زملينا وصديقنا الراحال الصومالي أحمد عمر كم فجعنا بخبر وفاته بعد التخرج عليه من الله ما يستحق من رحمة .. شخص لطيف وحبوب زاملنا في الجامعة من السنة الأولى وكان شغوفا باللغة العربية رغم أن الدراسة كانت باللغة الانجليزية البحتة في كل المواد وهو كانت لغته الانجليزية ممتازة .. مرات يدخل في حوار مباشر مع المحاضر يخرجنا من اللعبة خالص .. ونحن نحمل لغتنا الإنجليزية من المدارس الثانوية .. عانينا في السنين الأولى قبل أن تتساوى الكتوف وأستطعنا المواصلة بعدها . لكن أحمد ومن دون الطلاب الصوماليين تركهم والتصق بنا .. نزهب الى السوق والسينما مع بعض ونتعشى خارج الداخلية وفي الأجازة سافر معنا الى مدينتنا كسلا .. دعوناه لأنه أصلا مضطر أن يقضي الاجازة في الداخلية بعد أن اشتعلت الحرب في بلاده .. تلك الحرب اللعينة التي لازالت عالقة تمزق ذاك البلاد المسالم بأهله الودعاء . عين وصابتهم على قول أهلنا . في كسلا كنت حريصا على أن أربطه بأهله من الجالية الصومالية التي ذابت تماما في المجتمع الكسلاوي على الأقل تخف عنده حدة الغربة وهو مضطرا أن يفارق أهله لمدة ربما طالت .. وفعلا طالت .. فأخذته عند بيت أشهر صومالي في كسلا من أبناء حينا . فهو الرجل الحبوب الشهير ب ( ورية) رحمه الله .. ورية كان من الشخصيات الساخرة في كسلا وخاصة في أستاد كرة القدم .. وكان والد ورية حيا رجل طاعن في السن فوق السبعين نسأل الله له الرحمة ..أهل ورية أخواته وابنائهن .. فرحوا بأحمد واستقبلوه كأنه قريب لهم .. ودخل في ( اللغة) الرطانة وحوار طويل مع والد ورية .. لم نفهم منهما شيئا لكن كنا أنا وأخوات ورية والذين أعتقد يماثلوني جهلا بها , منتشين ومستمتعين بالعدوى فقط من سعادة هذين الطيبين .أحمد ووالد ورية .. لا ندري إن كان يسأله عن أشياء وأحمد يرد .. بعدما خلص الحوار أستأذنا واعدين لهم بالعودة .. ونحن راجعين للبيت سألت أحمد أن كان أبو ورية لازال يجيد الصومالية قال كيف ( هذا يتحدثها أحسن مني ).. خرج أحمد مفعما منتشيا بهذه الجرعة المعنوية ويتبسم .. حاولت أن اتعلم منه اللغة الصومالية وخرجت بجملتين فقط ( محاط شاكتي ) وردها ( نبط) والمعنى كيف الحال والرد بخير .أو كويس .. الحقيقة علمني كثيرا من الجمل والمعاني لكن طبعا عدم الممارسة جعلها تختفي من الذاكرة . وفي اليوم التالي كنا أنا والصديق أدريس أخذناه في جولة بسوق كسلا . هو لأنه كان مولعا بالغة العربية كان يقرأ لوحات المحلات بعد أن يتهجاها . جئنا بمحل متخصص في العطور الشعبية وتجهيزات العرس إسمه ( جرتق كسلا) أحمد يتهجى فيها قرأها ( جرتاغ كاسلا . وسألنا يعني أيه جرتاغ ) أدريس شرح له قائلا ( جرتق هو مجموعة عطور شعبية تستخدم في العرس وتتكون من الصندل ) لاحظ أحمد فتح عينيه مندهشا .. وسأله تعرف الصندل ؟ أيوا أعرفه هو الحذاء .. أنفجرنا بالضحك .. كيف الحذاء يدخل في صناعة العطور ؟؟.. ومن حكاويه الطريفة قال أن القات هذا النبات المنبه أو المخدر كان منتشرا في الصومال ومباحا يباع مثله ومثل الجرجير أو النعناع بصورة ربما أكثر من اليمن قبل أن يقوم الرئيس الصومالي الراحل سياد بري بحظره وسن عقوبات صارمة لمن يتعاطاه أو يبيعه .. أصبح المدمنون يهربونه تهريبا مثل باقي المخدرات .. قال كان أحد المدمنين عنده تيس مربى معه في البيت ويشاركه في التعاطي أي نديمه و عندما تم حظر القات .. أطلق صراحه تركه هائما في الطرقات .. يوم ما والتيس يتحاوم أمام المطار .. خرج أحد المهربين بعد أن نجى من التفتيش يحمل حقيبت بنشوى وأنتصار قبل أن يقابله التيس ( بخرم السنين ) وبدأ يطارد فيه .. كلما أقترب منه نطح الشنطة بقوة .. كلما تخطى الرجل خطوات أدركه التيس وظل ينطح في الشنطة .. أنتبه له أحد عساكر الشرطة مع باقي الحضور وأعادوه للداخل . وأعادوا فتح الشنطة .. ليجدوا بها مخابئ سرية محشوة بالقات .. بطبيعة الحال قبض عليه وتم مكافأة التيس ببضعة جرعات . لكن الطريف بعدها تم تعيين التيس ضمن طاقم التفتيش في المطار .. وأصبح شهيرا تواجده بمعية عساكر التفتيش ... رحم الله أحمد الصومالي وكل الزملاء الذي يذكرونه أدعوا له عسى دعواتنا تستجاب وتحال الى سندس واستبرق يطيب له مرقده بقدر طيبته وبشاشته .
08-24-2016, 05:25 PM
احمد حمودى
احمد حمودى
تاريخ التسجيل: 01-11-2013
مجموع المشاركات: 4364
رحم الله احمد الصومالي رحمة واسعة ما زالت جملته الشهيرة للبيض المسلوق في السفرة لا تبارح ذاكرتي اعطيني بيض ما طبخ كانت له ايضا قفشات ممتعة في سينما الخواجة بود مدني
08-25-2016, 06:11 AM
بابكر قدور
بابكر قدور
تاريخ التسجيل: 02-26-2013
مجموع المشاركات: 1561
أخي الدرديري رحم الله الأخ أحمد عمر .. ورحم الله الأخ وريا .. ورحم الله العم عوض الدلال والد وريا وتقبلهم جميعاً مع عباده الصالحين الميامين في أعلى الجنان برحمته .. لقد سرحت طويلاً مع العم عوض الدلال ومع وريا واستعرضت ذاكرتي صوراً عنهما ..... رحمهما الله ورحمنا جميعاً إذا ألنا إلى ما آلوا إليه ,,,,
08-26-2016, 06:50 AM
سيف اليزل سعد عمر
سيف اليزل سعد عمر
تاريخ التسجيل: 01-11-2013
مجموع المشاركات: 9495
رحم الله أخونا أحمد الصومالي. عمل مديرا لميناء بوساسو في بنطلاند...حسب ما علمت من عبد الله ورسمة وخليف سلاد عندما إلتقيتهم في زيارة للصومال... شكرا يا درديري علي مشاركة هذه الذكريات واللوحات الزمنية الجميلة ....
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة