سيناريوهات - الدرويش الذي احببت June 14, 2010 at 11:24am سيناريوهات الدرويش الذي احببت جلست -ستهم-علي مقعدها في الحافلة وهي تنتظر ان تتحرك بها نحو مدينة -امدرمان-وهي ترقب حركة الناس في الموقف وزحمتهم علي المداخل والمخارج المؤدية اليه وصوت المساعد يصرخ مستجديا الناس كي تركب في حافلته -يلا ياناس الثورة بالنص مهداوي- التقانة الجامعة- القران الكريم- الاسلامية- الشهداء ويواصل في وصف المنشئات الحيكومية والمصالح والاحياء بترتيب رتيب يبدو انه حفظه عن ظهرقلب مثل الاناشيد والمحفوظات القديمة التي حفظناها في مراحل تعليمنا الباكرة كانت -ستهم - تنظر عبر نافذة الحافلة الي اشكال الناس المتزاحمة وتحاول ان تتفرس ملامحهم لتعرف عنهم بعض المعلومات من الدلالات التي توحي بها ملامحهم فقد كانت هذه احدي هواياتها المفضلة وحيلتها التي تتخذها لقضاء وقت الانتظار الطويل في الحافلات التي دائما ماتنتظرطويلا فهي لم تكن بطبيعة الحال تهتم بالتأكد من شئ اوحى به خيالها ونمت هذه الهواية عندها بصورة مذهلة فقد صارت تصنع قصة كاملة لشخص رأته لثواني فقط مثلا ذاك الشاب الذي يحمل حقيبة خلف ظهره ويمد عقدامن كروت شحن الهواتف المحمولة -الموبايلات - المختلفة فهوبلونه الاسمر يبدو انه من ابناء النيل الازرق ولابد ان ابوه كان مزارعا فحدث له ماحدث للمزارعين من كساد جراء سياسة -ناكل مما نزرع-فترك الاب الزراعة وترك الابن التعليم واتي الي الخرطوم باحثا عن وسيلة لكسب العيش المحترم وحمل كل مؤهلاته التي ربما تكون شهادة ثانوية قديمة كانت هي محطته الاخيرة في السلم التعليمي المتاح في ظل ظروفه وطاف بها علي كل المؤسسات الحكومية والشركات والهيئات والمقاهي والاندية والاسواق ووو كانت الاجابة واحدة -اسفين ماعندناوظائف شاغرة كانت الاجابة واحدة ولكن اشكالها تتعدد حسب ذوق الاشخاص الذين يرددونها -ممكن تمر علينا بعد يومين انشاء الله يحصل خير -خلاص خلي رقم تلفونك وحانضرب ليك اول مانحتاجك -لا لاوالله مافي وظائف وهناك نوع من البشر يدعي الاهمية في مثل هذه المواقف -يعمل فيها عب كبير-فينظر اليه وهو يتحدث في الهاتف ثم ينقل بصره الي اوراقه بلامبالاة وكثير من السخرية ثم يهز راسه نفيا وهو يدفع اليه بالاوراق التي تتحرك مبتعدة عنه فرارا من ثقالته المفرطة ونفاقه القمئ ويخرج صديقنا مغادرا ليبحث عن مؤسسة اخرى واخرى ليعود اخر اليوم مثقلا بالرهق الوالد المريض يحتاج الى علاج ولكن خلو الجيب جعله يؤجل العلاج مرة تلو الاخري رغم ان الطبيب اخبره بخطورة ذلك دون ان يعلم متي يحين موعده اقريب ام بعيد ؟تذكره وهو يحرك مسبحته ويردد في دواخله المكلومة الله ياابي ما قصرت لك يوما عن واجب ولكن ما باليد حيلة ااه ياابي لو علمت ان الحياة في الخرتوم لم تعد الاماكينة عملاقة بحجم الهموم تدور بسرعة لتطحن من تحتها الناس والاحلام والمبادئ والذكريات والاحاسيس ولذلك صار الناس منهمكون في ذواتهم ولم تعد للايام مسميات فالسبت كالاثنين كالخميس كالفطر كالاضحية لا شئ يميز اي شئ الكل يبدو بلون واحد الاسماء والاشياء والايام والاحزان والافراح الكل يعدو نحو النهاية دون ان يدري مات الاب من المرض !!. مات ايها الناس وهو يؤجل العلاج يوما بعد يوم دون جدوى مات من نقص المال مات فقرا مات قهرا وهو ينظر الى حواشته التي نهبها الكلاب!! مات من اجل الطاقة والبترول من اجل موازنات الدولار المتدفق في الاسواق ماااااااااااااات ابي انا لله وانا اليه راجعون حسبي الله ونعم الوكيل عمل الابن نقاشا وبناءا في حلتهم ولكن اهله المزارعين المعسرين يفضلون ان ينسوا امر بيوتهم للابد كمايتركون الامراض تأكل من اجسادهم حتى تشبع علها تقع علي رؤوسهم وتريحهم من الحياة القاسية والى الابد الله يارب عفوك ورضاك وورقك الاخضر دااااك واخيرا جاء الي الخرطوم ليعمل في كل شئ البناء اليومية ليقف طويلا في طوابير العمال الذين يطلبون عملا في احد المشاريع الضخمة والعمارات الزجاجية التي يتم تشييدها حديثا فيعمل ليوم او اثنين ثم يطرد لعمالة مستوردة ارخص ليعود مرة اخرى هائما علي وجهه في هذه الحياة وفي مخيلته امه واخوانه الصغار وبؤس الحال اييييييييه ياما انت كريم يارب ياعالما بحالي اغنني عن سؤالي اليك الوذ واليك المشتكي واليك امر الكون عائد فجمع ماتبقي له من نقود واشترى ثلاثة او اربعة كروت شحن وحملها ليبيعها للناس في زحمة الموقف و............... افاقت -ستهم-علي صوت الكمساري وهو يشير الى الحافلة التي تقلها -يلا يا بشر نفر والسفر نظرت خلفها فوجدت مقعدا واحد شاغر فتنهدت حمدا لله لانها توشك ان تبدا رحلة العودة الى امدرمان و........... وفوجئت بشخص يجلس الى جوارها تماما وما ان نظرت الي ملامحه حتي تراجعت الي الخلف بحركة غريزية فقد كان هذا الشخص درويشا ممن تراهم في الاماكن العامة عادة ويلبسون ثيابا خضراويمدحون باصوات جميلة ويحركون اجسادهم يمنة ويسرى ولكن هذا الدرويش بالذات احست بانها تعرفه بل تعرفه جدا ولكن ذاكرتها ابت ان تستحضره لهاابدا ادارت رأسها جهة النافذة وكانت السيارة قد بدات في التحرك ولكن صورة الدرويش الملتصقة بذاكرتها ابت ان تفارقها اطلاقا وهي تبعث في داخلها سؤالا ملحا من يكون؟ بدا الكمساري في اخذ اجرة المشوار من الركاب ففتحت حقيبتها و.........لكنها فوجئت بصوت لطيف مهذب اشبه بالهمس -خلاص ياستهم ماتديهو مرة ثانية ادارت وجهها لتجده نفس الدرويش الغامض شعرت -ستهم-بلسانها ثقيلا كالطود العظيم وحلقها جافا كصحراء قاحلة لم يعرف المطر طريقها يوما وردت بصوت متحشرج -شكرا شكرا الرهبة والصمت كانا قاتلين بالنسبة لستهم وعقلها يدور بسرعة جنونية بحثا عن الشخص الجالس جوارها مباشرة حاولت ان تدير معه حوارا علها تستشف منه اي شئ فسالته -وين ماظاهرين كيف الاخبار -والله تمام والحمد لله بس الدنيا شاغلة الناس وانت عارفة الدنياوهمومها و........... ثم فرض الصمت نفسه واسدل ثوبه عليهم ولم تستطع ان تكسرحاجزه السميك ابدا فبدات تجتر ما سمعته فلم تجد شيئا يدل عليه او يجيب علي السؤال المعضلة -من يكون؟ وعندما اتت محطتها نزلت ولوحت له بيدها مودعة وشاكرة له رقة تعامله دون ان تدري عنه شيئا ظلت -ستهم-طوال اليوم تبحث عن تفسير لهذا الدرويش الاشعث الاغبر الذي جلس قربها فوجدته لطيفا رقيقا ذو اسلوب راقي وتعامل جذاب دون جدوى حاولت ان تصنع له قصة من خيالها ولكن هذه المرة ستكتبها علي اوراق لتحتفظ بها والي الابد حملت قلمها وخطت علي الاوراق دون ان تدري ماتكتب وفي نهاية المطاف فوجئت بانها لم تكتب قصة وانما قصيدة رومانسية رقيقة ونظرت اعلي فوجدت العنوان فوق الخطين يتهادى الدرويش الذي احببت -البداية- حسن العمده 2008
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة