|
راي الداعشي الجزولي- في أمرفتوي *المدين المعسر لا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر
|
08:54 PM March, 14 2017 سودانيز اون لاين زهير عثمان حمد-السودان الخرطوم مكتبتى رابط مختصر المدين المعسر غير آثم ولا عقوبة عليه في الدنيا والآخرة ويحرم حبسه عجبت لفتوى منسوبة إلى د. ابراهيم عبدالرحمن ابراهيم في ندوة بجامعة النيلين عن المادة سيئة الذكر ( يبقى إلى حين السداد ) وقد ذكر أن المدين المعسر لا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين ضمن تأييده لحبسه ولي مع هذه الفتوى عدة وقفات : 1/ لقد فرقت الشريعة الاسلامية بين المدين المعسر الذي أصابته جائحة أو مصيبة جعلته عاجزا عن الوفاء بدينه والمدين المطل الذي له قدرة على السداد لكنه يماطل الدائن والنص الذي جرم المدين قيده بالغني عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( مطل الغني ظلم ) رواه مسلم في صحيحه . 2/ المدين المعسر الذي عجز عن سداد دينه لقدر لحق بتجارته لا لسوء إدارة ولا تبديد لا إثم عليه ومن ثم فلا عقوبة عليه في الدنيا والآخرة إذ لا عقوبة إلا على ذنب ولا ذنب إلا لمتعمد للجناية قاصد لتضييع الحقوق . 3/ إن الاعسار الذي يلحق بالتجارات والصناعات والانتاج من زراعة أو رعي أو خدمات سببه أزمة سياسات إقتصادية لا أزمة ذمم ماليه فالنشاط التجاري في ظل اقتصاد مضطرب وأمواج من التضخم متلاطم يغرق السباح الماهر دعك من الناشط الاقتصادي الصغير . 4/ إن المعالجة الحقيقية لظاهرة الاعسار وما لحق بالأسر من ضيم وظلم وتشريد وضياع جراء مادة ظالمة جائرة تقضي برمي كل مدين في الحبس إلى حين السداد حتى تمزقت الأسر وفسدت الاخلاق وضاعت المروءة إن علاج ذلك لا يكون بتشديد العقوبة على المدين المعسر وإنما يكمن في كبح جماح الجشع الحكومي الذي جعل من الحكومة شريكا في كل نشاط اقتصادي شريكا يأخذ ما يزيد عن ثلثي الربح فالحكومة تأخذ على البضاعة ضريبة عند استيرادها وتأخذ عليها ضريبة ولائية عند انتقالها من ولاية إلى ولاية وتأخذ عليها ضريبة عند استصدار التراخيص ببيعها واطلاق هذا النشاط أو ذاك وتأخذ عليها ضريبة وهي في رفوفها عوائد ونفايات وتأخذ عليها ضريبة عند بيعها وتلاحق العمال والموظفين في هذا النشاط فتأخذ ضريبة على رواتبهم إن الحكومة تربح أكثر من المنتج للسلعة في الصين وأكثر من المستورد لها وأكثر من شركات الشحن وأكثر من تجار الجملة وأكثر من تجار القطاعي فكيف يمكن لنشاط إقتصادي تحيط به هذه العقابيل المرهقة المهلكة الفاسدة أن يحقق أرباحا تمكن المدين من سداد دينه إم المرمين في السجون بسبب الاعسار أخذت الحكومة حقها مقدما ثم طالبتهم بسداد حقوق الدائنين وإلا رمت بهم في السجون هذا هو المشهد المؤلم وهذه هي الصورة المحزنة وهذا هو الداء العضال الذي عجز نظار الاقتصاد في علاجه أو تجاهلوا بحثه والنظر في كبح جماحه . 5/ لم أجد نصا في القرآن والسنة يخاطب المدين المعسر بل النصوص تخاطب الدائنين قال تعالى ( وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُون) سورة البقرة، آية 280. قال ابن رشد ( لأنّ المطالبة بالدّين إنّما تجب مع القدرة على الأداء, فإذا ثبت الإعسار فلا سبيل إلى المطالبة, ولا إلى الحبس بالدّين, لأنّ الخطاب مرتفع عنه إلى أن يوسر) ويبين الامام الشافعي رحمه الله تعالى أن المدين المعسر غير ظالم وأنه غير مؤاخذ ( لو جازت مؤاخذته لكان ظالماً, والفرض أنّه ليس بظالم لعجزه) , وذهب الام أبوبكر بن العربيّ المالكي إلى أن الظالم هو الدائن إن حبس المدين المعسر ( إذا لم يكن المديان غنياً, فمطله عدل, وينقلب الحال على الغريم, فتكون مطالبته ظلماً, لأنّ اللّه تعالى قال: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}.) فلا تكليف في الاسلام إلا بالاستطاعة ولا إثم إلا من عامد للمعصية فالمدين المعسر قد بذل وسعه وسعى جاهدا لسداد دينه لكن العسر أحاط به والخسارة لحقت بتجارته بفعل التضخم والجبايات المرهقة واضطراب السوق وتذبذب العملة ولم تكن لديه حيلة في دفع ذلك فهو غير آثم في الآخرة ولا مجرم في الدنيا ولما كان غير مجرم فلا عقوبة إلا لمجرم فكيف يعاقب بالحبس ولا جريمة ؟! . 6/ إن مذاهب الفقهاء ماضية في تقرير هذه الحقيقة وتفريقها بين المدين المعسر والمدين المماطل الاحناف : البحر الرائق 8/ 59 (قال أبو يوسف ومحمد إذا فلسه الحاكم حال بينه وبين غرمائه إلا أن يقيموا البينة أن له مالا لقوله تعالى { , وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة } وقد ثبت عسرته فوجب انتظاره) المالكية : المنتقى شرح الموطأ 5/82 ( وأما من ثبت فلسه , وعلم عدمه فروى ابن وهب عن مالك في كتاب ابن حبيب لا يحبس إن كان معسرا , ولا شيء له , وفي كتاب ابن المواز إن علم أنه لا شيء له فلا يحبس حر ولا عبد ووجه ذلك قول الله تعالى " وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة " .) الشافعية : كتاب الأم للإمام الشافعي 3/208 ( قال الله - تبارك وتعالى - { وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة } , وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم { مطل الغني ظلم } فلم يجعل على ذي دين سبيلا في العسرة حتى تكون الميسرة , ولم يجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مطله ظلما إلا بالغنى فإذا كان معسرا فهو ليس ممن عليه سبيل إلا أن يوسر , وإذا لم يكن عليه سبيل فلا سبيل على إجارته ; لأن إجارته عمل بدنه , وإذا لم يكن على بدنه سبيل , وإنما السبيل على ماله لم يكن إلى استعماله سبيل , وكذلك لا يحبس ; لأنه لا سبيل عليه في حاله هذه ) . الحنابلة : وفي المغني لابن قدامة 5/191 في المدين المعسر ( قال ابن المنذر: الحبس عقوبة , ولا نعلم له ذنبا يعاقب به . والأصل عدم ماله) المدرسة النصية : المحلى للامام ابن حزم مسألة رقم 1276 (عن أبي سعيد الخدري قال : { أصيب رجل في ثمار ابتاعها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فكثر دينه , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تصدقوا عليه ؟ فتصدق الناس عليه , فلم يبلغ ذلك وفاء دينه , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لغرمائه خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك } . فهذا نص جلي على أن ليس لهم شيء غير ما وجدوا له , وأنه ليس لهم حبسه , وأن ما وجد من ماله للغرماء , وهذا هو الحق الذي لا يحل سواه) 7/ إن مسؤولية المدين المعسر تجاه الدائنين تنتقل منه إلى الدولة والمجتمع وقد جعل الله للمدينين سهما في الزكاة ونص على أنهم مصرف من مصارفها فواجب على الامة والدولة قضاء الدين عنهم واخراج نصيبهم وهو حق واجب السداد ومصرف واجب الاخراج ومن أعظم صور التكافل في المجتمع المسلم قضاء دين المعسرين وكنت قد اقترحت إقامة صندوق تأمين تكافلي تقضى منه ديون المعسرين مثله مثل الصندوق التكافلي لتأمين السيارات الذي تجبر منه الاضرار الناجمة من حوادث السير وأن حمل المدين وثيقة بتأمين دينه تمنه حبسه كما تمنع وثيقة تأمين السيارة حبس السائق . 8/ لقد جاءت نصوص الشريعة تحض المجتمع والدائنين على تفريج كرب المعسرين 1. أن يظله الله بظل عرشه، عن أبي اليسر، صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أحب أن يظله الله في ظله، فلينظر معسرا، أو ليضع عنه" صحيح الترغيب والترهيب، 1/ 222. 2. أن يتجاوز الله عنه، عن حذيفة رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " تلقت الملائكة روح رجل ممن كان قبلكم، قالوا: أعملت من الخير شيئا؟ قال: كنت آمر فتياني أن ينظروا ويتجاوزوا عن الموسر، قال: قال: فتجاوزوا عنه " صحيح البخاري، كتاب البيوع، باب من أنظر معسراً، 3/ 58، رقم الحديث: 2077 . 3. أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة، عن عبد الله بن أبي قتادة، أن أبا قتادة، طلب غريما له، فتوارى عنه ثم وجده، فقال: إني معسر، فقال: آلله؟ قال: آلله؟ قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: "من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة، فلينفس عن معسر، أو يضع عنه" صحيح مسلم، كتاب المساقاة، باب فضل إنظار المعسر، 3/ 1196 . 4. أنه يؤجر على كل يوم ينظر فيه المدين، عن بريدة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من أنظر معسرا فله بكل يوم مثله صدقة "، قال: ثم سمعته يقول: " من أنظر معسرا فله بكل يوم مثليه صدقة "، قلت: سمعتك يا رسول الله تقول: " من أنظر معسرا فله بكل يوم مثله صدقة "، ثم سمعتك تقول: " من أنظر معسرا فله بكل يوم مثليه صدقة "، قال له: " بكل يوم صدقة قبل أن يحل الدين، فإذا حل الدين فأنظره فله بكل يوم مثليه صدقة " صحيح الترغيب والترهيب، 1/ 221. . 9/ القول بعدم الصلاة على المدين المعسر (وكمان ) عدم دفنه في مقابر المسلمين شطحة كبرى لم يسبق إليها قائلها ذلك لأن النبي عليه الصلاة والسلام الذي لم يكن يصلي على من مات مدينا كان يوجه الصحابة بالصلاة عليه فلم يحرم عليهم الصلاة عليه مع امتناعه هو عن الصلاة وهذا الحكم رغم أنه منسوخ كما سيأتي بيانه فقد كان خاصا بالرسول عليه الصلاة والسلام فانظر إلى هذا الحديث وتدبره جاء في صحيح البخاري عن سلمة بن الأكوع (أن النبي صلى الله عليه وسلم أُتي بجنازة ليصلي عليها , فقال : هل عليه من دين ؟ قالوا : لا , فصلى عليها . ثم أُتي بجنازة أخرى , فقال : هل عليه من دين ؟ قالوا : نعم . قال : صلوا على صاحبكم . قال أبو قتادة : عليَّ دينه يا رسول الله , فصلى عليه ) .فقوله عليه الصلاة والسلام ( صلوا على صاحبكم ) أمر بالصلاة عليه فمن أين فهم مطلق هذه الفتوى حرمة الصلاة عليه ومن أين فهم أنه لا يدفن في مقابر المسلمين أما أنه حكم قد نسخ حتى صار رسول الله وهو الامام يتولى قضاء دين كل من مات من المسلمين وهو مدين في رواية الامام الترمذي في سننه عن أبي هريرة(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالرجل المتوفى عليه الدين فيقول: هل ترك لدينه من قضاء، فإن حدث أنه ترك وفاء صلى عليه، وإلا قال للمسلمين: صلوا على صاحبكم. فلما فتح الله عليه الفتوح قام فقال: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفي من المسلمين فترك ديناً علي قضاؤه، ومن ترك مالاً فهو لورثته) صححه الشيخ الالباني رحمه الله تعالى وجاء في تحفة الأحوذي عند شرح الحديث( : قال المنذري في الترغيب: قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يصلي على المدين ثم نسخ ذلك وذكر هذا الحديث) . انتهى. 10/ خلاصة هذا التعليق : 1/ أن المدين المعسر غير مذنب ومن ثم فلا عقوبة عليه وحرام حبسه . 2/ إن الاعسار والفشل في التجارة الذي يضرب المدينين وغير المدينين سببه السياسات الاقتصادية والتضخم وتذبذب العملة والمكوس الحكومية المرهقة فمعالجة ذلك هو الأولى لا تشديد العقوبة على المعسرين . 3/ عدم الصلاة على من مات مدينا كان خاصا بالنبي عليه الصلاة والسلام مع أمره الصحابة بالصلاة وهو حكم منسوخ إذ كانت آخر الاحكام تولي الدولة قضاء دين المعسرين 4/ مسؤولية المدينين المعسرين تجاه حقوق الدائنين تنتقل إلى الدولة والمجتمع مصرفا من مصارف الزكاة وحثا على التكافل الذي يفرج كرب المعسرين . 5/ الاستفادة من قاعدة التأمين الاسلامي القائم على التبرع في إقامة صندوق لتأمين الدين يمنع من حبس المعسرين ويفتت خطر دين بين المتكافلين في هذا الصندوق . د.محمد علي الجزولي محكم ومدقق شرعي في المعاملات المالية المنسق العام لتيار الأمة الواحدة 14 مارس 2017
|
|
|
|
|
|