دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
Re: ترانيم المعبد .. andquot; قصة andquot; (Re: الطاهر الطاهر)
|
في صالة القدوم بمطار " ليوبولد سيدار سنغور" وقف "ساديوماني" وقد اتخذ موقعا مناسبا يمكنه من رؤية الركاب القادمون عن كثب حاملاُ ورقة كتب عليها بخط اليد اسم " جان دي لافالي " كان هذا الشهر الثاني منذ أن باشر "ساديو ماني" وظيفته كسائق في هذه الشركة الفرنسية . يبدو أن إجادته للفرنسية بطلاقة هو السبب الرئيسي لمستر "براون " مدير الشركة بان يوكل إليه مهمة استقبال السيد جان وعائلته من المطار وأخذهم إلى مقر إقامتهم في تلك المدينة . نظر" ساديو" إلى ساعته وقد أشارت عقاربها إلى تمام الرابعة عصراً، انه وقت وصول طائرة السيد جان كان يعلم أن ستة ساعات تقريباً هو الوقت الذي تأخذه الرحلة من فرنسا إلى موطنه السنغال ، كان "ساديو " شاباً شغوفاً مولعاً بالقراءة والموسيقى ، فمنذ أن تخرج من الجامعة أصبح حلم السفر إلى أوروبا هاجساً يؤرق منامه غير أن ظروفه المادية والفقر المدقع الذي تعيشه عائلته ما اجبره للالتحاق بالعمل في هذه الشركة بوظيفة سائق .! ازدحمت صالة القدوم في هذه اللحظات ، وبدأ بعض الركاب يخرجون من باب الصالة ، يبدو أنها الطائرة القادمة من باريس ، معظم الركاب من ذوي البشرة البيضاء طويلي القامة .! نعم هم الفرنسيون بلا شك ..! بدأت الصالة ترتجف من تأثر الركاب القادمين ، وكانت مجادلات البعض منهم مع موظفي خدمات تسجيل الحقائب والتدقيق الجمركي والمفاوضات مع الحمالين تزيد الجو صخبا . بدا "ساديو" بالتلويح بتلك الورقة التي يحملها ، تارة يرفعها عاليا وتارة يضعها بشكل مقلوب وسرعان ما يدرك ذلك فيعيدها لوضعها الصحيح . مرَت نصف ساعة وبضع دقائق على هذه الحالة حتى بدأ الملل والقلق يسيطران عليه . غير أن الأجواء المحيطة به من مناظر قدوم المسافرين وهم يحملون حقائبهم ، وأصوات أزيز الطائرات جعله يسرح بخياله ..! تذكر "ساديو " عندما كان طفلا صغيرا يلعب في حيه الشعبي ، كانت أمه تأدبه كثيرا ليبتعد من النفايات حيث كان ينقَب عن أغراض سخيفة : معلبات ، خيوط ، قطع بلاستيكيه ، يحولها خيال الطفل إلى العاب فريدة من نوعها .. تذكر يوم أن مرض بالملاريا وكيف تحلقن حوله جاراته في الحي ، البعض منهن أتين بالطلاسم والأسفار كي تخلصه من أياد ساحرة خفيه . تذكر حينها كيف كان يشعر بضربات في صدغه وبرجفة وهلوسة الحمى ، حينها كان يستمع بقلق إلى لائحة الوصفات وطرق استعمال الوصفات العلاجية المكونة من الأعشاب البرية . لم ينسى ابدآ كلمات خالته وهي تطمْن أمه : " هذا الولد الشقي سيتعافى ، ويكبر، ويسافر بعيدا ،ويتزوج ، وينجب أطفال أشقياء مثله " . وبينما كان "ساديو" مجتهدا في تبديد ذكريات الطفولة لم يشعر باقتراب السيد "جان ديلافالي" وأسرته حتى وضع يده في كتفه وخاطبة باللغة الانجليزية قائلا : أنا السيد "جان ديلافالي " .! ارتبك "ساديو" قليلا ولكن سرعان ما استدرك الموقف فرد عليه بلغة فرنسية واضحة : " مرحبا بكم سيد جان وأهلاَ بك أنت وأسرتك الكريمة في بلدكم الثاني ". شعر" جان " بارتياح كبير لسماعه هذه الكلمات باللغة الفرنسية وادر ك أن سائقهم الجديد يجيد لغتهم .! " هذا جيد .. انك تتحدث الفرنسية .! " قال جان متحدثا بالفرنسية . هز "ساديو" رأسه بشيْ من الحياء وأجابه قائلا : " نعم سيدي .. لا تنسى أن " السنغال " كانت مستعمرة من مستعمراتكم .! " قال كلماته هذه وهو يهم بتناول العربة المحملة بالحقائب من يدي السيد "جان دي" ولم ينسى أن يلقي التحية على السيدة " " فيونيكا "..
| |
|
|
|
|
|
|
|