وجه مهيار.. وجه مهيار نار ، تحرق ارض النجوم الأليفة ، هوذا يتخطي تخوم الخليفة ، رافعا بيرق الأفول ، هادما كل دار ، هوذا يرفض الإمامة ، تاركا يأسه علامة ، فوق وجه الفصول
(ادونيس: اغاني مهيار الدمشقي)
كبر
05-04-2016, 08:34 AM
Kabar
Kabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18547
اعيش مع الضوء: مع الضوء عمري عبير ، يمر وثانيتي سنوات ، واعشق ترتيلة في بلادي ، تناقلها كالصباح الرعاة ، رموها على الشمس قطعة فجر نقي ، وصلوا عليها وماتوا ، اذا ضحك الموت على شفتيك ، بكت من حنين اليك الحياة (ادونيس: اغاني مهيار الدمشقي)
الى اصدقائي في حب الجمال والإنسانية..جماعة (حاجة فيك ألأدبية) وكنا وقتها اربعة ، دون ان نعرف قيمة المخروط وشكل الهرم الذي كان يتجلي في رسم حياتنا وتاريخينا الشخصي المنسي ، في اهرمات جدودنا ، في قطاطي اهلنا: عبد الباقي حامد الجزولي ، حامد ابراهيم شطة ، نصر الله عطا عمر ، ومحمد النور كبر..!
كبر
05-04-2016, 08:38 AM
Kabar
Kabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18547
حينما دلفنا اعتاب جامعة الخرطوم ، ونحن نزهو بعنفوان سنوات الشباب الأولى ، التي تمتلئ غرورا باننا نحن العالم ، او على الأقل بأننا سنغير العالم ليكون ما نرى نحن ..! ونحن برالمة (أي بالسنة الأولى) في كلية القانون بجامعة الخرطوم ، كانت النخبة السياسية حاضرة وهي تتبين ملامح الصيد السهل ، فكانوا يتلقوننا بالبسمات والترحاب ، واول مجموعة اذكرها كانت اربعة طالبات ، وهن من الدفعات التي تسبقنا في كلية القانون بجامعة الخرطوم ، منهن اماني الفكي وماجدة عبد المجيد..وكنت قد التقيتهن ضمن مجموعة من البرالمة ، وكانن يتحدثنا بطريقة انسانية للغاية ، ماذا نتوقع من الجامعة وماذا تتوقع الجامعة منا ، ثم بعد سنوات ماذا يتوقع المجتمع منا حينما نخرج.. كلام طيب ، يدخل في خانة التطمين ومحاولة خلق الإستقرار النفسي ومجابهة انزلاقات التوتر النفسي (دوشة البرالمة الأولى)..! حينما عدت الى غرفتي بداخلية (اربعات ) واسمها مشتق من نهر سوداني ، قليل من يتذكره هنا ، ومن ذاك الإسم كنت امارس السخرية الذكية على طريقتي الخاصة ، واقول أن كل داخليات البركس لم تترك حفرة ماء طبيعية في السودان ولم تسمي عليها داخلية ( السوباط ، اربعات ، بحر الغزال ، بحر الجبل ، النيل الأزرق ، النيل الأبيض ، خور بركة ..الخ)..وكنت اسخر ان العقلية السودانية لا تجيد الإبداع..!!
حينما عدت ، الى غرفتي ، في داخلية اربعات ، وكنت اكتب الخواطر كثيرا ، انتابتني لحظة الإنفعال/ الخواطر ، فكتبت مقالة صغيرة اسميتها (حينما يكون القانون انسان) ، وقتها لم نكن نملك الكمبيوتر والآلات الطابعة ، وكنا نشترى اوراق (الفلسكاب) فاشتريت صفحتين فقط من كشك في شارع الجامعة ، وانا اجاهد أن يقتصر كلامي على تلك المساحة المحدودة (اشتريت هذه الكمية الضيئلة ، لأني كنت فقيرا ولا املك ثمن كميات اكبر)..وكانت العادة في كلية القانون ان هناك منبر حائطي صغير (بورد مصنوع من الخشب ابلكاش ، معلق في مدخل الكلية بالقرب من الكافتيريا ، تعلق فيه الصحف اليومية والخواطر التي يكتبها الطلاب والطالبات)..وكان في موضع ظاهر ومقروء للجميع (طلاب، طالبات ، الكلية ، اساتذة الكلية ، زوار الكلية ، طلاب وطالبات الكليات الأخرى) ، وكانت هي حرية التعبير في ابهى وجوهها ، تكتب ما ترى وتعرضه على الناس ، منهم من يستحسنه ، منهم من يستكرهه ، ومنهم من يهز اكتافه بلا مبالاة ، ومنهم من لا يكلف نفسه في التوقف ، فهذا هو التنوع حينما فهمناه في نواته الأولى.. كان ذاك هو التسامح تجاه الأخر الذي عرفناه في نواته الأولى..!!
علقت خاطرتي (حينما يكون القانون انسان)..و ذكرت تجربة استقبال الزميلات المذكورات اعلاه..!!
بعدها ، حدثت تطورات لم تكن في الحسبان ، حيث اخذت وجوه كثيرة تتحدث الينا بطيبة وحنية ما انزل الله بها من سلطان..وكانوا هم اهل الأحزاب والنخبة السياسية.. كل منهم يظن اننا فئ هامل لابد من اغتنامه (طبعا حتى اللحظة تتعامل النخبة السياسية بمبدأ الغنيمة ، ان من لا يعرف لهم انتماء سياسي واضح فهم فئ يحق للجميع التنافس للظفر به..!!).. وكانت الدنيا وقتها ديموقراطية ، ورئيس الوزراء هو السيد الصادق المهدي ، ومن الطرائف ، كنت اذهب ومعي ابن عمي برلوم كلية الآداب (ابوبكر محمد كبر ، وانا اسمي على والده ، وهو شقيقي والدي الأكبر)..كنا نذهب الى دار حزب الأمة في امدرمان ، وذلك لنلتقي ابن خالتنا ، ( ناشط حزب الأمة ، الأستاذ سليمان الطالب برام ، امه الأكبر ، ام ابوبكرالوسطى ، وامي الأصغر ، عمه عمنا عمر سليمان ادم ، الأخواني المعروف وهو من نشطاء حركة شعبان ان كان يذكرها احد الآن ، وابن عمه صديقنا وزملينا ، دفعة بعد حاج ماجد السوار ، اخونا محمد جابر برام ، الذي انتهى به العهد وزير ثقافة بجنوب كردفان ثم معتمد لمحلية السنوط بغرب كردفان ، وهل رجل شرطة اخر عهدي بالمعلومات عنه كان عقيد شرطة).. كنا نذهب لدار حزب الأمة لنلتقي اخونا الأستاذ سليمان الطالب ، والذي كان يبرنا بمصاريف الأسبوع ( ليس من باب الرشوة السياسية ، وانما من باب الواجب الأسرى الذي يعرفه اهل السودان جميعا)..ولم يتطرق سليمان ذاك الى ضرورة ان نكون عضوية في حزب الأمة ، وقبله عمنا العزيز الأستاذ ابراهيم احمد معلا( الفحيل برواية اصدقائنا وصديقاتنا البعثيين) الى ان الدعوة لإنضمامنا لحزب البعث العربي الإشتراكي ( وابراهيم هو الذي براني بمنحة لدراسة الصيدلة في جامعة الموصل ، فالبعثيين وقتها كانوا يختار لبعثاتهم الخارجية افراد خارج الحزب ، وحرمت من تلك الفرصة ، لأني والدي ، عمكم النور كبر ، عليه السلام ، كان يظن اني حينما انتهي من دراسة الصيدلة في جامعة الموصل ساعود كادر لحزب البعث وهذا ما لايرضاه انصاري ..!!) من زياراتنا لدار حزب الأمة ، في احد المرات ، قابلت زميل من كلية القانون ، وكان يسبقني بدفعتين ، في دار حزب الأمة بامدرمان، وبعد ثلاث ايام ،فيما بعد ، التقينا في الكلية (كلية القانون بجامعة الخرطوم) ، وكان يحمل نسخ من بيان لحزب الأمة ، فناولني حزمة من النسخ ، وهو يقول: كبر هاك وزع البيان ده..! وحينما رفضت ، صرخ في وجهي وهو يقول : يا برلوم ده تكليف ، انت قايل نفسك منو..!!..منذ تلك اللحظة (1988) عرفت ماهي النخبة السودانية وكيف تتصرف تجاه الفرد العادي الذي يريد ان يكون مستقلا يمارس وطنيته على كيفه (كما حدثنا استاذنا الشاعر عبد القادر الكتيابي ، في اشغاله من شاكلة – علي كيفي)..
ولم نكن صيد سهل كما توقع زملائنا ناس حزب الأمة ، ولكن الأخرين كان لهم حضورهم وبطرائقهم الخاصة ، فكانت طائفة الطلبة المحادين ، وكانت انتخابات جمعية القانون على الأبواب ، فافتربوا منا (لأننا برالمة عينهم قوية وسنهم ملوية وفق معايير ذلك الزمان ..!!)..ودعونا لإجتماعاتهم..وفي اول اجتماع (اذكر كان في نجيلة كلية العلوم الإدارية) ، كانوا يتحدثون ويتحدثون عن ضرورة ان تكون منابر الطلاب (اتحاد ، جمعيات وروابط اكاديمية) هي للطلاب وقضايا الطلاب..!..ولابد من تحريرها من قبضة الإتجاه الإسلامي (ناس المؤتمر الوطني بلغة اليوم) وبقية القوى السياسية..ولقد استهوانا الخطاب وقتها ، وعرفنا أن الوطنية لا تحتاج ان تكون عبر نافذة سياسية وانتماء سياسي صارخ لا يعرف من يمتهنه قيمته الحقيقية ، والأهم ، نافذة تشجعك لأن تكون انسان وحر ومستقل وتقلب الخيارات بكل موضوعية وتختار منها ما يتفق مع قناعاتك كأنسان..!!
في اول اجتماع ، واذكر من ضمن الحضور فيه صديقنا ، اطال الله عمره ، دكتور الرشيد حسن ( وصل مرتبة عميد كلية القانون في السنوات ألأخيرة) ، والرشيد وقتها كان اسلامي مضطرب للغاية ، لا يريد حاكورة الجبهة الإسلامية ولا يريد الطائفية ، ولكن كان اسلامي على طريقته الخاصة ، فقدم سؤال لذلك الإجتماع ، سؤال جزافي وعبثي للغاية ، وسأل قائلا: ما هو رأي المحادين في تطبيق الشريعة الإسلامية؟ (وقتها كان البرلمان يناقش صورة من القانون الجنائي الذي تقدم به المرحوم دكتور حسن الترابي..!)..وكان سلوكه ، و يا سبحان الله ، هو نفس السلوك الذي يسود الآن في المنبر ( بعد ثمانية وعشرين سنة على الكمال والتمام..!!)
وقفت حينها وقلت لصديقنا الرشيد: تطبيق الشريعة الإسلامية امر يقرره البرلمان السوداني ، في السودان برلمان منتخب ، ان اجاز تطبيق الشريعة فهذا هو خيار الشعب عبر نوابه المختارين ، وان رفض الأمر ، فهو خيار الشعب عبر نوابه في البرلمان ، ونحن كطلبة علينا احترام خيار الشعب عبر برلمانه..!! وفي نقطة ثانية (في نفس الإجتماع) اعترضت على قيادة اخونا وصديقنا الأستاذ سليمان سلمان (اخر عهدي به محامي في مدينة المجلد) ، وهو كان بالسنة الرابعة ، اعترضت على وجود سليمان في القيادة ، قيادة المحايدين في كلية القانون، لأني كنت اعرف انه بعثي..!! لاحقا انسحب ، بكل احترام ، الأستاذ سليمان سلمان من قيادة المحايدين المؤسسين في كلية القانون ، وفي نفس الوقت انشق صديقنا الرشيد حسن ، وكون جسم غريب اسمه (المحادين الإسلاميين..!!)..
وخضنا انتخابات الكلية ، والتي جاءت باول دورة للمحايدين بقيادة صديقنا الفنان الجميل عبد القادر عبدالله/قدورة (كان بالسنة الرابعة ، وعازف كمان بارع..!!).. في اول دورة للمحايدين بالكلية ، كان صديقنا الحبوب الأستاذ جمال علي التوم ، السكرتير الثقافي ، وكانت في دواخل جمال يسارية خاصة للغاية (كنا نتفق معها كثيرا وكانت نبراسنا لسنوات طويلة ،حتى اللحظة..!!)..فابتدع فكرة سكرتاريات الظل.. حيث كل سكرتارية في جمعية طلاب القانون ، كانت لها سكرتارية ظل..وكنت سكرتير الظل للسكرتير الثقافي ، وفكرة جمال وقتها هي تدريب الناس للمستقبل.. وقد نجحت فكرته ، حيث كنت السكرتير الثقافي في جمعية القانون في الدورة الثانية مباشرة..!!
وقتها جمال كان اقرب الى اليسار الفرنسي بكل عنفوانه وسطوته ، والمدهش ، حدثتني عنه مواطنة في مدينة الدلنج ، وكانت وقتها بكلية التجارة بجامعة القاهرة فرع الخرطوم (جامعة النيلين لاحقا) في فعالية لمنظمة نادرة جدا اسمها (منظمة العمل الإشتراكي ، واحد قادتها انتهى به الإتساق الثوري ان يكون من ضمن مصممي عمل احد حركات دارفور ، وهو رجل يسارى نحترمه كثيرا للغاية ، وهو لا يعلم ذلك وليس بالضرورة ان يعمل ، صاحبنا هذا شارك في مفاوضات الدوحة ، ووفد الحكومة اعترض عليه لأنه كان يحمل جواز من افريقيا الوسطي ، تقريبا وزارة الزراعة هناك ، ان لم يكن وزير زراعة..تحية لهذا الرجل الجميل..ومؤكد بعض من ناس المنبر سيتعرف عليه ، ولكن الغالبية لن تتعرف عليه وستضع الخمسة في الإتنين من باب الدهشة والتمحن ، تجاه خلائق امسودان الجميلة..تلك التي تفعل جمالها على طريقتها الخاصة..!!..ناهيك عن بقية من قادة تلك المنظمة ممن لا يذكرهم الشعب السوداني المناضل..!!)..
كبر
05-04-2016, 08:41 AM
Kabar
Kabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18547
ايام انتخابات الجمعية ، جمعية طلاب القانون ، اول مرة في حياتي اسمع اسمى على ألسنة الناس ، وكان ذلك في ركن لأخوتنا ناس الإتجاه الإسلامي ، فكان المتحدث يخاطب جمع من الطلاب والطالبات (معظمهم برالمة)..وهو يفند مصداقية مرشحي المحايدين ، وركز كثيرا على اسمي ، وكان يقول للجمع : كبر ده اصلا يساري ، بالتحديد بعثي ، منذ ان كان طالب بمدرسة كادقلي الثانوية..!!
بالطبع انهجمت من ذلك الكذب العجيب الصريح ، وطلبت فرصة للتحدث ، ولقد منحني الزميل الكوز فرصة ، ولم يفتح الله علي بكلمة سوى الإستشهاد بكلماته الصادقة من القرآن الكريم ، فقرأت اية (ان جاءكم فاسق بنبأ..الخ)..!!
ربت الزميل الكوز ، وهو كان دفعة يسبقني ، ومن ناس عطبرة ، على كتفي وهمس لي: عارفك ممكن تكون حافظ القرآن اكتر من أي كوز (باللفظ) ..لكن يا اخوي دي سياسة..!!
في تلك الأيام ، كان البعض يمكن ان يختلف معك ، ويفعل السبعة وزمتها لأن يمسح بك الأرض ، ولكن كان يمنحك الفرصة ان تدافع عن نفسك ، وان كان دفاعك قوى ، سيحتمل النتيجة ، ولا يغضب عليك ، وانما يغض على نفسه ، لماذا لم يكن اداؤه حسنا..بما يقنع الصيد السهل ..؟!!
كبر
05-04-2016, 09:11 AM
معاوية المدير
معاوية المدير
تاريخ التسجيل: 03-24-2009
مجموع المشاركات: 14411
Quote: دون ان نعرف قيمة المخروط وشكل الهرم الذي كان يتجلي في رسم حياتنا وتاريخينا الشخصي المنسي ، في اهرمات جدودنا ، في قطاطي اهلن
مع التحية للحبيب كبر .. معليش ربما أغير مسار البوست قليلاً بهذه المداخلة
أذكر أننا في المنتديات النوبية تعرضنا كثيراً لشكل المخروط والهرم والمثلث .. وقرأت كثيراً في هذا المجال للاستاذ محمد جلال وعن الاشكال والرموز النوبية ..
فكانت هذه مداخلة لي قبل سنوات :
بالنسبة للقباب والقطية بالشكل المخروطي والدائري .. دعنا نعرج الى التراث النوبي لأن الاشكال الهندسية لعبت أدوار كبيرة في تشكيل المعمار في الممالك النوبية واستمرت هذه الافكار والرموز الى يومنا هذا .. المثلث كان لديه دور مهم اذا قلنا انه شكل اقرب للهرم .. يقال ان عدد الاهرامات المكتشفة في بلاد النوبة اكثر من مائتين وخمسون وفي مصر اهرامات الجزيرة فقط ، وهنا نقول أن اصل الاهرامات كأشكال هندسية بدأت عند النوبيين مع الوضع في اعتبار النجمة اليهودية التي اعتنقها النوبة كديانة في فترات تاريخية ,, وإذا لاحظنا شكل الهرم او المثلث او المخروط .. تجده اكثر صدقاً وتعبيراً من الدائرة او المربعات والمستطيلات وغيرها التي لا يمكن ان تحدد لها اتجاه .. ولكن النوبيين تمسكوا بالمثلث لعمقهم في التأمل وفيما وراء الطبيعة .. لأنه رمز قاعدته ثابتة في الارض رأسه متجه الى السماء في بإتجاه مباشر لا شك فيه وهذا يدل التوحيد وأن النوبيين لم يعبدوا صنماً .. لذلك فالقيم اليهودية تنحصر داخل مثلثين معكوسين يمثلان النجمة السداسية ، ولدى المسيحيين النجمة بمثلثاتها .. لذا فإن الهرم ليس للزينة ولكنه رمز للعبادة والتوحيد او هناك قوة في الاعالي لا بد من الاشارة اليها .. وأحسب ان الشكل المخروطي للقباب خرجت من ثقافة الاهرامات ..
وفي البيوت النوبية والى يومنا هذا تجد ( المثلثات المعكوسة وهي شبيهة بحرف N ) وتسمى بالنوبية ( كرنق ) وبالعامية ( سبعة ثمانية ) والكرنق رمز للتصميم النوبي في الجزء العلوي من الحوش ومنافذ الغرف .. وقد كان خليل فرح رحمه الله عميقاً عندما قال : ( نشابي للنجوم وانا ضافر الهلال) تأملوا في هذا الكلام .. الذي يجمع قيم كل الديانات السماوية ..
05-04-2016, 09:20 AM
علي عبدالوهاب عثمان
علي عبدالوهاب عثمان
تاريخ التسجيل: 01-17-2013
مجموع المشاركات: 12500
في تلك الأيام ، كان البعض يمكن ان يختلف معك ، ويفعل السبعة وزمتها لأن يمسح بك الأرض ، ولكن كان يمنحك الفرصة ان تدافع عن نفسك ، وان كان دفاعك قوى ، سيحتمل النتيجة ، ولا يغضب عليك ، وانما يغض على نفسه ، لماذا لم يكن اداؤه حسنا..بما يقنع الصيد السهل ..؟!!
وكان هذا على مستوى الكلية ، كلية القانون ، اما على مستوى الجامعة في الأمر مختلف قليلا..ولكن يظل متفق في أن أي صوت خارج المنظومات السياسية تنظر الناس الى بغرابة واندهاش..فالتنظيمات السياسية تحاول ان تفرض على الجميع رؤيتها الأحادية للأشياء ، ولا تقبل مطلقا بوجود خيار ثالث يوزان بين الأشياء ويتخذ موقفه بكل حرية ..
اذكر كانت في كلية الآداب ، جريدة حائطية لمجموعة ادبية تسمى (الفجر) وهي استحضارا لصحيفة قديمة للأستاذ عرفات محمد عبد الله ، وهو رجل معروف في تاريخ الصحافة السودانية ايام الإستعمار. تلك الجريدة كان طلاب الأداب يكتبون فيها مواضيع متنوعة ، ووقتها كانت الجبهة الإسلامية قدمت للبرلمان مشروع القانون الجنائي 1988 ، وهو نسخة مقاربة لقانون 1983 ، الذي ادخل عقوبات الحدود الجنائية (الجلد ، وقطع اليد ، والقطع من خلاف ، والصلب).. كتب احد طلاب الآداب ، واسمه خالد ، قصيدة نشرها في جريدة (الفجر) وهي موقف ناقد لفكرة العقوبات الجسدية ، ومحاولة اكسابها مشروعية دينية ، فيعني ان اختلفت مع هذه العقوبات فانت قد تصل لحد ان يخرجوك من ملة الإسلام. من عبارات القصيدة قول خالد (كيف ادعوك ، وانت قد بترت يداي من خلاف) وهو يشير الى عقوبة القطع من خلاف. هذه القصيدة لم ترضي طلاب الإتجاه الإسلامي ، وقاموا بتمزيق الصفحات التي نشرت فيها القصيدة ، واكثر من ذلك اقاموا محاكمة لصاحبها واحضروه في ركن نقاش واجبروه ان يقدم اعتذار. من جانبي استغربت لهذا السلوك ، ولأن لا اعرف خالد ذلك ، فقد ذهبت الى كشك الجرائد واشتريت صفحتين فلسكاب وكتبت رأي الذي ادافع فيه عن حق خالد أن يكتب رأيه ويمارس حرية التعبير كيفما اراد ، وطالما هو كتب فيجب ان يكون ضحد حجته بالكتابة وليس باقامة الحد عليه بواسطة طلاب الإتجاه الإسلامي . علقت مقالتي الدفاعية تلك في بورد جريدة الفجر ، وبعد ساعات تم تمزيقها هي الأخرى ، لأن الإتجاه الإسلامي وقتها لم يكن يقبل بالنقاش في مثل هذه الأمور ، ويظن ان الرأي فيها هو تحدي للإرادة الإلهية العليا. هذا السلوك ، سلوك تمزيق مقالات الرأي ، قادني لأفهم كيف يفهم اهل السودان مفاهيم مثل الديموقراطية والتسامح وحرية التعبير. فقد يكون الخطاب العام هو اتفاق مع تلك المفاهيم وضرورة حمايتها ، ولكن في الممارسة العلمية تسقط تلك القناعات امام اي تحدي ، ويتم التعامل مع الأمور بوسائل مرفوضة مثل وسيلة العنف. وكنا نحضر مناشط الجامعة ، من اسابيع ثقافية وندوات وحفلات. وذات مرة حضرت ندوة (وانا برلوم جديد) للدكتور الشاعر محمد الواثق ، وكانت عن ديوانه (امدرمان تحتضر) ، وفيها عرفت أن محمد الواثق لم يهجو امدرمان فقط ، وانما هجا بعض المدن السودانية الأخرى منها كسلا وكوستي. في ندوة الواثق ، كانت الناس ( يا سبحان الله بنفس طريقة النقاش في هذا المنبر ، أي بعد عشرات السنين) تتحدث عن التجربة الشعرية لمحمد الواثق بصورة سطحية للغاية ، وكان الواثق يرد عليهم بسخرية لاذعة. اذكر احدهم قال له: كيف تهجو امدرمان وهي الإذاعة والتلفزيون والهلال والمريخ والموردة..الخ.. فرد عليه الواثق قائلا: انا اتحدث عن امدرمان وانت تتحدث عن (هنا امدرمان) وهناك فرق كبير.
اخذت فرصة في التعليق ، وتحدثت عن فكرة ان الواثق كان شاهد عصر ، انه ، عسكا للهجاء الذي يظهر في صوته الشعر ، فهو يحب امدرمان ، وانه يستغرب كيف هذه الأحداث الجسيمة تمر وامدرمان ساهية ..واشياء كثيرة حول فكرة ان الهجاء هو نوع من التمرد والرفض. تضجر بعض الحضور من هذه المداخلة وظنوها خروج عن المألوف ، ولكن الواثق ، ربت على كتفي وقال لي: لقد قرأتني وقرأت الديوان وقرأت كل الفكرة.ثم سألني عن الكلية التي ادرس فيها ، فقلت :برلوم في القانون. صمت ولم يعلق كثيرا ، وقال لي باسما :عمرك ح يكون قصير في البلد دي..! بالطبع شعرت بالإرتياح في كوني توفقت في قراءة مقاصد صاحب الديوان وفكرة الديوان بصورة معقولة وقد تكون جيدة ، واعجبني في الواثق انه يحتفي بالمفارق. ولكن الذي اخافني طريقة تفكير الناس ، وكنا نظن أن طالب الجامعة متميز في طريقة تفكيره ورؤيته للأشياء ، لأن الجامعة وقتها كانت شروط التنافس فيها تقوم على فكرة التميز الأكاديمي (درجات عالية في الشهادة السودانية ). وحينما رأيت طريقة تفكير طلاب الأداب في امر يخصهم (الشعر والأدب) فلقد صابني الإحباط والخوف.
05-04-2016, 07:10 PM
Kabar
Kabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18547
في كلية القانون ، كان الواقع السائد ، ان القانون دراسة جافة ، وان كل نشاط للطلاب في الكتابة (وكان نادر للغاية) يصب في مساءل القانون . وكنا نحن البرالمة ممن لديهم اهتمامات بالكتابة (قصة ، شعر ، خاطرة ، تحليل اجتماعي ، فلسفة) نتبادل كراساتنا وقصاصاتنا ونقرأها مع في بعض في حيز ضيق يقتصر على مجموعة صغيرة تشترك في مثل تلك الهموم.
صديقنا عبد الباقي الجزولي ، ابتكر فكرة أن نعمل جريدة حائطية ، وننشر فيها كتاباتنا وخربشاتنا . ولأنه كل المصب الذي يلتقي عنده الجميع ، فقد عرض الفكرة علينا (نصر الله ، شطة ، كبر)..وتداولناها ، وخرجنا بفكرة ان نعمل الجريدة. في جلسة اختيار الإسم ، كل يقدم اقتراحه (الصباح ، مشارق ،الخ). وحينما واتتني الفكرة طرحت عليهم ماقلته لمحمد الواثق حول فكرة التمرد واضاف عبد الباقي المفارقة والتميز. ولقد لاقت الفكرة هوى في المجموعة ، فاقترحت اسم (حاجة فيك) وهو عنوان قصيدة للشاعر هاشم صديق ، وقد لحن الأغنية الأستاذ مصطفى سيد احمد ، وتبريري كان ان يكون العنوان الجانبي (خلتني ارجع للقلم واتحدى بالحرف الألم)..واتفقنا على الإسم ، وكنا نعتقد انه سيكون اسم مختلف للغاية. وواصلنا عنفوان التمرد بان اتفقنا أن يحرر كل منا صفحته ، وعبد الباقي كان يتولى تصميم الصفحات ، ثم يسلمها خالية ، وكنا لا نراقب مقالات بعضنا البعض ، ونقرأها بعد صدور الصحيفة. واكتشفنا ان مثل هذا النشاط البسيط يمكن ان تساعد فيه جميعة طلاب وطالبات القانون (من الوكت داك كنا نعرف ثقافة الجندر) وكانت الجمعية تزودنا باوراق الفلسكاب واقلام الشيني واقلام البيك ، واشهد لما تمارس علينا رقابة وكان اهل الجمعية يقرأون ما نكتب ولا يتحسسون من الشطحات فيه. اول تجربة لنا في مواجهة النقاش حول تجربتنا في جماعة (حاجة فيك )الأدبية.. هي السخرية من الإسم ، واذكر احد سنايرنا (كان رجل نكتة وساخر) كان يسخر منا ويقول: جبتو الإسم ده من وين؟..ياخي دي حاجة (......يك)..! وكنا نشرح بصبر ونحاول ان ندافع عن فكرتنا ، واذكر ناس كثر بعد الإستماع للأغنية وقراءة ديوان هاشم صديق ، تصالحت مع الفكرة كثيرا. نشر صديقنا عبد الباقي موضوع عنوانه (ليس بالضبط ان يكون الحق هو الحقيقة) وهو خاطرة فلسفية عميقة للغاية وفي تجاوز لطريقة التفكير وقتها. من ضمن العبارات في الموضوع عبارة تقول ( كصفاقة داعرات يجادلن في الثمن). وهذه العبارة استفزت كثر وادرنا حولها نقاش كبير ، ادى الى دفع البعض لتكوين منتدى صغير ، او حلقة يلتقي فيها الأولاد والبنات ويتناقشوا في قضايا مختلفة ، حتى يعرفوا كيف يفكرون ، او حتى يعرف الرجل كيف تفكر المرأة ، او تعرف المرأة كيف يفكر الرجل. كانت كتابات الشيخ محمد الشيخ حاضرة وقتها ، خصوصا نظرية (الفاعلية) التي طبقها في قرءاة رواية (موسم الهجرة الى الشمال) وتأسيس الشيخ لنظريته حول بنية الوعي التي قسمها الى ثلاث بنيات : وعي تناسلي ، وعي برجوازي ووعي خلاق. وكنا نستغلها في الحجاج مع الناس. لأن الناس وقتها (وربما حتى اللحظة) كانت تتحس كثيرا من العبارات التي يظن فيها نوع من الوضوح أو التمرد.
واجهتنا مسألة نقاش اخرى ، حينما كتبت خاطرة وذكرت فيها تشبيه ضيق الدنيا والحال فقلت (تضيق وتضيق كخرم الإبرة ، كبكارة الأنثى العذراء).. وثار الجدل الذي لا يخلو من احكام قيمة مسبقة وان هذا اتجاه لإفساد مخيلة الشباب ..لاحظ هو نفسه الشباب الذي يشترى من المكتبات كتب غادة السمان ودوواين نزار قباني وكتابات نوال السعداوي وكتابات احلام مستغانمي الخ. وكنا وقتها نظن ان الناس تعاني من انفصام ونفاق اجتماعي غير مبرر . ويبدو أن هذه خصلة مستمرة ومتواجدة في الضمير السوداني وحتى اللحظة. هذه الأفكار وطريقة النشر ، شجعت بعض الزملاء للمشاركة في الكتابة معنا في صحيفة (حاجة فيك) ، وقد شارك معنا صديقنا مصطفى ابشر عطية الله ، بمقالة مثيرة للجدل وعنوانها (المرأة ذلك الحيوان المقدس) ، وفيها استحضار لفكرة الإنسان كحيوان اجتماعي منذ فلسفة الأغريق القديمة لغاية اخر نظريات الإجتماع والحقوق والجمال ولكن ، كما هو دأب سلوك الحجاج الذي نراه اليوم في المنبر ، كانت الناس لا تريد أن تناقش الحجة بالحجة ، وانما تعترض عليها بطريقتها الخاصة ، واذكر الزميلات كانن اكثر من اعترض على فكرة مقال مصطفى ابشر ، وكنا نرجوهن أن يكتبن اراءهن وسوف ننشرها حتى يعرف الناس عن وجهة النظر الأخرى ، ولم تتجرأ احداهن للكتابة.
سمعت تلميحا من بعض الأصدقاء في جماعة حاجة فيك أن رابطة ادباء الجامعة قد دعتنا للنشر في المجلة التي تصدرها ، ولكن كانت لهم شروطهم في ذلك (وهذه هي فكرة السنسرة حينما التقينا بها لأول مرة في تجربتنا) ، فالرابطة وقتها تعتقد ان هذه المجموعة لديها ملكات الكتابة والقدرة على التحليل ولكنها متمردة بعض الشئ..وبالتالي لابد من تأطيرها (من باب الذوق العام وكده)..ورفضنا النشر أو الإنضواء لرابطة ادباء الجامعة ، وقد كان الإتجاه الإسلامي هو المسيطر عليها.
كبر
05-04-2016, 11:52 PM
محمد على طه الملك
محمد على طه الملك
تاريخ التسجيل: 03-14-2007
مجموع المشاركات: 10624
عارف يا أستاذ ترددت هل أعلق الآن أم أتريث حتى تكمل .. تاني قلت على أيه ما دام تعليقي مدخلو نقدي .. في تقديري تيمة الحكي ـ على الأقل حتى اللآن ـ تدور إجمالا في حيز تصريفات أدب المذكرات.. ذلك الأدب الذي يركن إليه الأشخاص كسجل لإحداثيات حياتهم وعطائهم سلبا وإيجابا .. غير أن الملفت أن سمة التمرد والنزوع للتجديد يستقبلك من العنوان .. فالعنوان( اسمي ) على ما به من شخصانية مباشرة .. يبدي قدرا من الاعتداد والثقة اللتان تتمحور حولهما وفيهما إحداثيات الحكي .. هذه المباشرة الجرئية يتجنبها في العادة كتاب أدب المذكرات .. حيث يميلون لاختيار عناوين تستبطن ذات الدلالة دون مباشرة .. مثل ( حياتي ، ذكريات جيل ، مذكرات الأرقش ، اعترافات جان جاك رسو .. الخ) .. لقد وضعت لهذا الاسم مذكرة تفسيرة متسائلة ..
Quote: لماذا تستسهلون انتهاك حرمته وخصوصيته؟
سؤال قد يكون مراده لحظي وقد لا .. ولكن على أية حال لم تكشف عنه بصورة مباشرة حتى اللآن .. . يلاحظ أنك بدأت الموضوع من المرحلة الجامعية .. ربما لضرورات وقتية تهم القارئ وأنت تريد تمليكها إياه .. في كل الأحوال هي مبادرة طيبة يمكن اعتبارها توثيق لمرحلة عمرية بعينها .. يمكنك استكمالها يوما ما كتاريخ وثيق الصلة بذاتك في المحيط الذي عشته وتعيش فيه .. اعتبر المداخلة دي مجرد تشجيع يدفعك مستقبلا للولوج لهذا النوع من الأدب. واصل .
05-05-2016, 00:13 AM
أبوبكر عباس
أبوبكر عباس
تاريخ التسجيل: 03-04-2014
مجموع المشاركات: 3594
Quote: في تلك الأيام ، كان البعض يمكن ان يختلف معك ، ويفعل السبعة وزمتها لأن يمسح بك الأرض ، ولكن كان يمنحك الفرصة ان تدافع عن نفسك ، وان كان دفاعك قوى ، سيحتمل النتيجة ، ولا يغضب عليك ، وانما يغض على نفسه ، لماذا لم يكن اداؤه حسنا..بما يقنع الصيد السهل ..؟!!
الكلان دا غير صحيح يا كبر؟! نحن درسنا جامعة الخرطوم بنفس الفترة، أركان النقاش كانت كالملجة وبتموها بالسيخ داخل الغرف والنشاط. دي محاولة منك لتجميل الماضي ساكت. النقاش بمنبر بكري دا متقدم على نقاش الجامعة زمان زي تلطاشر سنة ضوئية.
05-05-2016, 05:24 AM
جلالدونا
جلالدونا
تاريخ التسجيل: 04-26-2014
مجموع المشاركات: 9667
العزيز كبر متابع تماما لشلال الذكريات و بالتأكيد اجدها تجربة ثرة ساهمت بالقدر المعلّا فى تكوين شخصيتك و جنوحها نحو الاستقلالية بس كمان اتمناها تشمل الاجابة على هذا السؤال
Quote: هل الأجدر ممارسة السنسرة مع شاتميك ام مع قاتليك؟
و لو بعد حين
05-05-2016, 06:46 AM
مني عمسيب
مني عمسيب
تاريخ التسجيل: 08-22-2012
مجموع المشاركات: 15691
من انا يا اصدقائي أيها الراؤون والمستضعفون ، ليتني اقدر ان اخرج من جلدي ، لأعرف من كنت ، ولا من سأكون ، اني ابحث عن اسم وعن شئ اسميه ، ولا شئ يسمى ، زمن أعمى ، وتاريخ معمىّ زمن طمي وتأريخ حطام والذي يملك مملوك فسبحانك يا هذا الظلام
(ادونيس: اغاني مهيار الدمشقي)
تلك التجربة المبسطة في جماعة (حاجة فيك ) الأدبية ، علمتنا اشياء كثيرة للغاية ، وهي عدم الخوف عن التعبير عن ذاتك والدفاع عنها وعن حجتك. بيد انها كشفت لنا اشياء كثيرة ، على الأقل لم نكن نتوقعها في مجتمع جامعة الخرطوم ، ومن غرور كنا نظنه مجتمع صفوة ، وان الجامعة مهمتها تعليم الناس بعض المداخل ، والقدرة على معاينة الواقع ونقده لتقديم البديل..فكنا ، دون ان ندرى اتباع ما يسمى بالنظرية النقدية (بفهمها الفلسفة ) والتي تذهب الى خلاصة بسيطة أن العالم لايمكن ان يفسر بنظرية واحدة ، غض النظر عن كونها نظرية دينية او نظرية وضعية (ماركسية ، داروينية ..الخ)..
اول ما تعلمنا من المجتمع السياسي في جامعة الخرطوم في ذلك الوقت ، ان السياسة في السودان تقوم على الإنطباعية والإنطباعية هي اشغال العاطفة ، وبالتالي هناك غياب تام لإعمال العقل.. فحينما دخلت الجامعة كنت قد قرأت كثيرا ادبيات البعث العربي الإشتراكي (ببساطة لأنها كانت اكثر الأدبيات المتاحة لي بحكم ان كثر من اقربائي كان ينخرطون في البعث العربي الإشتراكي ) وسمعت كثيرا عن ارائهم حول طبيعة المكونات السياسية في السودان ، فكانوا يرون أن احزاب الطائفية (امة واتحادي) هي احزاب قد لعبت ادوار تاريخية مهمة ولكن مهامها انتهت ولا تصلح لواقع أو مستقبل السودان ، لأنها لا تقوم على العقلانية وانما تقوم على العاطفة ، نفس الأمر كان يتفق فيه معهم بعض من الأخوان المسلمين (وهم قلة في اسرتنا) والذين كانوا يذهبون الى ان الطائفية لعبت دورها وان لا مستقبل لها ، لانها لا تملك القدرة على تطوير ذاتها لتكون قوى اسلامية تستبصر المستقبل. اما الشيوعيون فهم حزب مدائني ومربوط فقط بالمدينة ، وبصورة ادق شريط سكك حديد السودان ، وانه حزب غريب الأفكار على البيئة السودانية ، ناهيك عن ادواره وعقليته الإنقلابية التي تؤمن بالقوى لأخذ السلطة . اللجان الثورية ، كان ينظر اليها بانها فكرة محلية للغاية نبعت من رجل مجنون/معتوه ولا يمكن تطبيقها في أي مجتمع اخر..الجمهوريون حزب الرجل الواحد ، وهو لا يعدو ان يكون الوجه الآخر للأخوان المسلمين والطائفية ، اي حزب ديني في نهاية مطافه..وهكذا..
تلك الأفكار ، حينما دخلنا الجامعة كنا نسعى للتأكد منها ، ولكنا فوجئنا بافظع منها بشاعة ، فكرة الإنطباعية والتعامل مع الآخر.
كبر
05-06-2016, 03:32 PM
Kabar
Kabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18547
اول مرة شعرنا بالإقصاء والقمع، الذي يذهب ليؤكد لك انك مشكوك في سودانيتك ، هي فرضية أن أي قادم من غرب السودان لا يخرج من اثنين : يا اما اخ مسلم أو حزب امة. اما اذا كنت تنحدر من مجموعة قبائل البقارة العربية فانت حزب امة شئت ام ابيت . واذا كنت من نوبة الجبال فانت حزب قومي.. ولم تكن الأحزاب تملك فكرة التثقيف والتعريف بالثقافات السودانية ، وانما كانت تتعالي على ذلك الوجود الحي وتتعامل معه بتأفف تام ، باختصار كانت احزاب مدينة ولا يعنيها من الريف الإ القدر الذي توظفه في تكبير الكوم والرصيد الجماهيري.
والأنكي من ذلك ، ان اصدقائك او صديقاتك هم ايضا مؤشر لتصنيفك (بالطبع الشعب السوداني مغرم بحكاية التصنيف بصورة مبالغ فيها) ، فان كنت تمشي مع بعض الشيوعيين فانت شيوعي أو بالعدم يساري ، وان كنت تمشي مع اهل الإتجاه الإسلامي فانت اسلامي ، حتى الصلوات ان اديتها بانتظام فانت يا اما متصوف او متدين وبالتالي رصيد للأخوان المسلمين..فلا احد يقبل بان تأتي من اللآمكان وتصر على حريتك وتمردك وتمارسهما بطريقتك الخاصة..
فلم يكن غريبا ، ان عضوية جماعة (حاجة فيك) الأدبية قد تمردت على المنظومات السياسية ، واشتغل كل اعضائها ضمن حركة الحياد في الجامعة ، وذلك بفكرة أن منابر الطلاب يجب ان تكون اولويتها ألأولى قضايا الطلاب وما عداها يأتي لاحقا..وهي عكس الفكرة السائدة أن منابر الطلاب بأنها منابر سياسية وتطورت هكذا ويجب ان تستمر هكذا.
وكنا نرى ان الديموقراطية الحقة يجب ان تكون سلوك وممارسة قبل ان تكون تنظير سياسي ، وان تداول منابر الطلاب بصورة سلمية (الإنتخابات) هي تمرين على تقبل الآخر والتداول السلمي للسلطة وفكرة المحاسبية . فالحياد وقتها كنا نعتقد جزما بانه تمرد على واقع معوج ، واقع عاطفي انطباعي لا يعرف قيمة العقل واعمال العقل (هل يا ترى حتى اليوم نفس الأمر موجود؟..بالطبع). عملنا مع كوكبة من الشباب المتمرد (بنات واولاد) ونجحت فكرة الحياد لدرجة انها سيطرت على جميع المنابر في الجامعة (روابط اقليمية ، وروابط وجمعيات اكاديمية)..ثم تطور الأمر الى استلم المحايدون اتحاد طلاب جامعة الخرطوم ، وانتشرت الفكرة في بعض الجامعات الأخرى.
كبر
05-06-2016, 09:21 PM
Kabar
Kabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18547
من الطرائف اذكر ، حينما استلم المحايدون اتحاد الجامعة والروابط ، لم تتبقى الإ رابطتين : رابطة ادباء الجامعة ، وجمعية القرآن الكريم ، وكان يسيطر عليهما طلاب الإتجاه الإسلامي. فكانت فكرة خلق رابطة ادبية موازية لرابطة ادباء الجامعة ، واسميناها (اسبلتا). في التداولات الأولية ، كنا نجتمع في جائل كليات الهندسة (تحديدا الميدان الغربي) ، وكان رئيس الإجتماع صديقنا بشرى الفاضل (من كلية الهندسة) ، فتساءلت احدى الصديقات بكل براءة وهي تقول: انتو يا جماعة ما تجيب لينا ناس قانون بتاعين جريدة حاجة فيك؟.. صمت الجميع ، فقال صديقنا هيثم مستفسرا: زي منو بالتحديد؟..فقالت: كبر ، شطة ، عبد الباقي ونصر الله؟.. ضحك الحضور عميقا ، وقال لها بشري : ياهم ديل قدامك..! اندهشت صديقتنا على هيئة (الجماعة) فكانت تتصور اشكال اخرى ، وهيئات اخرى ..وهي معذورة ، فالشعب السوداني انطباعي سواءا على المستوى السياسي او الإجتماعي (كما نرى لاحقا) او الأخلاقي أو الجمالي. لن استرسل كثيرا في تجربة (اسبلتا) وكيف حاربها الإتجاه الإسلامي ، لأن أهله كان يظنون ان الفطام حار ، وانهم لو خرجوا من كل منابر الطلاب في الجامعة فانهم سيفقدون الكثير ، ناهيك عن جمعية القرآن التي كانت تستغل لأغراض لا علاقة لها بقضايا القرآ ن والطلاب..!
كبر
05-06-2016, 09:23 PM
Kabar
Kabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18547
في الجانب الشخصي ، طورت مع زميلي جلال الشائب احمد فكرة التمرد ، وفي احد مناشط الجامعة في دار الإتحاد ، قدمنا ورقة عن رؤيتنا للأشياء ، والتي تركز على ان مشكلة السودان هي ادراك بمصلحة الوجود المشترك ، لأننا كنا نرى ان في السودان ثقافات وتنوع اثني وديني كبير (طبعا كنا نتحدث ونحن نعرف ان في السودان من يدين بالديانات الأفريقية (الكجور) والديانات السماوية ..الخ) بالتالي الجامع بين كل هذه المكونات هي صدفة تواجدها في رقعة اسمها السودان ، ولكي يستمر الجميع لابد من الإعتراف بهذا الوجود المشتركة لأنها مصلحة تهم الجميع ، بالتالي السودان لا يفسر في اطار ثنائيات (العروبة/الأفريقانية ، الإسلام/ اللا اسلام ، الدولة الدينية/الدولة العلمانية..الخ)
وبالطبع لم ننجو من احكام القيمة المسبقة (ناس الإتجاه الإسلامي طوالي ركبوا لينا ديل متمردين بتاعين حركة شعبية ساكت)..اما احزاب اليسار (خصوصا الشيوعيين ، فكأن رايهم هذه جهونة وتكريس للجهوية..!!).. والحرب كانت بعيدة للغاية عن جامعة الخرطوم ، بعيدة بمعنى انها لا مفكر فيها..قليلون من زملاءنا وزميلاتنا على مستوى الكلية كانوا لا يعلمون ان بعض ابناء جنوب كردفان لا يستطيع الرجوع الى جنوب كردفان في الإجازات ، ببساطة لأن قراهم حرقت (سواءا بفعل الحكومة أو بفعل الحركة الشعبية) ، ناهيك عن التهمة الجاهزة (الطابور الخامس).. وحينما كنا نتأمل الخطاب السياسي نرى انه خطاب غير واقعي ومشغول باشياء لا علاقة لها بقضايا البسطاء ..!!
السرد التأريخي للوقائع بالتفصيل ، موجود في مخطوطة كتبتها قبل سنوات ، اما السرد هنا ، فهو لأغراض اخرى..منها فكرة الإنطباعية .
ومثلما قلنا أن الإنطباعية عاطفة ، والعاطفة لا تعرف اعمال التسبيب التي هي اس اعمال العقل. الإنطباعية تفرض عليك أن تلبس التصور الذي يضعه عنك الأخرون ، خصوصا أهل النخبة السياسية ، فهؤلاء من الثقة بالنفس والإعتداد بالإسم لا يكلفون ان يسألوا انفسهم : لماذا هناك متمردون في طريقة تفكيرهم ويريدون أن يكونون مستقلين وحرين في خياراتهم؟,, وان كانت الإنطباعية هي ديدن التفكير السياسي ، فهل ينطبق الأمر على المسائل الإجتماعية والأخلاقية والجمالية؟..
كبر
05-06-2016, 10:40 PM
Abdelrahim Mohmed Salih
Abdelrahim Mohmed Salih
تاريخ التسجيل: 04-13-2016
مجموع المشاركات: 959
سلامات يا كبر ادخل عل البوست سرح اليدين ...قليل هم أشبه ما اكون بذلك البرلوم فى كليه القانون لايصلح ان يكون فى سرب ولديه ما يقول .....
سرد جميل متماسك ...ينتقل فى سلاسة بين والماضى و الحاضر فيه حيره وعاتب خفى كتحيه السر...وفيه حس عالى بالعدالة تجاه الآخر
وسهام نقد تدفع فقط للأمام دون ارتداد ودون خطاب ذات للذات وكان الأمر استوى على بينه لايهزها سؤال ستكون الرؤية مغايره لو كان السؤال لماذا لايرونى كما انا لا كما ابدو فى مخيلتهم
05-07-2016, 06:30 AM
محمد عبد الله حرسم
محمد عبد الله حرسم
تاريخ التسجيل: 01-25-2013
مجموع المشاركات: 4492
حين تسطو قوة المال وجبروته .. على خطوط القلم .. حينها يكن الشقاء .. هو حرفه .. ومداده .. والمعاناه .. زاد لمن يدمن الوقوف نقيا.. .. ففي دواخلنا متسع للآهه ... وتوق للتعلم ... ثم متى اجد الاجابة والوجع اعمق من الاحتمال يا صديقى قد خربت السلطة والسطوة العدالة
تحتوى بعض الضحكات والغمزات ةاللمزات على منجزات العهر لكنهم لا ينتبهون الا بعد فوات الاوان -
(اسمى) يا صديقى اسمى واعلى واعمق انهم يرسمون بينك وبين الجماهير رايات سوداء ولا ينتبهون انها شفافة يا صديقى سيظل الوجع للباحون عن عدالة كما النوارس لا يغيبون ولا ياتون
05-07-2016, 06:32 AM
محمد عبد الله حرسم
محمد عبد الله حرسم
تاريخ التسجيل: 01-25-2013
مجموع المشاركات: 4492
الأهلية كملت يا حبيب راحت يا حليل شمس المحنة الغرَّبت طاحت بسم الله ابتديت متل البرق لاحت فى الشين والفسل بقينا نتباحت طال الكان قصير والعالى اتاحت والصولات حليلن ملكتن راحت مالك يا زمان شبعتنا هولا لبست الناس تيابا حاشا مى هولا يات من كان يجي دمَّاعو مبهوله ولله راحت بقت البواجهوله مالك يا زمان شبعتنا وح ووحيح صح الدون كضب كضب العوالى صحيح يات من كان انا جعلتو لى صليح عقرب حزّه لى ويا نفسي زين ومليح فى احوال الزمن صار الفكر حاير والياباك خلو عندو شن داير فوق اهل الفكر كاس الوحيح داير نفد سوق النفاق سوق السمح باير تُب الشباب إن بقى كوَّاس تُب الصبي إن قطع المروة خلاص تُب الشايب إن بقى وسواس تُب الأقربين الإتفاتتو الأنفاس
05-07-2016, 07:17 AM
محمد الأمين موسى
محمد الأمين موسى
تاريخ التسجيل: 10-30-2005
مجموع المشاركات: 3470
يا قريبي كدا خلينا في اسمك دا ذاتو: أهو كَبَر مثلما نقول: "كبر الشجرة بالفأس" أم كِبِر: أي نما وترعرع؟ إذا كانت الإجابة الثانية، فشيل شيلتك مع ناس سوق المواسير!
05-09-2016, 00:23 AM
Kabar
Kabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18547
حاضنا سنبلة الوقت والرأس برج نار اخر العهد الذي امطر سجيلا يلاقي ، اول العهد الذي يمطر نقطا ، وأله النخل يجثو ، لإله من حديد ، وأنا بين الإلهين الدم المسفوح والقافلة المنكفئة.. (ادونيس: اغاني مهيار الدمشقي)
كنت وقتها ، ايام الجامعة ، مشهور بصفة غريبة ، لا ادري هل هي مدح ، ام استحسان ، ام اعجاب ام دهشة ، ام تبخيس..كنت مشهور باني : البرلوم القاعد يخلط السنيرات..!! والخلط في ثقافة جامعة الخرطوم ، في ذلك الوقت ، هو قدرتك على ان تمكث وقتا طويلا مع الجنس الآخر (الجكس)..وكنا نميل لخلق العلاقات مع الجكس ، ليس حبا في الجكس بفهم (بنية الوعي التناسلي) ، وانما كانت لنا قناعاتنا الخاصة التي نريد ان نختبرها ، فكانت القناعة عندنا أن المرأة هي انسان في المقام الأول والأخير.. ويجب ان نمنحها الفرصة الكاملة ان تعبر عن ذاتها ، دون خوف من احكام مسبقة..!!
الثقافات التي جئنا منها ، لم تكن المرأة تشكل هاجسا مخيفا ، وانما هي كانت ذات مستقلة تشارك في المجتمع بصفتها تلك ، وكنا نرى أنها ند..! فنحن جئنا من بيئة (مدينة الدلنج) فيها كانت المرأة التي تماثلنا في العمر ، تعمل معنا في مجال المسرح (بالمناسبة كل مراحلي الدراسية ، منذ السنة الرابعة ابتدائي ، ولغاية ادائي للخدمة الإلزامية ، كنت احب المسرح وامارس التمثيل..!!..واذكر ايام الشهادة السودانية ان كانت للأستاذة الفنانة سمية حسن حفل بالدلنج ، وكنا نهوى التحدث الى العظماء ، فقالت لي: دعك عن جامعة الخرطوم ، امشى المعهد العالي للموسيقى والمسرح ، ولو لم تتمكن من التمثيل ستكون ناقد مسرحي..!!..في تلك ألأيام العجيبة تحدثنا الي احمد الجابري ، عبد القادر سالم ، ابراهيم موسى ابا ، النور الجيلاني ، زيدان ابراهيم ، عبد الوهاب الصادق ، القلع عبد الحفيظ ، هدى احمد ، سميرة احمد ، نادية ، سليمان زين العابدين ، وعمر بانقا..!!.. ) وكانت المرأة السودانية بالدلنج ، تعمل معنا في الغناء (جليلة رمضان ، عسكرية باب الله (سكرة) فايزة جاجا (عازفة اكورديون).. وتلاقينا اينما ارادت وكيفما ارادت.. وتناقشنا وتسامرنا مسامرة (حينما نتذكرها اليوم) عالية ومتقدة للغاية.. كنا نعرف المرأة العقل ، قبل أن نعرف المرأة الجسد (وهذا يحدث في السودان الذي يريد البعض منا ان يحرفه ويزيفه كما يرغب ، سواءا كانوا يسار أو يمين..كلهم لا فرق بينهم البتة..!!)..
كبر
05-09-2016, 00:30 AM
Kabar
Kabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18547
في احد المساءات الأنيقة ، كنت مع زميلتي (كانت سنة تالتة وانا سنة اولى) ، وشربنا العصير في كافتيريا الإقتصاد ، ثم عدنا نقود خطانا نحو كلية القانون ، واذكر كان هناك جدول صغير بالقرب من كلية الاداب لسقية النجائل والأشجار ، وكان جافا..وحينما عبرنا ، قفزت فوق الجدول (نطيت) ، وكانت زميلتي السنيورة (اجمل ما فيها ، كانت تلبس التوب السوداني ألأبيض وهي طالبة بالكلية)..تمشي معي ، لم تقفز ، ولكنها وضعت قدمها في الجدول الصغير..ثم عبرت..!!
لم اعر ذلك انتباها ، الإ بعدما حاولت هي التبرير..فقالت ، باسمة : كنت ح انط الجدول ، لكن خفت تخت فيني رأي..!!
اندهشت واستغربت من طريقة تفكيرها الغريبة ، وقلت لها: انا ليس كمن تظنين ، والمرأة عندي لا تقاس بفتحة صغيرة في مكان ما ، تحرص ان تحافظ عليها..!!..وانما المرأة عندي انسان ، لا يقل عني في شئ..!!
اندهشت تلك الزميلة ، وكانت بيننا مسامرات وحكاوي طريفة ، وكتبت عنها في احدى خواطري التي نشرتها لاحقنا في صحيفة (حاجة فيك الحائطية).. وكانت من اجمل عباراتها التأكيد المستمر ، عبر سؤال الإستفسار (اتفقنا..؟)..
التحقت تلك الزميلة ، بعد التخرج ، بديوان النائب العام ، وصارت ترتدي البرقع (لاحظ دي زول يسارية من جيفارا وانتا ماشي)..والتقيتها مرة واحدة وهي تعمل مستشارة بديوان النائب العام ، واحتضتني بلهفة وسلمت علي ، وكادت ان تقبل خدي الأيسر ، ولكنها احجمت..!!..ثم كنت عرضة على مشنقة الأسئلة من الزملاء في الديوان (بعضهم زملاء وزميلات من الكلية ، والبعض الآخر من مدينة الدلنج ، بعضهم درس القانون بالعراق ، وهي البعثات التي كان يفترض ان كون من ضمنها لأدرس الصيدلة ، فخافي ابي ان اعود بعثيا ، وهم عادوا كيزانا متعنتين للغاية..!!..وكنت اقول في نفس وانا اخاطب صحابي البعثيين: عجبني للمرقوت..!!)..الأسئلة كانت اسئلة دهشة ، فهم كانوا يعرفون عنها زميلة متشددة للغاية (دينيا وكده)..فكيف بها تحتضن الرجل وتصافحه ..!!..حدثتها عن ذلك (والوكت داك الإنقاذ جابت فكرة الإستثمار وتحرير الإقتصاد كما هي جاكات وزير المالية الأسبق عبد الرحيم حمدي)..وقلت لها الشي بالشي..والأمر يحتاج ثمن..ضحكت هي وقالت: داير شنو بالضبط؟..داير واسطة تخش الديوان؟..قل لي..!! قلت لها: فطور اسبوع..!! طبعا اندهشت على هذا الرخص والوضاعة..!! وكانت جادة ، وعزمتني فطور اسبوع ، نلت منه ثلاث ايام ، والباقي حتى الآن مؤجل..!!
وكانت حينما تكون معي ، تصير الشخص الذي التقيته اول مرة في حياتي ، الشخص المستقل ، الحالم ، الخائف ، المنشطر تجاه الأشياء ، المتناقض..والذي يبحث عن من يحتمله هكذا دون احكام قيمة مسبقة او لاحقة..!!
ول ابا محمد نور كبر متابعة لصيقة وكلنا اذان صاغية.. ذكريات الحياة الطلابية دائما جميلة ومترعة بالروائع ..وواصل وسناتي للتعليق بعدين...عشان ما حبل التفكير والله يديك الصحة والعافية
05-09-2016, 05:11 AM
Kabar
Kabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18547
بت ابا اميرة..حبابك يا صديقتي كتر خيرك على المرور.. وهل كانت هي ايام نصاح يا اميرة؟..
صاحبي ، مصطفى ابشر يكتب ( والآن عرفت لمن يشتاق كبر ، والبرد قارص).. ثم يسوح في فيافي الخيال ويدندن لنا ، ببحة حزينة/حنينة/ نبيلة..
بين ريتا وعيوني ... بندقية والذي يعرف ريتا، ينحني ويصلي لإله في العيون العسلية
ولمن كانت الناس مشغولة بناس : ابوعركي البخيت ، شرحبيل احمد ، ثنائي العاصمة.. نحن كنا في افق التشرد/التمرد..مشغولين بناس: الهادي حامد.. وفنان فناني امسودان ، المتمرد خوجلي هاشم..!!
كانت ايام يا اميرة.. بالجد ايام..!! ولو راجعتي بوست اخونا منصور المفتاح (عادل القصاص).. ح تلاقي عجايب العجايب..!! كل الأسامي كانت بيننا تمشي.. وكنا نحن في سوح البهاء والتمرد نمشي..!!
المواويل ،\دمعة في عمق البراحات ميل مربع..
تحية لقاسم ابوزيد.. تحية لخوجلي هاشم.. كبر
05-09-2016, 09:54 PM
MAHJOOP ALI
MAHJOOP ALI
تاريخ التسجيل: 05-19-2004
مجموع المشاركات: 4000
الاخ كبر المقتبس ادناه هل هو رؤيتك حينذاك ، ام زيارة جديدة للتاريخ ؟
Quote: اول مرة شعرنا بالإقصاء والقمع، الذي يذهب ليؤكد لك انك مشكوك في سودانيتك ، هي فرضية أن أي قادم من غرب السودان لا يخرج من اثنين : يا اما اخ مسلم أو حزب امة. اما اذا كنت تنحدر من مجموعة قبائل البقارة العربية فانت حزب امة شئت ام ابيت . واذا كنت من نوبة الجبال فانت حزب قومي.. ولم تكن الأحزاب تملك فكرة التثقيف والتعريف بالثقافات السودانية ، وانما كانت تتعالي على ذلك الوجود الحي وتتعامل معه بتأفف تام ، باختصار كانت احزاب مدينة ولا يعنيها من الريف الإ القدر الذي توظفه في تكبير الكوم والرصيد الجماهيري.
والأنكي من ذلك ، ان اصدقائك او صديقاتك هم ايضا مؤشر لتصنيفك (بالطبع الشعب السوداني مغرم بحكاية التصنيف بصورة مبالغ فيها)
يبدوا ان الغرام ليس من طرف واحد بل متبادل ، وان الامر ليس تصنيف يجافي الحقيقة بل رؤئة للذات والاخر ، كما في مداخلتك ادناه تخاطب فيها منصور مفتاح
Quote: كل مدن غرب السودان عندنا يا حبيب.. باقي ليك الجموعية بيلغبهم يمسكوا الخرتوم؟.. خلي تاني شيوعي ولا شيوعية يفتح خشمو.. السفاهة حدها بنعرف كيف نوصل ليهو..!! ويا عمر البشير ، خلي الله يقدرك تعدل خارطة طريق..!!
05-09-2016, 10:13 PM
nour tawir
nour tawir
تاريخ التسجيل: 08-16-2004
مجموع المشاركات: 17638
(كبر عندما يتجلي في الحكي في الثقافة في التراث في الذكريات في القانون في الموسيقي في وفي _ الجميع يجلس بادب واحترام _ حتي اخوانا ناس بيت الاشباح بستمتعو بالكلام السمح ويتاوقو في البوست من حين لاخر ههه غصب ههههههههههه واصل التنوير ولك التحية )
حاضنا سنبلة الوقت ورأسي برج نار ما الدم الضارب في الرمل وما هذا الأفول قل لنا يا لهب الحاضر ماذا سنقول مزق التاريخ في حنجرتي وعلي وجهي امارات الضحية
(ادونيس: اغاني مهيار الدمشقي)
ولأننا كنا نظن أن الجامعة بيئة اجتماعية مغايرة ويفترض فيها انها مفارقة ، فكنا نتمرد على مفاهيم مثل (اخو البنات) ، (مقنع الكاشفات) أو (و د الفريق) ، ليس تهربا منها ، وانما لأنها مفاهيم كنا نظن أن انسان الجامعة ابتعد عنها بعض الشئ..
ذاك الوضوح ، كلفنا بعض الأشياء التي لم تخطر على بالنا مطلقا ، ونفس الإنطباعية هي التي كانت اساس تشكيل الرؤى.. فكتابة الخواطر المتمردة ، واللغة الجميلة السهلة والمفاهيم وطريقة التعامل ، كانت الإنطباعية ترى أن هذه اشياء مدهشة ومفارقة ، والإكليشيه المعهود هو انها اعمال لا تأتي الإ من مساطيل.. وكنا ناخذ الأمر ببراءة حينما نوصف باننا مساطيل ، ولكن الرعب يحدث حينما يصدق البعض مثل هذه الأحكام الإنطباعية..! ذات مرة اقتربت مني زميلة ، وبكل بساطة سألتني عن سيجارة ، ولأني وقتها كنت لا ادخن ، فاخبرتها بالوضع ، ولكنها كانت تبحث عن سيجارة اخرى..!!
وحينما سألتها ، من اين جئت بمعلومة اني ادخن (السيجارة الأخرى) ، قالت: هذا امر شائع ومعظم الناس يعرفونه وحدثني عنه فلان .. وفلان هذا كان زميلنا وله فضاءاته الخاصة التي كنا لا نتفق فيها معه ولكنا كنا نحترمها كخيار شخصي لا يحق لنا أن نتدخل في تحديده..! زميلة اخرى كانت تسأل عن (العرقي) ، واخرى جلبت لنا هدية ( اربع علب بيرة هولندية اسمها هنكين) لأنها كانت تظن أننا نشرب البيرة..! مثل تلك الأمور كنا لا نتوقف امامها كثيرا ، وانما كنا نأخذها كمزحة أو نكتة عابرة ، ولم نكن نساءل الناس ونحاول أن ندافع باننا (مش بتاعين كده) ، وانما كنا نصحح المعلومة لمن يتجرأ ويسألنا بصورة مباشرة..!
في السنة الخامسة (قضينا خمس سنين في كلية القانون ، لأننا اشتركنا في مقاطعة الإمتحانات حينما قرر اتحادنا / اتحاد المحايدين مقاطعة الإمتحانات ، فتأخرنا سنة)..حدثت بعض الأشياء التي وضعتنا في محك تحدي امام فكرة ألإنطباعية .. فالكلية وقتها انشطرت اجتماعيا ، فمن قاطعوا الأمتحانات اصبحوا اصدقاء ويمشون مع بعض ويتحدثون مع بعض ، ومن لم يقاطعوا اصبحوا اعداء وتتم مقاطعتهم وعزلهم اجتماعيا.. وكانت مسألة مزعجة للغاية ، ان يكون زملاء وزميلات واصدقاء وصديقات لمدة اربعة سنوات ، ولكن بسبب المقاطعة اصبحوا اعداء لا يحدثون بعضهم البعض..!
وكنا في خندق يحسبه البعض مشاتر (كما هو موقفنا اليوم من القضايا) ، حيث كنا نميز بين علاقاتنا الإجتماعية ومواقفنا تجاه القضايا.. ولم نتوقف عن التعامل مع زملاءنا وزميلاتنا ممن قرروا دخول الإمتحانات ، وكنا نحترم خيارهم ونلتمس لهم العذر ، فحينما تكون التضحية لقضية عامة ، كل الناس ستكون لها حسابات خاصة ومعطيات قد لا تكون منظورة للعامة..ولم نكن نصف الناس بالجبن والتخاذل او خيانة قضية الطلبة..لاحظ نحن من كنا نسكن الداخليات ، وبسبب دخول البعض للإمتحانات ، اتخذت ادارة الجامعة (بروف مامون حميدة) قرار بمساومتنا : اما دخول الإمتحانات أو الخروج عن الداخلية..!! ووقفنا في موقفنا: لم ندخل الإمتحانات ولم نخلي الداخلية .. !!
وواجهنا صعوبات من قبل اهلنا واقرباءنا فيما يخص المقاطعة.. واذكر وقتها اجتمع بي اربعة من اعمامي (احدهم ضابط برتبة عقيد شارك في حركة حسن حسين عثمان وحكم عليه بالإعدام ثم الغي الحكم لاحقا ، واحدهم نقابي يساري ومن مؤسسي اتحاد ابناء المسيرية ، واحدهم من قيادات البعث في جنوب كردفان ، والرابع صوفي / تجاني)..ثلاثة منهم ، ماعدا البعثي ، كانوا يلومونني على المقاطعة وباعتبار اني شاب في مقتبل العمر واسرتي تنتظر مني شيئا وان ما افعله هو تهور وطيش..و اذكر حينما ضقت ذرعا ، قلت لعمي الإنقلابي: انت دفعت عنقك في سبيل موقفك في قضية عامة فلماذا تستنكر مقاطعتي للإمتحانات لدعم زملائي وزميلاتي والإتحاد الذي وقفنا ورائه الى ان صار واقعا؟..دمعت عين الرجل وقتها وقال لي: انا كنت ضابط عظيم ومستقل في حياتي الإقتصادية..!
عمي البعثي الذي كان يتضامن معي كثيرا ، وهو اقرب الأربعة لي ، كان يسألني ببساطة: ما هو اقصى ما يحدث حينما تستمر في المقاطعة؟.. وحينما قلت له سأخضع لمجلس محاسبة من ادارة الجامعة وان امر الفصل النهائي غير وارد ..فقال لي..استمر فيما ترى ، عليك أن تخوض التجربة لغاية نهايتها ، لأن التجربة هي خير معلم..!! ثلاث من زميلاتي بكلية القانون (تماما مثلما حدث في الفيلم المصري الكوميدي لمحمد هنيدي والذي اسمه صعيدي في الجامعة الأمريكية).. ثلاث من زميلاتي ارسلن خطابات الى والدي في الدلنج ، اثنين يرجون تدخل والدي لإقناعي بعدم المقاطعة ، وواحدة كانت تطمئن الأسرة بانه مهما حدث فانها ستضمن لي عمل في مكان ما..!!
التقيت اسرتي بعد سنة من المقاطعة ، وشرحت لهم ما حدث بالضبط ، واذكر الوالد عمكم الحاج النور كبر ، ابتسم وقال لي: صحيح وديناك عشان تكمل تعليمك.. وحتى اللحظة نتوقع منك ان تكمل تعليمك..ولا نرجو اكثر من ذلك ( والدي ، كان دفعة اعمامنا الحريكة عز الدين وفضل الله برمة ناصر ، واخرج من السنة الثالثة اولية ، لأنه كان مريض بالملاريا ، وان لا احد سيبقى معه ، لأن الفريق كان في رحلة الظعن الى الشمال ، فاخرج من المدرسة ، وعاهد نفسه أن يوفر فرصة التعليم لكل اطفاله ، بنات واولاد ، ولا يرجو منهم شئ ، فقط ان يكملوا تعليمهم ، وهو الأمر الذي لم يتمكن منه ، ولقد نجح الرجل كثيرا ، فكل اطفاله الثمانية /ثلاثة اولاد وخمسة بنات.. واصلوا تعليمهم الى اخر المراحل ، سبعة منهم تخرجوا من الجامعات السودانية وبعضهم واصل لمرحلة الدكتوراة ، وواحدة فقط توقفت في المرحلة الثانوية ..!!)..
وكان ابي يعرف اني عملت سكرتير ثقافي لجمعية طلاب القانون ، واني سكرتير ثقافي لرابطة جنوب كردفان (التي صارت فيما بعد اتحاد طلاب جبال النوبة ، ومنها ابننا محمد الصادق الذي قتل غدرا في الأيام الفائتة)..ويعرف اني نائب رئيس اللجنة العليا لأسبوع كردفان الثقافي الثالث..فكان يعتقد اني واجهة (قيادي) وان هذا الدور له ثمنه الباهظ..وحينما اخبرته عن امر المقاطعة ، كان سؤاله واحد فقط: هل قاطعوا معك انصار؟..قلت : وانصاريات كمان يا حاج..!!
الحادثة الوحيدة التي لم احدث عنها اسرتي ، كانت هي حادثة ضربي بواسطة عسكر الإحتياطي المركزي ، وكانت في يوم الثلاثاء الخامس من ديسمبر 1989..اسرتي عرفت عن هذه الحادثة بعد خمس سنوات من حدوثها ، وحتى زيارتي الأخيرة للسودان في ديسمبر 2015 ، كانت والدتي عليها السلام تسألني منها ، ومن حادث حركة حدث لي في القاهرة..!!!
ولقد كانت تجليات الإنطباعية (في مستواها الإجتماعي والجمالي) تتجلي في شكل علاقاتنا الإجتماعية في الجامعة..فلقد كانت بعض الزميلات يتعاملن مع كل من يدعي انه صاحب كبر ، بلا تحفظ..!
اذكر مرة ، كنت بغرفتي ، الغرفة 2 (التي يسميها صديقي الجميل عبد السلام حامد الطيب ، وهو رجل يظهر كثيرا في مخطوطات رواياتي عن تلك الفترة ، يسميها عبد السلام : فرجينيا 2) بداخلية عطبرة (أ) بالبركس وهي الغرفة التي تقاسمتها لسنة كاملة مع صديقنا الجميل المرحوم سليمان ادم جمل والذي ساكتب عنه لمحة صغيرة لاحقا..وجاءنا المرسال الذي يسأل عن كبر أو شطة ، وهو صديقي وزميلي (عضو جماعة حاجة فيك الأدبية) حامد ابراهيم شطة ، من اهالي النهود بغرب كردفان ، ولم يكن حامد شطة وقتها موجودا بالبركس ، فخرجت ، من داخلية عطبرة (أ) الى أن وصلت الى مكتب الحرس (بالقرب من مستشفى العيون) ، ثم التقيت بعض الزميلات ، اللآئي كنا ينوين زيارة معرض الخرطوم الدولي ،و ان احدى زميلاتنا بالكلية (من بنات مدني) اصرت الأ تذهب الإ في معية شطة وكبر..!! ورغم تمردي ، ورفضي للتقاليد ، خرجت مع جوقة الزميلات تلك ، وذهبنا الى معرض الخرطوم الدولي ، وهو امر لم يكن في حساباتي..ولا رغبة لي بان اشاهد اعمال ذلك المعرض..! لاحقا ، راجعت الزميلة المعنية ، وسألتها : لماذا شطة وكبر ، تحديدا؟ وكانت اجابتها غريبة للغاية، حيث افادت قائلة: عيال كردفان اكتر ناس بلقى فيهم ذاتي ، ما عندهم اجندة نوهائي (بالحرف)..!!
انطباعية (عيال كردفان) عانيت منها كثيرا ، فذات مرة ، احدى زميلاتنا من المدن القريبة من العاصمة ، قدمت لنا دعوة ان نذهب لقضاء اجازة عيد الضحى معها ، ووجهت الدعوة لي ولصديقي الجميل (محمد حسن هلال ، أي والله قريب موسى هلال القدامكم ده..!!)..واعتذرنا.. لأننا (هلال وشخصي ، كانت لنا فهمومنا الخاصة حول مثل تلك الأشياء ، واللحظة الوحيدة التي استجبنا لها ، كانت في سنة البرليم ، حيث ذهبنا لتلبية دعوة صديقتنا وزميلتنا المدهشة الأستاذة ناهد حامد عبد الله ، وزرناها في قرية ألأطفال السودانية ..هي قرية لا ادري من اهل هذا المنبر يذكرها؟..)..اما صديقتنا ، بت الأقاليم ، وهي الآن دكتورة في الإقتصاد ، واناغمها احيانا ، فحينما عجزت في امرنا ، اختارت شخص من عندنا ..أي من ناس الدلنج..وندمت هي ، وندمت أنا اكثر منها ، لتجربتها مع ذلك المواطن.. !!..وللحق والجمال والحقيقة ، لم اعلم عن دعوتها لذلك الرجل ، ولو علمت لحظتها ، لقلت لها : لأ.. ومليون لأ..!! دعت صديقتنا المعنية ، ذلك الرجل لقضاء اجازة العيد مع اسرتها ، لسبب وحيد فقط: لأنه قال لها انه صديق كائن اسمه كبر..!!
وكنا نعاني كثيرا مع صديقاتنا ، من مسألة ( انا صاحب كبر) ، الى بلغ بي الأمر ان قلت لهن: لو قال احدهم ابن النور كبر معلا ، ولا تذهبوا معهم..! وكانت الأسئلة ، بعد كل تجربة مريرة أو مزعجة : لماذا انت لا تفعل ما يفعلون؟..
كبر
05-10-2016, 08:20 AM
اسامة الكاشف
اسامة الكاشف
تاريخ التسجيل: 06-13-2008
مجموع المشاركات: 911
هذا هو اٍسمي ماحيا كل كلمه هذه ناري لم تبقى آية دمي الآية هذا بدني ... ... تعرج المدينة والناس مرآيا تمشي اذا عبر الملح (ادونيس: اغاني مهيار الدمشقي)
بيد أني عانيت من الإنطباعية في مستوى اخر ، وهي تجربة ان تكون هناك اراء مسبقة عنك وانت لا تدري عنها شئ..
فذات مرة ، كنت اتحدث لبعض الزميلات البرلومات ، وكان الحديث عن الرقص ، وكيف انه وسيط روحي جميل ، وان أي انسان مهما كان لابد ان يرقص مرة واحدة في حياته ، يرقص باخلاص وجدية ، وكنت احدثهن عن ثقافات الرقص في مجتمعات البقارة والنوبة ، وانه خلافا لتصورات البندر التي تذهب الى ان الرقص منقصة من مناقص البشر ، الإ ان الأمر في تلك الثقافات مختلف تماما ، وان الرقصات تقسم على حسب الأعمار ، وان الناس يرقصون دوما بلا حرج ، وانما يعتبرون ساحة الرقص مكان للتعبير عن الذات والجمال..احد الزميلات ، وكانت من بنات الإتجاه الإسلامي ، كانت تستمع بدهشة ، ويبدو انها اضمرت شيئا ..وبعد اسبوع ، كنت اعبر كلية القانون ناحية شارع النشاط ، فاستوقفتني تلك الزميلة وهي تشكرني وترسم ضحكة حقيقية ، فاستغربت وسألتها: فقالت: سمعت حديثك عن الرقص ، وحينما ذهبت الى منزلنا في الصحافة ، دخلت غرفتي واحكمت اغلاق الباب ، وادرت المسجل ورقصت رقصت رقصت..!! بعد الرقص ، شعرت كأني انسان ولد من جديد.. وسوف افعل هذا في كل نهاية اسبوع..!!
اندهشت من بهاء الفكرة ، وقلت لها: ارقصي اينما وجدت الفرصة ، واياك الرقص في الحفلات ، لأن الرقص فيها مصطنع وغير حقيقي..! اباحت لي تلك الزميلة بسر غريب للغاية ، فقالت متساءلة: طيب ما انت زول كويس ، ليه بيقولوا عنك كده؟.. قلت: وماذا يقولون عني؟.. قالت: يحذروننا دوما بانك كائن (مسم) ويجب الإبتعاد عنك..! استغربت لهذا الأمر ، ولم يدر في خلدي مطلقا ، باني قد اكون موضوع تنوير للأحزاب السياسية تجاه قاعدتها النسوية..!!.. وازعجني الأمر ، واستفسرت عنه اكثر وعرفت أن هناك جلسات تنويرية يكون موضوعها (عدم الإقتراب من كبر)..! احد الزميلات ، قالت: هم يخافون ان تجرف العضوية النسوية..ويحدث التسرب..!
اول مرة في حياتي اشعر باني كائن خطر دون أن ادري..!!
وطيلة تجربتي مع المحايدين لم اخاطب طالب او طالبة بضرورة الإنخراط مع المحايدين ، وانما كنا نرى أن سلوكنا وتعاملنا مع الناس يكفي ان تدعمنا الناس ، وقد كان ذلك الديدن ناجح للغاية..!!
كبر
05-11-2016, 01:40 AM
Kabar
Kabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18547
واذكر واحدة من عاداتي السيئة للغاية وانا طالب بالجامعة ، السفر المستمر الى الدلنج ، فاحيانا تكون الجامعة في حالة دوام عادي ودراسة مستمرة ، وكنت اتغيب اسبوع او عشرة ايام واسافر دون اخطر احد..تلك الطريقة الفوضوية ، ايضا كانت مدار الإنطباعية العجيبة ، فلقد عرفت ، بعد التخرج أن حكايات وحكايات كانت تنسج حولي سفري واني اقوم بنشاط ما ولجهة ما.. اما طبيعة ذلك النشاط أو الجهة فلا احد يجزم..!! طبعا بعض الغيابات مبررة (حصلت مرتين) فلقد كنت اعمل عامل يومية بناء (طلبة) واتحصل على بعض المصاريف ، ولكن الخيال الواسع يجعل منها نشاط غامض للغاية وتنسج حوله الأساطير..! ايضا من الأشياء التي اذكرها حتى الآن ، واضحك عليها كثيرا وعلى نفسي اكثر ، هي اني طيلة سنواتي في الجامعة كنت اضع سكينا في ساقي الأيمن ..!! وكان ذلك تبريره غريب للغاية ، فلقد كان لنا ابن عم يسبقنا في الجامعة وتعرض لتحرش من قبل اهل الإتجاه الإسلامي ، فكنا نتوقع ان نمر بنفس التجربة ، وربنا سترنا الى ان تخرجنا مع الجامعة..! البعض كان يحدثنا صراحة أن فينا غموض عجيب ومثير للخيال والفضول..واذكر ان احد الزميلات ، اخذت تفتش حقيبتي (كنت احتقب حقيبة خضراء ، وكانت تأتي من ليبيا في ذلك الوقت) لثلاث مرات متفرقات..وحينما استفتسرتها ، قالت : سامعة قاعدين يقولوا بتشيل معاك خنجر..!! ضحكت ، وقلتها: وديني ما عندي خنجر في كل حياتي..!
وذات مرة ، فرجتها علي سكيني وكنت اسميها (حبيبه) . في بادئ الأمر خافت زميلتي وجحظت عيونها ، ولكن عادت وتصالحت مع الفكرة وهي تتأملها ، وكانت معجبة بقطعة الفضة التي توزن الشئء الفلاني والتي توضع في ناهية مقبض السكين ونسميها في ثقافات البقارة (القنطرة).. فقالت: هذه انتيكة ولوحة مش اداة عنف..! وحكيت لها عن تاريخ السكين والسكسك والخرز الذي يزينها.. فنسجت هي عقد صغير من الخرز الملون ، وربطته في بيت السكين ..!! كانت الإنطباعية ، تصنفنا كوادر عنف ، لكن لمن نتبع فلا احد يستطيع ان يجزم ، ناس الإتجاه الإسلامي يتعاملون معنا (بالإشاعات ) على اساس اننا كوادر عنف شيوعية ، والشيوعيين يتعاملون معنا (بالإشاعات) على اساس اننا كوادر عنف طائفية ، والطائفية تتعامل معنا (بالإشاعات) على اساس اننا كوادر عنف بعثية..وهكذا..هكذا..! وكنا نلتحي احيانا ، ونطلق اللحية لتنمو وتنمو..وكان ذلك لسبب غريب ومدهش.. ببساطة لأننا لا نملك ثمن امواس الحلاقة والصابون..!!!!!! وبالطبع لم نكن ننجو من الإنطباعية والتصنيفات التي ما انزل الله بها من سلطان..!
بعد التخرج مباشرة ، كنت اعاود الجامعة في فترات متقطعة ، خصوصا الإستعداد لإمتحان المعادلة ، وذات مرة ، وجدت مجموعة من الزميلات ، وسألتني احداهن ان اشرح لها بعض الأمر فيما يتعلق بقانون الإجراءات الجنائية والقانون الجنائي..وكنت اشرح لها وانا احدثها وسط مجموعة من زميلاتها..وكانت هناك ظاهرة الطلبة العائدين .. وهم فئة كانوا يدرسون في الجامعات المصرية والتونسية والمغربية والسورية..الخ..احداهن اندهشت من بساطة الشرح . وكنت احدثهن كيف كنا نذاكر القانون الجنائي ، حيث نتعامل معه كقصص نحكيها لبعض البعض ونستخلص من المبادئ القانونية..وكيف ان القانون الجنائي اكثر انواع القانون تطبيقا في المحاكم ، لأن الأمور الجنائية كثيرة الحدوث والشيوع في المجتمع السوداني. احد الزميلات ، وهي عائدة من تونس ، وكانت تظن اني اعمل استاذا بالجامعة أو احضر لدراسات عليا..وكنا نضحك.. حينما قلت لها: انا طيش الدفعة بامر الحكومة .. فاستغربت وقالت :كيف؟..قلت لها لأن الحكومة اجبرتني ان اعيد سنة لأنها لم تحتمل دفاعي عن موقفي في قضية المقاطعة ، فكان الجزاء ان اتأخر سنة ..!
كبر
05-11-2016, 02:46 PM
محمد عبد الله حرسم
محمد عبد الله حرسم
تاريخ التسجيل: 01-25-2013
مجموع المشاركات: 4492
وأبتدئ من هنا من انين الشوارع من ريحها الخانقة من بلاد يصير اسمها مقبره وأبتدئ من هنا مثلما تبدأ الفجيعة او تولد الصاعقه (ادونيس: أغاني مهيار الدمشقي)
وبعد التخرج ، ينحسر المجتمع الجامعي في حياتنا ، فالجامعة كانت مجتمع مفتوح ، والصداقات ومعرفة الناس خياراتها اوسع ، نتعرف على بعض وكل منا يحمل قصة أو حكاية أو تجربة ، وكنا ناتي من مختلف بقاع السودان. اما في الحياة ، فالأمر مختلف تماما ، حيث تغدو الصرامة هي الملمح الأكثر شيوعا.. في نهاية فترة التدريب (للمحاماة) ، ذات يومي زارني صديقي محجوب علي عثمان ، وهو من اهالي الدلنج ومن اصدقائي المقربين ، ودرس اللغة الأنجليزية بجامعة امدرمان الإسلامية ، وكان محجوب حليق الراس ، وهو امر غير معروف عنده كثيرأ.. وحينما سألته: قال لي اؤدي الخدمة الإلزامية في بابنوسة..!! وكانت الخدمة الإلزامية وقتها شرط اساسي لكل من يرغب في مغادرة السودان ، سواءا بحثا عن هجرة أو منفى..!!..وراقت لي الفكرة ، وتواعدت مع محجوب ان نذهب في اليوم التالي وتسجيل اسمي لأداء الخدمة الإلزامية..!!
ذهبنا الى مكتب تنسيق الولايات ، وقابلت صديقي وزميلي ابراهيم باخت ، وهو الآخر قد بدأ مشواره مع الخدمة الإلزامية وكان يعمل بمدرسة الجنينة الصناعية ، وكان مصر ان اذهب معه الى الجنينة..ولكني اخترت غرب كردفان..وسجلت مع المسجلين ، وهم مجموعة عرفت فيها فقط دفعتي وصديقي فضل بنداس ، وهو خريج مدرسة العلوم الإدارية بجامعة الخرطوم..! جهزنا اغراضنا ، وبعد اسبوع كانت رحلتنا الى غرب كردفان ، وكنا مجموعة تتكون من قرابة الأربعين خريجا..وبدأت رحلتنا من الخرطوم ، الى غاية مدينة النهود ، حيث التقانا وفد من وزارة التعليم وكانت مهمة الوفد هي توزيعنا..!! كنت اريد الذهاب الى بابنوسة ، لأنها مدينة اعرفها ، ويعمل فيها صديقي محجوب ، وكانت بها خطيبة (الأولى)..فكانت لنا اسبابنا المشروع للعمل في مدارس بابنوسة الثانوية (بنين وبنات)..
وزعني وفد وزارة التربية للذهاب لمنطقة لم تخطر ببالي مطلقا ، وكانت هي منطقة ود بنده..ولأني الناس كانت تخشى الكلام بوضوح ، فلم يعترض احد على نصيبه ، اما انا فقد اعترضت على الذهاب لود بنده..واندهش مدير وزارة التعليم ، والذي كان هو رئيس اللجنة المشرفة على توزيع طلاب الإلزامية..وانزعج كثيرا من هذا الإعتراض (الذي كان يظنه تمرد) ، فقال لي: اين تريد أن تذهب ، فقلت : بابنوسة..! ولكنه اضمر شيئا ، فاعاد توزيعي الى مدرسة الفولة ، واعترضت.. وهنا ظهر الغضب على اللجنة المكلفة ، وسمعت منهم بعض العبارات الغامضة ، باننا هنا لنسمع ونطيع دون اسئلة..وقالوا لي: هذا اخر ما عندنا يا اما ان تذهب الى الفولة أو تعود من حيثما اتيت..!! تدخل احد الزملاء ، وقال: انا ما فارقة معاي اي جهة ، وتوزيعي في مدينة ابي زبد ، اتبرع ان اتبادل مع الزميل كبر ، يذهب هو الى ابي زبد واذهب انا الى الفولة..! اقتنعت اللجنة بذلك الإقتراح ، وقبلت انا بالأمر ، وكنت من نصيب مدارس ابي زبد الثانوية لأداء خدمتي الإلزامية كمعلم بالمرحلة الثانوية..!
في تلك اللحظات ، سمعنا تضجر اهل وزارة التربية بولاية غرب كردفان ، وان دفعة الإلزامية هذه ستكون خازوق لأنها مليئة باهل اليسار (بعثيين وشيوعيين ولجان ثورية)..!!!.. وكان الإنطباع قام على فكرة ان احد افراد الدفعة يعرف ان يعترض بصوت جهور ، في زمن كانت كل سلطات الحكومات وبكل مستوياتها جبلت على عبارة السمع الطاعة والتنفيذ..! زميلي الذي بادلني الموقع ، وكان خريج يسبقني بسنتين من جامعة القاهرة فرع الخرطوم (النيلين لاحقا) ، كان اكثر حكمة ، وقال لي: يازول انت في خلاء والناس ديل ممكن يعملوا فيك حاجات كتيرة انت في غنى عنها ، وصيتي لك ، اقضى زمن خدمتك ، وحاول الصمت اكثر ، لأنك سترى اشياء كثيرة لا تسرك ، والوضع الآن يختلف عن وضع الجامعة ، لأن ايام الجامعة الطلبة كتار ، وح تلقى ناس كتير ممكن تقف معك وتدافع عنك ، اما هنا ، فالأمر مختلف..! ولا ادري ماهي تقديرات اهل الحكومة (المحلية وقتها) ، ولكن حدثت واقعة طريفة ، حيث كنا اول مجموعة غادرت النهود وفي نفس اليوم ، فلقد كان احد الضباط الإداريين من مدينة ابي زبد في مامورية للنهود ، وتبرع بترحيل مجموعة ابي زبد في نفس اللحظة ، ودعنا زملاءنا ، بعضهم كان يتوجس خيفة من هذه السرعة ، وان صاحبهم المتمرد (عم كبر) قد يصيبه سوء من هذه الطنقعة العجيبة ومخالفة الأوامر..!!!
ومن ضمن زملاءنا في تلك الفترة ، زميل المنبر الغائب الحاضر صديقنا الأستاذ عبد الرحمن طبيق ، وكان في مجموعة اخرى . اما مجموعتنا ، ضمت : فضل بنداس (جامعة الخرطوم) ، شمس الدين عثمان (جامعة القرآن) ، محمد عبد اللطيف (جامعة القاهرة الأم) ، محمد عثمان (جامعة السودان) ، وشخصي.
كبر
05-11-2016, 05:49 PM
Kabar
Kabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18547
المسافة بين النهود وابي زبد ، كانت رحلة ثلاث او اربعة ساعات ، والموسم كان خريفا..والعربة التي اقلتنا كانت تايوتا كروزر (بكيب/تاتشر)..! في الرحلة ، تركنا زميلنا شمس الدين ليجلس في المقعد الأمامي مع السائق ، وكنا نحن البقية نجلس في الجزء الخلفي ، لنملأ عيوننا بجمال كردفان وسحر طبيعتها في ذلك الموسم المدهش..! استغرب زملاءنا حينما اكتشفوا ، اني والأخ بنداس نعرف بعضنا منذ زمن الجامعة ، فالصورة التي كنا نرسمها وقتها (خصوصا طيلة الرحلة من الخرطوم الى النهود) اننا لا نعرف بعضنا البعض ، ولا نعرف هذا الخلاء الواسع الموحش..! من الطرائف ، ان توقف السائق في لحظة مواعيد صلاة المغرب ، وكان يقول لنا نصلي المغرب ثم نواصل..وطنطن البعض بان الحكاية بدأت من هنا (صلاة بالأوامر)..وكنت وقتها لا اصلي الإ لماما ..! التوقف كان بالقرب من احد فرقان المسيرية ، جاء الينا رجل متقدم في السن ، وطلب منا النزول كضيوف في فريقه .. فهذه هي الحكومة كما كان يظن..ولكن اعتذرنا ، فجلبوا لنا كمية من اللبن الطازج ، وخروف العشاء..! استمتع اصحابنا (ابناء البندر) بهذا الكرم ، وسأل احدهم عن الشيرنق..!! وضحك الأخ بنداس ، وناداني ان اسمع هذا الحديث العجيب ، حديث الشيرنق ..! قلت له هذه الأشياء مجانية ، وهؤلاء البدو سيمنحونها لكل عابر ، لأن هذه هي عاداتهم وطبائعهم..واضاف بنداس: ان اردت ان نقتل هنا ، فقل هذا الحديث علنا ، لأن هذا الشيخ سيعدها اهانة كبيرة للغاية..!! في نفس اللحظة ، ونحن نبدأ التحرك لمواصلة رحلتنا ، اقترب شابين من العربة وطلبوا توصيلهم الى مدينة ابي زبد.. واستشارنا السائق (حقيقة عادة ياخذون مبالغ مقابل التوصيل ، ورفضنا ان يستلم منهما أي مبلغ كان) واجمعنا على ضرورة توصيل الشابين..! احدهم كان يحمل جراب جلدي ، وبعد مسافة اكتشفنا ان بداخل الجراب بندقية كلاشنكوف..ولا استطيع ان اصف دهشة زملائي من تلك الفكرة.. فبعضهم لم يرى في حياته قطعة سلاح .. وكانت الألزامية وقتها جاءت ببدعة اداء الجزء المدني (خدمة مدنية) ثم بعد ذلك يأتي التدريب العسكري..!! وكانوا يسألون صاحبنا الشاب ، ان حدث ان قتل احد بهذه البندقية ، ولماذا يحملها ، والأ يخشى الحكومة..! بالطبع اصدقاءنا ، ابناء البندر ، كانوا لا يتصورون كيف يبدو السودان خارج البندر ، خصوصا اقاليم كردفان ودارفور ، حيث كان السلاح منتشر ، سواءا بعلم الحكومة أو دون علمها..!!
كبر
05-17-2016, 08:26 AM
Kabar
Kabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18547
حزن جميل ، بعد عشرات السنين تجد اصدقاء الزمن الجميل الغارب..! كتر خير الصديقات والأصدقاء من يتابعون هذا الخيط.. واهديهكم طرفة عجيبة وهي ، بعد عشرات السنين ، ان تخاطبني صديقتي الجميلة ليال ( ألأستاذة ليلي محمد علي).. وليلي تلك هي من عرفتني على ابداعات فرقة القلب النابض..وبعض افرادها من شاكلة الأستاذ محي الدين حماد ، وعازف الدرمز..عبد المنعم شو..!! سلام يا ليال..ولازلت احب واعشق اشعار صاحبنا محمد ابو دومة...!! كبر
05-18-2016, 02:41 AM
Kabar
Kabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18547
في مدينة ابي زبد ، واجهتنا فكرة الإنطباعية ، ولكن بصورة اخرى ، فالجميع يريد أن يعرف هويتك الإثنية ، ويريد ان يعرف من اين اتيت..!! اول احتكاك لنا مع ناس الحكومة ، ان صدر امر محلي غريب ويقضي باداء تدريب عسكري ، أي ان ينخرط الأساتذة (نساءا ورجالا) والطلاب (بنات واولاد) في تدريبات الدفاع الشعبي . وقد اعترضنا على الفكرة تماما ، وكنا نحدث اهل الأمر بان ابوزبد ليست في خط النار ولا احد سيهاجمها حتى يحتاج اهلها لتدريبات عسكرية ، وان الطلاب والطالبات اجدى بهم التفرغ للدراسة ..وقد كلفنا هذا الرأي بعض من المشاكل ، واذكر احتديت مع احد الأساتذة (منسق الدفاع الشعبي) وهددني بانه سيدفع بي الى منطقة العمليات ، وقلت له: نحن ناس الزامية ، والجهة المسئولة عننا عسكريا هي حامية بابنوسة ، ويمكنك ان تذهب الى قيادته وتطلب منهم استدعاءنا ومنها سنذهب الى مناطق العمليات..!! ولأن المنطقة ريفية ، وخصوصا ان اهلي بها كثر ، فلقد تمت معالجة الأمر وديا (نظام جودية) ، ولكنا لم نتوقف من تحريض ابناءنا وبناتنا الطلبة من ضرورة الأ ينخرطوا في الدفاع الشعبي ، ولابد من من التفرغ للدراسة.. فالأمر العجيب ، كان ذاك المنسق الهمام ، يريد ان تكون التدريبات اثناء اليوم الدراسي ، ولكن بتدخل الأجاويد من اهل المدينة ، كان الإتفاق على التدريب بعد اليوم الدراسي ، والأمر استمر لثلاث اسابيع ، وانتهى تماما..!! وكانت بابي زبد مدرستين ثانويتين..بنين وبنات ، وكانت مدرسة البنات حديثة ، حيث فيها دفعات السنة الأولى والثانية فقط..واذكر وقتها فكرة الضرائب الباهظة التي تفرض على اسر الطلاب.. فلقد كانت الحكومة الولائية تفرض ثلاث الف جنيه (الفين للحكومة الفيدرالية ، والف للحكومة الولائية) ، ولكن الجهات المحلية رفعت هذا المبلغ الى ثمانية عشر الف جنيه ، وبالتالي تكون الخمسة عشر الف جنيه هي ضرائب محلية للغاية..وتدفع مرة واحدة في السنة.. بحجة ان المدارس تحتاج تأهيل ولابد من العون الذاتي..!
كبر
05-18-2016, 02:42 AM
Kabar
Kabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18547
ذات مرة دعتني وكيلة مدرسة البنات ، وكانت امامه حكاية طالبتين ، شقيقات ، وان المصاريف ستكون كبيرة للغاية على الأسرة (عائلها مزارع) ، وبالتالي اتفقت الأسرة على التضحية باحدى الطالبتين لتواصل الأخرى دراستها..!!..ولأن الأمر كان قاسيا عليهم ، فلقد استشاروا الأستاذة وكيلة المدرسة ..!! تلك الواقعة ، هي التي دفعتني للبحث عن فكرة تلك المصاريف ، وعرفت المصاريف الحقيقية وهي الثلاث الف..وطلبت من الطالبتين ان يحضر ولي امرهما الى المدرسة ، وقد حضر ، واندهش كثيرا حينما قلت له: ادفع ست الف وتستمر ابنتيك في التعليم..وحتى اللحظة اذكر عبارته حينما قال لي: يا ولدي انت قايلني جاهل صغير ولا بتلعب علي؟.. الحكومة بتقول ست وتلاتين الف وانت بتقول لي ست الف؟..وشرحت له الأمر.. وشكرني كثيرا..! احد الأساتذة لم يعجبه الأمر ، واتصل ببعض الجهات المحلية ، واستجوبني حول الواقعة ، وكانوا يخشون ان تكون سابقة تدفع بقية الأباء للتمرد من دفع هذه التكاليف الباهظة..واحتد الأمر ، الى بلغي بي الغضب وقلت للمسئول: سأدفع الثلاثين الف ، والمحلية ملزمة بان تدفع لي حافز شهري (عشرين الف) وعليكم خصم المبلغ الى ان يكتمل..!! الغريبة ، الناس كان يملأها الخوف ، خصوصا المسئولين المحليين ، واذكر ان التقي بي نفس المسئول ، واستطاب موقفي ، وقال لي: انت رجل شجاع ، وموقفك سليم ، وهذه الضرائب نحن نفرضها لأن الحكومة ليست ليه سيولة كافية لتمويل تأهيل المدارس..واضاف لن نخصم منك شئ ، ولو كنا نستطيع لدفعنا لك اكثر..!!
كبر
05-18-2016, 07:23 AM
علي عبدالوهاب عثمان
علي عبدالوهاب عثمان
تاريخ التسجيل: 01-17-2013
مجموع المشاركات: 12500
حبيبنا كبر .. شكراً لهذه السياحة الادبية الرائعة في تلك الجغرافيا من وطننا العزيز خاصة ونحن كنا في حاضنات الشمال ( ضواحي) الدنيا حتى بلغ بنا العمر ما بلغ .. ولم نعرف الكثير عن عمق مجتمعاتنا إلا من خلال كتابات أمثالكم من المبدعين
مودتي كبر
واصل .. متابعين ..
05-19-2016, 04:38 AM
Kabar
Kabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18547
ول ابا علي عبد الوهاب..حبابك يا صديقي وكل سنة وانت طيب.. كتر خيرك على التشجيع ، والضواحي يا صاحب هي نفسها الضواحي حينما تتأملها من عمق وتبصر..! خبرتها في مجاهل كردفان: رباها ، جبالها ، سهولها ، غاباتها ، تلالها وملامح اهلها ووسائل كسب العيش هناك..وخبرتها ايضا في تلال وسهول وضفاف النيل في بحر ابيض..! مرة يا علي ، مشيت اجازة ، وانا طالب بجامعة الخرتوم ، الى زيارة اهلي في قرية صغيرة اسمها (كرري) وتقع شمال شرق مدينة ربك..ساعتين واجد نفسي في الحواشات ماسك موية.. والجكس يشيل ويتهامس : اجي ..! ده الوليد الضيف..!! لمحة لن اتعرض اليها في سيل هذا التداعي ، حينما ذهبت الى ابي زبد لأداء الخدمة الإلزامية ، اهلك (ناس فريقنا) كانوا في زمن الخريف ، والفرقان كانت حوالي مدينة ابي زبد (تحديدا الناحية الشمالية الغربية من ابي زبد)..ولأن ابنهم خريج القانون بجامعة الخرتوم (وهو شخصي الضعيف) فكانوا يتبارون في التباهي به وكيفية توفير سبل الراحة له.. وكنت انوي زيارة الفريق..فارسلوا العربات (البكاسي) وارسلوا الدراجات (البسكيلتات: دبل ورالي) وارسلوا الثيران والحمير..ولم اختار ايا منها ، وكان الوسيط بيني وبينهم ابني عمي على محمد كبر وقد قضى سنوات بالعراق وهم يظنون انه ابن المدينة الذي سيخاطب ابنهم الغريب بتاع القانون نيابة عنهم..واندهش الرجل حينما قلت له ساذهب الى الفريق سيرا على الأقدام والمسافة ليست بعيدة..ضحك وقال لي: هل متأكد يا ابوحميد (وهو لقبي وسطهم).. وقلت : متأكد..! وسألته عن مكان الفريق..ووصف لي المكان ، وقلت له: اتبعني وسوف اصل الى الفريق..! كانت الدنيا ليل و مطر يا علي ، وفي المطر تضيع معالم الطريق والصوى التي يتعرف بها اهل الفرقان على الطريق..وكنت اسير..دليلي النجم المتوارب الذي يظهر بين الغمام بين الفينة والأخرى.. أي والله يا علي.. بعد عشرين سنة ، اعود وانا اتذكر كل ما تعلمته من تجارب في حياة الريف..!! بعد مسيرة ثلاث ساعات..رايت ضوء نار (تماما مثلما كان يحدث عند ناس اعمامك الشنفرى وتأبط شرا ولبيد بن ربيعة)..وعقبه نباح كــلب منهك.. فقلت لإبن عمي..حسب وصفك هنا مفروض يكون الفريق..! وضحك وقال لي: نعم.. ولكنهم رحلوا الي مسافة قريبة.. فلقد نسيت ان اقول لك حينما خرجت صباحا تركتهم وهم يجهزون للرحيل..! حينما وصلت الفريق..كانت لحظة حنين غريبة ومدهشة..عماتي..خالاتي..حبوباتي ..بنات اعمامي..بنات خالاتي وخيلاني..جدودي..والصغار الذين جاؤا الى الحياة في غيابي..كلهم كانوا حاضرون..! وفي الصباح كانوا يضحكون ويستغربون ، حينما ناديت طفلة ان تحضر لي قرعة وقــُران (الحبل الذي يربط على اقدام البقرة الخلفية لحلبها ، منه عقد القران المعروف كعلامة للزاوج..!!).. ثم قصدت زريبة العجال..وانا لا ادري عنها التكتح.. فاخرجت أول عجل وكان يركض نحو امه.. وذهبت وقرنت البقرة وانا احلبها في ذلك الفجر النادي..!!.. احد اجدادي رجل نكتة ، فقال متساءلا: انتو متاكدين ابوحميد ده قرا في جامعة الخرتوم..!! بعد يومين كانت هناك حفلة عرس.. مردوم ونقارة.. وخرجت مع الناس..وانا احتقب عراقي وسروال ومركوب..واستلفت سكين من شباب الفريق.. لأن السكين هناك جزء من زينة الرجل..! وكانت الفتيات تغني بتنغيم جميل حنين: انا قاعدة مساهرة مع البواح يا كباري بدور السماح ، ابو قجيجة الليخضر ، جيب النور ملاح.. طبعا اخوك..دي بي طينة ودي بي عجينة الى ان لكزني ابن خالي الجميل..اخونا نصر سليمان..واخبرني ان البنات تغني باسمي وعلي ان اظهر,,غايتو خمسطاشر الف جنيه مرقت وانا ما جايب خبر..!! الضواحي جميلة يا علي ، وحتى اللحظة عندي يقين لو مشيت الى قرية في الشمال او في الشرق ، ساعتين وكل ناس القرية ح يكون صحابي ..لأني اعرف شفرة الريف الغميسة..وهو امر سنيطبق عليك يا صديقي.. لو مشيت لأي قرية في كردفان..صدقني ساعتين وتحس انك انسان يعيش هناك لسنوات..!! كتر خيرك يا صاحب.. كبر
05-19-2016, 04:45 AM
Kabar
Kabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18547
صدئت عربات النهار صدئ الفارس انني مقبل من هناك من بلاد الجذور العقيمة فرسي برعم يابس وطريقي حصار (ادونيس: اغاني مهيار الدمشقي)
واقعة اخرى ، وهي اننا اكتشفنا ان بالمدينة طلاب وطالبات قد امتحنوا الشهادة الثانوية سابقا ، وكان الأمر يكلفهم الذهاب الى مدن اخرى ، تحديدا الأبيض او النهود.. وانهم يرغبون ان يجربوا حظهم..وهي واقعة سمعت به من بعض الزميلات (من المرحلة الإبتدائية) ، فكنا مثل المسئول الحكومي كل يشكو لك على طريقته الخاصة ..وهي فكرة الإنطباعية اياها بانك قد تملك السحرالذي يحل مشاكل الناس في رمشة عين..!! وكان هم الزميلات يتركز اكثر في مشكلة الطالبات اللآئي يرغبن في الجلوس لإمتحان الشهادة ، فالأمر مكلف ..رسوم امتحان ، مصاريف سفر (رايح جاي) وتكاليف على اسر تستقبل هؤلاء الطالبات (طبعا في تلك المناطق لا توجد فنادق أو لو كندات ، ناهيك عن فكرة أن تكون طالبة في تلك السن لتسكن وحدها)..وعرفت أن العدد يفوق الأربعين ، وانه يكفي لتشكيل فصل دراسي..!! خاطبت مدير مدرسة البنين ، وكان رجل متزمت في بعض الأحيان ، وقال لي..لا نملك خيار ، ولا نتحمل مثل هذه المسئولية ، وعليهن الذهاب لمدارس مسائية في النهود أو الأبيض او الإمتحان من منازلهم.. وتحدثت الي مدير مدرسة البنات ، وهو كان رجل يثق فينا كثيرا ، وانما كان يتحسس وضعه كثيرا ، فالرجل من ابناء النوبة ، وكثيرا ما كان يخضع لإستجوابات الأمن المحلي ، لأن الفهم العام وقتها أن مثقفي النوبة هم رصيد للحركة الشعبية وانهم يدعمون التمرد ، وكنا في كثير من الأحيان نتحدث بصوت جهور حتى لا ندعه ليدخل في موقف مع الأمن..!!.. مدير المدرسة الثانوية بنات رحب بالفكرة ، ولكنه اعتذر انه لا يملك ما يقدمه في هذه المسألة ، ولكنه قدم لنا وصية مهمة للغاية وقد غيرت مجرى الأمور تماما : حيث قال لنا: شوف ناس النقابة...ويقصد نقابة المعلمين..! الغريبة كان وكيل مدرسة البنين ، وهو رجل شجاع وهميم للغاية ، كان هو سكرتير نقابة المعلمين في غرب كردفان..!! تحدثنا اليه ، ورحب بالفكرة للغاية ، وشرح لنا كثير من لوائح النقابة ، وانه بالإمكان فتح فصول مسائية برسوم معلومة ، وبالرغم من ان مدرسة البنات ليست بها (سنة ثالثة) فيمكن ان تدرس الطالبات ، ويكون مركز امتحانات الشهادة الثانوية موحد بمدرسة البنين..!! احتفلت المدينة الصغيرة بهذا الخبر ، خبر امكانية فتح فصول مسائية لطلاب الشهادة السودانية ممن يرغبون في الجلوس لإمتحان الشهادة ، وكان عدد البنات كبير للغاية ، وعدد البنين قليلا.. فكانت فكرة استضافة البنين في الفصول الصباحية ، اما البنات ، فلقد تبرعت مدرسة البنات بفصل مسائي.. ووقتها ، لقلة عددنا كمعلمين ، ولحماسنا الشديد لخدمة الأهالي في البلدة الصغيرة ، فكنا نتقاسم الحصص وندرس في المدرستين..صباحا ومساءا..!! وذلك الحماس ، تعلمناه من تجربتنا في مدينة الدلنج ، حينما كنا طلابا بالجامعات ، فالدلنج كانت تقع في خط النار (مناطق شدة) وكثير من المعلمين والمعلمات لا يستطيبون العمل فيها ، ولم يكن هناك خيار سوى الإعتماد على طلاب الجامعات وكنا نعمل بالمدارس تحت بند (متعاونين)..وعملت بهذه الهيئة في كل مدارس الدلنج الثانوية وقتها (اثنين بنات ، وواحدة بنين)..!! في ابي زبد.. بلغ بنا الأمر شوطا اخر ، واذكر مرة عرفنا بالصدفة أن معلمي ومعلمات المرحلة الإبتدائية (الأساس) لم يصرفوا مرتباتهم لمدة اربعة اشهر..وعرفنا بالصدفة ايضا ان النقابة موحدة ، وتبرعنا بخوض اعتصام للضغط في حل مشكلة معلمي ومعلمات مرحلة الأساس..ونجح الضغط وحلت المشكلة بصورة لم تكن ترضي الجميع ، ولكنها حلت..!
كبر
05-19-2016, 04:47 AM
Kabar
Kabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18547
حدثت بالمدرسة الثانوية للبنين بعض اشكالات الطعام ، ودخل الطلاب في اضرابات عن الدراسة ، واذكر وقتها وزير التعليم الولائي من منطقة ابي زبد وفي انتخابات 1986 كان مرشح عن الجبهة الإسلامية في المنطقة . زار الوزير مدرسة ابي زبد وخاطب الطلاب بصورة استفزازية وهو يدعوهم لأكل البليلة اذا لم يتوفر الخبز..هذا الأمر استفز اللبة للغاية ، وبعد جهد حاولنا تهدئة خواطرهم..وقلنا للوزير ان كانت المحلية تدفع قرابة الإثنين مليون لفطور الوالي فكيف تعجز عن توفير طعام الطلاب؟..وتدخل البعض من اهل المدينة ، وتبرع بعض تجار المنطقة لدعم برامج الطعام ، وهدات الأحوال ، وانتظمت الوزارة في دفع استحقاقات طعام الطلبة.. وبالطبع كررت وزارة التعليم الولائية هواجسها بان دفعة الإلزامية مليئة بكوادر البعث واليسار وانهم رؤوس هوس..والحل في رؤيتهم وقتها اعادة توزيع ناس الإلزامية ، وكانت نظرتهم ان اذهب الى منطقة أبيي..! وتدخل بعض من اهل المنطقة ودافعوا عننا ورفضوا نقل أي مدرس من الإلزامية الى منطقة كانت..! بعضها بدات دعوات الزيارات للأسر والشخصيات البارزة في المنطقة.. وكانت زيارات طريفة في طريقة تصميمها وطريقة اخراجها .. فزرنا بعض اقطاب حزب الأمة في المدينة وزرنا اقطاب الحزب الإتحادي في المدينة ، وكانت هواجسهم تصب في الإنتخابات العامة المقبلة ، حيث اكد اهل الحزبين الكبيرين انهما لا ينويان المشاركة في الإنتخابات بمرشحين من الحزبين ولكنهم في نفس الوقت لا يريدون أن يتركوا الأمر لناس الجبهة الإسلامية..فكانت فكرة ان اتفقوا على مرشح من ابناء المنطقة ودعمه لمنازلة مرشح الجبهة الإسلامية..وهو وزير التربية الولائية الذي سخر من الطلبة بان عليهم ان يأكلوا البليلة..! واستجابة لخيار اهل المنطقة ، فلقد دعمنا موقفهم ، ونورنا الطلاب بضرورة دعم هذا المرشح الذي اتفق عليه اهل المنطقة ، واستغلينا الأمر واضفينا عليه بعض الخبث السياسي ، حيث كنا نقول للطلبة هذه فرصتكم للثأر من وزير التربية الولائي..وعليكم ان تقولوا له: نعم سنأكل البليلة وسنشارك في الإنتخابات..! شارك الطلاب (بنات واولاد) في حملات التعبئة الإنتخابية لمرشح المدينة (عمنا الأستاذ محمد جمعة الكنجاري) واذكر ان الرجل كان بقرية السعاتة ولم يكن في باله المشاركة في الإنتخابات ولكن اقنعوهو بخوض الإنتخابات وسجل معلوماته في اللحظات الأخيرة..! واذكر حينما ذهبت حملة التعبئة الى منطقة قليصة (وهو منطقة مشهورة بان اهلها يكرهون حسن الترابي وقد كانت لهم معه حكاوي حينما طاف بالمنطقة ايام انتخابات 1986 ، وايضا قليصة يذكر عنها بانه كان فيها اخر ضابط في حركة اللواء الأبيض 1924 واسمه على الكباشي ..!!).. في حملة قليصة الإنتخابية ، كان ناس الجبهة الإسلامية يمارسون استفزاز الأهالي بصورة يحسدون عليها ، وكانوا يهتفون : لا خمور ولا فجور ،القرآن هو الدستور..! واهل المنطقة استشاطوا غضبا من تلك الهتافات الإستفزازية ..وكتر خير طلابنا وطالباتنا واصدقاءنا الأساتذة ممن شارك في حملة قليصة ، حيث كانوا يهدأون الخواطر ويشرحون للأهالي ان المقصود هو استفزازهم وتخريب المركز الإنتخابي..! وكان هناك رجل في مزاج عالي للغاية ، واحمرت عيونه غضبا من استفزازات حملة الجبهة الإسلامية ، وكان يريد الدواس..ولكن الشباب منعوه. فقال متساءلا: ممكن اهتف..!.. فقالوا له بانشراح: نعم اهتف ما شئت من الهتاف..! فنظر نحو معسكر الحملة الثانية واخذ يهتف: النصية ولا القطية..!! وكانت القطية هي شعار مرشح الجبهة الإسلامية ، واخذت الناس تهتف مع بحماس..! المدهش ، برغم التضييق الذي كان يحدث ، فقد فاز مرشحنا (عمنا محمد جمعة الكنجاري) واذكر كيف احتفلت مدينة ابي زبد بهذا النصر.. فالناس كانت غاضبة للغاية من الحكومة واهلها ، ولقد حقق لهم ذاك النصر شعور بالفرح لا يوصف..! وبالطبع ، نلنا نصيبنا من التأديب بعد الإنتخابات ، حيث كان الإعتقال الذي طال المعلمين والطلاب معا ، ولكن اهل المدينة دوما كانوا حاضرون في الدفاع عن المدرسين ، خصوصا ناس الإلزامية..!!
كبر
05-22-2016, 02:42 AM
Kabar
Kabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18547
في دمي الثالث عيني مسافر مزج الناس بامواج حلمه الأبدي حاملا شعلة المسافات في عقل نبي وفي دم وحشي (ادونيس: اغاني مهيار الدمشقي)
وعرفنا لاحقا ، بعد خروجنا من ابي زبد ، ان الكل كان يحاكمنا بالإنطباعية ، وان الغالبية كانت في غاية الدهشة ان يكون مثل هؤلاء الشباب هم خارج الأطر التنظيمية الحزبية المعروفة..ومن الطرائف اذكر انني زرت المدينة بعد سنة من نهاية الإلزامية ، وعزمني بعض الأصدقاء والصديقات من معلمي ومعلما مرحلة الأساس ، وكنا في جلس يقرأ فيها الشعر والونسة اللطيفة ، فخرجت علينا احد الزميلات ، وهي تحمل مصحف..ووضعته امامي وهي تسألني ان احلف باني لست شيوعي..!! اندهش الجميع وكانوا يظنونها مزحة ، ولكنها كانت جادة للغاية ، فقلت لها من غير مصحف لا انتمي لأي حزب سوداني..فباغتني وهي مستغربة: طيب اتعلمت السياسة وين..! ضحكت وغضبت حينما قلت لها ارى انني سياسي..! فالإنطباعية اخذت منحى اخر ، وكانوا ينسجون حولنا البطولات العجيبة التي لا نعلم عنها شئ ، فاهلنا في السودان دوما خيالهم واسع للغاية.. ولا يفوتني في ختام حديثي عن تجربة الإلزامية بمدارس ابي الثانوية .. ان احي اهل المدينة ، وطلابي (بنات وبنين) وزملائي وزميلاتي في هيئة التدريس..واقول بكل صدق ان ما حدث في الحملة الإنتخابية في 1996 لم يكن من تخطيطي..ولكني شاركت فيه بفعالية قدر المستطاع ، وانا اذكر المثل الفصيح: الخيل تقلب والشكر لي حماد.. فلقد كان معنا بعض الأصدقاء المنظمين في احزاب سودانية (جمهوري ، حزب امة ، شيوعي ، اتحادي ، مؤتمر سوداني) والأغرب لم يكن بيننا واحد اصدقاءنا البعثيين..!! وتجربتنا في الألزامية ، والنتيجة المشرفة التي احرزتها المدرسة في الثانوية في الشهادة السودانية ، كانت فاتح خير للمدينة ، حيث تدفقت افواج المدرسين والمدرسات الى ابي زبد وبالتأكيد قد استفادت المدنية واهلها من ذلك كثيرا..
كبر
05-25-2016, 09:40 AM
Kabar
Kabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18547
Swachw Swachw هنا منهل عذب يذكرني نبع الماء الذي كنا نعبّ منه حتى تنتفخ البطون ، فنسد به مكان طعام عزّ علينا .. ونضحك ملء أشداقنا ونحن نستبق بعضنا في ترديد الحكمة/الخدعة : (إن فاتك اللحم اشرب مرق ) . تبدو الجغرافيا مختلفة ، غير أن التفاعل والحس والفطنة التي لم تذهبها البطنة هي هي .. وهي إياها الإفادة من كل عناصر " الجيبولتيك " .. تلك المفردة التي استبقنا ــ نحن الرعاة السابقون ــ في تفسيرها الضاحك ذات محاضرة دسمه بأنها تعني " اللحم والمرق أيضا " ... شكرا يا كبر .. ومتابعين .
صديقنا ساتشو..حبابك كتر خيرك على المطايبة اللطيفة والمتابعة.. هي حكاوي يفترض فيها ان تنتهي لغاية تجربتنا مع منبر سودانيز اونلاين.. ولازالي (اسمي) يا صديقي يزين حافة المنبر.. ويبدو انه اسم مهم للغاية حتى اصبح ملهم للكثيرين والكثيرات هنا.. الصدق اصبح في عيون الناس مظنة ، والأهلية كملت يا حبيب راحت.. كتر خيرك
كبر
05-25-2016, 09:46 AM
Kabar
Kabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18547
بعد التخرج واداء الإلزامية ، عركتنا الحياة واصبحنا نلهث خلف لقمة العيش..وبالطبع نفكر بالخروج من السودان والبحث عن خيارات اخرى..
وقتها اذكر كانت هناك مسألة الجوازات التشادية..وكنت افكر فيها بصورة جادة..لأني كنت لا ارغب في الذهاب الى الخليج..وكان الحلم هو الذهاب الى كندا (بالمناسبة انا افكر في ان اذهب الى كندا منذ ان كنت طالب بالمرحلة الثانوية في مدرسة كادقلي – تلو شرق..!!).. ذات مرة جمعني شقيقي الأصغر الأستاذ سليمان النور (ربنا يديهو الصحة ويمد في ايامه) بشخص يدعي منيرفي امبدة الحارة اربعطاشر..وهو من اهلنا عرب تشاد..ووعدني بالحصول على جواز سفر تشادي..ولكنه يريدني دعم بعض برامجهم..فلقد كان هناك مشروع ان تكون تشاد جزء من السودان ، وان فكرة حسن الترابي تجاه تشاد هي العمق الإستراتيجي الذي غاب عن اذهان النخبة السودانية..! المفارقة ان هذا الرجل بعثي ، وتعرف على كل اعمامي البعثيين في مختلف انحاء السودان.. ولم اتوفق في الفكرة ، فكرة ان احصل على جواز سفر تشادي..! وذات مرة كنا نتحدث مع بعض الأصدقاء..وجاءت سيرة حركة سبتمبر 1975 (حركة المقدم حسن حسين عثمان)..وكان هناك رجل صامت ولم يشارك في الحديث كثيرا ، وكان يتابع حديثي باهتمام بالغ وان اذكر بعض التفاصيل عن تلك الحركة والشخصيات التي كانت تقود الإجتماعات وفكرة الحركة برمتها..ولماذا فشلت ، ومن تبقى من قادتها وصعوده لمراتب عليا في الجيش السوداني..! بعد ايام جائني نفس الرجل ومعه رجل اخر..وطلبوا الحديث معي على انفراد..وصاحبنا الجديد كان ينظر لي بدهشة ، وقال: انت شاب صغير السن جبت الكلام ده من وين؟..ولم اكن ادرى عن أي كلام يتحدث ، وطالبني برؤية بطاقتي الشخصية ، وبكل بساطة ناولته له ، تعرف على اعمامي..! حكي لي ذلك الرجل ادق تفاصيل حركة حسن حسين عثمان ، ولماذا لم تنجح الحركة وقتها ، وحكي لي ايضا عن تجربة محمد نور سعد 1976 ولماذا لم تنجح وهي تفاصيل لا ارغب في تناولها بصورة اوسع هنا..وتأكدت من تلك الشخصيات عبر شهادات اخرى متفرقة واجمعت ان ذلك الرجل الغامض فعلا كان جزء من الحركتين ، ولكن أي مستوى فهذا ما احجم شهودي عن الخوض فيه.. ذلك الرجل الغامض نبهني لأشياء لم تكن تخطر على بالي ، فلقد كان هناك بعض الأخوة من تشاد (اهل حسين حبري).. وكانوا ضباط كبار في المعارضة التشادية ، والغريبة كانت لهم حراسة من اهلهم..تقيم بالقرب منهم ومسلحة باسلحلة متطورة للغاية ، ولولا رؤيتي للسلاح بعيني لقلت ان هذا نسج من الخيال.. وبعد المعلومة صرت مهجس بمتابعة سلوكهم.. حيث كان يخرجون في مجموعتين ، مجموعة تتقدم عربة الضابط ، ومجموعة ثانية تتكون خلف العربة ، وفي كل مجموعة ست الى ثمانية شباب انيقين الملبس ، ومجموعته بقيادة رائد في الترتيب العسكري.. المدهش كان احد اعمامنا ، وظاهرين يعمل كسائق لأحد تجار الجملة في المنطقة ، ومعظم الوقت متواجد ..لاحقا عرفت ان الرجل يعمل لصالح الإستخبارات التشادية ، وانه مكلف بالمراقبة..!! هذا العم ، هو الذي كان يثق في شخصي بصورة غريبة ، ويعرف انني بعض الأحيان اخذ الأشياء ببساطة ، وحينما عرف بحلمي في الخروج ، وفكرة البحث عن جواز سفر تشادي ، تبرع لي بجواز دبلوماسي ولكن الذهاب الى مرسليا..وشكرته على ذلك وقلت له اريد ان اذهب الى كندا..وقال لي: يمكن ان تذهب الى فرنسا ثم تذهب الى كويبك بكندا..! وبالرغم من طيبة الرجل وصدقه ، ولكني خفت الخوف الواحد ، وخاتني القدرة على الإستمرار في المغامرة الى اخر اشواطها..!
كبر
05-26-2016, 08:37 AM
Kabar
Kabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18547
في تلك الأيام التقيت شخصيات عجيبة ومدهشة ، فالتقينا الكابتن عاطف القوز والكابتن عاكف عطا وابن الفنان الراحل عوض الجاك ، والفنان ابوعبيدة حسن..! والتقيت صاحب البوكس الذي اغتصبته مجموعة الخليفي في احداثها الشهيرة وهو البوكس الذي استغلوه للهجوم على مركز شرطة امبدة الحارة العاشرة ثم الذهاب بعد ذلك لمهاجمة جامع انصار السنة في الثورة..!!..وكانت اثار الرصاص لازالت وقتها ظاهرة في الزجاج الأمامي وان صاحب البوكس رفض تغيير الزجاج..! واستمعت لشهادات بعض من نزلاء بيوت الأشباح ، ووصفها وكيفية التحقيقات فيها ومعظمهم عسكر شاركوا في محاولات انقلابية أو لديهم نوايا للمشاركة..المدهش ان بعضهم كانت لازالت تسكنه روح المغامرة ومحاولة تجريب الحظ مرة ومرة اخرى.. وقرأت كتاب استاذنا دكتور عبد الله النعيم (نحو تطوير التشريع الإسلامي) وكان يتداول بسرية عجيبة وان من يحملونه يضعون حوله طابع من السرية كانما هو كتاب ممنوع التداول.. وكنا نسمع وقتها عن خيار الخروج عن طريق القاهرة..! الصدفة وحدها هي التي خدمتني ، وكانت التأشيرة في القنصلية المصرية صعبة بعض الشئ..وكنت وقتها اعمل بمكتب الأستاذ توفيق عبد المجيد بالخرطوم ، وكلفني ذات مرة بالظهور في قضية اخلاء تخص احد اصدقائه..وظهرت ونجحنا في نيل حكم لصالحنا ، ولم يكن الرجل يصدق ما يحدث امامه..وحينما عدنا المكتب اخرج بعض من المال وقال لي اطلب أي شئ.. فضحك استاذ توفيق وقال يخاطبه: الزول ده ما داير قروش ، داير تأشيرة للقاهرة..! وحتى اللظحة اذكر دهشة الرجل وهو يقول لي: هل هذا الكلام صحيح؟ قلت :نعم.. قال: هل لديك جواز ساري.. فتحت شنطتي واخرجت جوازي الذي كنت احمله ليل ونهار..!! بعد ثلاث ساعات عاد الرجل وسلمني جوازي وفيه تأشيرة الى القاهرة..حتى اللحظة حينما اذكر تلك التفاصيل لا اصدقها واستغرب على سرعة حدوثها ، وانا تقطعت احذية في البحث عن سبل الخروج..!
كبر
05-26-2016, 03:43 PM
الصادق اسماعيل
الصادق اسماعيل
تاريخ التسجيل: 01-14-2005
مجموع المشاركات: 8620
ول ابا الصادق اسماعين..حبابك يا صديقي كتر خيرك على المرور من هنا.. الف حمدا لله بسلامة العودة..وان شاء الله لقيت كل الأهل طيبين.. كتر خيرك على المتابعة يا الصادق (هنا وهناك يااااااااااااخ).. تشكر على التحريض على مواصلة الكتابة (اليتيم ما بوصوه على البكي).. ودمت طيبا.. كبر
06-01-2016, 06:58 AM
Kabar
Kabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18547
أو أسأل هل كانت حكاية محرّمة ومكتوبة عليّ هكذا انكر ما يفرّقني وما يجمعني وأقول باٍسمك أنا الماء يلهو مع الماء (ادونيس: اغاني مهيار الدمشقي)..
وكنت في القاهرة.. والقاهرة كانت مكان جديد علي بكل ما تحمل الكلمة ، وهي اول مكان تطأه اقدامي خارج السودان ، ولكن كثرة السودانيين والسودانيات وقتها ، قد قللت قليلا من حدة التوتر..! ولن اتعرض كثيرا لتجربتي الخاصة في القاهرة ، ولكن اتناول ما يرتبط بالشان العام ويوضح مسألة الإنطباعية التي تسود العقلية السودانية.. وصلت القاهرة في يناير 1999 وخرجت منها في اكتوبر 1999 .. كان التجمع الوطني ناشط في تلك الفترة ، وكانت هناك انشطة تتمثل في الندوات السياسية والثقافية والإحتفالات العامة والخاصة..اضافة الى قراصنة التجنيد لصالح قوات المعارضة المسلحة ، وقراصنة الجوازات وقراصنة تجارة الأعضاء البشرية.. وكانت الفرضية أن كل من اتى القاهرة بحثا عن سبل الخروج لعالم اخر ابعد من القارة الأفريقية هو بالضرورة سياسي وصيد سهل.. اول مرة تجابهني الإنطباعية ، حينما التقيت احد زملائي من كلية القانون ، والرجل كان يسبقني بسنوات وتعلمت منه الكثير الكثير.. وحينما التقينا أول عبارة قالها لي: الناس في جبهات القتال وانتا جاي القاهرة..! ظننت أن الأمر مزحة ، ولكن الرجل كان يفكر في طريق اخر ، فهو كان عنده مجرد ان تكون من جنوب كردفان وبقاري فهذا سبب كافي لأن تذهب للقتال ، والمنطق في ذلك أن جنوب كردفان هي مسرح عمليات الحركة الشعبية وشعاراتها بانها تقاتل من اجل اهل الريف وقضايا الريف ، وفي نفس الوقت أن البقارة مشهورين بالشجاعة وحب القتال ، فهذه مكونات كافية جدا لأن يذهب امثالي لميادين القتال ، حتى لو لم تكن تدري معنى القضايا او حتى لو كنت ترى راي ضد العنف والقتال..! تلك الدعوة تأكدت من مزعم صاحبها واعتذرت له بانني لن اذهب الى اسمرا او غيرها لأني لا اؤمن بجدوى المسألة برمتها.. واعني مسألة العنف..! وشهدت البعض الذي كان تائها للغاية وضاق به الأمر فكان ضالة تجار النضال جملة وقطاعي ، فاخذوه الى اسمرا ثم الى ميادين القتال وهم يوعدونه بالكثير الكثير..! صحيح أن الغالبية كانت تذهب الى اسمرا بقناعاتها ، ولكن هناك مجموعة كبيرة ومعتبرة كانت تذهب الى اسمرا بتجييش من اخرين..او ربما انسدت السبل امامهم وتبخرت احلامهم لفجر جديد سعيد..! من الطرائف التقيت صديقنا طارق محمد عثمان ، وكان بيننا تواصل ، وطارق هو من ساعدني في نشر بعض المقالات (في الحقيقة هي مراجعات لكتب) في جريدة الخرطوم عبر صفحة كان يحررها صديقنا محمد عبد الخالق.. واول حلقة نشرتها لي جريدة الخرطوم ، كانت قراءة وتلخيص لكتاب عن السعادة..وتتالت التلفونات الكثيرة ، والبعض كان يظهر الدهشة ان مثل هذا الشاب العادي للغاية تنشر له جريدة الخرطوم.. ولكن بعد التعبير عن الدهشة والتشجيع يكون السؤال عن كيفية تحقيق السعادة..!! وفي البدء كنت اظن أن الناس تمزح ، ولكن اكتشفت ان الناس كانت جادة للغاية ، والأنكي ان الناس كانت تنسى مسألة ان هذا عرض او مراجعة لكتاب كتبه شخص اخر..!! وحينما تكاثرت الأسئلة ، اخذت اشير للناس بعنوان الكتاب موضع المراجعة ، وبعضهم يعود شاكيا بان هذا الكتاب غير موجود في المكتبات..! ايضا نشرت حلقة اخرى..عن كتاب عن التفكير المتجدد..وهي كانت ترجمة لمفهوم التفكير النقدي..والبعض كان يعجبه فكرة التفكير التي تعرضنا لها في تلك المراجعة ونشرها على الناس.. احد الأصدقاء ، قال لي: انه اشترى الكتاب منذ سنوات ولكنه مطلقا لم يتصوره بهذه الطريقة..! اما الآخرون فكان يبحثون عن رجل اصلع عركته السنين ومتقدم في السن ، وكانوا يتفاجأون حينما يرون شاب في مقتبل العمر ، نحيل..! نشرت حلقات في جريدة الخرطوم ، والتحية لطارق ومحمد ، وايضا طارق اخذ مني بعض الخواطر ونشرت في الملف الأدبي في صحيفة الإتحادي..! الإنطباعية واجهتني في منحى اخر.. فكان الشائع وقتها ان السودانيين يمكثون سنوات قبل ذهابهم الى المنافي (اوربا ، استراليا ، نورث امريكا)..وكنت اعمل في صمت ..وحينما عرف البعض اني مسافر الى كندا ، كانوا يقولون هذا رجل كاذب ويصنع الحكاوي ويختلقها.. فمن الطرائف كنت ذات مرة مع بعض الأصدقاء ، وجاء صديق اخر.. واخذ يحدثهم عن شاب من الدلنج ينشر اشاعة انه مسافر الى كندا..وبهت اصدقائي.. فالرجل كان يتحدث بثقة مفرطة ، ودون ان يعرف او يلتقي من يتحدث عنه..وكنت اشير للشباب ان يتركوه يكمل حديثه..! وحينما انتهى قلت له: هل تعرف هذا الرجل الذي تتحدث عنه؟.. فقال بكل بساطة: لم التقيه.. قلت: هل تستطيع ان تقرأ؟ اندهش الرجل ، واخرجت له تذاكر السفر وكانت عبر الخطوط الهولندية..! وكان موقف محرج له ، وسألته: هل تعرف طريق السفارة الكندية في القاهرة؟.. وقال لي: لا اعرفها..! لاحظ هذا رجل في القاهرة لمدة عشر سنوات.. !! تواعدت معه وذهبنا الى السفارة الكندية وتقدم بطلبه..وهو الآن يعيش بكندا..حيث لحق بنا بعد ثلاث سنوات..!! السودانيون اكثر من يبدع في مسألة الإنطباعية ، فهم على استعداد ان يصدروا أي حكم قيمة في أي حق فرد لم يلتقونه او يتعاملون معه او يعرفونه من القرب او البعد ولكن رغم كل ذلك يسمحون لأنفسهم بالتحدث عن الآخر حديث العارف الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه أو رجليه..!!
كبر
06-02-2016, 07:23 AM
Kabar
Kabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18547
أكتشفُ الأنفاقَ الحجريةَ في روحي والمنفى والنارْ ومقابرَ بغداد. أكتشفُ اللوحَ المحفوظْ والمقبوسَ المسماريَّ النابضَ في جدل الروحْ. أكتشفُ ، الآنَ ، لماذا كانتْ أصوات الموتى ، تصعدُ من بئرِ شقائي ولماذا كنتُ أخافْ من بعضِ الأصوات الغامضةِ التعبى تثقبُ صمتَ الأنفاقْ. أكتشفُ ، الآنَ ، البعدَ الخامسَ في مرآة الأشياء وفتوحاتِ الأسلاف الشعرية في نار الكلماتْ لكني وأنا أتماهى في داخل روحي أحترقُ الآنْ
عبد الوهاب البياتي: قصيدة اٍكتشاف
ايامي القليلة في القاهرة ، ثمانية اشهر..لم تكن هي فترة كافية لتقييم اشياء السودانيين والسودانيات ، خصوصا تجربة التجمع الوطني.. بيد انها كشفت لي بعض الأمور التي تؤكد أن ليس كل ما يلمع هو ذهب..كنت اندهش من بعض البروباقندا التي كانت تصنع هناك..وكله في سبيل مقاومة مزعومة لنظام الجبهة الإسلامية الحاكم في السودان..واحدة من الأشياء كانت هي شريط فيديو كانت تناقشه المنظمة السودانية لحقوق الإنسان ، وكان يتحدث عن مزاعم الرق في غرب كردفان ، ويعرض تجار الرقيق الذين كانت تدفع لهم منظمة التضامن المسيحي (على راسها وقتها الباورنة كارولين كوكس) ..وكنا نظن ، ببراءة ، ان الناس تؤمن بالديموقراطية وتقبل الرأي الآخر..ولكنهم كانوا يرفضون أي رأي يشكك في الأمر.. امر صفقات الرق تلك..واذكر وقتها موقف بعض من قيادات حزب الأمة من ابناء غرب كردفان ، تحديدا المسيرية ، والذين كانوا يحاولون تصحيح الصورة..ولكنهم كانوا يجابهون بقوة وترفض حجتهم بشدة واتهامهم بانهم هم المجرمون او على الأقل من يتواطأ مع المجرم لإخفاء اثار جريمة او طمس ملامحها..! هذا الموقف قد اثر في نفسي كثيرا ، وكنت استغرب للمفارقة بين الواقع والشعارات المرفوعة..!
خضت نقاشات كثيرة حول الموضوع ، وكنت ازعم بقوة اني قدمت من السودان حديثا واعرف المنطقة ، واعرف ما يدور فيها ، وان هذه الفيديوهات فيها مشكلة.. بالطبع وقتها لم اكن اتصور مطلقا ان المشكلة هي صناعة الكذب والترويج له.. ولقد نصحني بعض الأصدقاء من اهل الدلنج ، وهم كانوا الأقرب لي في ايام القاهرة ، بان اقلل من الحدة ، والأغرب بعضهم اعترف لي بان هناك لعبة كبيرة..ولكن عليك ان تنحني للعاصفة وتتخارج من القاهرة..!!
رأيت شاب جاء من اسمرا.. وهو من ابناء جنوب كردفان ، الجبال الشرقية.. وخريج وعمل في الحكم المحلي ، ولكنه اختار المقاومة وذهب الى اسمرا..وعاد بتجربة مريرة..وكان لا يثق في الناس لسرد تفاصيل تلك التجربة..وكان قليل الكلام وحذر تجاه أي وجه يقابله..ولكن رغم ذلك ..كان رجل عواد ، يعزف العود في بعض الأوقات..ولكنه كان يحذر أي شخص ان يذكر انه يعرفه او يعرف حتى اسمه..!
في اخر ايامي في القاهرة ، ذكر لي ذلك الشاب افادة عجيبة .. بانه يخاف على حياته وان هناك من يترصدون وقد يلحقون به الضرر الذي قد يصل الى التصفية الجسدية..!!..وحينما سألته عن الأسباب..احجم عن ذكرها ، غير افادة مقتضبة تفيد انه ذهب الى ميادين القتال في ارتريا ، وانه خرج بتجربة مريرة من هناك..!
كبر
06-04-2016, 04:48 AM
Kabar
Kabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18547
حينما قدمنا الى كندا ، ووصلت في يوم وجداني يشكل ذاكرتي كما يشكل ذاكرة كثير من ابناء وبنات جيلي ، وهو يوم 21 اكتوبر ..وكان ذلك في سنة 1999..فلقد كانت فترة اقامتي في القاهرة ، كعابر، هي ثمانية اشهر..حيث وصلتها في 17 فبراير وخرجت منها في اكتوبر..! وكنا نفرح لحد الغرور باننا خرجنا الى بر الأمان ، والى مجتمع الحرية والديموقراطية التي نحلم ان تسود في السودان..! اجمل ما رأيت في ايامي الأولي ، هي فرصة الحركة بحرية ، والمكتبات العامة ، التي كانت تسلف الكتب والأفلام واسطوانة الموسيقي بطريقة سهلة ..فكانت المكتبات العامة تسمح لك بان تستلف اربعين كتاب لمدة اسبوعين ، قابلة للتجديد لفترتين.. اما الأفلام واسطوانات الموسيقي ، فمسموح لك بعشرين فيديو او اسطوانة لمدة اسبوع قابلة للتجديد لفترتين..! وكنا نقرأ بنهم ، طبعا ، مكتبات ريجاينا ليست من بينهم كتب باللغة العربية في ذلك الوقت ، وكانت الكتب في كل المجالات..الفلسفة ، التاريخ ، السياسة ، الفنون ، الأدب ، النقد..الخ.. اما في واقع الحياة اليومية ، فلقد سمحت لنا الظروف بالتقاء افراد (نساءا ورجالا)..من دول مختلفة وبعضهم عانى من تجارب القمع السياسي..فلقد التقيت بافراد من رواندا..خصوصا شهود ايام الإبادة العرقية في 1994 ..والأطرف من الجانبين (توتسي وهوتو)..وكنت اندهش لتضارب الشهادات التي يدلون بها.. فالهوتو يتحدثون عن مظالم تاريخية (تماما كما يحدث عندنا في السودان) والتوتسي يركزون فقط في واقعة الإبادة ويتجاهلون عمدا الحديث عن التاريخ او مظالم تاريخية..! الأفغان ، كانوا يتحدثون عن البلد الذي اختطفته قوتين متنازعتين..المد الشيوعي والمد الرأسمالي الذي انتهى متحالفا مع القاعدة وصنع طالبان..التقيت افغان كانوا يصرون ان طالبان هي صنيعة السي آي اٍيه..!..ولكنهم ، كل من قابلتهم من الأفغان ووثق لي واباح لي ببعض الأشياء والذكريات والرؤية تجاه الصراع هناك ، كانوا يتحدثون عن موقع البلد الإستراتيجي وانهم بين كماشة باسنان عديدة: باكستان ، الصين ، الإتحاد السوفيتي ، ايران..وامريكا التي تتدخل من أي مكان كان..! فهم كانوا يتحدثون عن ثروة الغاز الطبيعي واثرها في واقع الإقتصاد العالمي ، ويتحدثون بشجاعة عن تخلف افغانستان ، وان القادم سيكون اخطر (نبوءة صديقي الأفغاني مصطفى ، صدقت بعد احداث سبتمبر 2001)..! الطائفة الأخرى ، كانت من اقطار امريكا الجنوبية..غواتيمالا ، السلفادور ، كولمبيا ، شيلي..! من كل تجارب اهل امريكا اللاتينية .. استوقفتني تجربة شيلي..واهلها كانوا يتحدثون باحكام عن تجاربهم مع القمع..واكثر تجربة اثرت في نفسي ، او في الواقع وجدت هوى في نفسي لما يشابهها من تجارب رايتها في جنوب كردفان ، هي تجربة الإختفاء..وهي لم تكن قاصرة على شيلي فقط ، وانما وجودها الأكبر كان في تجربة الإرجتين..! صديقة من شيلي ، وكان اسمها ليليان ، وهي من عجب لم التقيها في جامعة ريجاينا ، وانما التقيتها في مجال عمل ، ايام كنت ادرس بجامعة ريجاينا واعمل في مصنع للتطريز.. أي والله..التطريز الواحد ده ، وهي كانت تجربة غريبة دخلتها بحب المغامرة والتجريب.. وكان التطريز عبر اشكال مصممة بالكمبيوتر..حتى الوان الخيوط كانت مصممة بالكمبيوتر ، وماكينات الخياطة كهربائية..وكان المصنع مصمم بان تنتج ثمانمائية قطعة في الدوام (ثمانية ساعات ، وفيها فسحة القهوة والعشاء ، فالأصل في زمن الإنتاج سبع ساعات..!)..والقطعة قد تكون قمصان (من نسيج مختلف: قطن ، كستور ، بولستر ..شفون..الخ)..او قد تكون لآفتات كبيرة الحجم مصنوعة من القماش..!!..او قد تكون طواقي (سايد كاب)..!! المهم ، ليليان ، كانت رئيستي المباشرة في العمل في مصنع التطريز..وكانت تملكه سيدة اعمال اسمها رينا (لاحقا صارت صديقة زوجتي ، والتي التحقت بذلك المصنع وكانت افضل مني نسبة لخلفيتها في صناعة ملابس الأطفال ، وتوفت رينا لاحقا بسبب السرطان..!!)..وكانت ليليان تعمل معي في نفس الدوام (الشفت)..وكنا نتسامر كثيرا في الأوقات التي نقضيها بين العمل.. فلقد كانت تدفعني لأنجز عمل الثمانية ساعات في خمس ساعات ويكون باقي الوقت ونسة وتبادل تجارب..! ليليان ارشدتني لقراءة بعض الكتب عن ثقافة الخوف في امريكا اللاتينية ، ولدهشتي اكتشفت كتب كثيرة ومقالات وروايات كانت تتحدث عن ثقافة الخوف في مجتمعات امريكا اللاتينية..!! بيد أن ليليان لم تتوقف فقط في تجارب امريكا اللاتينية ، فلقد كانت تقرأ روايات الان باتون (بتاع : لا تبكي يا وطني العزيز) ونغوغي واثياينغو (تويجات الدم) ، وتشنوا اتشيبي ( الأشياء تتداعي) ، ونكروما وسنغور..وولي شوينكا..!! وكانت ليليان تستغرب حينما احكي لها عن طقوس الأسبار والكجور في جبال النوبة..!!..لأنها كانت تقول : معظم ما احكي موجود في مجتمعات امريكا اللا تينية..!! تلك التجارب وغيرها من تجارب اعتز بها كثيرا ، كانت هي رصيدي حينما دخلت لأول مرة في منتديات النقاش السودانية.. المنتديات الإسفيرية..واولها كان منتدى سودان نت.. والذي كنت ادخله بحثا عن اخبار السودان التي انقطعت عنا كثيرا..ثم المنتدى الثاني كان هو منتدى سودانيز اونلاين..!!
كبر
06-04-2016, 05:56 AM
محمد المسلمي
محمد المسلمي
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 11847
ول كبر سلام ياصديقي وربنا يبلغنا رمضان ونكون من الصائمين ومن عتقاء الشهر الكريم اليوم قرأت البوست كله فهو سرد جميل بتفاصيل تفيد بأنك ناجح في كل شي وتجعلني افتخر انني لي صديق مثلك مايومن به يطبقه مهم كانت المخاطر . واصل ياصديقي ومعاك متابعين
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة