(حزبنا أقوى حزب في أفريقيا).. هذا ما قاله المهندس إبراهيم محمود حامد نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني في لقاء سياسي بمدينة الأبيض، أمس الأول..
وبالطبع- في معرض الزهو الجماهيري لا يشترط في التباهي إثبات.. لكن لأنني سمعت هذه العبارة أكثر من مرة على ألسن مسؤولين كبار في أماكن وأوقات مختلفة، فيبدو أنها قناعة لدى قادة حزب المؤتمر الوطني أنهم الأقوى أفريقيا وربما دولياً.. وفي هذه الحالة يجدر السؤال عن (مقياس) القوة هنا.
هل بالوزن العددي للعضوية؟، أم بالمال؟، أم بالسلطة؟، أم كل الخيارات مجتمعة صحيحة؟.
بكل يقين هذه المقاييس (وهمية) في مقام احتكار السلطة المزمن، عندما يكون الحزب والحكومة في وضع (اندغام) يجعل (الحالة واحدة).. إذ يصبح العاملون في الخدمة المدنية– تلقائيا- في زمرة عضوية الحزب، يساقون إلى المسيرات الجماهيرية بأمر الخشية من إملاق بفقدان الوظيفة.
ويصبح (الجيب واحد).. حيث يدار الحزب بالمال العام جهاراً نهاراً.. فيتطاول في البنيان والشركات والسيارات والامتيازات الأخرى.
وحتى لا يعوّل حزب المؤتمر الوطني كثيراً على (وَهَم) أقوى حزب في أفريقيا.. فلينظر إلى حزب– كان- قوياً يملأ قرص الشمس.. هو الحزب الوطني الديموقراطي في جارتنا مصر.. مقره الرئيسي ناطحة سحاب في أثمن موقع في القاهرة.. مكتنز بالعضوية والمال والسلطة وبالعلاقات الخارجية بأكثر مما لدى حزب المؤتمر الوطني.. ومع ذلك في لحظة الحقيقة ذاب كما يذوب قرص (الآيسكريم) في لفح الشمس.. في بضع ساعات من يوم واحد.
تلك معايير قوة وهمية.. (استرهاب) للناس تماما كما فعل سحرة موسى ( فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ...) مجرد استرهاب بالإيهام لا بالحقيقة..
مقاييس القوة الحقيقية لأي حزب هي في مكونه الأخلاقي المرتبط بـ (رشد) الممارسة.. ودعني هنا أحاكم حزب المؤتمر الوطني بمبدأ أخلاقي واحد فقط لا غير.. هو (الشفافية)!.
حسب قانون الأحزاب.. وهو- بالطبع- قانون صُنع بيد الحزب الحاكم.. يجب على كل حزب أن يودع ميزانية مراجعة ومعتمدة لدى مسجل الأحزاب.. فهل منذ خلق الله حزب المؤتمر الوطني أودع أية ميزانية؟.
لا أحد– حتى عضوية الحزب وربما كبار قادته- يعلم من أين يأتي المال وفيما ينفق.. طالما ليس في الإمكان أن تتوفر ميزانية معتمدة ومودعة لدى مسجل الأحزاب.. فإذا كان- وهو الحزب الحاكم- غير قادر على الانصياع للقانون الذي كتبه بيده.. فبأي معيار آخر يمكن قياس (القوة) الحقيقية للحزب؟، هل بتصريحات قادة الوطني من مثل ما قاله إبراهيم محمود في الأبيض؟.
قوة أي حزب سياسي بمقياس رشد الممارسة السياسية، وترتفع أهمية هذا المعيار عندما يكون في مقام (الحزب الحاكم المتحكم).. وتزداد أكثر عندما يحتكر حالة كونه حاكماً متحكماً لنحو (28) سنة متصلة.. فما هي المسافة الفاصلة بين حزب المؤتمر الوطني و(رُشد الممارسة السياسية)؟.
بالسنوات الضوئية!
لو استمر الوطني في إغماءة (أقوى حزب) هذه.. فسيفيق في محطة (الآن فهمت)!.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة