|
Re: أيها العامل .. دي الروعة في الأبرول (Re: الهادي الشغيل)
|
يحار المرء ويقف إجلالاً وتعظيماً لهذا العامل البسيط الكادح الذي قد يكون راتبه مساوٍ لفاتورة كهرباء أو فاتورة موبايل يدفعها أحد الذين أنعم الله عليهم ببعض المال، يصاب الشخص بالذهول ويقف مشدوهاً إذ كيف يتسنى لهذا العامل المكافح أن يدير دفة بيته ويفي بمتطلبات أسرته الكبيرة ، فهناك عدة أنفس فاغرة أفواهها تتضور جوعاً تنتظر هذا المسكين كي يأتي لها بالطعام، علاوة على ذلك بقية المتطلبات من مصاريف دراسية وفاتورة كهرباء وإيجار منزل ... إلخ، وقد يكون لديه طلاب يدرسون في الجامعات في مدينة الخرطوم لا يملكون حتى رغيف الخبز لكن أبت نفوسهم إلا أن يواصلوا تعليمهم فهم يعملون في المساء لتلبية مصاريفهم كي لا يرهقوا والدهم المسكين بمصاريف الدراسة التي لا يملكها في الأساس ويتطلعون ويتوقون إلى وقت تخرجهم والتحاقهم بالعمل كي يعوضوا جزء ولو يسير من تعب والدهم المكافح . دلف إلى منزله متثاقلاً وهو يجرجر قدميه من شدة التعب وينادي بصوت ضعيف أجش على إبنه الأكبر كي يحمل البطيخة .. تقابله إبنته الصغرى وترتمي في أحضانه بكل براءة وتطبع قبلة على جبينه ثم تقوم بمسح العرق المتصبب بيديها الصغيرتين .. ولك أن تتخيل فرحة الصغار فهم يتراقصون ويضحكون فرحاً بإحضار والدهم هذه الغنيمة الكبرى .. فهذا العامل الكادح الذي يكد في عمله ومع ذلك لا يستطيع أن يفي باحتياجاتهم من مأكل وملبس ومسكن وتعليم وغيرها فهو في فقر وعوز.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أيها العامل .. دي الروعة في الأبرول (Re: الهادي الشغيل)
|
هذا العامل البسيط لا يجد ما يفي بحاجته الشخصية من السعرات الحرارية من الطعام الذي يقيم عوده كي يقوى على العمل، لكن مع ذلك صامد صمود الجبال الراسيات يغالب هذه الحياة القاسية يخرج اللقمة من فمه ويقسمها إلى نصفين… ثلاثاً …. أربعاً…. كي يطعم فلذات كبده، يكرم ضيفه ويهش ويبش عند قدومه وكأن ثلاجته تئن من كثرة اللحوم والدواجن والأسماك والخضروات، فهو مع شظف العيش لا تفارق الابتسامة المسالمة الراضية محياه، ولا يعرف الحقد والحسد إلى قلبه سبيلاً، فلديه قناعة ورضى بما رزقه الله ويحاول تقبل مشكلاته والتعامل معها وفقاً للظروف. هذا العامل (أقصد البطل المغوار) لم ولن يثنيه ضعف راتبه عن الوفاء بواجباته والتزاماته على قدر ما يستطيع فهو أنموذج للسوداني الأصيل الذي تجده في المقدمة في الأفراح والأتراح مجاملاً شهماً ذا مروءة وصاحب واجب بالرغم من قلة الحيلة وضيق ذات اليد .. يجامل الجيران وأبناء حارته في حالة الوفيات فتراه يأتي بصينيته المتواضعة من باب (نجود بالموجود) ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أيها العامل .. دي الروعة في الأبرول (Re: الهادي الشغيل)
|
يجب أن نعلم أن خلف هذا البطل زوجته وحرمه المصون التي ما فتئت تقف إلى جواره تؤازره وتسانده فهي معه في خندق واحد (من أجل أبنائي) لا ترهقه بكثرة الطلبات تتدبر أمرها لأنها أدرى بحاله ، ويمر عليها العيد والعيدان والثلاثة لا تطلب ولو جلباب أو فستان صابرة محتسبة فقد قطعت على نفسها عهداً أن تكون نعم المؤازر لزوجها في خضم هذه الحياة القاسية.أيها العامل البسيط .. ليتني أملك من البلاغة وسحر البيان وعلم البديع كي أوفيك حقك .. ليتني أملك فصاحة حسان وبلاغة المتنبئ ورصانة شعر أبي فراس الحمداني وغيره من الفحول وأساطين اللغة العربية كي أوفيك حقك وكي أعبر عما يجيش بخاطري ويدور بمخيلتي .. لكن يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق . يجب إخواني الأعزاء أن نقف إجلالاً وتعظيماً وأن نرفع القبعات لعامل السكة الحديد فهو شرف للسكة حديد ولمدينة عطبرة وتاج على جبينها ومفخرة يجب أن نعتز بها ، فهذا البطل يستحق أعلى درجات الأوسمة والنياشين والأنواط ليزهو بها في خيلاء أمام الجميع.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أيها العامل .. دي الروعة في الأبرول (Re: الهادي الشغيل)
|
ما أن أتذكر عطبرة إلا وأتذكر رائعة الدكتور الزين عباس عمارة والتي يقول في بعض أبياتها : يـا عطبرةقد جئت يحملني حنين الذكريات الغابرةأنا في الطريقأكاد أدفع للأمام محركات القاطرةوأرى شعاع النور عند المنحنى..... ينسابيلمع كالسيوف الظافرةأشتم من خلف المداخنمن هدير الموج تحت القنطرة.... عطر الكفاح
| |
|
|
|
|
|
|
|