منبر السودان الديمقراطي بواشنطون يدعوكم لندوة بعنوان: الحكومة الدينية فكرة خاطئة 2016/21/5

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-13-2024, 03:47 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-16-2016, 06:47 PM

Kostawi
<aKostawi
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 39980

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
منبر السودان الديمقراطي بواشنطون يدعوكم لندوة بعنوان: الحكومة الدينية فكرة خاطئة 2016/21/5
                  

05-17-2016, 02:41 AM

Kostawi
<aKostawi
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 39980

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: منبر السودان الديمقراطي بواشنطون يدعوكم � (Re: Kostawi)

    (عدل بواسطة Kostawi on 05-17-2016, 01:53 PM)

                  

05-17-2016, 03:16 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: منبر السودان الديمقراطي بواشنطون يدعوكم � (Re: Kostawi)

    البدايه مضلله وعلم التأويل هو علم الجدل أو السفسطه إشتهر به الأغاريق فى العصور الأيونيه والأبقوريه وعندما إشتدت الترجمات فى الدوله العباسيه إزدهر به التصوف وتطور علم الكلام فى الفكر الإسلامى وظهرت الأفكار الباطنيه والذى يمكن أن أقول فيه لا تفكر فى ما أقول ولكن فكر فى ما لا أقول. وعباس محمود العقاد فى كتابه التفكير فريضه إسلاميه وضع مثالا معرفاً للتأويل أو الجدل والسفسطه قال فيه أن العرب كانت تبعث بأبنائها إلى الباديه لتعلم الحجج القضائيه والفروسيه وركوب الخيل فبعث حضرى إبنه ليتعلم تلك الفنون حيث إتفق الأستاذ مع والد التلميذ أن هذا الإبن سيتعلم ما يحتاج إليه فى عامين وعليك أن مقابلا لذلك كذلك كذا من المال وظل التلميذ مع الاستاذ حتى إكتملت الفتره فقال الاستاذ للتلميذ الآن إكتملت فترتك بعد أن تعلمت ما جئت لتتعلمه فقال التلميذ لأستاذه أنا بناقشك فى حقك إذا أقنعتك بإنك ما تستحقه سوف لا ولن أمنحك له لأنى أقنعتك إنك ما بتستحقو أما إذا عجزت فى إقناعك أيضاَ سوف لا ولن أعطيك له كذلك لأنى لم أتعلم ما جئت لأتعلمه!! فقال له الأستاذ حسناً سأحاورك فى حقى إذا أقنعتك إنى أستحقه فسأخذ حقى منك مرة واحده وإذا عجزت فى إقناعك بأنى أستحقه فسأخذ حقى مرتين لأنى علمت تلميذى ما يهزم به شيخه أو أستاذه فهو علم يقوم على ثراء اللغه وتعدد معانى مفرداتها فالمعنى الذى يشبع قو أهل الباطن خلاف المعنى الذى يشبع قو أهل الظاهر. فيا كوستا هنالك خلل من نقطة البدايه لذا سيكون الخلل فى الخواتيم!! ولك وللأستاذ السيمت السلام منصور
                  

05-17-2016, 06:59 PM

Kostawi
<aKostawi
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 39980

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: منبر السودان الديمقراطي بواشنطون يدعوكم � (Re: munswor almophtah)


    andquot; واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصةandquot;
    صدق الله العظيم

    (1)

    بدرالدين يوسف دفع الله السيمت

    الحكومة الدينية فكرة خاطئة لا سند لها في القرآن الكريم

    القرآن الكريم، هو كلام الحق القديم، تنزل من العرش المتين، ثم جرى على لسان النبي الأمين ، في يسر وطلاقة، وسلاسة وبلاغة، في شكول كلمات عربية، وفي شكول حروف متقطعة، تشكلت منها عبارات صقيلة ، فخيمة المباني، بهية المعاني، عليها طلاوة وطراوة، أعلاها مثمر، وأسفلها مغدق.
    القرآن نبع من شواهق الأزلية، ثم سار في شعاب الأبدية، سرمدا من غير بداية، ومن غير نهاية، لأنه كلام الله، بصريح نص لامرية فيه: andquot;فأجره حتى يسمع كلام اللهandquot; وكلام الله صفته، وصفات الله قديمة قدم الله، فالله كان متكلما أزلا، وسيظل متكلما أبدا، وهو لا يتكلم إلا بهذا القرآن: andquot; ولو أن قرآنا سيرت به الجبال، أو قطعت به الأرض، أو كلم به الموتىandquot;
    القرآن بهذا الشأو السامق، والعز الباذخ ،هو كتاب عزيزandquot; لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفهandquot; ... القرآن بهذا السمو السامي والشموخ العالي، هو محض روح: andquot; وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرناandquot;... القرآن بهذه الأنوار القدسية ، والحكم الجلية، ، هو برهان الرب العظيم، ونوره المبين، ليس للمسلمين فحسب، وإنما للناس، كل الناس : andquot; ياايها الناس قد جاءكم برهان من ربكم، وأنزلنا إليكم نورا مبيناandquot; .
    القرآن، في سبحاته العليا، قد خلا من الشك والريب، ولايهتدي به إلا المتقون: andquot; الم * ذلك الكتاب لاريب فيه، هدى للمتقينandquot; ... القرآن في حروفه المتقطعة، في أم الكتاب، أعلى وأحكم من اللغة، ولكن الله جعله عربيا، لنعقل عنه: andquot; حم * والكتاب المبين *إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون* وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيمandquot;
    إذا كان القرآن روحا، فكيف يكون الروح دستورا؟ كيف يكون الروح قانونا، تدبجه وتقعده وتنظمه، الهيئات التشريعية، التي جلها بئيس تعيس!!
    إذا كان القرآن لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فكيف يكون القرآن ، قانونا، مثل سائر القوانين، التي يبطل لاحقها سابقها، كلما دعت الحاجة لذلك؟ وكيف يكون الله العظيم، الذي ملأ نوره الزمان والمكان، واستفاض وأربى على اللازمان واللامكان، مجرد مشرع، يتابع هموم أهل الدنيا؟؟
    إذا كان القرآن برهان الرب، ونوره المبين، فكيف يكون برهان الرب دستورا، وكيف يكون نور الله قانونا؟ وهل يعرف الدعاة الإسلاميون الذين نعرفهم جيدا برهان الرب وهل شاهدوا نوره؟ وهل يستطيع أحد أن يجعل النور الحسي قانونا، دع عنك نور الرب المبين؟
    إذا كان القرآن ، لا ريب فيه، فكيف يكون القرآن قانونا؟ كل من يعرف القانون يعرف أن أي قانون قابل للتعديل، لأنه قد إستنفد غرضه، ولأنه مشكوك في صلاحيته.
    إن القول بأن القرآن دستور، أو أن القرآن قانون، هو قول باطل ، من جميع الوجوه، بل مسرف في البطلان، و قد اعظم به أصحابه الفرية على الله... القرآ ن أعظم وأجل مما يظنون.
    بل إننا لا نستطيع مس معاني القرآن الباهرة، ومعارفه الزاهرة، ومعينه الذي لا ينضب، إلا إذا طهر الله قلوبنا بنوره تطهيرا، بعد تطهير: andquot; إنه لقرآن كريم * في كتاب مكنون* لايمسه إلا المطهرون* تنزيل من رب العالمينandquot;... إنما يكون التطهير على نحو مما جاء في مقالنا السابق: andquot; تصاوير على حواشي القلوب، وإرهاصات الثورة الفكريةandquot; والذي نذكره على سبيل التمثيل وليس الحصر....القرآن لو نزل على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله .
    الفرآن بهذه الصفة الخالدة، يستحيل ان يكون دستورا ، أو قانونا، أو لائحة تنفيذية، لأن القرآن مطلق إطلاق الرب، حيث منتهى الحقوق عند التناهي، حيث لاحيث!! أما الدستور، فهو تطلعات البشر للمثل العليا، الموضوعة في قوالب قانونية، ولكنها تطلعات مقيدة بحدود العقل البشري.. أما القانون فهو أشد أسرا وأكثر قيدا، من أبيه الدستور... القرآن كلام الرب الذي ينتهي إليه تطور كل متطور: andquot; وأن إلى ربك المنتهىandquot;
    القرآن يتحدث عما وراء الطبيعة، بلسان الغيب : andquot; ويكفرون بما وراءه وهو الحقandquot; ... فهل يستطيع أي مشرع، مهما أوتي من المقدرات، أن يجعل الغيب، وأمور ما وراء الطبيعة، ومعجزات الرسل الكرام، وخوارقهم ، دستورا ، أو قانونا؟ اللهم لا.
    والآن ماذا يريد دعاة الحكومة الإسلامية أن يطبقوا من آيات القرآن الكريم، هل يريدون تطبيقها كلها؟ ام بعضها؟
    يبلغ عدد آي القرآن الكريم 6236 andquot; ستة آلاف ومائتان وست وثلاثون andquot; آية . فعن أي آيات يتحدث حكام السودان الشمالي ، ودعاة الدستور الإسلامي؟

    مئات الآيات تتحدث عن صفات الذات الإلهية وقصص الأنبياء


    كما هو واضح فإن مئات الآيات القرآنية، تتحدث عن صفات الذات الإلهية، وترسيخ وحدة الفاعل وقصص الأنبياء... والسؤال المطروح لحكام السودان الشمالي، كيف سيجعلون من هذا الكم الهائل من الآيات، دستورا وقانونا، علما بأن هذه الآيات الكريمات تقرير لصفات الذات الإلهية، أو سرد لمجموعة قصص ، في حق الأنبياء الكرام وصفاتهم النبيلة.
    كيف يجعلون من آية الكرسي، ومن صيغ التوحيد، ومن نور الله الذي مثله كمشكاة فيها مصباح، المصباح في زجاجة ، الزجاجة كأنها كوكب دري، دستورا وقانونا؟
    كيف يجعلون من بقرة بني إسرائل، أو هدهد سليمان، أو ناقة صالح، أو كلب أهل الكهف، أو ثعبان موسى، أو حمار الذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها، دستورا وقانونا؟
    كيف تكون قصة العبد صالح مع موسى ، أوقصة الإسراء دستورا؟ وما يقال عن كل أولئك يقال عن طوفان نوح، وقصة يوسف مع إخوته، وقصة موسى مع فرعون، وقصة يونس مع الحوت.

    مئات الآيات تتحدث عن أهوال القيامة، وأوصاف الجنة والنار، والبعث، و الملائكة وإبليس والجن وأخبار الملأ الأعلى، وأنوار الملكوت

    بدون دخول في تفاصيل ، فإن جميع هذا النوع من الآيات، لايمكن أن يكون دستورا، او قانونا... إن الملأ الأعلى، وإن قدس الأقداس، لاتمس أرضه الطاهرة قيود القوانين، ولا تدنسه الأٌقدام، لأن أرض القرآن ليست أرض الديار التي نسير فيها، ولا أرض الأموال التي نتوارثها، وإنما هي أرض نطير فيها، بقدرة الخلاق، فلا تطأها الأقدام : andquot; وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم، وأرضا لم تطؤها، وكان الله على كل شئ قديراandquot;
    كيف تكون قصة الخلق، وإغراء إبليس لآدم وحواء، وإخراجهم من الجنة، وأخبار الغيوب دستورا وقانونا!! وكيف يكون قدس الأقداس، دستورا وقانونا؟؟

    مئات الآيات تتحدث عن أوصاف الطبيعة، وقصة الخلق

    مئات الآيات القرآنية، تتحدث عن وصف خلاب لروعة الطبيعة وجمالها ، المستتر في خلق السماوات والأرض، والمتجلي في الشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب، والسؤال المطروح ، كيف تكون مثل هذه الآيات دستورا ، أو قانونا؟

    مئات الآيات تتحدث عن الصلاة والصيام والحج

    بدون دخول في التفاصيل ، كيف تكون العبادات ، التي هي معاملة بين العبد والرب، دستورا أو قانونا، يناقش ويجاز في البرلمانات، والهيئات التشريعية.

    تسع وعشرون آية عبارة عن حروف متقطعة

    بدون دخول في تفاصيل، كيف تكون آيات مثل حم، وكهيعص، والر، ونون وقاف، دستورا، أو قانونا؟ لقد بلغ عدد الحروف المتقطعة في القرآن أربعة عشر حرفا، ظهرت في تسع وعشرين تشكيلة، كل تشكيلة منها، تفيد أنها هي القرآن: andquot; الم * ذلك الكتابandquot; ، وما يقال عن الم يقال عن أخواتها من التشكيلات البديعة الغريبة، التي أعجزت فهوم القدماء، وحيرت المحدثين، فاكتفى أحسنهم وأمثلهم طريقة في التفسير بقوله : andquot; الله أعلم بمرادهandquot;
    نخلص من كل أولئك، أن هناك آلاف الآيات القرآنية، غير قابلة للتطبيق كدستور أو قانون... إذن، فإنه يجب على دعاة الإسلام، أن يتحلوا بشئ من الأمانة والصدق - إن كان ذلك ممكنا – ويعلنوا للناس أنهم يريدون تطبيق وتقنين جزء يسير من آيات القرآن!! ولننظر، الآن في هذا الجزء اليسير من الآيات ، ونرى هل هي حقا آيات قابلة للتطبيق في نظام إداري حكومي؟

    ماذا بقي من آيات القرآن إذن؟

    لقد أثبتنا أن أنواع الآيات المذكورة أعلاه، غير قابلة للتطبيق في نظام حكومي إداري. لذا، لم يبق من آيات القرآن إلا نذر يسير، يعالج المواضيع التالية:
    آيات تتحدث عن الجهاد وما يتعلق به من رق وجزية وغنائم :
    آيات تتحدث عن الزكاة (الصدقات)
    آيات تتحدث عن الربا
    آيات يفهم منها الأمر بالحكم بما أنزل الله
    آيات تتحدث عن قوامة الرجال على النساء، وعن توزيع المواريث
    آيات وردت فيها عبارة حدود الله وآيات وردت فيها عقوبات لبعض المخالفات.
    إن جميع هذه الآيات المتبقية، لا تدل على حكومة إسلامية، ولا تثبت دستورا أو قانونا إسلاميا، ومن الخير أن نتأملها جميعها، ونفحصها فحصا دقيقا:

    أولا: آيات تتحدث عن الجهاد وما يتعلق به من رق وجزية وغنائم


    هل يريد حكام شمال السودان تطبيق آيات الجهاد، وعلى رأسها آية السيف الشهيرة، في كل كتب التفاسير القديمة: ( الطبري، إبن كثير، الزمخشري، القرطبي... الخ) والتي تنص على: andquot;فإذا انسلخ الأشهر الحرم، فاقتلوا المشركين، حيث وجدتموهم، وخذوهم واحصروهم، واقعدوا لهم كل مرصد، فإن تابوا وأقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، فخلوا سبيلهمandquot;
    هذه الآية تأمر بقتال المشركين، في كل مكان، حتى يقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة ،، مما يثبت أن الشرك هو سبب القتال، وإلا كيف يتوب المشركون ، ويصلوا، ويؤتوا الزكاة، إن لم يسلموا أولا ... هذا أمر معلوم عندنا، ولكن للآية تأويلا يصرف عنها هذا المعنى الظاهر في الآفاق... ولكننا في هذه العجالة نريد أن نقف مع أهل الظاهر، فيما يعرفون دون الخوض في التأويل، الذي لا يعرفون، رغم أن التأويل ثابت بالنصوص القطعية الحاسمة.
    هل يريد حكام شمال السودان قتال المشركين؟ هذا أمر يكذبه الواقع، ولكننا لنفرض جدلا، انهم يريدون أن يعلنوا الجهاد على المشركين ... هل يعلم حكام شمال السودان أن الجهاد ، له متعلقات وتوابع كثيرة تلازمه ملازمة الظل ، ولاتنفصل عنه.
    أول توابع الجهاد وما يتمخض عنه من آثار، هو الغنائم، والسؤال المطروح هو من يقوم مقام النبي الكريم، ليأخذ خمس الغنائم تنفيذا لقوله تعالى: andquot; واعلموا أنما غنمتم من شئ ، فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيلandquot; فإذا كان الرسول غير موجود حسيا، فقد سقط أهم تابع من توابع ولوازم الجهاد، وصارت هذه الآية غير قابلة للتطبيق العملي في نظام حكومي، لأن الرسول الكريم هو الذي كان يتولى، بيده الشريفة، توزيع الخمس على ذوي قرباه من أهله - وهم غير موجودين الآن بطبيعة الحال - بالإضافة إلى اليتامى والمساكين وابن السبيل .
    والسؤال الثاني مماذا تتكون الغنائم؟ الغنائم معظمها يتكون من الإيماء اللائي قتل ازواجهن في الحرب!! هؤلاء يغدون ملك يمين للمجاهدين، وقد ذكرت عبارات: andquot; ما ملكت أيمانكمandquot; andquot; ما ملكت أيمانهمandquot; andquot; ما ملكت أيمانهنandquot; خمس عشرة مرة في القرآن الكريم ، أربع مرات في سورة النساء ، وثلاث مرات في سورة النور، وأربع مرات في سورة الأحزاب، ومرة في سورة النحل، ومرة في سورة المؤمنون، ومرة في سورة الروم ، ومرة في سورة المعارج، والتي ورد فيها صراحة قوله تعالى: andquot; والذين هم لفروجهم حافظون* إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومينandquot; وقد ورد في بقية المواضع الأربعة عشرالأخرى ما يفيد نفس هذا المعنى .
    الآن هل يريد حكام شمال السودان تطبيق نظام andquot; ما ملكت أيمانهمandquot; والرجوع إلى عهد الجواري والإيماء؟ فإن قالوا نعم، فقد علمنا شيئا جديدا عن المؤامرة الكبرى المبيتة لإغتيال كرامة الإنسان وحريته!!
    مؤامرة أكبر من الشيوعية بكثير... الشيوعية تلك التى وقت عناية الله العالم شرور ديكتاتوريتها بلطف شديد... بل إنها مؤامرة أكبر من النازية وأكبر من الفاشية!! وإن قالوا: لا ، إن نظام الرق قد خلفته البشرية، فقد إعترفوا بأنهم سيتخلون عن تطبيق خمس عشرة آية ، من القرآن الكريم ، دفعة واحدة ، من أجل مجاراة تطور العصر.
    ومن توابع الجهاد أيضا ، إلزام أهل الكتاب بدفع الجزية، إن أبوا الإسلام: andquot; قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله، ولايدينون دين الحق، من الذين أوتوا الكتاب، حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرونandquot; هل يريد حكام شمال السودان إلزام ما تبقى معنا من أقباط كرام وأقليات مسيحية محترمة بدفع الجزية عن يد وهم صاغرون، أي حقيرون ذليلون ؟ فإن قالوا: لا، فنقول لهم: مثل ما قلنا من قبل، وإن قالوا: نعم، قلنا: لهم مثل ما قلنا من قبل.
    إنه وضع عجيب!! حكام شمال السودان ، يجعل دستورهم المسيحي رئيسا لجمهورية المسلمين، ويتمتع المسيحيون بعضوية حزبهم الذي يفترض أنه يطبق الشريعة الإسلامية!! لم يبق إلا أن حكام شمال السودان، قد إشتروا بآيات الله ثمنا قليلا، فهم جماعة تتاجر بالدين، وتستغل الدين لأغراض السياسة، بل تجعل الدين بازا لصيدها، ناسية حكمة قدماء العرب القديمة: andquot; ومن يجعل الضرغام بازا لصيده تصيده الضرغام فيما تصيداandquot;
    إن إستغلال الدين لأغراض السياسة، أمر مفسد لأخلاق الأمة، وخير منه الدعوة العلنية للإلحاد، لأنه ضرب من ضروب الإستهزاء بآيات الله، ومن إستهزأ بآيات الله، رد الله عليه فعله، ثم مد له في طغيانه، وهو معصوب العينين: andquot; الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهونandquot; ثم يأخذهم أخذ عزيز مقتدر، أخذا من قول الله المبارك المطوي في فاصلة الآية الثامنة من سورة هود : andquot; وحاق بهم ماكانوا به يستهزئونandquot; فإن الله يمهل ولا يهمل.

    ثانيا : آيات تتحدث عن الزكاة(الصدقات) التي أحد مصارفها حق للذين في رقاب المؤمنين


    أول ما يقال عن الزكاة، أن الزكاة مربوط أحد مصارفها بالرق ، كما هو واضح من قوله: andquot; إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل اللهandquot; وفي الرقاب يعني الرقيق... إذن يجب على حكام شمال السودان أن يبحثوا عن الرقيق ليدفعوا لهم الزكاة... فإن قالوا إن نظام الرقيق لا يتفق مع تطور الإنسانية، رددنا عليهم، بأنهم سوف يمتنعون عن تطبيق ما يزعمونه شريعتهم، من أجل مجاراة تطور العصر.
    وثاني ما يقال عن الزكاة: إن نظام الزكاة، مشفوع بصلاة النبي التي هي سكن للمؤمنين، ومربوط بالوجود الحسي للنبي الكريم كما هو واضح وضوحا جليا من قوله تعالى: andquot; خذ من اموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهمandquot; من ياترى من حكام الخرطوم يتجرأ ويزعم أن صلاته مثل صلاة النبي تكون سكنا لدافعي الزكاة من موظفي السودان، المغلوبين على أمرهم، والذين تؤخذ منها الزكاة قسرا ، دون تقيد بالحكم الشرعي المعلوم في بلوغ النصاب ، ودون أن يحول على مرتباتهم الحول.
    وثالث ما يقال عن الزكاة: إن كلمة الزكاة في القرآن غير مقصورة على الزكاة ذات المقادير، إذ انها صفة من صفات الأنبياء واقوامهم قبل الإسلام كما هو وارد عن إسماعيل وعن أهل إسماعيل: andquot; وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضياandquot; وكما هو وارد عن عيسى عليه السلام: andquot; وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا andquot; بل إن الزكاة ذات المقادير، ليس إسمها في القرآن الزكاة، وإنما إسمها ( الصدقات) أو (صدقة) كما هو واضح من الآيتين الكريمتين المذكورتين قبل قليل. فهل يوجد عاقل، يقول بجعل زكاة إسماعيل وعيسى عليهما السلام، دستورا وقانونا !!
    ورابع ما يقال عن الزكاة: إذا كان حكام شمال السودان، يزعمون ان الزكاة ذات المقادير عبادة، فهل تحتاج العبادة إلى إقامة دولة، وإلى وضع دستور، وتشريع قوانين ؟ هل تحتاج الصلاة وسائر العبادات ، والمعاملات بين العبد والرب، لدستور!! اللهم لا
    هل تريدون الحق؟ الصدقات نظام صالح للمجمتعات الطبقية التي تعج بالفقراء والمساكين، مع وجود الأغنياء الذين يستغلون أولئك البؤساء من الفقراء والمساكين.
    اما إذا جاء عهد الكرامة والمساواة ، فإن الزكاة لاتسقط، لأنها ثمرة طهارة القلب... أما نظام الصدقات، فإنه يسقط لعدم الحاجة إليه،ولأن ذلك أمر تقتضيه كرامة الإنسان، وتوجبه اخلاق الإسلام النبيلة الرصينة التي تحض على التعفف، عما في ايدي الناس... هذا فضلا عن أن نظام الصدقات قد سقط في دول المدنية الغربية، التي إستطاعت بالمجهود البشري، توفير العمل الشريف لمواطنيها، وتوفير الرخاء للعاجزين عن العمل، والمتبطلين عنه مؤقتا، وللشيوخ والأطفال عن طريق الضمان الإجتماعي... إنها دول ترحم الصغير، وتوقر الكبير، بصورة لا تقارن مع جمهوريتنا الإسلامية، التي تقتل مواطنيها، وتذلهم وتعذبهم بقوانينها الجائرة... العدالة الإجتماعية حق، وليس صدقة يذل بها البؤساء من الأرامل والأطفال، في دواوين زكاة حكام الشمال، التي قتلت الآباء في حربها الجهادية ، التي هي السبب المباشر في فصل الجنوب عن الشمال.
    إن الحكومة الإسلامية المزعومة في شمال السودان، تستجدي النصارى ليرفعوها من قائمة الإرهاب، لأنها نجحت في تقسيم السودان، وطعنته في خاصرته الجنوبية، طعنة نجلاء، حتى تتفرغ لتطبيق قوانين سبتمبر المهينة المذلة ، على أهل الأقاليم الباقية،ولكن شعبنا العظيم الواعي، لن يضلل بعد اليوم، فقد جاء الحق، وزهق الباطل، إن الباطل كان زهوقا.
    نحن نعتقد ان القرآن يقوم على الكرامة والمساواة، وهذا أمر لا يظهر إلا بتأويل القرآن، والذي نحن بصدده منذ حين من الوقت، وليس هذا مقام الخوض فيه، وإن كنا نعلم سلفا، أن التأويل غالب، وإن كان الكثيرون لا يعلمون ذلك: andquot; ولنعلمه من تأويل الأحاديث، والله غالب على امره، ولكن أكثر الناس لا يعلمونandquot;

    ثالثا : آيات تتحدث عن الربا


    لقد وردت كلمة الربا مذمومة، في بضع آيات من القرآن الكريم ، أوضحها في التخلي عن التعامل بالربا قوله تعالى : andquot; يا أيها الذين أمنوا، اتقوا الله، وذروا ما بقي من الربا، إن كنتم مؤمنينandquot; إذن ترك الربا عبادة، يخاطب بالتخلي عن المعاملة بها، كل مؤمن تقي، وكما هو واضح من الآية فإن الربا قد كان ضربا من المعاملات المعروفة لدى المخاطبين، وهي تلك المعاملة التي يستغل فيها الغني حاجة الفقير لقوت يسد رمقه، أو لأية حاجة من الحاجات الضرورية للحياة، فيقوم الغني بإقراض الفقير المحتاج بعض النقود ، يستردها آجلا بزيادة متفق عليها بين الطرفين، وهذا أمر كان معروفا في كل العالم القديم.
    ماذا يحدث إذا لم يفعل المؤمن التقي، أن يذر ما بقى في ذمته من الربا؟ لأن الربا عبادة، فإن الإمتناع عن تنفيذ أمر الآية، يعني حرب الله ورسوله، وليس حرب الناس، لأن العبادة معاملة بين الرب والعبد، يكون الرسول ، وسيطا فيها، كما أنه يقتضي التوبة، لأن العبادة معاملة بين العبد والرب، يكون الرسول وحده شهيدا عليها، دون وسيط كهنوتي، وهذا هو عين ما ورد في قوله تعالى : andquot; فإن لم تفعلوا، فأذنوا بحرب من الله ورسوله، وإن تبتم فلكم رؤوس اموالكم لا تظلمون، ولاتظلمونandquot;
    إذن الربا في الإسلام يختلف إختلافا كليا عن نظام الفوائد المصرفية ، التي تتبعه البنوك الحديثة في الإستثمار والمعاملات التجارية المختلفة والتي في جملتها معاملات بين الأغنياء، بعضهم بعضا، وليس معاملات بين الغني والفقير، كما هو الحال في الربا... وكما هو معلوم ، فإن ضروب المعاملات البنكية شتى، ولكنها في غالب الأمر، تقوم على منح قروض بضمانات معينة وتسترد مؤجلا بفوائد متفق عليها ، تقدر قيمتها حسب اوضاع السوق، ولهذا السبب في إن رأس المال غير ثابت، لطبيعة المعاملات، ولأن النقود نفسها، بمفهومها الحديث ، مجرد سلعة تتذبذب قيمتها من وقت آخر، حتى دون الدخول في أية معاملة تجارية... هذا الوضع يجعل قوله تعالى : andquot; فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ، ولاتظلمونandquot; مقصودا به الربا بمعناه الثابت القديم، وليس مقصودا به، الفوائد المصرفية، بمعناها الحديث.
    ولكن دعاة الإسلام ، في عصرنا الحاضر، أنشأوا نظاما اشنع من المعاملات الربوية القديمة اسموه المصارف الإسلامية، يقوم على عقود صورية وهمية، تحول العلاقة بين العميل والبنك، من مقترض andquot;مدينandquot; ومقرض andquot;دائنandquot; إلى بائع ومشتري، وهو أمر خلاف الواقع بل هو محض تضليل، جاز علينا نحن البشر، ولكنه لا يجوز على الله العلي القدير... ثم إن دعاة الإسلام استعاروا لتجويز هذا التضليل وتغطيته عبارات فقهية عتيقة، مثل المرابحة والمضاربة والإستصناع... الخ
    على سبيل المثال إذا كنت تريد شراء سيارة مثلا، فإن البنك الحديث يقوم بإقراضك ثمن السيارة، ويسترده منك بالأقساط، لمدة معينة ، وبفوائد معينة، وبضمان معين.. أما البنك الإسلامي، فيقوم بتحويل نفس علاقة المقترض والمقرض، إلى علاقة بائع ومشتري، عن طريق عقد صوري بين البنك والعميل على شراء نفس السيارة، ولكن بزيادة على سعر السيارة الأصلي، وبذلك يتحصل البنك الإسلامي على ارباح تفوق الربا أضعافا مضاعفة.
    وما يقال عن المرابحة ، يقال عن المضاربة والإستصناع، وغيرها، لأن البنك ليس مقاولا وليس بائعا، ولكنه يختلق كل تلك الأدوار الوهمية للحصول على الأرباح الوفيرة، دون ان يسميها ربا.
    إذن الربا، بمفهومه الأصلي الوارد في القرآن، لا يحتاج لقانون، ولا لدولة، ولا لحكومة إذ انه مجرد ضرب من ضروب العبادة، يتقي فيها المؤمن الغني، إستغلال حاجة أخيه الفقير، ويتوب إلى ربه، إن وقع منه ذلك الفعل الشنيع.

    آيات يفهم منها الأمر بالحكم بما انزل الله


    أول ما يقال في هذا الصدد أن الفعل ( حكم) قد ورد في سائر آيات القرآن بمعنى فصل وقضى، وليس بمعنى الحكومة بأية حال من الأحوال، إذ انه لايوجد اي نظام للحكومة في القرآن الكريم، ويعرف هذا حق المعرفة، كل من يعرف القرآن، ويعرفه القرآن!! بل يعرف هذا كل من يعرف القانون، وأنظمة الحكم.
    تأمل مليا الآيات الكريمات: andquot; والله يحكم لا معقب لحكمهandquot; و andquot; أليس الله بأحكم الحاكمينandquot; و andquot; فاصبر لحكم ربكandquot; ... الا تدل كلها جميعها، على قضاء الله وقدره، وفصله في جميع الأمور دون معقب، فأين الدستور، وأين الحكومة الحكومة هنا!!
    قد يقول قائل، أين قوله تعالى: andquot; إن الحكم إلا للهandquot; ... ليس الأخوان المسلمون في مصر وصنوهم الجماعة الإسلامية في باكستان، ومن تبعهم في السودان وغيره، أول من قال بالحاكمية لله، فقد سبقهم إلى ذلك اسلافهم من الخوارج، فرد عليهم، باب مدينة العلم علي بن أبي طاب بحصافته المشهودة، بانها كلمة حق أريد بها باطل.
    ووجه الحق أن الحكم لله، بمعنى تفرد الذات العلية، بإرادة مهيمنة، على الوجود، ووجه الباطل، ان الخوارج لا يمثلون الله العظيم!! فهل يمثل حكام الخرطوم، وهم على ما هم عليه الله العظيم؟؟ اللهم لا.
    إن عبارة : (إن الحكم إلا لله لله) حيثما وردت في القرآن، فإنها ترد لتوكيد إرادة المريد الواحد، على لسان كبار الأنبياء.. فقد وردت مرة لسان نبي الإسلام العظيم، في سورة الأنعام، وهو يعلم الناس، الإمتثال لقضاء الله، الذي هو خير الفاصلين، والنبي الكريم على بينة من ذلك كما هو واضح من نص الآية.
    ومرة على لسان يوسف الصديق، وهو يرسخ وحدة الفاعل، لصاحبي السجن، و يعلم الناس اسرار الرضا بحكم الله في الوجود... ومرة على لسان أبيه نبي الله يعقوب ، وهو يعلم الناس فنون التوكل على الله، والصبر على ما تجريه إرادة الله، في فقد الأحباب، وكان ذلك في سورة يوسف أيضا... تلك السورة العظيمة، التي دفن الله تحت جدارها، كنز التأويل... في جميع هذه المواضع، كانت الإشارة بقوله ( إن الحكم إلا لله) إلى قبول إرادة الله، والرضا بقدره دون إشارة إلى حكومة ، أو قانون.
    وفي الحق، فإن التسليم للنبي الكريم، ولرأيه ولقضائه، دون أدنى حرج في الصدور، أمر لايتفق إلا لخاصة العارفين ، من أولي الألباب، المعمورة قلوبهم بأنوار الإيمان : andquot; فلا وربك لا يؤمنون، حتى يحكموك فيما شجر بينهم، ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليماandquot; فهل يريد حكام الخرطوم من أهل شمال السودان، الا يكون في صدورهم حرج من قضاء محاكم سبتمبر!! إذا كان الأمر كذلك فما معنى وجود محكمة الإستئناف، وما معنى المحكمة العليا، وما معنى المحكمة الدستورية، التي ينقض أعلاها حكم أدناها دون حرج؟؟
    إن الآية الكريمة، ليست لها علاقة بالحكومة، وإنما هي إشارات ، يفهمها كل من كان قلبه عامرا بالإيمان، خاليا من التصاوير، فتتفق له بمحض الفضل الإلهي، الرؤية العرفانية، المطابقة تمام الإنطباق مع رؤيته عليه السلام ، فلا يكن في صدر المؤمن صحيح الإيمان، أدنى حرج من أي حديث ، بل من أية كلمة نسبت نسبة صحيحة، لنبي الإسلام العظيم.
    ثم ماذا من شأن الآية الكريمة: andquot; ومن لم يحكم بما أنزل الله ، فأولئك هم الفاسقونandquot; ونجيب على هذا، بأن الآية الكريمة، فد وردت في حكم أهل الأنجيل : andquot; وليحكم أهل الأنجيل بما أنزل الله فيه، ومن لم يحكم بما أنزل الله، فأولئك هم الفاسقونandquot; فهل يريد حكام الخرطوم وقبيلهم، ان يحكموا بما أنزل الله في الإنجيل؟ وهل هم أهل الإنجيل؟
    إن الإنجيل مواعظ أخلاقية، تحكي قصة السيد المسيح، كما رواها الحواريون؟ فهل يمكن جعل تلك القصة وما فيها من مواعظ، دستورا وقانونا، وحكومة؟ اللهم لا
    وقد يحتج محتج، بقوله : andquot; ومن لم يحكم بما أنزل الله ، فأولئك هم الكافرونandquot; ونجيب بأن الآية الكريمة، قد وردت في الحكم بما أنزل الله، في التوراة، كما هو بائن من مطلعها: andquot; إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور، يحكم بها النبيون الذين اسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار، بما إستحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداءandquot;
    هنا تطرح عدة أسئلة.. أولها: واضح أن الآية تتحدث عن أسرار إرادة الله وقضائه في الوجود، التي لا يحكم بها إلا النبيون الذين حققوا التسليم لله، وأسلموا لوجهه العظيم، ولإرادته القاهرة، قبل ظهور إلاسلام : ( النبيون الذين أسلموا) .. فهل حكام الخرطوم وقبيلهم من النبيين الذين أسلموا، حتى يحكموا بما أنزل الله؟؟ بل هل حكام الخرطوم وقبيلهم من الربانيين والأحبار، ومن هم الربانيون؟؟ أو ليسوا هم الذين قال الله فيهم : andquot; كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسونandquot; ... هل حكام الخرطوم وقبيلهم من الذين هادوا؟
    يتضح من السرد أعلاه، ان حكام الخرطوم وقبيلهم ليسوا ربانيين، كما انهم قطعا ليسوا أحبارا، حبروا العلم تحبيرا، ودرسوه دراسة، قبل ان يقوموا بإغراء وتحريض نفر من الضباط للحنث باليمين الدستورية، والتنكر للقسم العظيم، على كتاب الله الكريم، بغرض تنفيذ إنقلاب عسكري، تسفك فيه الدماء، وتهدر فيه الحقوق.... ومن المؤسف حقا، أن حكام الخرطوم وقبيلهم مازالوا يصرون على هذا الحنث العظيم، بعد أن أترفتهم أموال الشعب المغلوب على أمره: andquot; إنهم كانوا قبل ذلك مترفين* وكانوا يصرون على الحنث العظيمandquot;
    إذن الآية تتحدث عن الحكم بما أنزل الله في التوراة، وهو أمر من الدقائق العرفانية، ولم يكن معلوما عند اليهود، حتى ردهم النبي بقول الله الخالد:
    andquot; وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم اللهandquot;
    وما هو حكم الله المكتوب في التوراة؟
    أوليس هو الحكم بالعدل، والذي تقوم به الدولة الحديثة، وتطور في مفهومه، وتسد النقص فيه في كل يوم جديد، وهل حكام الخرطوم وقبيلهم شهداء على كتاب الله أو لا يعلم هؤلاء ان الذي عنده علم الكتاب، هو وحده الذي يكون شهيدا، بشهادة الله: andquot; قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتابandquot;
    وهل يعلم هؤلاء ، ان الذي عنده علم من الكتاب تفوق مقدرته مقدرة سليمان الحكيم، كما هو واضح من قوله: andquot; قال الذي عنده علم من الكتاب ، انا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفكandquot; كيف يجعل حكام الخرطوم وقبيلهم كل هذه المسائل التي جرت بين سليمان وبين الذي عنده علم من الكتاب، وبين سليمان وملكة سبأ، ، موضوعا لدستور أوقانون، أو حكومة.
    ومن حسن التوفيق، ومن حسن الفأل، ان حكام الخرطوم وقبيلهم لا يستطيعون ، ان يستدلوا بقوله: andquot; ومن لم يحكم بما أنزل الله، فأولئك هم الظالمونandquot; فقد جربهم شعب شمال السودان ، أكثر من عشرين عاما، فمل ير منهم إلا الظلم والفساد والمحسوبية، وتشريد الموظفين، في ظلم لم تشهده الخدمة المدنية في السودان في جميع العهود. إن الظلم والفساد الإداري، وإستغلال النفوذ، أمور تشهد عليها تقارير المراجع العام لجمهوريتهم الإسلامية، وتشهد عليها أيضا، قصورهم الباذخة، وسياراتهم الفاخرة وأموالهم الطائلة خارج البلاد وداخلها. من أين لهم هذا، وجميعم مجرد موظفين عاديين؟
    ومهما يكن من أ مر ، فإن الحكم بما أنزل الله في التوراة مكتوب في القرآن، في فحوى العدالة والإنصاف... إقرأ قوله تعالى: andquot; وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس، والعين بالعين، والأنف بالأنف، والأذن بالأذن، والسن بالسن، والجروح قصاص، فمن تصدق به فهو كفارة له، ومن لم يحكم بما أنزل الله، فأولئك هم الظالمونandquot;
    هل تحقيق الإنصاف والمساواة، يحتاج إلى دولة دينية؟ ألا تقوم بذلك أية دولة مدنية ، متوسطة الحال، بعد أن تقوم بتنقية مفهوم القصاص من خلفيته التاريخية المربوطة بالرق والإستعباد: andquot; كتب عليكم القصاص في القتلى، الحر بالحر والعبد بالعبدandquot; ؟
    وهل يعلم حكام الخرطوم وقبيلهم، أن إقامة التوراة والإنجيل، والحكم بما أنزل الله، مثل إقامة الصلاة الكبيرة، ومثل إقامة الحج الأكبر، خشوع و سجود، وتبتل وتلبية، وتدبر وتذكر وتفكر وتأمل.... ومن لم يفعل ذلك، فهو ليس على شئ: andquot; قل ياأهل الكتاب، لستم على شئ حتى تقيموا التوراة، والإنجيل andquot;

    آيات تتحدث عن قوامة الرجال على النساء

    مما لا شك فيه، ان ظاهر آيات القرآن قد جعلت الرجال أوصياء على النساء، كما هو واضح من قوله: andquot; الرجال قوامون على النساءandquot; ولكن حكام الخرطوم يقولون إن المرأة تساوي الرجل، قد عينوها وزيرة وعينوها قاضية، مما يعني أنهم لا يودون تطبيق هذه الآية وأخواتها مثل قوله تعالى : andquot; واستشهدوا شهيدين من رجالكم، فإن لم يكونا رجلين ، فرجل وأمرأتان ممن ترضون من الشهداءandquot; ومثل قوله تعالى :andquot; وقرن في بيوتكنandquot; ومثل قوله تعالى :andquot; واللاتي تخافون نشوزهن ، فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهنandquot;
    إذن جميع هذه الآيات مستبعدة من قاموس الحكومة الإسلامية... إن لجميع هذه الآيات مكانة سامية في التأويل الذي يصرفها عن المعنى الظاهر، ولكن هذا ليس هو موضوعنا الآن.

    آيات وردت فيها عبارة حدود الله، وآيات وردت فيها عقوبات لبعض المخالفات.

    من الغريب والممتع حقا، ان نلاحظ، أن عبارة andquot; حدود اللهandquot; قد وردت أربع عشرة مرة في القرآن، دون إشارة إلى عقوبة قطع اليد ، أو الجلد، او الصلب.
    ذكرت عبارة حدود الله مرة في سورة المجادلة: andquot; ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله، وتلك حود اللهandquot; مما يدل على أن حدود الله مسألة عرفانية متعلقة، بالإيمان بالله ورسوله.
    ذكرت عبارة حدود الله مرتين في سورة التوبة: andquot; الأعراب أشد كفرا ونفاقا، وأجدر الا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسولهandquot; وكما هو واضح فإن الآية متعلقة بالمعارف الدقيقة في التوحيد، إذ انه لا يوجد قانون، تكون طائفة من الناس غير جديرة بالعلم به... هذا فضلا عن الآية الكريمة لم تتعرض للقانون أصلا.. والمرة الثانية قوله تعالى : andquot; والحافظون لحدود الله ، وبشر المؤمنينandquot; توكيد شديد لما ذهبنا إليه.
    ذكرت عبارة حدود الله مرتين في سورة الطلاق، ومرتين في سورة النساء في مواضيع تتعلق بالطلاق والميراث... ثم ذكرت عبارة حدود الله سبع مرات في سورة البقرة، في مواضيع تتعلق بالصيام والطلاق، ولاعلاقة لها بالعقوبات والقوانين، وإنما هي مواضيع عرفانية، سبق أن بسطنا فيها القول ، فليراجعها من يشاء في مظانها.
    أما العقوبات المذكورة في سورتي النور والمائدة، فهي ليست حدود الله، كما هواضح من صريح النصوص في السورتين الكريميتين، وقد إعتبرها الفقهاء حدودا، كمصطلح مأثور في السنة التي عالجت تلك العقوبات.
    ففي سورة النور ورد قوله: andquot; الزانية والزاني، فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين اللهandquot; ونحن نقول أن هذه العقوبة عقوبة مرحلية، وسندنا في ذلك انها مربوطة بالرق المرحلي، إذ ان الحد يكون خمسين جلدة في حق غير الحرة، كما هو منصوص عليه في سورة النساء: andquot; فإذا احصن، فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذابandquot; وقد جرى تطبيق ذلك بصورة متواترة ، لا خلاف عليها بين جميع الفقهاء، وهناك تفاصيل كثيرة في كتب الفقه، والتي تأمر ببيع الإماء، ولو بحبل من شعر، في حالات تكرار الزنا والعقوبة المذكورة، كما يحدثنا إبن كثير وغيره، بإتفاق الجمهور... فهل يريد حكام الخرطوم وقبيلهم الرجوع بالبشرية إلى عهود النخاسة؟
    وسندنا – إلى جملة أسباب أخرى - ان هذه العقوبة مربوطة بالجهاد المرحلي وبالتعذيب المرحلي أيضا.
    وما يقال عن هاتين الآيتين، يقال عن آية القذف الواردة في سورة النور: andquot; والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء، فاجلدوهم ثمانين جلدةandquot;
    فهل يريد حكام الخرطوم وقبيلهم تطبيق هذه العقوبة ، بالتمييز بين الحرة وغير الحرة؟
    أما في سورة المائدة، فقد ورد قوله تعالى: andquot; إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله، ويسعون في الأرض فسادا، ان يقتلوا، أو يصلبوا، اوتقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، او ينفوا من الأرض، ذلك لهم خزي في الدنياandquot;
    واضح العلاقة بين الاية الكريمة والجهاد المرحلي، فهو صلب وتقطيع وبتر ، ونفي من الأرض... إلى أين تنفي الدولة الحديثة المجرمين؟ داخل حدودها أم خارجها؟ ولماذا ؟ من أجل الخزي في الدنيا... هل هذه عقوبة، ام هو التنكيل والتعذيب المربوط بالجهاد المرحلي.
    هل تريد حكومة شمال السودان القيام بكل هذا؟
    أما الموضع الثاني في سورة المائدة فهو قوله: andquot; والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم * فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه، إن الله غفور رحيمandquot;
    ولا تخفى على لبيب العلاقة العضوية بين هذه العقوبة والجهاد المرحلي، فهي تنكيل وتعذيب، والجدير بالذكر أن مقدار الحد الذي يوجب القطع غير مذكور في القرآن، ممما يدل على مرحلية العقوبة، ثم أن ربط العقوبة بالتوبة، يثبت انها أمر من امور العبادات والأديان، وليس من أمور الدول العقوبات.
    أما بعد،
    هل تريدون الحق، إن فكرة الحكومة الإسلامية، فتنة كبرى لأنها فكرة خاطئة، لاسند لها في القرآن الكريم، ودعاة الإسلام يتحدثون عن آيات قليلة، دون فهم ، ودون دراسة.
    إن وظيفة الحكومة في الدولة الحديثة، هو القيام بحاجات الناس في التعليم والصحة والبنى التحتية والمنشآت الأساسية كالمطارات والموانئ والطرق والمجاري والحدائق وتنظيم المدن، والمرافق العامة والإتصالات وتنظيم أمور معاش الناس وإقتصادهم وتوفير الموارد المالية لذلك ووضع الميزانيات وتنظيم أمور البيوع والشراء، وما إليها وفوق ذلك حفظ امن المواطنين في النفس والمال.
    هل تحتاج هذه المسائل إلى قانون إسلامي ودولة دينية؟ إنها جميعها مسائل مدنية، تنظم بالمجهود البشري، في كفاءة وإقتدار. جميع هذه الأمور ينظمها العقل البشري، في كل يوم جديد، لأنها تخضع لسنة التطور، شأنها شأن سائر أمور الدنيا .
    لا توجد قوانين إسلامية، وقوانين غير إسلامية... هل هناك قانون مرور إسلامي، وقانو ن مرور غيرإسلامي؟ وقل مثل هذا في سائر القوانين الحديثة.

    و للحديث صلة وعلى الله قصد السبيل

    بدرالدين يوسف دفع الله السيمت

    كتبه في البحرين في يوم الجمعة غرة ربيع الأول 1423 هجرية
    يوافق الرابع من فبراير 2011

    (عدل بواسطة Kostawi on 05-19-2016, 06:29 PM)

                  

05-19-2016, 06:33 PM

Kostawi
<aKostawi
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 39980

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: منبر السودان الديمقراطي بواشنطون يدعوكم � (Re: Kostawi)






    02-16-2011 03:56 PM
    الحكومة الدينية فكرة خاطئة لا سند لها في القرآن الكريم، ولا في السنة
    المطهرة، ثم هي دعوة مناقضة للدستور وللإعلان العالمي لحقوق الإنسان

    (2)

    بسم الله الرحمن الرحيم

    andquot; واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصةandquot;

    بدرالدين يوسف دفع الله السيمت

    مقدمة

    لقد تمادى السيد رئيس جمهورية السودان، أو على وجه الدقة، ما تبقى من السودان، في دعوته الباطلة، لإقامة حكومة دينية في شمال السودان... حكومة لا تعترف بالتعدد الإثني والثقافي كما قال في القضارف... حكومة تحكم بالجلد والبتر والصلب... حكومة تستجدي امريكا، بعد أن قالت يوما إن أمريكا والعالم الغربي تحت أقدامها!!

    وقبل الخوض في هذا الموضوع، فلا بد أن نبارك لمصر الشقيقة، إنتفاضة بناتها وأبنائها، وإنقشاع ظلمة الحكم المباركي الساداتي الناصري، الذي جثم على صدرها، أكثر من نصف قرن من الزمان، لقيت مصر والعالم العربي، خلاله الويلات والدواهي.
    في ذات الوقت، فإننا نحزن كل الحزن، ونأسف أسفا شديدا، لسقوط الضحايا، ليس في ميدان التحرير فقط، وإنما طيلة العهود الناصرية الساداتية المباركية... نرجو أن يفتح الله الآفاق لأهل مصر فيدخلوا في السلم كافة، ويطوروا ثورتهم العاطفية ، إلى ثورة فكرية سلمية، لا تبتغي شيئا، سوى الحرية والكمال والحق... ثورة سلمية يكون الفرد فيها غاية، لا يضح به في سبيل الجماعة.
    إن مصر اليوم في مفترق طرق، والخيار متروك للشعب المصري، إما أن يختار الطريق الصاعد إلى مشارق النور ومشارف الحرية، وإما أن يختار الطريق الهابط إلى مزالق السلفية والهمجية والحروب.
    ونعود لرئيس شمال السودان، والذي صمتت أجهزته الرسمية، عن أخبار ثورة مصر، التي تابعها العالم أجمع، وشغلت نفسها بمتابعة خطب الرئيس العجيبة، والمحشود إليها مسبقا.

    نعود للسيد الرئيس، فنجده، قد أعلن في ختام خطبة له بقرية الكباشي، على رؤوس الأشهاد، أنه إما أن يعود للإسلام مجده، او أن تراق فيه الدماء!! والسؤال الأول هو: لماذا لم يفلح السيد رئيس الجمهورية في إستعادة مجد الإسلام خلال أكثر من عشرين عاما، حكم فيها السودان حكما مطلقا إستبداديا ؟؟ ولكن السؤال المحير هو: أي دماء سوف يريقها السيد رئيس الجمهورية؟

    أهي دماء شعب شمال السودان، الذي يزعم الرئيس ، انه حقق له السلام ، بفصل الجنوب عن الشمال؟ إن هذا الحديث غير المسئول، ليس مجرد فلتة لسان، وإنما هو تدبير مبيت، و نهج قديم ومتواتر عن السيد الرئيس بصورة خاصة، ولبعض مستشاريه ووزرائه، بصورة عامه... هؤلاء جميعا، بما فيهم السيد الرئيس ، يتكلفون الحديث عن الديمقراطية والسلام، ولكنهم سرعان ما يعودون لطبعهم القديم، في التلويح بالعنف:

    وأسرع مفعول فعلت تغيرا تكلف شئ في طباعك ضده

    ولذلك فإن حديث السيد رئيس الجمهورية غير المسئول، يجب الا يمضي عابرا، ويجب أن نقف عنده طويلا، درءا لصد الشر القادم من كل الأبواب، والمطوي في تأسيس حكومة دينية في شمال السودان.
    ومن حقنا، أن نتساءل: لماذا اعلن السيد رئيس الجمهورية وقبيله الجهاد على سكان الجنوب، وسفكوا دماء الأبرياء، ثم عادوا للتباهى والتفاخر ، بتحقيق السلام ، بفصل الجنوب من الشمال، مثل الطبيب الفاشل الذي يفتخر بأنه قد شفى المريض، وأزال عنه الوجع، لأنه قتل المريض!! لماذا لم تفصل هذه الحكومة الجنوب منذ الوهلة الأولى؟
    هل تظن هذه الحكومة أن شعب شمال السودان، شعب بلا ذاكرة!! أو لم يكن أكرم لحكومة شمال السودان، أن تعلن للشعب السوداني، أنها إكتشفت أن فكرة الجهاد في جنوب السودان، هي فكرة خاطئة وباطلة، وأنها رجعت إلى الصواب والحق، فوقعت إتفاقية السلام ، لأن الرجوع للحق فضيلة، بدلا من أن تتخذ من عجزها فضيلة، تمتن بها على الشعب السوداني... إنها حكومة لا تشعر بالآم ذوي الضحايا ، ولا تحس بأية مسئولية دينية أو أخلاقية أو مادية تجاه مئات الآلاف من الضحايا الذين ضحوا بنفوسهم، وفقدوا مهجهم، وسفكت دماؤهم ، في سبيل فكرة جهاد الجنوبيين الخاطئة الباطلة.
    وبعد كل هذا، بأي وجه يتكبر هذا الرئيس على شعبه، ويزدريه ويحتقره، ويعتبر معارضيه، مجرد نمل، يمكن أن يحطمهم بكلمة واحدة لمؤيديه الذين يبلغون 90% من شعب السودان حسب زعمه!! ولكنه لم يفعل رحمة بشعبه المسكين، وتمسكا بأخلاقه الفاضلة!!
    ولنفرض أن للسيد الرئيس أغلبية ساحقة، وأجهزة أمنية مسلحة بمال الشعب ، أليست هذه دعوة للإبادة الجماعية لكل الأقليات ، تلك التهمة التي لا يزال سيفها معلقا على رقبة السيد الرئيس في جميع المحافل الدولية؟
    أو لم يقل هذا الرئيس، في يوم من الأيام ، أنه لا يريد أن يرى أسيرا ، أو جريحا في دارفور!! ماذا يريد أن يرى سيادته؟؟ أيريد أن يرى شعبه نملا يحطمه جنوده، وهم لايشعرون!!
    لقد ظن السيد الرئيس، بعد أن مهد لفصل الجنوب بالإصرار على نظامين قانونيين في البلاد، وتضمين ذلك في إتفاقية السلام الشاملة، وبالمضي في سياسته الظالمة التعسفية، المقيدة للحريات، ظن انه سينفرد بالشمال ويطبق عليه قوانين سبتمبر المهينة المذلة، التي لا تعترف بحرية العقيدة.
    تلك القوانين التي إبتدعها جنرال مثله، زعم يوما أنه إمام المسلمين، وجمع حوله أدعياء التصوف، وفلول الطائفية، الذين يدقون الطبول للرئيس اليوم، ويحرقون له البخور، ويبايعونه نفس بيعة الرئيس نميري، تلك اليمين الغموس الكاذبة، التي لا تزال معلقة في رقاب أهل الإنقاذ الذين بايعوا نميري، ثم نقضوا بيعته.

    لماذا يصر الرئيس ونائبه وقبيلهما على إبقاء ما يسمى بحد الردة في قانون عقوبات السودان؟

    أريد أن أشق هونا ما،على السيد الرئيس وقبيله ونائبه، الذي كان محاميا يدافع ويرافع أمام المحاكم بالنيابة عن الذين كانوا يحرضون على قتل الأستاذ الجليل محمود محمد طه!! أريد أن أشق عليهم هونا ما، وأسألهم عن حكم الردة المنصوص عليه في قوانينهم المزيفة؟ ولماذا يصرون عليه حتى الآن، وعلى من يودون تطبيقه، وهم يزعمون أنهم دعاة لحرية العقيدة!!
    لقد قتل بإسم قوانين سبتمبر الباطلة ، رجل من أنبل الناس وأميزهم وأزكاهم وأذكاهم وأكثرهم علما.... لقد قتل بإسم قوانين سبتمبر الرجل الوحيد في السودان، الذي أقترح حلا نهائيا، لمشكلة الجنوب، بدعوته الصريحة منذ عام 1955 لتطبيق نظام الحكم الفدرالي ليس للجنوب فحسب، وإنما للشمال وللشرق وللغرب وللوسط؟؟ لقد قتل بإسم هذه القوانين الجائرة، الرجل الذي كان يسمي مشكلة الجنوب، بمشكلة الشمال؟؟ أليست هذه تسمية حقيقية، وإستباقا لمشكلة دارفور والنيل الأزرق وجبال النوبة وشرق السودان؟
    لماذا يصر الرئيس وقبيله على قوانين سبتمبر التي قتل بإسمها صاحب اليقين الذي كان يسكن في بيت الطين؟ بأي حق قتلوا المتصوف الحقيقي الزاهد المنقطع لذكر الله ومحبته وتعظيمه، حقا وصدقا، رقا وتعبدا؟ بأي حق قتلوا رجلا يقول ربي الله؟
    لماذا يصر السيد الرئيس على حد الردة الذي قتل بتنفيذه الرجل، صاحب السيرة العطرة الممجدة، عند كل أهل الفكر الحر، والذي أفنى عمره في الدفاع عن الإسلام، والذي نجح في إبراز فردية الإسلام، بلسان عربي مبين... تلك الفردية التي رفعت الدين الإسلامي إلى مرتبة فكرية سامقة ودرجة روحية عالية، يقصر عنها تطاول كل متطاول!!
    فليطمئن السيد الرئيس، وليطمئن نائبه وقبيلهما، أن الله إستجاب لعبده الصالح محمود محمد طه، يوم نادى ربه نداء خفيا بقوله:andquot; إن كان هناك يوم ، لا أحب أن أرى فجره، فهو اليوم الذي تكون عندنا فيه، طبقة تموت من التخمة، وطبقة تموت من الجوعandquot; لقد أكرم الله عبده الصالح ، فلم يشهد عهد الإنقاذ.
    فليطمئن السيد الرئيس ونائبه وقبيلهما، فإن الرجل النبيل، قد إبتسم لجماهيرهم ، وهو على حبل المشنقة، إبتسامة الأب الشفوق، الحاني على الإبن العقوق، ثم عفا عنهم ولسان حاله يقول: اللهم أغفر لقومي فإنهم لا يعلمون.
    الآن ، بفضل من الله ونعمة، وبمدد دائم من الحي الذي لايموت، فإن قوم شمال السودان يعلمون، ولن يستطيع السيد الرئيس، ولا نائبه، ولا قبيلهما، ان يفعلوا ما فعله سلفهم وصاحبهم نميري، وينفردوا بشعب شمال السودان العظيم، في دولتهم المزعومة، والتي أسموها سخرية بالجمهورية الثانية، وهيهات هيهات لما يظنون.
    ليعلم السيد الرئيس ونائبه وقبيلهما، أن يدا علية سوف تناهضهم مناهضة سلمية فكرية، بسلاح الآيات القرآنية، وبالإعتصام بالله، وبالتوكل عليه بالكلية. ليعلموا منذ اليوم، أنهم سيواجهون من لا يقتل أحدا، ولكنه لا يخاف أن يقتله أحد... سيواجهون من يقول لكل واحد منهم ، نهارا جهارا: andquot; لئن بسطت إلي يدك لتقتلني، ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلكandquot;
    إن آيات القرآن تهد الجبال، ولا يوجد جبل يعصم السيد الرئيس ونائبه وقبيلهما من ماء أسرار القرآن!! إن جميع آيات القرآن لهم بالمرصاد، فإن لم يصبهم وابل، فالطل يكفي، فإن القرآن كله موجود في بعضه!! ليعلم هؤلاء، أن جذوة أكتوبر لم تمت، وإن غمرها رماد كثيف، وأن شعب الشمال لم يمت، وإن غشيه نوم طويل ، وما قيام الشعوب على الظالمين ببعيد.
    لقد قلنا في مقالنا السابق،إن الحكومة الدينية فكرة خاطئة لا سند لها في القرآن الكريم، وقد تمكنا بفضل من الله ونعمة ، من تجريد السلطة الحاضرة في شمال السودان من سلاح الآيات القرآنية، في لمحة خاطفة، هي أول الغيث.
    ونعود اليوم، بإذن الله لتجريد سلطة شمال السودان من سلاح الأحاديث النبوية، حتى تقف عارية أمام الناس، كما هي عارية أمام الله، إذ أن الحكومة الدينية فكرة خاطئة لا سند لها، في السنة المطهرة، والآثار النبوية الشريفة، وعند الله وحده نلتمس العون والسداد.

    نبي الإسلام العظيم لم يكن ملكا ، ولا رئيسا، ولا حاكما، ولم يكن يخاطب إلا بالرسول
    وبالنبي، وبالأسماء الأخرى التي تدل على التبجيل والإشراق، وعلى التعليم والإرشاد

    معلوم أن النبي الكريم، قد خير بين أن يكون نبيا ملكا، أو نبيا عبدا، فاختار أن يكون نبيا عبدا لله ... إختار الله، فاختاره الله، جزاء وفاقا، ونسبه إليه تعالى ، نسبة متواصلة، ومتواترة، ظاهرة بائنة، كأنها الوردة البيضاء في زهرة شجرة الأنساب العلوية.
    ومن الميسور إلتماس تلك النسبة العلوية، تسبيحا وتقديسا في قوله : andquot; سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصىandquot; وقيومية ورفعة في قوله تعالى : andquot; وأنه لما قام عبدالله يدعوهandquot; وحمدا وتنزيلا في قوله تعالى: andquot; الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاandquot; ثم وحيا وإشراقا، وتحقيقا، وإنسلاخا من ظلمة الطين، في قوله: andquot; فكان قاب قوسين أو أدنى* فأوحى إلى عبده ما أوحى* ماكذب الفؤاد ما رأىandquot;
    وأحب أن الفت نظر القراء الكرام، إلى أن الله لم يمدح نبيه العظيم، في القرآن الكريم، بملك أو برئاسة، وإنما مدحه بنبل الأخلاق وكرمها وعظمتها : andquot; وإنك لعلى خلق عظيمandquot; ولم يقل النبي قط، أنه بعث لإنشاء مملكة، وإنما قال : andquot; إنما بعث لأتمم مكارم الأخلاقandquot;
    ولم يحصل قط، أنه عليه السلام، قد خاطبه أصحابه، طيلة بقاء نفسه الطاهرة في إهاب الهيكل البشري، أثناء بعثته المشرفة ، لمدة ثلاث وعشرين سنة، بأي لفظ يدل على الملك ، أو الحكم أو الرئاسة، وعن الملك والحكم تعالى عليه السلام علوا كبيرا، فقد كان النبي مذكرا ولم يكن مسيطرا، سيطرة الحكام والملوك: andquot; فذكر إنما أنت مذكر* لست عليهم بمسيطرandquot;
    ولست أقصد بهذا التقليل من شأن الملك والحكم، والزراية بهما، ولكنني أقصد أن أضعهما في موضعهما الصحيح، من حيث أن الحكم، وظيفة دنيوية مدنية ، لها مهامها المرحلية في إدارة أمور الناس، وسياسة وتدبير معاشهم، تقتضي الحكمة في تنظيمها قدرا من السيطرة والتحكم والتفرغ، شأنها في ذلك، شأن الزراعة والصناعة والهندسة والطب والتجارة وهلم جرا... وإن كانت السيطرة والتحكم في أمور، الإدارة والقضاء، والشرطة، والحكم، أظهر مما في سواهم، بطبيعة الحال.
    ومعلوم أنه عليه السلام قد مارس التجارة، قبل بعثته المشرفة ، بل إنه في بداية الأيام الأولى للرسالة ، كان يمارس التجارة ، ليكسب قوت يومه، ويعول عياله، فأعاب عليه الجاهلون ذلك: andquot; وقالوا ما ل هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواقandquot; ولكنه ترك التجارة، وتفرغ بكليته، للنهوض بأعباء الرسالة، ونشر تعاليم الإسلام ، عندما إستعلن النور الإلهي به عليه السلام، بظهور شمس النبوة، حيث لم يكن من الممكن عمليا ممارسة أي عمل آخر معها ، فاغناه الله عن التجارة : andquot; ووجدك عائلا فأغنىandquot;
    ثم توكل النبي الكريم على ربه ببلوغ الحق المبين: andquot;فتوكل على الله، إنك على الحق المبينandquot; وتفرغ بكليته لتبليغ ما أنزل إليه ، وأداء ما ائتومن عليه، ففعل ذلك فعلا وليس قولا فقط ، وإن لم يفعل، فإنه ما بلغ رسالة ربه: andquot; يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك ، وإن لم تفعل فما بلغت رسالته، والله يعصمك من الناسandquot; فعصمه الله من ملك الناس، فلم يكن مسيطرا على أحد، بل كان متفرغا لوظيفته الجليلة في التذكير بالله: andquot; وما أنت عليهم بجبار، فذكر بالقرآن ، من يخاف وعيدandquot;
    وغني عن البيان، ان النبي الكريم قد سماه ربه، وعرفه الناس بمئات الأسماء ليس من بينها الملك، أو الحاكم ، أو الرئيس، فهو عبدالله ، وهو الرسول النبي الأمي، وهو أحمد، وهومحمد، وهو محمود، وهو حامد، وهوالسراج المنير ، وهو المبشر، وهو النذير، وهوالداعي إلى الله، وهو طه، وهو يس، وهو الطيب، وهو الطاهر، وهو الحاشر، وهو المتوكل، وهوالمأمون، وهو الأمين ، وهو صاحب الفتح المبين، وهو المصطفي، وهو المجتبى، وهوالشفيع، وهو الوسيلة، وهو صاحب الدرجة الرفيعة ، وهو الهادي، وهو المهتدي، وهو النور، وقديما قال أصحابنا:
    فإنك أنت نور النور باد وإن سموك لي طه الأمينا
    إنه نور الرب العظيم ، الذي كان متجليا على وجه النبي الكريم، من شدة تسليمه لربه: andquot; أفمن شرح الله صدره للإسلام ، فهو على نور من ربهandquot;
    تأمل جميع هذه الأسماء!! هل من بينها الملك؟ أو حاكم الولاية؟
    وتحضرني هنا قصة طريفة، أن إعرابيا قدم من البادية، فلما رأى النبي محمدا، أخذته هيبته، المعلوة بأنوار الرضا والتسليم، فلجلج في الكلام، فتبسم له عليه السلام، وقال: andquot; هون عليك، فإني لست ملكا، وإنما أنا إبن إمرأة من قريش ، كانت تأكل القديدandquot;
    لماذا ينفي عليه السلام عن نفسه الملك؟ ولماذا كان يقول لإصحابه : andquot; لا تعظموني ، كما تعظم الأعاجم ملوكها، فإنما أنا عبد، أجلس كما يجلس العبد، وآكل كما يأكل العبدandquot;

    نبي الإسلام العظيم، لم ينظم دواوين حكومة
    أو بلاط دولة، ولم يدبج موسوعة قوانين

    لو كانت الحكومة الإسلامية، فريضة دينية، لا يكتمل تبليغ الرسالة ، إلا بها، لأنشأ النبي الكريم بلاطا، ولنظم الدواوين، ولأعلن نفسه حاكما، أو ملكا، أو إمبراطورا، ولا يظنن ظان، ان هذه الأمور لم تكن معلومة، في ذلك العصر، فقد كان بلاط الروم، على مرمى حجر من يثرب، ولقد زار النبي الكريم، بنفسه بلاد الشام مرارا وتكرارا، بل إن قصص الملوك والدول مبسوطة في القرآن الكريم.
    لماذا لم يأمر النبي بتشييد السجون لحبس المجرمين، وسجن فرعون مذكور في القرآن الكريم؟ لماذا لم يصدر النبي الأوامر والمراسيم، وهو عليم بأخبار القياصرة والأكاسرة، بل إن من هم دونه من العرب كانوا يروحون ويغدون لحواضر جيرانهم أصحاب عرش كسرى العتيد؟؟
    لماذا لم يدبج النبي موسوعة للقانون الإسلامي، وقد دبج حمورابي قوانينه، قبل ميلاد المسيح؟ و لايستطيع أحد أن يحتج بأن النبي الكريم لم يكن يعلم ذلك والقرآن الكريم ، قد ذكر قصة الذي آتاه الله الملك مع أب الأنبياء إبراهيم ، في أرض حمورابي.
    لم يفعل النبي الكريم كل ذلك ، لأنه لايوجد نظام حكم في الإسلام.

    الحكومة الدينية ليست فريضة، ولا ركنا من إركان الإسلام

    لو كانت الحكومة الإسلامية، فريضة دينية ، لما تردد النبي الكريم، في تضمينها مع أركان الإسلام الخمسة، كما فعل بالشهادة والصلاة والزكاة والصيام والحج؟
    لم يفعل النبي الكريم كل ذلك، لأنه لا يوجد نظام حكم في الإسلام.

    ما هو شكل الحكومة الإسلامية المزعومة؟

    معلوم في مبادئ القانون الدستوري، والعلوم السياسية، التي تدرس أنظمة الحكم، إن هناك أشكال مختلفة لإنظمة الحكومات، ولإنواع الدول، ولكننا لا نجد أثرا لذلك في الدين الإسلامي، لأنه لا يوجد في الأساس نظام للحكم في الأسلام، وليست هناك طريقة شرعها النبي الكريم لإختيار رأس الدولة.
    لو كانت هناك حكومة إسلامية لبين النبي الكريم، طريقة إختيار رأس الدولة، ولكنه لم يفعل ... هذا أمر لايفوت على حكمة أي سياسي يدبر أمور الناس، دع عنك حصافة وذكاء النبي الكريم، إن لم نقل وحي بصيرته وإشراق نبوته.
    لهذا السبب العتيد ، فإن الأصحاب، قد إختلفوا في أمرإختيار رأس الدولة، إختلافا موبقا، من قبل أن ينفضوا أيديهم من تراب قبر رسول الله!! هل يعقل أن يختلف الأصحاب الكرام في أمر بينه لهم نبيهم؟؟
    فقد قال الأنصار ، الذين هم كتيبة الإسلام، للمهاجرين الذين هم السابقون الأولون، قالوا يومذاك : منا أمير ومنكم أمير!! أي أنه أمر مدني لتدبير الأمور، فليكن من المهاجرين أمير ومن الأنصار أمير.
    ولو كانت الخلافة والحكومة أمرا من أمور الدين، وركنا من إركانه، لما تردد فيه أنصار رسول الله الذين قال الله فيهم في محكم التنزيل: andquot; والذين تبوأوا الدار والإيمان من قبلهم، يحبون من هاجر إليهم، ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ، ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصةandquot; ومعلوم أن الأنصار قوم يكثرون عند الفزع، ويقلون عند الطمع، حسب وصف نبي الإسلام العظيم لهم.
    إن الأنصار غير متهمين في دينهم، وهم الذين يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، وفوق ذلك فإن أبابكر غير متهم في دينه، فهو الصديق، وهو صاحب رسول الله، بنص القرآن، وإن عليا غير متهم في دينه، وهو باب مدينة العلم، وهو أخ رسول الله ، الذي قال عنه النبي: andquot; علي مني بمقام هارون من موسىandquot;... وإن إبن الخطاب غير متهم في دينه، وهو الفاروق، بشهادة نبوية... وكذلك السيدة فاطمة التي قال عنها أبوها العظيم: andquot; فاطمة بضع مني يضيرني ما يضيرهاandquot; وما يقال عن هؤلاء الكرام الأماجد ، يقال عن البقية الباقية من السلف الصالح من كبار الصحابة على إختلاف في درجاتهم : andquot; هم درجات عند اللهandquot;
    إذن لماذا أختلفوا؟ إن المتأمل في التاريخ الإسلامي، يجد انه لا يوجد أي أساس لإختيار رأس الدولة، ومن هنا كان الخلاف، الذي سالت حوله الدماء أنهارا.

    كيف تمت بيعة أبي بكر؟

    تمت بيعة إبي بكر في سقيفة بني ساعدة ، دون حضور عدد كبير من الأصحاب، على رأسهم على بن أبي طالب والزبير بن العوام، وعبدالله بن عباس، ورهط من كبار المهاجرين والأنصار... ومعلوم أن عليا إبن أبي طالب، قد إمتنع عن مبايعة أبي بكر لمدة ستة اشهر كاملة، ولم يبايع علي ابابكر إلا بعد إنتقال السيدة فاطمة إلى ربها، وتعليل ذلك أن عليا لم يبايع عن قناعة، وإنما بايع درءا للفتنة، كما إتضح فيما بعد.
    وكذلك إمتنعت السيدة فاطمة بنت رسول الله، من مبايعة إبي بكر حتى وافتها المنية، بل إنها قد أوصت الا يصلي عليها أبوبكر ولا عمر، وقد نفذ علي وصيتها، بحذافيرها.
    إذن ، فإن بيعة أبي بكر رضي الله عنه، قد تمت في جو كثر فيه الصخب، وعلت فيه الأصوات، كما يحدثنا إبن هشام في سيرته... في مثل هذا الجو المتوتر، تمت بيعة أبي بكربمجرد الصدفة، أو الفلتة على حد تعبير الخليفة الثاني عمر الذي قال:andquot; لقد كانت خلافة أبي بكر، فلتة وقى الله الناس شرهاandquot;
    ويلاحظ أن أبابكر رضي الله عنه، في بداية خلافته قد شرع ليمارس التجارة، ليكسب عيشه، لولا أن منعه عمر، وقال: نجعل لك جعلا من بيت مال المسلمين، والذي لم يكن منظما يومئذ، لأن تنظيم المال مسألة دنيوية مدنية وليست مسألة دينية... وهذه الواقعة وحدها تكفي دليلا يثبت أن الخليفة الأول، لم يكن يرى وجود حكومة، ولم يكن ير أن إستخلافه وظيفة تستحق أجرا.
    نسبة لأن النبوة لا تورث، فإن وضع أبي بكر وصفته لم تكن واضحة في أذهان الأصحاب أنفسهم ، فناداهم أحدهم بقوله: andquot; ياخليفة اللهandquot; فأجابه أبوبكر: andquot; ذاك عيسى إبن مريمandquot; ثم اصطلحوا على تسميته خليفة رسول الله، وسموا عمر خليفة خليفة رسول الله، ولكن عمر خشي أن يشق ويطول ذلك على من يجيئون بعده، فسمى نفسه أمير المؤمنين، كمصطلح مدني لتصريف أمور الحكم .
    ومهما يكن من أمر، فإن أبا بكر نفسه، لم يكن ير أن الخلافة مسألة دينية ، عهد بها إليه النبي بدليل قوله لعمر : andquot;خذوا عني خلافتكم وردوا إلي دينيandquot; وذلك عندما رفض بكل حزم وبكل قوة، حرق علي وفاطمة في بيتهما ، عندما هم عمر بذلك ، لإجبارهما على مبايعة أبي بكر، كما هو مثبت في جميع كتب التاريخ، وكما رواها حافظ إبراهيم الملقب بشاعر النيل في عمريته الشهيرة، بقوله:
    حرقت دارك لا أبقي عليك بها ، إن لم تبايع وبنت المصطفى فيها
    هل يمكن ان تكون هناك فكرة إسلامية، توحي، ولو في الخاطر، ولو سهوا، بحرق علي كرم الله وجهه، وفاطمة البتول التي هي من خير نساء العالمين!!
    إن هذا احد الشواهد الكبرى التي تدل على أن فكرة الحكومة الدينية، لا أصل لها في الإسلام، بل في الحق ، فإنه لا يجوز دينا مبايعة كائن من كان سوى رسول الله ، بنص القرآن: andquot; إن الذين يبايعونك إنما يبايعون اللهandquot; وذلك بسبب أن طاعة الرسول هي طاعة الله:andquot; من يطع الرسول فقد أطاع اللهandquot;.
    فهل يمكن أن يقبل دينا، أو عقلا، أن الذي يبايع الرئيس عمر البشير قد بايع الله، طالما أن حكومته حكومة تزعم أنها حكومة إسلامية، وطالما أن رئيسها يدعي أنه يحكم بشريعة الله!! وكيف تجوز مبايعة الرئيس البشير، والرئيس البشير نفسه قد نقض بيعته للدكتور حسن الترابي!! والدكتور حسن الترابي نفسه، قد نقض بيعته للرئيس نميري!!
    وفي الحق، فإن أبا بكر ، قد كان تقيا ورعا، ولكنه قد أجبر في ظروف مربكة على تولي خلافة، ضاق بها ذرعا، وقال لعمر: andquot; خذوا عني خلافتكم وردوا إلى دينيandquot; سماها خلافتهم، وسمى الدين دينه، رضي الله عنه وأرضاه، فإنه صديق رسول الله، المخصوص بالصحبة، ومن أختص بالصحبة، فإنه لا يضل ولا يشقى. ... وتحدثنا كتب التاريخ، أن أبا بكر رضي الله عنه، قد بذل جهودا عديدة لكسب ود السيدة فاطمة، وهذا ليس بمستغرب، إذ أن أبا بكر بفضل صحبته المجيدة وصداقته الطويلة لرسول الله كان يعلم المكانة الروحية السامية للسيدة فاطمة، وأن رضاها أعظم من كل الحكومات.
    ومهما يكن من أمر ، فإن السيدة فاطمة، لم تتنازل، ولم تبايع أبا بكر، حتى آخر يوم في حياتها المبرورة، مما يلقي ظلا كثيفا من الشك، حول الحكومة الإسلامية... ليس ظلا كثيفا فحسب، وإنما يلقي يقينا محققا عند أولي البصائر، الذين يعرفون أسرار الدين.

    كيف كانت خلافة عمر؟

    لقد قلنا، ان أبا بكر قد ضاق ذرعا بالخلافة، وما جرته من عواقب دينية على شخصه الكريم ،فلما حضرته الوفاة، لم يجد شيئا غير رد الخلافة لعمر، إذ أنه لا يوجد منهج ولا طريقة لإختيار رأس الدولة.
    ولما كانت بيعته في أعناق المسلمين ، فقد كان أبوبكر يعلم سلفا، أن المسلمين لا يملكون مخالفة أمره، إلا إذا أمرهم بمعصية، ولذلك فقد رأى حسما للخلاف المتوقع، وبناء على إجتهاده الخاص، أن عمر هو أصلح من يتولى هذا الأمر، فعهد بالخلافة لعمر.
    ولوكان أبوبكر يعلم أن الشورى هي النظام الملزم، لما تردد في أن يترك الأمر شورى، إذ لا يعقل أن يتعمد رجل في مقام أبي بكر مخالفة تعليمات صريحة في الدين.
    وعلى نفس هذا النهج ، فإن عمر نفسه لم يعمل بالشورى، فقد حصرها في ستة، وإستبعد منها كل أنصار رسول الله من الأوس والخزرج، سكان عاصمة الخلافة الأساسيين، وملاك أراضيها، كما إستبعد منها بقية كبار الصحابة، أمثال عبدا لله بن عباس الذي هو حبر الأمة وترجمان القرآن، وعمار بن ياسر الموعود بجنان الرحمن... أكثر من هذا، فإن عمر، قد أمر بضرب عنق، كل من يخالف من الستة، في حالة إتفاق الباقين!! هل بعد كل هذا، يمكن أن يزعم زاعم، بوجود حرية إختيار.
    ولا يظنن أحد أن الموضوع قد كان مجرد خطأ في التطبيق، وان النظرية صحيحة... في حقيقة الأمر لا توجد نظرية، لأنه لا توجد حكومة دينية ، لا في نصوص القرآن الكريم، ولا في نصوص السنة المطهرة.
    وفي هذا المقام، لا بد أن نشير إلى أن الشورى التي يتحدث عنها السلفيون كثيرا، لا تعطي الحق في تأسيس أي نظام للحكم، لأن الشورى غير ملزمة للنبي الكريم، بطبيعة مكانته الروحية، وملكاته العقلية، وبنص القرآن أيضا، الذي ترك الأمر لعزيمة النبي، وليس لرأي أصحابه: andquot; فإذا عزمت فتوكل على اللهandquot;.
    ثم أن الآية الكريمة، قد قررت لين جانب النبي ، رحمة من الله بأصحابه : andquot; فبما رحمة من الله لنت لهمandquot; ثم أمرت النبي بالتجاوز عن أخطائهم، والعفو عنهم والإستغفار لهم، وتطييب خواطرهم بمشاورتهم:andquot; فاعف عنهم، واستغفر لهم، وشاورهم في الأمرandquot; هل يستطيع من عفي عنه، إلزام من منحه العفو، ومن إستغفر له؟ مالكم كيف تحكمون؟
    ونعود لخلافة عمر، فنجد أن ما نسب من نجاحات لخلافته، فإن أغلبها يرجع لأسباب مدنية وإدارية، إذ أن عمر لم يكن يختار معاونيه على أسس دينية، فهو قد ولى عمرو بن العاص على مصر، وعمرو هذا، رجل ليست له سابقة في الإسلام ، بل كان من ألد أعداء النبي ... وكذلك ولى معاوية بن أبي سفيان على الشام، ومعلوم أن معاوية وأهل بيته، قد كانوا قوما لدا في خصومتهم لرسول الله، وفي كيدهم لأصحابه ،حتى تم فتح مكة، فكانوا من الطلقاء، الذين عفا عنهم رسول الله.
    لقد فعل عمر هذا ، بأكبر أقاليم خلافته، مع وجود أهل الفضل والسابقة في الإسلام، وحفظة القرآن الكريم، لأنه كان يعلم أنه يدير دولة مدنية، يجوز فيها الإجتهاد العقلي وليس حكومة إسلامية، لا يوجد أي نص يسندها. وقد كان عمر يعلم أن رسول الله لم يستخلف احدا، أليس هو القائل: ( إن لم أستخلف أحدا، فقد فعل ذلك من هو خير مني، يعني النبي، وإن إستخلفت فقد فعل ذلك من هو خير مني، يعني أبا بكر).
    إذن لا يوجد أي أساس، إلا الإجتهاد المدني، وهذا هو السر، في أن عمر قد الغي عطاء المؤلفة قلوبهم مع وجود النص القرآني الصريح، وعطل تطبيق حد السرقة في عام الرمادة، مع وجود النص القرآني الصريح، ومنع زواج الكتابيات مع وجود النص القرآني الصريح، وحبس كبار الصحابة بالمدينة، دون سند من القرآن أو من السنة، وإنما هو الرأي والتدبير، في الأعمال المدنية، التي يقع في تقديرها الخلاف ، والأخذ والرد، وليس هذا المقال مجال إحصاء تلك الأعمال والقرارات التي تفوق الحصر.
    ومعلوم أن عمر قد أخذ الناس بالشدة، ولما كان لكل فعل رد فعل، كان طبيعيا - إلى جملة أسباب أخرى - ان ينتهي عهد عمر، على ابواب فتنة كبرى، سالت فيها دماء المسلمين، عبر التاريخ ، وحتى يوم الناس هذا، فإنه حيثما فتح موضوع الحكومة الدينية، فانتظر بوائق المحن وجوائح الشرور، وسفك الدماء.

    الفتنة الكبرى

    لست أبتغي في هذه العجالة الخوض في تفاصيل أحداث دامية، ضرب فيها المسلمون رقاب بعضهم بعضا، ويكفي أن تعلم أن أم المؤمنين عائشة ، والزبير بن العوام حواري رسول الله، وطلحة بن عبيد الله، وكلهم من أهل الفضل والسابقة، قد خرجوا على علي كرم الله وجهه، في واقعة الجمل، التي حصدت صحابة رسول الله حصدا.
    ولا أريد أن أفصل قتال معاوية لعلي كرم الله وجهه في واقعة صفين، حيث لجأ معاوية لإستغلال الدين لأغراض السياسة ، حينما هزمت جيوشه، فرفع المصحف الشريف على أسنة الرماح طالبا التحكيم!! هل هناك إستهزاء بآيات الله أكثر من هذا؟
    ثم إضطر على رضي الله عنه، لقتال أصحابه الذين خرجوا عليه في واقعة النهروان فسالت الدماء أنهارا... عندئذ إستيقن علي كرم الله وجهه، أن الأمر، ليس أمر دين، وإنما كله فتنة ، فطلب الإلتحاق بربه، فنادى ربه نداء خفيا، قائلا : متى يخرج أشقاها؟ فخرج عبدالرحمن إبن ملجم الفارسي، ففعل فعلته الشنيعة وصدقت نبوءة رسول الله، الذي قال يوما لعلي: andquot; أشقاها هو الذي يشج هذه ويخضب هذهandquot; واشار عليه السلام إلى جبهة علي ولحيته.
    إذا لم يستطع أصحاب رسول الله، وهم أهل الفضل والسابقة، تأسيس حكومة إسلامية، فهل يستطيع الرئيس عمر البشير وقبيله وغيرهم فعل ما عجز عنه أصحاب رسول الله؟ وهل يمكن أن تعتبر حكومة بني أمية التي قتلت الحسين رضي الله عنه، وسبعين من الطاهرين الطيبين من آل بيت محمد في يوم واحد، حكومة إسلامية؟
    وهل يمكن أن ينسى المرء أن يزيد بن معاوية، قد قتل عشرة الآف من أنصار رسول الله في واقعة ذات الحرة، التي إستباح فيها مدينة رسول الله؟ أو ليست هذه إبادة جماعية لأنصار رسول الله، الذين آووه وعزروه ونصروه؟ ما هي جدوى حكومة دينية ، تلتحف قداسة الإسلام، ثم تدوس على كل المحرمات والمقدسات، التي يمكن أن تحميها أية حكومة مدنية ، متوسطة المقدرات!!
    ولا أريد أن أخوض في دولة بني العباس وفي الخلافة التركية ، وما شابه ذلك ، ويكفى أن تعلم أن الخلافة العباسية ، إفترعها خليفة ملقب بالسفاح، وأن المأمون أعظم خلفاء بني العباس ، قد قتل أخاه الأمين، مثلما قتل أبوه هارون الرشيد وزراءه وأعوانه من البرامكة، ومثلما فعل أبو جعفر المنصور، بوزيره وساعده الأيمن أبي مسلم الخراساني، ولا داعي للخوض في بقية المآسي.
    ومع هذا ، فإن تلك الدول، تعتبر دولا ناجحة في المجال المدني، إذا ما قورنت بدول زمانها، بل إن جميع الدول القائمة في يوم الناس هذا، إنما قامت بدهاء الساسة، ومكر الجنرالات، على أشلاء الموتى، وجثث الجنود المجهولين... ولكن لا يمكن أن يزج باسم الدين المقدس، في أوحال مثل هذه الدول .
    لذلك لم يكن مستغربا، أن تفتتح الإنقاذ عهدها بسفك الدماء، ثم تسير بعد ذلك في نهج دموي تسلطي يعلمه الجميع، فأرجو أن يخفف الله على عباده عواقب ذهاب هذا العهد، الذي أرجو أن نكون الآن نعيش في أخريات أيامه، وما ذلك على الله بعزيز، فإن لم يكن ذلك كذلك، فالحكم لله العلي الكبير.
    هل تريدون الحق!! لا يوجد شئ إسمه الحكومة الإسلامية، ونعود لرسول الله العظيم، لنرى كيف كان يخاطب الملوك، وكيف كان يترك للناس أمور دنياهم.

    كيف كان يخاطب النبي الكريم الملوك والأباطرة المعاصرين له
    وهل كان يطلب منهم إقامة حكومة إسلامية؟


    من حسن التوفيق، أن كتاب التاريخ قد حفظوا لنا مراسلاته عليه السلام إلى من عاصره من الملوك، في رسائل عديدة، مختومة بختمه، منها تبين لنا كيف كان عليه السلام ، يخاطب الملوك مخاطبة تليق بهم كعظماء أٌقوامهم.
    فقد خاطب هرقل ملك الروم وإمبراطورهم وسماه عظيم الروم، حسب رواية إبن حجر العسقلاني، ولا يوجد في الخطاب، أية دعوة لحكومة إسلامية، بل العكس من ذلك ، فقد دعا النبي الكريم لأن يثبت الله ملك هرقل ، وقال له: إني أدعوك بدعاية الإسلام andquot; قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواءandquot; وطلب منه الدخول في الإسلام، لأن هذا هوسبب البعثة النبوية، ولم يطلب منه أي طلب آخر.
    وبنفس الأسلوب خاطب النبي الكريم، المقوقس عظيم القبط، وكسرى عظيم فارس، والذي ورد في الرسالة المرسلة إليه: andquot; أدعوك بدعاء الله، فإني أنا رسول الله إلى الناس كافةandquot; ولم يعرف عليه السلام نفسه، بغير رسول الله، فهو ليس غازيا، ولا جابيا ، ولا ملكا، وإنما رسول الهدى ودين الحق.
    واستهل رسالته إلى النجاشي بالثناء على عيسى روح الله، ومريم البتول، وفي هذا منتهى البراعة في الإستهلال، فلكل مقام مقال، ولم يزد عليه السلام على النصيحة، وعلى قوله: andquot; أقبلوا نصيحتيandquot; فأين الحكومة الإسلامية هنا، وهل كان من الممكن، ألا يبلغ رسول الله، أمر الحكومة الإسلامية، لو كان مكلفا من الله بذلك؟
    أكثر من هذا، فقد خاطب النبي الكريم المنذر بن الحارث صاحب دمشق بقوله: andquot; يبقى ملككandquot; وخاطب المنذر بن ساوي حاكم البحرين بقوله: andquot; أجعل لك ما تحت يديكandquot;
    فلماذا لم يذكر النبي الكريم الحكومة الإسلامية في اخص المواضع وهو يخاطب الملوك.

    أنتم أعلم بأمور دنياكم

    معلوم أن النبي الكريم، قد قال في حديث تأبير النخل، وتلقيحها قولته المشهورة، التي سارت بها الركبان: andquot; أنتم أعلم بإمور دنياكمandquot; وهذا تأكيد لما سبق أن قررناه من أن الزراعة، وكل أمور الدنيا، من سياسة وحكم وإدارة وصناعة، وتجارة، لا تقع في دائرة المسائل الدينية، والتي هي امور روحية، لا تفهم إلا بعقل المعاد، و ببصيرة نورانية، أما عن طريق الوحي، أو بنور يهدي به الله من يشاء من عباده، كما هو واضح من قوله : andquot; وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا، ما كنت تدري ما الكتاب ، ولا الإيمان ، ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادناandquot; وكما هو واضح من قوله: andquot; يلقي الروح من أمره على من يشاء من عبادهandquot;
    إذن الحكومة ، من أمور الدنيا، والناس أعلم بأمور دنياهم، وقد دلت التجربة البشرية الطويلة على ذلك، وسوف نعود لبعض التفصيل في الحلقة الثالثة عن الدستور والقانون.
    أقول قولي هذا وليس غائبا عني، أن النبي الكريم، قد قصد تعليم أصحابه ، دروسا في التوكل على الله، في حديث تأبير النخل، ولكن العبرة بعموم اللفظ، وليس بخصوص السبب، كما يعلم الفقهاء... أقرأ مرة أخرى: andquot; أنتم أعلم بأمور دنياكمandquot; أليس هذا حديثا واضحا، شديد الوضوح، فمن أين جاء اللبس إذن؟
    لقد جاء اللبس من أسباب شتى، أذكر لك أهمها:
    أولا: إن تداعيات الجهاد قد تمخض عنها ، ممارسة النبي الكريم بعض الأعمال التي تشبه أعمال الحكومة، كتوجيه الجيوش، وتوزيع الغنائم، وإقامة الحدود.
    وثانيها: أن بعض الأنبياء قد تولوا إدارة بعض الممالك.
    ونجيب على هاتين المسألتين بما يلي:

    النبي الكريم يضع الأساس الديني لإلغاء الجهاد


    نحن نقول ان الجهاد مرحلي، بسبب تدرج آيات القرآن من الآفاق إلى النفوس، وإلى بيان الحق، وشهود الحق، المطوي في قول الله تعالى:andquot; سنريهم آياتنا في الآفاق، وفي أنفسهم ، حتى يتبين لهم أنه الحق، أو لم يكف بربك أنه على كل شئ شهيدandquot; فلكل كلمة في القرآن معنى في الآفاق، ومعنى في النفوس، ومعنى في بيان الحق، ومعنى في شهود الحق، ولذلك فإن للقرآن ظاهر جلي وباطن خفي، وحد أخير ومطلع أول: andquot; هو الأول والآخر والظاهر والباطنandquot;، وقد فصلنا ذلك في مواضع أخرى في كتبنا.
    لهذا السبب العتيد ، فإن النبي الكريم، قد كان يقول عقب كل غزوة: andquot; رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبرandquot; يعني رجعنا لتطبيق آيات النفوس التي هي اكبر من آيات الآفاق، وأخذا من هذا فسر أصحابنا الصوفية كلمة الكفار في قوله تعالى: andquot;قاتلوا الذين يلونكم من الكفار andquot; بالحواس ، وهذا معنى لطيف في آيات النفوس، لأن حواسنا هي التي تلينا، وهي أقرب إلينا من الكفار الخارجيين، ولكن هناك من دقائق المعاني ما أعمق من ذلك بكثير .
    وقد إجتهد بعض المفكرين الإسلاميين، لإلغاء الجهاد، في القاديانية والبهائية، ولكنها كانت إجتهادات فطيرة، تفتقر إلى التعمق، وإلى العلم المستوفي لكل النصوص ، وإلى الدراية بالحكم الخفية وراء النصوص، حتى جاءت المحاولة الناجحة، على يد العبد الصالح محمود محمد طه، إلا أن محاولات الأستاذ محمود تحتاج إلى تطوير وتجديد وتفصيل ، ولم يكن كل ذلك غائبا على الأستاذ الجليل محمود، وقد أشار إليه هو بنفسه في بعض مواضع كتاباته، ولكن ليس هذا هو موضوعنا الآن.
    وما يهمنا هنا، ان النبي الكريم، قد كان يضع بذرة إلغاء الجهاد بعد كل غزوة يغزوها، بل كان لا يشارك في الحرب بسيفه، وإنما يجلس على عريش ينصب له، وهذا في حد ذاته، إشارة لمرحلية الجهاد، إذ لو كان الجهاد فرضا وأصلا، لما تردد النبي الكريم في المجالدة بسيفه، والمبارزة بنفسه.
    ولما جاء يوم فتح مكة، كشف النبي الكريم عن مرحلية الجهاد في خطبته العظيمة، التي جاء فيها :
    andquot; إن مكة حرمها الله، ولم يحرمها الناس، ولا يحل لإمرء يؤمن بالله واليوم الآخر، ان يسفك بها دما.. لم تحل لأحد كان قبلي، ولا تحل لأحد يكون بعدي، ولم تحل لي إلا هذه الساعة... فلا يسفك بها دما ولا يعضد بها شجرا، فإن أحد ترخص بقتال رسول الله، فقولوا له: إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم، وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، فليبلغ الشاهد الغائبandquot;
    وقد ظهر هذا الإذن بصورة جلية في قوله تعالى: andquot; فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم، وما رميت إذ رميت ، ولكن الله رمىandquot; بمعنى آخر، ان النبي غير مسئول، عن سفك تلك الدماء، لوجود أمر إلهي قاهر، تولت به الإرادة الإلهية قتل أولئك المعارضين واستعملت أصحاب النبي الكرام في تنفيذ ذلك القدر القاهر: andquot; فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهمandquot;، وهذا من الأسرار العرفانية الدقيقة التي إختص بها النبي الكريم، ولم يحل سفك الدماء لأحد من قبله ولا يحل لأحد يكون من بعده، كما قال عليه السلام.
    معلوم أن تعظيم مكة، إنما يرجع لوجود المسجد الحرام وللقبلة التي بها أعني الكعبة المشرفة، ومعلوم أن رسول الله قد قال: andquot; جعلت لي الأرض مسجدا طهوراandquot; إذن مكة، إشارة إلى الأرض كلها.
    فإذا علمت أن الله موجود في كل مكان: andquot; وهو معكم أينما كنتمandquot; وإذا علمت أنك حيثما وليت شطرك، كان هناك وجه الله :andquot; فأينما تولوا فثم وجه اللهandquot; أي أن القبلة في كل مكان ، ولكنها سامية عالية، لا يراها إلا أهل الرضا: andquot; قد نرى تقلب وجهك في السماء ، فلنولنيك قبلة ترضاهاandquot;
    إذن هذا الحديث، إذا صادف أذنا واعية، فإنه يمهد لتحريم سفك الدماء، في أي مكان ، وفي أي وقت، ولإلغاء الجهاد إلغاء نهائيا، والذي لم يكن يملك أحد الإذن لإعلانه ، سوى رسول الله، والذي لم يأذن الله له ، إلا في ساعة من نهار، إي في مرحلة محددة من الزمان، إنتهت بإلتحاق النبي الكريم بالرفيق الأعلى.
    والغريب في الأمر ، أن أحد الأصحاب الذي كان شاهدا فتح مكة، قد قال عند روايته لهذا الحديث، كما يحدثنا صحيح البخاري : andquot; لقد سمعته أذناي، ووعاه قلبي، وأبصرته عينايandquot; فنضر الله وجه إمرء ، سمع مقالة عن رسول الله ، فبلغها كما سمعها، فرب مبلغ أوعى من سامع.
    وعليه فلا يستطيع أن يحتج محتج ببعض مظاهر الإدارة التي باشرها النبي الكريم لتنفيذ احكام الجهاد المرحلي، لأنه حتى في هذا المستوى المؤقت، فقد كان النبي يحكم بما يريه الله في كل لحظة : andquot; لتحكم بين الناس بما أراك اللهandquot; فمن من حكام الإنقاذ اراه الله شيئا يحكم به؟؟
    هذا فضلا عن أن الرؤية في الآية تعني الرؤية العرفانية، كما أن كلمة الناس في الآية تشير إلى الناس في جميع الأزمان، لأن النبي الكريم موجود بروحانيته اللطيفة في جميع الأزمان، وما يعقلها إلا العالمون، وإني لأعجب لمن يعلم أن عيسى روح الله، ولا يعلم أن محمدا روح الله، ومن باب أولى.
    وحتى في ذلك التنزل لأرض الناس ، فقد كان النبي مخيرا أن يحكم أو يعرض andquot; فاحكم بينهم أو أعرض عنهمandquot; وهذا وحده يثبت عدم وجود حكومة دينية... فإذا كانت هناك حكومة دينية، فإن النبي يكون ملزما بالحكم ، والا يعرض عنه في أي وقت، هذا بالإضافة، إلى ان كلمة الحكم ليست مشتقة من الحكومة، كما سلف القول.
    إذا كان النبي الكريم، على جلال قدره، لم ياذن له الله له بالجهاد إلا في ساعة من نهار، أو وقت من زمان، فمن أذن للرئيس البشير ان يسفك الدماء، في كل الأوقات؟

    النبي الكريم يضع الأساس الديني لإلغاء الحدود

    لاأريد أن أطيل هنا، إذ أن موضوع الحدود، قد تمت دراسته وبحثه، في مواضع أخرى، وقلنا يومئذ، إن كلمة الحدود لم تنسب للعقوبات في القرآن، وإنما سميت العقوبات حدودا، كمصطلح فقهي، مأثور عن النبي الكريم.
    ولكنني ، ما أحب أن أزايل مقامي هذا، قبل أن أشير الى الحديث المشهور : andquot; أدرأوا الحدود بالشبهاتandquot; والذي يعني الغوا الحدود بالشبهات، ويؤخذ هذا من معنى فعل الأمر andquot; أدرأوا andquot; كما هو مبسوط في القرآن:
    أقرأ قوله تعالى: andquot; وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيهاandquot; أو قوله: andquot; فادرأوا عن أنفسكم الموتandquot; أو قوله : andquot; ويدرأون بالحسنة السيئةandquot; ألا تعني كل هذه الآيات الإلغاء والإذهاب بالشئ المذكور فيها نهائيا، كما هو واضح من قوله: andquot; إن الحسنات يذهبن السيئاتandquot;.
    وقد توسع الممتازون من الفقهاء المسلمين، مثل أبوحنيفة النعمان، في معنى الشبهات، حتى ذهب أبوحنيفة إلى القول، بإن المتهم بالسرقة إذا إدعى كذبا، ملكيته للمال المسروق، لا تقطع يده، لقيام الشبهة، والجدير بالذكر ان الإمام اباحنيفة ، كا ن يقتفي آثار استاذه الإمام جعفر الصادق، مؤسس الفقه الشيعي الجعفري، مما يدل على إتفاق جميع المدارس الفقهية، على التوسع في معنى الشبهات.
    التوسع في معنى الشبهات، مطلوب دينا وعقلا وقانونا، إذ أن الخطأ في العفو، خير من الخطأ في العقوبة، ولئن تبرئ ألف مذنب، خير من أن تدين بريئا واحدا، ومن الخير دائما الستر والغفران، وعدم الجهر بالسوء من القول، وكل ذلك من المروءة، وحسن الأخلاق.
    إن قيام الكثير من الشبهات، حول وقائع أي إتهام بإية جريمة، هو أمر كثير الورود، ويعلم هذا كل من له إلمام صالح بمبادئ القانون الجنائي، وعلم الإثبات ، والإجراءات الجنائية، ولكن يهمنا أكثر أن درء الحدود بالشبهات، يعني إلغاء الحدود.

    ما شأن الأنبياء الذين مارسوا بعض الأدوار الإدارية؟

    بادئ ذي بدء، لابد من تقرير أن ملك الأنبياء، هو ملك الكتاب والحكمة: andquot; فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة، وآتيناهم ملكا عظيماandquot; وهذا الملك العظيم، لا يرى إلا بالرؤية الثانية المتأملة العميقة، المثبتة في قوله: andquot; وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيراandquot; .... وهذا هو بعض من السر، الذي حدا بالزاهد الصالح إبراهيم بن أدهم، أن يقول قولته المشهورة: andquot; نحن في لذة، لو لعلمها الملوك ، لجالدونا عليها بالسيوفandquot;
    معلوم أن كبار الأنبياء، والرسل أولي العزم، المأمورين بإقامة الدين، والمذكورين في قوله: andquot; شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا، والذي أوحينا إليك، وما وصينا به ، إبراهيم وموسى وعيسى، أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيهandquot; لم يمارسوا ملكا، ولم يقيموا دولة، لسبب عرفاني، يتطلبه التفرغ لأعباء الرسالة، والتعليم والإرشاد، بصورة لا تمكنهم من القيام بأي عمل آخر ، مع تلك المهام العظيمة، والأعمال المستجدة ، كل صبح جديد.
    ويلاحظ أن الآية لم تقل andquot; الأديانandquot; وإنما قالت andquot; الدينandquot; لأن الدين في القمة دين واحد، هو التسليم للواحد القيوم... هذا هو الإسلام الذي لا يقبل الله دينا غيره:andquot; ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منهandquot; لأن الإسلام هو الدين الذي عند الله andquot; إن الدين عند الله الإسلامandquot;... بهذا المعنى، فإن دين الإسلام، موجود قبل محمد... فإبراهيم مسلم، وموسى مسلم، وعيسى مسلم: andquot;النبيين الذين أٍسلمواandquot; أو : andquot;إنا كنا من قبله مسلمينandquot;... هذا هو الأسلام بمعنى الفطرة الوجودية، وليس العقيدة الدينية.
    وبالطبع فإن إلاسلام في هذا المكان السامق عند الله، لا يعني إسلام الهوس الديني، عند الناس، والذي تحكم به حكومة السيد البشير، وتحشد له الحشود، كل يوم من أجل إرهاب المعارضين، مع تلويح السيد الرئيس، بإستعمال العنف، في خطبه العجيبة.
    ويلاحظ أن بعض الأنبياء، في بعض الحقب التاريخية، قد إكتفوا بالتأييد الروحي لبعض الملوك المبعوثين ، لمهمات خاصة، كما هو وارد في قوله: andquot; وقال لهم نبيهم ، إن الله قد بعث لكم طالوت ملكاandquot;
    إن القول بأن كبار الرسل، لم يكونوا ملوكا، لا يعني أن من هم دونهم في المرتبة من الرسل ، لم يتولوا ملكا مرحليا ، في ظروف خاصة، أملتها ضرورات معينة. فقد تولى داؤد الملك، بعد أن بلغ درجة الخلافة في الأرض التي يقف عليها: andquot; يا داؤد إنا جعلناك خليفة في الأرض، فاحكم بين الناس بالحق andquot;
    قال: فاحكم بالحق، ولم يقل: فاحكم بشريعة معينة، لأنه لا توجد حكومة دينية محددة الشكل، إذ أن منازل الحق، تتنزل في المنازل، من يوم إلى يوم... لهذا السبب، فإن داؤد نفسه، وعلى مكانته السامية، لم يتبين له وجه الحق تماما، عندما حكم في الحرث الذي نفشت فيه غنم القوم، فقصر أن يفهم ما فهمه إبنه سليمان، وقد ورد في ذلك قول الله: andquot; ففهمناها سليمان، وكلا آتينا حكما وعلماandquot;
    هذا الفهم وهذا الحكم وهذا العلم،هو الذي جعل النبي الكريم ، يختار أن يكون نبيا عبدا، ولم يختر أن يكون نبيا ملكا... إن مجرد التخيير إنما يعني فيما يعني، جواز تولي الملك للنبي في تنزل، ولكن النبي الكريم إختار الخيار الأعلى، إختار العبودية مع النبوة، ولم يختر الملك مع النبوة، ومن هناك كان الأصل الأصيل في الإسلام ، هو عدم وجود حكومة دينية في الدين الإسلامي.
    وعندما نقول أنه لا توجد حكومة دينية في الإسلام، فإن هذا لا يعني الا تسترشد الحكومات المدنية، ببعض المبادئ الدينية في معاني العدالة والحق والمبثوثة في القرآن أو في أي دين آخر، أو أي فكر آخر من التراث البشري بطوله وعرضه وعمقه. هذا موضوع آخر سوف نفصله، في الحلقة الثالثة من هذا المقال، والمتعلقة بالدستور والقانون.
    ولكننا نعني أن نقول، أنه لا توجد في الإسلام حكومة دينية يرأسها شخص ، يتسمى بالخليفة، أو ما يعادله من أسماء، لأن مقام الخلافة هومقام رتبة عرفانية، يمنحها الله لمن يشاء من عباده، كما هو واضح من الآية: andquot; إنا جعلناك خليفةandquot; ولذلك ، فإنه لا يستطيع أحد أن يجعل نفسه خليفة يبايعه الناس، ولما قال عثمان، وهو صحابي جليل: andquot; لا أنزع قميصا قمصينه اللهandquot; حدثت أكبر فتنة في التاريخ، راح ضحيتها خلق كثير، على رأسهم هذا الصحابي الجليل.
    وما زالت دماء الفتنة تجري في نهر الزمان، حتى تقمصها السيد رئيس جمهورية شمال السودان، والذي آمل أن يثوب إلى الرشد، وينفض يده من هذه الدعوة الباطلة، التي تهدد الوحدة الوطنية لشمال السودان، وتنذر بعواقب وخيمة.
    ومما ينفي القول بوجود حكومة دينية يحكم بها الأنبياء، ان يوسف الصديق، وهو من أعظم الأنبياء رفعة، قد تولى مهام الولاية على خزائن ملك مصر، وهي مهمة تشبه مهام وزير المالية. ويلاحظ أن يوسف الصديق، لم يقل للملك، أن حكومته حكومة غير دينية، ولكنه إكتفى بتقديم مؤهلاته الشخصية لملأ المنصب المطلوب، دون أن يذكر أنه نبي: andquot; قال اجعلني على خزائن الأرض، إني حفيظ عليمandquot; ، وقبل الملك طلب يوسف الصديق، وعينه وزيرا له، وكان من أعظم وزرائه.
    إذن العارف ، او النبي، يمكن أن يتولى أي منصب ، بناء على المؤهلات والكفاءة ، والحفظ والعلم، والصدق والأمانة، وفق الحق والعدل، شأنه شأن أي مواطن آخر.
    ومعلوم أن داؤد قد كان حدادا، وكان موسيقارا، وأن نوحا قد كان نجارا، وأن المسيح قد تدرب على أعمال النجارة، وأن النبي محمدا قد مارس التجارة ، وأن سليمان قد مارس الملك، ولكن هذا لايعني أن هناك حدادة دينية، أو موسيقى دينية، أو نجارة دينية، أو تجارة دينية، او مملكة دينية.
    جميع هذه المسائل أمور مدنية دنيوية، سنعود لإلقاء المزيد من الضوء عليها عند حديثنا في الحلقة القادمة، عن الدستور والقانون، والتي أرجو أن يعينني الله على كتابتها، وعلى الله قصد السبيل.

    طالع سعد وفأل حسن

    إنه لمن طوالع السعود والفأل الحسن، والحظ العظيم، ان تتزامن هذه الحلقة عن : andquot;الحكومة الدينية فكرة خاطئة، لا أساس لها في السنة المطهرةandquot; مع ذكرى ميلاد نبي الإسلام العظيم، له مني أزكى التحية، وأعظم الإجلال، وأخص التسليم، ولعل في هذا التوافق والتوفيق، ما يوكد بشائر ميلاد العهد الجديد... عهد السلام عهد الحب.


    بدرالدين يوسف دفع الله السيمت
    كتبه في البحرين في ليلة المولد النبوي الشريف من عام 1432 هجرية
    يوافق الرابع عشر من فبراير 2011 ميلادية
    [email protected]

    ــــــــــــــــــ
                  

05-20-2016, 06:05 PM

Kostawi
<aKostawi
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 39980

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: منبر السودان الديمقراطي بواشنطون يدعوكم � (Re: Kostawi)

    up
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de