في نفس توقيت إنتشار وباء الكوليرا في مناطق النيل الأبيض تفتك الحرب بكل الأطراف في دارفور، موت عبثي يحصد عشرات الأرواح من شباب الإقليم وليس غير شباب هذا الإقليم المنكوب، أقسى أنواع البؤس أن تقتلك الرصاصة التي يطلقها اخوك، لم يتوقف أحد عند ضياع طاقات هؤلاء الشباب في الحروب البينية التي اهدرت جهد مقدر من الطاقات يمكنه أن يسهم في بناء وتشييد صروح العلم و الحضارة.
وباء الكوليرا فتك بالناس مع دخول موسم الخريف، الموسم الذي يشمر فيه الشيب والشباب عن ساعد الجد و الإجتهاد لدفن بذور العيش في أرض السودان الخصبة ضمانا لقوت العام المقبل، فالموت هناك له داعمان، الأول المرض، والثاني الحرب، اذن هي الميتة وخراب الديار الذي يتحدثون عنه، و يظل التساؤل و البحث والتنقيب عن ماهية هذا الوضع المنحوس الذي وصلت إليه بلادنا الحبيبة، فالموت الآن اصبحت له عدة أوجه، أن لم تمت بالرصاص قتلتك الفايروسات الضارة التي عجزت وزارة صحة النظام عن قطع الطريق امام هذه الجيوش الفيروسية ومنعها من الوصول إلى جسد محمد أحمد المنهك، النظام الذي جعل أولى اولوياته تخزين الأسلحة والذخائر في عمق الأحياء السكنية بدلا عن تخزين الأدوية والامصال والمضادات الحيوية المكافحة للكوليرا.
كل الروايات والقصص التي قراناها في زمان باكر والتي تناولت اسقاطات البؤس و المرض و الشقاء على الإنسان، ابتداء مما خطه يراع قابريال قارسيا ماركيز و انتهاء بهلوسة الاديب الرواءي الشاب دهب تلبو، كل هذه القصص أصبحت واقعاً نعايشه في الساعة واليوم والاسبوع والشهر و السنة، فكما قال الشاعر الصادق الرضي في إحدى روائعه التي تغنى بها الراحل القامة السامقة مصطفى(الحزن فينا كائن يمشي على ساقين)، فمن احط الشعوب والدول مكانة في عالم اليوم هي تلك التي فشلت في مكافحة ثالوث التخلف المتمثل في الحرب والجهل و المرض.
الناس في وطني يجزئون ويقسمون الألم ولا يستشعرونه كتلة واحدة ، و لا يربطون بين جميع آلام وأوجاع الوطن، فهم لا يلحظون القواسم المشتركة بين المآسي، والدليل ما نحن بصدده من حرب في دارفور وكوليرا النيل الأبيض، فالذي يجمع بين هذين العدوين كبير جدا و باءن لذوي البصيرة ، مأساة الإنسان في الوطن الحبيب تكمن في أنه يبخل على أخيه بهذه المأساة، تجده دائم الانطواء حول آلامه و لا يشرك اخاه هذه الآلام ، ان البلاء يهاب تعاضد الاخوة و العصبة الواحده حينها يذهب ويتلاشى.
يا إخوتي لا فرق بين الحرب في دارفور و وباء الكوليرا في النيل الأبيض، البلاء واحد رغم إختلاف نوع السلاح، تعاونوا على مكافحة ثالوث دمار الإنسانية(الحرب - الجهل - المرض).
05-25-2017, 08:42 AM
بله محمد الفاضل
بله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617
((لا فرق بين الحرب في دارفور و وباء الكوليرا في النيل الأبيض، البلاء واحد رغم إختلاف نوع السلاح، تعاونوا على مكافحة ثالوث دمار الإنسانية(الحرب - الجهل - المرض))
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة