ترجمتيهما؟ أم يدل من ناحية أخرى على أنهما ترجما الكتاب من غير إذن إدوارد سعيد المالك الفكري ل"الاستشراق" أو ناشر الكتاب على الرغم من التحذير عمن مثل هذا الصنيع في صفحة بيانات نشر الكتاب الأصل؟
                  

03-23-2018, 07:42 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10912

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إدوارد سعيد مثقف و مفكر كبير :للأسف لم يجد (Re: محمد عبد الله الحسين)

    "الاستشراق" لإدوارد سعيد.. كتاب لا يمكن تجاهله
    تامر موافي ● أكتوبر 29 2017 0
    شارك
    تابع القصة1

    روبرت ماكروم

    ترجمة عن الجارديان
    *********************
    لى جانب التفجيرات الانتحارية، والضربات الجوية، وقطع الرؤوس، ربما يبدو كتاب مكرس لفرضية ما بعد استعمارية، يناقش حجته بعناية في 300 صفحة، وكأنما يمثل تدخلًا أدبيًا معتدلًا. ومع ذلك، في إطار الصدام الوحشي الدائر بين اﻹسلام والغرب، يبقى تحليل إدوارد سعيد هو التحليل الذي لا يمكن ﻷي مشارك في هذا الصراع أن يكون محايدًا تجاهه.

    كتاب "الاستشراق" هو دراسة مؤثرة بشكل نافذ، وخلافية للطريقة التي بها قاتل الغرب الشرق، وهيمن بصفة عامة عليه، من خلال نسخة استعمارية مقنعة لثقافته وسياسته، وذلك على مدى ما لا يقل عن ألفي عام، ومنذ الحروب بين الإغريق القدامى والفرس. وقد كان عمل سعيد المميز حيًا دائمًا، منذ نشره قبل الثورة اﻹيرانية عام 1979 بوقت قصير. واليوم، في عالم أقل استقرارًا، ينبغي أن يوضع في ترتيب متقدم في أي قائمة للنصوص المفتاحية المتصلة بأزمات القرن الحادي والعشرين السياسية/الاجتماعية.

    اعتمد سعيد، وهو مفكر لامع عالي الثقافة، على خبرته كفلسطيني-عربي يعيش في الغرب، ليفحص الطريقة التي استعمر بها الغرب المجتمعات القديمة والمعقدة في شمال أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا، وذلك بداية من الثقافة وحتى الدين. وهو يجادل بأن حروب الخليج، ومأساة العراق، هي عواقب مباشرة ﻷيديولوجية قاتلة وفجة تضرب بجذورها عميقًا في العقل الغربي.

    إن أي تلخيص لتحليل سعيد بالغ الدقة لتوجهات الغرب وسلوكياته تجاه الشرق، يغامر بأن يصبح محاكاة هزلية. ومع ذلك، ففي نقاط مبسطة، يفحص "الاستشراق" تاريخ الكيفية التي خلق بها الغرب، وخاصة إمبراطوريات بريطانيا وفرنسا، عملية تفكير للتعامل مع "آخرية" عادات ومعتقدات المجتمع الشرقي. وكما يقول سعيد نفسه: "إنني أدرس الاستشراق كتبادل ديناميكي بين مؤلفين أفراد، وبين الاهتمامات السياسية الكبرى التي شكلتها الثلاث إمبراطوريات العظمى (البريطانية، الفرنسية، واﻷمريكية)، والتي أُنتجت أعمال المؤلفين في نطاقها الفكري والتخيلي".

    المؤلفون المقصودون يضمون هومر وكتاب الدراما اﻹغريق مثل إيسخيلوس، والذين مثلوا الفرس "الشرقيين" ﻷول مرة في أعمالهم على أنهم غريبون وغامضون، وهو قالب نمطي يُظهٍر سعيد لاحقًا أنه يغشى أعمال كتاب مثل فلوبير، وديزرائيلي في شبابه، وكبلنج، والذين غذت تصويراتهم "للشرق" انبهار الغرب بالمشرق. ويشحذ سعيد النصل السياسي لهذه السردية بشكل أكبر حين يُظهِر الكيفية التي يمكن بها أن تُرى هذه اﻷفكار كانعكاس مباشر للعنصرية والاستعمارية اﻷوروبية.

    بعدما أثار نشر "الاستشراق" عاصفة من النقد من كل زاوية عبر الحدود بين الشرق والغرب، أعلن سعيد، في مقال تعقيبي، أن "التقابل بين الشرق في مواجهة الغرب كان في آن واحد مضللًا وغير مرغوب به؛ ومن الأفضل أن لا يحظى بمصداقية كبيرة كوصف واقعي لأي شيء أكثر من التاريخ المبهر لتفسيرات المصالح المتنافسة".

    كانت هذه آمال عبثية. ففي قرابة الأربعين عامًا منذ ظهر "الاستشراق" ﻷول مرة، استمر الشرق اﻷوسط، والعرب واﻹسلام، في تزويد التغيير الضخم، والصراع، والجدل، ومؤخرًا الحرب، بالوقود. واستُدرج سعيد، وهو مدافع متحمس عن دولة مستقلة لفلسطين، إلى جدالات سطحية بطريقة ساعدت على تسييس كتاب كان غرضه الأكاديمي اﻷول هو، كما يقول سعيد،، استخدام "نقد إنسانوي لبدء سلسلة أطول من التفكير والتحليل بدلا من الانفجارات القصيرة للغضب التي تشل التفكير وبذلك تسجننا".

    لقد تطلع سعيد دائمًا إلى اﻷناقة والصقل في الحجة. فهو يكتب قائلًا: "لقد دعوت ما أحاول فعله (بالإنسانوية)"، وهي كلمة قد تثير دهشة هؤلاء الذين رأوا أنه مشاكس وغير متسامح باستمرار في جداله. ولكنه لم يتراجع: "إنني أعني باﻹنسانوية قبل أي شيء آخر محاولة فك القيود التي يصطنعها العقل (كما عبر عن ذلك بليك)، حتى يمكن للمرء أن يستخدم عقله بشكل تاريخي وعقلاني بغرض الفهم المتأمل والكشف الأصيل. واﻹنسانوية، أكثر من ذلك، يدعمها حس الجماعة مع المفسرين اﻵخرين والمجتمعات والفترات التاريخية اﻷخرى: وبشكل دقيق، ليس ثمة وجود للإنسانوي المنعزل". وربما كانت مأساة سعيد أنه كان عليه ممارسة حرفته كناقد أدبي عظيم في عصر لا صبر له على دقائق اللغة، ولا ذائقة جادة له لتفصيلات الأفكار المعقدة. فخلال حياة سعيد المهنية، كاد كل جانب لدراسته أن يصبح مختزلًا في الشعارات واﻹيماءات العنيفة.

    وبالفعل، لاحظ سعيد بخيبة أمل، قبل وفاته في عام 2003 مباشرة، استمرار أثر اﻷيديولوجية "الاستشراقية" على الغرب، فهو يقول: "تمتلئ المكتبات في الولايات المتحدة بالكتابات الطويلة الرثة التي تحمل عناوين صارخة عن اﻹسلام واﻹرهاب، وتعرية اﻹسلام، والتهديد العربي، والهول الإسلامي، وكلها قد كتبها دعاة سياسيون يدّعون معرفة أنتجها الخبراء الذين يفترض أنهم قد اخترقوا قلب هذه الشعوب المشرقية الغريبة ...".
    وبينما تستمر الولايات المتحدة وقوى الغرب في محاولة التعامل مع أزمة اﻹسلام في سوريا والعراق ومصر وليبيا، وهي تسارع في مرضاة أمراء الجزيرة العربية المتخمين بثروات البترول، سيبقى كتاب "الاستشراق" النص الذي سيكون على مكتب العلاقات الخارجية ووزارة الخارجية اﻷمريكية العودة إليه لتجديد بحثهما عن فهم متبادل في الصراع بين الشرق والغرب.

    لقد كان سعيد دائمًا عدوًا شرسًا للنظريات حول "صراع الحضارات". وقد جادل بأناقة ووضوح عظيمين، وجادل من أجل تحقيق تقدم فكري. وبينما اشتغل جدل كتاب "الاستشراق" حوله، كتب قائلًا: "إن واحدة من خطوات التقدم العظيمة هي التحقق من أن الثقافات مهجنة وتعددية، وأن الثقافات والحضارات متصلة ببعضها ومعتمدة على بعضها إلى حد تجاوز أي وصف مرسوم ببساطة لفرادة أي منها". وهو يمضي متسائلًا، كيف "يمكن للمرء التحدث عن (حضارة غربية) إلا كحكاية خيالية أيديولوجية أعطت اﻷمم الغربية هوياتها المختلطة الحالية؟ إن هذا صحيح بصفة خاصة فيما يتعلق بالولايات المتحدة، والتي يمكن اليوم وصفها فقط على أنها مخطوط مُحي وأعيدت كتابته لأجناس وثقافات مختلفة تتشارك تاريخًا إشكاليا للغزو، والتصفيات العرقية، وبالطبع للإنجازات الثقافية والسياسية الكبرى".

    في كلمات يمكن أن تزودنا بتقدمة لهذه السلسلة، قال إتالو كالفينو مرة إن العمل الكلاسيكي هو كتاب "لم يُنه أبدًا ما أراد قوله". و"الاستشراق" هو أحد هذه الكتب.
                  

03-23-2018, 10:49 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10912

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إدوارد سعيد مثقف و مفكر كبير :للأسف لم يجد (Re: محمد عبد الله الحسين)

    اهتمامي بإدوارد سعيد جاء متأخرا ،قبل عام تقريباً…لا أتذكر ما الذي لفت انتباهي له…و لكني بعد أن عرفته شعرت بتقصير شديد و ‏لوم لنفسي لمعرفتي المتأخرة به.

    فاغتنمت فرصة معرض الكتاب و اشتريت كل ما له علاقة بكتابه المهم المسمى ‏بالاستشراق…و استغربت كيف كان اهتمامي بدراسات ما بعد الكولونيالية/ما بعد
    الاستعمار..,و لا أقرأ كتاب الاستشراق و لا كتبه اللاحقة؟خاصة أن كتاب الاستشراق هو ‏أصبح جزء أساسي و هام من كتابات ما بعد الكولونيالية..

    و في الحقيقة تأثر سعيد ضمن من تأثر بهم بفرانز فانون ذلك ‏الشاب القادم كالشهاب من جزر المارتينيك الذين هم أصلا من أصول أفريقية…

    جاء كالشهاب و ساقته الأقدار ليعرف ‏الجانب التالي من الظلم الاكولنيالي في الجزائر لتتغير حياته رأسا على عقب و يصبح من أهم إن لم يكن هو من قدح ‏شرارة أفكار و

    دراسات و مفاهيم ما بعد الاستعمار…و كان له الفضل في أن يصبح سعيد من مجرد استاذ جامعي للأدب ‏الانجليزي إلى أهم كاتب في دراسات ما بعد و ما قبل الكولونيالية…‏

    فهذا الرجل أفنى أكثر من أربعة قرون يشرح أبعاد ‏الجانب الآخر للاستشراق و استغلاله كلرأس رمح من الغزاة الكولونياليين…كان مثله أن يرتضي بحياة الرفاه و الحياة ‏

    البرجوازية التي اتاحتها له ظروف العمل في أعرق الجامعات الأمريكية و أن يبحث عن ارتقائه و مجده الشخصي..و ‏لكنه آثر أن يكون مثقفا شاملا و ملتزما..‏


    و سأعود للكتابة عن إدوارد سعيد و عن اسهاماته قريبا إن شاء الله.


    هذا ما لزم التنويه له…
                  

03-23-2018, 08:54 PM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10912

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إدوارد سعيد مثقف و مفكر كبير :للأسف لم يجد (Re: محمد عبد الله الحسين)


    UP
                  

03-25-2018, 06:19 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10912

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إدوارد سعيد مثقف و مفكر كبير :للأسف لم يجد (Re: محمد عبد الله الحسين)

    هذه الأيام أعيد قراءة كتاب (رحلات بوركهارت في بلاد النوبة و السودان)..

    و هو الرحالة الشاب اليافع و المغامر الفرنسي البريطاني جون ‏لويس بوركهارت الذي قام برحلاته في بداية القرن التاسع عشر للسودان قبل الغزو التركي ببضع سنوات.

    و كنت ‏احتفظ بالكتاب منذ عدة سنوات. حيث كنت قد اشتريته لاقتبس منه بعض ما كتبه من وصف عن الدامر في تلك الفترة ..و ‏كان اهتمامي به متواضعا حيث ركزت فقط

    على المعلومات و الوصف لبعض مناطق و مدن السودان ...و تركت ‏الكتاب عدة سنوات تكاد تبلغ العشر..‏

    و ها أنا أنفض عنه الغبار من جديد. السبب؟

    السبب هو كتابات إدوارد سعيد و كتابه(الاستشراق) ..‏
                  

03-25-2018, 07:26 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10912

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إدوارد سعيد مثقف و مفكر كبير :للأسف لم يجد (Re: محمد عبد الله الحسين)

    السبب الذي دعاني لإعادة قراءة ‏(رحلات بوركهارت في بلاد النوبة و السودان) ‏هو الوعي الجديد المتجدد.......

    الوعي الذي اذكاه ‏ادوارد سعيد من خلال كتاباته عن الاستشراق و ما اشار إليه من دور الرحالة و الجمعية الجفرافية البريطانية و غيرها..

    و الدور الذي لعبوه ‏في التمهيد للغزو الكولونيالي و الاستيلاء على الاراضي ..‏

    في قراءتي الأولى كانت قراءة بريئة لا تستبطن ما وراء الكشوفات الجغرافية و لا الكتابة عن القبائل و المناطق من ‏نوايا خبيثة...

    فكتاب الاستشراق اضاء كثير من المناطق المظلمة و كثير من الكتابات التي كنا نستمتع فقط بجوانبها الجمالية و لا نفط ‏لمراميها القريبة أو البعيدة.‏

    و إلى لقاء لاحقا ‏
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de