هم الكفر في الإسلام: كيف شبّ مصطلح التكفير (مجموعة من الكتاب وتحرير كَمِلا أدَنْغ، حسن أنصاري، مَرِبِل فيرّو وزابينِ شمدتكِ).
Camilla Adang, Hassan Ansari, Maribel Fierro, Sabine Schmidtke (Eds.) accusations of unbelief in islam, A Diachronic Perspective on Takfir. brill - nl 2015. 534 pp.
كتب الناقد زياد منى هذا الموضوع الخطير يكتسب أهمية متزايدة ليس في العالم الإسلامي فحسب، وإنما أيضاً في أوروبا التي فاق عدد المسلمين المهاجرين إليها العشرين مليوناً. ونظراً إلى تزايد أخطار تمدد الانشقاقات الإسلامية الطائفية والمذهبية في العالم الإسلامي إلى الجماعات الإسلامية في أوروبا، ازدادت حاجة السياسيين وأهل الاختصاص إلى فهم هذه المسألة. على سبيل المثال، في السويد، وصل عدد المسلمين عام 1930 ـــ أي في العام الأخير الذي تم فيه السؤال عن الانتماء الديني لخمسة أفراد ـــ إلى ما يقارب نصف مليون، وهذه أرقام تقديرية. ما أثار موجة فزع هناك قيام أحد الشيوخ الصوماليين بالإعلان عبر الإذاعة الصومالية المحلية بأن عقاب المرتد عن الإسلام هو القتل، ما عنى تحدياً للقوانين المعمول بها، وعُد ذلك في منزلة التحريض على الكراهية، وعقوبتها السجن سنوات طويلة.
أهل الاختصاص المشاركون في هذا المؤلف الموسوعي، عالجوا مجموعة من المصطلحات والتسميات ذات العلاقة منها ــ على سبيل الذكر ــ المنافقون والكفار والزنادقة والفسق والمؤمنون والتقية والشبهة والموانع والشروط والعِلم والقصد والأمة، إضافة إلى موقف الطوائف والجماعات الإسلامية من ذلك، ومنهم السنة والشيعة والاسماعيلية والمعتزلة والمرجئة والقادرية والخوارج، مع توسع في الحديث في السب والبدع والردة والإلحاد. كما تناولت الأبحاث بالبحث المقارن مجموعة من المؤلفات ومنها العائدة لابن عربي والغزالي مثل «فيصل التفرقة» و«كتاب الاقتصاد في الاعتقاد»، وابن تيمية وابن حزم وابن رشد والطهاوي والقرطبي. كما استرشد البحاثة بمجموعة من المؤلفات الحديثة عن المادة ومنها مؤلف «جامع ألفاظ الكفر» من تحرير الكويتي محمد بن عبد الرحمن الخميسي الصادر عام 1999.
استعادة تهم التكفير التي طالت الأدباء والشعراء مع التركيز على أبو نواس
وقد ميز البحاثة بين مختلف تعبيرات الكفر، وفق المفاهيم المختلفة ومنها تكفير عام وتكفير مطلق وكُفر بالقول وكُفر بالاعتقاد، والكفر الأكبر، والكفر الأصغر، وكفر أصلي وكفر طارئ، وغيرها. أما فصول الكتاب، فقد عد كل منها دراسة قائمة بذاتها، وفي الوقت نفسه مكملة لبعضها البعض، فتتناول بالبحث المواد الآتي ذكرها: مبدأ الولاية والبراءة الذي ابتدعه الخوارج في البصرة ومن بعد العباديين في عُمان، والسؤال عما إذا ما عُد قادريو العصر الأموي الذين التزموا مبدأ حرية الاختيار من الكفار. تتوقف فصول الكتاب أيضاً عند مفهوم الزندقة الذي أطلق على المانية ومعاني ذلك في التطور التاريخي، وسير مجموعة من العلماء المسلمين ومؤلفاتهم العائدة إلى الفترة الواقعة بين القرن الثالث عشر والرابع عشر/السابع والثامن هجري. إذ يتضح أن تهمة الكفر حُصرت في تلك الفترة للصليبيين والمغول. كذلك يتطرق أحد الفصول إلى الرد على مؤلف الغزالي «كتاب فضائح الباطنية» الذي تم على يد العلامة الإسماعيلي الفاطمي حميد الدين الكرماني في مؤلفه «كتاب تنبيه الهادي والمستهدي» الذي خصص جزءاً منه لنقد غلاة الشيعة، على ما يرد في هذا المؤلف الموسوعي. تتوالى الأبحاث لتصل إلى مجموعة من القضايا (60 دعوى تكفير) التي رفعت أمام المحاكم الشرعية في مصر وسوريا إبان العصر المملوكي، وإلى حالة الحروفيين وهي مجموعة مسيحية نشطت سياسياً في إيران وأسسها فضل الله أسترعبادي (توفي عام 1394 /796 هـ). هناك أيضاً البحث في جماعة القازدلي التي نشطت في اسطنبول وبقية أجزاء الإمبراطورية العثمانية في عشرينيات القرن السابع عشر وثمانينياته، وقد أخذت إلهامها من محمد بن علي البرجاوي (توفي عام 1573) وقادها قاضيزاده محمد أفندي (توفي عام 1635). هذا بالإضافة إلى البحث في تهم الكفر التي ألقيت على الفيلسوف الصفوي الملا صدرا الشيرازي (توفي عام 1635 ت س/ 1045 هـ) الذي اتهم بأنه من أتباع فكر ابن عربي (1240 ت س/ 638 هـ)، وفي النزاع أو الصراع بين جماعتين إسلاميتين هما السنة وأخوية الشمسية في جزيرة أندروث الواقعة في جنوب غرب الهند. يتوقف الباحثون عند إلقاء تهمة الكفر ليس على فرد أو جماعة، وإنما على دولة، وهو ما يفعله الإسلاميون المتطرفون بخصوص المملكة السعودية، وعند إلقاء تهمة الكفر ليس على جماعة وإنما على نظام محدد هو الديمقراطية، أي دكتاتورية رأس المال تعددية المظهر (التعريف منا). يتوسع الكتاب الموسوعي ليطال تهم الكفر المختلفة التي وجهت إلى ثلاث نساء هن: توجان الفيصل ونوال السعداوي وليلى العثمان، وتلك التي ألقيت في خارج العالم الإسلامي، وفي السويد تحديداً التي أشرنا إليها آنفاً. يطال الكتاب جوانب وفرقاً مختلفة من الإسلام، منها البحث في أعمال الإمام الشيعي علي بن موسى الرضا (توفي عام 818 ت س/ 203 هـ)، ومناقشة أعمال بعض العلامة المسلمين من الشيعة المتعلقة ببعض الممارسات ومنها «ترك الصلاة»، إلى جانب «حقوق العِباد» و«حقوق الله» وفي بعض المفاهيم الحنفية. يستعيد المؤلف تهم التكفير التي طالت مؤلفي بعض الأعمال الأدبية والشعراء مع التركيز على اتهام الشاعر العباسي أبو نواس (توفي عام 813/ 198 هـ)، قبل أن يبحث في الفكر المضاد للتكفير الذي مثلته مجموعة من المفكرين والجماعات منهم ابن العربي وإخوان الصفا.
غلاف الكتاب بالفرنسية http://www.up-00.com/"http://www.up-00.com/"
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة