كثر الكلام عن الازمة السودانية المصرية والتوتر الذى شاب العلاقات وموجة المد والجذر التى ظلت تكتنف المسألة ، وفى كل مرحلة تتصاعد فيها التصريحات من أحدى العاصمتين ضد الاخرى كان هناك من يسعون الى لعب دور التهدئة والتاكيد على ان العلاقة بين الشعبين اكبر من ان تفت فى عضدها خلافات آنية ، لكن شكل الاعلان الحكومى الرسمى عن تورط مصر فى الاعتداءات على دارفور ضمن الهجوم الذى نفذته قوات منو اركو مناوى منطلقة من ليبيا وبرعاية مباشرة من قوات الجنرال خليفة حفتر الحليف الاستراتيجى للقاهرة اقول جاء الاعلان الرسمى ليقطع – ولو مؤقتا – سبل التهدئة والتقارب بين الشعبين الشقيقين مما يعود بالضرر على الجانبين والمنطقة ككل الاعلان الحكومى عن تورط مصر فى الهجوم على دارفور جاء متدرجا اذ اعلنت عنه ابتداء أخبار الميدان والجهات العسكرية والتزمت القاهرة الصمت باعتبار ان المسالة لم تصدر من جهة رسمية فى السودان ، لكن بعد يومين يتحدث عن الامر السيد امين حسن عمر مسؤول ملف دارفور فى الحكومة السودانية وهذا يعتبر اتهاما حكوميا رسميا ومع ذلك لم تقل القاهرة شيئا ، ثم خرج السيد نائب الرئيس الاستاذ حسبو فى نيالا مهاجما الدول المتورطة تلميحا ولم يصرح باسم مصر ولكن كل من استمع اليه او قرأ كلماته يعلم انه كان يقصد الجارين فى الجنوب والشمال ، وتمثلت قمة التصعيد ووضع النقاط بشكل واضح على الحروف فى حديث السيد رئيس الجمهورية بصراحة ووضوح عن الدور المصرى القذر فى المسالة ، وقال الرئيس ان القاهرة طوال تاريحها لم تقدم عونا للشعب السودانى وجيشه يحارب التمرد فى الجنوب قبل الانفصال بحجة ان هذا شأن داخلى ولن تتدخل فيه ولكنها الان تدعم المتمردين بالآليات والمصفحات والقطع العسكرية ، وتساءل البشير متهكما اين ادعاءهم انهم لايتدخلون فى الشأن الداخلى للدول ؟ وقال هل قضية دارفور جزء من صراع بيننا وبين المصرين ام انها ليست شانا داخليا سودانيا ؟ ويعتبر كلام السيد رئيس الجمهورية نهاية المراحل فى التصعيد ضد مصر باعتبار انه صادر من اعلى موقع فى البلد وليس هناك جهة يمكن ان تستدرك عليه وتفاعل السودانيون بمختلف مواقعهم مع الحدث ، فمن بين داع الى قطع العلاقة مع القاهرة وطرد السفير ، الى المنادين باستدعاء السفير المصرى فى الخرطوم وابلاغه الاحتجاج على ماجرى ، وقد حملت اخبار الاربعاء ان اتجاها برز فى الخارجية لاستدعاء سفير مصر ، وهناك من نادى بسحب سفيرنا فى القاهرة وتخفيض التمثيل الدوبلوماسى واجبار مصر على اتخاذ نفس الخطوة ، ومن بين كل هؤلاء هناك قلة نادت باهمية التريث والدخول فى محادثات صريحة مع مصر الرسمية مع الابقاء على سبل التواصل قائمة والفصل بين خلافات الحكومات وعلاقات الشعوب ، ولكن فى ظل هذا التصاعد الحاد فى الموقف الشعبى المعادى لمصر تكون اصوات المنادين بالتهدئة والعلاج العقلانى خافتة فى وسط الضجيج العالى ضد مصر والمصريين من جهة اخرى لم يراع الكثير من الاعلاميين المصريين ضرورة عدم الاستمرار فى استفزاز السودانينن ولم يوقفوا الاساءات المتعمدة للسودان واهله مما يزيد من ابواب التصعيد والتعبئة ضد السودان الشيئ الذى سيعود سلبا بشكل مؤكد على الشعبين الشقيقين والمؤسف ان الكثير من المصريين لا ياهبون لاصلاح الحال بين البلدين مصر الرسمية نفت أى تورط لها فى الشان الداخلى السوانى ، وقال مسؤول رفيع فى الخارجية المصرية ان هذا الكلام عار عن الصحة ودعى الى التهدئة والعمل على علاج الملفات المختلف عنها بعيدا عن الاعلام ، وهذا ما ظل السودان ينادى به ويرى ان المصريين لا يقيمون له اعتبارا وان دعوتهم له الان ليست الا ذرا للرماد فى العيون ، ولم تكتف مصر بهذا النفى والتوضيح وانما راى الرئيس السيسى ان يدخل على الخط ردا على كلام الرئيس البشير فاستنكر بشكل اساسى اتهام بلاده بالمشاركة فى الهجوم على دارفور وقال انه كلام ليس له اساس من الصحة وتمنى ان يعمد السودان الى معالجة قضاياه بعيدا عن اتهام مصر ان اللغة الحادة فى كلام الرئيسين البشير والسيسى قد ذهب بعيدا بالازمة ولم يترك مجالا – على الاقل فى الوقت الراهن – الى امكانية الحل الهادئ مما يشى بدخول الازمة بين الجارين الشقيقين نفقا مظلما لاندرى متى يسطع فيه ضوء ولو خافت يجعل الكل يتلمس خطاه دون تعثر الى ان يخرجوا الى بر الامان
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة