|
أنسنة الخطاب الديني -راي لخريف بن أسلام المغربي
|
09:09 PM June, 25 2017 سودانيز اون لاين زهير عثمان حمد-السودان الخرطوم مكتبتى رابط مختصر مازلت مؤمنا بأن إصلاح الخطاب الديني هو المدخل الضروري لإصلاح الأوضاع العامة لمجتمعاتنا العربية والإسلامية, و طبقا لإعلان باريس ـ أغسطس 2003 ـ فإن تجديد الخطاب الديني ضرورة ملحة لعبور الفجوة بين العالم العربي والإسلامي والعالم المتقدم وعامل رئيسي في تجديد الحياة السياسية و الاجتماعية في العالم العربي, هذا الخطاب السائد عبر 3 عقود هو إنتاج ما سمي بـ (الصحوة الدينية) التي صعدت علي أكتاف خطباء تيار الإسلام السياسي عقب إفلاس وانحسار طروحات التيارين: القومي واليساري, وهو يعاني اليوم وضعا مأزوما وقد أصبح عاملا معوقا لنهضة مجتمعاتنا, لقد فشل هذا الخطاب في تقديم خطاب حضاري و متصالح مع العالم ومع مجتمعاته ومع نفسه كما فشل في حماية مجتمعاتنا من أمراض التطرف والغلو وأخفق في تحصين الشباب من آفات الفكر الإرهابي, وحمل الخطاب الإسلامي المهاجر إلي ديار الغرب آفات المجتمعات الإسلامية معه فزاد المسلمين رهقا و استغله اليمين المتطرف ليزداد إلي الإسلام والمسلمين إساءة. لقد شقي المسلمون هناك بهذا الخطاب إذ عوق تآلفهم وأخرج من بين أظهرهم من أساء إلي المسلمين و العالم, لقد أورد هذا الخطاب شباب المسلمين المهالك إذ حبب إليهم الانتحار و سماه (أسمي أنواع الجهاد) وحولهم قنابل بشرية طائرة وأدمغة مفخخة وأحزمة ناسفة وجعلهم (مشاريع للشهادة) طبقا لضياء الموسوي. فأصبحت أمة الإسلام تقتل بعضها بعضا, كما يقول د. عائض القرني (انظر إلي خارطة العالم فسوف تجد أن القتل والتدمير والتفجير في الدول الإسلامية, سفك للدماء وإزهاق للأرواح و نسف للبنية التحتية وتخريب للعمار وفئات يكفر بعضها بعضا وفتاوي طائشة تستحل دم المسلم وتخرجه من الملة وتحرم عليه الجنة, ماذا أصاب أمة الإسلام؟!) لقد أصبح المسلمون بعد أن كانوا أمة تدعو إلي الخير والتسامح, أمة يتوجس العالم منها, صاروا مصدر رعب لمطارات العالم بعد أن أفلح النيجيري ـ القنبلة الطائرة ـ في اختراق الحواجز الأمنية, لقد أخفق الخطاب في تصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام وتحول إلي عامل تأزيم و فرقة بين المسلمين ومصدر تهديد للوحدة الوطنية, أصبح الخطاب الديني السائد عبر المنابر الدينية والفضائية والإلكترونية خطاب تعبئة وشحن وتجييش وتحريض علي الكراهية وتكريس الانقسام بسبب (التسييس) الضار الذي ابتلي به الخطاب الديني منذ بزوغ نجم دعاة الإسلام السياسي, أصبح (التسييس) هو الزاد اليومي الذي يغذي الصراعات السياسية و النزاعات المذهبية, (التسييس) الآفة الكبري الحاكمة لدنيا العرب وقد طالت بيوت الله فاستغلت منابرها في غير أهدافها المشروعة, وعندنا نموذجان بارزان لهذا (التسييس) الضار, الأول: داعية شاب من شباب الصحوة آتاه الله بلاغة وحضورا وجاذبية فأصبح له أنصار ومعجبون وصار صديقا للفضائيات, اعتلي منبر الجمعة وكال الاتهامات لإخواننا الشيعة وعرض بمرجعهم الديني ـ الحكيم السيستاني ـ وما كان رسول الله ـ صلي الله عليه و سلم ـ شتاما ولا داعية فرقة فلماذا يتخذ منبره فيما يناقض سنته وهديه ؟! ولماذا إشغال المصلين بقضايا سياسية خلافية؟ ولماذا استباحة عرض المسلم وانتهاك قدسية المسجد؟ وبأي حق يحول الداعية منبر المسلمين إلي منبره الخاص؟! النموذج الثاني: نجم بارز من نجوم الإسلام السياسي له مريدون كثر عبر الساحة, يصفونه بـ (فقيه الصحوة) حول منبر الجمعة الديني إلي منبر سياسي أسبوعي خاص لبث آرائه و توجهاته السياسية الخاصة. يري أن من حقه أن يتدخل في شئون الدول الأخري فيصدر ( الفتاوي السياسية) تبعا لمواقفه من تلك الدول, لا يتورع عن الانحياز لطرف سياسي ضد آخر, بالأمس وفي حياة الرئيس الفلسطيني عرفات ـ رحمه الله ـ طالبه من فوق المنبر بالتنحي عن الرئاسة , واليوم يطالب ومن فوق المنبر برجم خلفه (عباس) حتي الموت بمكة بسبب تقرير (جولدستون), منابر بيوت الله التي يجب أن تصان عن الخلافات السياسية والصراعات المذهبية, يجب أن ننزه منابر بيوت الله عن اللغو السياسي ولا ينبغي اتخاذها منبرا لتصفية الحسابات السياسية والشخصية ولا وسيلة لبث الفرقة بين المسلمين, نحن مع (التسييس) النافع الذي يؤلف بين المسلمين ويجمع أمرهم و يصلح ذات بينهم ويبصرهم بالأخطار والتحديات من حولهم ويعزز المشترك الديني والوطني والإنساني بينهم, نحن مع (التسييس) الذي يتجاوز الخلافات السياسية والمذهبية ويدفع المسلمين إلي المزيد من العطاء والإنتاج و التفاعل مع العالم, نحن مع هذا الخطاب الذي ينتصر لكرامة الإنسان ويدافع عن حقوقه وحرياته ولا نريد أن تتحول مساجدنا إلي ساحة للصراعات السياسية الضيقة كما هي الحال في مساجد غزة وإيران.
|
|
|
|
|
|