|
Re: ( كتال الكلاب ) غرائب من شوارعنا (Re: درديري كباشي)
|
نهاية كلبي العاشق في المرحلة المتوسطة كنت مولع بتربية الحيوانات الأليفة ,, المتاح منها في البيت ,.. قفص دواجن صغير .. به بضع دجاجات وديك .. وبعد الحاح وافقت الأسرة على زوج من البط .. وكذلك بعد الحاح وكثير من (العباطة) وافقت الأسرة على تربية كلب .. بحجة حماية هذه الثروة الحيوانية .. بعد ذلك باءت المحاولات بالفشل في إلحاق الركب بقطيع من الماعز أو الارانب لقدرتها الهائلة في التخريب ..أكتفيت بهؤلاء وأحسنت تربيتهم وتدليلهم .. ركزت على الكلب أكثر فنما وشب على (الطوق) .. وكان شكلة جميلا يبدو أن له أصول أجنبية ( عقدة خواجة) .. شعره ناعم وكثيف ولونه أقرب للبرتقالي تتخلله مناطق بيضاء .. في الحقيقة لا أذكر من أين أحضرته وهو جرو .. لكنه أصبح معروفا في الحي ومألوفا لدى الجيران وبما أن موقع بيتنا كان مميزا في زواية مطلة على محطة مواصلات مكتظة بالمارة .. في بدايته كان يجتهد وينبح في كل غريب قادم ناحية المحطة . ثم أكتشف أن الحكاية ليس لها نهاية ( وما جايبة همهما) اصبح يصنف المارة فلا ينبح إلا على حملة العكاكيز أو الأسلحة البيضاء.. بعد أن أعود من المدرسة يتحول الى رفيقي الخاص للدكان أو الفرن بالعجلة أو راجلا .. ثم العصر نقضيه لعب وجري .. زوج البط فرخ عشرة أفرخ أكتسبت لونا أصفرا ذهبيا جميلا .. وأصبحت تغدو رائحة وذاهبة في مسيرة مهيبة فخورة ببنيها .أكيد أثارت حنق وحسد الديك ودجاجاته .. عملت للبطات حوض سباحة في الحوش ليكتمل المنظر الجميل . حدث تغيير في مثيرة الكلب وبرنامجنا العصري . خرجت بعد الغداء .. وفي زاوية البيت تفاجأت لأول مرة بوقوف صبية صغيرة لم تتجاوز الخامسة عشرة بكثير .. ترتدي لبس رياضة الكراتيه ناصع البياض وتحزم وسطها بالحزام المعروف .. أنا وكلبي أنبهرنا بجمالها .. أما هو الخبيث سبقني بهز زيله والتملق لها .. نادته بطرقعة أصابعها جرى نحوها ( وباعني دون تردد ) أصبحت تلاعبه وتضحك ببرآءة ترفع يدها لفوق وهو يتشابى لها .. تكاد تسمع صوت قهقهاته ..أما أنا أكتفيت بالوقوف أمام الباب والمشاهدة فقط كأني على حلقة ( سيرك) أضحك لضحكهما وعادتني السعادة .. بعد قليل حضر البص ركبت ملوحة لا أدري له أم لي .. في اليوم التالي بعد الغداء مباشرة كنا أنا والكلب نتزاحم على عتبة الباب نترقب حضورها .. وفعلا من لفة الشارع المقابل طلت .. تملأ بأبتسامتها المكان نورا .. ( بن الكلبة ) لم ينتظرها تصل جرى نحوها يستقبلها يهز في زيله وهي كذلك حضرت معه من هناك تجري وتضحك وهو يجري خلفها وينطط _ (ويتعاور) . حتى وصلت زواية البيت ليبدأ مهرجان اللعب من جديد . إما أنا فكنت أنا مكتفيا بالتفرج مستعرضا بياض أسناني بلا طائل . نعود للبط كبرت البطيطات الصغيرات وبدأ يحل اللون الأبيض محل الأصفر في ريشها . رجعة صغيرة . كان عندنا جار وهو عسكري بالمعاش .. له هوايتين متناقضتين تماما .. الهواية الأولى هو أيضا كان مولعا بتربية الكلاب .. لكن كلابه ليست كلاب عادية لا أدري من أين يحضرها .. ضخمة وجميلة ومرعبة ..أما الهواية النقيضة ( ربما تكون في خيالي أنا فقط ) هي قتل الكلاب .. بما أنه عسكري كانت له بندقية . وخصص نفسه في قتل كلاب الحي التي يرى أن بها أعراض سعر .. وأعراض السعر هذه كان هو من يحددها .. فقط يطرق الباب على أهل الكلب .. والله يا حاج فلان كلبكم دا أحسن تقتلوه .. ليه يا ياعم .. عنده أعراض سعر .. طوالي أقتله ,,يحضر بندقيته ويمنح الكلب طلقة في أم رأسه فيرديه قتيلا ويذهب غرير العين مرتاح البال . بالنسبة لكلبي يامى تحرش به وبقدر ما حاجج الوالد الا أنا وقفت له بالمرصاد حاميا ومدافعا بكل ما أملك من قوة . وأستمر برنامج العصريات مع ذهاب المدرسة والكلب الظاهر غرق ( على قول المصريين لشوشته) في حب الحسناء الصغيرة ,,وأصبح ينتظرها في زاوية البيت حتى يوم الجمعة وهو يوم غيابها .. أناديه يصر ألا يبارح المكان حتى تأتي .. بعدها شكى لي ناس البيت أن عدد البطات بدأ يتناقص ..أنزعجت ورحت عديتهم وفعلا أكتشفت نقص فرختين جن جنوني ..ولم نعرف السبب حتى لم نعثر على الجثث .. ظنيتها سرقت .. قفلنا الأبواب وشددنا الحراسة .ورغما عن ذلك أستمر النقص في يوم ما أصبت بالملاريا وغبت من المدرسة بينما أنا نائم بالصالة سمعت ضجيج البطة الثكلى ,, خرجت مفزوعا أكتشفت أن الكلب خطف إحدى الفرخات وقفز بها السور . فتحت الباب وتبعته من بعيد .. جرى مسافة بعيدة .. لا زلت أتبعة وأنا ارتجف من الغضب .. وصل الى مكب النفايات .أزهق روحها هناك تناولها كلها وترك ريشها وعاد كأن شئ لم يكن ..هذا الكلب أبن الكل أتضح أنه يفطر ببطة كاملة ولا أجعص عمدة في دوار . أنا من الغضب لم أذهب الى البيت .. بل ذهب مباشرة الى عمنا قاتل الكلاب .. وبلغته بأن كلبي يستحق إحدى رصاصاته فعلا ..ما أعظم الخيانة عندما تكون من المخول به الحراسة والحماية .. عمنا ما صدق كأنها لحظة ينتظرها على أحر من الجمر .لم يجادلني أو يحاولني أن أتراجع . دخل الى بيته وأحضر البندقية ..ربما خاف أن أغير رأيي .. عدت الى البيت ناديت الكلب تبعني الى ذات مكب النفايات .. رغم أنه شاهد بمعيتي قاتل الكلاب . ورغما عن أنه كان أكثر شخص يكرهه في الدنيا وينبح بمجرد سماع صوته إلا أنه لم يقاوم كأنه أقر بجرمه . ذهب معنا .. وطلب مني قاتل الكلاب أن أوقفه في تل النفايات .. وقف الكلب مستسلما .. صراحة آخر نظراته لي كانت تحس فيها الحزن والندم .. كادت تطفر من عيني دمعات ..كأنه يقول لو كان هذا حكمك فأنا راضي به .. قاتل الكلاب لم يرد أن يدوم هذا المشهد طويلا فأتأثر أنا وربما غيرت رأيي تعجل و وضع البندقية على رأسه مباشرة وأطلق طلقته .. ليسقط أرضا متكوما في ذات المكان الذي أذهق فيه أرواح المسكينات .. عدت الى البيت بمشاعر متابينة بين الحزن والرضا ..أبلغت ناس البيت بالقصة مجتمعة . وكذلك شاركوني بالمشاعر المتباينة .. وأراء متباينة أيضا ..( ما كان تقتله .. ويا حليله .. ) كلها عواطف لن تغير شيئا .. والعدل لازم يأخذ مجراه .. في العصر خرجت وقفت وقفتي المعتادة . حضرت الحسناء الصغيرة بذات ابتسامتها .. متوقعاه أن يخرج عليها في أي لحظة .. قرأت سؤالها الصامت عنه في عينيها .. ربما وجدت الأجابة في نظراتي الحزينة .. ركبت الحافلة ولازالت تنظر متسائلة عبر النافذة .. عساه ان يأتي . لكنه ذهب بعيدا حيث لن يأتي أبدا .
| |
|
|
|
|